-->

بحث عن إنديرا غاندي.. المرأة الهندية الحديدية

بحث عن إنديرا غاندي.. المرأة الهندية الحديدية
    بحث عن إنديرا غاندي.. المرأة الهندية الحديدية
     إنديرا غاندي

    اول امرأة تحكم شبه القارة الهندية

    إنديرا غاندي.. المرأة الهندية الحديدية
    عاشت إنديرا غاندي أول رئيسة وزراء للهند الحياة السياسية بكل تقلباتها، فكانت على رأس السلطة تحكم واحدة من أكبر دول العالم تارة، وحبيسة جدران السجون والمعتقلات بعد هزيمة حزبها وانتقام قادة المعارضة منها تارة أخرى. وظلت وفية لمبدأ القضاء على الامتيازات الخاصة وإعلاء قيمة الانتماء للدولة فوق الانتماء الطائفي إلى أن سقطت صريعة رصاصات غادرة من بعض السيخ المتعصبين داخل حرسها الشخصي انتقاما لاقتحام الجيش معبدا مقدسا لهم لتلقى المصير نفسه الذي لقيه ألمهاتما غاندي من قبل.

    الميلاد والنشأة 
    ولدت إنديرا بريادار شيني نهرو في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 1917 بمدينة الله آباد في عائلة لها باع طويل بالعمل السياسي حيث كان جدها ووالدها من رموز العمل الوطني ومثّلا مع ألمهاتما غاندي ثالوثا أسماه الهنود "الثالوث المقدس" كان له فضل كبير في مساعي الهند للحصول على استقلالها من بريطانيا. وشغل والدها جواهر لال نهرو منصب أول رئيس وزراء للهند عقب استقلالها عام 1947.
    الدراسة والزواج
    درست إنديرا في معهد "سانتينيكيتان" الذي أسسه الشاعر الهندي الكبير طاغور وأكملت دراستها في العلوم السياسية بسويسرا ثم في كلية سومر وجامعة إكسفورد ببريطانيا، وهناك تزوجت عام 1942 فيروز غاندي أحد ناشطي الحركة الوطنية الهندية ورزقت منه بولدين هما سنجاي وراجيف.
    الانتماء الفكري
    تأثرت إنديرا بالزعيم الهندي ألمهاتما غاندي وبخاصة فيما يتعلق بالعمل على الخلاص من الاستعمار البريطاني والاعتماد على النفس في سد احتياجات الشعب والحفاظ على وحدة الهند ورفض الاقتتال الطائفي. ومن شدة تأثرها بغاندي باتت تنسب إليه وأصبح يطلق عليها إنديرا غاندي ولبست الرداء الهندي المصنوع يدويا من القطن ولم تبال بسخرية أقرانها الصغار في مراحل التعليم الأولى.
    وأثر في إنديرا أيضا أفكار والدها وجهوده السياسية فكانت شخصيتها مزيجا من روحانية النساك وواقعية رجال الدولة.
    وكانت إنديرا من أكثر الكارهين للتعصب الديني والطائفي حتى إنها سقطت صريعة بسبب وفائها لهذا المبدأ كما سيأتي عند الحديث عن اغتيالها.
    وقد كرست إنديرا معظم حياتها لوحدة الهند الوطنية وإخراجها من التقاليد البالية والانقسامات الاجتماعية المولدة للعنف، كما عرفت كيف تحافظ على استقلال الهند في عالم يتميز بهيمنة الكبار على كل تفاصيل العلاقات الدولية، فقد كانت حليفا صعبا للسوفيات وخصما عنيدا للأميركان وعدوا لدودا لباكستان، ولكنها في الوقت نفسه عرفت كيف تتمسك بحركة عدم الانحياز وتقيم علاقات حميمة مع العالم العربي وترفض باستمرار ومبدئية الاعتراف بإسرائيل.
    تاريخها السياسي
    اعتقال مبكر
    اشتغلت إنديرا بالعمل السياسي منذ وقت مبكر من حياتها، وتمرست على تقلبات الحياة السياسية، ففي عام 1942 (أي في العام الذي تزوجت فيه) اعتقلت هي وزوجها بتهمتي التخريب ومناهضة السياسة الاستعمارية فقضى الاثنان في السجن 13 شهرا.
    مساعدة لوالدها
    بعد تولي والدها رئاسة الوزراء أصبحت إنديرا المساعد الرئيسي له وكانت بمثابة مديرة لمكتبه، وصحبته في معظم رحلاته الداخلية والخارجية وبخاصة الرحلات التاريخية إلى الصين والاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة.
    وحاولت احتواء بذور الفتنة الطائفية بين الهندوس والمسلمين وبذلت جهدها لمنع انفصال باكستان عن الهند لكن الرغبة في الانفصال كانت أقوى منها.
    رئيسة لحزب المؤتمر
    انتخبت في عام 1959 بعد وفاة زوجها رئيسة لحزب المؤتمر لمدة عام واحد، وعلى الرغم من قصر تلك المدة فإن جهودها أسفرت عن تطهير الحزب من قياداته البيرقراطية وإدخال دماء جديدة إلى صفوفه ونجحت في إضعاف الحزب الشيوعي الهندي في أهم حصونه داخل ولاية "كيرلا" وذلك بفوز حزب المؤتمر هناك عام 1957.
    مشرفة على إستراتيجية الدفاع
    كلفت إنديرا الإشراف على إستراتيجية الدفاع الوطني عام 1962 عندما تصاعدت حدة الخلافات من جديد بين الهند وباكستان على كشمير.
    ممثلة للهند في اليونسكو
    مثلت إنديرا بلادها في منظمتي اليونسكو واليونيسيف في باريس عام 1964 لكنها سرعان ما استدعيت إلى الهند مرة أخرى بسبب تدهور الحالة الصحية لوالدها ومارست مهام رئاسة الوزراء بالوكالة.
    وزيرة للإعلام
    طلب رئيس الوزراء الجديد لال بهادور شاستري الذي خلف نهرو عام 1946 من إنديرا تولي حقيبة وزارة الخارجية لكنها رفضت مفضلة وزارة الإعلام، وزادت من نشاطها في مجلس ممثلي الولايات الهندية الذي يعتبر المركز الحقيقي للسلطة في البلاد، وكان من أهم إنجازاتها في وزارة الإعلام تمكين المعارضة من عرض وجهات نظرهم في الإذاعة والتلفزيون.
    رئيسة للوزراء
    جاءت الوفاة المفاجئة لرئيس وزراء الهند شاستري في يناير/ كانون الثاني 1966 في العاصمة الأوزبكية طشقند أثناء حضوره مؤتمرا للنزاع على كشمير برعاية الاتحاد السوفياتي لتمهد الطريق أمام تولي إنديرا رئاسة الوزراء، واختيرت إنديرا غاندي لتولي منصب رئيس الوزراء، وفي عام 1967 قرر الحزب إعادة ترشيحها.
    تحالفها مع التيارات اليسارية
    اندلعت صراعات داخلية بين بعض رموز حزب المؤتمر بغية الفوز بمنصب رئيس الوزراء، وقد أدت هذه الصراعات إلى انقسام الحزب إلى قسمين: حزب المؤتمر O أي التنظيم 
    (Organization) وحزب المؤتمر R أي الحاكم (Ruling) بقيادة إنديرا، واستطاعت إنديرا الصمود أمام هذه العاصفة الجديدة بتحالفها مع التيارات اليسارية داخل البرلمان واستمر هذا الوضع مدة عام.
    اطردوا إنديرا
    رفض البرلمان الهندي إدخال تعديل على الدستور يسمح بإلغاء الامتيازات والنفقات التي تدفعها الحكومة للأمراء، وقد تجاوزات إنديرا هذا الرفض فاستصدرت مرسوما رئاسيا يسمح بإصدار مثل هذا القانون، وعندما أعلنت المحكمة الدستورية العليا عدم دستورية هذا القانون رفعت المعارضة شعار "اطردوا إنديرا" فردت عليهم بشعار "اطردوا الفقر" مما أكسبها تأييد الجماهير الشعبية التي صوتت بكثافة لمرشحي حزب المؤتمر (جناح إنديرا)، ونجح مؤيدوها بـ350 نائبا من أصل 515 مما سمح لها بتنفيذ العديد من الإصلاحات الاجتماعية والدستورية والاقتصادية التي كانت تخطط لها لتحديث الهند.
    علاقاتها بالاتحاد السوفياتي
    كانت إنديرا غاندي تعتبر علاقتها بالاتحاد السوفياتي علاقة إستراتيجية تكللت في 9 أغسطس/ آب 1971 بتوقيع معاهدة للصداقة والتعاون تمهيدا للدخول في الحرب الثالثة مع باكستان التي كانت تربطها بالولايات المتحدة علاقات مميزة.
    حربها مع باكستان
    قادت إنديرا الهند في حربها مع باكستان عام 1971 وذلك بعد أن أعطت أوامرها إلى الجيش الهندي بدخول باكستان الشرقية لدعم الانفصاليين هناك، وقد حقق الجيش الهندي انتصارا كبيرا على نظيره الباكستاني وكان من أهم نتائج هذه الحرب انفصال باكستان الشرقية عن الغربية وإنشاء كيان سياسي جديد موال للهند هو بنغلاديش. وقد رفع هذا الانتصار شعبية إنديرا وجعلها من زعماء الهند التاريخيين.
    إعلانها حالة الطوارئ
    ضرب الجفاف مساحات شاسعة من الهند قلت على أثره المحاصيل الزراعية وارتفعت أسعار المواد الأولية وعلى رأسها النفط ودخلت البلاد في حالة من التضخم والفساد المالي والإداري ساعد على بروز أصوات المعارضة بقوة، وهو الأمر الذي حدا برئيسة الوزراء إنديرا غاندي إلى إعلان حالة الطوارئ في 26 يونيو/ حزيران 1975 مبررة ذلك بضرورة تنفيذ برنامج طموح من الإصلاحات الجذرية. وبموجب حالة الطوارئ هذا زجت حكومة إنديرا بأبرز زعماء المعارضة البرلمانية في السجن وفرضت الرقابة على الصحف وعلقت الحريات الدستورية. ونتيجة لكل ذلك كان من الطبيعي أن تتهاوى شعبيتها ويخسر حزبها في انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول 1977 أمام تكتل المعارضة "جناتا بارتي" وتخسر هي نفسها مقعدها في البرلمان.
    عودتها إلى السلطة
    عادت إنديرا إلى السلطة مرة أخرى مستغلة سلسلة من الأخطاء السياسية ارتكبها تكتل المعارضة منها:
    قرار وزير الداخلية باعتقالها مدة يوم واحد قبل أن تصدر المحكمة قرارها بالإفراج عنها.
    رفض البرلمان الهندي دخولها إلى قاعة البرلمان رغم نجاحها في إحدى الدوائر الانتخابية وتصويته على طردها ثم اعتقالها لمدة أسبوع كامل من 19 - 26/12/1978 مما منحها تعاطفا شعبيا كبيرا.
    ازدياد الانقسامات والصراعات داخل تكتل المعارضة الحاكم ثم انفراط عقد التكتل بأكمله.
    حل البرلمان الهندي بعد أن دخلت البلاد في حالة من الفوضى السياسية.
    وكانت إنديرا غاندي قد استعدت لذلك فجاءت نتائج الانتخابات في يناير/ كانون الثاني 1980 لتكرس انتصارها وانتصار حزبها وابنها سنجاي الذي انتخب هو الآخر بأغلبية ملموسة.
    وفاة ابنها
    كان سنجاي من القلائل الذين شجعوا إنديرا على الاستمرار في الحياة السياسية الهندية عند هزيمتها عام 1977 وساعدها في تجديد قيادات الحزب عام 1978 وأصبح أحد أمناء العامين وتمكن بهذه الصفة من إقصاء معظم الوزراء والحزبيين المتورطين في ارتكاب تجاوزات ولم يتردد في شق الحزب عام 1978 وتشكيل حزب جديد عرف باسم حزب المؤتمر (إ) نسبة إلى إنديرا. ولكنه لم يقدر له أن يتمتع بثمرات انتصاره إذ لقي حتفه في حادث طائرة شراعية بعد شهر من عودة والدته إلى الحكم تاركا المجال مفتوحا أمام خلافة والدته وذلك قبل أن تقنع هذه الأخيرة ابنها الأكبر راجيف بالانخراط في معترك السياسة تمهيدا لخلافتها.
    اغتيالها
    احتج بعض زعماء السيخ المتشددين على بعض سياسات إنديرا واعتصموا في أحد معابدهم المقدسة (معبد الشمس) وطالبوا باستقالتها، ولما امتنعوا عن الاستجابة لمناشدتها بفض الاعتصام وعدم إثارة الرأي العام أو النعرات الطائفية أعطت أوامرها للجيش باقتحام المعبد والقضاء على المعتصمين وعلى رأسهم سانت بيندرانوال مما أثار حفيظة بقية السيخ. في هذه الأثناء رفضت إنديرا تغيير حرسها الشخصي المكون من الضباط السيخ معتبرة أنه يجب أن لا يؤخذ الأبرياء بجريرة المذنبين على حد وصفها، لكنها لم تكن موفقة في هذا الرأي فقد تغلب التعصب الطائفي على الواجب القومي فسقطت إنديرا صريعة برصاصات قاتلة أطلقها عليها حرسها الشخصي صبيحة يوم 31 أكتوبر/ تشرين الأول 1984 فودعت الحياة السياسية عن عمر يناهز 67 عاما.