-->

بحث عن آفة السرقة

بحث عن آفة السرقة
    بحث عن آفة السرقة 
    بحث عن آفة السرقة

    {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}
    أراد الله لمجتمعات المسلمين أن تحيا حياة الأمن والأمان، يأمن كل من يعيش في هذه المجتمعات على نفسه وعرضه وماله، ولأجل هذا الغرض حرَّم الشرع المطهر الاعتداء على الأنفس والأعراض والأموال، بل جعلها من الضرورات الخمس التي أتى الإسلام بحفظها وهي: الدين، والعقل، والأنفس، والنسل ، والأموال.

    السرقة في اللغة:
    يُقال : سرق منه الشيء يسرِق سَرقاً وسَرقة وسرْقاً واسْتَرقَه جاء مستتراً إلى حرز فأخذ مالاً  لغيره . وسرق الشيء أخذه منه خفية وبحيلة ( ترتيب القاموس المحيط ج 2 ص 513)
    وجاء في مختار الصحاح ( مختار الصحاح ص 296)
     : سرق منه مالاً يسرِق بالكسر سرقاً بفتحتين . والاسم السَرِق والسرقة بكسر الراء فيهما ،وربما  قالوا سرقة مالاً وسرقة تسريقاً نسبه إلى السرقة وقرىء ( إن ابنك سُرق)( سورة يوسف آية 81 )
    ويقول ابن منظور : إن هذه المادة في كلام الله تعالى وفي كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على الاستتار والاستخفاء . ومن ذلك قوله تعالى (إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ )( سورة  يوسف من الآية 81). أي أخذ شيئاً خفية . 
    ومنه قوله تعالى (إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ) ( سورة الحجر آية 18)  
     أي سمع خفية( لسان العرب ج 10 ص 155)وعلى هذا يتبين مما تقدم :
     أن السرقة في اصطلاح اللغويين: هي أخذ الشيء من الغير على وجه الخفية والاستمرار .
    تعريف السرقة اصطلاحاً عند الفقهاء:
    إن المتتبع لتعريف الفقهاء للسرقة على اختلاف مذاهبهم يجد أنها جميعاً قد راعت المعنى اللغوي للسرقة . وهذا ما سنبينه فيما يلي : 
    عرفتها الحنفية :
    بأنها أخذ مكلف نصاب القطع خفية مما لا يتسارع إليه الفساد من المال المتمول للغير من حرز بلا شبهة (ابن عابدين ج 3 ص 265، حاشية سعد حلبي بهامش فتح القدير ج 5 ص354)
    وعرفها المالكية :
     بأنها أخذ مكلف حراً لا يعقل لصغره ، أو مالاً محترماً لغيره نصاباً أخذه من حرزه بقصد واحد خفية لا شبهة له فيه (الخرشي على خليل ج 5 ص333 ، بداية المجتهد ج 2 ص 408 )
    وعرفها الشافعية :
     بأنها أخذ المال خفية ظلماً من حرز مثله بشروط ( مغني المحتاج ج 4 ص158، حاشية قليوبي ج 4 ص186)
    وعرفها الحنابلة :
    بأنها أخذ مال محترم وإخراجه من حرز مثله لا شبهة له فيه على وجه الاختفاء ( كشاف القناع ج 4 ص 77)
    وعرفها الظاهرية :
     بأنها الاختفاء بأخذ شيء ليس له ( المحلى ج 11 ص395 ) 
     وأنه بالتأمل في هذه التعريف المتقدمة : نرى أن هناك قدراً متفقاً عليه عند الفقهاء جميعاً 
     وهذا القدر هو قولهم ( بأن السرقة أخذ الشيء من الغير خفية بغير حق )
    حكم السرقة وحكمته .
    حكم السرقة :المراد بحكم السرقة هنا هو الحكم التكليف إذا أن لها حكمين : 
    1ـ حكم تكليفي وهو التحريم .
     2ـ حكم وضعي : وهو كون السرقة سبباً في وجوب القطع والضمان .
    والكلام حول الحكم التكليفي وهو التحريم : وذلك أنها محرمة شرعاً  وهي كبيرة من كبائر ، لعن فاعلها وحُدَ، ولقد دل الكتاب والسنة والإجماع على تحريمها : 
    أما الدليل من القرآن الكريم قوله تعالى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) ( سورة المائدة آية 38)
      فهذه الآية الكريمة تأمرنا ، والأمر صادر من الله سبحانه وتعالى بان نقطع يد السارق . والأصل في الأمر الوجوب  ما لم تكن هناك قرينة صارفة إلى غير الوجوب ، ولا قرينة هنا صارفة . فالواجب بهذه الآية قطع يد السارق. فيكون أمره سبحانه وتعالى بقطع يد السارق ووصف هذه العقوبة بالشدة ووسمها بالنكال دليل على فظاعة الجرم وعظم الذنب ، ومثل هذا العقاب لا يكون إلا على فعل محرم . فتكون السرقة محرمة في الكتاب العزيز .  وأما دليل تحريمها من السنة النبوية فمنها:        
    1ـ ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده )( صحيح البخاري ج 6 ص2489 )
    . وجه الدلالة من هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد لعن السارق . واللعن لا يكون إلا على الفعل المحرم خاصة 
    2ـ ما رواته عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( تقطع يد السارق في ربع دينار فصاعداً) ( صحيح مسلم ج 3 ص1312)
    . وجه الدلالة من هذا الحديث أن السارق تقطع يده بشروط منها بلوغ النصاب في المسروق .
    3ـ ما رواه ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا يحل لا مريء من مال أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس ) ( المستدرك على الصحيحين  ج1ص171)
     ففي هذا الحديث الدلالة على حرمة مال المسلم إلا ما طابت به نفسه ،والسرقة أخذ مال الغير من غير طيب نفس منه فتكون محرمة .
    وأما الإجماع : فقد أجمع الفقهاء من عصر الرسول عليه الصلاة والسلام حتى وقتنا هذا على حرمة السرقة ، كما أجمعوا على قطع يد السارق إذا تحققت سرقته بالكيفية والشروط التي يستحق معها أن يقطع ( الإجماع لابن المنذر ص 110 ، مراتب الإجماع لابن حزم ص 135)       
    الحكمة من  تحريم السرقة
    مما لاشك فيه أن ذوي الجد والاجتهاد في العمل إذا ما نظروا إلى أموالهم التي حصلوا عليها بكسبهم الحلال محفوظة ومصانة من عبث العابثين وطمع الطامعين ، ولا تمتد إليها يد البطالة والأغراض الدنيئة ، وأنهم وحدهم هم المنتفعون بها، واصلوا كفاحهم وكدهم وجدهم ، وضاعفوا من إنتاجهم ، ودأبوا على استثمارها وإنمائها .أما لو كانت يد الغير مطلقة في أموالهم دون مؤاخذة وعقاب فإن ذلك يؤدي إلى وهن المجتمع لتقاعس أفراده ، وانتشار بذور العداوة والبغضاء بينهم ، لأن النفس البشرية طبعت بحب المال والاستتار به قال تعالى   (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً)( سورة الفجر آية20)
     فلذا كانت السرقة جريمة منكرة وكبيرة من الكبائر التي تتنافي مع المروءة والأخلاق الفاضلة .  ولهذا لعن الله سبحانه وتعالى فاعلها، فقد جاء في الحديث الصحيح حديث أبي هريرة رضي الله عنه  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده) ( صحيح البخاري ج 6 ص2489)
    كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قول الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن )( صحيح البخاري ج 6ص2497 ، صحيح مسلم ج 1ص76 )
     وكذلك حرم الإسلام السرقة لأنها من الفساد في الأرض قال سبحانه تعالى (وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ) ( سورة البقرة آية 205 )            
    وجعل حدها القطع محافظة على أموال الناس من الضياع ومانعاً لأصحاب الأطماع من أخذ مال الغير بغير حق ، وزاجراً لكل معتد أثيم تسول له نفسه أن يمد يده إلى ما ليس من حقه إلا برضى صاحبه وعن طيب نفس .
    و إن النصوص القرآنية الكثيرة تدل على أن الفساد ممنوع بحكم الشرع ، وقد وضعت الشريعة الأحكام المنظمة لذلك والعقوبات الحامية لهذه الأحكام 

    الحدود كفارات
    وهذا الحد الشرعي حين يقام على من يستحقه يؤدي إلى شيوع الأمن وزجر ضعاف النفوس، كما أنه يكفر عن صاحبه ذنبه ويكون توبة له، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "إن امرأة سرقت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء بها الذين سرقتهم، فقالوا: يا رسول الله! إن هذه المرأة سرقتنا، قال قومها: فنحن نفديها بخمسمائة دينار. فقال: اقطعوا يدها. فقطعت يدها اليمنى. فقالت المرأة: هل لي من توبة؟ قال: نعم. أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك. فأنزل الله عز وجل في سورة المائدة: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة:39]".
    إن بعض المبغضين للإسلام يحاولون التشويش من خلال انتقاد هذه الحدود التي شرعها رب العالمين بحجة أن جريمة السرقة لا تستحق كل هذه العقوبة وأسوتهم في ذلك أبو العلاء المعري الذي اعترض على هذا الحد قائلا:
    يد بخمس مئين عسجد وُديت           مابالها قطعت في ربع دينار
    فأجابه القاضي عبد الوهاب المالكي: لما كانت أمينة كانت ثمينة ، فلما خانت هانت.
    كما ينسب إلى الإمام السخاوي قوله في الرد على المعري:
    عِز الأمانة أغلاها، وأرخصها        ذل الخيانة، فافهم حكمة الباري
    حكمة مشروعية حد السرقة:
    صان الله الأموال بإيجاب قطع يد السارق، فإن اليد الخائنة بمثابة عضو مريض يجب بتره ليسلم الجسم، وفي قطع يد السارق عبرة لمن تحدثه نفسه بسرقة أموال الناس، وتطهير للسارق من ذنبه، وإرساء لقواعد الأمن والطمأنينة في المجتمع، وحفظ لأموال الأمة
    عقوبة السارق:
    1-- قال الله تعالى:(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (المائدة/38-39). 
    2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، ويسرق الحبل فتقطع يده)). متفق عليه . 
    * يجب القطع في حد السرقة إذا توفرت الشروط الآتية: 
    1- أن يكون السارق مكلفاً (وهو البالغ العاقل)، مختاراً، مسلماً كان أو ذمياً. 
    2- أن يكون المسروق مالاً محترماً، فلا قطع بسرقة آلة لهو أو خمر ونحوهما. 
    3- أن يبلغ المال المسروق نصاباً، وهو ربع دينار من الذهب فصاعداً، أو عرض قيمته ربع دينار فصاعداً. 
    4- أن يكون أخذ المال على وجه الخفية والاستتار، فإن لم يكن كذلك فلا قطع كالاختلاس والاغتصاب والانتهاب ونحوها، ففيها التعزير. 
    5- أن يأخذ المال من حرزه ويخرجه منه. 
    والحرز: ما تحفظ فيه الأموال، وتختلف بحسب العادة والعرف، وحرز كل مال بحسبه، فحرز الأموال في الدور والبنوك والدكاكين، والمراح للغنم وهكذا. 
    6- انتفاء الشبهة عن السارق، فلا يُقطع بالسرقة من مال والديه وإن علوا، ولا من مال ولده وإن سفل، ولا يُقطع أحد الزوجين بالسرقة من مال الآخر، وكذا من سرق في مجاعة. 
    7- مطالبة المسروق منه بماله. 
    8- ثبوت السرقة بأحد أمرين: 
    1- الإقرار بالسرقة على نفسه مرتين. 
    2- الشهادة، بأن يشهد عليه رجلان عدلان بأنه سرق.
    حد السرقة:
    1-    السارق عليه حقان: حق خاص، وهو المسروق إن وجد، أو مثله أو قيمته إن كان تالفاً، وعليه حق عام هو حق الله تعالى، وهو قطع يده إن كملت الشروط، أو تعزيره إن لم تكمل الشروط. 
    2- إذا وجب القطع قُطعت يده اليمنى من مفصل الكف، وحسمت بغمسها بزيت مغلي أو بما يقطع الدم، وعليه رد ما أخذ من مال أو بدله لمالكه، وتحرم الشفاعة في حد السرقة بعد بلوغه الحاكم. 
    3- إذا عاد السارق مرة أخرى قُطعت رجله اليسرى من منتصف ظهر القدم، فإن عاد حبس وعزر حتى يتوب ولا يُقطع. 
    * تقطع يد الطَّرَّار وهو الذي يبطُّ الجيب أو غيره، ويأخذ منه المال خفية إن بلغ ما أخذه نصاباً؛ لأنه سارق. من حرز.
    نصاب السرقة:
    ربع دينار من الذهب فصاعداً، أو عَرض يساويه. 
    عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تقطع اليد في ربع دينار فصاعداً)). متفق عليه . 
    * إذا اعترف السارق بالسرقة ولم توجد معه فيشرع للقاضي تلقينه الرجوع عن اعترافه، فإن أصر ولم يرجع عن إقراره قطع، وإذا اعترف السارق بالسرقة ثم رجع فلا قطع؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات. 
    * من سرق من بيت المال فإنه يُعزر وتغرم غرامة مثلية ولا يُقطع، ومثله من سرق من الغنيمة أو الخمس. 
    * ويجب القطع على جاحد العارية إذ هو داخل في اسم السرقة. 
    عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تقطع يدها.... أخرجه مسلم . 
    * من تمام توبة السارق ضمان المسروق لربه إذا كان تالفاً، فإن كان موسراً دفعه لصاحبه، وإن كان معسراً فنظرة إلى ميسرة، وإن كانت العين المسروقة موجودة بعينها فردها لصاحبها شرط لصحة توبته. 
    * من وجب عليه حد سرقة أو زنى أو شرب خمر فتاب منه قبل ثبوته عند حاكم سقط عنه، ولا يشرع له كشف نفسه بعد أن ستره الله، لكن عليه رد ما أخذ من مال

    شروط اجراء حکم قطع ید السارق
     أمّا من‌ جهة‌ خصوصيّات‌ وشروط‌ إجراء هذا الحدّ فيجب‌ العلم‌ أنّ هذا الحكم‌ لاينسحب‌ علي‌ كلّ سرقة‌ ، وبأيّ صفة‌ وكيفيّة‌ ، بل‌ إنّ قطع‌ يد السارق‌ إنّما يتمّ عند استيفاء اثني‌ عشرة‌ شرط‌ مجتمعة‌:
     الاوّل‌ :  أن‌ يكون‌ السارق‌ قد وصل‌  سنّ البلوغ‌، فلو سرق‌ الصبي‌ّ غيرالبالغ‌ لايحدّ، بل‌ يكتفي‌ الحاكم‌ الشرعيّ بتعزيره‌.
     الثاني‌ :  أن‌ يكون‌ السارق‌  عاقلاً، فالمجنون‌ إن‌ سرق‌ في‌ حال‌ جنونه‌ فلاحدّ عليه‌.
     الثالث‌ : الاختيار، فالمجبر علي‌ السرقة‌ لاتُقطع‌ يده‌.
     الرابع‌ :  أن‌ يكون‌ قد سرق‌ من‌  حِرز، أي‌ إذا دخل‌ موضعاً مقفلاً محرزاً، فلو سرق‌ شخص‌ من‌ صحراء وجادّة‌ وحمّام‌ ومسجد ونظيرها من‌ الاماكن‌ التي‌ يطرقها الناس‌ بغير إذن‌ فلايُقطع‌.
     الخامس‌ :  أن‌ يكون‌ الهاتك‌ للحرز نفس‌ السارق‌ ، كأن‌ يكسر قفلاً أو ينقب‌   جدار   بيت‌،   فإن‌   كسر   شخصٌ   آخر   القفل‌   فسرق‌   السارق‌   المال‌   فلا  قطع‌ علي‌ السارق‌.
     السادس‌ :  أن‌ لا يكون‌ السارق‌ في‌ معرض‌  شبهة‌ الملكيّة‌  والمأذونيّة‌ في‌ التصرّف‌، فلو توهّم‌ أنّ المال‌ الفلاني‌ّ ملكه‌ ، أو أنّ له‌ الاءذن‌ في‌ التصرّف‌ به‌، أو حصل‌ للحاكم‌ الظنّ بذلك‌ فلاحدّ عليه‌.
     السابع‌ :  أن‌ يكون‌ مقدار المال‌ المسروق‌  ربع‌ دينار من‌ الذهب‌ الخالص‌ المسكوك‌  أو ما يُعادله‌ ، فلو نقص‌ عن‌ ذلك‌ لم‌يُقطع‌.
     وربع‌ الدينار بالقيمة‌ الحاليّة‌ ـحيث‌ إنّ  ( سكّة‌ آزادي‌ )  [1] تعادل‌ ستّة‌ عشر [2]  ألف‌ توماناًـ يبلغ‌ ألفَي‌ تومان‌ ، إذ إنّ صاحب‌  « الجواهر »  في‌ كتاب‌ الزكاة‌ من‌ كتابه‌  « الجواهر »  قد ادّعي‌ الاءجماع‌ علي‌ أنّ الدينار الواحد ذهباً يزن‌ مثقالاً شرعيّاً واحداًـ انتهي‌[3].
     ومعلوم‌ لدينا أنّ المثقال‌ الصيرفيّ المتداول‌ في‌ أسواقنا أثقل‌ من‌ المثقال‌ الشرعي‌ّ بمقدار الثلث‌ ، أي‌ أنّ المثقال‌ الصيرفيّ يعادل‌  ( 13+1 ) المثقال‌ الشرعي‌ّ، والمثقال‌ الشرعي‌ّ 34 المثقال‌ الصيرفي‌ّ، وباعتبار أنّ المثقال‌ الصيرفي‌ّ وزنه‌ 24 حمّصة‌ ، فيصبح‌ وزن‌ المثقال‌ الشرعي‌ّ 18 حمصّة‌ ( من‌ الذهب‌ المسكوك‌ ) .
     ومن‌ جهة‌ أُخري‌ فقد عيّنوا [4]  الوزن‌ الدقيق‌ لـ ( سكّة‌ آزادي‌ )  25/36 حمّصة‌، أي‌ مثقالاً ونصف‌ المثقال‌ وربع‌ حمّصة‌ صيرفي‌ّ، وعلي‌ هذا فإنّ وزن‌  ( سكّة‌ آزادي‌ )  واحدة‌ يعادل‌ مثقالين‌ وربع‌ حمّصة‌ شرعي‌ّ.
     ( سكّة‌ آزادي‌ )  واحدة‌=25/2 مثقالاً شرعيّاً.
     وباعتبار المثقال‌ الشرعي‌ّ يزن‌ 18 حمّصة‌ ، لذا فإنّ:
     ( سكّة‌ آزادي‌ )  واحدة‌ = 2*18+25/0 حمّصة‌ أي‌ 36 حمّصة‌ تقريباً.
     وزن‌ المثقال‌ الشرعي‌ّ = 2 ( سكّه‌ آزادي‌ )  = 362 = 18 حمّصة‌ تقريباً.
     قيمة‌ المثقال‌ الشرعي‌ّ = 160002 = 8000 تومان‌.
     قيمة‌ ربع‌ المثقال‌ الشرعي‌ّ  ( أي‌ ربع‌ دينار )  = 80004 = 2000 تومان‌.
     وعلي‌ هذا الحساب‌ فلو سرق‌ السارق‌ ما قيمته‌ أقل‌ من‌ هذا المقدار لايُحَدّ.
     الثامن‌ :  أن‌ تكون‌ السرقة‌  سرّاً، فلو سرق‌ السارق‌ شيئاً علناً بحضور مالكه‌ فلايُقطع‌.
     التّاسع‌ :  أن‌ لاتكون‌ السرقة‌ سرقة‌  أب‌ من‌ مال‌ ولده‌،  حيث‌ إنّ الحكم‌ لايُجري‌ في‌ هذه‌ الحالة‌.
     العاشر :  أن‌ لا تكون‌ السرقة‌ سرقة‌  عبدٍ من‌ مال‌ مولاه‌،  إذ لايُقطع‌ العبد في‌ هذه‌ الحالة‌.
     الحادي‌ عشر :  أن‌ يكون‌ إرجاع‌ السارق‌ للحاكم‌ بناءً علي‌  طلب‌ الغريم‌ أي‌ صاحب‌ المال‌ المسروق‌، فلو عفي‌ صاحب‌ المال‌ ولم‌يُرجع‌ السارق‌ للحاكم‌ لايُقام‌ عليه‌ الحدّ.
    الثانی عشر : ام لاتکون السرقة فی عام مجاعة او قحط ، عندها لاحد علیه . هذه‌ هي‌ الشروط‌ التي‌ ذكرها الفقهاء في‌ كتبهم‌ الفقهيّة‌، لذا فإنّ قطع‌ يد السارق‌ إنّما يتحقّق‌ في‌ موارد نادرة‌ فقط‌ ، وذلك‌ حين‌ تجتمع‌ الشروط‌ الاثنا عشر وتثبت‌ سرقة‌ السارق‌ عند الحاكم‌ الشرعي‌ّ، أي‌ المجتهد الجامع‌ للشرائط‌ بإقرار السارق‌ واعترافه‌ ، أو بقيام‌ البيّنة‌ وشهادة‌ رجلين‌ عادلين‌، وإلاّ فإنّ الحاكم‌ لايُقيم‌ عليه‌ الحدّ.
     أمّا حكم‌ القطع‌ فعبارة‌ عن‌ قطع‌ أصابع‌ اليد اليمني‌ فقط‌: الخنصر والبنصر والوسطي‌ والمسبّحة‌  ( السبّابة‌ )، وتُترك‌ راحة‌ اليد والاءبهام‌.

    الاطفال والسرقة
    عندما يسرق طفل أو بالغ فان ذلك يصيب الوالدين بالقلق. وينصب قلقهم على السبب الذي جعل ابنهم يسرق ويتساءلون هل ابنهم أو ابنتهم "إنسان غير سوي".
    ومن الطبيعي لأي طفل صغير أن يأخذ الشيء الذي يشد انتباهه... وينبغي ألا يؤخذ هذا السلوك على أنه سرقة حتى يكبر الطفل الصغير، ويصل ما بين الثالثة حتى الخامسة من عمره حتى يفهموا أن أخذ شيء ما مملوك للغير أمر خطأ. وينبغي على الوالدين أن يعلموا أطفالهم حقوق الملكية لأنفسهم وللآخرين . والأباء في هذه الحالة يجب أن يكونوا قدوة أمام ابنائهم... فإذا أتيت إلى البيت بأدوات مكتبية أو أقلام المكتب أو أى شىء يخص العمل أو استفدت من خطأ الآلة الحاسبة في السوق، فدروسك في الأمانة لأطفالك ستكون من الصعب عليهم أن يدركوها.
    ولذلك فإن السرقة عند الأطفال لها دوافع كثيرة ومختلفة ويجب لذلك أن نفهم الدوافع فى كل حالة وان نفهم الغاية التى تحققها السرقة فى حياة كل طفل حتى نستطيع أن نجد الحل لتلك المشكلة.
    ويلجأ بعض الأطفال الكبار أو المراهقين إلى السرقة لعدة أسباب على الرغم من علمهم بأن السرقة خطأ:

    1.     فقد يسرق الصغير بسبب الإحساس بالحرمان كأن يسرق الطعام لأنه يشتهى نوعا من الأكل لأنه جائع
    2.     وقد يسرق لعب غيره لأنه محروم منها أو قد يسرق النقود لشراء هذه الأشياء
    3.     وقد يسرق الطفل تقليدا لبعض الزملاء فى المدرسة بدون أن يفهم عاقبة ما يفعل... أو لأنه نشأ فى بيئة إجرامية عودته على السرقة والاعتداء على ملكية الغير وتشعره السرقة بنوع من القوة والانتصار وتقدير الذات... وهذا السلوك ينطوى على سلوك إجرامى فى الكبر لان البيئة أصلا بيئة غير سوية
    4.     كذلك فقد يسرق الصغير لكي يتساوى مع أخيه أو أخته الأكبر منه سنا إذا أحس أن نصيبه من الحياة أقل منهما.
    5.     وفي بعض الأحيان، يسرق الطفل ليظهر شجاعته للأصدقاء، أو ليقدم هدية إلى أسرته أو لأصدقائه، أو لكي يكون أكثر قبولا لدى أصدقائه.
    6.      وقد يبدأ الأطفال في السرقة بدافع الخوف من عدم القدرة على الاستقلال، فهم لا يريدون الاعتماد على أي شخص، لذا يلجئون إلى أخذ ما يريدونه عن طريق السرقة.
    7.     كذلك قد يسرق الطفل بسبب وجود مرض نفسى أو عقلى أو بسبب كونه يعانى من الضعف العقلى وانخفاض الذكاء مما يجعله سهل الوقوع تحت سيطرة أولاد اكبر منه قد يوجهونه نحو السرقة

    وينبغي على الآباء أن يدركوا سبب سرقة الطفل... هل الطفل سرق بدافع الحاجة لمزيد من الاهتمام والرعاية ؟. وفي هذه الحالة، قد يعبر الطفل على غضبه أو يحاول أن يتساوى مع والديه... وقد يصبح المسروق بديلا للحب والعاطفة. وهنا ينبغي على الوالدين أن يبذلوا جهدهم لإعطاء مزيد من الاهتمام للطفل على اعتبار أنه عضو مهم في الأسرة.
    فإذا أخذ الوالدان الإجراءات التربوية السليمة، فان السرقة سوف تتوقف في أغلب الحالات عندما يكبر الطفل. وينصح أطباء الأطفال بأن يقوم الوالدان بما يلي عند اكتشافهم لجوء ابنهم إلى السرقة:

    1.     إخبار الطفل بأن السرقة سلوك خاطئ.
    2.     مساعدة الصغير على دفع أو رد المسروقات.
    3.     التأكد من أن الطفل لا يستفيد من السرقة بأي طريقة من الطرق.
    4.     تجنب إعطائه دروسا تظهر له المستقبل الأسود الذي سينتظره إذا استمر على حاله، أو قولهم له أنك الآن شخص سيئ أو لص.
    5.     توضيح أن هذا السلوك غير مقبول بالمرة داخل أعراف وتقاليد الأسرة والمجتمع والدين.
    وعند قيام الطفل بدفع أو إرجاع المسروقات، فلا ينبغ على الوالدين إثارة الموضوع مرة أخرى، وذلك من أجل مساعدة الطفل على بدء صفحة جديدة. فإذا كانت السرقة متواصلة وصاحبها مشاكل في السلوك أو أعراض انحراف فان السرقة في هذه الحالة علامة على وجود مشاكل أكبر خطورة في النمو العاطفى للطفل أو دليل على وجود مشاكل أسرية0
    كما أن الأطفال الذين يعتادون السرقة يكون لديهم صعوبة فى الثقة بالآخرين وعمل علاقات وثيقة معهم. وبدلا من إظهار الندم على هذا السلوك المنحرف فانهم يلقون باللوم فى سلوكهم هذا على الآخرين ويجادلون بالقول "لأنهم لم يعطونى ما أريد واحتاج...فاننى سوف آخذه بنفسى " .لذلك يجب عرض هؤلاء الأطفال على الأخصائيين والأطباء النفسيين المتخصصين فى مشاكل الطفولة .
    وعند عرض هؤلاء الأطفال على الطبيب النفسى يجب عمل تقييم لفهم الأسباب التى تؤدى لهذا السلوك المنحرف من أجل عمل خطة علاجية متكاملة . ومن العوامل الهامة فى العلاج هو تعليم هذا الطفل كيف ينشأ علاقة صداقة مع الآخرين . كذلك يجب مساعدة الأسرة فى تدعيم الطفل فى التغيير للوصول إلى السلوك السوى فى مراحل نموه المختلفة .

    ولعلاج السرقة عند الأطفال ينبغى عمل الآتى:

    1.     يجب أولا أن نوفر الضروريات اللازمة للطفل من مأكل وملبس مناسب لسنه
    2.     كذلك مساعدة الطفل على الشعور بالاندماج فى جماعات سوية بعيدة عن الانحراف في المدرسة والنادي وفي المنزل والمجتمع بوجه عام
    3.     أن يعيش الأبناء فى وسط عائلى يتمتع بالدفء العاطفي بين الآباء والأبناء
    4.     يجب أن نحترم ملكية الطفل و نعوده على احترام ملكية الآخرين وأن ندربه على ذلك منذ الصغر مع مداومة التوجيه والإشراف.
    5.     كذلك يجب عدم الإلحاح على الطفل للاعتراف بأنه سرق لأن ذلك يدفعه إلى الكذب فيتمادى فى سلوك السرقة والكذب.
    6.     ضرورة توافر القدوة الحسنة فى سلوك الكبار واتجاهاتهم الموجهة نحو الأمانة .
    7.     توضيح مساوئ السرقة ، وأضرارها على الفرد والمجتمع ، فهى جرم دينى وذنب اجتماعى ، وتبصير الطفل بقواعد الأخلاق والتقاليد الاجتماعية .
    8.     تعويد الطفل على عدم الغش فى الامتحانات والعمل ... الخ .