-->

السياسة العـامة في مجال التشغيل ومكافحة البطالة في الجزائـر

السياسة العـامة  في مجال التشغيل  ومكافحة البطالة  في الجزائـر
    السياسة العـامة  في مجال التشغيل  ومكافحة البطالة  في الجزائـر



         محاضرة ألقيت بالملتقى العلمي حول
    " السياسات العامة ودورها في بناء الدولة  وتنمية  المجتمع "
    المنعقد بكلية الحقوق  والعلوم السياسية
    بجامعة الطاهر مولاي . سعيدة
    ما بين 26 و 27 أفريل 2009

    الدكتور. أحـمـيـة سليمـان([1])
     تمهيـد.
    إن البحث في موضوع السياسات العامة للتشغيل ومكافحة البطالة في الجزائر، لا يمكن تناوله بشكل واضح دون إدراجه ضمن السياق العام لموضوع هذه الندوة أولاً، وربطه بإشكالية التشغيل كجزء من معضلة التشغيل بصفة عامة، ثانياً. هذه الإشكالية التي أصبحت تمثل إحدى التحديات الكبرى التي تواجهها مختلف البلدان المتقدمة منها والنامية عامة، والعربية خاصة، وذلك بالنظر إلى ما تمثله النسبة المرتفعة لهذه الشريحة الاجتماعية التي تتجاوز ثلثي مجموع سكان هذه البلدان. حيث تبدأ هذه الصعوبات بعدم وضوح واستقرار سياسات التشغيل التي عادة ما تتأثر بالتقلبات السياسية والاقتصادية الناتجة عن التحول من النهج الاقتصادي الموجه إلى النهج الاقتصادي الليبرالي.


    لقد أدى التحول إلى نظام الاقتصاد الليبرالي في الجزائر مع مطلع التسعينات، ظهور إشكالات معقدة أمام الهيئات العمومية السياسية والاقتصادية والاجتماعية تتصدرها صعوبة التوفيق بين المكاسب الاقتصادية والتضحيات الاجتماعية، خاصة ما تعلق منها الإختلالات الكبيرة التي وقعت في سوق العمل، والمتميزة بالتراجع الحاد في عروض العمل، مقابل التزايد المستمر في الطلب على التشغيل، مما جعل موضوع التشغيل يقفز إلى المراتب الأولى ضمن أولويات برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
     ومما زاد من خطورة هذه الإختلالات في معادلة العرض والطلب في سوق العمل في الجزائر تلك النسب المرتفعة للبطالة التي سجلها مقياس استقرار السوق. والتي تجاوزت في وقت من الأوقات عتبة الثلاثين بالمائة. لتصبح بلا منازع الشغل الشاغل للحكومة و مختلف الهيئات العمومية المركزية والمحلية. بل وكان لها الدور الكبير في دوافع وأسباب المأساة الوطنية التي عاشتها الجزائر خلال عشرية التسعينات السوداء.  
     وإذا كان التحول إلى النظام الليبرالي لم يكن وحده السبب في أزمت التشغيل في الجزائر، ذلك أن هشاشة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي الذي كان سائداً قبل ذلك، بسبب التحكم الإداري في هذا الاستقرار قد شكل أحد أسباب انهيار هذا الاستقرار في سوق العمل في ظل التسيير الإداري قبل التحول إلى التسيير الليبرالي. فإن هذا التحول قد كشف ضعف النسيج الاقتصادي في توفير فرص العمل الكافية لتغطية الطلب المتزايد على سوق الشغل، كما كشف ضعف المؤسسات والهيئات المكلفة بتنظيم وتسيير سوق العمل في الجزائر، بل وانعدام آليات التحكم في سوق العمل في الجزائر بصفة كلية.
     وإذا لم تكن ظاهرة البطالة معروفة في الجزائر خلال سنوات الرخاء الاقتصادي في سنوات الستينات والسبعينات، وإلى منتصف الثمانينات بحكم الموارد البترولية الكافية نتيجة ارتفاع أسعار البترول آنذك. فإنه ما أن بدأت هذه الأسعار في الانخفاض مع منتصف الثمانينات حتى بدأت هذه الظاهرة في البروز، بل وفي مدة قصيرة أصبحت تشكل أحدى أهم الانشغالات والتحديات الاقتصادية والاجتماعية للمؤسسات الرسمية وغير الرسمية. حيث تشير العديد من التقارير الرسمية إلى أن مستوى البطالة في الجزائر بدأ في الارتفاع من 17 % في 1987 إلى 28 % سنة 1995 ليصل حدود 30%  سنة 1999. هذه الارتفاع الذي جاء نتيجة عدة عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية مترابطة، أبرزها سياسات إعادة الهيكلة الاقتصادية التي شرعت فيها هذه بعد دخولها في مفاوضات التصحيح الهيكلي لاقتصادياتها مع المؤسسات المالية الدولية، ورغم محاولات هذه الدول الحد من هذه الزيادة عن طريق العديد من البرامج والمشاريع التي صاحبة هذه التحولات، والتي جاءت في غالبيتها بصفة سريعة وغير مدروسة بصفة علمية، مما جعلها قليلة الفاعلية في الحد من تنامي هذه الظاهرة كما سوف نبين ذلك فيما بعد. هذه الوضعية الصعبة التي تعيشها معظم الدول العربية، والمغاربية بصفة خاصة، ساهمت بشكل كبير في تعقيد مهمة مكاتب التشغيل والتوجيه العربية في التكفل بمتطلبات اليد العاملة الباحثة عن العمل، لاسيما شريحة الشباب المتخرج حديثاً من الجامعات ومعاهد التكوين المهني المتخصصة الداخلين لسوق العمل لأول مرة. 
     ومن أجل الإحاطة قدر الممكن بمختلف جوانب السياسة العامة للتشغيل ومحاربة البطالة في السنوات الأخيرة بصفة خاصة لاستحالة التعرض للسياسات المعتمدة في مجال التشغيل في العقود الماضية، ارتأينا أن نتناول الموضوع من خلال المحاور التالية:   
    المحور الأول ـ الأبعاد الرئيسية لسياسات التشغيل ومحاربة البطالة، ومكانتها ضمن السياسات الاجتماعية والاقتصادية العامة للتنمية.
              المحور الثاني ـ الآليات القانونية والتنظيمية، والبرامج المختلفة التي وضعت لتجسيد وتنفيذ سياسات التشغيل.
              المحور الثالث ـ معوقات نجاح سياسات التشغيل.
              المحور الرابع ـ عوامل تفعيل ونجاح سياسات التشغيل.

    أولاً ـ الأبعاد الرئيسية لسياسات التشغيل ومحاربة البطالة،
     ومكانتها ضمن السياسات الاجتماعية والاقتصادية العامة للتنمية
     لقد كانت سياسة التشغيل دوماً جزءاً لا يتجزأ من سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، على اعتبار أنه لا يمكن الاهتمام بالجوانب المادية دون الجوانب البشرية، بحكم أن الهدف من التنمية في النهاية هو توفير القدر الكافي من سبل العيش الكريم للمواطن، وهو ما يتأتى إلا بتوفير فرص العمل لكل القادرين على العمل، والباحثين عنه. ووضع البرامج الناجعة للتكفل بالقادمين إلى سوق العمل من الجامعات ومعاهد التكوين المختلفة.
    وإذا كان من الصعب في هذه العجالة استعراض مختلف الأبعاد والأهداف الرئيسية لسياسات التشغيل والعمل على الحد من البطالة، التي تم انتهاجها خلال الفترات السابقة، والتي كانت تحكمها عوامل ومظروف من المؤكد أنها تختلف عن العوامل والظروف الحالية، بغض النظر عن نجاحها أو فشلها. فإنه يمكن القول أن أبعاد سياسة التشغيل الحالية متعددة الجوانب، منها ما هو اجتماعي، ومنها ما هو اقتصادي، وما يتعلق بالجانب التنظيمي والهيكلي، وما إلى ذلك من الجوانب الأخرى.    
     فبالنسبة للبعد الاجتماعي، فيركز على ضرورة القضاء على مختلف الآفات الاجتماعية الناتجة عن آفة البطالة لاسيما بالنسبة للشباب عامة، وذوي المؤهلات الجامعية والمتوسطة خاصة، والعمل على توفير الظروف المناسبة لإدماج هؤلاء الشباب في المجتمع، وإبعادهم عن كل ما يجعلهم عرضة لليأس والتهميش والإقصاء، وما يترتب على ذلك من أفكار وتصرفات أقل ما يقال عنها تضر بهؤلاء الشباب أولاً، وبالبلاد ثانياً، ونقصد بها اللجوء إلى الهجرة السرية نحو الضفة الأخرى من المتوسط، وما يترتب على ذلك من مخاطر الموت في البحر. والإدمان على المخدرات وما ينتج عنه من مظاهر إجرامية متعدد الأوجه، بما فيه الجرائم الإرهابية، والانتحار، والتمرد على قيم وتقاليد وقوانين البلاد، وما إلى ذلك من الانعكاسات السلبية المتعددة المظاهر التي تفرزها ظاهرة البطالة.
     بينما يرتكز البعد الاقتصادي على ضرورة استثمار القدرات البشرية لاسيما المؤهلة منها في خلق الثروة الاقتصادية عن طريق توظيفها في مختلف المجالات وقطاعات النشاط بما يسمح بإحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وتطوير أنماط الإنتاج، وتحسين النوعية والمردودية ومنافسة المنتوج الأجنبي، وربح المعركة التكنولوجية السريعة التطور.
     بينما ترمي الأبعاد التنظيمية والهيكلية لسياسة التشغيل إلى تحقيق مجموعة من الأهداف يمكن استخلاصها من وثيقة المخطط الوطني لترقية التشغيل ومحاربة البطالة المعتمد من قبل الحكومة في شهر أفريل من السنة الماضية، والتي ترمي في إلى تحقيق مجموعة من الأهداف المتعددة الأبعاد، يمكن إيجاز أهمها فيما يلي:
    ـ الوصول إلى تنظيم أحسن لسوق العمل وبالتالي رفع مستوى عروض العمل، تحسين المؤهلات المهنية بغرض إيجاد التوازن بين العرض والطلب في مجال التشغيل.
    ـ تكييف الطلب على التشغيل وبالتالي المؤهلات مع حاجيات سوق العمل، للوصول تدريجيا على توافق بين مخرجات التكوين وسوق الشغل.
    ـ العمل على تصحيح الاختلالات الواقعة في سوق العمل، وتوفير الشروط المناسبة للتقريب بين حجم عرض العمل وحجم الطلب عليه. بغرض إيجاد التوازن بين العرض والطلب في مجال التشغيل.
              ـ تحسين المؤهلات المهنية بهدف تحقيق تحسين قابلية التشغيل لدى طالبي العمل.
              ـ دعم الاستثمار في القطاع الاقتصادي لخلق مناصب شغل دائمة.
              ـ ترقية التكوين المؤهل، لاسيما في موقع العمل وفي الوسط المهني، لتيسير الإدماج في عالم الشغل.
              ـ ترقية سياسة تحفيزية باتجاه المؤسسات تشجع على خلق مناصب الشغل.
              ـ محاربة البطالة عن طريق المقاربة الاقتصادية، والعمل على تخفيضها إلى أدنى مستوى ممكن.
              ـ تنمية روح المقاولة لاسيما لدى الشباب.
              ـ ترقية اليد العاملة المؤهلة على المديين القصير والمتوسط. وتكييف فروع وتخصصات التكوين حسب حاجيات سوق العمل. ودعم التنسيق بين المتدخلين على مستوى سوق العمل.
              ـ دعم الاستثمار الخلاق لفرص ومناصب العمل، ودعم ترقية تشغيل الشباب وتحسين نسبة التوظيف الدائم.
              ـ مراعاة الطلب الإضافي للتشغيل، وعصرنة آليات المتابعة والمراقبة والتقييم، وإنشاء هيئات قطاعية لتنسيق جهود مختلف المتدخلين في مجال التشغيل.
              ـ العمل على التحكم في مختلف العناصر الأساسية التي تتحكم في تسيير سوق العمل ومعرفته أحسن عن طريق نظام المعلومات والإحصائيات و بنوك المعطيات ومختلف الأدوات الضرورية لإدخال التصحيحات والتعديلات اللازمة على مخطط العمل.
     يتضح مما سبق أن سياسة التشغيل في الجزائر في السنوات الأخيرة، أصبحت تقوم على مجموعة من الأبعاد المتعددة الجوانب، ترمي إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاجتماعية والاقتصادية، والتنظيمية والهيكلية، الأمر الذي يجعلها تعتمد في تحقيق هذه الأهداف على مجموعة من الآليات القانونية والتنظيمية، والبرامج والمخططات العملية.

    ثانياً ـ الأطر القانونية والتنظيمية
     وآليات وبرامج تجسيد وتنفيذ سياسات التشغيل.
     إن تعدد أبعاد وأهداف سياسة التشغيل في الجزائر، أقتضى حتمية تأطيرها بمجموعة من النصوص القانونية والتنظيمية، التي تضبط عمليات تجسيدها ميدانياً. إلى جانب مجموعة من  الآليات والبرامج والمخططات العملية لتطبيقها وتنفيذها.
    فبالنسبة للإطار القانوني والتنظيمين يصعب حصر مجموع النصوص القانونية والتنظيمية التي تم وضعها وإصدارها بهدف وضع السياسات التي تضعها السلطات السياسية في مجال التشغيل ومحاربة البطالة، إلا أنه يمكن أن نذكر منها على سبيل المثال  القانون المتعلق بتنصيب العمال ومراقبة التشغيل،[2] الذي نص في مادته الثالثة على أن:" تضمن الدولة صلاحيات تنظيم في ميدان التشغيل، لاسيما في مجال:
              ـ المحافظة على التشغيل وترقيته.
              ـ الدراسات الاستشرافية المتعلقة بالتشغيل.
              ـ المقاييس القانونية والتقنية لتأطير التشغيل ومراقبته.
              ـ أدوات تحليل وتقييم سياسة التشغيل.
              ـ أنظمة الإعلام التي تسمح بمعرفة سوق العمل وتطوره."
    والقانون المتعلق بالتدابير التشجيعية لدعم وترقية التشغيل.[3] الذي حدد أهدافه في مادته الأولى منه، والتي تتمثل في وضع التدابير التشجيعية لدعم وترقية التشغيل عن طريق تخفيف الأعباء الاجتماعية لفائدة المستخدمين، وتحديد طبيعة ومختلف أشكال المساعدة. 
    والمرسوم التنفيذي المحدد لمهام الوكالة الوطنية للتشغيل وتنظيمها وسيرها،[4] التي كلفتها السلطات العمومية بمجموعة من المهام الأساسية في مجال التشغيل ورصد تفاعلات سوق العمل، يمكن أن نذكر منه على سبي المثال:
              ـ تنظيم معرفة وضعية السوق الوطنية للتشغيل واليد العاملة وتطورها وضمان ذلك.
              ـ تطوير الأدوات والآليات التي تسمح بتنمية وظيفة رصد سوق العمل وتقييسها.
              ـ تشجيع الحركية الجغرافية والمهنية لطالبي العمل. والمشاركة مع المؤسسات والهيئات المعنية في تطبيق عمليات التحويل المهني، أو التكوين التكميلي الخاص بتكييف مؤهلات طالبي العمل مع متطلبات عروض العمل المتوفرة.
              ـ المشاركة في تنظيم وتنفيذ البرامج الخاصة بالتشغيل التي تقررها الدولة والجماعات المحلية، وكل مؤسسة معنية وإعلامها بتسيير البرامج المذكورة وإنجازها.
              ـ البحث عن كل الفرص التي تسمح بتنصيب العمال الجزائريين في الخارج.
              ـ تطوير مناهج تسيير سوق العمل ، وأدوات التدخل على عرض وطلب العمل وتقييسها.
              ـ متابعة تطور اليد العاملة الأجنبية بالجزائر في إطار التشريع والتنظيم المتعلقين بتشغيل الأجانب، وتنظيم البطاقية الوطنية للعمال الجانب وتسييرها.
     والمرسوم التنفيذي المتعلق بجهاز المساعدة على الإدماج المهني.[5] الذي يهدف إلى تشجيع الإدماج المهني للشباب طالبي العمل المبتدئين. إلى جانب تشجيع كافة أشكال النشاط والتدابير الأخرى الرامية إلى ترقية تشغيل الشباب، لاسيما عبر برامج تكوين، وتشغيل وتوظيف.
     إلى جانب العديد من النصوص القانونية الأخرى المتعلقة بتشجيع خلق المقاولات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتلك المتعلقة ببعض الهيئات والأجهزة الأخرى الناشطة في مجال التشغيل إما بصفة مباشرة أو غير مباشرة، كالصندوق الوطني للتأمين على البطالة، وهيئات التنصيب الخاصة، [6]  
        
    أما بالنسبة لآليات وبرامج التشغيل التي اعتمدتها الدولة في إطار تنفيذ سياستها في هذا الشأن، فإنها متعددة ومتنوعة، ومختلفة المناهج والطرق، منها ما يتعلق بالتشغيل المباشر، ومنها ما يتعلق بتشجيع خلق المؤسسات التي توفر المزيد من فرص العمل، ومنها ما يتعلق بتنظيم بعض أنماط التوظيف الخاص ببعض الفئات العمالية، مثل حاملي الشهادات الجامعية، والتكوين المهني، والباحثين عن العمل القادمين من مختلف مؤسسات التعليم والتكوين العالي والمتوسط، وحتى بالنسبة لمن هم دون تأهيل. الأمر الذي شكل ما يمكن وصفه بالتجربة الوطنية في مجال تشغيل بصفة عامة، وتشغيل الشباب بصفة خاصة، على أساس أن هذه الشريحة تشكل الإشكالية المعقدة لسياسة التشغيل في الجزائر.
    هذه التجربة التي يمكن اختصار محاورها فيما يلي:   
              ـ المحور الأول ويتعلق باستحداث النشاطات وتنمية روح المبادرة المقاولاتية عند الشباب،
    وفي هذا الإطار تم اتخاذ إجراءات لتعزيز عملية مرافقة المبادرين الشباب و تجسيد أكبر عدد ممكن من المشاريع القابلة للتمويل وتتمثل الأهداف التي ارتسمتاها بالنسبة للجهازين ANSEJ و CNAC في الوصول إلى تحقيق تمويل حوالي 17.000 مشروع كمعدل سنوي خلال الفترة 2009-2013 مع تقديرات باستحداث أزيد من 55.000 منصب مباشر سنويا وخلال نفس الفترة.
              ـ المحور الثاني ويتعلق بالتشغيل المأجور للشباب من خلال جهاز دعم الإدماج المهني،في إطار المرسوم التنفيذي 08-126 مؤرخ في 19 أفريل 2008. المتعلق بجهاز المساعدة على الإدماج المهني. والموجه إلى الشباب طالبي العمل لأول مرة ، أي الذين يبحثون عن أول عمل لهم، وهو الجهاز القائم على مقاربة اقتصادية في محاربة البطالة والذي يهدف إلي الإدماج المهني لهؤلاء الشباب   الموزعون على الفئات الثلاث التالية:
              ـ الفئة الأولى: الشباب حاملي شهادات التعليم العالي، والتقنيين الساميين خريجي المؤسسات الوطنية للتكوين المهني.
              ـ الفئة الثانية: الشباب القادمين من التعليم الثانوي لمؤسسات التربية الوطنية، ومراكز التكوين المهني، أو الذين زاولوا تربصا تمهينيا.
              ـ الفئة الثالثة: الشباب بدون تكوين ولا تأهيل. 
      حيث يتم هذا الإدماج بواسطة عقود عمل محددة المدة مدته لا تتجاوز 6 أشهر كحد أقصى،    ينص الجهاز كذلك على عقد التكوين للتشغيل كما ينص على تنصيب الشباب للتكوين لدى حرفيين مؤطرين، إلى جانب تدابير للحث على البحث عن التكوين  المؤهل.

    ومن جملة الآليات والبرامج المعتمدة لتنفيذ سياسات الدولة في مجال التشغيل، نذكر المخطط الوطني للتشغيل، الذي صادقة عليه الحكومة في أفريل من السنة الماضية، والذي يتشكل سبعة (7) محاور مترابطة بعضها ببعض الهدف منها الوصول إلى تنظيم أحسن لسوق العمل وبالتالي رفع مستوى عروض العمل، وفي نفس الوقت تحسين المؤهلات المهنية بغرض إيجاد التوازن بين العرض والطلب في مجال التشغيل.
    ولتحقيق هذين الهدفين الأساسيين يقترح المخطط ما يلي:
    ـ دعم الاستثمار في القطاع الاقتصادي لخلق مناصب شغل دائمة،
    ـ ترقية سياسة تحفيزية باتجاه المؤسسات تشجع على خلق مناصب الشغل،
    حيث يعتبر هذان المحوران المتكاملان الرافدين الأساسيين لعملية تحسين مستوى عروض العمل في بلادنا، وهو ما يمكن استخلاصه من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في هذا السياق لاسيما من خلال تحديد إستراتيجية صناعية والانطلاق في تطبيقها، إلى جانب إقرار تحفيزات جبائية وشبه جبائية لفائدة المؤسسات الإنتاجية القائمة وتلك المنتظر قيامها في إطار الاستثمارات المنتجة وتتمل هذه التحفيزات على وجه الخصوص في تخفيف أعباء الضمان الاجتماعي، وتخفيض الضريبة على الدخل الإجمال– IRG  و الضريبة على أرباح الشركات  IBS  وترقية التكوين المؤهل، لاسيما في موقع العمل وفي الوسط المهني، لتيسير الإدماج في عالم الشغل.

    هذه الإجراءات التي ترمي من خلالها الدولة إلى تكييف الطلب على التشغيل والمؤهلات مع حاجيات سوق العمل، بهدف الوصول تدريجيا إلى توافق بين مخرجات التكوين وسوق الشغل، وهو يمكن مختلف القطاعات من المساهمة في تحقيق هدف التوافق من خلال تحسين قابلية التشغيل لدى طالبي العمل.
    ويوجد إلى ما سبق، ثلاثة محاور أخرى في مخطط العمل لا تقل أهمية عن سابقاتها وهي :
    ـ تحسين وعصرنة تسيير سوق العمل
    ـ إنشاء وتنصيب هياكل للتنسيق ما بين القطاعات.
    ـ متابعة آليات تسيير سوق العمل ومراقبتها وتقييمها.
     هذه المحاور الثلاثة وإن لم يكن لها علاقة مباشرة مع مستوى العرض والطلب، إلا أنها عناصر أساسية في تسيير سوق العمل من حيث أنها تساهم في تصحيح الاختلالات وتوفير الشروط المناسبة للتقريب بين عروض العمل والطلبات، إلى جانب أنها تضمن تكافؤ الفرص بين كل المواطنين  في سعيهم للحصول على الشغل، وتساعد على معرفة سوق العمل معرفة أحسن عن طريق نظام المعلومات والإحصائيات وبنوك المعطيات وكلها أدوات ضرورية لإدخال التصحيحات والتعديلات اللازمة على مخطط العمل.
     إلى جانب ترقية تشغيل الشباب، الذي يشكل المحور السابع من مخطط العمل وهو يكتسي أهمية خاصة ويشكل موطن اهتمام كبير من قبل السلطات العمومية عبر كافة بلدان العالم.
     الآليات الأخرى المعتمدة لتشغيل الشباب في الجزائر: نظراً للآثار السلبية الخطيرة التي نتجت عن هذه الظاهرة في المجتمع بصفة عامة، وفي أوساط الشباب بصفة خاصة. فقد قامت الجزائر بعدة إجراءات، واعتماد عدة برامج خاصة بهذه الفئة بهدف التخفيف من شدة الصدمات التي يمكن أن تتركها في نفوس العاطلين عن العمل من الشباب. وانعكاس ذلك على تعاملهم مع باقي أفراد المجتمع. وذلك بالرغم من الصعوبات الاقتصادية المالية والهيكلية التي عرفها الاقتصاد الجزائري منذ مطلع التسعينات تاريخ بداية التحول نحو الاقتصاد الليبرالي وما نتج عن ذلك من انعكاسات اجتماعية على المجتمع ككل، والشباب بصفة أخص. فقد قامت الجزائر على غرار العديد من الدول العربية، باعتماد عدة آليات للحد من استمرار تزايد البطالة، أو على الأقل للتخفيف من حدة آثارها الاجتماعية على الطبقة العاملة، بصفة عامة، والشباب الذين هم في سن العمل بصفة خاصة. يمكن أن نذكر منها على سبيل المثال، وبصفة موجزة، الآليات التالية:

    1 ـ نظام التأمين ضد البطالة: ويتمثل في إنشاء الصندوق الوطني للبطالة في الجزائر،[7] والذي يشكل هيئة استقبال للحد من كارثة فقدان منصب العمل الناتج عن التسريح لأسباب اقتصادية. حيث يضمن هذا النظام دخلاً للعمال الذين يفقدون مناصب عملهم طوال مدة ثلاثة سنوات، وذلك للوقاية من الفقر والحاجة طوال مدة البطالة الحتمية أحيانا. هذا النظام الذي تكفل منذ بداية نشاطه في 1995 بأكثر من 200.000 عامل. وكان يمكن أن يكون العدد أكبر لولا وجود صيغ أخرى بديلة له، مثل الذهاب الإرادي، والتقاعد المسبق. إلى جانب اقتصار التسريح المعني بهذا النظام على المؤسسات الاقتصادية دون قطاع الوظيفة العمومية. 
    ولا يقتصر دور هذا الجهاز على التكفل بضحايا التسريح لأسباب اقتصادية عن طريق ضمان تقديم تعويضات لهؤلاء، والبحث لهم عن مناصب عمل جديدة، بل أنه انتقل إلى مساعدتهم عن طريق القروض في خلق مؤسسات صغيرة ومتوسطة وفق تخصصاتهم وتكوينهم العلمي والميداني، لتشكل هذه المؤسسات أداة لخلق مناصب عمل لغيرهم لاسيما فئة الشباب منهم.حيث تشير إحصائيات هذا الصندوق  للسنوات 2004 - 2007 إلى إنشاء أكثر من 670 مؤسسة صغيرة للشباب البالغين من العمر ما بين 35 و 50 سنة. في الجزائر العاصمة فقط. مما نتج عن خلف أكثر من 1959 منصب عمل جديد.[8]  في حين بلغ عدد  
      2 ـ ترقية العمل المستقل وتنمية وتطوير روح المبادرة: رغم أن حل مشكلة البطالة لا يتم إلا عن طريق تنمية شاملة فعالة في مختلف المجالات الاقتصادية الصناعية منها والمالية والتجارية، وحتى الإدارية والاجتماعية، إلا انه في غياب هذه الطفرة القوية يبقى البحث عن بعض الحلول الممكنة احد السبل التي يمكن أن تخفف ولو بشكل قليل أو مؤقت أو جزئي من أثار هذه الأزمة الاجتماعية. ومن بين هذه الحلول، العمل على ترقية وتطوير العمل الحر أو المستقل، وتشجيع روح المبادرة التي يقوم بها بعض الشباب، من خلال خلق بعض الحرف أو الورشات الحرفية التي تدخل ضمن مجال تخصصهم المهني إما المكتسب عن طريق التكوين المهني، أو التمهين حيث لا يحتاجون في ذلك سوى لمبالغ مالية صغيرة أو متوسطة لاقتناء بعض أدوات الإنتاج، أو المواد الخام المستعملة في المهنة أو الحرفة، أو بناء مقرات لممارسة نشاطهم، أو غير ذلك من الأهداف الأخرى المرتبطة بالنشاط.

    وفي هذا الشـأن عملت الجزائر عن طريق البنوك وضمان الهيئات الاجتماعية (الصندوق الوطني للتأمين على البطالة) على وضع برنامج خاص بهذه الآلية، من خلال فتح إمكانية منح قروض صغيرة الحجم تتراوح ما بين 5000 د ج و 350.000 دج. تشرف عليها وكالة التنمية الاجتماعية، كذلك، لخلق مناصب عمل حرة، خاصة في البلديات الريفية، تتمثل غالبيتها في أعمال تتم في البيوت، في مجالات النسيج، والحرف التقليدية، وبعض الأعمال التجارية الصغيرة...الخ، وهي كلها نشاطات تمكن القائمين بها من التخلص من شبح البطالة والقيام بنشاط يدر عليهم بعض المداخيل التي تمكنهم من العيش بكرامة، من جهة. وتسديد القروض التي حصلوا عليها إما بدون فائدة أو بفوائد قليلة جداً، والوصول إلى مرحلة الاستقلالية في تملك وسائل الإنتاج، وهي النشاطات التي شكلت في حالات كثيرة نواة لميلاد مؤسسات صغيرة ثم متوسطة، وربما ستصبح في يوم الأيام مؤسسات كبيرة.[9] وقد عرف هذا البرنامج إقبالاً كبيراً من قبل الشرائح الشبانية، بلغت عند منتصف السنة الأولى للشروع في تطبيقه (سنة 2000) ما يفوق 14.000 طلب.[10] 
     والى جانب هذه الآليات العامة أو غير المباشرة التي أوردناها على سبيل الاستدلال على ما تقوم به الجزائر من جهود جبارة للحد من تطور أزمة البطالة التي أصبحت تشكل الشغل الشاغل ليس فقط للسلطات العمومية، بل وللمنظمات النقابية بشكل أكثر اهتمام، حيث شكلت هذه الأزمة دائماً أحد المواضيع الأساسية في الحوار والتشاور الاجتماعي الذي يتم بصفة دورية بين الاتحاد العام للعمال الجزائريين، والحكومة، وأصحاب العمل. وهي الآليات التي كثيراً ما كانت عرضة لانتقادات النقابة لكونها لا تهدف إلى القضاء على البطالة بقدر ما هي مجرد مسكنات مؤقتة لا تلبث فاعليتها أن تذهب مع تزايد الأزمة وتوسع الظاهرة لتشمل معظم الذين هم في سن العمل.[11] هناك آليات أخرى نعتبرها خاصة بالتكفل بتشغيل الشباب، سوف نركز كذلك على أهم البرامج والميكانيزمات التي اعتمدت بشأنها، دون الخوض في تفاصيلها وجزئياتها، أو تقيم مدى نجاحها أو فشلها، وهذا لعدم اتساع المجال لذلك. 
     وقبل أن نختم سلسلة الآليات المختلفة التي تم اعتمادها في مجال سياسات التشغيل، لا يجب أن ننسى مجموعة التدابير التشجيعية والتحفيزية التي تم اتخاذها من قبل السلطات العمومية في الجزائر بهدف تشجيع المؤسسات المستخدمة على خلق المزيد من مناصب العمل، والتي تم تأكيدها ضمن المخطط الوطني للتشغيل، ومنها:
              ـ تقديم امتيازات مالية وضريبية خاصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مجال التمكن من الحصول على الصفقات.
              ـ إشراك أكبر للجماعات المحلية في ترقية التشغيل من خلال توجيه بعض النشاطات نحو القطاع الخاص، وعلى الخصوص نحو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
              ـ تشجيع منح القروض البنكية لفائدة الاستثمارات المنتجة ذات القدرة العالية للتشغيل بفوائد مخفضة.
              ـ برامج دغم مشروعات الشباب المقاولين، الخلاقة لمناصب العمل، عن طريق القروض البنكية، والتسهيلات الإدارية، وتمكينهم من الحصول على العقارات اللازمة لإقامة المشاريع وتطويرها.
              ـ لامركزية قرارات منح القروض والمساعدات المالية للدولة، أو من قبل البنوك، والمتمثلة في شكل قروض دون فوائد، أو امتيازات جبائية، أو تخفيض نسب الفائدة على الأرباح أو رأس المال...الخ، ومنح قرارات منحها للهيئات المحلية.
              ـ تكوين المقاولين الشباب في ميدان التسيير وإدارة المشاريع خلال مرحلة ما قبل إنشاء
    المشروع أو خلال مراحل ما بعد إنشائه  
          ـ إعفاء المؤسسات المستخدمة من الأعباء الاجتماعية، أو تخفيضها،( 28 % من اشتراكات الضمان الاجتماعي، وقد تصل إلى36 % عندما يتم التوظيف في المناطق الجنوبية، او في الهضاب العليا)  بالنسبة للمؤسسات المستخدمة التي تبادر بتشغيل عمال شباب في إطار برنامج عقود الإدماج الموجه للشباب حاملي الشهادات العليا والمتوسطة، وحتى من هم دون تأهيل، المقرر في بمقتضى المرسوم التنفيذي 08 ـ 126 المشار إليه سابقاً،[12]

     وبصفة عامة، ونظراً لثراء التجربة الجزائرية في مجال سياسات التشغيل، فإنه يمكن القول أن الجزائر قد اعتمدت، ومنذ أن شرعت في التحول نحو النهج الليبرالي في تسيير الاقتصاد الوطني، مجموعة من التدابير الموجهة للتكفل بإيجاد مناصب عمل حقيقية ودائمة للشباب، وذلك من خلال خلق ورشات ومؤسسات صغيرة متخصصة في الإنتاج أو التحويل أو تقديم خدمات أو ما إلى ذلك من النشاطات التي والمشاريع التي يبادر بها الشباب المعني، حيث وضع أول برنامج من هذا النوع مع بداية 1989 عرف ببرنامج تشغيل الشباب، وهو موجه لفئة الشباب ما بين 16 و 27 سنة، تمنح لهذه الفئة من الشباب تكويناً يسمح لها بالاندماج في أعمال ذات منفعة عامة في القطاعات الفلاحية والصناعية والري والبناء والأشغال العمومية. إلا أن هذا البرنامج لم يعرف النجاح المنتظر وذلك لأسباب إدارية، حيث كان ينتظر أن يوفر أكثر من 200.000 منصب شغل دائم خلال سنتين فقط. حيث لم يستفد من هذا المشروع سوى نصف هذا العدد، منهم 60.000 شاب حصلوا على مناصب دائمة أو مؤقت، و 40.000 شاب على مناصب في نشاطات التكوين والتأطير.
     وأمام عدم نجاح هذا البرنامج في تحقيق النتائج المنظرة منه، بادرة الجهات المعنية ابتداء من سنة 1990 بوضع نظام جديد عرف بـ "النظام الخاص بالإدماج المهني للشباب D.I.P.J. ." وهو النظام الذي يرتكز أساسا على خلق أنشطة من طرف الشباب، وتنمية روح المبادرة، والعمل على خلق مناصب عمل دائمة باستعمال الإمكانيات والقدرات المحلية، وذلك من خلال ثلاثة صيغ أو محاور أساسية هي:
     1 ـ خلق وظائف ذات منفعة عامة بمبادرات محلية، وهي صيغة مكملة لصيغة الشبكة الاجتماعية المشار إليها سابقاً، وهي صيغة تقوم على التشغيل المؤقت لمدة ستة أشهر إلى سنة.
    2 ـ خلق نشاطات ومشاريع مقترحة من قبل الشباب، مقابل الحصول على مساعدات مالية لإنجازها تصل إلى حدود 30% من قيمة المشروع في الذي يتم إنجازه في شكل تعاونيات فردية أو جماعية، من طرف صندوق مساعدة الشباب، وهو الصندوق الذي أصبح يعرف فيما بعد بالصندوق الوطني لترقية التشغيل F.N.P.E . أما الـ 70% الباقية فتمنح على شكل قروض من البنوك، على ألا تتعدى قيمة المشروع حدود 3 ملايين د.ج.[13] 
    3 ـ تكوين التعاونيات التي يجب أن تتم خلال ستة أشهر بين المؤسسات الصغيرة التي تنشط في نفس المجال، وذلك بهدف التحكم أكثر في استعمال واستغلال المشاريع ورفع مردوديته وزيادة فاعليته وفرض وجوده في سوق المنافسة.
    ولإعطاء دفع جدي للبرنامج، وتفادي تردد أو تخوف البنوك في تمويل المشاريع المقترحة في هذا المجال، تم إنشاء صندوق الضمان المشترك للنشاطات الصناعية والتجارية والحرفية، لضمان تسديد واسترجاع أو تعويض القروض المصرفية الممنوحة للشباب المؤسسين للمشاريع الممولة من
    خلال هذا البرنامج.
    وبعد مرور قرابة خمسة سنوات على هذه التجربة، قامت الهيئات المشرفة عليها بتقييم نتائجها، لتصحيح الجوانب السلبية منها، ودعم الجوانب الإيجابية، وعلى ضوء الملاحظات المستخلصة من عملية التقييم، تم تكييف النظام بالكيفية التي تجعله أكثر فاعلية، وأكثر اتساعاً لدمج صيغ أخرى لخلق مناصب عمل للشباب، وهو ما أفرز ما عرف بالنظام الجديد لإدماج الشباب، الذي ارتكز هو الآخر على ثلاثة محاور أساسية، هي عقود التشغيل المسبق Contrats de Pré – Emplois . والمساعدة على إنشاء المؤسسات الصغيرة، وهي استمرار للصيغة السابقة مع بعض التعديلات التي تم إدخالها لتكييف العملية مع النظام الجديد، وأخيراً، التكوين لخلق نشاطات جديدة.

    ولتحقيق هذا البرنامج، تم إنشاء الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب.[14] التي عهد إليها مهمة تمركز تدخلان السلطات العمومية في مهمة الاستشارة والتوجيه، من خلال توجيه المؤسسين الشباب ومساعدتهم في كل المراحل التي يتم بها إنشاء المشروع، والعمل على تهيئة كل الشروط التي تضمن نجاح المشروح وقبوله من قبل البنوك الممولة له. كما تقدم هذه الوكالة مجموعة من الحوافز والامتيازات المالية مثل القروض بدون فوائد، والمساهمة في دفع الفوائد إن اقتضى الأمر، إلى جانب بعض الإعفاءات الجبائية. وبهذه الصفة، تشكل هذه الوكالة الجهاز الرئيسي لقيام تعاون شامل بين جميع الهيئات المعنية بالموضوع.[15]
    وبهدف توفير الدعم المالي الكافي والمنظم لتحقيق هذا المشروع الطموح، تم بالتوازي للوكالة الوطنية لتشغيل الشباب، إنشاء هيئة مالية جديدة تتمثل في صندوق دعم تشغيل الشباب. الذي عهد إليه تمويل المشاريع التي تؤطرها الوكالة، من جهة. وتوفير التغطية المالية من تكوين وإعداد الشباب لإيجاد مناصب العمل للشباب سواء في القطاع العام أو الخاص، وذلك في إطار عقود التشغيل المسبقة، التي تعني بصفة خاصة ذوي التكوين الجامعي، باعتبارهم يواجهون مشاكل عديدة في التوظيف نظراً لانعدام الخبرة المهنية. حيث يمنح لصاحب عقد التشغيل المسبق، تكويناً تطبيقياً للتكيف مع منصب العمل المراد شغله، مع منحه عند نهاية التكوين أو عند نهاية العمل شهادة عمل تثبت له خبرة وأقدمية تسمح له بالحصول على منصب عمل في المؤسسات العامة أو الخاصة، وذلك بهدف التخلص من عائق انعدام الخبرة الذي عادة ما ترفض طلبات عمل المتخرجين من الجامعة بسببه.[16]
    و لضمان نجاح هذا النظام انطلاقا من نقاط ضعف النظام السابق لدعم تشغيل الشباب فقد حددت له عدة معايير وأهداف تحكم نظام عمله، وهي:
    ـ حتمية إدماج أنشطة الشباب داخل ميكانزمات وآليات عمل السوق.
    ـ إعادة الاعتبار للمؤسسات المصرفية (البنوك) كمؤسسات وسيطة، وتمويلية، وتقييم الأخطار التي يمكن أن تهدد مصالحها المالية عند عملية التمويل.
    ـ تركيز تدخلات السلطات العمومية في هيئة واحدة تقوم بتقديم التوجيه والاستشارة، وهي الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب، كما سبق أن اشرنا إلى ذلك من قبل.
    ومن بين الإجراءات المباشرة التي اعتمدتها الجزائر لمعالجة بطالة المتخرجين من الجامعات ومعاهد التكوين العليا والمتوسطة بصفة خاصة، نظام الإدماج المهني للشباب الحاملين للشهادات الجامعية، والتقنيين السامين.[17] والمتمثل في عقود التشغيل الأولية التي تهدف إلى منح المتخرجين الجدد فرصة اكتساب تجربة مهنية وخبرة تطبيقية، استعدادا لدخول الحياة المهنية بواسطة علاقات عمل دائمة ومستقرة، سواء في المؤسسات والإدارات العمومية، أو في المؤسسات الخاصة. وذلك لقاء شبه أجور تمنحها أياهم المؤسسات المستخدمة، مقابل بعض الإعفاءات التي تمنحها أياها الدولة، مثل الإعفاء من دفع حصة صاحب العمل في الضمان الاجتماعي، وتخفيضات قد تصل إلى نسبة 100% عن السنة الأولى، لتنخفض إلى 50% في السنة الثانية،  30% عن السنة الثالثة فيما يتعلق بالدفع الجزافي المستحق على الرواتب المدفوعة للشباب الموظفين في إطار عقود التشغيل الأولي.[18]

     ثالثاً ـ تحديات ومعوقات نجاح سياسات التشغيل.
     إن حجم التحديات والمعوقات التي تواجهها سياسات التشغيل في الجزائر، لاسيما في مجال تشغيل الشباب، كبيرة ومعقدة، باعتبار أن الجزائر من المجتمعات التي تشكل فيها هذه الشريحة أكثر من ثلثي المجتمع، الأمر الذي يصعب من مهمة الهيئات المكلفة بمعالجة هذه الإشكالية، لاسيما أمام تراجع القطاع العمومي عن تمويل الاستثمارات، وإنجاز المشاريع المنشأة لمناصب العمل المستقرة والدائمة، واستمرار التوجه نحو المزيد من تحويل المؤسسات العمومية إلى القطاع الخاص، والتقليص من عدد العمال إما بسبب الغلق، أو بسبب مواجهة الأزمات التجارية والمالية، نتيجة المنافسة الحادة للشركات والمنتجات الأجنبية. كل هذا أمام استمرار تزايد حجم طلبات العمل الجديدة من طرف الشباب الذي أنهى تكوينه أو الذي لفضته المدرسة مبكراً، حيث تنمو وتيرة السكان النشطين بنسبة مرتفعة 3,2% سنوياً، أي ما يفوق 300.000 طالب عمل جديد سنوياً، مقارنة بضعف النمو الاقتصادي.
     ومن بين التحديات التي تواجهها هذه الدولة في هذا المجال. العمل غير المنظم أو ما يعرف بـ  L’Economie Informels  الذي يعتبر البديل الحتمي للعديد من الشباب القادم إلى سوق العمل، أمام ضعف بل ندرة فرص العمل في المؤسسات المنظمة. هذا النوع من العمل الذي يشكل بؤر استغلال فاحش للعديد من الشباب الذي عادة ما يكون الأكثر عرضة لهذا الاستغلال، سواء في مجال ظروف العمل، أو في الأجور، أو مختلف الحقوق الفردية والجماعية للعامل، في غياب أو ضعف الهيئات الرقابية، من جهة. وفي ظل التوسع في تطبيق فكرة مرونة العمل، والعمل المؤقت، من جهة أخرى. حيث ارتفعت ممارسات العقود المحددة المدة في الجزائر على سبيل المثال، من 10.8% سنة 1987، إلى 32 % سنة 1997. ولا زال مستمراً في الارتفاع إلى الآن، لاسيما أمام غياب الرقابة، أحياناً وضعفها أحيناً أخرى.

    التحدي الثالث: ومما يزيد من تعقيد أمر التحكم في استمرار ارتفاع نسبة البطالة، ويصعب من مهمة الهيئات والمؤسسات المكلفة بتوفير فرص العمل، ما يتعلق بعدم التحكم في الآليات القانونية والاجتماعية والاقتصادية التي شرعت الدولة في تنصيبها قصد معالجة هذه الظاهرة، ولاسيما تلك التي كلفت بتنظيم وتأطير سوق العمل، (مثل الوكالة الوطنية للتشغيل التي لم تتمكن من تحقيق سوى 25% من الحجم الذي كان يستوجب عليها تحقيقه من التوظيف سنة 1996. بعدما كانت هذه النسبة سنة 1987 تفوق 87% ) التي تفتقر لوسائل التقويم والقياس لإحصائي الكافية حول حقيقة البطالة في أوساط الشباب. إلى جانب عدم انسجام والتناسق بين الأجهزة القائمة على مكافحة البطالة، والتشغيل، مما يعرقل نجاح التجارب العديدة والجهود المعتبرة التي تم القيام بها للحد من تزايد حدة هذه الظاهرة.

    التحدي الرابع: الذي يعيق نجاح التجارب والبرامج العديدة التي تقوم البلاد للحد من بطالة الشباب، والتي تشكل في نفس الوقت إحدى معوقات عمل هيئات التشغيل والتحكم في سوق العمل،  تكمن في عدم تكيف أنظمة وبرامج التعليم والتكوين العالي والمتوسط بما يتناسب والاحتياجات التي تتطلبها سوق العمل، مما يعني تكوين مزيداً من الإطارات والعمال الذين سوف لن يجدوا مناصب عمل تناسب تكوينهم مما يجعلهم عرضة للبطالة الحتمية عند تخرجهم. وذلك لعدم التنسيق والتعاون بين هذه المكاتب والمؤسسات الهادفة إلى توفير مناصب الشغل للشرائح البطالة، من جهة. ومؤسسات التكوين العليا والمتوسطة، المتخصصة منها والعامة، من جهة ثانية. والمؤسسات المستخدمة من جهة ثالثة. حيث لا تتوفر معظم هذه البلدان على مجالس تنسيق مشتركة بين جميع هذه المؤسسات للعمل على ضمان فاعلية الجهود المالية والإدارية لضمان توفير مناصب عمل لجل المتخرجين من المعاهد والجامعات ومؤسسات التكوين المهني. وإن وجدت فهي لا تؤدي دورها بالفاعلية المطلوبة.

    التحدي الخامس: والمتمثل في الآثار السلبية الناتجة عن البطالة في أوساط الشباب، ونقصد بها الارتفاع المستمر لظاهرة الانحراف نحو الأعمال الإجرامية، وتعاطي المخدرات، والعنف ضد المجتمع، والهجرة غير المشروعة نحو البلدان الأوروبية عبر وسائل وطرق غير مضمونة العواقب. هذه الظاهرة الأخيرة التي أصبحت تشكل الشغل الشاغل للبلدان العربية المغاربية بصفة عامة، والجزائر بصفة خاصة، في علاقاتها مع الدول الأوروبية المتوسطية على وجه الخصوص، نتيجة للمشاكل والصعوبات التي أصبح يعيشها الشباب العربي، والجزائري بصفة خاصة في تلك البلدان.[19] 

    وأمام كل هذه التحديات والمعوقات السلبية التي كثيراً ما أعاقت نجاح سياسات التشغيل، تبرز مجموعة الآليات والبرامج والمخططات التي وضعتها البلاد كتحد إيجابي لمواجهة أثارها السلبية، حيث تلعب المشروعات الصغيرة والمتوسطة على سبيل المثال إحدى آليات مواجهة هذه التحديات: نظراً لهشاشة البنية الاقتصادية التي بدأ يعرفها النسيج الاقتصادي في السنوات الأخيرة، نتيجة التوجه نحو الاقتصاد الليبرالي، من جهة. ونتيجة العمال التخريبية التي عرفتها البلاد في سنوات التسعينات، حيث لم تعد هناك مؤسسات صناعية كبيرة متكاملة على غرار ما هو موجود البلدان الصناعية الكبرى، إذ أصبح اللجوء إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة المتخصصة في مختلف المجالات الحرفية، والخدماتية، لاسيما تلك التي تعمل في مجال المقاولة الثانوية لصالح المؤسسات الصناعية الكبرى أو لفروعها في الجزائر، أحد الحلول الأقل تكلفة لتحقيق التكامل الاقتصادي، من جهة. وإحدى الوسائل التي تضمن من خلالها التخفيف من حدة البطالة المتزايدة في هذه البلدان لاسيما في أوساط الشباب المتخرج من الجامعات ومعاهد التكوين المتخصصة. 

    ويختلف تحديد مفهوم وتعريف المؤسسة الصغيرة والمتوسطة من مجتمع لآخر، إلا أنه هناك معياران لتصنيف هذه المؤسسات، وهما:
              ـ حجم المؤسسة من حيث عدد العمال العاملين فيها. حيث تصنف المؤسسة على أنها صغيرة إذا كان عدد العمال بها لا يتجاوز العشرين عاملاً.[20]
              ـ حجم المؤسسة من حيث حجم الاستثمار المالي الذي تم توظيفه فيها.
                   
    وتتميز هذه المؤسسات بكونها تتأثر سلباً وإياباً بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لبيئة التي تتواجد بها، الأمر الذي يجعل هذا الصنف من المؤسسات في الوطن العربي لا تخرج عن هذه القاعدة، رغم أنها تشكل النسبة الكبيرة من عدد المؤسسات النشطة الخلاقة لفرص العمل في البلدان العربية، حيث تعاني من نفس النقائص التي يعاني منها اقتصاد الدول النامية، لاسيما ضعف الشراكة بين هذه المؤسسات والأطر الإدارية والاقتصادية بشكل عام. التعقيدات الإدارية لمنح الرخص والإجازات الإدارية، صعوبة الحصول على الأراضي والقروض، ونقص الإرشاد والمساعدة القانونية، والإعلامية. وصعوبة تسويق المنتجات، وضعف القدرة على المنافسة، وعدم التحكم في أدوات التنظيم والتسيير والاستغلال لمسيري هذه المؤسسات...الخ.

    المحور الرابع : عوامل تفعيل ونجاح سياسات التشغيل.
    من بين العوامل التي تساعد على نجاح ورفع فاعلية السياسية العامة في مجال التشغيل، مجموعة من العوامل يمكن تلخيصها فيما يلي:
    أ ـ بالنسبة للسياسات العامة للتشغيل: يتحكم في نجاح هذه السياسات عدة اعتبارات وعوامل يمكن أن نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
    1 ـ ضرورة بناء هذه السياسة على دراسات ومعطيات حقيقية بمشاركة الهيئات والمؤسسات المعنية بعالم الشغل، في مختلف المستويات والمؤسسات المعنية بذلك من بعد أو من قريب، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أراء واقتراحات هذه الهيئات والمؤسسات قدر الإمكان. والابتعاد قدر الإمكان عن القرارات العشوائية التي لا تقوم على مثل هذه الدراسات. 
    2 ـ الاستمرارية في تطبيق السياسات المرسومة، وعدم تغييرها من أجل التغيير، قبل تقييم مدى نجاعتها من عدمه.
    3 ـ  العمل على تكييف وتعديل محاور وعناصر هذه السياسة بما يتلاءم والمستجدات التي تفرضها المتغيرات الداخلية والخارجية، والعراقيل الميدانية، وذلك بجعلها أكثر مرونة وقابلية للتكيف مع المستجدات والمتغيرات التي يقتضيها الواقع العملي، حيث أنه كثيراً ما تتميز القرارات المتخذة على مستوى الإدارات المركزية بطابع الأوامر التي لا تؤخذ بعين الاعتبار عند اتخاذها العراقيل الميدانية.
    ب ـ بالنسبة لأنماط التشغيل: يجب أن تتميز هذه الأنماط والأشكال بطابع الديمومة والاستمرارية، والابتعاد قد الإمكان عن أنماط التشغيل الهشة التي لا تعالج مشكل البطالة بصفة نهائية، بقدر ما تكون مجرد مسكنات مؤقتة لا تلبث أن تفقد مفعولها مع الوقت، الأمر الذي يطرح مشاكل البطالة من جديد.
     كما يجب السهر على تطبيق التدابير القانونية والتنظيمية المتعلقة بتنفيذ سياسات التشغيل من خلال هذه الأنماط بالشكل الذي يجعلها قادرة على تحقيق الأهداف المرسومة لها، ووضع الآليات العملية لتقييم مدى تقدم تطبيق هذه التدابير، وتقييم المعوقات والإشكالات التي واجهت تطبيقها، بهدف تصحيح مسارها وكيفياتها بشكل مستمر.  
     ج ـ بالنسبة للمشاريع والبرامج الهادفة لخلق مناصب العمل: إن دور هذه المشاريع في خلق فرص العمل للفئات الباحثة عنه يتوقف بالدرجة الأولى على:

    1 ـ تشجيع الدولة والسلطات العمومية المركزية منها والمحلية لإنشاء هذه المؤسسات، وذلك بوضع قوانين تضمن تسهيل الإجراءات، وإزالة العقبات الإدارية، وتسهيل حصولها على الأراضي والمحلات المناسبة لها، ومدها بالإرشاد والاستشارة التكنولوجية، وتمكينها من الإعلام الاقتصادي المطلوب، وفتح السواق الوطنية أمام منتجاتها، ومساعدتها على دخول الأسواق الدولية.
    2 ـ تشجيع البنوك على التعامل بجدية ومسؤولية في مجال القروض والمساعدات والتسهيلات المالية في المراحل الأولى للإنشاء لتمكين المؤسسيين والمستثمرين والمبادرين بهذه المؤسسات من تجاوز الصعوبات التي عادة تطرح في بداية الطريق. ذلك أن قلة الموارد المالية، أو انعدام التسهيلات البنكية، كثيراً ما تكون أهم الصعوبات والعراقيل بل والتحديات التي تواجه المبادرة بإنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
     3 ـ خلق شبكة ربط بينها وبين المؤسسات الكبيرة لإقامة سوق محلية للمقاولة الثانوية، وتسهيل العلاقات بين هذه المؤسسات والمؤسسات الكبرى بما يضمن قيام تعاون وثيق بينهما.
     4 ـ تمكينها من الحصول على اليد العاملة ذات التكوين المناسب، وذلك بربطها بشبكة التكوين المهني، والجامعي، وخلق حوافز وتشجيعات تمكنها من استيعاب الفئات المتخرجة من هذه المؤسسات التكوينية والالتحاق بها، مثل تخفيض الضرائب عليها مقابل توظيفها لهذه الفئات، أو إعفائها منها، أو من أعباء الضمان الاجتماعي، أو بعض رسوم الاستيراد أو التصدير، أو من الرسوم المفروضة على المواد الولية...الخ. وذلك كله من اجل تمكينها من القدرة على التوسع والإزدها، وبالتالي القدرة على خلق المزيد من مناصب العمل، وبالتالي استيعاب أكبر قدر ممكن من العمال.
     5 ـ إدماجها ضمن مخططات التنمية الوطنية، وتمكينها من الاستفادة من كافة التدابير القانونية والمالية التي تقرها الدولة لصالح المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية، وإشراكها في مجهود التنمية كقوة فاعلة ومساهمة في تنفيذ مشاريع التنمية. وذلك بمنحها المكانة والدور الفعال في إنجاز
    المشاريع كشريك اقتصادي كامل الحقوق.
     6 ـ توفير التكفل بدراسات تقييم الجدوى الاقتصادية عند تقديم المشاريع الجديدة، أو توسيع  أو تطوير المشروعات القائمة، عن طريق تسهيل الخدمات الاستشارية وخدمات الخبراء. ذلك أن الكثير من المشاريع تفشل من بدايتها بسبب نقص الجدوى الاقتصادية أو الجدوى الاجتماعية.
     7 ـ تمكينها من الحصول على المعلومات والبيانات والإحصائيات المتعلقة بالعرض والطلب، والمعطيات الخاصة بتطور ونمو، أو تراجع السوق المحلي والدولي، وتلك المتعلقة بالتصدير والاستيراد، وغير ذلك من المعلومات التي تساعد أصحاب هذه المؤسسات على التخطيط السليم، والتسيير الواعي.
     8 ـ تمكينها من الحصول على الخبرة الاستشارية في مجال التغلب على مشاكل الإنتاج والتوزيع، وتقنيات تسيير الموارد الاقتصادية، والبشرية، وغير ذلك من خبرات الدعم التكنولوجي والإداري والتنظيمي الضروري لكل فرع من فروع النشاط المختلفة.
     9 ـ إدماج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الاتفاقات والبرتوكولات الثنائية والمتعددة الأطراف مع الدول أو التجمعات الاقتصادية، وكذا ربطها ببنوك المعلومات، قصد دعم هذه المؤسسات الوطنية فيما يتعلق بالتصدير والاستيراد والمبادلات التجارية. ومدها بالمعلومات والبيانات والإحصائيات المتعلقة بالعرض والطلب على المستوى الوطني والدولي. وكذا إدماجها في النشاطات الترويجية التي يتم تقديمها هدف تسهيل تسويق المنتوجات والسلع محلياً ودولياً، عن طريق وسائل الإعلام والاتصال والمعارض وغيرها. 
     10 ـ توفير الخدمات الموجهة لبعض الفئات المهنية أو الاجتماعية، كالشباب، أو النساء، أو ذوي الاحتياجات الخاصة، بهدف مساعدتها على إنشاء مؤسسات صغيرة أو متوسطة متكيفة مع خصوصياتها، ومساعدتها على الاندماج في المنظومة المؤسساتية الوطنية.
    11 ـ تشجيع وتعميم التسهيلات والخدمات الداعمة للإبداع والتطوير، بما فيها تقديم الحوافز والجوائز، عن الأعمال والإنتاج وإدارة المؤسسات الناجحة، وكذا تلك المتعلقة ببراءة الاختراعات والاكتشافات الصناعية والعلمية.   
    في النهاية، يمكننا أن نسجل من خلال هذه الآليات العديدة والمتنوعة التي شكلت معالم السياسة الوطنية لتشغيل، واجب الاعتراف بكثافة وجدية وأهمية هذه الآليات والأنظمة والبرامج التي تم اعتمادها، بغض النظر عن نجاحها أو فشلها، ذلك أن النجاح أو الفشل في مثل هذه العمليات أمر مطروح وتتحكم فيه عدة عوامل داخلية وخارجية، مالية واقتصادية، وحتى سياسية. وهي العوامل التي كثيراً ما كانت غير ملائمة للتطبيق الكلي والحسن لهذه البرامج خلال العشرية التسعينات في الجزائر، هذه العشرية التي عرفت فيها الجزائر، كما سبق وأشرنا عدة اختلالات ومشاكل أمنية واقتصادية، داخلية، بالإضافة إلى ضغوط المؤسسات المالية والتجارية الدولية، والتي كثيراً ما عارضت بعض الإجراءات الموجهة للتكفل بالتشغيل بصفة عامة، وتشغيل الشباب بصفة خاصة، على اعتبار أنها ستزيد من الإنفاق الحكومي، وهو ما يتعارض مع توصيات ومبادئ هذه المؤسسات.
    لكن هل يكفي كل هذا ؟ ورغم أننا نثمن ونقدر الجهود التي قامت وتقوم بها الدولة للتخفيف من حدة ظاهرة البطالة، ولاسيما تلك الجهود المبذولة في تنويع آليات وأنماط التشغيل المختلفة، وفي مجال تشجيع وتسهيل إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث أقامت الدولة من أجل ذلك وزارات خاصة بهذه المهمة.[21] فإننا نعتبر أن هذه الجهود لازالت غير كافية لبلوغ الغاية النهائية والمتمثلة في القضاء النهائي على هذه الظاهرة. رغم قناعتنا بأن هذا الهدف يضل صعب التحقيق في ظل معطيات تشير إلى استمرار زيادة الطلب على العمل بمستويات لازالت بعيدة عن المستويات الممكن تحقيقها الآن (هناك  طلب يقارب 300.000 منصب شغل سنوياً، مقابل إمكانية حالية لا تتجاوز 90.000 منصب شغل). 
    ومن أجل إعطاء المزيد من الفاعلية لمساهمة مكاتب التشغيل في وضع وتجسيد سياسات وبرامج تشغيل الشباب خاصة، فإننا نرى ضرورة:

    1 ـ إنشاء بنك معلومات يتوفر على كافة الوسائل البشرية والتكنولوجية التي تسمح بتقديم التوجيه والاستشارة الفعالة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بهدف رفع قدراتها في التحكم في تنفيذ برامج ومشاريع تشغيل الشباب الباحث عن العمل، ومساعدة الشباب الذي يبادر بمشاريع صناعية أو تجارية أو خدماتية في إطار صناديق دعم تشغيل الشباب المعمول بها حالياً في الجزائر.
    2 ـ إشراك المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المتخصصة في مجال المقاولة، خاصة بالنسبة للشباب المتخرج من الجامعات والمعاهد التكنولوجية العليا، وجعلها مرتبطة بالمؤسسات الصناعية الكبرى، وذلك بإيجاد صيغ للدراسات والتمويل والمتابعة وتصريف المنتوجات نحو هذه المؤسسات المتخصصة في كل نوع من أنواع الإنتاج التكميلية، على غرار ما هو معول به في مختلف الدول المصنعة، أين يتم توزيع مجموعة من عناصر المنتوج على وحدات صغيرة ومتوسطة في شكل عقود مقاولة، وتفرغ المؤسسات صاحبة المشروع للأشغال والأعمال الكبرى.
    3 ـ منح المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الإمكانيات القانونية والمادية التي تمكنها من العمل على توسيع مجال عقود التشغيل المسبقة، وعقود التدريب والتمهين، ودعم المؤسسات التي تمارس هذا النمط من التشغيل بالحوافز المادية التي تسمح لها بالتحول إلى عقود عمل دائمة، كتسهيل الحصول على قروض بدون فوائد للاستثمار في مجال توسيع النشاط، أو حوافز جبائية، وشبه جبائية، عند اقتناء أو توسيع وسائل الإنتاج، لصالح المؤسسات الصناعية والمالية والتجارية بهدف توظيف أكبر قدر ممكن من الشباب المتخرج حديثاً من المعاهد الجامعية، ومراكز التكوين المهني، والمعاهد المتخصصة.
    4 ـ توسيع إمكانيات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بإعطائها المزيد من الحوافز التشجيعية للشباب لخدمة الأرض، ومنحها تسهيلات التدخل في مجالات تسوية مشكل العقار، ومنح القروض بدون فوائد، أو فوائد مخفضة، والإعفاءات الجبائية...الخ. باعتبار أن هذا القطاع يوفر مناصب عمل دائمة وقارة، ومستقلة. بهدف القضاء أو على الأقل التقليل من النزوح الريفي، من جهة. والمساهمة في ربح معركة الاكتفاء الغذائي من جهة ثانية.
    5 ـ إشراك المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجهود السياسية والإدارية والمالية التي تبذلها الدولة من خلال توسيع مجال نشاطها ليشمل مجال الاستشارة والمشاركة والتعاون الفعال مع المنظمات المهنية والنقابية، والمؤسسات التنفيذية والاستشارية، المعنية بموضوع البطالة، والتشغيل وسوق العمل بصفة عامة، حول وضع وتنفيذ مخطط وطني لمكافحة البطالة،[22] بهدف توحيد المناهج والقرارات ولآليات المعتمدة في ضمان نجاح البرامج التي تتمخض عنها عمليات البحث والدراسة لكل الإمكانيات الوطنية، ولاسيما على المستوى المحلي للحد من زحف هذه الظاهرة التي أصبح تشكل الخطر الأكبر، والمصدر الأول لكافة المخاطر الأمنية والاجتماعية التي يعاني منها المجتمع الجزائري.
    6 ـ تفعيل دور الدولة في الرقابة على القطاع الاقتصادي الموازي، ( أو ما يعرف بالنشاط غير الرسمي، أو الاقتصاد غير المهيكل) باعتباره يحتل مكانة فعلية كبيرة في السوق، ومصدر هام لتوفير مناصب العمل، وذلك بالعمل على جعله يتكيف مع الإجراءات القانونية الاقتصادية والاجتماعية بصفة خاصة، حيث يلاحظ عليه ممارسة نوع من الاستغلال لقدرات اليد العاملة في ظروف غير مناسبة، وبأجور زهيدة مستغلاً تزايد نسبة البطالة خاصة لدى الشباب الباحث عن العمل. حيث يمكن بقليل من المرونة في القوانين الاقتصادية والاجتماعية، أن يصبح هذا القطاع أحد مصادر توفير مناصب عمل معتبرة، الدائمة منها والمؤقتة.
    7 ـ إعادة عجلة الاستثمار العمومي المنتج، ودور الدولة الاقتصادي، سواء من خلال المشاريع ذات المنفعة العامة، أو بالشراكة مع القطاع الخاص الوطني أو الأجنبي، حيث أنه بدون الاستثمار المنتج، الخلاق للقيم والثروات الحقيقية، والمنشأ لمناصب العمل الدائمة والمنتجة للثروة، تبقى أغلب الإجراءات والبرامج الأخرى عديمة ضعيفة الجدوى إذا لم نقل منعدمة الجدوى.   

     ويبقى الاستثمار المنتج الخلاق للثروة، ومناصب العمل الدائمة والمنتجة، ثم الاستثمار في الإنسان بتكوينه وتأهيله للتكيف مع كل المستجدات والمتغيرات، المؤسسات الصغيرة والمتوسطة  والإمكانيات وتحريرها من القيود البيروقراطية البالية للقيام بمهامها والتكيف مع متغيرات سوق العمل، من اجل التحكم في إقامة التوازنات اللازمة بين عروض العمل والطلبات المسجلة بشأنه، ومنحها الوسائل الكفيلة باندماجها في منظومة التشغيل المتكاملة القادرة على مواجهة ليس فقط أزمة البطالة ولكن، القادرة على التحكم في تسيير تدفقات اليد العاملة على سوق العمل بتوجيهها التوجيه الجيد سواء بإعادة تكوينها وتكييفها مع المتطلبات التي تقتضيها سوق العمل، أو بتوجيهها نحو القطاعات التي تعرف حاجة إلى تلك العمالة الزائدة.

    إن هذا الشروط التي طارحناها، تجد مبرره في نتائج مختلف الجهود المبذولة إلى حد الآن، والتي تميزت بغياب الاستثمارات الحقيقية، مما جعلها عاجزة عن حل العديد من المشاكل الاجتماعية المتفاقمة من يوم لآخر، والمتمثلة على وجه الخصوص في زحف شبح الفقر ليصيب المزيد من الشرائح الاجتماعية، ويولد مع الوقت المزيد من الإقصاء والتهميش، والشعور بالفراغ واليأس من المستقبل، ومنه، توجه الشباب للانحراف وتعاطي مختلف الآفات الاجتماعية كالمخدرات، والدعارة، والانتحار، والجريمة المنتظمة، والعمل على الهجرة عبر المخاطرة بحياتهم في البحار عبر ما أصبح يعرف بقوارب الموت، مفضلين حياة المهانة والمطاردة في البلدان الأوروبية على البقاء في وطنهم. وحتى ظاهرة الإرهاب التي تعتبر جديدة على المجتمع كان الفقر أهم أسبابها الرئيسية في الجزائر. هذا الواقع الذي لم تتمكن مختلف الجهود المبذولة تغييره، مرشح للتعقيد أكثر مع استكمال الإجراءات القانونية والاقتصادية المطلوبة لتطبيق مبادئ وقوانين العولمة بالدخول بعد الانتماء النهائي لمنظمة التجارة الدولية، في دوامة الاقتصاد العالمي الذي سوف لن يكون رحيماً بالفئات الشبانية نظراً لما سيفرضه من قيود على السلطات العمومية في التكفل بالتخفيف من بطالته، بعد أن تدخل قوانين وتعليمات التقليص إلى أقصى حد ممكن من النفقات العمومية الموجهة للتشغيل، وتوفير وسائل العيش الكريمة للطبقات الفقيرة، وغير القادرين عن العمل، وكذلك غير الحاصلين عليه، أو الذين فقدوا عملهم بسبب التعديلات الهيكلية للاقتصاديات النامية. وهو أمر تدلنا عليه مختلف التجارب التي سبقتنا إلى الانتماء إلى هذا النظام الذي لا يعترف سوى بمصالح أصحاب رؤوس الأموال والاستثمارات، على حساب المصالح الاجتماعية للعمال أصحاب قوة العمل فقط.

                                                                       حررت هذه المحاضرة بتاريخ مارس 2009
     المراجع  : 
    ([1])  أستاذ محاضر بكلية الحقوق . جامعة الجزائر. خبير بالمعهد العربي للثقافة العمالية وبحوث العمل في الجزائر. ومنظمة العمل العربية.
    [2] - القانون 04 ـ 19 المؤرخ في 25 ديسمبر 2004. ج.ر. عدد 83 الصادرة في 26 ديسمبر 2004.
    [3] -  القانون 06 ـ 21 المؤرخ في 11 ديسمبر 2006. ج.ر. عدد 80 الصادرة في 11 ديسمبر 2006.
    [4] -  المرسوم التنفيذي 06 ـ 77 المؤرخ في 18 فيفري 2006. ج.ر. عدد 09 الصادرة في 19 أبريل 2006.
    [5] -  المرسوم التنفيذي 08 ـ 126 المؤرخ في 19 أبريل 2008. ج.ر. عدد 22 الصادرة في 30 أبريل 2008.
    [6] -  المنظمة بمقتضى المرسوم التنفيذي 07 ـ 123 المؤرخ في 24 أفريل 2007 الذي يضبط شروط وكيفيات منح الاعتماد للهيئات الخاصة لتنصيب العمال وسحبه منها...ج.ر. عدد 28 الصادرة في 2 ماي 2007.
    [7]- وهو الصندوق الذي تم إنشائه بمقتضى القانون 94 ـ 11 المؤرخ 26 مايو 1994ج.ر. عدد 34 الصادرة بتاريخ 1 يونيو 1994.
    [8]- كما تم قبول 2176 ملف من أصل 3388 ملف تم عرضها على لجنة الفحص والموافقة في هذا الصندوق. على المستوى الوطني. أنظر جريدة الخبر. ليوم 08 / 11 / 2007. عدد 2143. تجدر الإشارة إلى أن قيمة القرض قد تصل إلى خمسة ملايين د ج. (5.000.000 د ج)
    [9] يتم تمويل قروض هذا البرنامج من طرف ميزانية الدولة، بسبب تخفيض نسب الفوائد. حيث تكفي الإعتمادات المخصصة لهذا المشروع سنوياً، ما يفوق الـ 30.000 مشروع، مما يعني خلق على الأقل نفس العدد من مناصب العمل.
    [10]  وتتمحور النشاطات التي ترتكز عليها المشاريع المقترحة بصفة عامة حول: تربية الحيوانات، والنحل، بنسبة تقدر 43 % والحرف الصغيرة والخدمات بنسبة 35 %  والعمل بالبيت بنسبة 15 % وأخيراً الزراعة والري بنسبة 5 %.
    [11]  للوقوف على هذه الانتقادات، راجع الوثيقة الصادرة عن الاتحاد العام للعمال الجزائريين. المشار إليها سابقاً.
    [12]- أنظر المواد 26 إلى 30 من المرسوم التنفيذي 08 ـ 126 المشار اليه سابقاً.
    [13] -  وقد تم رفع القيمة القصوى للمشاريع الممولة من قبل هذا الصندوق إلى 10 ملايين د ج ( أو ما يعادل تقريباً مليون أورو) بمقتضى المرسوم الرئاسي رقم 300 – 03  المؤرخ 11 سبتمبر 2003 المتمم والمعدل للمرسوم الرئاسي 234 – 96 المؤرخ في 2 جويلية 1996. المتعلق بدعم تشغيل الشباب.
    [14]  التي تم إنشاؤها بمقتضى المرسوم الرئاسي رقم 96 ـ 295 المؤرخ في 08 سبتمبر 1996. الجريدة الرسمية عدد 52 لسنة 1996. 
    [15] لقد تضمنت المادة 6 من المرسوم  الرئاسي المنشأ لهذه الوكالة عدة مهام بالتنسيق مع والاتصال بالمؤسسات والهيئات المعنية، يمكن إجمالها فيما يلي:
                ـ تدعيم تقديم الاستشارة ومرافق الشاب أصحاب المشاريع لتنفيذ مشاريعهم الاستثمارية.
                ـ تسيير الاعتمادات المالية المخصصة من طرف الصندوق الوطني لدعم تشغيل الشباب.
                ـ إعلام وتبليغ الشباب الذين تحضى مشاريعهم بالاستفادة من قروض البنوك والمؤسسات المالية بمختلف الإعانات والتخفيضات والإعفاءات ومختلف الامتيازات المقررة في قانون تشجيع الاستثمار.
                ـ متابعة لمشاريع التي ينجزها الشباب، والسهر على احترام دفاتر الشروط التي تربطهم بالوكالة ومساعدتهم عند الحاجة لدى المؤسسات والهيئات المعنية بإنجاز المشاريع.
                ـ تشجيع جميع إشكال لأعمال والتدابير الأخرى الرامية إلى ترقية تشغيل الشباب،وذلك من خلال برامج التكوين والتوظيف الأولى.
                إلى جانب العديد من المهام الأخرى في مجالات عديدة، مها تقديم الاستشارة المالية والاقتصادية. وإقامة علاقات دائمة مع المؤسسات المالية، ومتابعة خطط التمويل، ومتابعة إنجاز المشاريع. التعاون مع المؤسسات والهيئات الإدارية فيما يتعلق بإنجاز برامج التكوين والتشغيل، أو التشغيل الولي للشباب ذوي المؤهلات العالية لدى المؤسسات والإدارات العمومية. وضع برامج تدريب وتعليم الشباب المشاريع فيما يخص تقنيات التسيير...الخ.
    [16]  يتقاضى العمال السباب الذين يتم توظيفهم بهذه الصيغة أجرة شهرية تقارب الحد الأدنى  الوطني المضمون أي 6000 دج بالنسبة للمتخرجين الجامعيين، و 4500 دج بالنسبة للتقنيين السامين. تتكفل بها الدولة، كما تمنح المؤسسات المشغلة لهم امتيازات جبائية وشبه جبائية. وقد حقق هذا البرنامج الذي شرع فيه في سنة 1998 نتائج معتبرة بلغت حدود 70 %  من البرنامج المسطر لمدة سنتين، حيث كانت النتائج عند نهاية 1999 تشير إلى توظيف ما يقارب 5000 متخرج جامعي. وحوالي 3800 تقني سامي. مع الملاحظة إلى أن هذا البرنامج كان موجه في الأساس لسد احتياجات الهيئات الإدارية من الإطارات، إلا انه قد تم توسيعه ليشمل بعض المؤسسات الاقتصادية العمومية لاسيما المحلية منها.
     [17] المنشأ بمقتضى المرسوم التنفيذي 98 ـ 402 المؤرخ في 2 ديسمبر 1998. ج.  ر. عدد 91 لسنة 1998.
    [18]  أنظر المرسوم التنفيذي 01 ـ 409 المؤرخ في 13 ديسمبر 2001. ج.ر. عدد 78 لسنة 2001.
    [19]  تقوم الحكومات والمنظمات النقابية المغاربية في هذا الشأن بالتعاون مع العديد المنظمات النقابية في البلدان المتوسطية لبحث ومعاينة ظروف عمل العمال المهاجرين الجزائريين، بهدف التوصل إلى إيجاد سبل تسهيل حياة وعمل هؤلاء في البلدان المستقبلة، والتنسيق مع نقابات هذه البلدان لحث الحكومات الأوروبية على إدخال نوع من المرونة والتكييف لقوانينها الخاصة بالهجرة، لتسوية وضعية المهاجرين الذين يتوفرون على المؤهلات القانونية والمهنية بهدف تسهيل اندماجهم في المجتمعات التي يعيشون فيها.
    [20] وهناك نوع ثالث يعرف بالمؤسسات المصغرة أو التي لا يتجاوز عدد عمالها الخمسة أفراد. 
    [21]  من بين الدوائر الوزارية في الحكومة الجزائرية، هناك وزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. التي تشكل الإطار المركزي لتنظيم والإشراف على هذا الصنف من المؤسسات.
    [22] لقد سبق لمصالح رئاسة الجمهورية الجزائرية، أن أعدت تقريراً مفصلاً عن ظاهرة البطالة في الجزائر، وذلك سنة 1998، وقد طلبت بشأنه رأي علمي وعملي من المجلس الاقتصادي والاجتماعي، في 17 مارس 1998. وقد عكف المجلس على دراسة هذا التقرير من خلال تكوين عدة خلايا للبحث والدراسة، مكونة من خبرائه وباحثيه، وقد أعد بشأنه مشروع رأي مصادق عليه في الدورة العامة الحادية عشر للمجلس، في جويلية 1998. قدم إلى مصالح رئاسة الجمهورية، تضمن مجموعة من التوصيات والاقتراحات البعض منها تأكيد لما جاء في التقرير المقترح للدراسة، والبعض الآخر من اقتراح المجلس.