الحكم الراشد ومشكلة بناء قدرات الإدارة المحلية في الجزائر
مقدمة:
شهدت السنوات الماضية اهتماما متزايدا بموضوع الإدارة المحلية. وقد جاء هذا الإهتمام في إطار الإتجاه إلى توسيع نطاق مشاركة المواطنين ودورهم في عملية الحكم Governance وتقليص أدوار الدولة ومنح القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني دورا أكبر في عملية التنمية. وقد عبرت عن ذلك الاهتمام تقارير البنك الدولي عن التنمية في العالم تحت العديد من العناوين مثل "جعل الدولة أكثر قربا من الناس"، و"التحول إلى المحليات"، و"تحقيق اللامركزية وإعادة التفكير". لذا فإن الإدارة المحلية تحتل مركزا هاما في نظام الحكم الداخلي، كما تقوم بدور فعال في التنمية الوطنية، وتتميز بأنها إدارة قريبة من المواطنين نابعة من صميم الشعب.
ولأن الإدارة المحلية نابعة من صميم الشعب فهي وحدها التي تستطيع تأكيد وحدة المجتمع باستثارة الرأي العام المحلي للاهتمام بالمشكلات الإنسانية وإشراك المواطنين في الوصول إلى حلول لها. فالمساهمة الشعبية هي روح الإدارة المحلية، والمحور الذي ترتكز عليه، ولقد أصبح من الأمور المؤكدة أن على الإدارة أن تلعب دورا أساسيا في عملية التنمية الشاملة التي لا توجد دولة إلا ويدفعها الطموح أن تقطع أشواطا ملموسة على طريقها.
ومما لا يخفى أن نظام الإدارة المحلية قد واجه منذ مطلع القرن العشرين تحديات تتصل بالتحولات التي شهدها العالم، وهي تحولات سريعة وكبيرة استطاعت بالفعل أن تغير وتحول مجرى التاريخ، وأن تتحكم في مصير العالم ولمرحلة تاريخية قادمة لم تحدد معالم أبعادها. وأهم هذه التحولات:
أولا: الثورة التكنولوجية وما خلفته من تحولات وما زالت تخلفه.
ثانيا: الثورة الحضرية وتتمثل في الإتجاه الواضح نحو حياة المدينة والهجرة من الريف والقرية إلى المدينة.
ثالثا: الثورة الإنسانية من أجل تحقيق كامل لحقوق الإنسان.
رابعا: الإنفجار السكاني وبروز الزيادات الضخمة في عدد السكان، وما تفرضه هذه الزيادات من زيادة موازية في الحاجات والمتطلبات المختلفة، والأخذ بأنماط جديدة من التخطيط الاقتصادي والاجتماعي. مما استدعى إحداث تطوير في نظم الإدارة المحلية في الدول المتقدمة والنامية على السواء.
ومن هنا فإن هذه الدراسة تنبع أهميتها من الناحية العلمية في إلقاء الضوء على بعض المفاهيم والأفكار التي تكاد تختلط ببعضها على نحو يصعب معه تميزها. أما من الناحية العملية فأهمية هذه الدراسة تنصب مباشرة على الوسائل الكفيلة لترشيد وتفعيل الإدارة المحلية. والبحث عن الآليات الكفيلة لحشد جهود المجتمع المحلية لرفع مستوى أداء وقدرات الإدارة المحلية.
أولا: الإطار المفاهيمي:
من الضروري تحديد بعض القضايا المفاهيمية التي ما زالت تثير كثيرا من الجدل بين الباحثين المختصين في مجال العلوم السياسية والإدارة العامة والاقتصاد. ولذلك سوف نتعرض لأهمها كما يأتي:
ـ مفهوم الإدارة المحلية:
عرف نظام الإدارة المحلية منذ زمن بعيد، غير أنه لم يأخذ شكله القانوني وسمته النظامي إلا بعد قيام الدولة الوطنية أو القطرية الحديثة، ذلك أن الدولة الحديثة ازدادت أعباؤها تجاه المواطنين، مما جعل نقل أو تفويض بعض هذه الأعباء إلى وحدات محلية أمرا لا محيد عنه. إن الإدارة المحلية لم تحظ بالدراسات الأكاديمية إلا منذ وقت قريب. فقد بدأ الإهتمام بهذا الحقل العلمي من جانب رجال القانون والسياسيين أواخر القرن التاسع عشر، وبقيت دراسة الإدارة المحلية فرعا من دراسة القانون العام ليصبح علما قائما بذاته (1).
بناءا على ذلك فإن نظام الإدارة المحلية كظاهرة قانونية لا يرجع تاريخه التشريعي إلى أكثر من القرن التاسع عشر، ففي إنجلترا لم يكن للمدن مجالس محلية يشترك فيها المواطنون قبل عام 1835م، ولعل أول تشريع صدر في هذا المجال هو قانون الإصلاح عام 1832م ثم توالى بعد ذلك ظهور التشريعات المنظمة للحكم المحلي بها. أما فرنسا فلم تنشأ بها المجالس المحلية إلا في عام 1833م ولم تعط تلك المجالس حق إصدار القرارات الإدارية إلا في عام 1884م (2).
ـ مفهوم عدم التركيز الإداري:
ويتمثل ذلك في تفويض بعض موظفي الوزارة في العاصمة أو الأقاليم سلطة البت النهائي في بعض الأمور دون الحاجة إلى الرجوع إلى الوزير حتى تتحقق السرعة التي لا غنى عنها في إنجاز الوظيفة الإدارية لا سيما في الأماكن النائية عن العاصمة، ولكن سلطة البت هذه لا تتم بالإستقلال عن الوزارة بل يمارس الموظف سلطته تحت إشراف الوزير (3).
ـ مفهوم التنمية المحلية:
رغم الاختلاف وتباين وجهات النظر حول مفهوم التنمية المحلية إلا أنه يمكن تعريفها بأنها السياسات والبرامج التي تتم وفق توجهات عامة لإحداث تغيير مرغوب فيه في المجتمعات المحلية بهدف رفع مستوى المعيشة وتحسين نظام توزيع الدخول (4).
ويتضح أن القاعدة الأساسية لنجاح التنمية المحلية تكون بالمشاركة، فنجاح تجربة أي دولة في النمو يرجع إلى اعتمادها على مواردها المحلية وأثمن هذه الموارد هو العنصر البشري وإذا ما تجاهلت الدولة هذا العنصر وركزت على عناصر أخرى فإنها ستخلق عبئ مستمر على التنمية وهو وجود عنصر بشري يزداد عددا ويقل كفاءة دون أن يقدر على تقديم جهد متزايد لخدمة التنمية.
ـ مفهوم الحكم الراشد للإدارة المحلية (الحوكمة المحلية):
ظهر مفهوم الحكم الراشد (5) Governance في عام 1989، خاصة في كتابات البنك الدولي في إطار التغيير الذي حدث في طبيعة دور الحكومة من جانب، وتطور علم الإدارة من جانب آخر. فعلى المستوى العملي، لم تعد الدولة هي الفاعل الرئيسي في صنع وتنفيذ السياسات العامة، بل أصبح هناك فاعلون آخرون مثل المنظمات، المؤسسات الدولية، والقطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني.
وعليه، فإن على الجانب الأكاديميظهرت محاولات الإستفادة من أساليب إدارة الأعمال والإدارة العامة. كما حلت مجموعة من القيم الجديدة (التمكين، والتركيز على النتائج) محل مجموعة من القيم القديمة (الأقدمية، والتدرج الوظيفي).
ونتيجة ما سبق، حدث الإنتقال من نظام محلي تسيطر فيه المجالس المحلية المنتخبة (Local Government) إلى نظام محلي يشارك فيه القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية (Local Governance).
وفيما يتعلق بتحديد مفهوم Governance (6) ، فإن هناك غموض سواء في ترجمة أو تعريف هذا المفهوم. ويعني المفهوم وفقا للبنك الدولي نوع العلاقة بين الحكومة والمواطنين، وليس مجرد التركيز على فعالية المؤسسات المتعلقة بإدارة شؤون الدولة والمجتمع. ولذلك يركز المفهوم على قيم المساءلة Accountability، والشفافية Transparency والقدرة على التنبؤ Predictability، والمشاركة الواسعة من جميع قطاعات المجتمع.
والحوكمة المحلية الرشيدة Good Local Governance هي: استخدام السلطة السياسية وممارسة الرقابة على المجتمع المحلي، من أجل تحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية.
ويوضح الإعلان الذي صدر عن مؤتمر الإتحاد الدولي لإدارة المدن الذي عقد في صوفيا في ديسمبر 1996 عناصر الحوكمة المحلية الرشيدة Good Local Governance على النحو التالي:
أ/ـ نقل مسؤولية الأنشطة العامة الملائمة إلى المستويات المحلية المختلفة بموجب القانون.
ب/ـ لامركزية مالية وموارد كافية للقيام بتلك الأنشطة على المستوى المحلي.
جـ/ـ مشاركة حقيقية للمواطن في صنع القرار المحلي.
د/ـ تهيئة الظروف الذي من شأنها خصخصة الإقتصاد المحلي.
وتتسم الحوكمة المحلية الرشيدة بما يلي:
ـ المشاركة Participation: بمعنى تهيئة السبل والآليات المناسبة للمواطنين المحليين كأفراد وجماعات، من أجل المساهمة في عمليات صنع القرارات، إما بطريقة مباشرة أو من خلال المجالس المحلية المنتخبة تعبر عن مصالحهم وعن طريق تسهيل التحديد المحلي للقضايا والمشكلات. وفي إطار التنافس على الوظائف العامة، يتمكن المواطنون من المشاركة في الإنتخابات واختيار الممثلين في مختلف مستويات الحكم. ويمكن أن تعني المشاركة أيضا المزيد من الثقة وقبول القرارات السياسية من جانب المواطنين، الأمر الذي يعني زيادة الخبرات المحلية.
ـ المساءلة Accountability: يخضع صانع القرار في الأجهزة المحلية لمساءلة المواطنين والأطراف الأخرى ذات العلاقة.
ـ الشرعية Legitimacy: قبول المواطن المحلي لسلطة هؤلاء الذين يحوزون القوة داخل المجتمع ويمارسونها في إطار قواعد وعمليات واجراءات مقبولة وأن تستند إلى حكم القانون والعدالة، وذلك بتوفير فرص متساوية للجميع.
ـ الكفاءة والفعالية Efficiency & Effectiveness: ويعبر ذلك عن البعد الفني لأسلوب النظام المحلي ويعني قدرة الأجهزة المحلية على تحويل الموارد إلى برامج وخطط ومشاريع تلبي احتياجات المواطنين المحليين وتعبر عن أولوياتهم، مع تحقيق نتائج أفضل وتنظيم الإستفادة من الموارد المتاحة.
ـ الشفافية Transparency: إتاحة تدفق المعلومات وسهولة الحصول عليها لجميع الأطراف في المجتمع المحلي. ومن شأن ذلك توفير الفرصة للحكم على مدى فعالية الأجهزة المحلية. وكذلك تعزيز قدرة المواطن المحلي على المشاركة. كما أن مساءلة الأجهزة المحلية مرهون بقدر المعلومات المتاحة حول القوانين والاجراءات ونتائج الأعمال.
ـ الإستجابة Responsiveness: أن تسعى الأجهزة المحلية إلى خدمة جميع الأطراف المعنية، والاستجابة لمطالبها، خاصة الفقراء والمهمشين، وترتبط الاستجابة بدرجة المساءلة التي تستند بدورها على درجة الشفافية وتوافر الثقة بين الأجهزة المحلية والمواطن المحلي (7).
ويختلف مفهوم الحكومة Governmentعن مفهوم الحوكمة Governance. فإذا كانت الحكومة تشير إلى المؤسسات الرسمية للدولة والتي في ظلها تتخذ القرارات في إطار إداري وقانوني محدد، وتستخدم الموارد بطريقة تخضع للمساءلة المالية، فإن مفهوم الحوكمة Governance يشتمل على الحكومة بالإضافة إلى هيئات أخرى عامة وخاصة لتحقيق نتائج مرغوبة.
ثانيا: نموذج من التجربة الأجنبية في مجال تطوير القدرات الإبداعية للسلطات المحلية وتحقيق:
la gouvernance local et communautaire
تشير الأدبيات في الإدارة المحلية إلى أهمية تطوير وتعظيم القدرات الإبداعية والتطويرية للسلطات المحلية، والتركيز على إرضاء المواطن. ويتطلب حكم المجتمع من السلطات المحلية أن تنظر إلى خارجها، فالعبرة لم تعد بالخبرة ذاتها، ولكن في قيمتها كما يراها المواطن، سواء كانت هذه الخدمات تقدم مباشرة أو من خلال هيئات أخرى (8).
وحتى نبين ما لأهمية تطوير وتعظيم القدرات الإبداعية والتطويرية للسلطات المحلية، وأهميتها في تكريس التنمية المحلية المستدامة، بل حتى في إحداث ثورة في تغيير المفاهيم والأساليب السابقة في تسيير دواليب التنمية، نلجئ إلى بعض التجارب الأجنبية في ميدان تطوير القدرات الإبداعية والتطويرية خاصة في ميدان la gouvernance local et communautaire فلربما محاكاة والأخذ بتجربة الغير في تكريس المؤسسات البحثية والعلمية في خدمة التنمية قد ينير لنا الطريق ويسمح لنا الاسترشاد بها مستقبلا، ليس فقط في ميدان التنمية الإدارية المحلية فقط وإنما في كل ما يتعلق بالتنمية الشاملة.
في سنة 1993 بادرت مؤسسة علمية بحثية ألمانية تدعى « FONDATION BERTELSMANN » بتأسيس"جائزة الديمقراطية والفعالية في الإدارة المحلية"، بحيث تمنح هذه الجائزة للسلطة المحلية التي تكون لديها القدرة على الإبتكار والتطوير والمنافسة والجودة في تقديم الخدمات (9). وكلفت بهذا الشأن علماء وباحثين متخصصين في الإدارة المحلية والتنمية الإدارية بإجراء تحقيق من أجل اقتراح 10 مدن من 09 دول للتنافس على هذه الجائزة الأولى.
وقد تم وضع سبعة معايير يتم على أساسها اختيار أفضل تجربة من بين تجارب هذه الدول هي: أولا: الأداء وسير العمل في ظل رقابة ديمقراطية. وثانيا: التوجه إلى المواطن. وثالثا: التعاون بين السياسيين والإدارة. ورابعا: الإدارة اللامركزية أي نقل تحمل المسؤولية والموارد المالية إلى المستوى الأدنى الذي يتعامل معه المواطن. وخامسا: الرقابة ورفع التقارير. وسادسا: أن يتوفر لدى السلطة المحلية نمط إداري تعاوني ونظام مسار وظيفي يركز على الأداء وهراركية مفلطحة Flat. وسابعا: القدرة على الإبتكار والتطوير في ظل المنافسة (10).
وعليه، فقد اختيرت هذه المدن باعتبارها مدنا نموذجية توجد على قمة الحداثة في بلدانها فيما يخص الإدارة المحلية. فازت بهذه الجائزة مدينتان: "فينيكس" Phoenix بولاية أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية، ومدينة "كريست تشارش" Christ Church السويسرية.
وبعد سنتين من تاريخ تسليم هذه الجائزة تأسس ببرلين (ألمانيا) مشروع بحث تناول بالدراسة تجربة المدن المرشحة للجائزة، ويهدف هذا البحث إلى تبيان الإصلاحات الجديدة التي أتت بها المدن والآثار المترتبة عنها بغرض الاستفادة منها في عصرنة الإدارة المحلية الألمانية.
انتهى هذا البحث بنشر تقريرين الأول في سنة 1997 والثاني في 1998، و خلص البحث العلمي إلى أن رغم الخلافات الموجودة بين هذه المدن إلا أنها اتحدت في منهج معالجة القضايا المحلية.
وبالتالي أدركت المدن محل البحث قيمة ثروة اشراك المواطنين والمجموعة في تحديد السياسات والخدمات التي تدخل ضمن اختصاصها، لذلك ظهرت الحاجة لتصحيح المفهوم التقليدي للديمقراطية "الديمقراطية التمثيلية " "Démocratie Représentative " والتخلي عن الفكر الاحتكاري الذي كانت تتبناه الإدارات المحلية، ويكون اشتراك المواطن بطرق متنوعة: الحركة الجمعوية النقابات، النخب العلمية …وبالتالي الانتقال في تسيير الإدارة المحلية إلى مفهوم جديد و هو مفهوم " الديمقراطية التساهمية" "Démocratie Participative" أو الديمقراطية الجوارية أو التشاركية التي يكون الغرض منها إسهام المعنيين بعملية التنمية في وضعها و تنفيذها.
وبالتالي أصبحت هذه العملية أكثر تقنية تعتني على الخصوص بميكانيزمات إجراء هذه المشاركة و تحقيق فعاليتها.
إذا، ما المغزى من طرح تجربة الغير في إحدى جوانب التنمية المحلية ؟
إن عرض التجربة الألمانية لم يكن بهدف إملاء الحلول التي توصلت إليها الدراسة، و لم يكن الهدف منها استيراد الحلول الجاهزة و تطبيقها على الإدارة المحلية الجزائرية دون الأخذ بعين الاعتبار خصوصياتها الثقافية الحضارية والتاريخية والقيمية، بقدر ما هو تبيان ما تلعبه المؤسسات العلمية والبحثية الأجنبية من دور في تطوير الإدارة المحلية و المجتمع بشكل عام.
وكذلك أن الغرض من عرض التجربة لنبين أن ألمانيا على الرغم من أنها من الدول الصناعية الكبرى، إلا أنها تحاول جادة تطوير أدائها للحفاظ على مكانتها وتقدمها، ولم تتردد في مراجعة أساليبها في التسيير، و بدون عقدة راحت تبحث عن حلول لمشاكلها في تجارب مدن أجنبية أخرى، مسترشدة بتفعيل البحث العلمي في ذلك.
والملاحظة الأخيرة: أن الدراسة التي دامت ثلاثة سنوات أسندت لأهل الفكر من باحثين ومنظرين، بهذا الشكل تعطينا هذه التجربة موعظة في نوعية التعاون الذي يجب أن يقوم بين البحث العلمي والمؤسسات المرتبطة به في كل المجالات السياسية و الإدارية والاجتماعية و الاقتصادية لتحقيق وتكريس التنمية الشاملة.
إستنادا على خبرات وتجارب الغير في تعظيم القدرات الإبداعية والتطويرية للسلطات المحلية نتساءل: كيف هو حال الإدارة المحلية الجزائرية؟ وما هي حدود وقيود تفعيل قدرات الإدارة المحلية الجزائرية؟ وما هي الفرص المتاحة لترشيد أداء الجهاز الإداري ما دام أنه يعد المحك الأول لعلاقة المواطن بالدولة؟
ثالثا : خصوصية بيئة الإدارة المحلية الجزائرية :
من أجل المعرفة العملية لعلاقة تخلف البيئة السياسية و الإدارية و الإجتماعية و الثقافية بعجز بناء الحكم الصالح للإدارة المحلية في الجزائر، يمكن مقاربة الموضوع من خلال التطرق إلى خصائص الحكم السيئ أو غير الصالح ( Poor Governance ) ـ و هذا حتى يسهل علينا معرفة أسباب إستمرارية العجز في التوصل إلى عمل تنموي إداري شامل في الجزائر، و من ثمة تحديد آليات معالجتها ـ هذه الخصائص تتمثل في:
1 ـ الحكم الذي يفشــل في الفصل الواضح بين المصالح الخاصة و المصلحة العامة، وبين المال العام و الخاص، و يتجه بشكل دائم إلى إستخدام الموارد العامة أو إستغلالها لصالح مصلحة خاصة.
2 ـ الحكم الذي ينقصه الإطار القانوني، و لايطبق مفهوم حكم القانون.
3 ـ الحكم الذي لديه عدد كبير من المعوقات القانونية و الإجرائية أمام الإستثمار الإنتاجي بما يدفع نحو أنشطة الربح الريعي و المضاربات.
4 ـ الحكم الذي يتميز بوجود أولويات تتعارض مع التنمية و تدفع نحو الهدر في الموارد المتاحة و سوء إستخدامها.
5 ـ الحكم الذي يتميز بوجود قاعدة ضيقة و مغلقة و غير شفافة للمعلومات ، و لعملية صنع القرار بشكل عام ، و عمليات وضع السياسات بشكل خاص .
6 ـ الحكم الذي يتميز بوجود الفساد و إنتشار آلياته بما في ذلك القيم التي تتسامح مع الفساد(11).
وإذا كانت هذه الخصائص تشترك فيها معظم مناطق العالم، فإن الدول العربية و من بينها الجزائر تعد إدارة الحكم فيها أضعف من كل مناطق العالم الأخرى. و هذا ما بينته دراسة البنك الدولي وتقرير التنمية الإنسانية العربية.
وبناءا على هذه الخصوصيات التي يثبت واقع المجتمعات المستضعفة صحتها، فإنه لا يصعب على من يراقب العمل التنموي الإداري في الجزائر أن يلاحظ مدى فشل الحكومات المتعاقبة وعجزها منذ الإستقلال 1962 إلى اليوم في تهيئة بيئة ملائمة لبناء حكم صالح، ومدى تخلف نسقها السياسي والإداري و عجزه في مواجهة الضغوطات الإنمائية، و في تحقيق طموحات المواطنين و تلبية إحتياجاتهم بالمستوى المطلوب.
على هذا الأساس، و في محاولة لرسم إطار واضح و محدد حول خصوصية بيئة الإدارة المحلية الجزائرية، يمكن أن أوضح أن جميع هذه الخصوصيات ترتبط أساسا بمشكلة التخلف السياسي والإداري (12). وبطئ عملية المشاركة الديمقراطية الأمر الذي أدى إلى وضع حدود للقوة و النفوذ النسبي للمؤسسات الديمقراطية كالمجالس الشعبية المنتخبة ومؤسسات المجتمع المدني. و في ظل هذا الإختلال البنيوي والوظيفي في توازن السلطات و ضعف النمو السياسي، نمت العديد من مظاهر الأمراض المكتبية " Bureaupathologie « وبخاصة إستشراء الفساد الإداري.
و هذا ما اعترف به خطاب السلطة إذ جاء فيه : " ... أن محاربة ما تفشى من ممارسات من مثل الفساد و الرشوة و المحاباة و التدخلات أضحى حتمية " (13) ، كون هذه الممارسات تشكل السبب الرئيسي لتباطـئ الإدارة و سوء تنظيمها و التي تقوض أركان العمل التنموي السياسي الشامل و تأتي على ثقة المواطن . لدا فمن الضروري "... وضع حدّ للسلوكات البيروقراطية التي تجمد المبادرات و تلحق وخيم الضرر بإقتصاد البلاد والتنمية المحلية، ... وغياب الشفافية والتواصل، الذي يتناقض والحاجة إلى إدارة ناجعة، في خدمة المواطنين و الإصغاء لإنشغالاتهم، فالكسل والرشوة والآفات الإجتماعية والضياع والتسيب، كلها تنتشر يوما بعد يوم، و تنتشر بخطورة... " (14).
هذا بالإضافة إلى قناعة المواطن الجزائري وإدراكه المتزايد بأن الفساد مستشر في الأجهزة الإدارية المحلية. ومهيئة لإنتشار أوسع لهذه الظاهرة في ظل التغييب المستمر للشفافية، والمساءلة، والرقابة، وحكم القانون. كل هذا يدفعنا للتساؤل عن ماذا قدمت السلطات المحلية للمواطن ؟ و ما قيمة التكلفة التي دفعتها الخزينة العامة على تلك الخدمات ؟ ثم أن المشاريع الكبرى تنفق فيها الأموال الطائلة ثم تتوقف لأبسط الأسباب، و منها مشاريع إنعاش الإقتصاد، و القضاء على البطالة، و منها عقود الصفقات العامة. وكم كلفت القرارات الخاطئة الخزينة العامة ؟ وكم ضيعت الإدارة المحلية من فرص منذ الإستقلال سنة 1962 إلى اليوم 2008 للتنمية وفي مجالات مختلفة إنعكست آثارها على الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية وعلى العلاقة بين المواطن و أجهزة الإدارة العامة ؟ وما هو مبرر وجود أجهزة ومؤسسات تكاليفها أكبر بكثير من عائداتها ؟ و هل تحولت السلطة و المسؤولية في الجزائر من إعتبار أنها تكليف فأصبحت ترقية و تشريف ؟ و من مسؤولية وواجبات إلى حقوق وإمتيازات ؟ وفي كل ذلك لماذا لا تحاسب القيادة البيروقراطية على نتائج عملهم فتحسب لهم أو عليهم ؟
كل هذه الأسئلة و غيرها التي يطرحها العام و الخاص تحتاج إلى إجابة علمية تصحح مسار العمل التنموي الإداري، و تنقية الجهاز البيروقراطي من الإنحراف و الفساد.
وما يعمق من شعور المواطنين بتفشي الفساد في الأجهزة الإدارية المحلية هو أن الخطاب الرسمي لم ينفك بالإعتراف بالفساد، و الوعود بالقضاء عليه، و لكن من دون جدوى، فاقتصرت حملات المكافحة على التضحية أحيانا ببعض الكوادر الإدارية الولائية والوزارية كوسيلة لإمتصاص الغضب، مما يشكل إعترافا حكوميا ضمنيا بإنتشار الفساد وتغلغله في رموز الحكم نفسه. إذ جاء في نص خطاب رئيس الجمهورية الموجه للأمة: «... إن الدولة مريضة معتلة، إنها مريضة في إدارتها، مريضة بممارسة المحاباة، مريضة بالمحسوبية، والتعسف بالنفوذ والسلطة، وعدم جدوى الطعون والتظلمات، مريضة بالإمتيازات التي لا رقيب لها ولا حسيب، مريضة بتبذير الموارد العامة، و نهبها بلا ناه ولا رادع، كلها أعراض أضعفت الروح المدنية لدى الأفراد والجماعات، وأبعدت القدرات.... وهجرت الكفاءات، ونفرت أصحاب الضمائر الحية، والإستقامة، وحالت بينهم، وبين الإسهام في تدبير الشؤون العامة، وشوهت مفهوم الدولة، وغاية الخدمة العمومية ما بعده تشويه... « (15).
كذلك ما يعزز إدراك المواطن بوجود الفساد على مستوى الإدارة العامة بشكل عام والمحلية بشكل خاص، هو تردي واقع هذه الإدارة، و التي كانت في حد ذاتها هدفا لعمليات الإصلاح الإداري، إذ سنت ترسانة من القوانين لإصلاح الإدارة المحلية منذ الإستقلال إلى اليوم ، من دون أن يؤدي ذلك إلى تغيير جذري في فعالية هذا الجهاز، خاصة عندما قامت الدولة بمراجعة سياساتها الإقتصادية حيث سنت ترسانة من القوانين والتشريعات الجديدة ،و تخصيص أموال هائلة للإستثمار في ظل غياب المراقبة الفعالة للمال العام. كلها أسباب ساهمت في إنتشار الفساد الموجود في إدارة الدولة، والتي هيأت الوضع لإنتشار الفساد الكبير، خاصة سياسات الخصخصة التي شجعت عليها المؤسسات المالية الدولية، والتي خلقت طبقة جديدة من المقربين من مراكز القرار، و من ذوي المصالح المشتركة.
فعلى الرغم من وجود دوافع القوى الداخلية و الخارجية لإحداث التغيير في السياسات والقوانين حتى تتماشى والتحولات الإجتماعية الكبرى، إلا أن بيئة الإدارة المحلية ما زالت تعتمد في تعاملها مع البيئات الأخرى الإجتماعية والإقتصادية بالإرث الإداري والتنظيمي الموروث، وسلوك القيادة البيروقراطية ما زال يستند على الأسلوب التقليدي القائم على سد الثغرات، و إتخاذ شكل رد الفعل في التعامل مع الأوضاع الجديدة. عوض الإعتماد على مدخل إدارة التغيير. كل هذا أنتج الرداءة و الفساد لواقع الإدارة المحلية، هذا الواقع الذي يتلخص في:
1 ـ غياب المخطط الهيكلي العام، وعدم وضوح السياسات العامة للإدارة المحلية، مما أنتج إزدواجية
وتضاربا بين المسؤوليات أدّيا إلى تكبيـل الجهاز الإداري .
2 ـ تضخم حجم العمالة في الوحدات المحلية وانخفاض مستوى أدائها، ومن شأن هذا أن يعقد الإجراءات الإدارية، و يضعف التواصل مع المواطنين، بالإضافة إلى كونه يعد هدرا لموارد الدولة.
3 ـ عدم المساواة و تكافؤ الفرص الناتج عن المحسوبية و الوساطة، و عدم وضع المواطن في صلب إهتمام الإدارة.
4 ـ ضعف التدريب الإداري و عدم إنتظامه.
5 ـ تسييس موظفي الجهاز الإداري المحلي، الأمر الذي أدى إلى ضعف إهتماماتهم بتنمية قدراتهم ومعارفهم الإدارية.
6 ـ الإعتماد على الحلول المعدة مسبقا، و تقبل كل ما هو جديد دون مراجعة تجديد، ودون إعتبار الإختلاف في الظروف والبيئة الثقافية والإجتماعية والسياسية و الإقتصادية. لذلك لا بد من توفير الأصالة التي لا تستغني في جوهرها عن الإبتكارInnovation وعن الخلق و الإبداع Creativity لأن الإبتكار والإبداع عنصرا الأصالة، وهما في جوهرهما يشكلان توليد التجديد في ضوء الظروف والمستجدات البيئية.
7 ـ بطئ حركة القوانين والتشريعات، وغياب المعايير العلمية مقارنة بالتغيرات والتطورات المجتمعية والعالمية والإدارية.
8 ـ عدم القدرة على تغيير السلوك والقيم السلبية نتيجة وجود قوى تقاوم التغيير، الأمر الذي أدى إلى شيوع الفساد في الوسط الإداري المحلي، وغلبة المصالح الشخصية على المصالح العامة و ضعف الرقابة الإدارية.
9 ـ إخفاء حقيقة الإخفاقات وعدم الإعتراف بالمشكلات أمام الرأي العام، و هذا الإخفاء يعتبر عاملا سلبيا في وجه برامج و خطط و إستراتيجيات محاربة الفساد.
10ـ إنتشار المظاهر السلبية في المؤسسات الإدارية المحلية، نتيجة إنحسار المد القيمي الأخلاقي وتحلل العاملين فيها من القيم المهنية والأخلاق الوظيفية التي توجه سلوكهم وتحكم قراراتهم وترشد تصرفاتهم الرسمية وغير الرسمية.
11ـ التهرب من المسؤولية، وانتشار أساليب الإتكال ، والتهرب من الواجبات لإعتقادهم بأنهم يعملون، وغيرهم يجني الثمار، وهذا ما يؤدي إلى إنعدام روح المبادرة و الإبتكار.
12 ـ الظاهرة الأخرى التي لا تقل خطورة عن سابقتها تتمثل في إسهام العديد من المؤسسات الإدارية المحلية في التخفيف من وطأة القيم الإيجابية الأصيلة المستمدة من التراث الحضاري للأمة، والتواطؤ مع الممارسات السلوكية الشاذة والمنحرفة التي تقترفها العناصر الضعيفة التي إستطاعت أن تقفز إلى المواقع القيادية بأساليب ملتوية و غير مشروعة (17). إن شيوع هذه الممارسات ما هو إلا إستمرار لقيم متأصلة و مكتسبة من ثقافة إدارية إستعمارية من جهة، وإلى عدم تجديد الإدارة وتحديثها من جهة ثانية، إضافة إلى ذلك الفراغ السياسي والإيديولوجي الذي تمر به البلاد حاليا إذ أن غياب العامل السياسي والإيديولوجي الذي يستطيع فرض رقابة شديدة على البيروقراطية ويوجهها ليجعل هذه الأخيرة تتحرك في نوع من الفراغ الجزئي.
13ـ غياب الرقابة الفعالة في الإدارة المحلية الجزائرية أدى إلى تفشي الظواهر السلبية للبيروقراطية كالفساد الإداري، والرشوة، والمحسوبية، والوصولية، والتحايل على القوانين، والغيابات غير الشرعية، وإحتقار العمل كقيمة حضارية.
14ـ التناقض الكبير بين الوضع الرسمي والواقع، ويتجلى هذا في الظهور بما يجب أن تكون عليه الأمور خلافا لما هو عليه الواقع . والغريب أن يتم إخفاء هذه الفجوة بين التوقعات و الحقائق عن طريق إصدار القوانين التي لا يتم تطبيقها، والعمل بتنظيمات تتعلق بشؤون التوظيف، ولكن يتم تجاوزها، والإعلان عن تفويض صلاحيات إدارية مع إبقاء رقابـة المركز محكمة، و حصر حق إتخاذ القرارات فيه، وإصدار التقارير بأن النتائج قد حققت الأهداف المرجوة بينما الحقيقة أن النتائج لم تتحقق إلا جزئيا.
15ـ تجاهل دور المجالس الشعبية المحلية في حل قضايا أساسية مثل البطالة، وتنظيم الأسرة، ومحو الأمية، وحماية البيئة...
وعليه، فإن مع إقتران هذا الكم الهائل من المظاهر السلبية للأجهزة الإدارية المحلية بضعف أجهزة الرقابة و المساءلة في المجالس الشعبية المنتخبة. ومع إنتشار الفساد والمفسدين، فإن العمل الشريف الجاد يفقد قيمته بل إن القانون نفسه يفقد هيبته وإحترامه. ذلك أن بترسّخ الفساد فإنه يعمل على حماية نفسه و ذلك بإبقاء كل الهياكل التي أنتجته على حالها ، فلا تغيير في القوانين ولا تعديل في اللوائح ولا تطوير في السياسات ، لذلك نجد أن المسؤولين المحليين غير مبالين بالتغيير و ذلك ضمان لإستمرار مناخ وثقافة الفساد اللذان يضمنان لهم إستغلال النفوذ . هذه الثقافة التي ترسخت في المجتمع الجزائري عامة، والجهاز الإداري خاصة ما تزال تتسع دائرتها، و تتشابك حلقاتها، وتترابط آلياتها بدرجة لم يسبق لها مثيل من قبل، الأمر الذي أصبح يهدد مسار العمل التنموي السياسي والإداري ومستقبل المجتمع الجزائري في الصميم.
لعل حجم مشكلة الفساد في الأجهزة الإدارية المحلية الجزائرية، و مخاطر تشعبها وتفاقمها تستدعي تفعيل آليات لمحاصرة الظاهرة والقضاء على تداعياتها السلبية على عملية بناء قدرات الإدارة المحلية، وفق إستراتيجية شاملة واضحة متكاملة بعيدة المدى، وليس إجراءات ظرفية قائمة على التغيير الشكلي والتي تكون أقرب إلى إدارة الفساد.
رابعا : إستراتيجية بناء قدرات الإدارة المحلية و تقليص الفساد :
وحتى يتم التصدي لهذه المشكلات لا بدّ من إستراتيجية بديلة لإصلاح الإدارة المحليــــة لدعم
التنمية و تقليص مظاهر الفساد. هذه الإستراتيجية (16) التي ينبغي أن لا تتعاطى مع موضوع فساد الأجهزة الإدارية في الجزائر بصورة ردة فعل (Reactive)، وبالتالي كأمر يجب محاربته و معاقبة المفسدين (Corrective Approach) ، وإنما أن تتعاطى مع الموضوع بصورة إستباقية Proactive)) عبر معالجة أسباب، و عوامل تأخير، وتعطيل، وفساد أجهزة الإدارة في الجزائر(Preventive Approach ) و ذلك من أجل الوصول إلى ترشيد سلوك قيادتها،وبناء عامل ثقة المواطنين فيها.هذه الإستراتيجية المستهدفة للوصول لدعم التنمية ومحاربة الفساد الإداري تقوم على أساس توفر قيادات إدارية محلية كفؤة تتناسب و الوظائف القيادية العليا ، و التي تتميز بالخصائص التالية :
ـ القدرة على إستيعاب التنمية وتحدياتها، وحل التناقضات التي تنشأ بين الأطراف المختلفة خلال عملية التغيير لبعض الأطراف، وفك التحالفات المقاومة للإصلاح، و كسر حدة المقاومة من قبل العناصر التي تبدي مقاومة للتغيير أو إستمالة هذه العناصر. فهذه مهام تعتبر القيادة مؤهلة للقيام بها مما لا يتاح لغيرها من الأطراف.
ـ القدرة على تحديد الأهداف وتحديد السياسات والإجراءات بوضوح، ودراستها دراسة جيدة تعتمد على التحليل و المقارنة، حتى تكون أهدافا قابلـة للتحقيق دون أن يترتب عليها إستنزاف القدرات والطاقات المحلية في مجالات عديمة الفائدة. فوضوح الأهداف يساعد على توجيه الجمهور والطاقات والإمكانيات المتوفرة.
ـ القدرة على الحركة و المبادأة و الإبتكار ومواجهة المواقف والتغيرات التنظيمية أو التكنولوجية أو البشرية، و كذلك القدرة على مواجهة الأزمات.
ـ القدرة على إتخاذ القرارات الموضوعية، و ذلك من خلال إنتهاج المعرفة العلمية في إتخاذ القرارات، و الإبتعاد عن العشوائية، و العمل على حدود قدرات التنظيم البشرية و التنظيمية و المادية .
ـ القدرة على التنفيذ بكفاءة وفعالية، والمهارة على بلورة السياسات وتحديد الأهداف ضمن القدرات المتوفرة، والقدرة على ترجمة السياسات إلى الواقع العملي، والقدرة على حشد الطاقات للوصول إلى الأهداف المنشودة (18).
ومن هذا فإن الجزائر بحاجة إلى إستراتيجية بديلة لتنمية الإدارة المحلية وبناء قدراتها حتى تكون مكملة ومتفاعلة مع نسقها الكلي المتمثل في التنمية الشاملة والمتوازنة والمستدامة، وهذا لا يكون إلا بإصلاحات إدارية مستمرة و متجددة مواكبة للتغيرات والتحولات الإجتماعية الكبرى. لذا فأن إصلاح الجهاز الإداري المحلي يجب أن يمثل أحد الأهداف الإستراتيجية ضمن إستراتيجية التنمية الشاملة.
ونظرا لأهمية تنمية الإدارة المحلية، فإنه من الضروري أن تعمل القيادة بإستمرار على تجسيد الإصلاح الإداري الذي يعتبره الأستاذ الدكتور " عمار بوحوش " عملية شاملة تتناول جميع جوانب العملية الإدارية و إجراءاتها و الجوانب السلوكية المرتبطة بها، كالجوانب التنظيمية والإجرائية، والقانونية، وتحسين إجراءات التوظيف، وتطبيق قواعد الجدارة والإستحقاق، وتكافؤ الفرص من أجل الإبتعاد عن المحسوبية بكافة أشكالها، وتطوير خطة ووصف الوظائف وتحليلها (19).
وحتى تحقق هذه التنمية الإدارية فعاليتها ومسايرتها للأوضاع الإجتماعية والسياسية والإقتصادية والثقافية في المجتمع، فإن على المهتمين بها أن يسلكوا سياسات جديدة في عملية الإصلاح الإداري آخذين بعين الإعتبارات جانب تحسين وتطوير برامج التدريب، ووضع قواعد عملية وثابتة لنقل الموظفين، وتطوير سياسة الترقية وإجراءاتها، كما يجب حماية الموظف من بعض الممارسات التي قد يتعرض لها، كالضغوط السياسية من قبل رجال السياسة، أو كبار موظفي الدولة، مما يسبب في ظاهرة إنتهاك الأخلاق الوظيفية.
كما يجب على المهتمين بالإصلاح الإداري وبناء قدرات الإدارة المحلية إعادة النظر في الهياكل التنظيمية الإدارية والنصوص القانونية و التنظيمية التي تضبط هياكل الإدارة المحلية وتحدد أساليب العمل فيها، والإهتمام بالعنصر الإنساني بإعتباره العنصر الأساسي في التنمية الشاملة، و ذلك عن طريق تشجيع الأسلوب الشوري والديمقراطي في الأجهزة الإدارية المحلية، وتطوير النظام الوظيفي على ضوء التغيرات الإجتماعية والإقتصادية، وإتاحة الفرصة للعاملين للمساهمة في إدارة شؤون الإدارة المحلية، وتقديم مقترحاتهم بكل حرية وجرأة مما يشجع على تحسين أساليب العمل الإداري. وهذا حتى يستطيع التنظيم أن يواكب جميع التطورات والتغيرات المستمرة من ناحية، والتخلص من العيوب التنظيمية وتقريب القمة من القاعدة من ناحية أخرى. كل هذا في إطار مشروع شامل يضم كافة المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية في المجتمع.
هذا إلى جانب دعم و تبني القيادة السياسية العليا للإصلاح الإداري في الدولة له، من خلال تبنيها للأهداف والمحاور الرئيسية لخطة الإصلاح و متابعتها وتقييمها للإنجازات المتحققة بشأنها (20). بالإضافة إلى ضرورة العمل على تغيير الحالة الذهنية للموظفين الذين يتصفون باللامبالاة والعزوف والحياد السلبي، وذلك بتوسيع مشاركتهم في إتخاذ القرارات، وإطلاعهم على كل ما يجري من تعديلات وتغييرات تنظيمية، مما يسمح أن تكون لهم الفاعلية في المشاركة في عملية التنمية المحلية. والتحكم في عملية قنوات الإتصال بين القيادة والقاعدة من أجل خلق الثقة والتعاون المتبادل بينهما. والإلتزام بمبدأ وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب والوقت المناسب، وإحترام شروط التعيين في الوظيفة، وإتباع سياسة واضحة في الترقية، وتوفير الشروط المادية والمالية للقيام بالعمل الإداري الفعال.
كما يجب العمل على التخفيف من المركزية الإدارية، ويتم ذلك بتوسيع نطاق التفويض في الإختصاص، مع تقرير مبدأ القيادة الجماعية لمنع فرض سلطة الرؤساء الإداريين، وتشجيع المجالس الشعبية المحلية المنتخبة على الإسهام بدورها في محاربة البيروقراطية الهجينة. وإعادة النظر في التنظيم الهيكلي للإدارة المحلية وطرق تسييرها، خاصة وأن المجتمع الجزائري يعرف تحولات جوهرية. وبالتالي، فإن عملية إحداث إصلاح في الهيكل التنظيمي للجهاز الإداري المحلي، عملية تفرضها طبيعة المرحلة التي تعيشها البلاد، لذلك يتوجب تطوير الهيكل التنظيمي للإدارة حتى يواكب الأهداف والأدوار الجديدة. هذا بالإضافة إلى ضرورة الإهتمام بالعنصر القيادي الكفء، وهذا بهدف تحقيق هدفين أساسيين: تقديم وتحسين الخدمة العامة للجمهور المحلي المتعامل معها، وتجنب التضخم البيروقراطي والبطالة المقنعة. وهذا بدوره يتطلب تجديد الهياكل الإدارية وتطعيمها بعناصر إدارية جديدة تواكب التطورات الحاصلة في المجتمع. من هذا يتبين لنا أن أهمية إتخاذ إجراءات إعادة تنظيم الإطارات بإستمرار، تعتبر عملية فعالة وضرورية لرفع الأداء الإداري المحلي وتطويره.
و في الأخير لإحداث تنمية إدارية محلية تتجاوب مع أهداف التنمية الشاملة والمستدامة، ضرورة إيجاد هيئة عليا للإصلاح الإداري، تقوم برسم وتنفيذ إستراتيجيات الإصلاح الإداري، وتمتلك القدرة اللازمة من أجل إتخاذ القرار الملائم لتحقيق الأهداف المسطرة ضمن إستراتيجية للإصلاح. كما يجب أن تتمتع هذه الهيئة بالتمثيل الكافي والمعبر عن مشاركة جميع قطاعات الإدارة والإطارات العلمية والوطنية، وتتطلب هذه الهيئة تنمية قدراتها الفنية وتوفير الوسائل الضرورية لجمع وتحليل المعلومات لإتخاذ سياسات الإصلاح الإداري وتنفيذها. ولهذا تعتبر عملية إنشاء هيئة عليا للإصلاح الإداري ضرورة ملحة، نظرا للأمراض المكتبية والمشكلات الإدارية التي تتخبط فيها إدارتنا، إذ تعمل هذه الهيئة على التخفيف من حدتها، وتوفير الظروف الملائمة والوسائل الضرورية لبناء إدارة فعالة وقادرة على تحقيق أهداف وطموحات الدولة والمجتمع.
وبناءا على ذلك، حين تتحقق هذه الخطوات الإصلاحية، وتستوعب هذه المنطلقات، فإن تأثيرها يمكن أن يتابع من خلال التطور الذي يتوقع حدوثه في سلوك المنظمات والهيئات الإدارية المحلية، وتصرفات العاملين فيها.
إنطلاقا من ذلك نورد فيما يلي بعض المؤشرات التي يمكن إخضاعها لتقويم هذه النتائج والتي لخصها الأستاذ الدكتور" عامر الكبيسي" فـي النقاط التالية :
1ـ مدى التغيير الكمي و النوعي في الأهداف المحددة للمؤسسات والمنظمات وفي سلم الأولويات التي تعطي لها، ودرجة وضوحها والإيمان بها والإستعداد لتحقيقها.
2ـ مدى التغيير في الوسائل والأساليب التي تعتمدها المؤسـسات ومقارنة ما أحدثته القيم الجديدة في مستويات الكفاءة و الفعالية.
3ـ مدى التغيير والتطور في النظم و السياسات واللوائح، وخاصة تلك الموضحة لتوزيع الصلاحيات ولطرق الإتصال ، والمحددة لحقوق العاملين وواجباتهم .
4ـ مـدى التطور الحاصل في العلاقات التي تربط الأفراد داخل المؤسسات بعضهم ببعض وتلك التي تربطهم مع المتعاملين معهم خارج المؤسسة.
5ـ مدى الزيادة الكمية والتحسن النوعي الناجم في مستوى الإنتاج المتحقق أو الخدمات المقدمة بأقصر وقت وأبسط جهد وأقل تكلفة.
6ـ وأخيرا فإن أهمية النظام القيمي الذي تطمح المؤسسات الإدارية لتبنيه، سيكفل توفير المناخ الوظيفي اللائق، ويوفر للعاملين الأجور القائمة على الإيثار والأمانة والتجرد والموضوعية (21).
خاتمة:
وصفوة القول، تتطلب عملية بناء جهاز إداري محلي فعال ورشيد ليساهم في العملية التنموية السياسية الشاملة و المتوازنة، ضرورة إتخاذ إجراءات حاسمة و جريئة لوضع إستراتيجية بديلة للتنمية الإدارية، وهذا لن يتم ـ حسب تصوري ـ إلا بتأصيل الإدارة والإنطلاق من فهم الأبعاد الحضارية والبيئية للمجتمع الجزائري. هذا إذا علمنا أن الإدارة في الدول المستضعفة هي إدارة مقلدة في نظامها وقوانينها للغرب، ويشمل التراث الإداري الفرنسي مظهرا مستمرا في تأثيره على النظام الإداري الجزائري، الذي لم يتخلص بعد من ظاهرة التبعية الثقافية والقانونية والإدارية. ولم يتجنب بعد أسلوب "العلاج بالمثل" Homéo Pathic الذي يجعله مجرد جهاز إداري تابع ومستغل ومتغرب عن المجتمع. خصوصا وأننا نعلم " أن الغرب اليوم و أكثر من أي وقت، يريد لنا غير ما نريده لأنفسنا، نحن نريد الحداثة، وهو يريد لنا التحديث، نحن نريد السيادة على أرضنا، وهو يجبرنا على قبول التبعية، نحن نصبو إلى التحرر والوحدة، وهو يفرض علينا الدكتاتورية بإسم الديمقراطية وحقوق الإنسان " (22).
من هذا فإن أول عمل يجب القيام به هو توفير المناخ العام الملائم لتطبيق الإصلاحات، الأمر الذي يستلزم إعادة النظر في بناء وأداء الجهاز الإداري حتى يواكب التحولات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والثقـافية العميقة، ذلك أن أي محاولة لإصلاح الجهاز الإداري المحلي تتم بمعزل عن هذه التحولات و التأثيرات البيئية محكوم عليها بالفشل. لذا يجب على مخططي التنمية وبناء قدرات الإدارة المحلية الإستفادة من الأخطاء السابقة، ودراسة الواقع الإجتماعي، ومراعاة العوامل البيئية المحيطة بالإدارة.
إذا، فالبيئة الإدارية هي جزء لا يتجزأ من البيئة السياسية والإجتماعية والإقتصادية و الثقـافية، وأي خلل فيها سيؤدي حتما ـ بحكم التجارب ـ إلى الفشل والإخفاق في العملية التنموية السياسية الشاملة، مما يستلزم على صانعي القرارات الإستراتيجية أن ينظروا إلى العامل البيئي بعين الإعتبار، لا على المستوى الداخلي المحلي والوطني فقط، بل وعلى المستوى الخارجي الدولي، خاصة ونحن في عصر التكتلات الدولية والصراعات الحضارية والسيطرة على المؤسسات والمنظمات المالية والإدارية والثقافية الدولية.
هوامش الدراسة:
(1) ـ عبد المحسن محمد الرشود، الإدارة المحلية في المملكة العربية السعودية، الرياض: دار الشبل للنشر والتوزيع، 1419هـ، ص36.
(2) ـ المؤتمر العربي الثالث حول الإدارة المحلية، القاهرة: المنظمة العربية للتنمية الإدارية، 10ـ14 أبريل 2005، ص 198.
(3) ـ أحمد رشيد، التنمية المحلية، القاهرة: دار النهضة العربية، 1989، ص 18.
(4) ـ أحمد رشيد، نظام الحكم والإدارة، الإسكندرية: دار المعارف، 1989، ص 32.
(5) ـ إذا كان مفهوم الحكم ( Governance ) مفهوما محايدا، و قديم قدم ظاهرة الحكم في التاريخ البشري، إذ يعبّر عن ممارسة السلطة السياسية و إدارتها لشؤون المجتمع، و موارده، وتطوره الإقتصادي و الإجتماعي. و مشاركة آليات و مؤسسات رسمية و غير رسمية في صنع القرارات أو في التأثير فيها. فإن مفهوم الحكم الصالح ( Good Governance ) أو الجيد أو الرشيد مفهوم قيمي لإدارة السلطة للحكومة والمجتمع بإتجاه تطويري تنموي تقدمي، يُِنتسب إلى أجهزة البنك الدولي و صندوق النقد الدولي. ولعل البنك الدولي World Bank » « هو أول من إستخدم هذا المصطلح عام 1989 في تقرير له حول أساليب الحكم و الإدارة في إفريقيا جنوب الصحراء. ومنذ ذلك الحين شاع إستخدامه في الدوائر الأكاديمية الغربية والعالمية. من هذا يظهر أن هذا المصطلح قد تم تصنيعه خصيصا للبلدان المستضعفة، ليكون مقياسا لديها في منح القروض والهبات، على أن تبقى تلك الأجهزة صاحبة الحكم في تقويم من هو صالح ومن هو غير صالٍح، بما ينسجم مع مصالحها ومصالح الدول المهيمنة عليها. وبالتالي ليس هذا المصطلح محايدا ويكفي الشك به بالنظر إلى طريقة صناعته ووظيفته، بينما يمثل تعبيرا مبهما لقضية واضحة هي قضية التنمية السياسية والديمقراطية.
كما تجدر الإشارة أن هذا المصطلح الذي تلقفه الباحثون العرب قد إختلفوا بشأنه كمفهوم، كما إختلفوا على تعريبه، بحيث ترجم إلى اللغة العربية إلى العديد من الكلمات مثل "إدارة الحكم"، "الإدارة المجتمعية "، والمحكومية"، و"الحاكمية"، و"الحوكمة"، و"الحِكمانِية"، ويستخدم البعض الآخر مصطلح "إدارة شئون الحكم"، ويجتهد نفر ثالث من الباحثين فيعبر عن المفهوم بمصطلح "الحكم الموسع"، أو بـ "إدارة الحكم".أنظر:
ـ زهير عبد الكريم الكايد، الحِكْمانِية قضايا وتطبيقات، القاهرة: المنظمة العربية للتنمية الإدارية، 2003، ص 9.
ـ سلوى شعراوي جمعة وآخرون، إدرة شؤون الدولة و المجتمع، جامعة القاهرة، كلية الإقتصاد و العلوم السياسية: مركز دراسات و إستشارات الإدارة العامة، 2001، ص 10.
(6) ـ للإشارة أن مفهوم الحكم الصالح قد ترافق مع تطوير مفاهيم التنمية. فلقد تغيرت مفاهيم التنمية من التركيز على النمو الإقتصادي إلى التركيز على التنمية البشرية ثم التنمية البشرية المستدامة، أي الإنتقال من الرأسمال البشري إلى الرأسمال الإجتماعي، وصولا إلى التنمية الإنسانية. و قد ركزت تقارير التنمية البشرية التي بدأ برنامج الأمم المتحدة بإصدارها منذ العام 1990 على مفهوم نوعية الحياة ، و على محورية الإنسان في العملية التنموية ، ويعود السبب في ذلك أن النمو الإقتصادي لبعض البلدان لم يترافق مع تحسين عيش أغلبية السكان. ذلك أن ليس بالضرورة تحسن الدخل القومي يؤدي تلقائيا إلى تحسين نوعية الحياة للمواطنين. وإستنادا على هذا فإن الحكم الصالح يهدف إلى بناء نظام إجتماعي عادل عبر تمكين الفئات المهمة، والمشاركة الفعالة للمواطنين و توسيع خياراتهم و إمكاناتهم. وهذا ما سماه تقرير التنمية الإنسانية العربية 2002 بالتنمية الإنسانية. أنظر:
ـ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي و الصندوق العربي للإنماء الإقتصادي والإجتماعي، تقرير التنمية الإنسانية العربية 2002: خلق الفرص للأجيال القادمة، نيويورك: البرنامج، المكتب الإقليمي للدول العربية، 2002، ص 16 ـ 17.
(7) ـ حسن العلواني، "اللامركزية في الدول النامية من منظور أسلوب الحكم المحلي الرشيد"، في كتاب: مصطفى كامل السيد، الحكم الرشيد و التنمية في مصر، القاهرة: مركز دراسات و بحوث الدول النامية، 2006، ص 78.
(8) ـ كمال المنوفي وآخرون، الإصلاح المؤسسي بين المركزية واللامركزية، القاهرة: مركز دراسات واستشارات الإدارة المحلية، 2001، ص 71.
(9) - Bertelsmann Fondation, Democracy and Efficiency in Local Government , Bertelsmann Fondation, 1994,P.P. 24-30.
(10) – I bid,P.P. 24-30.
(11) ـ البنك الدولي للإنشاء و التعمير، تقرير عن التنمية في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا: إدارة حكم أفضل لأجل التنمية في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا ( تعزيز التضمينية و المساءلة)، بيروت: دار الساقي، 2004، ص 35 ـ 42.
(12) ـ من ضمن الدراسات التي عالجت موضوع الفساد في الجزائر، أذكر على سبيل المثال:
ـ فتيحة تالحيت ، " الفساد : ثمن الإصلاح المضاد "، الجزائر الحرة، نوفمبر 1998 ، ص 26.
- Mourad Ben Achenhou, Dette exterieure , Corruption et Responsabilité politique , Alger : Imprimerie Dahleb , 1988 , p 102 .
- Abdelhamid Brahimi , Strategies de Développement pour l’Algerie : Défis et enjeux , Paris : Economica , 1991 , pp 101 – 104 .
- Rachid Naili et Adel Sayad, les Milliardaires Algeriens, Alger: Ed. Lalla Sakina, 2000 p 125.
- Djilali Hadjadj, la Corruption et la Démocratie enAlgerie, Paris : la Dispute, 2001, p 98.
(13) ـ خطاب رئيس الجمهورية أمام الولاة بقصر الأمم، بنادي الصنوبر، موجه للأمة بتاريخ 25 / 06 / 2006، يومية الخبر، عدد 4739، الصادرة بتاريخ 26 جوان 2006، ص 3.
(14) ـ المرجع نفسه، ص 3.
(15) ـ خطاب رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، موجه للأمة بتاريخ 29 / 05 / 1999، جريدة المساء، عدد 661، الصادرة بتاريخ 31 ماي 1999، ص 3.
(16) ـ الإستراتيجية معناها غاية و أهداف مختارة تتكامل مع السياق البيئي ومنهج لبلورة و تحقيق هذه الغاية والأهداف المرتبطة بها. فهي تشتمل على أهم ما هو مستهدف، و الصيغة التي يتكامل بها مع البيئة، و تشمل كذلك المنهج الذي حددت به النتائج المستهدفة. فالإستراتيجية إذن هي رؤية عامة وشاملة لما هو مستهدف ولكيفية الوصول إليه في إطار السياق البيئي الذي تتعامل معه المنظمة.أنظر:
ـ أحمد صقر عاشور، إصلاح الإدارة الحكومية: آفاق إستراتيجية للإصلاح الإداري والتنمية الإدارية العربية في مواجهة التحديات العالمية، القاهرة: المنظمة العربية للتنمية الإدارية، 1995، ص 106 .
(17) ـ سعيد مقدم، " واقع و مقتضيات تنمية الإدارة العمومية في الجزائر "، مجلة الإدارة، الجزائر، المجلد الثالث، العدد الثاني، 1993، ص 6 – 7.
(18) ـ رعد حسن الصرن، صناعة التنمية الإدارية في القرن الحادي و العشرين، دمشق: دار الرضا للنشر، 2002، ص 68.
(19) ـ عمار بوحوش، الإتجاهات الحديثة في علم الإدارة، الجزائر: المؤسسة الوطنية للكتاب، 1984، ص 299.
(20) ـ يعتبر مثل هذا الدور للقيادة السياسية العليا لا غنى عنه لتحقيق إصلاح إداري يمس الهياكل العليا للجهاز الإداري للدولة ( إعادة تشكيل السلطات المحلية: عددها و إختصاصاتها، وإعادة تشكيل الهيئات اللامركزية الأخرى )، أو يمس القضايا الهامة الشديدة الحساسية ذات الأبعاد السياسية الإجتماعية كالفساد الإداري، أو تقليص حجم الجهاز الإداري. أنظر:
ـ أحمد صقر عاشور، إصلاح الإدارة الحكومية، المرجع السابق الذكر، ص 113 ـ 115.
(21) ـ عامر الكبيسي، "القيم المؤسسية في الوطن العربي كمدخل للتنمية الإدارية"، المجلة العربية للإدارة، الأردن: المنظمة العربية للعلوم الإدارية، المجلد العاشر، العدد الثالث، 1986، ص 19.
(22) ـ هشام شرابي، " المثقفون العرب والغرب في نهاية القرن العشرين "، المستقبل العربي، السنة 16، العدد 175، سبتمبر 1993، ص 30.