-->

البطالة في الجزائر

البطالة في الجزائر
    البطالة في الجزائر

    مقدمــــة:
    تعتبر البطالة في الوقت الحاضر من أخطر الأزمات التي يواجهها العالم المتقدم و التخلف سواء، ذلك أنها بلغت مستويات مخيفة إلى درجة يمكن أن ينجر عنها كثيرا من الاضطرابات، والملفت للانتباه أن البطالة لم تعد في وسط الشباب غير المتعلم أو المتوسط الكفاءة بل امتدت إلى ذوي الشهادات العليا، وهذا امتد عقدين على الأقل ورغم أن الدول والمنضمات بادرت بآليات مختلفة لمواجهة خطر البطالة، إلا أن الهدف لم يتحقق.
    فما هو واقع هذه الأزمة، وهل تستطيع الدول العربية الارتقاء بمعدلات النمو الاقتصادي إلى درجة خفض البطالة وتحسين مستوى المعيشة؟؟
    هل هناك وعي بالآثار السلبية التي ستنعكس مستقبلا على الدول العربية في ظل تفشي ظواهر الفساد والرشوة و المحسوبية.؟؟

    البطالة في الجزائر


    الفصل الأول : ماهية البطالة:
    إنها حقا كارثة تستوجب الوقوف …ولفت الانتباه …فالواقع يؤكد أن معدلات البطالة في تزايد مستمر  والجميع يحاول البحث عن طريق للخروج من الأزمة ،ولكن من الواضح أنه يزداد ابتعادا…
    في السطور التالية نحاول الاقتراب من جذور المشكلة بشكل موضوعي بعيدا عن المزايدات ,وإلقاء الاتهامات في محاولة للوقوف على تفاصيل وإبعاد القضية في محاولة لإيجاد الطريق الصحيح كذلك هي ظاهرة اقتصادية بدأ ظهورها بشكل ملموس مع ازدهار الصناعة إذ لم يكن للبطالة معنى في المجتمعات الريفية التقليدية.طبقا لمنظمة العمل الدولية فإن العاطل هو كل قادر عن العمل وراغب فيه،ويبحث عنه،ويقبله عند مستوى الأجر السائد،ولكن دون جدوى ـومن خلال هذا التعريف يتضح  أنه ليس كل من لا يعمل عاطل فالتلاميذ والمعاقين والمسنين ومن فقد الأمل في العثور على عمل وأصحاب العمل المؤقت ومن هم في غنى عن العمل لا يتم اعتبارهم عاطلين عن العمل .

              - يمكن تعريف البطالة بأنها التوقف الإجباري لجزء من القوة العاملة في الاقتصاد عن العمل مع وجود الرغبة والقدرة على العمل. والمقصود بالقوة العاملة هو عدد السكان القادرين والراغبين في العمل مع استبعاد الأطفال (دون الثامنة عشرة) والعجزة وكبار السن. وللحصول على معدل البطالة يتم استخدام المعادلة التالية:

                                                                                     عدد العاطلين عن العمل
                                                          معدل البطالة =                                               × 100
                                                                                         إجمالي القوة العمل


    البطالة،بوجه عام هي تعبير عن قصور في تحقيق الغايات من العمل في المجتمعات البشرية،وحيث الغايات من العمل متعددة،تتعدد مفاهيم البطالة فيقصد بالبطالة السافرة وجود أفراد قادرين عن العمل وراغبين فيه،ولكنهم لا يجدون عملا ، وللأسف يقتصر الاهتمام بالبطالة ،في حالات كثيرة،على البطالة السافرة فقط .
    لكن مفهوم البطالة، أو نقص التشغيل، يمتد على الحالات التي يمارس فيها فرد عملا ولكن لوقت أقل من وقت العمل المعتاد ،أو المرغوب ،وتسمى هذه الظاهرة البطالة الجزئية الظاهرة أو نقص التشغيل الظاهر . ويمكن اعتبار نقص التشغيل الظاهر تنويعه على صنف البطالة السافرة .
    ويحدث في بعض المجتمعات أن يعاني بعض من أفرادها وفي الوقت نفسه،من زيادة في التشغيل،بمعنى عملهم وقتا أطول من معيار معتاد لكي يتمكنوا من الوفاء بحاجياتهم،وهو وجه آخر من أوجه اختلال التشغيل في المجتمع.
    كذلك يمكن أن يعاني الأشخاص المشغولون ،ولو كل الوقت المعتاد،من نقص التشغيل المستتر أو البطالة المقنعة،عندما تكون إنتاجيتهم ،أو كسبهم ،أو استغلال مهاراتهم وقدراتهم،متدنية حسب معيار ما وهذه أخبث أنواع البطالة ،خاصة في المجتمعات النامية ،حيث نقص التشغيل المستتر هو الوجه الآخر لتدني الإنتاجية الاجتماعية للعمل المبذول ، أو لقصور الدخل من العمل عن الوفاء بالحاجات الأساسية ومن تم انخفاض مستوى الرفاهية الاجتماعية الكلية، أي الإفقار ، أو لإهدار الطاقات البشرية والاستثمار في التعليم نتيجة لقلة التوافق بين نظم التعليم واحتياجات سوق العمل،أو لتحمل شرط عمل غير آدمية مثل وقت عمل بالغ الطول أو بيئة عمل مضرة ، وكلها قسمات جوهرية للتخلف ،ومن أسف، أن نقص التشغيل المستتر لا يلقى العناية الواجبة في مناقشة البطالة ويعود هذا أساسا، إلى الصعوبات الكبيرة التي تحيط بهذه الظاهرة ،في الفهم والقياس والتشخيص والعلاج .
    وتزداد أهمية التفرقة بين ألوان البطالة في البلدان النامية التي لا يلتحق بالقطاع الحديث من النشاط الاقتصادي فيها إلا قلة من العاملين،حتى هذه القلة لا تتمتع بمزايا العمل ،أو التعويض عن البطالة المعتادة في الاقتصاديات الرأسمالية الناضجة .
    إذا فالمقصود بالبطالة عدم وجود فرص عمل مشروعة لمن توافرت له القدرة على العمل والرغبة فيه ويمكن أن تكون البطالة كاملة أو جزئية.
    البطالة الكاملة: هي فقد الكسب عجز شخصي عن الحصول على عمل مناسب رغم كونه قادرا على العمل ومستعدا له باحثا بالفعل عن عمل.
    البطالة الجزئية: هي تخفيض مؤقت في ساعات العمل العادية أو القانونية وكذلك توقف أو نقص الكسب بسبب وقف مؤقت للعمل دون إنهاء علاقة العمل وبوجه خاص لأسباب اقتصادية وتكنولوجية أو هيكلية مماثلة.
    المبحث الأول : أنواع البطالة :
    يمكن أن نشير إلى أربعة أنواع رئيسية للبطالة وهي:
    - البطالة  الدورية ( البنيوية ) والناتجة عن دورية النظام الرأسمالي المتنقلة دوما بين الانتعاش والتوسع الاقتصادي وبين الانكماش والأزمة الاقتصادية التي ينتج عنها التوظيف والتقليص من الأزمة بتسريح العمال .
    - بطالة احتكاكية وهي ناتجة عن تنقل العمال ما بين الوظائف والقطاعات والمناطق أو نقص المعلومات فيما يخص فرص العمل المتوفرة.
    - البطالة المرتبطة بهيكلة الاقتصاد وهي ناتجة عن تغير في هيكل الطلب على المنتجات أو التقدم التكنولوجي، أو انتقال الصناعات إلى بلدان أخرى بحثا عن شروط استغلال أفضل ومن أجل ربح أعلى.فتحول الاقتصاد الجزائري مثلاً إلى اقتصاد نفطي أدى إلى فقدان الكثير من الفلاحين الجزائريين لوظائفهم البسيطة.                                                                                                
    - البطالة المقنعة وهي تتمثل بحالة من يؤدي عملا ثانويا لا يوفر له كفايته من سبل العيش ، أو إن بضعة أفراد يعملون سوية في عمل يمكن أن يؤديه فرد واحد أو اثنان منهم .وفي كلا الحالتين لا يؤدي الشخص عملا يتناسب مع عملا ما .
    - هناك ثلاثة أشكال للبطالة وهي:
    سافرة، واختيارية، ومقنعة.
    السافرة: وهي الباحثين الجدد عن العمل لأول مرة والتي تمثل بطالة المتعلمين النسبة الكبيرة منها.
    الاختيارية : وهي رفض الفرد في الاشتراك في عملية الإنتاج. أو هي ترك العمل اختياريا أي فرصة العمل وبالتالي تكون البطالة هنا اختيارية جون تهل للمشكلات الاقتصادية والإنتاجية.
    المقنعة: هي ارتفاع عدد العاملين فعليا عن احتياجات العمل بحيث يعملون بالفعل عددا أقل من الساعات الرسمية للعمل.وتوجد تصنيفات أخرى للبطالة وهي إما بطالة موسمية وأخرى دورية .
    أنواع البطالة:
    يمكن تقسيم البطالة من وجهتي النظر الاجتماعية والاقتصادية إلى :
    البطالة الجماعية:
    والتي كانت تظهر من حين لآخر في الدول الصناعية خلال القرن الأخير وكان أحدث بطالة جماعية تلك التي وقعت في ثلاثينات هذا القرن وشملت العالم كله. وفي الواقع أن الانخفاض في الطلب الإجمالي على الإنتاج هو السبب المباشر للبطالة الجماعية وثمة حالة خاصة للبطالة الجماعية يمكن حدوثها في الدول التي تتوقف رفاهيتها إلى حد كبير على التجارة الأجنبية وفقدان أسواق التصدير قد يكون من الشدة بحيث يتأثر الاقتصاد كله .
    البطالة الاحتكاكية أو الانتقالية:
    وهذا النوع من البطالة يحدث عادة نتيجة للتحسينات التكنولوجية في وسائل الإنتاج أو التغيرات في الطلب على الطراز الحديث وهذا يدعو أحيانا إلى تغير وظيفة العامل أو إعادة تدريبه ،ولكن طالما كان الطلب الإجمالي لم يتأثر فإنه من المحتمل زهور فرص عمل جديدة في الزمن القصير.
    البطالة الموسمية:
    وهي التي تلازم بعض فروع النشاط الاقتصادي لا في الزراعة وحدها بل في بعض الصناعات الموسمية.ونجد أن الأشخاص الذين يشتغلون في هذه الأعمال يدركون مسبقا أن عملهم لن يجاوز الموسم.
    المطلب الأول: أسباب مشكلة البطالة
    إن مشكلة البطالة تعد من أخطر المشاكل التي تهدد استقرار وتماسك المجتمع العربي ولكن نجد أن أسباب البطالة تختلف من مجتمع إلى مجتمع حتى إنها تختلف داخل المجتمع الواحد من منطقة إلى أخرى فهناك أسباب اقتصادية ،وأخرى اجتماعية وأخرى سياسية ولكن كلا منها يؤثر على المجتمع ويزيد من تفاقم مشكلة البطالة .
    الأسباب الاقتصادية والسياسية التي تزيد من الاستمرار في أعدا د العمال العاطلين:
    1-      تفاقم آثار الثورة العلمية والتكنولوجية على العمالة حيث حلت الفنون الإنتاجية المكثفة لرأس المال محل العمل الإنساني في كثير من قطاعات الاقتصاد القومي ومن ثم انخفاض الطلب على عنصر العمل البشري.
    2-     انتقال عدد من الصناعات الموجودة بالبلاد الرأسمالية المتقدمة إلى الدول النامية من خلال الشركات الدولية النشاط للاستفادة من العمالة الرخيصة في البلاد مما أثر على أوضاع العمالة المحلية في هذه الصناعات في البلاد الرأسمالية المتقدمة.
    3-     لجوء الكثير من الحكومات الرأسمالية إلى انتهاج سياسات انكماشية فكان طبيعيا أن يتم تحجيم الإنفاق العام الجاري الاستثماري في مختلف المجالات، وكان من نتيجة هذه السياسات انخفاض الطلب على العمالة.
    أما بالنسبة للدول العربية فقد تأثرت بلا شك بالأزمة الاقتصادية العالمية وتفاقمت حدة البطالة فيها لكثير من الأسباب وعجزت حكوماتها عن تطبيق سياسات حازمة لمواجهة ارتفاع أسعار الواردات وانخفاض أو تقلب أسعار الصادرات وعدم استقرار أسواق النقد العالمية وتذبذب أسعار الصرف مما كان له أسوأ الأثر على موازين المدفوعات فضلا عن ضعف قدراتها الذاتية على الاستيراد وتعطل كثير من برامج التنمية وعمليات الإنتاج نتيجة عجز الاستثمار مما أدى بالتالي إلى خفض معدلات النمو والتوظيف وارتفاع معدلات البطالة .
    كما أن الاعتماد على الاستيراد وعدم السعي إلى التصنيع ونقل التكنولوجيا المتقدمة يؤدي إلى نقص فرص العمل كما أنه من الواجب أن تسعى الدول العربية نحو تفعيل السوق العربية المشتركة لمواجهة التحديات الغربية  والعمل على النهوض بالصناعات الصغيرة التي تدفع التنمية وتزيد من فرص العمل .
    كما يجب على الدول العربية كلها أن تسعى إلى الاستفادة من العنصر البشري والمادي وأن توفر الخطط والسياسات التي تسمح لها بأن تحسن استغلال هذه الموارد للعمل على النهوض بالعنصر البشري مما يؤدي إلى التكامل فيما بينها ومن ثم يسمح لها بالتعامل مع مشكلة البطالة بشكل أفضل وعلينا أيضا أن نعمل على توفير الإمكانات المناسبة حتى يكون للعلم والعلماء من مختلف المجالات الدور الأول في مواجهة مثل هذه المشكلات .
    الأسباب الاجتماعية التي تزيد من مشكلة البطالة :
    ارتفاع معدلات النمو السكاني : إن ارتفاع عدد السكان دون القدرة على استثمارهم في عملية الإنتاج يؤدي إلى تفاقم مشكلة البطالة فمثلا نجد بلدا كالهند يصل عدد سكانها إلى نحو 600 مليون نسمة تحتاج إلى إيجاد فرص عمل لثمانية ملايين فرد سنويا وبالتالي لديها مشكلة بسبب تزايد عدد السكان .
    وهناك أيضا مجموعة من الأبعاد ذات التأثير القوي:
    1-     البعد الطبقي:
    حيث نجد أن هناك شريحة من المجتمع وهي في الغالب من الأثرياء والتي يوجد بها من لا يعبأ بالعمل .
    2-     أساليب التنشئة الاجتماعية:
    والتي لا يسعى فيها ولي الأمر أن يحث في الطفل قيمة الاجتهاد والعمل والتي حينها يفتقد الطفل القدوة والمثل الصالح .
    3-     التعليم ومستوياته:
    حيث يؤثر التعليم ومستوياته في سوق العمل وذلك عندما لا تتناسب مستويات التعليم مع احتياجات سوق العمل داخل الدولة أو عندما تكون غير مواتية للتطور التكنولوجي مقارنة بالدول المتقدمة .
    فنجد أن كل هذه الأبعاد تؤثر في ظهور مشكلة البطالة كما نجد أن بعض الأفراد قد يرفضون العمل في بعض الأعمال أو المهن لأنها لا تناسب مستواهم الاجتماعي أو المستوى العلمي أو أنها لا تناسب تنشئته الاجتماعية فبالتالي تظهر لنا البطالة أو نوع من أشكال البطالة وهي البطالة الاختيارية .
    ترجع أسباب مشكلة البطالة في الجزء الأكبر منها إلى أسباب هيكلية تعود إلى طبيعة نمو الاقتصاد كاقتصاد نامي يعاني من إختلالات هيكلية داخلية وخارجية تتمثل في الاختلال في ميزان المدفوعات والاختلال في الموازنة العامة للدولة ،إلى جانب وجود فجوة كبيرة بين كل من الادخار والاستثمار وبالتالي الإنتاج والاستهلاك.
    كذلك يمكن تلخيص أسباب البطالة فيما يلي:
    -         تدخل الدولة في السير العادي لعمل السوق الحرة وخاصة فيما يخص تدخلها لضمان حد أدنى للأجور، إذ أن تخفيض الأجور والضرائب هما الكفيلان بتشجيع الاستثمار و بالتالي خلق الثروات وفرص العمل.
    -         أشكال التعويض عن البطالة وقوانين العمل
    -         عزوف الرأسماليين عن الاستثمار إذ لم يؤدي الإنتاج إلى ربح كافي.
    -         التزايد السكاني.
    -         التزايد المستمر في استعمال الآلات وارتفاع الإنتاجية مما يستدعي خفض مدة العمل وتسريح العمال.
    -         بعد الأزمة الاقتصادية الكبرى التي ضربت النظام الرأسمالي في مطلع الثلاثينات ( أزمة 1929) وارتفاع عدد العاطلين عن العمل بشكل مهول ( 12 مليون عاطل في الولايات المتحدة- 6 ملايين في ألمانيا ) أرجع بعض علماء الاقتصاد أسباب البطالة إلى أخطاء بعض الرأسماليين الذين لا ينفقون بشكل كافي على الاستثمار .
    -         تعد البطالة قضية جوهرية سواء من ناحية اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية،وتعد معدلات البطالة مؤشرا اقتصاديا أساسيا في التعرف على أحوال الاقتصاد .ويدرس الاقتصاديون –في دول العالم الصناعي خاصة –البطالة للتعرف على أسبابها ولمساعدة الحكومة في تحسين سياساتها العامة المؤثرة على البطالة .
    من المهم أن يعرف أن هناك درجة من البطالة تعد طبيعية ،ولعل المثال التالي يسهل الفهم: لو افترضنا أن كل من يخرج من سوق العمل سيجد عملا،ولكن المسألة مسألة وقت ( أي إلى حين الحصول على وظيفة ظروفها هي الأقرب إلى رغبة العاطل ) ،فإن هذا يعني وجود بطالة طبيعية لا بد منها حتى ولو كانت الوظائف تكفي الجميع .ومن معنى البطالة الطبيعية اشتق الاقتصاديون معدل البطالة الطبيعي ،وهو ما يسمى أحيانا معدل البطالة التوازني على المدى البعيد أو معدل البطالة في حالة التشغيل الكامل ،أما من جهة الأسباب فإن البالة تحدث لأسباب مختلفة،فهناك موجات من الانتعاش والانكماش في الاقتصاد ، وهناك منازعات بين العمال وأصحاب العمل ،الخ إلا أنه جريا على عادة الاقتصاديين بوضع المسألة الاقتصادية في قالب نظري محدد يمكن من تحليله،واختباره قياسيا،واقتراح السياسات المناسبة له،فإن هناك أربع نظريات(اقتصادية) رئيسة للبطالة حاولت تفسير أو تعليل حدوث البطالة ،وسأعرضها بلغة بسيطة مختصرة غير فنية
    هناك من يرى أن سبب البطالة يرجع إلى اختلال التوازن في سوق العمل .الأجور (الرواتب) السائدة تعد أعلى من الأجور التي سيتوازن عندها السوق بحيث لا يبقى أحد بدون عمل.وفقا لأصحاب هذه النظرية، البطالة هي الثمن الذي لا بد وأن يدفعه المجتمع لقاء تدخله –من جانب الحكومة أو القطاع الخاص أو التجمعات العمالية – وعرقلته لسير النظام الاقتصادي الطبيعي القائم على أساس المنافسة الحرة.
    هناك فريق ثان يرى أن الأجور تميل إلى الجمود ،حتى مع وجود ركود اقتصادي .جمود الأجور يعني أن الأجور لا تتأقلم أو لا تتكيف التكيف الذي يجعل العرض مساويا للطلب في سوق العمل.
    فريق ثالث يرى أن البطالة تظهر بسبب عدم التعادل أو الانسجام في الأسواق، ونقص المعلومات مثلا هناك زيادة في الطلب على العمل في مناطق بعينها من الدولة ،وعلى مهن محددة تتطلب مهارات أعلى.وطلعا فإن من السياسات التي يوصي بها هؤلاء الاهتمام بقضايا التدريب وإعادة التوزيع المكانية.
    النظرية الأخيرة وهي نظرية ازدواجية سوق العمل، والتي ساعد على زيادة ظهورها تدخل الحكومات بتحسين أنظمة العمل لصالح العمال ،والتي تفاوتت استفادة العمال منها،تبعا لنوع وظروف عملهم .هذه الظروف- ما يرى بعض الاقتصاديين- يلخصها أن الاقتصاد ( الصناعي أو النامي) مكون من قطاعين قطاع أول يتميز بارتفاع الأجور فيه،واستقرار العمل،وظروف عمل جيدة بصفة عامة ،وبالمقابل هناك قطاع ثان يتصف بانخفاض أجور عماله ، وسهولة الاستغناء عن خدماتهم،وإجمالا فإن ظروف العمل أدنى من القطاع الأول.هناك صفة أساسية وهي أن انتقال العامل من القطاع الثاني إلى الأول صعب،بسبب أن التاريخي الوظيفي لا يشجع القطاع الأول على قبول الانتقال،وهذا يجعل أوضاع هؤلاء شبه ثابتة ،وقد لحظ ارتفاع نسبة العاملين في هذا القطاع المنتمية أصولهم إلى أعراق أو قوميات أو مناطق بعينها .
    السياسات التي يوصي بها أصحاب هذه النظرية أو الرؤية ينبغي أن تركز على إعادة البناء الاقتصادي ،بحيث يمكن خلق مزيد من الوظائف في القطاع الأول ،مصحوبة ببرامج تدريبية تؤهل للعمل في هذا القطاع ،ولذا فإن أصحاب هذه النظرية ينتقدون برامج التدريب الموجهة للعاطلين من القطاع الثاني ،حيث إنه يعطون برامج تدريبية تؤهلهم للعودة للقطاع نفسه ،وهذا لا يشجع على الانتقال من هذا القطاع .

    المطلب الثاني: الأسباب الغير اقتصادية للبطالة:
    هناك نسبة من البطالة مصدرها اجتماعي أو خارجي.أقصد بالاجتماعي أن هناك عزوفا عن مهن غير مقبولة اجتماعيا ،ولذا يعد الوضع الاجتماعي ( أو بتسمية أخرى الأعراف والتقاليد) سببا من أسباب البطالة ،هذه المهن التي لن يقبل علها عادة طالبو العمل ،حتى ولو كانت بأجور غير منخفضة لا تتحدث عنها ولا تحاول تفسيرها تلك النظريات الاقتصادية السابقة .البطالة الخارجية أو المستوردة غير تقليدية، ولذا لا تبحث عادة عند الحديث عن البطالة، وهي تعني أن هناك بطالة مصدرها استيراد اليد العاملة.
    المطلب الثالث: البطالة كظاهرة اجتماعية
    حينما نعرف البطالة، مظاهرة اجتماعية، عادة ما نربطها بمظاهرها السلبية الخطيرة كالإقصاء الاجتماعي والفقر والتهميش وهدر الطاقات والكفاءات، أو نركز على علاقاتها السببية بالجريمة والعنف والتطرف والإرهاب والانحرافات الشاذة وكل المظاهر الاجتماعية غير السليمة التي يمكن أن تحدث لو استفحلت الظاهرة ووصلت إلى الباب المسدود.
    لكن حينما نتأمل، في المقابل، التعامل الرسمي بكل مستوياته مع هذه المعضلة، سواء سلمنا بصعوبة معالجتها جذريا أو أرجعنا السبب في استفحالها لتراكمات طويلة المدى كان خلفها تعفن حكومي مستتب تلاه تخبط حكومي فاضح، سيصدمنا واقع الصمت والإنتظارية الشيء الذي يدعو إلى إمعان النظر في هذا النمط من التعامل "النعامي" وإلى إعادة التفكير والبحث عن مقارنة أخرى تبحث "جذريا" في فرضية "عبثية" قد تكون وراء تحول التعاطي مع البطالة من كونها مشكلة إلى كونها حل أي بعبارة أخرى استسلام الحكومات المتوالية إلى التعايش مع الظاهرة بالنظر إلى إيجابياتها من باب "رب ضارة نافعة"، وهي فرضية لا يضاهيها في العبثية والسخرية إلا تلك الحلول التي تجترح بين الفينة والأخرى على سبيل الترقيع والتجريب "تعلم الحجامة في رؤوس اليتامى" بالتعبير العامي.
    - أولا: العطالة وسوق العمل في ظل الاختلال الفاضح في ميزان العرض والطلب وفقدان التوازن في سوق العمل، أصبحت الطاقة الفائضة التي تبحث عن الشغل وتطلبه كبيرة للغاية لا يتسنى من ذلك أي نوع من أنواع العمل بدءا الحمالين الذين يبحثون عن جهدهم العضلي البسيط والانتهاء بأصحاب المهارات والمؤهلات والخبرات الحرفية والعلمية والثقافية.
    - ثانيا: العطالة وتنظيم النسل كما هو معروف كلما ارتفعت نسبة البطالة في مجتمع من المجتمعات إلا وانخفضت فيه نسبة الإقبال على الزواج خصوصا إذا كان هذا المجتمع مجتمعا عربيا إسلاميا تهيمن عليه الأنساق فالعلاقة السببية واضحة، لأن الشخص العاطل شخص ضعيف اقتصاديا، إن لم نقل معدما وبالتالي لا يمكنه أن يتحمل مسؤولية الزواج الاقتصادية بالشكل الذي ينص عليه الدين ويشرعه القانون وتستقر عليه التقاليد والعادات الاجتماعية الجاري بها العمل.
    ومع أن هذا الجانب من المشكلة يرتبط بمظاهر سلبية غاية في الخطورة كاستشراء الانحرافات الأخلاقية والفساد وارتفاع معدل العزوبية والعنوسة إلا أنه وفق المنظور الذي تحدثنا عنه سابقا يمكن أن يوجد في تلافيفه إيجابيات .
    فالعاطل والعاطلة آليتين إنجابيتين موقوفتين بسبب اقتصادي.وتوقفهما عن نشاط إنتاج البشر ليس شيئا هينا،إذا كان الوضع يتجاوز حالات خاصة إلى ظاهرة اجتماعية عامة تعد بالآلاف ومئات الآلاف،إذ أن فيه خدمة كبرى لمطلب عام طالما سعت وراءه منظمات دولية ألا وهو مطلب تنظيم النسل والحد من الإنجاب والتكاثر للتقليص من النمو الديمغرافي المتصاعد.
    وهكذا فتأخير مشروع الزواج وإلغاؤه ، كفعل ذي صبغة " طوعية" ذاتيا " إكراهية" موضوعيا بسبب البطالة المفروضة، يخدم هذا التوجه العام، كما أن تأثيراته تمتد إلى أبعاد أخرى، مع مرور الوقت، تشمل الانخفاض التدريجي في المطالب الاجتماعية كالسكن والصحة والتعليم...
    -  ثالثا: العطالة والهجرة والتحويلات : كمعطى اقتصادي اتجه الاقتصاد في السنين الأخيرة إلى الاعتماد بشكل كبير،إلى جانب عمليات الخوصصة المتتالية ، وهي مقطوعة ولا يمكن تكرارها،على عائدات الجالية المقيمة بالخارج من العملة الصعبة. وأصبح انتعاش مالية الدولة رهبن، في ظل الجفاف وتعثر السياحة، بمحصول السنة من تحويلات ومداخيل المهاجرين،أي أن الاقتصاد أصبح يقوم على استثمار الهجرة وعلى الاستفادة مما يمكن تسميته بـ" سياحة صلة الرحم" التي تنشط في كل موسم صيف .لذلك فإن اقتصادا من هذا القبيل سيهمه ولا شك أن يزداد ويتضاعف عدد المهاجرين باضطراد . وبما أن الحكومة لا يمكنها رسميا أن تنخرط في سياسة علنية  لتشجيع الهجرة الشرعية وغير الشرعية، فإنها تتطوع بتوفير الجو المناسب الذي يدفع للهجرة والتفكير فيها وذلك بخلق كل الشروط الضاغطة والطاردة داخليا وأولها بطبيعة الحال سياسة السلبية أمام ظاهرة عطالة الشباب وحرمانهم من حق العمل والعيش الكريم.
    إذن فكل عاطل زائد في حسابات من يرى الأسود أبيضا ومن يرى العطالة حلا، هو مهاجر ممكن وعملة صعبة ممكنة.

    الفصل الثاني : الأزمة المالية وعلاقتها بالبطالة
    تشير التجربة الاقتصادية إلى فشل الحكومات ، وبدرجات مختلفة ، في تطبيق إستراتيجية وسياسات اقتصادية قادرة على بناء اقتصاد قادر على تأمين النمو الاقتصادي المتواصل،الذي يؤمن فرص التشغيل المنتج، والقادر على تعزيز المنافسة وتمويل مشاريع البنية الأساسية والمرافق والخدمات العامة .
    وقد أسهم هذا الفشل في استفحال المشاكل السياسية والاجتماعية،وفي مقدمتها مشكلة الارتفاع الكبير في معدلات البطالة وبفعل تراكم الأخطاء الإخفاقات أصبح أكثر من نصف شباب عاطلون عن العمل، في حين لا تتجاوز مشاركة المرأة في القوة العاملة 19 %، وهذه البطالة في معظمها بطالة هيكلة ناجمة عن توقف قطاعات الإنتاج الرئيسية وبخاصة قطاع الزراعة والصناعة التحويلية ومعظم الأنشطة الخدمية من ناحية والتحول في أنماط الطلب على القوى العاملة في سوق العمل من ثانية ،فضل عن دور العامل الموضوعي المرتبط بطبيعة سوق العمل التي تتطور بسرعة أكبر من التطور في نظام التعليم والتدريب وما سيترتب على ذلك التطور من اختلال العلاقة بين الشروط المطلوبة في سوق العمل والمؤهلات المعروضة من مخرجات النظام التعليمي.
    رد على ذلك من الناحية الاجتماعية البطالة من أهم المشكلات والتحديات التي تواجه مجتمعاتنا،لأنها معطلة للطاقات والآمال .
    والبطالة مشتقة من مادة الباطل ، ومما يجرى على ألسنة العامة " اليد البطالة نجسة" والعاطل ليس هو العاطل عن العمل فحسب ،بل إنه هو العاطل عن الفكر والنظر..والبطالة عطل أصاب المجتمع في مقتل،لأن العاطلين عن العمل يكونون بمثابة الأعضاء المشلولة التي لا يصل الدم إليها ،ولا تتجاوب مع المخ الذي يسير جميع الأعضاء وينظم حركتها.... ومن البطالة يتولد الهم والفقر والذل والحقد و الحسد ،والجريمة بكل أنواعها ،خاصة الاغتصاب وإدمان المخدرات ،كما تسبب الخروج على قوانين المجتمع وأعرافه والعداء للقيم والأخلاق .
    يقول د. محمد أبو ليلة إن البطالة تذهب بعقول الشباب وفكرهم في أحسن مراحل حياتهم، وتطفئ من عيونهم نور الأمل ،وتقتل لديهم الرغبة في العمل والتفاعل مع المجتمع،لأن العضو الذي لا يعمل يصاب بالشلل، ومن ثم يضمر ،فيصير عبئا ثقيلا على حامله ، سواء أكان حامله الجسم أم المجتمع .. إن العاطل يشعر بفراغ ،ويبحث دائما عما يملؤه دون تمييز –غالبا- بين السم أو الترياق الداخل  في جوفه ....وإذا كانت البطالة مشكلة عالمية اليوم،فإن آثارها السيئة والضارة أفظع في بلادنا ،وذلك لأن التخلف وسوء التنظيم ،وسوء الإدارة ،والجشع،والأنانية،والاستغلال...
    وبغض النظر عما تعلنه بعض الحكومات من أرقام غير حقيقية عن نسبة البطالة، خلافا لما يعلنه البنك الدولي من إحصائيات، فإن هذه القضية تتطلب منا الوقوف وبحزم عندها، لأن الأمر جد خطير...فالبطالة قنبلة موقوتة، إذا لم يعالجها القائمون على الأمر بجدية ومنهجية، فإنها ستنفجر وتدمر، وتزيدنا تخلفا على تخلفنا، ووهنا على وهننا، وتعرى بنا الطامعين فينا.
    من المظاهر السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية التي تنعكس مباشرة على نمط عيش الأفراد وظروفهم الاجتماعية هي لجوء الشركات إلى تسريح الموظفين وفصلهم عن عملهم وتفاقم نسبة البطالة في العالم. ومنذ أواسط عام 2008 وإلى بداية العام 2009 قامت عدة شركات رائدة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصال بوضع خطط تأهيل لشطب مواطن عمل وتسريح البعض من موظفيها .وبصفة إجمالية ،فإن مواطن الشغل التي تقرر الاستغناء عنها في هذا القطاع قد فاق عددها 174 ألف في العالم ،فقررت شركة ميكروسوفت ،مثلا،ولأول مرة منذ إحداثها سنة 1975 تقليص 5000 وظيفة على مدار الشهور القادمة (18 شهرا) من بينها 1400 وظيفة قد تم إلغاؤها فعلا في بداية الشهر الحالي .
    وكانت منظمة العمل الدولية قد حذرت ،مؤخرا ، من أن الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة قد تؤدي إلى انعكاسات سلبية وخطيرة على الأمن الوظيفي العالمي، حيث يتوقع أن تتسبب في ارتفاع عدد العاطلين عن العمل إلى ما يزيد على 230 مليون شخص.
    وأشارت إلى أن نتائج استعراضها السنوي للعمالة العالمية تتوقع بأن يبلغ عدد العاطلين، خلال سنة 2009، حوالي 198 مليون شخص.
    أما بخصوص الشركات المتخصصة في صنع وترويج الحواسيب الشخصية فإن الدراسة التي أعدها مكتب " قارتنار" ( Gartner) هذه الأيام، تشير إلى أن مبيعات الحواسيب الشخصية في الربع الأخير من عام 2008 عرفت أقل نسبة نمو منذ سنة 2002 حيث لم تتعد هذه النسبة 1.1% في حين أنها  كانت لا تقل عن 15 % في نفس الفترة من السنة الماضية ،وقد سارعت الشركات الأربع الأولى عالميا في هذا المجال وهي الأمريكيتين " هيولات باكارد" و " دل" والتايرانية " آسير" والصينية " لونوفز" باتخاذ إجراءات وقائية للحد من تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية على نمو مبيعاتها .
    تسريح الموظفين وارتفاع نسبة البطالة
    ستؤثر الأزمة المالية العالمية بدون شك، حسب رأي الأخصائيين ،على النمو الاقتصادي لبضع سنوات في كل المجالات وبالنسبة لكل دول العالم . ولكن وقعها سوف يكون مضاعفا بالنسبة لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصال في الدول الصاعدة،على غرار الهند والصين وتونس وماليزيا والبرازيل ،لأن هذه الأخيرة راهنت على هذا القطاع لتحقيق نسب نمو مرتفعة في اقتصاداتها وتوفير أكبر عدد من فرص العمل في سوق شغلها .وكان " عظيم بريمجي " azim Premji   رئيس شركة " ويبرر" الهندية العملاقة .
    في تطوير البرمجيات ،قد صرح في هذا الشأن في منتدى " دافوس" الأخير ،بأنه إذا توقف النمو في قطاع تكنولوجيا المعلومات في الهند،على سبيل المثال ،فإن مليونين ونصف مليون فرصة عمل تتولد في السوق الهندية ستختفي .
    تجاوزت أمواج الأزمة المالية العالمية البورصات والتعاملات النقدية لتصل إلى الاقتصاد الحقيق،وبدأت آثارها تظهر جلية في الحياة اليومية للناس .
    ومن مظاهرها أن الملايين من العاملين عبر العالم وجدوا أنفسهم ضحية لهذه الأزمة التي أجبرت المؤسسات المشغلة لهم على التضحية بهم ،وتسريحهم للحفاظ على توازناتها وتفادي الانهيار .
    حجم الظاهرة جعل رئيس البنك الدولي روبرت زوليك يحذر من تحول الأزمة الراهنة إلى أزمة بطالة بكافة أنحاء العالم ،مؤكدا أن البطالة ستزيد من تفاقم أزمتي الغذاء والوقود مما قد يؤدي لتدهور الأوضاع الإنسانية .
    وبدورها توقعت منظمة العمل الدولية أن يصل عدد الذين ليس لهم عمل في العالم خلال عام 2009 إلى عشرين مليونا،وأن يتزايد أيضا عدد العمال الفقراء الذين يعيشون بأقل من دولارين يوميا .
    ونوجز هنا باختصار على سبيل المثال لا الحصر الأزمة الأمريكية المالية حديثا وتأثيرها دوليا .
         أزمة أميركية :
    وكما انطلقت أزمة الأسواق المالية من الولايات المتحدة، بدأت تلوح منها أيضا ملامح أزمة بطالة عالمية خانقة، فقد تحدثت تقارير حديثة عن أن العدد الكامل للوظائف التي فقدت هذا العام هناك يقترب من مليوني وظيفة.
    كما أعلنت وزارة العمل بلوغ إجمالي العاطلين نهاية أكتوبر / تشرين الأول 10.1 ملايين شخص  إضافة إلى أن 540 ألفا تقدموا بطلبات للحصول على إعانة بطالة الأسبوع الماضي فقط ،وهو ما يمثل أعلى رقم منذ 18 عاما .
    وتفيض التقارير أن معدل البطالة بالولايات المتحدة يصل حاليا 6.5 % وهو الأعلى منذ 14 عاما ، متوقعة أن يرتفع هذا المعدل إلى 8.5 % عام 2009 .
    أرقام مخيفة ولا شك دفعت الرئيس المنتخب باراك أوباما إلى الإعلان أنه سوف يوقع خطة إنعاش اقتصادي – بعد توليه مهام منصبه يوم 20 يناير / كانون الثاني المقبل – ترمي لإيجاد 2.5 مليون وظيفة خلال عامين
         امتداد أوربي :
    وبما أن أي نزلة برد تصيب الاقتصاد الأمريكي تجعل الاقتصاد العالمي يعطس ،فإن معدل البطالة بالاتحاد الأوربي ارتفع في سبتمبر / أيلول الماضي إلى 7%.
    وكشف استطلاع للرأي شمل 15 قطاعا اقتصاديا حيويا بألمانيا أن نحو 215 ألف وظيفة مهددة بالإلغاء خلال العام المقبل بسبب تداعيات الأزمة المالية .
    وفي بريطانيا ارتفع معدل إلى 5.7""% مقابل 2.5 % بالربع الأول من العام ، وقال مكتب الإحصاء الوطني إن عدد العاطلين تزايد بشكل حاد بالربع الثاني من 2008 ليصل 1.79 مليون عاطل.
    ويتوقع اقتصاديون أن يتفاقم التدهور بسوق العمل هناك ليصل معدل البطالة إلى 7.9% بالربع الأول من عام 2010 .
    العالم العربي:
    وعلى المستوى العربي قدرت منظمة العمل العربية مؤشرات البطالة بين الشباب العرب بنحو
    40 % ووصف التقرير العربي الأول للتشغيل والبطالة الصادر عن المنظمة وضع البطالة العربية بأنه الأسوأ عالميا بسبب تجاوزها معدل 14 % و الجدول التالي يبين بعض الإحصائيات حول نسب البطالة في 3 دول عربية:

    2004
    2005
    2006
    2007
    2008
    الجزائـــر
    17.7
    15.3
    12.3
    13.8
    11.8
    تونـــس
    13.9
    14.2
    15.6
    14.1
    ----
    المغــرب
    10.4
    11.1
    8.9
    9.8
    9.6
       المصدر: الديوان الوطني للإحصائيات
    كما حذر مؤتمر المستثمرين ورجال الأعمال العرب الذي انعقد مؤخرا بالعاصمة اللبنانية بيروت من ارتفاع نسبة البطالة بالعالم العربي خصوصا وأن نصف سكانه يعيشون على أقل من دولارين يوميا ،وفقا لدراسة أعدتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا .
    أما المنتدى العربي للتنمية والتشغيل الذي أنهى الأسبوع الماضي أشغاله بالدوحة، فقد أعلن اعتماد الفترة بين عامي 2010 -2020 عقدا عربيا للتشغيل، وتخفيض معدل البطالة تجميع الدول العربية بمقدار النصف.
    المبحث الأول:الآثار المترتبة عن البطالة  
    أولا : الآثار الاقتصادية للبطالة :
    أ‌-   إن للبطالة تأثيرا واضحا على حجم الدخل وعلى توزيعه ويتمثل التأثير على حجم الدخل من التغير في الناتج المحلي أما تأثيره على توزيع الدخل فيتمثل في أن تغيير مستوى التشغيل وذلك من شأنه أن يؤدي إلى تغير مستوى الأجور في نفس الاتجاه .
    ب‌-  أيضا هناك آثار غير مباشرة تتمثل في التأثير على الاستهلاك والتأثير على الصادرات والواردات.
    ج- ضعف القوى الشرائية تدريجيا بالسوق الداخلي مما يؤدي إلى تأثر عملية العرض والطلب بالسوق .
    ثانيا : الآثار الاجتماعية للبطالة :
    1-     الجريمة و الانحراف:
    إن عدم حصول الشاب على الأجر المناسب للمعيشة أو لتحقيق الذات فبالتالي يلجأ إلى الانحراف أو السرقة أو النصب والاحتيال لكي يستطيع أن يحقق ما يريده سواء المال أو ذاته .
    2-     التطرف والعنف:
    نجد أن البعض من الشباب يلجأ إلى العنف والتطرف لأنه لا يجد لنفسه هدفا محددا وأيضا كونه  ضعيفا بالنسبة لتلك الجماعات المتطرفة فبالتالي تكون هذه الجماعات مصيدة لهؤلاء الشباب.
    3-     تعاطي المخدرات :
    ونجد أن هناك منهم من يجد أن الحل في تعاطي المخدرات لأنها تبعده عن التفكير في مشكلة عدم وجود العمل وبالتالي توصل الفرد إلى الجريمة والانحراف
    4-     الشعور بعدم الانتماء (ضعف الانتماء ) :
    وهو شعور الشاب بعدم الانتماء إلى البلد الذي يعيش فيه لأنها لا تستطيع أن تحقق له أو توفر له مصدرا للعمل وبالتالي ينتمي الشاب إلى أي مجتمع آخر يستطيع أن يوفر له فرصة عمل.
    5-     الهجرة:
    بعض الشباب يجدوا أن الهجرة إلى بلاد أخرى هي حل لمشكلة عدم الحصول على عمل وأن العمل في بلد آخر هو الحل الأمثل
    6-     التفكك الأسري:
    ويكون السبب الرئيسي لهذا التفكك هو عدم الحصول على فرصة عمل وبالتالي تحدث كل هذه الأبعاد السابقة والتي تزيد من المشكلات الأسرية وكلها ناتجة عن المشكلة الرئيسية وهي البطالة.
    المطلب الأول: تأثير التبادل بين البطالة والنمو:
    إن محاولة فهم كيفية التأثير على البطالة يجب أن ينطلق من فهم طبيعة العلاقة مع المتغيرات الاقتصادية الأخرى كالنمو ،الاستثمار ،معدل الأجور ونسبة التضخم ،وبما أن العوامل السابقة تتداخل فيما بينها وترتبط كلها بالتغيرات الحاصلة في البنية الاقتصادية ،فإن تحليل التغيير ينطلق أساسا من ربط البطالة بالتغير الحاصل في قدرات الاقتصاد على التغير أي مع النمو الاقتصادي باعتباره أهم مقياس لتغيير الاقتصادي الكمي ،ولهذا تعتبر السياسات الاقتصادية الداعمة لنمو هي نفسها سياسات القضاء على البطالة في نظر البعض،غير أن التحليل الاقتصادي عن طريق المقاربة القياسية يبين العلاقة بين البطالة والنمو تتغير وفق عدة عوامل قد تعتبر في بعض الاقتصاديات من العوامل الخاصة .
    ولذلك يبدو أن ربط بين النمو والبطالة يبدو غير دقيق لو اعتمدنا التحليل القياسي الخاص بكل اقتصاد .كما يمكن استنتاج أيضا أن تصور أن السياسات الاقتصادية الداعمة لنمو ليست هي نفسها سياسات القضاء على البطالة ،وهو ما نسعى لتوضيحه في هذه المداخلة .
    المطلب الثاني: العلاقة بين النمو الاقتصادي والبطالة  
    يبدو الاتجاه العام في هذه العلاقة هو اعتبار أن هناك ارتباط كبير بين ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي وانخفاض نسب البطالة، و تظهر علاقة معدلات النمو الاقتصادي والبطالة من خلال التبسيط التالي:
    وتتحدد نسبة ارتفاع معدل النمو الاقتصادي بطبيعة السياسة الاقتصادية المعتمدة ، حيث يركز التحليل الكيتري على سياسة الإنعاش عن طريق الطلب وهو اعتقاد السائد غالبا لدى معظم الاقتصاديين،حيث ينطلقون من اعتبار أن البطالة سوف تنخفض تلقائيا إذا ارتفعت معدلات النمو الاقتصادي بينما يركز اتجاه آخر أكثر ليبرالية على العرض من خلال دعم ربحية ومردودية المشاريع
    غير أن الملاحظ أن هناك ترابط كبير بين النمو وتغيير نسب البطالة ،فمعدلات نمو مرتفعة تدل على حاجة الاقتصاد إلى يد عاملة إضافية يتم توظيفها من فائض سوق العمل المتكون في الفترات السابقة ،وفي المقابل تدل حالة الركود الذي عادة ما يتوافق مع نسب نمو منخفضة أو سلبية على زيادة نسب البطالة بفعل فقدان مناصب العمل .بينما يؤدي تباطؤ الاقتصاد إلى انخفاض في خلق مناصب العمل الجديدة تقل عن المستوى الطبيعي الذي يفترض أن تبدأ عنده البطالة في الانخفاض .هذا الأمر يعتبر طبيعيا في التحليل النظري للعلاقة بين النمو وتغير نسبة البطالة ، غير أن ما يحد من قيمة هذا التحليل هو عدم وجود تناسب بين معدلات النمو ونسب البطالة ،فارتفاع النمو الاقتصادي بنسبة 2 % لا يؤدي بضرورة إلى انخفاض في نسبة البطالة بـ 2%.
    نسبية تأثير النمو على البطالة :
    هذا الاختلاف في طبيعة النمو المحقق وأثره على البطالة هو الذي يجعل السياسات الاقتصادية في البلدان النامية تفشل في الحد من نسب البطالة رغم تحقيق معدلات نمو نوعا ما مرتفعة ،ولعل هذا الأمر هو ما يجعل ظاهرة تخفيض نسب البطالة تعاني نوع من القصور النظري على الأقل من خلال سياسات دعم النمو الاقتصادي التي يفترض بها أن تؤدي إلى تخفيض نسب البطالة.
    فالنمو الاقتصادي تغير كمي يمكن أن يحدث في اتجاهين ،أحدهما مرتبط بزيادة إنتاجية العمل والذي عادة لا يؤدي إلى خلق فرص عمل إضافية باعتبارها ناتج عن تحسن الأداء الإنتاجي لدى العمال الموجودين أصلا ،وهذا النوع من النمو لا يتوافق عادة مع تخفيض كبير في نسب البطالة .والاتجاه الآخر مرتبط بزيادة كمية في عرض العمل أي خلق مناصب عمل إضافية تؤدي إلى تخفيض في نسبة البطالة حسب طبيعة النمو المحقق .
    فالنمو المرتبط بزيادة الإنتاجية لا يمكن أن يؤدي إلى تخفيض البطالة بنسب كبيرة ،وهذا ما يخلق نوع من عدم التجانس في السياسة الاقتصادية ،بحيث يتم البحث عن هدفين متناقضين في نفس الوقت ، هما زيادة الإنتاجية وتخفيض نسبة البطالة ،فارتفاع إنتاجية العمل يؤدي إلى زيادة  القدرات الإنتاجية للاقتصاد دون الحاجة إلى توظيف يد عاملة إضافية ،غير أن الزيادة الطبيعية في عدد الوافدين الجدد لسوق العمل ضغط تشكل ضغط كبير على قدرة الاقتصاد على امتصاص هذه الزيادة .
    هذه التناقضات في مجال تصور العلاقة بين النمو والبطالة تنعكس على تصور السياسة الاقتصادية المتبعة ، هل هي للتخفيض البطالة أم لتحفيز النمو ؟ وهل العلاقة المباشرة بين زيادة النمو وانخفاض البطالة تعني بالضرورة أنه لا فرق بين سياسة دعم النمو وتلك الموجهة للقضاء على البطالة ؟
    ولعل القصور في تصور العلاقة بين النمو وانخفاض البطالة واعتبار أن النمو مهما كانت طبيعته ومصدره يؤدي إلى تخفيض البطالة، يشكل أحد أكبر النقائص في تصور السياسات الملائمة للقضاء على البطالة ؟.
        هذا من الجانب الاقتصادي كذلك نذكر أهمية التدريب المهني في مناهج التعليم الصناعي الثانوي وفي الكليات الجامعية التي لها علاقة بالصناعة والعمل، علي أن يكون التدريب لمهن يحتاج إليها المجتمع، وتكون لصناعات تحتاج إليها السوق، وذلك لأن مجرد التعليم النظري لا يكفي.
    المطلب الثالث: الحلول المقترحة لمشكلة البطالة
    1-     توفير فرص العمالة المنتجة وخفض البطالة الظاهرة منها والمقنعة .
    2-     تلبية الحاجات الأساسية المتطورة للعاملين
    3-     تحقيق مشاركة شعبية واسعة في مسيرة التنمية
    4-     إقامة نظام اقتصادي عربي جديد يتسم بالتكامل المحقق للتنمية الشاملة
    5-     تحديث العوامل المؤثرة في تنمية القوى العاملة
    6-     ترتيب الأولويات من حيث تطوير التعليم والتدريب المناسب لاحتياجات السوق
    7-     رفع الكفاءة الإنتاجية للعامل
    8-     إعادة النظر في سياسة التعليم ونظم القبول وبصفة خاصة في الكليات الجامعية وفي المدارس الثانوية بأنواعها لتصحيح مسار الطلاب وتوجيههم للمجالات التي تعاني من نقص في القوى العاملة.
    9-     تصميم برامج لمساعدة الشباب على إنشاء مشروعات صغيرة وتعليم الشباب كيفية إدارتها وحل مشاكلها وتسويقها.
    10-   إنشاء مزارع في الصحراء للشباب
    11-   تشجيع الأفراد على إنشاء المشروعات الخاصة بالإنتاج الحيواني مثل ( تربية الماشية أو الدواجن أو الصناعات التابعة لها ).
    12-        إعداد برامج تدريب خاصة لبعض خريجي الجامعات للمساهمة في تقديم الخدمات العامة.
    13-        الاهتمام بالصناعات الصغيرة والتي تقوم على المنتجات البيئية لأغراض التصدير.
    14-        توفير مصادر التمويل اللازمة لإقامة تلك الصناعات .
    15-        تبسيط الإجراءات الخاصة بالحصول على القروض الميسرة وتقليل الفائدة على هذه القروض
    16-        إعداد مراكز التدريب لتقدم للشباب تدريبيا مجانيا سريعا على أن يكون مرتبطا باحتياجات السوق
    17-        المساعدة في تسويق منتجات الصناعات الصغيرة والتخفيف من أعباء التسويق
    18-   المساهمة في توفير فرص عمل للشباب وذلك من خلال تخفيض سن التقاعد.
    19-        توفير فرص للتدريب العملي للشباب بقطاعات مختلفة بالدولة خاصة طلاب الجامعات.
    20-        الاهتمام بالعنصر التكنولوجي والاستفادة به في تدريب الشباب .
    21-        إعادة الاتساق بين نظام التعليم والتدريب والاحتياجات المستقبلية من العمالة،عن طريق تخطيط سليم للقوى العاملة في المجتمع .
    22-        يجب العمل على إيجاد نظام للتأمين ضد البطالة.

    الخاتمة :
    رأينا أن البطالة في الدول العربية تتصدر قائمة المشاكل ، حيث أصبحت من القضايا الملحة لما لها من أبعاد سلبية خطيرة ، وأن ارتباط هده الدول بالأسواق الخارجية و المؤسسات الدولية سيزيد المشكلة خطورة، دلك أن الدول المتطورة نفسها تحاول حل هذه المشكلة عن طريق تدخلها المباشر من أجل حماية مؤسساتها و منتجاتها ، وفى المقابل تطلب من الدول العربية إلغاء الحواجز و الدعم و التخلي عن نظم الحماية و هو ما يكرس أكثر التبعية و التخلف و لهدا يجب على هده الدول إتباع إستراتيجية ترتكز على تجنيد الطاقات الوطنية ، الجهوية لدعم جهازها  الإنتاجي و تطوير أدائه ، ولن يحدث هدا إلا من خلال فكر واع و إدارة و نظام رشيد يمكن من إعادة الاعتبار لقيم الفكر و العمل .


    الهوامش:

    يعرف Gurr العنف السياسي بأنه [كل الهجمات داخل المجموعة السياسية والموجهة ضد النظام السياسي، وفوا عله – بما في ذلك الجماعات السياسية المتنافسة بالإضافة إلى أصحاب المناصب – أو سياساته ].

    (2) كانت أول عملية عنف قد سجلت في مدينة [بليداء] مسقط رأس الشيخ محفوظ نحناح رئيس حركة المجتمع الإسلامي (حماس) قام بها أنصار الشيخ نحناح فاتحين بذلك الطريق لتغيير شكل المعارضة وأسلوبها من الأسلوب السلمي إلى أسلوب العنف

    (3) بعد وفاة الرئيس هواري بومدين كانت التوقعات ترشح كل من صالح اليحياوي وعبدالعزيز بوتفليقة لخلافته في الحكم، إلا أن المؤسسة العسكرية تدخلت وفرضت عنصراً أضعف لكي تتمكن من فرض هيمنتها وسيطرتها على السلطة السياسية في الدولة، وقد ورد ذلك في خطاب استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد، حيث بين أنه خضع لإرادة قادة القوات المسلحة في استلام السلطة

    (4) كانت أول عملية عسكرية كبيرة قامت بها إحدى الجماعات المتضررة من الأوضاع الاقتصادية ضد الجيش الجزائري في قمار بالجنوب الجزائري تشتمل على طبيب عاطل عن العمل.

    (5) كانت القوى الإسلامية البارزة آنذاك هي: الجبهة الإسلامية للإنقاذ ويرأسها د. عباسي مدني، وحركة المجتمع الإسلامي ويرأسها الشيخ محفوظ نحناح، وحركة النهضة الإسلامية والتي أسسها ويرأسها الشيخ عبدالله جاب الله.

    (6) تقول المصادر المقربة من الرئاسة أن الجيش قد أجبر الرئيس على الاستقالة، حيث اجتمع حوالي 180 ضابطاً من القوات المسلحة وبتواطئ مع الوزير الأول سيد احمد غزالي وأجبروا الرئيس على الاستقالة. (انظر حول هذا الأمر، (قواص 1998:123)، ( حيدوسي، 1997:173)

    (7) يقصد بالشرعية التاريخية الثورية، شرعية النظام السياسي الذي جاهد وحارب الاستعمار الفرنسي حتى حصلت الجزائر على الاستقلال، وبذلك اكتسب النظام السياسي وعناصره شرعية الحكم.

    (8) ) محمد بوضياف أحد رجالات الثورة التاريخيين، يمتلك شرعية تاريخية لكونه كان واحداً من "مجموعة الـ 22" التي أطلقت انتفاضة الأول من نوفمبر 1954م. نفي إلى فرنسا بعد أزمة صيف 1922م، ثم حكم عليه بالإعدام في عام 1962 في عهد الرئيس احمد بن بيلا، وانتقل بعد ذلك إلى المغرب. ولذلك فإن اختياره من قبل المؤسسة العسكرية كرئيس لمجلس الرئاسة، هو إعطاء المجلس الذي كونته المؤسسة العسكرية الشرعية الضرورية لحكم البلاد.

    (9) بعد استقالة ابن جديد تم استحداث المجلس الأعلى للدولة تحت مبرر دستوري هو استكمال مدة الرئيس السابق الشاذلي بن جديد التي كان قد تبقى منها سنتان، ويضم المجلس بالإضافة إلى بوضياف كل من:
    (1) خالد نزار: وزير الدفاع (2) تيجاني هدام: شخصية إسلامية (3) علي هارون: دكتور في الحقوق ووزير دولة سابق لحقوق الإنسان (4) علي كافي: من قادة جبهة التحرير الوطني الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين.

    (10) بالرغم من أن المدة الزمنية التي حكم فيها بوضياف الجزائر كانت فترة قصيرة جداً إلا أن النظام السياسي قد مارس في تلك المدة أشد أعمال العنف، حيث أن الجزائر لم تشهد قط قمعاً بلغ هذا العنف أو انتهاكاً صريحاً لحقوق الإنسان كما حدث أثناء حكم بوضياف. فقد شهدت هذه الفترة اعتقال ما بين 5 إلى 6 آلاف من أنصار جبهة الإنقاذ (أنظر ميتكيس، 1993:49).

    (11 فرضت المؤسسة العسكرية الاستقالة على الرئيس الشاذلي بن جديد. أما محمد بوضياف فقد تمت تصفيته في ظروف مازالت غامضة. الرئيس الأمين زروال تمت مضايقته وفرض الضغوط عليه حتى أعلن استقالته ولم تنته بعد مدة رئاسته

    (12) التيار الاستئصالي في المؤسسة العسكري هي عناصر قيادية في المؤسسة العسكرية الجزائرية تعتبر الامتداد الاستراتيجي لسياسة فرنسا في الجزائر.

    (13) أمضى منها الشيخ نحناح خمسة أعوام في السجن وأفرج عنه في سنة 1981 في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد.

    (14) نقصد بالقيادة العسكرية كبار الضباط في المؤسسة العسكرية. ففي الأزمات التي تواجه النظام يجتمع كبار الضباط في المؤسسة لاتخاذ موقف موحد ضد من يهدد الامتيازات السياسية والاجتماعية التي حققتها المؤسسة العسكرية، ويكون هذا الاجتماع مقصوراً على: رئيس هيئة الأركان، رؤساء الأجهزة المركزية في وزارة الدفاع، رؤساء المناطق العسكرية، رئيس الدرك، ورئيس جهاز الأمن العسكري.

    (15) وكان ذلك واضحاً من خلال سلوك المؤسسة العسكرية، حيث نجد أنها أقالت الرئيس الشاذلي بن جديد، وهي متهمة بتصفية الرئيس محمد بوضياف، وأخيراً من خلال مجموعة من الضغوط أجبرت الرئيس الأمين زروال على الاستقالة قبل نهاية ولايته. ( المديني. 1998 : 96)

    (16) مثل الجناح السياسي للجبهة، الجيش الإسلامي للإنقاذ، والجماعة الإسلامية المسلحة.



    مراجع البحث
    المراجع العربية:
    I. س كوهان
    1979 مقدمة في نظريات الثورة. (ترجمة فاروق عبد القادر) بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
    إبراهيم البيومي غانم
    1992) الحركة الإسلامية في الجزائر وأزمة الديموقراطية القاهرة: أمة برس للإعلام والنشر.
    أحمد مهابة
    (أ) (1994) "الجزائر تحت المجهر الأمريكي-الفرنسي." السياسية الدولية (118):112-30
    أحمد مهابة
    (ب) (1994) "الجزائر بين مأزق العنف والحوار." السياسة الدولية، 116 :173-178
    توفيق المديني
    1998 "الجزائر: صراع العسكر والرئاسة." شـؤون الأوسط. 76 :95-100
    ثناء فؤاد عبد الله
    1989 "أبعاد التغيير السياسي والاقتصادي في الجزائر." السياسة الدولية 95 :186-193
    حسـن عواد
    1998 "استقال زروال أم أقالوه؟" الوسـط 347 (21 أغسطس) :10-12
    خليفة أدهم
    1992 "خريطة حركات الإسلام السياسي في الجزائر." السياسة الدولية 107 :218-222
    عبد الكريم أبو النصر
    1997 "سقوط الرهان الكبير: لماذا فشلت الحركة الإسلامية في إقامة جمهوريتها في الجزائر." الوطن العربي 1066 (أغسطس)
    عز الدين شكري
    1989 "الجزائر: عملية التحول لتعدد الأحزاب." السياسة الدولية 98 :153-157
    العياشي عنصر
    1995 "سوسيولوجيا الأزمة الراهنة في الجزائر." المستقبل العربي 191 : 83-94
    علي الكنز وعبدالناصر جابي
    1996 "الجزائرفي البحث عن كتلة اجتماعية جديدة." في الأزمة الجزائرية: الخلفيات السياسية والاجتماعية والاقتصاديةوالثقافية. مركز دراسات الوحدة العربية.
    غازي حيدوسي
    1997 الجزائر التحرير الناقص. بيروت: دار الطليعة.
    فهمي هويدي
    1998 الشرق الأوسط. 7272 (26 أكتوبر)
    متروك هايس الفالح
    1991 "نظريات العنف والثورة: دراسة تحليلية تقويمية." القاهرة: جامعة القاهرة، مركز البحوث والدراسات السياسية. سلسلة بحوث سياسية.
    محمد سعد أبو عامود
    1993 "الإسلاميون والعنف المسلح في الجزائر." السياسة الدولية 113 : 113-125
    محمد قواص
    1998 غزوة الإنقاذ: معركة الإسلام السياسي في الجزائر. بيروت: دار الجديد.
    مركز الدراسات والأبحاث
    1992 الجزائر إلى أين؟ 1830-1992 الرياض، دار الشواف للنشر.
    مكحل غسـان
    2000 "هل تتجه الجزائر لانتخابات رئاسية مبكرة؟ جريدة السفير. لبنان.
    مصطفى عمر التير
    1993 "العدوان والعنف والتطرف." المجلة العربية للدراسات الأمنية الرياض.:39-57
    منعم العمار
    1996 "الجزائر والتعددية المكلفة. (الفصل الثاني) في سليمان الرياشي [محرر]. الأزمة الجزائرية: الخلفيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية.
    نبيل عبد الفتاح
    1992 "الأزمة السياسية في الجزائر: المكونات والصراعات والمسارات." السياسة الدولية 108 :188-204
    هدى ميتكيس
    1993 "توازنات القوى وإشكاليات الصراع في الجزائر." المستقبل العربي 172 :24-55
    يحي أبو زكريا
    1998 "صعود التيار البربري في الجزائر." شؤون الأوسـط 76 :95-103




    المراجع الأجنبيـة:
    Davis, James C.
    1962 “Toward a Theory of Revolution.” American Sociological Review 27 (1)

    Feierabent, Ivo K. and Rosalind
    1972 “Systemic-Conditions of political Assassin: An Application of Frustration-Aggression Theory” In I. K., R. L. Feierabend and Ted Gurr (eds) Anger, Violence and politics. Englewood Cliffs, N.J.: Prentice Hall, Inc.

    Gurr, Ted
    1970 Why Men Rebel. Princeton: Princeton University Press.

    Johnson, Chalmers
    1976 Revolutionary Change. (Boston: Little, Brown & Company.

    Marx, Karl
    1978 “A contribution to the Critique of Political Economy.” In Marx and Engels. The Socialist Revolution. Moscow: Progress Publishers.

    Tilly, Charles
    1975 “Revolution and Collective Violence”, In Fred I. Greenstein and Nelson w. Polspy (eds) Handbook of Political science: Macro-Political Theory (3) Reading Mass.: Addison-Wesley Publishing Company.