النظام الصحي في الجزائر بين الرهانات السياسية والواقع
لا شك أن الجزائر ومنذ الاستقلال عملت على وضع مبادئ أساسية تقوم عليها السياسة الصحية وذلك سعيا منها لتجسيد حق المواطن في العلاج كما نصت عليه المواثيق والدساتير، والذي اعتبر مكسبا ثوريا، وهو الآن حق من حقوق المواطن، هذه السياسات عرفت نجاحات وانتكاسات وذلك عبر المراحل المختلفة التي مرت بها الجزائر، وسنحاول في هذه الورقة الإجابة عن الإشكالية التالية: هل حققت السياسات الصحية التي سطرتها الجزائر الأهداف المنتظرة أم أنها أخفقت لسبب من الأسباب؟ وما هو واقع الصحة في الوقت الحالي؟
ارتأينا أن نعالج هذا الموضوع من خلال تحليل المبادئ الأساسية للسياسة الصحية في الجزائر منذ الاستقلال إلى غاية 2007 لمعرفة البرامج والسياسات المسطرة وبعدها معرفة النتائج المحققة ومقارنتها بالإمكانيات المتوفرة وذلك للحكم عليها أو لها.
مــدخل عـــام:
إن وضعية الصحة العمومية للجزائر قبل الاستقلال كانت متردية جدا، حيث كان الشعب الجزائري يعاني من الفقر والحرمان ومختلف الأمراض الوبائية والمعدية العديدة، منها الملاريا، والسل، والكوليرا، والتيفوئيد، والإسهال...الخ. هذه الأمراض ناتجة عن الظروف المعيشية السيئة المخصصة لأغلبية الجزائريين من طرف المستدمر، فمثلا نسبة الوفيات عند الأطفال هي من أعلى النسب في العالم، والقليل من المواطنين لهم الحق في العلاج العام والمتخصص. فالمستشفيات والأطباء يتمركزون في المدن المتواجد فيها المحتل بكثافة. أما المناطق الريفية فهي تسير أمور مرضاها بالطب التقليدي والأعشاب الطبية لأنها تفتقر لأدنى المراكز الصحية. وبلغة الأرقام فإننا نسجل أن لـ 10 ملايين نسمة قرابة 300 طبيبا فقط.
إذا، فمن الظاهر جليا غداة الاستقلال هو تحديد الأولويات والتركيز على سياسة وطنية للصحة تهدف إلى القضاء على الأمراض الوبائية ومكافحة ظاهرة وفيات الأطفال، وكذا بناء الهياكل وتكوين الإطارات الطبية والشبه الطبية والإدارية (1) .
فما هي المبادئ الأساسية لهذه السياسة الوطنية للصحة ؟
تمثلت هذه السياسة في المكافحة المكثفة للأمراض الوبائية وتعميم العلاج الوقائي، كالتلقيح ونظافة المحيط وحماية الأمومة والطفولة والنظافة المدرسية وطب العمـل.
إذا، هذين الهدفين الرئيسيين المتمثلين في مكافحة الأمراض الوبائية وتعميم العلاج الوقائي، هما ما شمله البرنامج المسطر لعام 1962م.
إن الوسائل التي خصصت لتنفيذ هذا البرنامج الطبي المستعجل (كتكوين الأطباء، وبناء الهياكل، والتجهيزات، وتشجيع التمويل الطبي)، لم تكن كافية. وبالرغم من هذا العائق فقد حقق هذا البرنامج بعض الأهداف منها التحكم في آفة الأمراض الوبائية من جهة، ومن جهة أخرى ظهور معطيات جديدة تمثلت على الخصوص في النمو السكاني وتشبيب الشعب الجزائري. هذه المعطيات السكانية جعلت التركيز على الحماية كهدف وكأولوية للسياسة الصحية في الجزائر. ففي مجتمع ثلاثة أرباع سكانه يقل عمرهم عن 30 سنة، وأن العمر الثالث (الشيخوخة) لا يطرح مشكل كبير، ولكن نسبة وفيات الأطفال تقدر بـ 58 بالألف. فإن الاختيار يفرض نفسه، ويتركز بالتالي على الوقاية من أسباب الأمراض، ومنها الماء، والغذاء، والنظافة الجسمية، والسكن، والطب المدرسي، وطب العمل. بالإضافة إلى طب الأطفال الذي من مهامه العاجلة القضاء على بعض الأمراض المعدية والخطيرة مثل الدفتيريا، والشلل، والحصبة، والكزاز... وهذه هي الأسباب الرئيسية لوفيات الأطفال .
إن التخطيط الفعال للتنمية الاقتصادية والاجتماعية يفترض دراسة اقتصاديات المشروعات للتعرف على التكاليف والإيرادات والأرباح ومدى جدواها في النهوض بالاقتصاد الوطني، وإذا كانت هذه الدراسات قد عرفت تقدما كبيرا في ميادين الزراعة والتجارة والصناعة وأصبحت لها قوانين ثابتـة ونظريات، فهناك ميادين أخرى لا تزال تعيش في حكم المجهول، لأن المشاريع فيها لم تخضع للبحث العلمي الجاد الذي يدرس جميع جوانبها وأوجهها، وبالتالي يخضع كل جزء منها للحساب الدقيق مما جعل العائد منها أمر شبه مستحيل. فمثلا إنتاج المصنع يمكن تحديده كما ونوعا، وبالتالي حساب تكاليفه وتقديــر أرباحه من خلال اقتناء المستهلك لتلك السلع، بينما إنتاج المستشفى لا يتعذر فقط تحديده في صورة كمية بل أيضا مفهوم الربح ينتهي عنده(*)، إذ أن المستشفى في الأساس هو نظام بشري، إنه نظام اجتماعي إنساني معقد، فمادته الخام هو الإنسان وإنتاجه إنساني وعمله ينفذ بواسطة الإنسان بشكل رئيسـي وهدفه إنساني، أي خدمة مباشرة للناس ذات طبيعة فردية وشخصية، وهذا لا يعني أنه لا يقدم أي عائد اقتصادي يعود على المجتمع وذلك بمساهمته في صحة العمال الذين يجنبهم التغيب عن العمل وضياع فرص الإنتاج كما يزيد من الطاقة الإنتاجية للاقتصاد بسبب ارتفاع متوسط عمر الأفراد وانخفاض معدل الوفيات، والمجتمع السليم بأفراده قوي في اقتصاده... ناهيك عن الصناعات الصيدلانية واختراع الآلات والعتاد الطبي...
في هذا الإطار رسمت الجزائر محاور كبرى للسياسة الصحية تمثلت في رسم إستراتيجية ـ مع كل تحفظ ـ من شأنها تعديل مواقع الخلل التي عرفها النظام الصحي السابق وتمثلت هذه الإستراتيجية في المحاور التالية:
· الوقاية: إن أفضل طرق العلاج هو تجنب المرض والعمل على عدم وقوعه وذلك من خلال الحملات التلقيحية وإجراءات النظافة ومحاصرة المرض قبل انتشاره عن طريق التلقيح واحترام معايير النظافة(1) . فالقضاء على بعض الأمراض وخاصة إذا اكتشفت في فترتها المبكرة لا يستدعي تكاليف كبيرة وقد تكلف عشرات الأضعاف إذا ما تركت دون اهتمام، كما أن المجتمع الجزائري مجتمع شاب ومن الضروري حمايته ومحاولة توفير كل الظروف التي تجعله يتمتع بمستوى صحي جيد، وبالتالي سوف تقل التكاليف العلاجية.
إن سياسة التصنيع الجزائرية تعتمد على الصناعات الثقيلة وهذه الأخيرة تتطلب يدا عاملة كبيرة، وهو ما أدى إلى انتشار حوادث العمل بكثرة مما أستوجب تطوير طب العمل لحماية العامل والاقتصاد في آن واحد، كما انجر عن سياسة التصنيع اتساع شبكة الطرقات وتلوث البيئة نتيجة الغازات الصناعية، بالإضافة إلى حوادث المرور والأمراض البيئية.
· علاج الأمراض: هنا تتدخل السياسة الصحية وذلك لعلاج الأمراض التي لا مفر منها، ولتحقيق ذلك تم وضع مستويات عديدة يتلقى فيها المريض كل العلاجات الضرورية ابتداء من المراكز الصحية القاعدية، ثم المستشفيات في حالة استعصاء العلاج.
· التوزيع العقلاني للأطباء: وذلك تحقيقا للأهداف المرسومة في الخريطة الصحية، أي تحقيق تغطية صحية كاملة للتراب الوطني من حيث الموارد البشرية والهياكل والمعدات الضرورية (2)، ولكن كيف تطور النظام الصحي في الجزائر منذ الاستقلال إلى يومنا هذا ؟
ـ السياسـة الصحيـة في الجــزائر (1962 ـ 1965 م):
ورثت الجزائر سنة 1962م حالة صحية متردية ومتدهورة حيث كان النظام الصحي الموجود متمركزا أساسا في كبريات المدن كالجزائر، وهران، وقسنطينة. ويتمثل خاصة في الطب العمومي الذي يتم داخل المستشفيات، وعيادات تشرف عليها البلديات وتقدم المساعدات الطبية المجانية. ومراكز الطب المدرسي النفسي تشرف عليها وزارة التربية والتعليم. ومن جهة أخرى هناك الطب الخاص الذي يسهر عليه حوالي 600 طبيبا ويعملون في عيادات خاصة جلهم كانوا من الأجانب.
لقد عرف قطاع الصحة خلال الحقبة الممتدة من الاستقلال إلى غاية منتصف السبعينيات وما بعدها، تطورات كبيرة من حيث المستخدمين والهياكل القاعدية لكن بمستوى تميز بالبطء مقارنة مع التطور السكاني الذي عرفته البلاد، وكذا بجملة من النصوص والقوانين لتوحيد النظام الموروث عن المستعمر(1).
قبل سنة 1965م لم تكن البلاد تتوفر إلا على 1319طبيبا منهم285 جزائريا فقط، وهو ما يعادل طبيب واحد لكل 8092 مواطن، و264 صيدليا، أي صيدلي واحد لكل 52323 نسمة. أما أطباء الأسنان فكانوا حوالي 151 طبيبا، أي طبيب أسنان واحد لكل70688.
أما من حيث الهياكل القاعدية فقد كان هناك عجز دائم حيث كان قبل سنة 1967م قرابة 39000 سريرا بالمستشفيات، وما ميز هذه المرحلة هو الزيادة النسبية لقاعات العلاج مقارنة بسنة 1962م.
إن السياسة الصحية خلال هذه الفترة محدودة في خياراتها جراء ضعف الوسائل المتوفرة لها، وكان ينبغي في أول الأمر إعادة إنعاش البنايات والهياكل التي خلفها الاستعمار، قبل توفير أدنى قسط من الخدمات الصحية للسكان، ومن جانب آخر كانت الدولة عازمة على تنمية سياسية على شكل إعانة تتمثل في الحملات التلقيحية لبعض الأمراض الفتاكة والمعدية.
وكما رأينا سابقا، فإن الجزائر ورثت سنة 1962م وضعية صحية لا يرثى لها نتيجة الظروف الاجتماعية والاقتصادية وسوء التغذية وقلة النظافة، ونقص التأطير خاصة في الميدان الطبي. ونقص التغطية الصحية مما خلق فوارق اجتماعية وجهوية كبيرة. بالإضافة إلى هذه المعوقات الهيكلية والبشرية، يضاف إليها المعوقات القانونية، بحيث أن إنشاء وزارة الصحة العمومية كوزارة قائمة بذاتها لم يكن إلا في سنة 1965، بعدما كانت مندمجة ضمن وزارات أخرى .
هذه المرحلة امتازت من جهة بطب الدولة من خلال المؤسسات الإستشفائية التي تضمن العلاج والاستشفاء، والتي تسير من طرف وزارة الصحة، والمراكز الصحية التي تضمن المساعدة الطبية المجانية AMG في المدن والبلديات، والتي تسير من طرف البلديات. وأخيرا مراكز النظافة المدرسية والتي تسير من طرف وزارة التعليم. ومن جهة أخرى، هناك قطاع طبي خاص يقدم علاج ذو طابع لبرالي في العيادات الخاصة، ولكن بإمكان الأطباء الخواص استعمال المؤسسات العمومية التابعة للدولة وذلك في إطار تعاقد، هذا الخليط من الأنظمة يتم التنسيق له من طرف مديرية دائرة الصحة.
ـ السياسـة الصحيـة فـي الجـزائر (1965 - 1979م):
مع بداية المخطط الوطني من جهة، وبداية نشاط المعهد الوطني للصحة العمومية الذي أنشئ عام 1964م(*)، وبصدور الأمر المنظم لمهنة الأطباء والصيادلة عام 1966م من جهة ثانية، أخذت الأمور تتحسن شيئا فشيئا من خلال تحسين دفع عجلة التكوين الطبي والشبه الطبي، وكذا إنشاء بعض الهياكل القاعدية بين سنتي1967 و1969م
وما ميز هذه المرحلة التاريخية من حيث بناء الهياكل القاعدية هو مضاعفة قاعات العلاج بين سنتي 1969 و1979م، وهذا محاولة لإعطاء العلاج الأولي أولوية وذلك عن طريق توفير قاعات العلاج والمراكز الصحية على مستوى كل بلدية أو على مستوى كل حي. والهدف من هذه الهياكل القاعدية هو قبل كل شئ الوقاية نظرا لخصوصية المجتمع الجزائري الشاب، وكذلك إنشاء العيادات المتعددة الخدمات بداية من سنة 1974م .
إذا، كانت نسبة 37 % من السكان مزودة بالمياه الصالحة للشرب، كما أن نسبة 23% لهم قنوات تصريف المياه القذرة. وإذا أخذنا بعين الاعتبار هذين العنصرين ندرك مباشرة النتائج التي تترتب عنهما خاصة في انتشار الأمراض المتنقلة عن طريق المياه، وهو الشيء الذي كان سائدا في تلك المرحلة.
أمام هذه الأرقام المخيفة والخطيرة لم تقف الدولة موقف المتفرج، بل أخذت مقاييس من أجل تنفيذ بعض البرامج التي سطرت بهذا الشأن والتي تعتبر ذات أولوية بالغة مثل التكفل بالطب المجاني للأطفال من طرف الدولة، سواء في إطار مراكز حماية الطفولة والأمومة أو في إطار الطب المدرسي، كما صدر في هذه الأثناء مرسوم رقم 69 -96، المؤرخ في 9 جويلية سنة 1969م*والقاضي بإلزامية التلفيحات ومجانيتها، وهذه تعتبر خطوة إيجابية ترمي إلى القضاء على الأمراض المعدية. كما تم إقرار التكفل الشامل من طرف الدولة لمكافحة بعض الآفات الاجتماعية مثل مرض السل من خلال إنشاء المراكز الخاصة بمكافحة مرض السل ليصبح علاجه مجاني ونفس الشيء بالنسبة لمرض الشلل، وسوء التغذية. كما تم كذلك اللجوء إلى عملية توزيع وتنظيم الولادات بمراكز حمايــة الطفولة والأمومة(1).
وميز هذه المرحلة التاريخية كذلك بداية الحملات الوطنية للتلقيح B.C.G. (1969 -1970م )، وكذا التلقيح ضد الشلل، ومكافحة الملاريا بداية من سنة 1965 بالمناطق الوبائية، وذلك مع البرامج المسطرة من طرف منظمة الصحة العالمية OMS كما ضمت هذه المقاييس مكافحة مرض الرمد، والإعلان عنه إجباريا، بالإضافة إلى برنامج الحماية من حوادث العمل ووضع لجان النظافة والوقاية(2) .
من ناحية التغطية الصحية لم يكن هناك إنصاف وعدل بين المناطق الحضرية والريفية، فنجد تمركز الموارد البشرية الطبية والشبه طبية والهياكل القاعدية في المدن الكبيرة وغيابها تقريبا في المناطق الريفية والشبه ريفية، هذه الأخيرة التي تحتوي إلا على بعض الأعوان الشبه الطبيين الذين لم يتلقوا حتى التكوين الأساسي في التمريض.
ولقد كان قرار مجانية الطب* المتعلق بإنشاء قانون الطب المجاني، كخطوة أولى في طريق إعطاء فعالية أكثر للقطاع الصحي وتوحيد نظامه ككل، ووضع برامج صحية لها ارتباط وثيق بالمشكلات الاجتماعية والاقتصادية للأفراد، وذلك بتسخير كافة الوسائل والإجراءات لحماية الصحة وترقيتها في البلد، وتعميم صيغة مجانية النظام الصحي الوطني. وانطلاقا من ذلك أصبحت العلاجات مهمة وطنية يستوجب اتخاذ إجراءات هامة وحاسمة من أجل تدعيمها، خاصة في مجال التعليم والتكوين، والزيادة في عدد الهياكل القاعدية مع التطبيق الصارم للتوازن الجهوي في ذلك.
إذا، وبموجب القرار السياسي الهام الخاص بالطب المجاني في جميع القطاعات الصحية، وبالموازاة مع هذا توحيد النظام الوطني للصحة وتطبيقه، كما تبع هذا الإصلاح قرار وزاري مشترك في يناير1974م، والذي تم بموجبه تحويل هياكل التعاضديات الفلاحية إلى مصالح الصحة، بالإضافة إلى توحيد الميزانية على مستوى القطاعات الصحية والتكفل المالي لعمال الصحة بواسطة الولايات بعدما كانت تابعة للوزارة، وتحويل جميع المراكز الطبية الاجتماعية التي كانت تابعة لصندوق الضمان الاجتماعي والتعاضديات إلى وزارة الصحة. وهكذا أصبح النظام الصحي الوطني يضم جميع الهياكل الصحية مهما كانت مهامها أو مجال نشاطاتها.
وفي هذا الإطار أكد الميثاق الوطني1976م، حق المواطن في الطب المجاني حيث جاء فيه:« الطب المجاني مكسبا ثوريا وقاعدة لنشاط الصحة العمومية وتعبير عملي عن التضامن الوطني ووسيلة تجسم حق المواطن في العلاج« (1). كما دعم دستور 1976م هذا الحق وذلك في المادة 67 منه، والتي تنص صراحة بأن:« كل المواطنين لهم الحق في حماية صحتهم وهذا الحق مضمون بخدمات صحية عامة ومجانية وبتوسيع الطب الوقائي..« (2).
ولتجسيد هذه الأهداف أوصي المؤتمر الرابع لحزب جبهة التحرير الوطني سنة 1979م باتخاذ كل الإجراءات التي من شأنها تحسين الحالة الصحية في الوطن وهذا بوضع برنامج متكامل يؤدي بالضرورة إلى تجنيد كافة الطاقات البشرية والمالية والتنظيمية، وهذا كله من أجل تحقيق الطب المجاني الذي هو خيارا لا رجعة فيه.
والآن، نلقي نظرة على تطور الموارد البشرية والمادية والبرامج الصحية وكذا التغطية الصحية التي عرفها النظام الصحي الجديد والمعروف بالطب المجاني، وبالتالي نصل إلى تقويم المراحل والأشواط التي قطعها والأهداف التي حققها. وبعبارة أخرى هل تم فعلا تجسيد الشعارات والخطابات السياسة المرسومة للقطاع الصحي؟.
نلتمس فعلا في هذه المرحلة التطور الكبير الذي عرفه النظام الصحي وذلك من خلال تزايد عدد الأطباء الجزائريين، عكس المراحل السابقة. وهذا نتيجة للإصلاحات التي حصلت في مجال العلوم الطبية والتي أعطت ثمارها، ونفس الملاحظة بالنسبة للسلك الشبه الطبي الذي عرف بدوره تطورا ملحوظا، إذ تضاعف خلال خمس سنوات، أي في الفترة الممتدة من 1974 إلى1979م.
وبالرغم من عمر الاستقلال السياسي للجزائرـ وفي ظروف صعبة وطنيا ودوليا -استطاعت أن تحقق بعض التقدم والتطور في القطاع الصحي، وهذا من خلال تشجيع التنمية البشرية وتكوين الإطارات الطبية والشبه الطبيـة ولكن في المقابل هذا التطور النسبي في الموارد البشرية عرف عدة مشكلات هي:
1 - هجرة الأدمغة (1) وخاصة الأطباء .
2- تمركز الإطارات الطبية في المدن الكبرى.
3- عدم التوازن في التخصصات بما فيها الطبية.
4- قلة وتيرة التطور في التنمية البشرية، بحكم الحاجيات والتحديات محليا ودوليا.
أما بشأن تطور الموارد المادية ففي هذه المرحلة تميزت بنوع من الاستقرار من حيث الهياكل القاعدية، ومع هذا نسجل ارتفاعا محسوسا في عدد العيادات المتعددة الخدمات، حيث أن هذه الهياكل التي هي بمثابة همزة وصل بين المراكز الصحية وقاعات العلاج من جهة، والمستشفيات والقطاعات الصحية من جهة أخرى.
إن المؤشرات الصحية لعام 1979 ـ مثلا ـ تؤكد بعض التطور كما هو مبين الآن:
1- نسبة الوفيات الإجمالي: 15.1 من الألف.
2- نسبة وفيات الأطفال: 122 من الألف.
3- نسبة الزيادات: 46.5 من الألف .
4- متوسط العمر 52.5 سنــــة(2).
هذه المؤشرات الصحية والتي تعبر إلى حد ما عن الحالة الصحية لأي بلد، لا تعبر هنا بأن الحالة الصحية للمجتمع الجزائري في تحسن بالرغم من التطور الذي لمسناه فيما يخص الهياكل القاعدية والموارد البشرية. والنتيجة الوحيدة التي نسجلها هنا هي انخفاض نسبة وفيات الأطفال، بعدما كانت حوالي 140 من الألف سنتي (1969 - 1970م) إلى 122 من الألف سنة (1979م).
أما بشأن البرنامج الصحي في هذه المرحلة، ومنذ عام 1975م، شرع فريق عمل متعدد الاختصاصات في إعداد برنامج صحي لتطبيقه في المخطط الرباعي الثاني، وهكذا فقد تم تحديد المشكلات الصحيـــة ذات الأولوية الارتباط مع تحديد المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وهي كما يلي:
1. المشكلات الصحية: كمكافحة الأمراض المتنقلة، مثل الملاريا، والسل، والرمد، والأمراض المعدية، والتهاب المفاصل الحاد، والأمراض الزهرية، والحصبة.
2. مكافحة الأمراض غير المتنقلة: كالأمراض العقلية، وأمراض القلب، والأوعية الدموية، وسوء التغذية، والشلل، والربو، والمضاعفات بعد الولادة، وتسوس الأسنان، والتكفل بالمعوقين حركيا، والصم البكــم، والعمي، ومرض السرطان.
3. المشكلات المتعلقة بنظافة المحيط والأمن في العمل، كنظافة السكن، ومعالجة المياه القذرة وتصريفها، والتزود بالمياه الصالحة للشرب، وتلوث الجو، والنظافة الغذائية، ومكافحة الحشرات المتسببة في انتشار الأمراض .
4. المصالح المتعلقة بالقطاعات الصحية للوطن وتحسين وظيفتها، في مجال الهياكل الصحية وتحديد المعايير التي تقود إلى التطور، وهنا يمكننا فتح قوس حول المعايير التي أثبتت الدراسات الحديثة عن عدم جدواها، إذ أنه ما يعبر عنه بمعيار في دولة ما أو مجتمع ما والذي يحقق الأهداف المنشودة، لا يمكن أن يحقق نفس الأهداف ونفس النتائج في مجتمع آخر، وبالتالي فإن لكل مجتمع أو دولة خصوصياتها التي يجب أخذها بعين الاعتبار في مثل هذه الدراسات، ولو أن هناك بعض المعايير العلمية المتعارف عليها في المنظمات الدولية المختصة.
لقد تم وضع بعض الأهداف التي تسعى المنظومة الصحية من أجل تحقيقها، وهي كالآتي:
5. مركز صحي لكل 6 إلى 7 آلاف ساكن.
6. عيادة متعددة الخدمات لكل 15 إلى 25 ألف ساكن.
7. مستشفى في كل دائرة.
8. مستشفى في كل ولاية.
9. عيادة للولادة ريفية وحضرية.
10. السكنات الوظيفية.
11. مخبر طبي في كل ولاية.
12. دراسة برنامج تحسين الإعلام الطبي.
13. دراسة صناعة الأدوية وتوزيعها(1) .
5 ـ فيما يخص المشكلات الاجتماعية والاقتصادية فقد أخذ بعين الاعتبار مشكل السكن(2) كأولوية الأولويات، إلا أنه بقي بدون حل جذري إلى كتابة هذه السطور، لأسباب عديدة أقل ما يقال عنها أنها بدون إستراتيجية واضحة المعالم والأهداف من جهة، ووجود مافيا تتلاعب بالعقارات والسكنات الاجتماعية من جهة ثانية.
إذا، من خلال كل ما سبق ذكره نستنتج أن المنظومة الصحية لا يجب النظر إليها من زاوية واحدة وهي المستشفى وما يقدمه من علاج، بل الأمر أكثر تعقيدا من ذلك، فالتفتح على المحيط ودراسته من شأنه أن يساعد المنظومة الصحية في تحقيق أهدافها ومواجهة المشكلات الصحية للمجتمع من خلال نظرة شاملة لكل مكونات المحيط والبيئة التي تسبح فيه المنظومة الصحية.
أما حول التغطية الصحية وبالرغم من الجهود المبذولة إلا أن التغطية الصحية اقتصرت على المدن الكبيرة، وكذا في الولايات. أم باقي المناطق الريفية فهي لا تزال تعاني من سوء التغطية الصحية، كما نشير أنه في هذه المرحلة تم اكتساب هيئات صحية جديدة، وهي إنشاء القطاعات الصحية والتي أوكلت لها مهمة العلاج والوقاية في آن واحد.
إن النظام الصحي في نهاية هذه المرحلة (1979 م) تميز إلى حد ما بلامركزية حقيقية للعلاج، وإيصال واسع للعلاج للمواطن، وهذا بواسطة تدعيم القطاع الصحي في كل من الدائرة، والولاية، والوقاية من الأمراض بالمناطق الريفية مع التكفل بحق الاستشفاء. وحتى يقوم القطاع الصحي من خلال المستشفى بالمهام المنوطة به تم اقتراح ما يسمى بالقطاعات الصحية الفرعية والتي تعد العيادة المتعددة الخدمات المقر التقني الإداري لها. فماذا عن هذا التنظيم الصحي الجديد ؟
إن ثمار إصلاح العلوم الطبية وإعادة ترتيب التكوين الشبه الطبي، بدأت تظهر بوضوح، بحيث نلاحظ ارتفاعا محسوسا للسلك الطبي الجزائري بمختلف رتبهم (كالأستاذ* Professeur، والأستاذ المحاضرMaître de conférence ، والأستاذ المساعدMaître assistant ، والطبيب المختصMédecin Spécialiste ، والطبيب العام Médecin Généraliste )، بالإضافة إلى أعوان الشبه الطبي. ففي هذه السنة 1979م، وصل عدد الهيئة الطبية الجزائرية إلى 3761 طبيبا، مقابل 2320 طبيبا أجنبيا، وهذا المجموع من الأطباء 6081 يضمنون تغطية صحية، تعادل طبيبا واحدا لكل 2960 ساكنا، لكن هذا المؤشر لا معنى له إذا قرناه بالكثافة الطبية التي هي بالمراكز التكوينية.
ومن جهة أخرى، فإن عدد أعوان الشبه الطبي قد وصل إلى 46669 ممرضا وعونا بمختلف التخصصات والفروع، و هذا ما يمثل تغطية شبه طبية تتمثل في عون شبه طبي واحد لكل 386 ساكنا. بالإضافة إلى عمال التسيير والعمال التقنيين والمقتصدين والإطارات المتوسطة وأعوان المكاتب وغيرها، لكن يبقى دورها مرتبطا بتحسين ظروفها الاجتماعية والاقتصادية والمهنية، لأن الإطارات والطبقات المتوسطة بغض النظر عن طبيعتها، هي الآن في طي النسيان والإهمال والتهميش بحكم التأثيرات اللبرالية الجديدة، وهذا ما أدى بتوديع الطبقة الوسطى على حد تعبير الدكتور المرحوم رمزي زكي(1).
أما بشأن الموارد المادية فنلاحظ ظهور هياكل جديدة من نمط العيادة المتعددة الخدمات والتي جاءت لإيصال العلاج لكل المواطنين عبر كامل التراب الوطني، وإلغاء بالتالي التفرقة بين المناطق، بالإضافة إلى بعض البناءات وإنجاز وتوسيع الهياكل القاعدية، ويمكن ملاحظة ذلك:
173 مستشفى عــام،
· 10 مؤسسات مختصة منها:
· 5 مؤسسات للأمراض العقلية.
· 1مؤسسة للأمراض المعدية.
· 1 مؤسسة جراحة الأعصاب.
· 1مؤسسة إعادة التأهيل الوظيفي.
· 1-مؤسسة للحروق.
· 1مستشفى يومي.
عدد الأسرة : 44187 (ما يمثل 2.40 إلى 4.9 لكل 1000 ساكن حسب الولايات).
يضاف إلى هذا العدد 937 سريرا وهو سعة عيادات الولادة الريفية، ليصل العدد الإجمالي إلى 45160 سريرا.(2)
أما بشأن المؤشرات الصحية فنلاحظ ما يلي:
نسبة الوفيات الإجمالي 12.75 من الألف.
نسبة الولادات الإجمالي 43.53 من الألف.
نسبة وفيات الأطفال 107.5 من الألف.
متوسط عمر الفرد حدد بــ 56 سنـــة (1) .
وما يمكن تسجيله في هذه المرحلة هو الانخفاض المحسوس للأمراض التي لها تلقيحات إجباريـة ومجانية وبالتالي الانخفاض في نسبة وفيات الأطفال، بينما تبقى مرتفعة تلك الأمراض التي لها علاقة بنظافة المحيط نتيجة حالة المحيط والحالة السكنية والمياه الصالحة للشرب وقنوات تصريف الميــاه والتسممات الغذائية، وغيرها.
إن الأهداف الكبيرة المسطرة في السياسة الصحية كانت ترمي أساسا إلى الحفاظ على المكتسبات الثورية في مجال الإصلاح الطبي من جهة، وتوسيع القطاع الصحي الوطني لتقريبه من المواطن من جهة ثانية. وهنا نلاحظ الإجراءات الإدارية الآتية:
. بذل الجهود في تكوين الإطارات الطبية والشبه الطبية.
خيار الطب الوقائي من أجل القضاء على الأمراض المعدية وسوء التغذية، وذلك بتقوية قطاع المسمى خارج الاستشفاء (2) .
إعداد منشور يحدد المناطق ذات الأولوية حيث يجب تعيين الأطباء فيها.
الاستعمال العقلاني لإمكانيات الخدمة الوطنية والخدمة المدنية.
الدواء باعتباره الإنتاج الأول، يجب أن يستفيد من جميع المقاييس.
لا مركزية المصالح الصيدلانية.
مضاعفة الوكالات الصيدلانية على المستوى الوطني.
قانون صحي للولاية.
التزود بالمياه الصالحة للشرب حسب معايير كمية ونوعية.
الحفاظ على الأسرة والتكافل الاجتماعي.
التكفل بالمعوقين الحركيين وإدماجهم في الحياة الاجتماعية.
أما بشأن التغطيــة الصحيــة فنلاحظ تركيزها في المناطق الشمالية، لكن بدأت أخيرا هذه التغطية تشمل المراكز الحضرية الصغيرة، وذلك عن طريق المركز الصحي الموجود به عون شبه طبي، وبعدها بدأ الأطباء الشباب في التعاقد بهذه المراكز، ومن جهة أخرى بدأت الدولة عن طريق وكالاتها الصيدلانية في تزويد هذه المراكز بالأدوية، ومن أجل تعديل هذا الخلل جاء المخطط الرباعي الأول بجملة من التعديلات منها:
على مستوى البــــلدية:
المركز الصحي منتظر في كل قرية أو مجموعة حضرية تضم 4000 نسمة، ويضمن هذا المركز عمل الوقاية، والنظافة المدرسية، وحماية الطفولة والأمومة والفحوصات، وكذا مراقبة نظافة المحيط، أي جميع العلاجات الأولية ما عدا الاستشفاء.
العيادة المتعددة الخدمات:حيث صممت لـ 20000 إلى 30000 نسمة، مهمتها العلاج والوقايـة، وتعتبر هيكل وسيط بين المستشفى والمركز الصحي البلدي، كما يمكنها تقديم الفحوصات المتخصصة كذلك(1) .
المركز الطبي الاجتماعي: أنه مقر نشاط الفحص والعلاج مع إدخال نشاطات مختلفة في النظام الوطني للصحة، بحيث يقوم ضمن هذا النوع من المراكز الرعاية الصحية للعمال التابعين لمؤسسة ما، كما أنه يسمى هذا القطاع بالشبه العمومي Para public .
على مستوى الدائرة: ضرورة إنشاء مستشفى من نمط «ب»hôpital de type « B » .، حيث يحتوي على عدد من الأسرة (120أو 140 سريرا)، بحيث تقدم في هذا النمط العلاجات العامة، بالإضافة إلى بعض الاختصاصات كالجراحة العامة وطب الأطفال وأمراض النساء والتوليد(1) .
أما من حيث تمويل هذه الخدمات فقد قدرت نسبة الدولة بـ 60% من مجموع النفقات، و30% من طرف الضمان الاجتماعي، والبقية 10% من طرف السكان أو الأسر، بحيث كانت هيئات الضمان الاجتماعي تغطي نفقات العلاج للمنتسبين إليها، وتضطلع الدولة بالسكان المعوزين عن طريق الإعانة الطبية المجانية AMG.
وما يقدم كانتقاد لهذه المرحلة التاريخية هو عدم ترتيب الأولويات حسب أهميتها، وانعدام أهداف واضحة موضوعة لهذا النظام إن صح لنا تسميته بنظام، بحيث كان الهدف هو تلبية الطلب قدر الإمكان. وفي النهاية نشير إلى المقترحات الهامة الخاصة بوضع نظام وطني للصحة في الجزائر من خلال مقترحات اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني، علما بأنها مرتبطة بالمرحلة القادمة التي نتناولها في دراسة خاصة بها.
ـ السياسـة الصحيـة في الجـزائـر (1979 ـ 2007م):
اعتبرت اللجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني أن النظام الصحي الوطني يجب أن يدمج ضمن المخطط الوطني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وحتى يتحقق هذا الهدف يجب التركيز على ما يلي:
توحيد وتحديث القوانين والنظم الصحية لضمان التناسق بين التنظيم القانوني والأهداف الأساسية التي أعلنها الميثاق الوطني 1976 .
إلزامية التكامل بين القطاعات وتحديد الوظائف والأدوار ليست فقط وزارة الصحة، وإنما القطاعات والتنظيمات الوطنية التي لها علاقة بالصحة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، لأن مشكل الصحة ليس مشكل وزارة الصحة فقط.
تكامل جميع الهياكل الصحية مهما كانت طبيعتها القانونية في تطبيق البرامج الوطنية والجهوية للصحة.
البطاقة الصحية(1)؛ كوسيلة فعالة في توجيه وتحديد وتأكيد التنمية الصحية .
التسلسل في العلاج وإعطاء الأولوية للعلاج القاعدي الذي يمكن تقديمه عن طريق الهياكل الصحية القاعدية.
جعل المؤسسات الصحية أكثر مردودية ونجاعة(2) .
بالإضافـة إلى إعادة النظر في جملة المشكلات المتعلقة بالجانب الاجتماعي للموظفين من أجور ونقل وتكوين وغيرها.
ونواصل دراسة تطـور النظام الصحي في ظـل الطب المجاني لأهميته وذلك في مرحلتي الثمانينيات وبداية التسـعينيات، وما نسجله في هذه المرحلة هو إنشاء هياكل صحية جديدة سنة 1986م(1) وهي المراكز الإستشفائية الجامعية، وفي نهاية الثمانينيات أتى دستور 23 فيفري 1989 ليحدد تدخل الدولة في مجال الوقاية ومكافحة الأمراض المعدية كما نصت عليه المادة 51 من الدستور السالف الذكر والتي تقول: " الرعاية الصحية حق للمواطنين . تتكفل الدولة بالوقاية من الأمراض المعدية وبمكافحتها" ويؤكد ذلك قانون المالية لسنة 1993، حيث نص على أنه بداية من هذه السنة فإن مجال تدخل الدولة سيكون في الوقاية والتكفل بالمعوزين وبالتكوين والبحث في العلوم الطبية، أما باقي العلاجات فتتم وفق اتفاق بين المؤسسات الاستشفائية وهيئات الضمان الاجتماعي، هذا النظام أو النهج التعاقدي- الذي يشرع في عملية التجريب بداية من سنة 1997، للوصول بعد الدراسة إلى النتائج النهائية التي سوف تطبق بحلول سنة 2000، لكن الدراسة لم تتوصل إلى غايتها، ولم يطبق إلى حد كتابة هذه السطور، ولا يمكن القول هنا بأن عهد الطب المجاني إنتهى؟؟ ويأتي من جهة أخرى المنشور الوزاري المشترك رقم 1 المؤرخ في 8 افريل 1995م والمتعلق بمساهمة المرضى في تسديد نفقات الإيواء والإطعام في الوسط الإستشفائي(2). ودفع مقابل الفحص عند الطبيب العام والإخصائي في حدود 50 د.ج و100 د.خ على التوالي، ولو أنه من الناحية القانونية فإن مجانية الطب لا تزال سارية المفعول لأن النصوص القانونية التي تؤكد ذلك لم يتم إلغاؤها نصوص قانونية أخرى صراحة... كما عرفت هذه المرحلة إعادة تنظيم المؤسسات الصحية من حيث التنظيم والتسيير وذلك سنة 1997، من خلال المراسيم التنفيذية الخاصة بالمؤسسات الاستشفائية المتخصصة والقطاعات الصحية والمراكز الاستشفائية الجامعية، وفي سنة 2007 يعاد تنظيم القطاعات الصحية لتصبح المؤسسات العمومية الاستشفائية والمؤسسات العمومية للصحية الجوارية أي فصل الاستشفاء عن العلاج والفحص وهي نوع من اللامركزية هدفها تسهيل الوصول إلى العلاج وتقريب المستشفى أو المؤسسة الصحية من المواطن. وقد عرفت هذه المرحلة تطور عدد الهياكل القاعدية وكذا عدد المستخدمين .
أما بشأن التغطية من حيث الهياكل الصحية سنة 1998 م مثلا فنلاحظ ما يلي:
02 سريرين لكل 1000 نسمة.
عيادة لكل 60731 نسمة.
مركز صحي لكل 25454 نسمة.
قاعة علاج لكل 6667 نسمة(1).
وللتذكير فإن من بين 4862 سريرا، والخاصة بعيادات الولادة، نجد أن 654 سريرا غير مشغلة، أما بالنسبة للعيادات المتعددة الخدمات فنجد من بين 482 عيادة 6 عيادات غير مشغلة، ونجد من جهة أخرى عدد 610 قاعة علاج من بين 4390 قاعة غير مشغلة، أي نسبة 13% من هذه الهياكل. ويعود هذا أساسا إلى الأسباب الأمنية التي عرفتها البلاد في العشرية الأخيرة، إذ أن أغلب قاعات العلاج موجودة في المناطق الريفية والنائية.
أما بشأن المؤشرات الصحية لسنة 1998م فهي كما يلي :
نسبة الزيادات 25.3 من الألف.
نسبة الوفيات العامة 6.04 من الألف.
نسبة وفيات الأطفال 44 من الألف.
متوسط مدة الحياة 68 سنة(2) .
أما المؤشرات الصحية الخاصة بسنة 2005، فقد عرفت بعض التحسن لكنه غير كاف وخير دليل على ذلك تقرير المنظمة العالمية للصحة بشأن الجزائر حيث اعتبرت المنظمة أنه بالرغم من المبالغ المالية العمومية المرصودة للقطاع الصحي في الجزائر والمقدرة بـ 9.1% من الميزانية العامة، إلا أن الخدمات الصحية لا سيما ما يتعلق بوفيات الأطفال دون المستوى، والسبب في ذلك عدم وجود سياسة وإستراتيجية ناجعة، وسوء توزيع الأطباء والتفاوت فيما يخص الرعاية الصحية..كما أن الأموال وحدها لا تحقق الأهداف والنتائج والأكثر من هذا، فإن التقنيات المكلفة ليست هي شرط النجاح... ومن بين المؤشرات نجد:
- وفيات الأطفال الأقل من 5 سنوات 40.5 من الألف حسب المنظمة وحسب الجزائر فهي 35.8 من الألف.
- الأمل في الحياة 74.8 سنة
- التلقيح: الشلل 98%
- الدفتيريا والكزاز و السعال الديكي : 87%
- التلقيح ضد التهاب الكبد الفيروسي 81%
أما متوسط توزيع الأطباء فنجد: طبيب واحد تقريبا لكل ألف مواطن وأقل من سريرين لكل ألفين مواطن...فإذا كانت التغطية الطبية تقارب المتوسط العالمي على المستوى الكلي، فعلى المستوى الجزئي هناك تفاوت كبير بين الولايات والجهات، مما يترجم سوء توزيع الأطباء وعدم التحكم في التوازن الجهوي.
إن تشخيص الداء يعد أساسيا في عملية التقويم هذه، ومن هنا يجب دراسة المشكلات الآتية :
مشكلات تخص النظام الصحي في حد ذاته، أي مكونات النظام ونعتبرها مشكلات داخلية.
مشكلات تخص البيئة التي يعيش فيها النظام، وتتمثل في مختلف العلاقات، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة مع مكونات المحيط.
مشكلات تخص رسم السياسة الصحية وتحديد الإستراتيجيات البعيدة المدى، بغض النظر عن تغير البرامج السياسية والحكومات المتباينة.
إن المشكلات الداخلية تتمثل في عدم وجود ارتباط بين الإطارات الفنية أو التقنية المتمثلة في السلك الطبي والشبه الطبي، والطاقم الإداري من خلال ضعف تسيير المراكز الصحية. الأمر الذي أثر على عدم قيام المنظومة الصحية بدورها نتيجة عدم التنسيق بين مختلف المهام الموكلة لكل عنصر من عناصر النظام، وبالتالي انعكس سلبا على مردود القطاع الصحي. كذلك يمكن القول أن هناك ظاهرة غياب الوعي المهني لهذه الفئة أثر على مردود القطاع، بينما يتصف الطاقم الإداري بالضعف في التسيير الإداري وذلك لعدم وجود تكوين مختص في تسيير الوحدات الصحية، بالرغم من البرامج التكوينية التي بادرت بها المدرسة الوطنية للصحة العمومية، كدورات التكوين المتواصل(1) في الإدارة العامة، وإدارة الموارد البشرية، وتسيير المصالح الاقتصادية، والمحاسبة التحليلية، وغيرها، والتي توجه إلى إطارات المؤسسات الصحية، بالإضافة إلى انطلاقة تكوين ما بعد التدرج المتخصص في إدارة أعمال المنظمات الصحية*، بحيث تخرجت الدفعة الأولى سنة 1999م، والدفعة الثانية هي في طور التكوين، بالإضافة إلى دفعات أخرى في إدارة الموارد البشرية والمالية والمحاسبة، وكل هذه المجهودات من أجل رفع مستوى المسيرين.
ولكن ما ميز هذا التكوين العلمي(ما بعد التدرج المتخصص) هو عدم مشاركة الأطباء فيه، بحيث من شروط الالتحاق بهذا التكوين، أن يكون المترشح متحصل على شهادة جامعية (الليسانس وأكثر)، وأن تكون له خبرة مهنية لا تقل عن ثلاثة سنوات. وبالرغم من هذا فكان بإمكان الأطباء أن يشاركوا في هذا التكوين (بعد إجراء مسابقة الدخول طبعا).الأكيد أن العديد من الأطباء لم يعطوا بعد أهمية لتسيير المؤسسات الإستشفائية، بالرغم من تعقيد هذا التسيير الإداري كما رأينا من قبل، والأمر كذلك لا يخص الجزائر فقط، فنجد في فرنسا مثلا أنه بداية من 1989م تم وضع إجراء جديد يتمثل في تكوين مديري المستشفيات وقد تابعت عدة دفعات هذا التكوين ولم يشارك أي طبيب في هذه الدورات، بحيث طغت الفروع القانونية والإدارية، وكذا الممرضين على هذا التكوين. أما من حيث البرامج والمواد المدرجة في التكوين فهي:
تحليل مقارن لأنظمة الصحة. الاتصال. المحاسبة والمالية. قانون المستشفيات. اقتصاد الصحة. تسير الموارد البشرية. الإستراتيجية والتخطيط.- الصحة العمومية(1) ...وغيرها.
وإذا قارنا هذه البرامج والمواد بتلك التي قدمت في تكوين الدفعة الأولى لطلبة ما بعد التدرج المتخصص في إدارة أعمال منظمات الصحة بالمدرسة الوطنية للصحة العمومية بالجزائر نجدها تقريبا نفس المواد، مما جعلنا نؤكد على تأصيل البرامج وتجديدها في آن واحد.
كما نلاحظ التداخل في المهام بين مكونات النظام الصحي علما بأن لكل عنصر دوره المحدد، بحيث أن المراكز الصحية تختص في تقديم الفحوص الأولية، بينما المستشفيات كمرحلة أخيرة تهتم بالعلاجات المختصة أو الحالات المستعجلة، لكن المشكلة تكمن في وجود أقسام خاصة بالعلاجات الأولية في المستشفيات مما يؤدي إلى الازدحام والفوضى وسوء تقديم خدمات صحية ذات نوعية مقبولة.
كذلك هناك مشكلة البيروقراطية فيما يخص المواعيد والتحاليل، فمن غير المعقول أن ينتظر الإنسان المريض 5 أو 6 شهور لإجراء عملية جراحية على عينيه أو كليته...
إن النظام الصحي في الجزائر يعتمد على الطب الوقائي، لكن ما ينفق في هذا المجال لا يمثل سوى 5 % من الميزانية، وعلى العكس فإن الأدوية تمثل 13 % ويا حبذا لو كان العكس من ذلك لان المجتمع الجزائري مجتمع شاب، وبالتالي يجب وقايته والحفاظ عليه، خاصة وأن هناك أمراض غريبة وخطيرة تغزو شبابنا كالإدمان على المخدرات(1). ومرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، والاضطرابات النفسية بحكم البطالة والفراغ والتسرب المدرسي ...إلخ.
إن ضعف التنظيم الصحي أدى إلى بروز ظاهرة التبذير في العلاج واستهلاك الأدوية علما بأن العديد من المواطنين لا يمتلكون دفاتر صحية. كذلك التوزيع السئ للمصالح الصحية عبر الوطن أثر على مردودية هذه المصالح، بحيث نجد في مناطق كثيفة السكان نقصا للهياكل الصحية على عكس مناطق أخرى نجد فيها هياكل ضخمة بينما الكثافة السكانية قليلة، ولمعرفة هذا الخلل نعتمد على نسبة تشغيل الأسرة من طرف المرضى، وكذا عددهم الذين تداولوا على سرير في مدة معينة.
أما فيما يخص التكوين بالنسبة لمكونات النظام الصحي نجد أنها تهتم بالكم، بالإضافة إلى بعض المشكلات الأخرى والتي لا تقــل أهمية منها على الخصوص نقص الأدوية، وضعف تمويل البحث العلمي في الميدان الصحي وغيره.
أما بشأن المشكلات الخارجية فيمكن ضبطها فيما يلي:
عدم التوازن في توزيع المراكز الصحية وهذا بحكم ضعف التخطيط العلمي، بحيث أدى نقص المعلومات الخاصة بالتوزيع السكاني لدى هيئات التخطيط إلى وجود هذه المشكلة، لأن علم السكان الذي يتناول التراكيب العمرية والجنسية والثقافية والاجتماعية وغيرها، هو مكملا لعلم التخطيط الذي يجب التركيز عليه.
غياب التوزيع العادل والعقلاني للأطباء خاصة في المناطق النائية المحرومة .
عدم تماشي البرامج التعليمية في مجال تكوين الأطباء مع السياسة الصحية، بحيث نلاحظ فيها المحور الأساسي هو الوقاية، لكن تكوين الأطباء هو يقصد العلاج وليس الوقاية من جهة، وعدم الاهتمام بالأخلاقيات العلمية والمهنية (1) من جهة ثانية، زيادة على هذا بروز المشكلات التمويلية التي أثقلت كاهل الدولة وكيفية تسديدها، بل إن ترشيد النفقات الصحية يجب أن يمر كذلك على الطبيب، و بالتالي تكوينهم في هذا المجال.
مشكلة صيانة العتاد وبقاء التبعية للغير، لغياب تكنولوجية ملائمة.
عدم وجود تنسيق وتكامل بين وزارة الصحة والهيئات الأخرى المعنـية بالشـؤون الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية (*) وذلك من أجل وضع برامج وقائية وعلاجية وأخلاقية (2) ودينية ...لأن مشكلة الصحة ليست مشكلة وزارة الصحة فقط، بل تهم المجتمع برمته.
إن أكبر مكسب عرفه القطاع الصحي العمومي في الجزائر هو تبنيه سياسة الطب المجاني كمفهوم وكواقع مجسد في الهياكل القاعدية الكبيرة والمنتشرة في أرجاء البلاد، إلا ما نلمسه في الواقع هو عجزه عن تأدية مهامه على أحسن وجه، وهذا العجز لا يرجع إلى كون الخدمات المقدمة من طرف القطاع العمومي هي مجانية يتلقاها كل شخص جزائري ومتى شاء مما يدفع بالطلب عليها إلى الارتفاع، وبالتالي يؤدي بنا إلى التفكير في جعلها بالمقابل، أي أن الطالب للخدمة الصحية سوف يدفع مبلغا معينا مقابل تلقيه العلاج... دون تدخل الضمان الاجتماعي، لنطرح سؤال آخر حول مصير هذا الأخير في هذه الحالة؟؟.
نقول إذا، إن المشكلة التي يعاني منها النظام الصحي العمومي ليست شكلية تتعلق بالدفع المالي، بل هي أعمـق من ذلك وتتعلق بنوعية التنظيم بين مختلفات مكونات هذه المنظومة والبيئـة التـي يعيش فيها، أي مختلف العلاقات بين مكونات المحيط العام. فالإصلاح يجب أولا أن يشمل الجوانب التنظيمية التي تعطي أكثر فعالية لعناصر النظام الصحي لتتحسن مردودية الخدمات المقدمة اعتمادا على الجانب التسيري الرشيد أكثر من الاعتماد على بناء هياكل بيروقراطية جامدة لا يمكن التحكم فيها أولا تعمل بكامل طاقتها(*). وفي هذا الإطار جاءت الجلسات الوطنية التي انعقدت في 26 ،27 و 28 ماي 1998م بقصر الأمم بالجزائر، والتي تم فيها وضع « ميثاق الصحة» كإشارة إلى ضرورة تكيف المنظومة الصحية مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي تعرفها البلاد، ويهدف هذا الميثاق إلى تحديد المبادئ الرئيسية والأولويات التي ينبغي أن تميز السياسة الوطنية للصحة بما في ذلك البعد التنظيمي والتمويلي. كل هذا مدعما بإطار ملائم في مجال التكوين والإعلام والاتصال.
ومن هنا تطرح مشكلات تخص رسم السياسة الصحية وتحديد الإستراتيجيات البعيدة المدى، بغض النظر عن تغير البرامج السياسية للحكومات المتباينة.
إن الاستفادة من مجانية العلاج، والعدالة الاجتماعية، والإنصاف والتضامن الاجتماعي يشكلون المبادئ الأساسية للسياسة الوطنية في مجال الصحة والسكان.
إن حماية الصحة وترقيتها تسعى على وجه الخصوص للحد من اللامساواة وهذا يتطلب مبدئيا إعداد وتنفيذ إستراتيجيات وسياسات ملائمة في مجال السكن، والتشغيل، وتطهير الوسط، وحماية المحيط وتحسين التغذية وكذا نشاطات صحية تستهدف الفئات الضعيفة بالدرجة الأولى، بما فيها الفئات الوسطى، كما أكد هذا الميثاق للصحة على إعطاء الأولوية للصحة في برنامج عمل الحكومة، كما يجب التأكيد من جديد على وحدوية المنظومة الصحية، وهذا بدمج كافة المتدخلين بصفة منسجمة: كالقطاع العمومي، والشبه العمومي، والقطاع الخاص، كما تتطلب نجاعة المصالح الصحية مراجعـة الإطار التنظيمي، وإعداد وتنفيذ إستراتيجيات ملائمة وإعادة الاعتبار للموارد البشرية والمادية وإزالة الفوارق الجهوية وذلك من خلال المناطق الصحية الجهوية الخمسة (*) وتكريس التعددية القطاعية وترقية نظام ناجع للإعلام، وكذا التكوين المتواصل والاتصال(1) .
إن التعددية القطاعية تشكل محورا إستراتيجيا، كما أن حماية الصحة وترقيتها لا تخص قطاع الصحة لوحده، إذ تستوجب شروطا وموارد ضرورية كالاستفادة من المياه الصالحة للشرب، والتربية، والسكن، والتشغيل، وحماية المحيط. كما يجب أن تكون هذه التعددية القطاعية في كل المستويات المحلية، والجهوية، والوطنية. كما تمت الإشارة إلى وضع نظام إعلامي خاص بالمؤشرات الصحية وإعادة الاعتبار للموارد البشرية عن طريق التكوين المتواصل وغيرها، وعموما فقد تمحورت الأولويات الصحية في آفاق سنة 2005 حول ما يلي:
1 -الالتزام المؤكد لصالح الوقاية، لا سيما في مجال:
صحة الأم والطفل. صحة الشباب. الصحة العقلية. الصحة في الأوساط الخاصة. الأمراض المزمنة. الحوادث والإعاقات.
2 - تطوير علاج الصحة القاعدية، مثل إعادة الاعتبار للمراكز الصحية وقاعات العلاج وتزويدها بالوسائل والمعدات الطبية والموارد البشرية، للتكفل بالعلاج القاعدي والأولي وذلك للتخفيف من الضغوطات التي تعرفها المراكز الإستشفائية الجامعية، والتي أصبحت تلعب دور المراكز الصحية وقاعات العلاج، أي تقديم العلاج من الدرجة الأولى.
3 - تحسين مؤشرات صحة السكان، كتزويد السكان بالمياه الصالحة للشرب، وحماية المحيط ومعالجة المياه القذرة، وغيرها.
4 - التخفيض من المخاطر المرتبطة بمحيط غير مناسب، كالتلوث، ومحاربة الآفات الاجتماعية
5 - التحكــم في التكاليف وتخفيض التبعية بفضل تدعيم وتطوير صناعة وطنية في مجال التجهيزات والمواد الصيدلانية.
6 - إعادة تأكيد مبدأ مجانية العلاج في إطار قانوني مجدد(1) .
أما فيما يخص المبادئ الرئيسية لتنظيم المنظومة الصحية فقد تركزت حسب الميثاق على ما يلي:
1- تكييف الإطار التنظيمي مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها البلاد.
2- المحافظة على القطاع العمومي وتحسين مردوديته.
3- إدماج القطاع الخاص في المنظومة الصحية الوطنية.
4- إقامة جسور بين القطاع العمومي والشبه العمومي والخاص.
5- تكييف القوانين الأساسية للمؤسسات العمومية للصحة مع خصوصيات مهامها.
6- تطوير وتدعيم السند القانوني للمنظمة الصحية.
7- خلق وظائف التقييم ومراقبة النشاطات الصحية حسب الأهداف المنشودة.
8- تطوير النظام الوطني للإعلام الصحي.
9 - ترتيب وتوزيع العلاجات والاستعجالات الطبية الجراحية في إطار خريطة صحية.
10- تطوير صيغ بدائل لتمويل نفقات الصحة بإشراك المجتمع.
11- تشجيع تطوير الصناعة الوطنية للتجهيزات والمواد الصيدلانية وضمان توفير المواد الضرورية.
12- تدعيم جهاز مراقبة المواد الصيدلانية، وأمن حقن الدم.
13- إعادة تقويم التجهيزات التقنية.
14- تحسين الظروف والوضعية الاجتماعية والمهنية لكافة مستخدمي الصحة، ووضع تدابير تحفيزية على وجه الخصوص بالتنسيق مع الهيئات المعنية.
15- إنشاء مجلس وطني للصحة(1) .
وقبل مواصلة ذكر وشرح المبادئ التي جاء بها ميثاق الصحة، يجب علينا الوقوف عند أمر هام يتمثل في الأخلاقيات الطبية، وتحديد العمل الطبي.
إن مدلول العمل الطبي من الأمور العسيرة والصعبة فضلا عن صعوبة الوصول إلى ما يثيره علم الطب من غموض، فما أيسر أن يستخدم كل منا كلمة عمل طبي، دون أن يكون في مقدوره أن يحدد معنى واضحا له، لذلك فلا غرابة أن يظل مدلول العمل الطبي غامضا حتى الآن، كيف لا وأن الطبيب يقوم بالعمل الطبي والجراحي ويتقاضى مقابل ذلك أجرا حتى ولو كانت النتيجة الوفاة، أو عدم شفاء المرضى، بل أن أحد لم يجرأ بمساءلة الطبيب أو حتى تعويض الأضرار(خاصة في الجزائر). بل الأكثر من ذلك أن الطبيب هو الشخص الوحيد الذي يستطيع أن يرتكب جريمة القتل دون أن يتعرض لأي عقاب، وكثيرا ما كان ينسب الخطأ إلى المريض الميت نفسه...
إن أساس إباحة العمل الطبي كما تنص عليه المادة 197 من قانون حماية الصحة وترقيتها:« تتوقف ممارسة مهنة الطبيب والصيدلي وجراح الأسنان على رخص يسلمها الوزير المكلف بالصحة بناء على الشروط التالية:
أن يكون طالب هذه الرخصة حائزا حسب الحالة، إحدى الشهادات الجزائرية، دكتور في الطب، أو جراح أسنان، أو صيدلي، أو شهادة أجنبية معترف بمعادلتها... »(1).
وتنص المادة 2 من مدونة أخلاقيات مهنة الطب على مايلي : « تفرض أحكام هذه المدونة لأخلاقيات الطب على كل طبيب أوجراح أسنان أو صيدلي أو طالب في الطب أو في جراحة الأسنان أو في الصيدلة مرخص له بممارسة المهنة وفق الشروط المنصوص عليها في التشريع والتنظيم المعمول بها». ومن هنا نلاحظ أن إباحة العمل الطبي والجراحي يكمن من خلال الترخيص القانوني الذي يسلم من طرف وزير الصحة، ولكن ما المقصود بالعمل الطبي؟
تعرف منظمة الصحة العالميةOMS العمل الطبي بأنه:« هو كل ما يحقق راحة وسعادة الإنسان لأسباب تتعلق بالجوانب النفسية أو العقلية أو البدنية أو الاجتماعية « (1) . أما الفقه الفرنسي، فقد عرف العمل الطبي على أنه:« ذلك العمل الذي يقوم به شخص متخصص من أجل شفاء الغير، ويجب أن يستند ذلك العمل على الأصول والقواعد المقررة في علم الطب، فاللجوء إلى العلم من أجل شفاء المريض هو الذي يميز الطب عن السحر والشعوذة »(2). أما الفقه العربي فيعرفه بأنه ذلك النشاط الذي يرد على جسم الإنســان أو نفسه، ويتفق في طبيعته وكيفيته مع الأصول العلمية والقواعد المتعارف عليها... ويهدف إلى المحافظة على صحة الأفراد وتحقيق مصلحة اجتماعية شريطة توافر رضا من يجرى عليه هذا العمل.
ومن خلال هذه التعاريف تتضح لنا الجوانب التي يجب توفرها في العمل الطبي، وهي:
1- الشرط الشكلي.
2- الشرط الموضوعي.
3- الشرط العرفي.
4- الشرط الشخصي (بقصد الشفاء).
إن رسالة الطبيب تكمن، كما نصت عليه المادة 7 من مدونة أخلاقيات الطب، تتمثل في الدفاع عن صحة الإنسان البدنية والعقلية وفي التخفيف من المعاناة، ضمن احترام حياة الفرد وكرامته الإنسانية دون تمييز...(2)، وللإشارة فهناك اثني عشر مجلسا جهويا لأخلاقيات الطب بالجزائر، مهمتها تتمثل في التحقيق بالشكاوى المتعلقة بالأخطاء الطبية وبالسلوكات المنافية لمهنة الطب وأخلاقياتها، ولكن يبدو أن المواطن الجزائري لم يتعود على مثل هذه الشكاوي، لأسباب عديدة منها الإيمان بالقضاء والقدر من طرف المواطنين، والسبب الثاني من طرف الأطباء أنفسهم من خلال طلب الخبرة من طرف طبيب الذي يلجأ إليها القضاء، ومن النادر أن يتهم طبيب زميل له. لذلك يصبح مجلس أخلاقيات الطب هو الذي يبث في الشكاوى هذه بعدما توجه له من طرف القضاء. كما أن هذه المجالس تلزم الأطباء في الانخراط والاشتراك فيها قبل ممارسة المهنة(3).
إن الإطار القانوني، والمبادئ التي تقوم عليها المنظومة الصحية، تدعمت كما رأينا بمجلس وطني لأخلاقيات المهنة، وبالتالي الحفاظ على صحة المجتمع، ونتساءل الآن كيف يتم تجسيد هذه المبادئ الأخلاقية الطبية؟
إن هذه المبادئ لن تجد سبيلا لتجسيدها إلا إذا كانت الموارد المخصصة لها كافية ومتوفرة. وفي هذا الإطار فإن تمويل الصحة لا يزال يشكل انشغالا كبيرا للدولة، وعلى هذا الأساس لابد أن يرتكز على التضامن الوطني قصد ضمان العلاج للكل، وبهذا الصدد فقد تم التأكيد على مبدإ مجانية العلاج في إطار قانوني مجدد.
إن التمويل في هذه المرحلة يجب أن يعطى لأولوية الوقاية والعلاج القاعدي والتخطيط العائلي والتربية الصحية، ويكون هذا التمويل يتماشى والتطور الموجود في المجالين الاقتصادي والاجتماعي. وبما أننا ذكرنا فيما سبق أن الدولة وصلت إلى حد ليست قادرة الآن على تجاوزه بخصوص تمويل القطاع الصحي، فما هي إذا مصادر التمويل التي أقترحها ميثاق الصحة؟.
إن مصادر التمويل حددت كما يلي:
إبقاء مساهمة الدولة للحفاظ على التضامن الوطني والانسجام الاجتماعي من جهة، واستمرارية صلاحياتها كسلطة عمومية في مجال التخطيط والتنظيم من جهة أخرى.
تدعيم نظام التغطية الاجتماعية، وتعميم النظم التعاقدية. والاتفاقية في العلاقات بين الممول والهياكل الصحية.
البحث عن مصادر بديلة لتمويل نفقات الصحة بتحديد وإقامة آليات من شأنها السماح بمساهمة:
التأمينات الاقتصادية.
التعاضديات والتأمينات التكميلية القائمة على الاشتراكات الإرادية.
الهياكل المحلية والجهوية لتغطية المخاطر الوبائية الخاصة.
الضرائب لكل النشاطات المتسببة في التلوث، وعلى كل المواد التي تؤثر سلبا على صحة المواطن.
مساهمة المواطن (وخاصة الأثرياء الذين استفادوا من الريع).
وحتى يمكن التحكم في نفقات الصحة يجب، بل يقتضي الاستعمال العقلاني للموارد المالية، ويتمثل ذلك فيما يلي:
تحديد الأولويات.
التخطيط والتحكم في تقديم العلاج.
إستراتيجية حكيمة لتغطية النفقات بتحديث قائمة وأسعار الأداءات (أي من الأداء).
تحديد وإقامة وسائل التقييم للتحكم في تكاليف الصحة(1) .
كما أشار الميثاق الصحي من جهة أخرى إلى تحسين التسيير الإداري، وذلك وفق ما يلي:
منح المؤسسات الصحية الاستقلالية اللازمة وقوانين أساسية تتلاءم وخصوصياتها، وهذا بوضع لامركزية الميزانية على المستوى الجهوي والمحلي.
تأسيس نظام لتقييم النشاطات حسب الأهداف المسطرة.
وفي النهاية أولى الميثاق الصحي اهتماما بالغا بالتكوين، والإعلام، والاتصال، والذي أكد بأنها تعتبر عناصر أساسية لكل منظومة صحية دائمة وناجحة وفعالة.
فالتكوين حق ينبغي أن يكون ذا نوعية ويتماشى والحاجيات التي تم إحصاؤها، موجها نحو حل مشاكل الصحة، ويدمج الجوانب البيوطبية(*)، والسيكوسوسيولوجية(**). كما يتعين على التكوين الجيد التكيف مع التطورات التكنولوجية الملائمة وتشجيع استعمال الطرق والتقنيات العلمية والأدوات التربوية الملائمة واستعمال بصفة عقلانية الكفاءات الموجودة، وتوفير الوسائل اللائقة للعلاج والبحث.
وفي هذا الإطار يعتبر التكوين المتواصل حق وواجب(1)، حيث يساهم في تحسين نوعية العلاج لصالح السكان ونجاعة المنظومــة الصحية. ولهذا ينبغي تكييفه مع الوضعية الصحية الوطنية والخصوصيات الجهوية.
أما من ناحية الإعلام، فإن تطوير نظام وطني إعلامي للمؤشرات الصحية أمرا مستعجلا وذلك قصد السماح بالمساهمة في اتخاذ القرار على كافة المستويات من جهة، وإعداد برمجة صحية من جهة أخرى. ويتطلب نظام الإعلام تحديد مصادر المعلومات والمعطيات وقنواته، وينبغي أن يسمح بتحليل ومعالجة المعطيات العلمية والأرشيف وإعادة الإعلام والتقييم.
وإذا كان لكل مواطـن الحق في الإعلام فيمـا يخص المصالح الخاصة بالوقاية وأمن الوسائل والتقنيات الطبية المستعملة ومتابعة العلاج والسرية والإعلام والتعبير عن رأيه. ولهذا الغرض فمن الضروري وضع إستراتيجيات للإتصال الاجتماعي موجهة نحو سكان مستهدفين، وتطوير التكوين في الإعلام، والتربية الصحية، والاتصال والسهر على إقامة علاقات إنسانية منظمة بين مستخدمي الصحة ومستعمليها(2)، بل لا نغالي إذا قلنا لا انسجام اجتماعي بدون اتصال اجتماعي.
وتعتبر هذه الجلسات والتي انبثق عنها « ميثاق الصحة « حيث حددت فيه الأولويات في آفاق عام 2005 م، بالإضافة إلى المبادئ الرئيسية لتنظيم المنظومة الصحية الوطنية، وكذا تمويل الصحة وكيفية التمويل والتحكم في النفقات الصحية. وأخيرا التكوين والإعلام والاتصال. ومن المعروف أن قيمة الميثاق ليست في المحتوى أوفي عدد الصفحات أو حجمه وإنما تكمن الأهمية الكبرى فيما تطبيقه فعلا وواقعا.
ومن جهة أخرى، فيجب التذكير بأن القانون رقم 85-05 المؤرخ في 26 جمادى الأولى 1405 هـ ،الموافق لــ 16 فيفري 1985م والمتعلق بحماية الصحة وترقيتها، ونتيجة للتحولات الكبيرة التي عرفتها الجزائر وفي جميع المجالات، عدل وتمم ثلاث مرات ولكن ما يهمنا في هذه الإشارة هو الجوانب المعدلة والتي نعتبرها جزئية بل ترقيعية لقانون كان من الواجب مراجعة جل بنوده نظرا للتحولات التي عرفتها البلاد أخيرا.
وهكذا وفي إطار إعداد التقرير التكميلي عن مشروع القانون المعدل والمتمم للقانون 85-05 ، الصادر في 16/02/1985م، والمتعلق بحماية الصحة وترقيتها، عقدت لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والتكوين المهني اجتماعا لدراسة الاقتراحات الكتابية والانشغالات المعبر عنها. وتتمثل هذه التعديلات حول المستفيدين من ممارسة النشاط التكميلي مع تحديد الوقت، والتفتيش الصيدلاني والخدمة المدنية. وفي هذا الإطار ألقى وزير الصحة والسكان(*) كلمة ذكر فيها بالتحولات الاجتماعية والاقتصادية التي تعرفها الجزائر والتي جعلت من الضروري اتخاذ إجراءات تهدف إلى تدعيم المنظومة الصحية عن طريق تعزيز حماية صحة المواطن، سواء عن طريق ضمان الخدمات الطبية المتخصصة أو جودة الأدوية المسوقة ونوعيتها، تقتضي وظيفة قطاع الصحة في هذا الإطار. وفي انتظار صياغة قانون جديد للصحة وعلى توصيات الجلسات الوطنية للصحة إدخال بعض التعديلات على القانون رقم 85-05 المتعلق بحماية الصحة وترقيتها وهي النشاط التكميلي لفائدة الإستشفائين الجامعيين والمختصين في الصحة العمومية ومفتشية الصيدلة وإرجاع الخدمة المدنية بالنسبة إلى المستخدمين المتخصصين، فما هي محتويات هذا التعديل؟.
ويهدف هذا القانون بالسماح للممارسين الإستشفائيين الجامعيين والمختصين في الصحة العمومية بالممارسة بصفة خواص خارج أوقات عملهم في المؤسسات الخاصة، (مسائين في الأسبوع ) وهذا لتحسين أجور هؤلاء المستخدمين دون تحمل ميزانية الدولة عبء إضافيا وتحقيق تحفيز أكبر للمستفيدين. أما فيما يخص مفتشية الصيدلة، فإنه يهدف إلى تدعيم صلاحيات مفتشية الصيدلة كهيئة تفتيشية تتمتع بسلطات الشرطة القضائية وذلك استجابة للتطورات الناجمة عن بروز اقتصاد السوق وفتح القطاع الصيدلاني أمام الاستثمار الخاص الجزائري والأجنبي. أما فيما يتعلق بالخدمة المدنية، فإنه لا يمكن ضمان تحقيق توازن في الخدمات الصحية المتخصصة دون اللجوء إلى الخدمة المدنية، وإذا كانت هذه المحاور هي محتوى هذا التعديل، ففيما تكمن أهمية هذا القانون؟.
تكمن أهمية هذا القانون المعدل نتيجة للظروف التي تعرفها البلاد، فجاء ليواكب مقتضيات المنظومة الصحية الوطنية خاصة وأن حماية صحة السكان المكفولة دستوريا تشكل أحد الإنشغالات الكبرى لبلادنا، حيث تسهر على ضمانها وحمايتها عن طريق توفير خدمات صحية في كافة أنحاء البلاد، والاهتمام بالشرائح الاجتماعية المحرومة... غير أن التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها بلادنا أثرت بشكل سلبي في بعض جوانب منظومتنا الصحية بشكل عام، وعلى القطاع العمومي بشكل خاص، وتتمثل هذه الآثار السلبية في:
1- تخلى الأطباء المتخصصين خاصة منهم الإستشفائيين الجامعيين عن القطاع العام، الذي يعتبر بمثابة العمود الفقري للنظام الوطني للصحة والتوجه سواء نحو الخارج أو نحو القطاع الخاص، حيث توفر لهم كل الامتيازات خاصة المادية منها، وهذا يؤثر سلبا على مساهمة الهياكل الصحية العمومية، سواء في تقديم العلاج ونوعية الخدمات الصحية، أو في أنشطة التكوين والبحث العلمي.
2- تسجيل توزيع غير متوازن للأخصائيين غبر التراب الوطني، حيث تعرف بعض المناطق من الوطن انعداما كليا لهؤلاء بينما تستفيد المناطق الشمالية من تغطية صحية كبيرة (طبيب واحد لحوالي 274 مواطن في الجزائر العاصمة)، بينما في بعض المناطق المحرومة (طبيب واحد لكل 5ألآف أو 6ألآلاف مواطن).
3- تنظيم النشاط الصيدلاني وتأطيره وفقا للقواعد المعمول بها عالميا، خاصة في ظل النهج الجديد للسلطات العمومية الرامي إلى تخفيض فاتورة استيراد الأدوية والتخلي بالتالي عن التبعية للغير.
هذه هي الأدلة والحجج التي جعلت من هذا القانون يلقى الموافقة من طرف نواب البرلمان، وهذه الإجراءات حسب النواب هي استعجالية ترمي إلى:
4- السماح للممارسين الطبيين في الصحة العمومية والإستشفائيين الجامعيين بالممارسة بصفة خواص، وهذا سعيا إلى تحسين دخلهم وتحقيق مورد إضافي مع الحفاظ عليهم ضمن مؤسسات الصحة العمومية.
5- التحكم في عملية الاستيراد والتسويق وإنتاج المواد الصيدلانية بدعم صلاحيات هيئات مراقبة الصيدليات بإنشاء مفتشية الصيدلة، أي التحكم في سوق الأدوية.
6-إرجاع الخدمة المدنية لتوفير تغطية صحية متوازنة لتلبية الاحتياجات الملحة للمواطنين، وتزويد مختلف البلاد بالإطارات الطبية المتخصصة وذلك للقضاء على مختلف الفوارق والإختلالات السائدة حاليا(1) .
قبل أن نعطي رأينا المتواضع في هذه الإجراءات أو التعديلات والتي نعتبرها مسبقا أنها غير كافية ولا تخدم المنظومة الصحية لا من قريب ولا من بعيد، هذا لا يعني أن المشاكل والاهتمامات التي طرحت ليست في محلها، بل نقصد العلاج المقدم أو الحلول الإستعجالية هي التي ليست في محلها. ومع هذا نتطرق الآن إلى مختلف ردود الأفعال والانتقادات التي وجهت إلى هذا المشروع قبل أن يصبح قانونا من طرف النواب أنفسهم، بالرغم من أن المشروع صوت عليه بالإجماع، وصدر على شكل قانون يحمل رقم 98-09 المؤرخ في 19 أوت 1998 م المعدل والمتمم للقانون رقم 85-05 المؤرخ في 16 فيفري 1985م المتعلق بحماية الصحة وترقيتها.
يرى أحد النواب(*) أن الحالة الصحية لسكان المناطق النائية مأساوية والدليل على ذلك عودة بعض الأمراض الخطيرة مثل مرض السل (وهو مرض الفقراء)، ثم يتساءل حول مدى تأثير هذا النص على السياسة الصحية المعتمدة في الجزائر؟ حيث يرى أن دمج القطاع الخاص مع القطاع العام لن يترتب عنها إلا أثارا سلبية، سواء على السياسية الصحية، أو على تسيير المؤسسات الصحية، بحيث أن مرضى القطاع الخاص هم الذين سيستفيدون من مؤسسات القطاع العام الأمر الذي يحرم الفقراء من العلاج لعدم كفاية الأسرة والإمكانيات، كما أن هذا التعديل يؤدي بالأطباء المتخصصين بالتخلي عن مهامهم في القطاع العام والاهتمام بالقاع الخاص. ومن هنا نتساءل عن مصير الطب المجاني؟.
إن الحل في نظرنا يكمن في إعادة الاعتبار والاهتمام بالسلك الطبي من الناحية الاجتماعية، وبالتالي الاحتفاظ به ضمن القطاع العام ولا يكمن الحل في دمج القطاعين. بل يكمن في التكامل بينهما، زيادة على هذا فإنه من الأهمية مراجعة قانون الصحة مراجعة كاملة وشاملة ومنسجمة (نحن في سنة 2009، ولسنا في سنة 1985م فكل شئ تغير إلا قانون الصحة لم يتغير؟) وهذا القانون يجب أن يتكيف مع الأوضاع والمستجدات الحالية، ومن جهة أخرى نتساءل بدورنا أما يزال الطب المجاني قائما؟ لأن الدولة في دستور 1996م، تؤكد على أنها تضمن الحماية الصحية للمواطن، وهذا يعني التكفل بالوقاية والعلاج، وكما أنه لم يتم إلغاءه بصورة واضحة فإنه يقع على عاتق الدولة عبء مجانية العلاج، ومن جهة أخرى كيف يتم تجسيد الشعارات التي ترفعها الجهات المعنية بصحة المجتمع من حيث التغطية الصحية وإزالة الفوارق الاجتماعية وضمان الخدمات الصحية المتخصصة. وحتى نوضح الصورة أكثر، فالأرقام تبين الهوة والفوارق الموجودة بين المراكز الإستشفائية الجامعية فيما بينها والتي من مهامها العلاج المتخصص والتكوين والبحث في العلوم الطبية، من حيث الكفاءة والإطارات والتي هجرت إلى الخارج، أو إلى القطاع الخاص، وأصبحت هذه الهياكل في بعض المناطق بدون تأطير.
إن الفوارق أكثر من التصورات، وتمركز الإطارات في المدن الكبيرة واضح جليا، وأن مركزا إستشفائيا واحدا يحتوى على 58 أستاذا في الطب، أي أكثر بأربعة مرات تقريبا من مجموع الأساتذة الموجودين بثلاث مراكز استشفائية جامعية، لذا نرى أن التعديلات المقدمة والتي استهدفت بالدرجة الأولى شريحة الأطباء المتخصصين، فهي محاولة لترقيع النظام الصحي، أو قانون الصحة، وبالتالي النظر إليه من زاوية واحدة وضيقة، فالإصلاح يجب أن يشمل جميع عناصر القطاع. فما هي إذا مقتضيات الإصلاح؟.
إن أولى مقتضيات هذا الإصلاح هي المعرفة الدقيقة بالنظام: من حيث عناصره وعلاقاته. وبديهي أن ما نسميه نظاما على سبيل التبسيط التجريدي ليس جملة منعزلة، فهو يتفاعل ومحيطه الاجتماعي الذي يمده بالمدخلاتInputs ، ويتلقى منه المخرجــات Outputs، وأن المحيط الاجتماعي بدوره غير منعزل عن المحيط العالمي، ومن ثمة ندرك أن الوصف التحليلي الذي يفيد في معرفة خصائص كل عنصر على حده لا يغني عن نظرة إجمالية متكاملة، إذ بات من المعلوم أن خصائص أي نظام ليست مجرد جمع تراكمي لخصائص عناصـره أو مركباته، وأن أكثر ما تنشـأ الإختـلالات منـه طبيعـة العلاقــة بيـن العناصر داخل النظام وطبيعة العلاقة بين النظام ومحيطه، لا طبيعة العناصر ذاتها.
ومن بين محيط النظام الصحي تزايد عدد السكـان الذي سيزيـد مـن حدة الطلب في المجالات الاجتماعية كالتعليم، والصحة، والإسكان، والشغل، وبالتالي فإن رسم أية إستراتيجية في إحدى هذه المجالات يجب أن يِأخذ بعين الاعتبار تطور السكان وزيادة النمو السكاني ودراسته فـئة بفـئة حتى تعرف الفئة الأكثر تزايدا لمقابلتها بما تتطلبه. علما بأن المشكل السكاني مفتعلا بمقارنة المساحة والإمكانيات الطبيعية للبلاد.
الخلاصـــة والاستنتاجات :
في الأخير نقول أن موضوع الصحة والسكان كان دوما ذو أولوية وذلك منذ استقلال البلاد، فإذا كان الدستور الجزائري ينص في مادته 67 « أن جميع المواطنين لهم الحق في الصحة وتضمن الدولة هذا الحق من خلال الوقاية ومكافحة الأمراض الوبائية والمستوطنة «(1)، ولقد منحت الأولوية في السنوات التي تلت استقلال الوطن وإلى غاية سنة 1980م ما يلي:
إعادة بناء الوطن الذي دمرته الحرب.
تشييد الاقتصاد الوطني بتنصيب شبكة صناعية واستجابة الحاجيات الاجتماعية والثقافية للسكان، كالتعليم والشغل والصحة.
تحسين الظروف الاجتماعية الاقتصادية للسكان لتحقيق الهدف، وهو التحكم في النمو الديمغرافي وتنظيم النسل في السبعينيات.
لكن الانطلاقة الفعلية جاءت من خلال المصادقة سنة 1983 م على البرنامج الوطني للتحكم في النمو السكاني، حيث يرتكز هذا البرنامج على مبادئ تحريضية وإختبارية للانضمام الإرادي للأزواج إلى التخطيط العائلي واحترام القيم الاجتماعية والدينية (1). وكانت للبرامج الوقائية والأعمال الصحية المطبقة انعكاسا طيبا على صحة السكان، ويبدو ذاك واضحا من خلال مؤشرات الوفيات بصفة عامة، ووفيات الأطفال بصفة خاصة، ولابد من القول أن تحسين الظروف العامة لمعيشة السكان الناجمة عن التقدم والتطور في مجال ظروف السكن (التزود بالماء الصالح للشرب، والكهرباء، وقنوات صرف المياه ...إلخ)، وتحسين شروط النظافة، وطريقة التغذية قد أدت إلى اختفاء أمراض متنقلة كانت تعتبر آفات حقيقية مند عشرين سنة، وتراجع هام لأنواع أخرى من الأمراض كالحصبة، والسل، والسعال الديكي ...، ومن جهة أخرى فقد أظهر التحقيق الوطني حول الصحة الذي جرى سنة 1990 م(2)، دخول الجزائر في مرحلة وبائية تتميز أساسا بحصة نسبية من الأمراض غير المتنقلة كالعجز الكلوي المزمن، والسكري، وأمراض القلب، والأوعية الدموية...إلخ. وخلاصة القول، هذه بعض المعطيات العلمية والميدانية المتعلقة بالسياسات الصحية منذ الاستقلال إلى اليوم، إن ما نسجله بشأنها أن هناك تغيرات جذرية مرتبطة بالتوجه الإيديولوجي للجزائر انعكس على القطاع الصحي، والذي يحتاج إلى تغيير جذري حتى يكون حق الصحة لكل المواطنين.
الهوامش :
(1) - Algerie guide économique et social, Rouiba: ANEP, 1991, p. 334.
(*) – هناك من يقول بأن المستشفى هو بمثابة معمل أو مؤسسة له مادة أولية، التي هي المريض وبالتالي بالضرورة يكون له منتوج، ويتمثل هذا المنتوج حسب الفكر الغربي المادي في عدد الأيام التي يعيشها المريض بعد شفائه وخروجه من المستشفى حتى وفاته.
(1)- كيشرود بشير، لخلف عثمان، "الصحة ومكونات المحيط"، أحداث إقتصادية، مجلة شهرية، عدد 31 ، الجزائر، سبتمبر 1988.ص 12.
(2)- نفس المرجع، ص 13.
(1)- راجع في ذلك :
-République Algérienne Démocratique et Populaire, Ministère de la santé, séminaire sur le développement d’un système de santé , l’expérience algérienne, Op .Cit . p. 55.
(*) - R.A.D.P, Décret n° 64-110 du 10 Avril 1964 portant création et statuts de l’Institut national de Santé publique, Journal Officile, n° 35, du 28 Avril 1964, p. 509.
(*)- R.A.D.P, Décret n° 69-96 du 08 juillet 1969 relatif au traitement obligatoire et gratuit de la tuberculose, journal officiel, n° 59, du 11 juillet 1969, p. 560.
(1)- الجمهورية الجزائرية الديمقراطية و الشعبية، وزارة الصحة و السكان، إصلاح النظام الوطني للصحة، تقرير عن المؤتمرات والحلقات الدراسية، الجزائر: ديسمبر 1990. ص 3.
- (2) République Algerienne Démocratique et Populaire, Ministère de la santé, seminaire sur le développement d’un système de santé, Op. Cit. p .57.
(*)- ج.ج.د.ش. الأمر رقم 73-65 المؤرخ في 28/12/1973 م المتعلق بإنشاء الطب المجاني في القطاعات الصحية، الجريدة الرسمية، العدد 1، الصادرة بتاريخ 1جانفي 1974م، ص 2.
(1)-الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، جبهة التحرير الوطني، الميثاق الوطني 1976، ص، 179.
(2)- الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، جبهة التحرير الوطني، الدستور 1976، ص 30.
(1)- راجع في ذلك:
ـ محمد لمين أجال لعجال ، هجرة الكفاءات العربية، الأسباب والمقترحات للحد منها (حالة الجزائر)، رسالة ماجستير، جامعة الجزائر: معهد العلوم السياسية والعلاقات الدولية، 1990، 197صفحة.
- (2) République Algérienne Démocratique et Populaire , Ministère de la Santé et de la population, séminaire sur le développement d’un système de santé, Op, Cit. p. 59.
- (1) République Algérienne Démocratique et Populaire , Ministère de la Santé et de la population, séminaire sur le développement d’un système de santé, Op, Cit. p. 5.
- (2) HENNI Mustapha, la question de l’habitat en Algerie ,: Aspects économiques, Magister en sciences économiques, Université d’Alger: Institut des sciences éconmiques, 1982.p.1.
(*)- من النقائص التي تواجه الجامعة الجزائرية بصفة عامة، والفروع الطبية بصفة خاصة هي قلة فئة الأساتذة والأساتذة المحاضرين، مقارنة بالأساتذة المساعدين... وهذا ما انعكس على التكوين والتأطير والبحث العلمي... وهذا ما طالبت به الهيئات النقابية للأسرة الجامعية، شرط أن يخضع للمقاييس العلمية المتعارف عليها.
(1) - رمزي زكي، وداعا للطبقة الوسطى، ط1، القاهرة: دار المستقبل العربي، 1997، ص 1.
(2) - République Algerienn Démocratique et Populaire , Ministère de la Santé et de la population, séminaire sur le développement d’un système de santé, Op; Cit. p. 74.
(1)- République Algérienne Démocratique et Populaire , Ministère de la Santé et de la population, séminaire sur le développement d’un système de santé, Op. Cit. p . 74.
(2)- Ibid. p. 75.
- (1) République Algérienne Démocratique et Populaire , Ministère de la Santé et de la population, séminaire sur le développement d’un système de santé, Op. Cit. pp.77-78.
(1) - République Algérienne Démocratique et Populaire , Ministère de la Santé et de la population, Les fondements de la carte sanitaire nationale, Op . Cit . p. 29.
- (1) République Algérienne Démocratique et Populaire , Ministère de la Santé et de la population, Les fondements de la carte sanitaire nationale, Op.Cit.p.2.
(2) - République Algerienne Démocratique et Populaire , Ministère de la santé, développement de la santé, 1983, p.122.
(1)- ج.ج.د.ش، المرسوم التنفيذي رقم86-25 مؤرخ في 2 جمادى الثانية 1406هـ، الموافق لـ11/02/1986م المتضمن القانون الأساسي النموذجي للمراكز الإستشفائية الجامعية، الجريدة الرسمية، العدد 6، الصادرة بتاريخ 3جمادى الثانية 1406هـ، الموافق لـ 12 فيفري 1986م، ص 115.
(2) - الجمهورية الجزائرية الديمقراطية والشعبية، وزارة الصحة والسكان، المنشور الوزاري رقم1 المؤرخ في 08 أفريل 1995م، المتضمن مساهمة المرضى في نفقات الإطعام والإيواء داخل المستشفى، ص2 .
(1) -République Algérienne Démocratique et Populaire, Ministère de la santé, Direction de la planification, Statistiques sanitaires, Année 1998, Aout 1999.p .8
(2) - O .M.S, Rapport sur la santé dans le monde 1999, pour un réel changement, Genève :1999, pp 100- 101.
(1)-ج.ج.د.ش. المرسوم التنفيذي رقم 96-92 المؤرخ في 14 شوال 1416هـ الموافق لـ 03 مارس 1996، المتعلق بتكوين الموظفين وتحسين مستواهم وتجديد معلوماتهم. الجريدة الرسمية، العدد 16، الصادرة بتاريخ 17 شوال 1416ه الموافق ل 6 مارس 1996م،ص 5.
(*)- لقد لاحظت بحكم تكويني وممارستي للإدارة الصحية أن العملية يمكن ان تساهم في الحل التدريجي لمشكل التسيير...
.(1) - GERARD Sacco, La formation des Directeurs d’hôpital, Radiologie d’une réforme, (Gestion Hospitalière), Paris: n° 333, Février. 1994, pp. 132- 133.
(1)- العايش نواصر، إستهلاك المخدرات ورد الفعل الاجتماعي، باتنة: مطبعة عمار قرفي، د.ت، ص 175.
(1)- ج.ج.د.ش.المرسوم التنفيذي رقم 92-276 المؤرخ في 5 محرم 1413هـ ، الموافق لـ 6 يوليو 1992 م المتضمن مدونة أخلاقيات مهنة الطب، الجريدة الرسمية، العدد 52 ، الصادرة بتاريخ 7 محرم 1413هـ، الموافق لـ 8 يوليو 1992م، ص 1160.
(*)- هناك قضايا مشتركة بين الأطباء وعلماء الدين والاجتماع وغيرهم... في مسائل عديدة كالتبرع بالأعضاء وغرسها، والهندسة الوراثية التي يمكن توظيفها في المجال الحيواني والنباتي دون المجتمع الإنساني ... ولا ننسى ما وصل إليه الفكر (بل الكفر) العلمي في ميدان الإستنساخ البشري...(راجع في هذا: مروك نصر الدين، "إستنساخ الإنسان بين الحضر والإباحة"،( المسير)، مجلة فصلية للمدرسة الوطنية للصحة العمومية، عدد خاص، 1997، ص 10).
(2)- حتى لا تخرج مهنة ممارسة العمل الطبي عن الإطار الأخلاقي، تم تشكيل المجلس الوطني لأخلاقيات علوم الصحة وتنظيمه وعمله، بحيث يتكون هذا المجلس من ممثل الوزير المكلف بالدفاع الوطني، وممثل وزير العدل، وممثل وزير الصحة، وممثل وزير العمل والحماية الاجتماعية والتكوين المهني، وممثل وزير التعليم العالي والبحث العلمي، بالإضافة إلى 9 أساتذة في العلوم الطبية، و3ممارسين طبيين، وممثل المجلس الإسلامي الأعلى، وممثل المجلي الوطني لأخلاقيات الطب.(راجع في هذا:ج.ج.د.ش، المرسوم التنفيذي رقم 96-122 المؤرخ في 18 ذي القعدة 1416هـ، الموافق لـ 6أفريل 1996م، المتضمن تشكيل المجلس الوطني لأخلاقيات علوم الصحة وتنظيمه وعمله، الجريدة الرسمية، العدد 22، الصادرة في 22 ذي القعدة 1416هـ ،الموافق لـ 10 أفريل 1996م ، ص 13.
(*)- أكد السيد تراك عمر، وهو ـ مدير عام سابق للمركز الإستشفائي الجامعي مصطفى ـ ومستشار بوزارة الصحة والسكان في حديثه عن وضعية القطاع الصحي في الجزائر والسياسة الصحية للجزائر خلال سنة 2000 على ضرورة إعادة النظر في المراكز الإستشفائية الجامعية الكبرى وتسييرها حسب قوانين بسيطة ومحددة بدقة ... حيث ذكر بأن مؤشرات التسيير بلغت الخط الأحمر بعد أن أصبحت تشتغل بـ 20 إلى 25 % من قدراتها... فيما تذهب 80% من ميزانيتها للأجور...راجع في ذلك:
(- الصحة العمومية بلغت الخط الأحمر، جريدة الخبر اليومية، العدد 2951، الصادرة بتاريخ 28 جمادى الأولى 1421هـ، الموافق لـ 28/08/2000م، ص 7).
(*)- المنطقة الجهوية هي وحدة جغرا-صحية أنشأت بموجب المرسوم رقم 97-262 المؤرخ 9ربيع الأول 1418هـ، الموافق لـ 14 جويلية 1997 م، تتكون من عدة ولايات ، تسير من طرف المجلس الجهوي للصحة، ومهمة هذا المجلس تتمحور خصوصا في ضمان و بصورة عقلانية و ناجعة، حماية و ترقية صحة المواطنين، وهناك خمسة مناطق صحية جهوية و هي: الجزائر، وقسنطينة، ووهران، وورقلة ،وبشار.
1- المنطقة الصحية "الوسط " : وتشمل الولايات التالية: الجزائر، والبليدة، وبومرداس، وتيبازة وتيزي وزو، وبجاية، والبويرة، والمدية، والجلفة، وبرج بوعريريج، وعين الدفلة .
2- المنطقة الصحية " الشرق ": وتضم الولايات التالية: قسنطينة، وقالمة، وعنابة، وسكيكدة، والطارف، وتبسة، وخنشلة، وميلة، وسوق أهراس، وأم البواقي، وسطيف، وجيجل، وباتنة، والمسيلة .
3- المنطقة الصحية " الغرب ": وتضم الولايات التالية: وهران، وغليزان، ومعسكر، وعين تيموشنت، وسيدي بلعباس، وتلمسان، وسعيدة، ومستغانم، وتيسمسيلت، وتيارت، والشلف.
4- المنطقة الصحية الخاصة بـ" الجنوب الشرقي " وتضم الولايات التالية : ورقلة، وغرداية، وإليزي، وتمنراست، والوادي، والأغواط.
5- المنطقة الصحية الخاصة بـ "الجنوب الغربي " و تضم الولايات التالية : بشار، وتندوف، وأدرار، والتعامة، والبيض.(الجريدة الرسمية، العدد 47، الصادرة بتاريخ 11ربيع الأول 1418هـ الموافق لـ 16 يوليو 1997م، ص 14).
(1)- الجمهورية الجزائرية الديمقراطية والشعبية، وزارة الصحة والسكان، ميثاق الصحة، الجزائر: الجلسات الوطنية للصحة، قصر الأمم 26،27، 28 ماي 1998م، ص 5.
(1)- الجمهورية الجزائرية الديمقراطية والشعبية، وزارة الصحة والسكان، ميثاق الصحة، المرجع السابق الذكر، ص 6.
(1)- الجمهورية الجزائرية الديمقراطية و الشعبية، وزارة الصحة والسكان، ميثاق الصحة، المرجع السابق الذكر، ص 7.
(1)-ج.ج.د.ش، القانون رقم 85-05 المؤرخ في 26 جمادى الأولى 1405هـ، الموافق لـ 16/02/1985م، المتعلق بحماية الصحة وترقيتها، الجريدة الرسمية، العدد 8 ، الصادرة في 27 جمادى الأولى 1405هـ، الموافق لـ 17 فيفري 1985م، ص 122.
(1)- ماروك نصر الدين، المرجع السابق الذكر، ص23.
(2)- نفس المرجع ، ص 23.
(2) - ج.ج.د.ش.المرسوم التنفيدي رقم 92-276 المؤرخ في 5 محرم 1413هـ الموافق لـ 6 يوليو 1992م، المتضمن مدونة أخلاقيات مهنة الطب، الجريدة الرسمية، العدد 52 ، الصادرة بتاريخ 7 محرم 1413هـ الموافق لـ 8 يوليو 1992م، ص 1160.
(3)- المجلس الوطني لأخلاقيات الطب، تحقيقات حول الأخطاء الطبية، جريدة الخبر اليومية، عدد 2823، الموافق لـ 30/03/2000، ص 7.
(1)- الجمهورية الجزائرية الديمقراطية و الشعبية، وزارة الصحة والسكان، ميثاق الصحة، المرجع السابق الذكر، ص 9.
(*)- يتعلق بعلمي الحياة والطب والعلاقة بينهما .
(**)- المقصود علم النفس الاجتماعي، وهناك تخصصات عديدة نذكر منها؛ الطب الروحاني، وعلم النفس العلاجي، وغيرها…
(1)- ج.ج.د.ش، وزارة الصحة والسكان، التعليمة الوزارية رقم 002 المؤرخة في 18/02/1998 م المتعلقة بالتكوين المتواصل لعمال الصحة، ص 1.
(2) - الجمهورية الجزائرية الديمقراطية والشعبية، وزارة الصحة والسكان، ميثاق الصحة، المرجع السابق الذكر، ص 10.
(*)- السيد يحي قيدوم وزير الصحة والسكان السابق، وهو أستاذ وجراح اختصاصي في جراحة العظام.
(1)- الجمهورية الجزائرية الديمقراطية والشعبية، المجلس الوطني الشعبي، الجريدة الرسمية للمداولات، الفترة التشريعية الرابعة الدورة العادية الثانية، الجلسة العلنية المنعقدة يوم 22يونيو 1998، ص 15.
(*)-يتعلق الأمر بالنائب السيد محمود خذري.
(1)-الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، حزب جبهة التحريرالوطني، الدستور1976، ص 30.
(1)- الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، الندوة الدولية حول السكان، المرجع السابق الذكر، ص 31 .
(2)-République Algérienne Démocratique et Populaire, Ministère de la Santé, Actes sur la conférence nationale sur la réforme du système de santé et de sécurité sociale, Op. Cit. p. 9.