-->

الأورو و سياسة سعر الصرف في الجزائر

الأورو و سياسة سعر الصرف في الجزائر
    الأورو و سياسة سعر الصرف في الجزائر


    الأورو و سياسة سعر الصرف في الجزائر
    مقدمة 
    إن ظهور عملة الأورو في إطار الاتحاد الأوروبي النقدي له آثار داخل دول الاتحاد. إن السياسات النقدية الأوروبية هي الآن من اختصاص البنك المركزي الأوروبي و أصبحت سياسات التقارب فيما يخص الميزانيات و السياسات الضريبية ضرورية اكثر من ذي قبل. إن اندماج الأسواق الأوروبية المالية اصبح حتمية لا رجوع فيها . التوقعات و التحاليل حول آثار الوحدة النقدية فيما يخص المتقاربات الاسمية آو الحقيقية (تشغيل, تنمية, استثمارات... )داخل منطقة الأورو ينظر إليها عامة بالتفاؤل. و من جهة أخرى فان الآثار المترتبة على الدول الأخرى من جراء الوحدة النقدية هي محل اختلاف و جدل.
    اغلب الدراسات تؤكد على الآثار الداخلية للأورو فقط. تؤكد هده الدراسات خاصة على دور الأورو في تخفيض معدلات التضخم آو كونها عملية جديدة لتسوية المعاملات المالية آو أيضا يمثل  العملة الاحتياطية(Pr.Masson et A. Benassy.Quére  BogTurtelboom (1997 .
    كما يمثل الاورو حسب هده الدراسات العملة الثابتة و هدا نتيجة اختفاء معدلات الصرف للدول الأوروبية مع هده المعدلات نفقات النقل المترتبة عنها (P.Grauwe et L. Spavanta .1997). 
    إن الدراسات القليلة التي أنجزت من اجل إظهار الآثار الخارجية للأورو خصت فقط الآثار المترتبة على منطقة الدولار .في هذا الصدد تمت دراسة آثار الأورو و انعكاساتها على أهداف السياسة النقدية للبنك الفدرالي الأمريكي .


          سنحاول من جهتنا آن نبرز آثار الاورو على الجزائر و نقرنها بتونس و المغرب التي كما نعلم تربطها علاقات شراكه مع دول الاتحاد الأوروبي في إطار اتفاقيات التبادل الاورو متوسطي. 
    1- نظرة عن  سياسات الصرف
    بينت النظريات النقدية آن هناك علاقة بين أنظمة الصرف والسياسات النقدية و الجبائية فيما يخص تحقيق الأهداف الخارجية و الداخلية لاصلاح وتثبيت التوازنات الاقتصادية الكلية. من هدا المنطلق فان اختيار سعر الصرف بالعلاقة مع عملية الاورو  يكون له آثارا بالنسبة لدول البحر المتوسط لا يمكن تجاهلها فيما يخص الفعالية من اجل تحقيق الأهداف المسطرة(Cost benefit analysis)
    إن مشكلة (الثلاثية الغير متماثلة) الني آتى بها   Mundel تصادف دول البحر المتوسط المرشحة لان تكون الاورو و بدرجات متفاوتة.
    يمكن أن نتحدث عن هده المشكلة عن طريق إدخال نظرية المنطقة النقدية المثالية و درجات الارتباط مع الاورو ( مدى درجة ثبات سعر الصرف للدول المتوسطية مقارنة مع الاورو ) التي يمكن أن تحدد شروط تسيير للصدمات الغير متناظرة .
    من الواضح أن العملة لها آثار مباشرة على الدول المتوسطية لسبب بسيط هو أن كل المعاملات الاقتصادية تكون لها فاتورة تجارية بعملة واحدة مع 12 بلد أوروبي . إن الدول المتوسطية و دول المغرب العربي على الخصوص لا تبقى تسير عملتها مقارنة بسلة من العملات و لكن مع عملة واحدة. ينتج عن هذا انخفاضا في تكاليف المعاملات و في أخطار الصرف. و في نفس الوقت لا يمكن أن نحكم بين مختلف العملات الأوروبية و توزيع أخطار الصرف.
    إن دول المغرب العربي انتهجت سياسة سعر الصرف الفعلي الحقيقي المبني على الموازنة بين مختلف العملات لسلة مرجعية. و لكن لا بد من التفكير الآن في سلة مقتصرة فقط على ثلاث عملات (الدولار, الين و الأورو) . هناك عدة حلول بمزايا و مساوئ و التي يجب اختيار إحداها. هذا الاختيار يجب أن يأخذ بعين الاعتبار ليس فقط عوائق الميزان التجاري و لكن أيضا معدلات الفائدة, التضخم , المنافسة و النمو و التنمية.
    1 –1 نظرية منطقة النقود المثالية:
    ظهرت هذه النظرية في سنة 1961 في ورقة بحثية لـ R.A. MUNDELL . الشرط الأساسي لمنطقة اقتصادية مثالية هو حركية عوامل الإنتاج. بفضل هذا الشرط فإن  نظام الصرف الثابت (أو عملة موحدة) داخل المنطقة هو نظام صرف معوم بالنسبة لدول أخرى و الذي يسمح بتعديل سريع للاختلالات. إذن, فإن أي أزمة غير متناظرة في داخل المنطقة ينتج عنها حركة في رؤوس الأموال و اليد العاملة لإعادة التوازن بين العرض و الطلب.  يذكر  M.FRIEDMAN   مثال عن الركوض الذي حصل في انجلترا الجديدة (New Enland). حدث ذلك بسبب حركة رؤوس الأموال اتجاه جنوب الولايات المتحدة .
     و على العكس  من ذلك, فإنه في حالة   غياب حركية عوامل الإنتاج  فإن  المنطقة الاقتصادية غير مثالية  و  الأزمة غير المتناظرة تحتاج إلى تعديل نقدي الذي بدونه سوف ينتج بطالة و عجز في ميزان المدفوعات . بينما الدول الشريكة لها ميزان فائض و ضغوطات تضخمية.
    إن تحليل Mundell   فيما يخص التحكيم بين سعر الصرف الثابت و سعر الصرف العائم داخل المنطقة الاقتصادية خضع لعدة تطورات.  يضيف Mac Kinnon إضافة إلى العوامل الأخرى, عامل درجة الانفراج أو الانفتاح كعامل للمثالية, فبقدر ما يكون الاقتصاد منفتح  بقدر ما يكون للصرف الثابت مزايا لأنه يسمح باستقرار الاقتصاديات  المتعرضة  لتقلبات الصرف. حسب Scicovsky & Ingram  فإن إدخال العامل المالي بين أن التكامل المالي القوي هو عتما من عوامل المثالية. هذا التكامل المالي الذي يؤمن التحويلات المالية الضرورية لتعديل الاختلالات (خاصة اختلالات ميزان المدفوعات).
    1-2 الاتحاد النقدي الأوروبي : منطقة نقدية غير مثالية
    حسب النظرية السابقة الذكر فإنه يبدو  أن أوروبا بعيدة عن المنطقة المثالية. فعلا إن درجة الانفتاح في أوروبا عالية جدا و الأسواق المالية متطورة غير أن مرونة الأسعار و الحركة الجغرافية و القطاعية للعمل ضعيفة جدا. إن حاجز اللغة يعتبر الإعاقة الأساسية يضاف إليها نظم الحماية الاجتماعية, فيما يخص تأمين البطالة على وجه الخصوص, الشيء الذي لا يحفز على الحركية الجغرافية على عكس الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال . و من جهة أخرى فإن معدل الحياة لمنطقة الأورو النقدية يبدو طويلا. ففي حالة أزمة غير متناظرة(مثل ارتفاع تكاليف الإنتاج في فرنسا نتيجة ضغوط اجتماعية و استحالة وجود حل عن طريق التضخم-التخفيض inflation-dévaluation)    يؤدي هذا لا محالة إلى إجراءات مماثلة تتمثل في ظغوطات جبائية و بالتالي على ركوض في هذا البلد. و من جانب الطلب , أي ارتفاع في النفقات العمومية يكون ممول عن طريق القروض يؤدي إلى ارتفاع أـسعار الفائدة. هذا الارتفاع يؤدي بدوره إلى إعاقة النمو للناتج الداخلي الإجمالي PIB   في مختلف دول المنطقة, هذا إذا أخذنا أن الوفرات الخارجية السالبة الناتجة عن ارتفاع سعر الفائدة هي التي تطغى عن الوفرات الخارجية السالبة الناتجة عن  الانعاش الاقتصادي. و على العكس من هذا إذا طغت الوفرات الخارجية الإيجابية لآن الإنعاش الاقتصادي يكون في صالح كل المنطقة ما عدا الدولة المقترضة التي تتحمل وحدها التكاليف. للتذكير هنا, أن أهمية هذه الوفرات الخارجية أساسية بالنظر إلى المكانة النسبية لكل بلد  في المنطقة.
    مهما كانت نوعية الصدمات و الآثار المترتبة عنها فإن العلاقات بين مختلف الدول في منطقة الأورو النقدية هي شبيهة بمشكلة من خصائصها أن الحلول الموجودة غير مثالية. إذ أنه يمكن أن تحدث نزاعات سياسية أو اجتماعية , ناتجة عن عدم القبول الجماهيري الناتج عن الظغوطات من جراء الاختلالات داخل الاتحاد النقدي.
    إن مثال توحيد الألمانيتين بين أن التضامن الأوروبي رغم ضعف التجانس الاجتماعي و السياسي و الثقافي,هذا التوحيد خلق أزمة بالنسبة لأغلبية الدول الأوروبية : في سنة 1990, وصلت الإدارات الألمانية إلى احتياجات التمويل إلى –3.3% من PIB  . بالموازاة, فإن هذا العجز الممول عن طريق القروض و ليس عن طريق الضريبة, نتج عنه ارتفاع في أسعار الفائدة إلى 9% فأدى ذلك إلى ارتفاع معدل الفائدة للدول المجاورة (فرنسا على الخصوص). إذن , فإن  نظرية المنطقة النقدية المثالية التي نجدها أساسا في إطار معدل الصرف الثابت و معدل الصرف العائم لا تركز على الدور الأساسي للاتفاق فيما يخص السياسات الاقتصادية العامة للاتحاد الأوروبي.
     من جهة أخرى, فإن مشكل نظام التنسيق بين السياسات الاقتصادية ,غير السياسة النقدية, لا يقتصر على كونه يؤمن الدور المعاكس للبنك المركزي الأوروبي BCE و لكن هدفه أيضا هو تأمين تسيير مشترك للأزمات غير المتناظرة.
    2- سياسات الصرف في دول المغرب العربي
    2-1 التبادل و سياسة الصرف في دول المغرب العربي:
    نظرا للعوامل الجغرافية و التاريخية فإن معظم المتعاملين الاقتصاديين لدول المغرب العربي هي دول أوروبا.
    حسب (K.Sekkat & L.ACHY Juin 2000) فإن خلال 06 سنوات الأخيرة 77 بالمائة من صادرات تونس موجهة لأوروبا و 70  بالمائة من صادرات الجزائر و 62 بالمائة من صادرات المغرب. جدول (1) يبين صادرات دول الاتحاد المغاربي حيث يتضح أن أوروبا هي المتعامل الاقتصادي الأول بالنسبة لهذه الدول. نفس الارتباط يمكن ذكره بالنسبة للواردات.
    جدول رقم 1: المتعاملون الأساسيون مع الدول الأوروبية(1990-1997)


    الجزائر
    المغرب
    تونس
    منطقة أوروبا
    خارج منطقة أوروبا
    70
    30
    62
    38
    77
    23
    فرنسا
    28
    49
    31
    ألمانيا
    19
    15
    17
    إيطاليا
    25
    10
    34
    اسبانيا
    10
    12
    6
    أخرى
    18
    14
    12
    المجموع
    100
    100
    100
    إذا تمعنا في جدول الصادرات نرى أن المنتجات المصنعة تمثل 89.1 بالمائة لتونس و 64 بالمائة للمغرب وبينما لا تفوق 19 بالمائة بالنسبة للجزائر نظرا لاعتماد هذه الأخيرة على تصدير المحروقات فقط. جدول (2) يبين هذه الأرقام.. 
    جدول رقم 2- نسبة السلع المصنعة من الناتج الإجمالي و من الصادرات(1990-1997)


    الجزائر
    المغرب
    تونس
    نسبة القيمة المضافة من السلع المصنعة في PIB
    7.4
    17.6
    18.5
    نسبة القيمة المضافة من السلع المصنعة في الصادرات
    19
    64.1
    89.5
    المعدل الحقيقي السنوي للنمو(80-90)
    3.3
    4.1
    3.7
    المعدل الحقيقي السنوي للنمو(90-97)
    -10.2
    2.2
    5.5
    Source : UNIDO country industrial statistics
    2-2سياسات أسعار الصرف في دول الاتحاد:
    نتيجة للإصلاحات الاقتصادية الجديدة فإن أسعار الصرف في دول الاتحاد المغاربي خضعت لتغيرات كثيرة كان الهدف منها توحيد و تحرير هذه الأسعار. إن كل من المغرب و الجزائر و تونس بدأ بالتحويل الجاري حسب اتفاقية صندوق النقد الدولي و لكن لم تصل بعد إلى التحويل الكلي. الجدول رقم (3) يبين إجراءات الصرف للمغرب , الجزائر و تونس حسب تقدير صندوق النقد الدولي (1997) .
    جدول رقم 3- نظم أسعار الصرف لدول المغرب العربي
    البلد
    نظام الصرف
    السلة
    الجزائر
    تعويم مدار
    الدولار الأمريكي
    المغرب
    تسيير مثبت Ancrage fixe
    سلة من العملات
    تونس
    تعويم مدار
    سلة من العملات
    2-2-1 المغرب:                       Source : World economic outlook , Octobre1998,IMF.
     بالنسبة المغرب فان المعاملات لسلة العملات تغيرت في سنة 1980 لكي تتماشى مع السياسات الخارجية. بحيث بدأت المغرب في سياسة التخفيض التدريجي للدرهم . في سنة 1993 تم الوصول إلى التحويل الجاري بينما التحويل الكلي لرؤوس الأموال سمح به لغير المقيمين , كما تم إحداث سوق ما بين البنوك في 1996 و هذا من أجل تحرير سوق الصرف.
    2-2-2 تونس:
    كان سعر الصرف ينتمي إلى سلة من ثلاث عملات هي الفرنك الفرنسي المارك و الدولار. توسعت هذه السلة في 1981 لتشمل الليرة الإيطالية , الفرنك البلجيكي, و الفلورين الهولندي و البيسيط الإسباني. شرعت تونس في تخفيض عملتها في 1986 إلى غاية 1989. في 1992 تم الوصول إلى التحويل الجاري لسعر الصرف.
    2-2-3 الجزائر:
    لم تلقى سياسة الصرف في الجزائر اهتماما كبيرا إلا مع بداية التسعينيات و مرحلة الإصلاحات الاقتصادية. فكان سعر الصرف يحدد و يثبت ليلائم استراتيجيات التنمية.نحاول عرض في هذا المحور المراحل الرئيسية التي مر بها سعر الصرف في الجزائر.
    فبعد الاستقلال مباشرة، أصبحت الجزائر تابعة لمنطقة الفرنك الفرنسي، و كانت العملة قابلة للتحويل. و مع الاقتصاد الهش آنذاك و هروب رؤوس الأموال إلى الخارج تم اللجوء في 1963 إلى مراقبة الصرف  على كل العمليات و مع مختلف دول العالم.فبالفعل تمت مراقبة كل عمليات الاستيراد والتصدير و كذا إنشاء الديوان الوطني للتجارة. هذه الإجراءات كانت متبوعة بإنشاء العملة الوطنية -الدينار- في أبريل 1964  و الذي تم تحديده ب 180mg  من الذهب الخالص(3).  فحل الدينار الجزائري DA محل الفرنك الجديد- NF-  بتعادل 1DA = 1NF . و نظرا لاعتبارات سياسية خرجت الجزائر من منطقة الفرنك الفرنسي و تم تثبيت سعر الصرف إلى سلة واسعة من العملات  مع معاملات ترجيح مرتبطة بالواردات أثناء تعويم أسعار الصرف و أحادية أسعار الصرف لمل المتعاملين على كافة التراب الوطني (4). و قد تزامن هذا الإجراء أساسا مع المخطط الرباعي الأول (1970-1973). تميزت المرحلة الجديدة بظهور نظام جديد لتسيير الاقتصاد الوطني (التخطيط، التسيير الاشتراكي للمؤسسات،  القانون العام للعامل..الخ) كما ظهرت عدة تشريعات و قوانين تحدد طرق الاستثمار(قانون الاستثمار 1969). أصبح كل شيء محتكرا من قبل الدولة فأصبحت الاستيرادات خاضعة لما يسمى ب الترخيص الإجمالي للاستيراد (AGI Autorisation globale d’importation) أو لإيجارات الاستيراد (Licence d’importation).
    أدت هذه العوامل إلى ظهور سوق موازي للصرف و هذا ابتداء من سنة 1974 كما يبينه الجدول   رقم4.
    الجدول رقم 4 : سعر الصرف الرسمي و الموازي في الجزائر

    1970
    1974
    1977
    1980
    1987
    السوق الرسمي
    1.0
    1.0
    1.3
    0.62
    0.80
    السوق الموازي
    1.0
    1.1
    1.5
    2.0
    4.0
    المصدر :A Henni, Essai sur l’économie parallèle. Ed.ENAG 1991
    و لكن بالرغم من الاختلالات التي عرفها ميزان المدفوعات الجزائري لم تلجأ المؤسسات النقدية إلى تعديل في السعر الرسمي الجزائري يسمح إلى إعادة التوازن الكلي بل بالعكس أصبح الدولار 3.84 DA  في 1980 بعد أن كان 4.95  DAفي 1970 (5) .
    و لكن بعد الأحداث التي شهدتها الجزائر في 1988 ، ظهرت نوع من القطيعة مع النظام القديم للتسيير و طهرت عدة إجراءات جديدة يمكن إجمالها في بعض النقاط:
    - قانون القرض و النقد- قانون استقلالية المؤسسات - قانون البنوك   و دفاتر الإصلاحات-
    و قررت الجزائر التحويل الجزءئ للدينار ابتداء من 1991(6) و هذا بعد إدراج قسيمة القرض المستندي القابل للتحويل خلال مدة 3 سنوات عل أن يتبع بالتحويل الكلي للدينار  في سنة 1993 و لكن رغم المجهودات المبطولة لحد الآن فهذه العملية ما زالت بعيدة المنال.
    لقد شهدت سنة 1994 تسارعا كبيرا في مجال تحرير الأسعار و قد وصلت في هذه السنة نسبة التحرير إلى 84 بالمائة من إجمالي السلع المدرجة في مؤشر أسعار المستهلك. تزامن هذا مع تخفيض الدينار الجزائري بنسبة 40 بالمائة.
    و في نفس السنة بدأ البنك المركزي الجزائري بتحديد سعر الصرف عن طريق جلسات السعير Fixing sessions  بواسطة لجنة مشتركة من البنك المركزي و البنوك التجارية و  هذا كان تمهيدا لسوق الصرف ما بين البنوك الذي تم إنشاءه في جانفي 1996. كما أصبح للبنوك التجارية إمكانية التمتع بوضعية للصرف position de change تودع كودائع لدى بنك الجزائر. كما تم السماح بالقيام بمكاتب صرافة للصرف الأجنبي.
    سعر الصرف الموازي في الجزائر :
    إن مراقبة الصرف تعد طريقة مستعملة الهدف منها حماية الاحتياطات الدولية في حالة اختلال في ميزان المدفوعات . و لكن هذه الطريقة التي تحد من ممارسة نشاط الصرف، تساعد في هروب الأموال إلى الخارج، مما يساعد على ظهور سوق سوداء للتعامل في الصرف الأجنبي( يستعمل مصطلح السوق السوداء أو السوق الموازي أو السوق غير الرسمي(7)).إن أسباب ظهور مثل هذا السوق هي نفسها بالنسبة للعديد من الدول النامية.
    أسباب ظهور سعر الصرف الموازي:
    هناك ثلاث خيارات لمعالجة مشاكل ميزان المدفوعات:
    -أدوات مالية ائتمانية سياسات انكماشية ( سعر الفائدة، الضرائب و الرسوم)
    - الاقتراض الخارجي (الاستدانة)
    -فرض رقابة على التجارة الخارجية و الصرف الأجنبي.
    إن معظم الحكومات تفضل عادة آخر إجراء للاعتقاد أنه يوفر حلول آنية و مباشرة و بتكاليف اجتماعية و اقتصادية أقل.
    و لكن في مثل هذه الوضعية يتطور سعر الصرف الموازي نضرا لقلة و ندرة العملة الصعبة ، فيصبح البنك المركزي عاجز ا على تلبية رغبات طالبي العملة الصعبة . هذا الأمر يدفع من يرغب الحصول على العملة الصعبة بشرائها بأعلى سعر ممكن، الشيء الذي يشجع مالكي العملة الصعبة من بيعها في السوق الموازي بدلا من السوق الرسمي.
    إن حجم السوق الموازية للصرف يعتمد على نوع العمليات التي يتضمنها البرنامج الحكومي لمراقبة الصرف . فإذا كانت الدولة تراقب كل العمليات التجارية فيتطور و ينمو سعر الصرف الموازي ، أما إذا ما تم تلبية بعض من هذه العمليات من قبل البنك المركزي و البنوك التجارية فيقل حجم السوق الموازي . يتضح هذا جليا من خلال المراحل التي مر بها الدينار الجزائري . بالفعل بعد الرقابة الصارمة للصرف في 1974 تفاقم حجم سعر الصرف الموازي . الجدول رقم 5 و كذا الشكل رقم 1 يبين تطور السعر الصرف الموازي مقارنة مع سعر الصرف الرسمي من 1970 إلى 1996.

    الجدول رقم 5: تطور سعر الصرف الرسمي و الموازي في الجزائر
    السنة
    السنة
    1970
    1974
    1988
    1980
    1985
    1986
    1987
    1988
    1989
    1990
    1991
    1992
    1993
    1994
    1996
    1996
    السعر الرسمي
    1.0
    1.1
    1.3
    0.62
    0.61
    0.71
    0.80
    1.2
    1.5
    1.8
    3.75
    4.36
    4.20
    10.5
    11
    11.05
    السعر الموازي
    1.0
    1.4
    1.5
    2.0
    3.0
    4.0
    4.0
    5.0
    6.0
    6.8
    7.0
    9.5
    10.0
    12.5
    13
    14.2
    قيمق الانحراف
    0
    0.3
    0.2
    1.38
    2.39
    4.29
    3.2
    3.8
    4.5
    5
    3.25
    5.14
    5.8
    2
    2
    3.15
    نيبة تغير س.م.
    100
    110
    150
    200
    300
    400
    400
    500
    600
    680
    700
    950
    1000
    1250
    1300
    1420
    معدل التضخم
    -
    -
    -
    -
    10.5
    12.4
    7.4
    5.9
    9.3
    16.7
    20
    31
    31
    35.5
    30
    -
    المصدر:Revue Algérienne d’économie et de gestion , Mai 1997, Université d’Oran
    إن الجدول رقم 5 يوضح أنه بعد 1974 ظهر السوق الموازي في الجزائر و هذا نتيجة للطلب المتزايد على العملة الصعبة. و كما يظهر من الشكل رقم 1 فإن أكبر التغيرات سجلت ما بين الفترة 1986 و 1992. يمكن تفسير سبب الارتفاع في سنة 1986 إلى الأزمة البترولية التي خفضت مستوى الإيرادات من الصادرات إلى 56.5% ما بين 1985 و 1986.
    لقد عرف سعر الصرف الموازي انخفاضا تدريجيا ابتداء من 1994 - سنة تخفيض العملة بـ 40%-  و لا يرجع هذا التراجع إلى تخفيض العملة فحسب بل إلى إتباع البنوك التجارية سياسة تسمح للمتعاملين الاقتصاديين الحصول على العملة الصعبة باللجوء إلى ما يسمى بالقروض المستندية لتمويل التجارة الخارجية. الشيء الذي أنقص من الطلب على العملة الصعبة. زيادة على هذا فإن ظهور بعض السلع التي كانت مفقودة في السوق الوطنية قلل أيضا من الطلب على العملة الصعبة. إذا فنلاحظ أنه في سنة 2000 استقر سعر  الصرف الموازي في حدود 1FF = 12DA تقريبا.

    الشكل رقم 1 : تطور سعر الصرف الموازى و الرسمي في الجزائر.

    إن سعر الصرف الموازي شأنه شان الصرف الرسمي يتحدد بعل عامل العرض و الطلب.
    عامل الطلب:
    - تحويلات رؤوس الأموال
    - المدفوعات الغير منظورة (invisible payments)
    -بعض الواردات ( خاصة الاستهلاكية)
    عامل العرض :
    - التصدير
    -التهريب
    -السواح
    - الدبلوماسيون
    -العمال الأجانب
    - تحويلات المغتربين
    -تسعير بأكثر (بالنسبة للواردات) و بأقل بالنسبة للصادرات (Transfer pricing)
    إن من الآثار التي تنجر من جراء وجود سعر صرف موازي ما يلي:
    - الآثار التضخمية (Inflation)
    - تشويه تخصيص الموارد(Distortions in ressources allocation)
    -        الرشوة البيروقراطية (Corruption bureaucratique)
    2-3 مستوى سعر الصرف الحقيقي:
    يعرف سعر الصرف الحقيقي نظريا بأنه السعر النسبي للسلع المتبادلة إلى السلع غير المتبادلة. لا يوجد مقياس أو مؤشر موحد لكيفية حساب سعر الصرف الفعلي.في ورقتهما (k .SEKKAT & Achy L. June 2000) نم تقديم مقياس معدل الصرف الحقيقي (REER Real effective exchange rate) الذي يأخد بعين الاعتبار درجة المنافسة لسلع دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا (MENA) مع أوروبا. جدول رقم (6) يعطي نتائج عمل REER.. الجدول أن في كل بلد تمت ملاحظة تحركات معتبرة خلال الـ 26 سنة الأخيرة. يبسن الجدول أن هناك تحركات أكثر بالنسبة للجزائر مقارنة مع المغرب و تونس. بالنسبة لهاتين الأخيرتين لوحظ نوع من الاستقرار في REER مع انخفاض قليل في منتصف الثمانينات. يمكن تفسير هذا نتيجة إصلاحات سعر الصرف التي تم اتخاذها في كلا البلدين.

    جدول رقم6- ملخص إحصائي لمعدل الصرف الفعلي الحقيقي REER في الفترة 1970-1997 (1987=100)


    الجزائر
    المغرب
    تونس
    الوسيط
    134.2
    82.2
    75.2
    الانحراف المعياري
    67.7
    17.4
    19.5
    أقل ملاحظة
    74.3
    61.3
    65.9
    أقصى ملاحظة
    306.0
    109.4
    106.5
    2-4 سعر الصرف الحقيقي و عدم المساعرة النقدية(MISALIGNEMENT)Source : (K.Sekkat  & Achy Lahcen June 2000)
    يمكن تعريف عدم المساعرة في سعر الصرف الحقيقي هي ابتعاد  سعر الصرف الحقيقي الحالي عن سعره التوازني. لهذا يجب معرفة سعر الصرف التوازني الذي يعتمد بدوره على عوامل هيكلية و اقتصادية كلية. في البلدان النامية يمكن مشاهدة هذا الشكل من عدم المساعرة النقدية جليا عندما تقيم العملة المحلية بأعلى من قيمتها, الشيء الذي يعيق النشاط التجاري و التنمية الاقتصادية. في العديد من هذه الدول نرى سعر صرف مقيما بأعلى من قيمته , و جعله نوع من أنواع الرقابة على الصرف أو سياسة حمائية.
    إن من بين الطرق التي يتم استعمالها لتبيان المساعرة النقدية هي حساب سعر الصرف الموازي الذي يبين درجة الانحراف و الابتعاد عن سعر الصرف الحقيقي.  لما يقيم سعر الصرف بأعلى من قيمته , يعني هذا مراقبة أكثر بالنسبة للبلد مما ينتج عنه نسبة جزائية كبيرة في سعر الصرف الموازي.
    جدول (7) يبين النسبة الجزائية للسوق الموازي كنسبة من معدل الصرف الرسمي. على عكس المغرب و تونس التي تعتبر النسبة الجزائية فيهما ضعيفة, فإن الجزائر ذات نسبة جزائية كبيرة جدا. هذه النسبة كانت تمثل أربع 04 مرات السعر الرسمي في الفترة 1985-1989 و مرتين في الفترة 1990-1997.
    جدول رقم7- النسبة الجزائية للسوق الموازي كنسبة من سعر الصرف الرسمي


    الجزائر
    المغرب
    تونس
    1970-1974
    51
    5
    15
    1974-1979
    96
    7
    5
    1980-1984
    242
    5
    8
    1985-1989
    379
    3
    4
    1990-1997
    194
    4
    4

    إن أبحاث  (k .SEKKAT & Achy L. June 2000)تدرس بالدرجة الأولى درجة ابتعاد أسعار الصرف  عن السعر التوازني في دول المغرب العربي مقارنة مع الأورو. Source : (K.Sekkat  & Achy Lahcen June 2000)
    الجدول رقم (8) بين معدل عدم المساعرة النقدية مقارنة مع الأورو

    الجزائر
    المغرب
    تونس
    1970-1974
    -9.14
    2.54
    -5.40
    1974-1979
    -1.10
    0.73
    0.56
    1980-1984
    -3.76
    0.29
    -2.47
    1985-1989
    2.12
    -3.47
    1.66
    1990-1997
    6.77
    -0.16
    3.33
    . تبين النتائج أن سعر الصرف الحقيقي مقيم بأعلى من قيمته  أي درجة عدم المساعرة النقدية (0 MIS>) عندما يكون أصغر من قيمته التوازنية, و العكس صحيح. إن في فترة ما بين 1990-1997 كل من الدينار الجزائري و الدينار التونسي  مقيمان بأعلى من قيمتهما هذا على عكس الدرهم المغربي.
    جدول رقم 8- درجة عدم المساعرة النقدية بالعلاقة م العملات الأوروبية:
    Taux de mésalignement par rapport aux monnaies européennes

                                      Source : (K.Sekkat  & Achy Lahcen June 2000
    الخلاصة و التوصيات
    الخلاصة العامة و التوصيات المقدمة بعد العديد من الدراسات يمكن إجمالها فيما يلي(C.BERTHOMIEU &.MAROUANI 2001) و (K.SEKKAT. & A.VAROUDAKIS) و (A.MAROUANI 2000) :
    بالنسبة لتونس: إن الخاصية الأساسية التي يمكن استخلاصها من إدارة سعر الصرف السابقة هي لا محالة محاولة البحث عن استقرار سعر الصرف الحقيقي للدينار.  هذا الأخير الذي لم يبتعد كثيرا عن سعره التوازني في المدى البعيد مقارنة بالأورو من جهة ’ و من جهة أخرى فإنه بالرغم من وجود عدم مساعرة نقدية, يفسر هذا بسياسات تخفيض العملة التي كان هدفها تنافسيا. أدت هذه السياسة أيضا إلى تقليل خطر الصرف و تقليل تذبذبه . لهذا ترى الدراسات أن التعويم المدار مع تثبيت الدينار للأورو سوف يكون لا محالة لصالح تونس.
    بالنسبة للمغرب: هناك ثلاث خيارات:
    -الخيار الأول : بقاء الأشياء على حالها. هنا يجب تغيير فقط العملات الأوروبية  و استبدالها بالأورو, فسوف تعطي 58% للأورو مقارنة بـ 32% للدولار. ففي هذه الحالة فإن تغيرات الأورو هي التي تحدد سعر الدرهم المغربي.
    الخيار الثاني: التثبيت مع الدولار الأمريكي . لا تمثل الولايات المتحدة الأمريكية الشريك الأول بالنسبة للمغرب (3.5% من الصادرات , 7% من الواردات, و لا أيضا بالنسبة للسياحة و لا الاستثمار الأجنبي المباشر 14.9%).
    الخيار الثالث: التثبيت مع الأورو: يعتبر هذا الخيار أكثر ملائمة بالنسبة للاقتصاد المغربي (57% , 50% واردات, 70% من السواح الأجانب, تحويلات العمال المغتربين ونسبة عالية من الاستثمار الأجنبي المباشر). يعتمد هذا التثبيت على مدى استقرار عملة الأورو  و أن تفرض نفسها كعملة دولية.
    بالنسبة للجزائر: إن نظام سعر الصرف في الجزائر هو التثبيت مع الدولار كان يعتبر أفضل خيار خاصة لما نلاحظ مقدار المديونية معبرة بالدولار. و لكن مع ظهور الأورو أصبح وزن هذه العملة يحتم على الجزائر في النظر في خيار آخر. إذن التثبيت عن طريق الأورو يظهر كسلسلة طبيعية ناتجة عن اتفاق الشراكة الاخير بين الجزائر و الاتحاد الأوروبي.
    هذا من جهة سياسات الصرف , أما من جهة أخرى أنه في الوقت الحالي استحالة وجود منطقة نقدية مثالية للأورو و هذا حسب ما ورد سابقا في النظريات الاقتصادية و كذا الاختلافات الجوهرية بين سياسات الدول داخل الاتحاد و اختلاف سياسات دول خارج الاتحاد.


    المراجع

    1- Pr.Masson et A. Benassy.Quére  BogTurtelboom (1997) » l’EURO et le Dollar » ,Letter CEPII .
    2- P.Grauwe et L. Spavanta .1997 «  Setting conversion rate for the third stage of the EMU »,CEPR discussion paper, Avril 1997.

    3- Revue Algérienne d’économie et de Gestion, Mai 1997, Université d’Oran.
    صندوق النقدالعربي، سياسات و ادارة أسعار الصرف في الدول العربية، سبتمبر 1997 ، أبو ظبي.- 4
    5-Henni A. Essai sur l’économie parallèle. Cas de l’Algérie. Edit. Enag 1991
    6-Nsouli S, Corneluis P., Gernion A. Le dur passage à la convertibilité monétaire en Afrique, Finance et developpement1992.
    7- Michael Nowak, Black markets in foreign exchange , Finance et developpement  Mars 1985.
    8 -K.Sekkat & L.ACHY Juin 2000 » The european single currency and MENA’s manufactured Export to Europe », Femise June 2000.
    9- BERTHOMIEU &.MAROUANI 2001 » L’EURO et la Méditerranée », Les politiques de change des PSEM, Femise, Mars 2001.
    10-  K.SEKKAT. & A.VAROUDAKIS (2000), « exchange rate management and manufactured exports in Sub-Saharian Africa » Journal of development economics,Vol61.
    11- A.MAROUANI 2000 «  Le role des marchés financiers et monétaires dans le cadre de la zone EURO, Femise, Février 2000.