-->

انعكاسات انضمام الجزائر للمنظمة العالمية للتجارة على الاقتصاد الجزائري في الألفية الثالثة

انعكاسات انضمام الجزائر للمنظمة العالمية للتجارة على الاقتصاد الجزائري في الألفية الثالثة
    انعكاسات انضمام الجزائر للمنظمة العالمية للتجارة على الاقتصاد الجزائري في الألفية الثالثة
    انعكاسات انضمام الجزائر للمنظمة العالمية للتجارة على الاقتصاد الجزائري في الألفية الثالثة

    مقدمة:
    عرف الاقتصاد الجزائري في نهاية القرن العشرين تحولات جذرية أفرزتها أزمة اقتصادية ترجع جذورها إلى الأزمة البترولية لسنة 1986 ، هذه التحولات تزامنت مع تطورات اقتصادية عالمية أصبحت تضغط على الاقتصاد الجزائري و تدفعه إلى ضرورة التفاعل و الاندماج بصفة واسعة و مفتوحة مع مختلف الفعاليات الاقتصادية الدولية.
    و بعد التصحيح الهيكلي الذي فرض على الجزائر من طرف صندوق النقد الدولي، و استقرار المؤشرات الاقتصادية الكلية، غدت الحاجة إلى انضمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية أمرا لا مفر منه بل يكاد يكون لازما.
    يضاف إلى ذلك توقيع الجزائر على اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوربي يتميز بالطابع التجاري في محوره الاقتصادي، و الذي يركز على ضرورة تحرير التجارة الخارجية.

    و السؤال الذي سنحاول الإجابة عنه من خلال هذه الورقة هو:
    - ما هي انعكاسات انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة على الاقتصاد الجزائري في الألفية الثالثة ؟
    و للإجابة على هذه الإشكالية علينا أن نتبع الخطوات المنهجية التالية:
    - ما هو محتوى المفاوضات ؟
    - و ماذا يعني الانضمام إلى  OMC ؟
    - ما هي الالتزامات و الحقوق المترتبة على الانضمام ؟
    - ماذا ستستفيد الجزائر من الانضمام ؟
    1. محتوى المفاوضات:
    ظلت الجزائر دولة ملاحظة في GATT منذ 1964 و لم تقدم أي مبادرة للانضمام إلى الاتفاقية نظرا لطبيعة الاقتصاد الجزائري آنذاك، حيث كان يتميز بالطابع الاشتراكي الذي يجسد احتكار الدولة للتجارة الخارجية، يضاف إلى ذلك استبعاد المنتجات الطاقوية من مفاوضات إلى GATT. و بالتالي تأخر انضمام الجزائر إلى GATT سابقا و OMC حاليا.
    لكن في شهر ماي 1996 قدمت الجزائر طلب الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة، حيث قبل طلبها. و كان عليها إجراء مفاوضات متعددة الأطراف و كذا ثنائية الأطراف.
    المفاوضات متعددة الأطراف:
    1-1 المفاوضات متعددة الأطراف: 
    يشارك في المفاوضات المتعددة الأطراف جميع أعضاء  OMC، حيث يتم خلالها معالجة نظام التجارة الخارجية و النظام الاقتصادي للدولة التي تقدمت بطلب الانضمام و البحث في مدى توافقهما مع اتفاقية المنظمة، حيث يجب على الدولة الطالبة أن تقدم مذكرة مساعدة تكون الأساس الذي ترتكز عليه مجموعة عمل تعين خصيصا لدراسة طلبها و كذا طرح أسئلة مختلفة كتابية و شفهية و على الدولة الطالبة الإجابة بكل شفافية ، حيث أن هذه الأسئلة تكون مركزة في الغالب على نظام الأسعار، ميزان المدفوعات، التعريفات الجمركية، التبادلات الخارجية، الدعم الموجه لقطاعات خاصة كقطاع الزراعة ....... الخ.
    حيث اشتملت على 174 سؤالا من مختلف الدول الأعضاء في المنظمة التي كان عددها آنذاك ( 131 )، علما أن جميعها يملك الحق في الاستفسار و التوضيح، حيث طرحت الأسئلة من الدول التالية: 
    الاتحاد الأوربي : 123 سؤالا
    سويسرا : 33 سؤالا
    اليابان : 9 أسئلة
    أستراليا : 8 أسئلة
    إسرائيل : سؤال واحد
    ثم أعقبتها مجموعة أخرى من الأسئلة و الاستفسارات كان عددها 170 سؤال، حيث كانت هذه المرة مطروحة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية و الغرض من هذه الأسئلة الأخيرة هو معرفة إمكانيات و آفاق هذا الانضمام.
    حيث أجابت على هذه الأسئلة لجنة وزارية مشتركة مكلفة بتحضير ومتابعة المفاوضات يترأسها وزير التجارة و التي تتكون من 22 عضوا من الوزارات و المؤسسات التالية :
    وزارة/ العدل، المالية، الصناعة و إعادة الهيكلة، الزراعة، الصيد، البريد والمواصلات، المؤسسات الصغيرة و المتوسطة، السياحة و الحرف التقليدية ، النقل و التخطيط.
    مؤسسة/ بنك الجزائر، المديرية العامة للجمارك، المركز الوطني للسجل التجاري، المعهد الجزائري للتقييس و الحماية الصناعية INAPI ) (الشركة الجزائرية للتأمين الشامل (CAAT  ).
    ثم تلت المجموعتين الأوليتين من الأسئلة مجموعة ثالثة تتكون من 121 سؤالا، وكانت صادرة أساسا من الاتحاد الأوربي و الولايات المتحدة الأمريكية.
     و لقد انعقد أولا اجتماع لمجموعة العمل المتكفلة بدراسة ملف الجزائر على مستوى OMC في 22- 23 أفريل 1998 بجنيف برئاسة الأرجنتين، حيث تم خلال ه\ا الإجتماع الإجابة عن بعض الأسئلة شفويا من طرف الوفد الجزائري و تركة أسئلة أخرى للإجابة عنها كتابيا.
    1-2 المفاوضات ثنائية الأطراف: 
     يتم خلال المفاوضات الثنائية التفاوض حول سلسلة تنازلات تخص تحرير التجارة الخاصة بالسلع و الخدمات ، و يترجم ذلك في تقديم قوائم على شكل جداول و تتفاوض من خلالها الدولة المعنية بالانضمام مع كل عضو من المنظمة على حدى. 
    و تقوم الجزائر بالتحضير لهذه المفاوضات و ذلك من خلال عمل اللجنة الوزارية المشتركة المكلفة بالتحضير و متابعة المفاوضات.
    علما أنه بعد انختام إجراءات الانضمام تقدم مجموعة العمل المكلفة بدراسة ملف الدولة طالبة الانضمام تقريرا نهائيا حول كل المجريات الخاصة بالمفاوضات للمؤتمر الوزاري ل OMC و تتم المصادقة عليه بأغلبية ثلاثي الأعضاء و يدخل بروتوكول الانضمام حيز التنفيذ بعد 30 يوم من قبوله من طرف الدولة المعنية بالطلب. 
     و بالتالي يتضح أن انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة متوقف على مجريات المفاوضات الثنائية و نتائجها، و بالتالي على قدرة المفاوضات الجزائرية و مدى التحكم في تقنيات التفاوض للحصول على حقوق و شروط انضمام متوازنة مع عدم الإفراط في تقديم التنازلات، و الالتزامات حتى لا يلحق الضرر الكبير باقتصادنا. 
    و تجدر الملاحظة إلى أن المفاوضات الثنائية تعتبر الأكثر تعقيدا و تعطلها يزيدها تعقيدا أيضا، حيث أن الجزائر لم تطلب الانضمام إلى المنظمة عندما كانت هذه الأخيرة تبحث عن تعزيز سلطتها و إنما انتظرت إلى أن أصبحت الـ OMC  ذات قوة ناجمة عن زيادة عدد المنضمين إليها و عن تعقد العلاقات التجارية الدولية و ظهور التكتلات الاقتصادية القوية أو بصفة عامة العولمة الاقتصادية.
    2. ماذا يعني إنضمام الجزائر إلى ال OMC ؟
    إن انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة يعني الوفاء لمجموعة من الالتزامات و الحصول على مجموعة من الحقوق فما هي الالتزامات و ما هي الحقوق التي تكون على / و للجزائر بعد الانضمام ؟ 
    1.2 : الإلتزامات :
    - حرية المنافسة و الالتزام بعدم التمييز بين الدول أو بين المنتج الوطني أو الأجنبي أو بين الإنتاج الوطني و الأجنبي.
    - التخلي عن دعم الصادرات
    - تجنب سياسة الإغراق
    - الإلغاء التدريجي للقيود الجمركية و الكمية.
    - قبول مبدأ التقييد الكمي في أحوال استثنائية لحماية ميزان المدفوعات و تقديم معاملة تفضيلية للدول النامية.
    2.2 : الحقوق :
    - التزام الأطراف الأخرى أعضاء المنظمة بتطبيق القواعد العامة للسلوك التجاري عند التعامل مع الدولة العضو في كافة المجالات التي تشملها الاتفاقات، أي أن الالتزامات العامة الواردة في الاتفاق تمثل نفسها حقوقا لباقي الدول الأعضاء.
    - حقوق نفاذ السلع و الخدمات الوطنية إلى أسواق الدول الأخرى، و ذلك وفقا لحدود التثبيت الجمركي الواردة في جداول باقي الأعضاء.
    - تكفل عضوية OMC على السياسات التجارية للدول الأخرى، و ما تتضمن من إجراءات من شأنها التأثير على النفاذ إلى الأسواق و مدى اتساقها مع الاتفاقات الدولية، و الأهم من ذلك فإن أجهزة المنظمة تعتبر منبرا للمشاركة في المفوضات التجارية في المستقبل، بحيث يتمكن العضو من طرح المواضيع التي يهتم بها، و المشاركة في صياغة الاتفاقات الجديدة.
    - تمكن الأعضاء من الدفاع عن مصالحهم و إلغاء الإجراءات التي قد يتخذها الشركاء التجاريون و المناقصة للاتفاقات التي تم التوصل إليها بما يكفل التطبيق العادل على كل الأعضاء و هذا بناء على آلية تسوية المنازعات التجارية الدولية المطورة في جولة أوروغواي.
    - المشاركة في المفاوضات المستقبلية بما يكفل الدفاع عند المصالح التجارية التي تهم تلك الدول، و صياغة الاتفاقات الجديدة التي تقرها الاجتماعات الوزارية.
    إذا التزمت الجزائر بمختلف الالتزامات المشروطة لقاء الانضمام إلى OMC 
    - فماذا ستستفيد الجزائر- اقتصادها – من هذا الانضمام ؟