-->

النظام الضريبي السوري

النظام الضريبي السوري
    النظام الضريبي السوري
    النظام الضريبي السوري

    تهدف الأنظمة الضريبية لخدمة مصالح الاقتصاد الوطني عند تمويل المشاريع الاقتصادية والخدمات الاجتماعية وتحقيق الأهداف السياسية للدولة, كما وتشكل  الأنظمة الضريبية الأداة العامة لدفع عجلة التنمية الاقتصادية,  فبدون تمويل لا يمكن أن تتحقق المشاريع والبرامج التي تعدها الدول , وبدون ضرائب  لا تتحقق العدالة الاجتماعية التي تشكل الهدف الأساسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية, وتسعى سورية إلى معالجة الخلل الهيكلي من  خلال استعمال الضريبة كأداة فاعلة. سنحاول  من خلال هذا المبحث أن ندرس مختلف جوانب  النظام الضريبي السوري بداية بتطور التشريعات الضريبية ثم دراسة  خصائص  النظام الضريبي السوري وأهم اتجاهات إصلاحه.


     المبحث الأول: تطور النظام الضريبي السوري:
       يتضمن النظام الضريبي السوري مجموعة من الضرائب المباشرة والرسوم والضرائب غير  المباشرة التي تعود في أكثرها لفترات  قديمة صدرت بموجب قوانين ومراسيم يفصل بينها أبعاد زمنية طويلة, لدرجة أننا نلاحظ تداخل القديم مع الحديث والماضي مع الحاضر ويساعد هذا التداخل في عالم  المال على زيادة حجم  الحصيلة, لكن تعدد الإجراءات وظهور تفسيرات متعددة أدى ويؤدي  إلى تراجع  حجم الحصيلة الضريبية مقارنة مع  الدخل القومي, وقد مر النظام الضريبي السوري بمراحل متعددة أهمها:
      المرحلة الأولى : لقد بدأت هذه المرحلة منذ عام 1940 وانتهت عام 1949 وتميزت هذه المرحلة  بوجود قوانين فرنسية وقوانين عثمانية  تعمل إلى جانب بعضها البعض, حيث انتهت هذه المرحلة بالانفصال النقدي بين سورية ولبنان وبداية الانفصال الاقتصادي.
    المرحلة الثانية : بدأت هذه المرحلة عام 1949 وانتهت عام 1963, وقد تميزت هذه المرحلة بصدور قانون رقم 85 لعام 1949 الذي حدد مصادر الدخل والضرائب المفروضة  عليه وبتشكل  علمي وواقعي, وصدور المرسوم رقم  101  العام 1952 القاضي بتنظيم  ضريبة التركات والرسوم المفروضة على الهبات والإعانات.[1]
     المرحلة الثالثة : وقد بدأت هذه المرحلة  منذ عام 1963 وانتهت عام 1985 وأهم ما يميز هذه المرحلة  القانون المالي الأساسي للدولة رقم 96 لعام 1967، الذي تمت بموجبه عدة إجراءات مالية كان من أهمها توحيد الموازنة العامة للدولة وتوحيد أصول  الصرف والبداية بموجب تعليمات محددة, كما تم تعديل قانون ضريبة الدخل للشركات العامة, حيث جعلها  القانون شخصية تجارية أو صناعية يتوجب عليها دفع الضرائب للدولة مثل القطاع الخاص . المرحلة الرابعة: بدأت عام 1985 وانتهت عام 2000 وأهم سمات هذه المرحلة حدوث الإعفاءات الضريبية للمستثمرين وهي :
    - المرسوم التشريعي رقم 10 لعام1986 القاضي  بإحداث الشركات الزراعية المشتركة ومنحها إعفاءات ضريبية لمدة سبع سنوات.
    - القرار رقم 186 لعام 1985 الصادر عن المجلس السياحي الأعلى والقاضي بإعفاء المنشأة السياحية من ضرائب الدخل لمدة خمس سنوات ومن 50% من ضرائب الدخل طيلة حياة المشروع.
    - القانون رقم 19 لعام 1990 (قانون المغتربين ) القاضي بمنح إعفاءات جمركية متعددة للسوريين المغتربين الذين يودون العودة وإقامة مشروعات استنكارية داخل سورية.
    - قانون الاستثمار رقم 10 لعام 1991: القاضي بمنح إعفاءات ضريبية للمستثمرين لمدة خمس سنوات وإعفاء كامل من الرسوم الجمركية عند تأسيس المشروع .
    - القانون رقم 20 لعام 1991 القاضي بتخفيض الشرائح التصاعدية من 92% على الدخل بما فيها رسوم الإدارة المحلية بهدف تشجيع الاستثمار الأجنبي.
    - عدة قرارات لتخفيض الرسوم الجمركية على المواد الأولية والصناعة المستوردة.
    - المرسوم رقم 7 لعام 2000 القاضي  بتعديل القانون رقم 10 لعام 1991 بزيادة  الإعفاءات الضريبية لمشاريع الاستثمار, وتخفيض ضريبة الدخل للشركات المساهمة  من 32% إلى 25% ، لقد تميزت هذه المرحلة بالانفتاح الاقتصادي ورغبة الحكومة في إجراء إصلاحات اقتصادية وتشجيع الاستثمار المحلي والعربي والأجنبي, وصدور هذه القوانين والمراسيم والقرارات بهدف تشجيع الاستثمار من جهة وزيادة الإنتاج والدخل من جهة أخرى, وقد شكلت عبئاً على موازنة  الدولة  لأنها ساهمت في زيادة  الإعفاءات, بحيث أن 60% من الدخل أصبح معفياً من  الضرائب  مما دفع الحكومة للاعتماد على القروض الخارجية والإصدار النقدي في تمويل مشاريعها العامة وأدى ذلك لزيادة معدلات  التضخم حيث وصلت ما بين 30%-40% في سنوات التسعينات وازدادت مديونية الدولة للعالم الخارجي[2].
       وإذا قارنا بين الأهداف المتوخاة من الإعفاءات الضريبية والمتحقق فعلاً فأننا نستطيع القول بأن الأهداف لم تتحقق ولم تدخل الاستثمارات إلى سورية ووصل الاقتصاد إلى حالة ركود.[3]
     المرحلة الخامسة: 2000-2006
     لقد أكدت النظرية الاقتصادية الكلية على ضرورة تلاؤم النظام الضريبي مع الواقع الضريبي للاقتصاد, ولقد طورت الحكومة السورية بعض بنود التشريع الضريبي حيث يمكننا  إيجاز بعض ما تم من تعديلات التشريع المالي والضريبي:
    -   القانون 24 لعام 2003 : وقد تضمن تعديل الحد الأدنى المعفى من ضرائب الدخل من 1000 ليرة سورية بحيث أصبح 5000ل.س
    -       القانون 25 لعام 2003: ويتعلق بالاستعلام الضريبي لمكافحة التهرب الضريبي .
    -   المرسوم التشريعي رقم 18 بتاريخ : 14-2- 2004 والذي  ألغى القانونين 794 لعام 1928 و 54 لعام 1979 الخاصين بضريبة المواشي واستعيض عنهما بفرض رسم على المواشي المصدرة بمقدار 100ل.س.
    -       القانون 22 بتاريخ 9-11- 2003 والذي تضمنت رسالته قروض  صندوق الدين العام وتسديد حسابه.
    -       القانون 47 تاريخ 38-19- 2003 والذي تضمن الحلول  لكثير من التشابكات المالية والمتراكمة .
    -       القانون 26 بتاريخ 19-11-2003  والذي وحد نسبة الحسميات التقاعدية  بـ7%.
    -       القانون رقم 45 بتاريخ 30-12-2003 الذي قضى بإحلال عبارة التنمية المستدامة محل المجهود الحربي.
    -       القانون 14 بتاريخ 27-05-2004 والذي مدد العمل بالتقدير المالي للعقارات لمدة سنة واحدة.([4])
    المبحث الثاني :اتجاهات إصلاح النظام الضريبي السوري
       يتردد كثيراً عبارة إصلاح الضريبي في الأدبيات الحديثة للاقتصاد والمالية العامة, وهي تدل في مجملها على التغيرات التي تطرأ على النظام الضريبي في الدولة  لمواكبة  التطورات الاقتصادية والاجتماعية ويمكن أن يكون الإصلاح الضريبي شاملاً لكل الهيكل الضريبي للدولة, أو أن يكون هذا الإصلاح جزئيا لنوع معين من الضرائب ويتطلب الإصلاح الضريبي  دراية عميقة بأوضاع  الدولة لذلك فإن  الإصلاح الضريبي في دولة معينة قد يتلاءم مع دولة أخرى وان كان ذلك لا يمنع من التعرف على تجارب الدول الأخرى, وتشترك سياسة الإصلاح بوجه عام في بعض الخصائص العامة وهي :
    -   الإصلاح الضريبي ظاهرة عامة : حيث أن الأحداث العالمية أدت إلى ضرورة  إحداث إصلاح ضريبي عالمي في سائر  النظم التي تتأثر بهذه الأحداث مما يؤكد أن الإصلاح الضريبي ظاهرة عامة.
    -        الإصلاح الضريبي أحد حلقات الإصلاح الاقتصادي: ذلك أن الضرائب تتخذ كأداة فعالة في إنجاح الإصلاح الاقتصادي .
    -   لكل إصلاح ضريبي أهدافه: حيث يهدف الإصلاح الجزئي إلى معالجة خلل تشريعي في قانون ضريبي معين أو يهدف إلى الحد من التهرب الضريبي, كما يهدف الإصلاح الشامل إلى تحقيق أهداف عدة أهمها تبسيط النظام الضريبي وتحقيق الحيادية المطلوبة في الضرائب
    -       مفارقات النظام الضريبي السوري:
       يعاني النظام الضريبي السوري من جوانب قصور عديدة تظهر عبر المفارقات التالية:
    -   المفارقة الأولى: تتمثل في التناقض بين قسوة النظام الضريبي السوري وبين ضآلة الموارد.  فالنظام الضريبي يجب أن يحقق إيرادات كبيرة لخزينة الدولة، بحكم أنه في أكثره ضرائب غير مباشرة ومع ذلك يظهر بأنه غير وافر الحصيلة.
    -   المفارقة الثانية : تتمثل في تقديم وظيفة الجباية على كل الوظائف الأخرى للنظام الضريبي, بحيث يظهر أن وزارة المالية تقدم التوازن النقدي والمالي على توازن النمو الاقتصادي و الاجتماعي.
    -   المفارقة الثالثة : النظام الضريبي السوري لم يحقق العدالة الاجتماعية، حيث تتزايد الإعفاءات الضريبية لأصحاب  الثروات والمشاريع الكبرى، وهذا ما يؤدي  إلى انخفاض المستوى المعيشي  لأصحاب الدخل المحدود مما يخفض من الطلب الكلي للاقتصاد، وبالتالي فإن عدم العدالة الضريبية ساهمت في إحداث ضغوط انكماشية .
    -   المفارقة الرابعة : عدم الانسجام بين النظام الضريبي والنظام الاقتصادي فقد شجعت الدولة الاستثمارات وقدمت الإعفاءات إلا أن هذه الاستثمارات لم تسهم في زيادة الإنتاج وتشغيل الأيدي العاملة، لذلك يجب ربط الإعفاءات الضريبية بالعمالة أو التصدير أو الاستثمار.
    -   المفارقة الخامسة : ضعف شعور المكلفين بواجبهم الضريبي,حيث أن الموقع العملي للمكلف  يتحدد بمدى إحساسه بالعدالة  الضريبية وبمفهومه وقناعته, فالإيرادات الضريبية تستخدم على نحو يعود بالنفع عليه وعلى المجتمع عامة وفي الواقع  ينتشر التهرب الضريبي حتى يكاد يكون سيد الموقف.[5]
    بالإضافة  إلى المفارقات السابقة  فإن هناك مجموعة من أوجه القصور في النظام           الضريبي متعلقة بتطبيق النصوص التشريعية النافذة وهي كالتالي :
    -   ظاهرة التراكم الضريبي لسنوات طويلة التي تنعكس سلباً على تحصيل الضرائب (رسوم سنوات سابقة بسنوات لاحقة مما أدى إلى الانخفاض الحقيقي في حصيلة الضرائب)
    -       عدم  تكليف العدد الكبير من الحرفيين الذين  لا يتخذون مكاناً معيناً.
    -       عدم كفاية  الأجهزة الإدارية الضريبية مع الاتساع الكبير في حجم النشاط الاقتصادي.
    -   قصور الاستعلام الضريبي وضرورة إعادة النظر في نظام وجهاز الاستعلام الضريبي بأسلوب علمي, واختيار جهاز للاستعلام الضريبي من العناصر الخبيرة المتمدرسة التي تتمتع بالأخلاق أو السيرة الحسنة والأمانة الوظيفية.[6]
    2-             اتجاهات الإصلاح الضريبي :
       إذا كان ثمة ضرورة للقيام بإصلاح ضريبي شامل,  فما هي وجهة هذا الإصلاح؟ وما هي السمة الرئيسية التي تجعل النظام الضريبي يقوم بوظائفه على نحو أمثل ؟ من خلال ما تقدم نعتقد أنه يجب توافر مجموعة من القواعد والشروط والصفات التي من شأنها أن تحقق الهدف المنشود في النظام الضريبي الجديد أهمها:
    -   أن يكون الإصلاح شاملاً وليس جزئياً وأن توضع تشريعات ضريبية تحل محل القديمة كلياً تتسم بالوضوح والسهولة والتبسيط.
    -       القضاء على مظاهر الفساد الإداري وسوء استغلال أموال الدولة وترشيد وضبط الإنفاق العام وممارسة الرقابة الفعالة عليه.
    -   تخفيض معدلات الضرائب, بحيث تصبح قريبة من معدلات الضرائب في الدول ذات الاقتصاديات المماثلة وأن ترفع الحد الأدنى  المعفى ليصبح نفسه الحد الأدنى من المعيشة, وأن يوسع شمول المجتمع الضريبي فلا يبقى أي مطرح ضريبي مغفل.
    -   إقامة ربط اجتماعي بين الضرائب وحالة كل مكلف, بحيث يجب الأخذ بعين الاعتبار الحالة العائلية ومستوى الإعالة وتكاليف المعيشة والنفقات الأخرى.
    -   التخلص من الإعفاءات الضريبية غير المعللة اقتصادياً أو اجتماعياً وربط الإعفاء الضريبي إما بتشغيل المال أو التصدير أو تصنيع موارد وطنية أو العمل في مناطق نائية فقط .
    -   وضع حد زمني  للنظام الضريبي وإحداث جهاز استعلام ضريبي كفء وإصدار تشريع فعال  لمكافحة التهرب الضريبي, وإحداث محاكم خاصة بالضرائب وتشديد العقوبات على المتهربين من الدفع وعدم الاكتفاء بالخدمات فقط.
    -   تطوير كفاءة ونزاهة الكادر الضريبي مع تطوير جذري لرواتبهم وحوافزهم, وأن يتم الاهتمام بنشر الثقافة الضريبية ودفع الوعي الضريبي ليصبح مؤشراً على الشعور الوطني الجماعي.
    -   فرض ضريبة المبيعات كونها تحفز الاستثمار والتراكم, إضافة لسهولتها وتبسيطها للنظام الضريبي ودفع مرونته والزيادة في الحصيلة التي تحققها.
    -   تطبيق قاعدة الشفافية لصياغة النظام الجديد بتمثيل مختلف الجهات والفعاليات ذات العلاقة  إلى جانب المختصين في قضايا الاقتصاد والمال والضرائب.[7]
    3- خطوات الإصلاح الضريبي:
       إن الإصلاح الضريبي المطلوب يجب أن يتجاوز نقاط الضعف السابقة ويحقق القواعد المتعارف عليها في الضريبة على أفضل شكل ممكن, مثل قاعدة العدالة, قاعدة الوضوح, قاعدة الشفافية, قاعدة الملاءمة وقاعدة الاقتصاد في النفقات:
    -       التعرف على الواقع الضريبي:
      إن أولى خطوات الإصلاح تتطلب فريق عمل لإعداد دراسة تشخيصية للواقع الضريبي في سورية من مختلف جوانبه بحيث تدرس عيوب التشريعات على تطبيق النظام الضريبي كما تدرس ممارسة الإدارة الضريبية من مختلف جوانبها وكفاءة كوادرها.
    -       تحديد السياسة الضريبية :
     ينطلق رسم السياسة الضريبة من أن الضرائب أداة مالية واقتصادية بأبعاد ونتائج اجتماعية حيث يجب أن يكون الإصلاح الضريبي جزءاً من الإصلاح المالي والاقتصادي, وتعبر الفلسفة  الضرورية عن خلفية التشريع التي تساعد المشرع والمفسر, كما تساعد الإدارة الضريبية في تفسير وتطبيق التشريعات بما ينسجم مع الروح السياسية والفلسفة الضريبية.
    -       صياغة التشريع الضريبي:
       بعد أن يتم تحديد الفلسفة والسياسة الضريبية,  وتحديد الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والوسائل والأدوات المستخدمة لتحقيق الأهداف, وبالتالي تحديد السمات العامة للنظام الضريبي المنسجم مع النظام الاقتصادي والاجتماعي القائم, تأتي الخطوة الثالثة, وهي  صياغة التشريع الضريبي أي ترجمة هذه السياسة الضريبية في نصوص مكتوبة حيث يتميز النص القانوني بالتحديد الدقيق الذي ينقل  الأهداف العامة إلى إجراءات محددة عبر قواعد وشروط ملموسة .

    -       إصلاح الإدارة الضريبية :
      الإدارة الضريبية هي الجهاز الحكومي الذي يتولى تنفيذ التشريعات الضريبية ونقلها إلى حيز التطبيق, ويعد دور الإدارة الضريبية في منتهى الأهمية[8] , حيث تتكون من الكادر البشري والتجهيزات المادية التي يجب عليها أن تتولى تطبيق القوانين وتنفيذ المشروعات كما تتولى فصل  المنازعات بين الإدارة الضريبية وبين المكلفين.
       إن من أهداف الإصلاح الضريبي، زيادة النمو الاقتصادي وزيادة الإيرادات الضريبية نتيجة لارتفاع النشاط الاقتصادي وليس لارتفاع المعدلات الضريبية مع مراعاة تحقيق العدالة الضريبية.  فمسألة الإصلاح الضريبي باتت مسألة ضرورية يجب إيجاد الحلول المنطقية لها حيث يجب على الدولة الإسراع في عملية الإصلاح و أن تتوافق هذه الأخيرة مع عملية الإصلاح الاقتصادي, حيث أنه مع انفتاح الاقتصاد السوري على المتغيرات العالمية تطلب عملية إعادة النظر في العلاقة بين القطاع العام والموازنة العامة للدولة, وعدم تحميل موازنة الدولة الخسارة والعجز التي تعاني منهما ومع قرار تحديد علاقة القطاع العام الاقتصادي مع وزارة المالية من خلال دفع الضريبة المستحقة وتسديد حصة الدولة من الأرباح القابلة للتوزيع واحتفاظ الشركات بفائض السيولة, وبنجاح هذه التوجهات لابد من إعادة النظر في النظام الضريبي السائد باتجاه تخفيض المعدلات ليكون عنصراً محركاً للاقتصاد حيث أن حصيلة الضرائب ستزداد بعد تخفيض المعدلات وتوسيع شرائحها للحد من الآثار السلبية للتهرب الضريبي, وفي هذا المجال لابد من التأكيد على استعمال الضريبة كأداة لخدمة أهداف السياسة الاقتصادية وألا يقتصر  دورها على الوظيفة المالية حيث يجب تخفيض الضرائب على الدخل و مدخلات الإنتاج لتشجيع الاستثمار والإنتاج والادخار وتخفيض أعباء الرسوم الجمركية على المواد الأولية اللازمة للصناعة([9]).
    تعيق عملية الإصلاح الضريبي عدة معوقات منها ماله صفة العمومية, بحيث تشترك فيه الدول المختلفة،ومنها ما تنفرد به كل دولة ويمكننا تلخيص هذه المعوقات فيما يلي:

    أ  ـ الضرائب الجديدة لن تكون أحسن حالاً من الضرائب الحالية:
       لقد شاع القول بأن الضريبة القديمة أفضل من الضريبة الجديدة على أساس أن معظم الضرائب التي يتوقع تطبيقها في المستقبل موجود فعلاً،ومن ثم فالاعتماد على الضرائب القديمة التي تعود الناس عليها هي الأجدى والأضمن, وهذه النظرية لا تتماشى مع حقائق الأمور إذا قد يؤدي تعديل الضرائب التي تخفيض العبء الضريبي المتزايد على المكلف وتوسيع وعاء الضريبة بحيث يشمل مكلفين جدد وهو ما يعني أن الضرائب الجديدة يمكن أن تعتبر أحسن حالاً من الضرائب القديمة من وجهة نظر المكلف كما أنها قد تكون الأفضل من وجهة نظر الإدارة الضريبية.
    ب ـ تنازع أهداف الإصلاح:
       قد تتعارض أهداف السياسة الضريبية في الدولة وتتباين معها النصوص الضريبية التي تتعلق بهدف دون آخر, فبينما يكون الهدف العام للضرائب هو الحصول على إيرادات لتمويل النفقات العامة, فإن هذا الهدف المالي قد يتعارض مع المزايا التي يجب أن تتوافر لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية من خلال تخفيض العبء الضريبي وما يترتب عليه من نقص الإيرادات الضريبية لذلك يتطلب الإصلاح تحديد الأهداف ذات الأولوية ودراسة أثارها على الأهداف الأخرى.
    جـ ـ التأثير السلبي للإصلاح الضريبي على العلاقات الدولية:
       إن التساؤل الذي يثار هو عن مدى تأثير عملية الإصلاح الذي تقوم بها هذه الدولة على جدوى الاتفاقيات الضريبية, وإمكانية سريان مفعولها في نظام ضريبي يختلف بصورة جوهرية مع النظام الذي أعدت الاتفاقيات على أساسه.
    د ـ معوقات أخرى:
       هناك معوقات أخرى من أهمها عدم قدرة الإدارة الضريبية على استيعاب خطة الإصلاح التي تسعى الدولة إليها، ونقص كفاءة النظم المعاونة للإدارة الضريبية في إنجاح مشروعات الإصلاح ومن أهمها تخلف الفنون المحاسبية أو قصور الأدوات التشريعية التي تعين في تطبيق وتنفيذ القانون الضريبي, مما يتطلب الأمر معه إجراء إصلاحات من جوانب أخرى حتى نضمن نجاح الإصلاح الضريبي المقترح.
       ويمكن تلخيص أهم ملامح إصلاح النظام الضريبي في المستويات التالية:

    أ- على صعيد التشريع الضريبي:
    - الانتقال من التشريع الضريبي الحالي الذي يشتمل على أحكام إجرائية كثيرة ويفتقر إلى الوحدة في التشريع, حيث يجب تشكيل نظام ضريبي يتصف بالعدالة والفعالية مع الأخذ دائماً بأن الضريبة لا تأخذ إلا من الفائض الاقتصادي.
    - اعتماد الأجر أو الدخل الحقيقي في تحديد كافة المطارح الخاضعة للضريبة وذلك عند تطبيق كافة الضرائب التي تطول الدخل أو الاستهلاك أو رأس المال والانتهاء من كافة أساليب التخمين.
    -  إحداث ضريبة عامة على الإيراد يبدأ تطبيقها بأسرع ما يمكن, وتشمل كافة مداخيل المكلف, ويخضع لها جميع المكلفين الذين يخضعون حالياً لضريبة الدخل على الأرباح الحقيقية.
    - إحداث ضريبة على المبيعات بمعدلات متدرجة تحدد وفقاً لمعايير اقتصادية واجتماعية.
    - تكليف الثروة ورأس المال عبر ضريبتين:
               * ضريبة سنوية عامة على الثروة بـ 1% يكلف بها أصحاب الثروات التي تتجاوز قيمتها 20 مليون ليرة, ولا يدخل في حساب الثروة للأموال المستثمرة في منشأة صناعية أو زراعية أو تجارية, وذلك لتشجيع الاستثمار ومكافحة الإنفاق الترفي.
               *ضريبة طرفية عند انتقال المال من يد بدون عوض, وذلك بتكليف الوارث بضريبة "عما آل إليه" تصاعدية لا يقل معدلها عن 5% ولا يزيد عن 20%.
    - إعادة النظر في الإعفاءات الضريبية واعتماد أسس موضوعية اقتصادية واجتماعية وذلك من خلال:
            * إلغاء كافة الإعفاءات الضريبية الدائمة.
            * تخفيض حجم الإعفاءات الضريبية القائمة حالياً،والتي تشمل50 %-60% عن الناتج المحلي.
            * منح إعفاءات ضريبية تساوي الحد الأدنى للأجور ولأصحاب الدخل المحدود.
    ب- على صعيد الإدارة الضريبية:
    - إعادة النظر كلياً بتنظيم الإدارة الضريبية وأساليب عملها وتقنياتها باتجاه التحديث والعصرنة والعمل على إحداث إدارة الاستعلام الضريبي.
    - إحداث محاكم داخل النظام القضائي السوري المختصة بالقضايا الضريبية لحل المنازعات الضريبية.
    - معالجة ظاهرة التهرب الضريبي من خلال:
    * إجراءات وقائية تتصف بالشمولية ودقة التشريعات الضريبية.
    * إعمال النص الجزائي في ملاحقة التهرب الضريبي.
    * تبسيط الإجراءات في علاقة المكلف بالإدارة الضريبية والاستعاضة من التعقيد بالإجراءات الناجحة أو تعديل التشريع إذا لزم الأمر([10]).       
    أهم القوانين والتشريعات الضريبية الحديثة :
    شكل القانون رقم /24 / 2003 وتعديلاته خطوة نوعية في مجال عملية الإصلاح الضريبي والمالي في سوريا والتي ساهمت وستساهم في عملية الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وقد راعت هذه القوانين والتشريعات الضريبية التغيرات الاقتصادية التي يشهدها العالم وعززت من ثقة المستثمرين العرب والأجانب للدخول في سوق الاستثمارات المختلفة في سوريا كما امتازت معدلات الضرائب بالعدالة والموضوعية مما شكل انعكاسا ايجابيا على التزام المكلفين بدفع الضرائب كما أنها ساهمت في تقليل التهرب الضريبي وهذا الأمر شكل زيادة في التحصيل الضريبي.ومن أهم المراسيم والأنظمة والقوانين الناظمة للضرائب المباشرة وغير المباشرة  والتي شملتها مسيرة التطوير والتحديث مايلي:
    صدر المرسوم التشريعي رقم /61/تاريخ 16/9/ 2004الناظم للرسم على الإنفاق الاستهلاكي حيث أعاد هيكلة العديد من الرسوم وأنهى العمل بالعديد منها.كتعديل أسس وطرق استيفاء الرسم بالنسبة للعديد من السلع والمواد الخاضعة لهذا الرسم.
    هذا وقد أنهى المرسوم الجديد العمل بأحكام المادة الأولى من المرسوم التشريعي رقم /103/ لعام1940وتعديلاته المتضمن رسم الاسمنت.
    كما أنهى العمل بأحكام المادة الرابعة من القانون /80/لعام 1939المتضمن نظام استثمار الملح.
    وأنهى العمل بأحكام المادة الثانية من القانون رقم/165/تاريخ8/5/1945وتعديلاته المتضمن نظام رسوم المواد الكحولية .
    كذلك ألغى المرسوم التشريعي رقم/89 /تاريخ 21/9/1937وتعديلاته المتضمن نظام ضريبة الإنتاج الزراعي المفروضة على الصادرات الزراعية وعلى المواد الزراعية المصنعة
    وصدر كذلك المرسوم التشريعي رقم /44/تاريخ 6/5/2005 المتعلق برسم الطابع المالي بعد مضي خمسة وعشرين عاما على نفاذ القانون رقم /1 /لعام 1981الناظم لرسم الطابع المالي السابق .وقد لاقى المرسوم الجديد ارتياحا كبيرا وذلك نظرا للمزايا والايجابيات الكثيرة التي تضمنها هذا المرسوم فيما يتعلق بالرسم المالي  ويمكن إجمال هذه المزايا بمايلي:
    تضمن المرسوم الجديد تخفيضات كبيرة وهامة جدا على نسبة رسم الطابع النسبي تصل في بعض الحالات لأكثر من 70 % من الرسم في ظل القانون السابق.
    التخفيضات كانت كبيرة على الوثائق والمعاملات المصرفية مع مصارفها الوطنية  العامة والخاصة وكذلك الحال بالنسبة لقطاع المقاولات
    تخفيض رسم الطابع على السجل التجاري إلى النصف والتمييز برسم الترخيص حسب الموقع الجغرافي مع مصارفها الوطنية العامة والخاصة وكذلك الحال بالسبة لقطاع المقاولات.
     تخفيض رسم الطابع على السجل التجاري إلى النصف والتمييز برسم الترخيص حسب الموقع الجغرافي مع تخفيضه مما جعل هذا الرسم أكثر موضوعية وعدالة.
    إلغاء صلاحيات التدقيق والتفتيش لموظفي الدوائر المالية من القيام بجولات ميدانية بغرض التفتيش وهذا سيوفر الطمأنينة لمختلف القطاعات .إلا أن هذا الحق بقي مصونا للدوائر المالية في الحالات التي يقدرها وزير المالية ويراها ضرورية .
    تمديد مهل تسديد رسم الطابع حقق مرونة وراحة كبيرة للمكلفين بسداد هذا الرسم.
    تنظيم حالات الخضوع لرسم الطابع والإعفاء منه بثلاث جداول حددت بها جميع حالات الخضوع لهذا الرسم النسبي والمقطوع والإعفاء منه ولكل حالة على حدة ستوفر الشفافية والطمأنينة والوضوح التام لتعامل المكلفين مع الدوائر المالية وبالعكس.
    تضمن النص الجديد آلية تسمح للمكلف بالاعتراض على التكليف بهذا الرسم عند شعوره بالغبن.
    تم إلغاء ضريبة التركات التي كانت سارية المفعول بالمرسوم التشريعي /101/لعام 1952.
    وقد جاء المرسوم التشريعي رقم /52/لعام 2006 استجابة لمطالب شريحة كبيرة من المكلفين بضريبة الدخل على الريوع العقارية  حيث أعطى الحق للمكلف بالاعتراض على الضريبة للمقاسم التجارية والصناعية والخدمية خلال ثلاثين يوما تبدأ من اليوم التالي لتبليغه أمر القبض.
    الضريبة على القيمة المضافة:
    وفيما يتعلق بالضريبة على القيمة المضافة فقد أكد الدكتو€ر محمد الحسين وزير المالية أنها أصبحت أهم وأكثر الضرائب انتشارا وشيوعا ، وأهميتها ليست لكونها ضريبة تحقق العدالة الضريبية في حال أحسن تطبيقها ، لكن بسبب قدرتها على تأمين موارد هامة لخزائن الدولة التي تطبقها .
    وأكد الدكتور محمد الحسين قائلا : في سوريا لم تطبق الضريبة على القيمة المضافة لدينا في النظام الضريبي ضريبة مماثلة تسمى رسم الإنفاق الاستهلاكي يطبق منذ عام 1987 وأن وزارة المالية تعمل على تأمين مستلزمات تطبيق  الضريبة على القيمة المضافة بما فيها إعداد النصوص التشريعية والكوادر البشرية والأنظمة اللازمة لذلك وهذا لن ينجز قبل عام 2010 وخلال عرضه لأهمية الضريبة أضاف السيد الوزير أن تطبيق هذه الضريبة يعد حلا لمشكلة التهرب الضريبي وكشف في الوقت نفسه أن الضريبة على القيمة المضافة ستحل محل اثنتي عشر ضريبة ورسما موجودة حاليا وفي مقدمتها رسم النفاق الاستهلاكي لافتا  إلى أن الوزارة لديها نية طيبة بالاتجاه إلى إعفاء كل من المواد الغذائية الأساسية والمواد الدوائية والخدمات الصحية والإنتاج الزراعي والماء والغاز المعد للاستخدام المنزلي والكهرباء والعقارات المعدة لسكن السوريين وتأجير العقارات لهم والتعليم بمراحله كافة بالإضافة إلى الخدمات المصرفية وخدمات التأمين وخدمات الهيئات والجمعيات الخيرية من تلك الضريبة واصفا هذا التوجه بالايجابي.
    من جهة ثانية فقد صرح الدكتور جاسم المناعي أن بعض متخذي القرار يتخوفون من أن يؤدي دخول الضريبة على القيمة المضافة إلى تحريك الأسعار والأجور في حلقة مفرغة تعكس آثارا تضخمية للضريبة واعتبر أنه من بين أهم الخطوات التي تمت على صعيد إصلاح النظام الضريبي هي العمل بالقيمة المضافة.[11]
      فالتشريع الجديد يعتبر قفزة نوعية في مسيرة تطوير وتحديث التشريعات الضريبية السورية من ناحية المضمون أو الشكل ومن أهم المزايا والمنافع المترتبة عن هذا الأخير مايلي:
    على صعيد المكلفين:تحقيق درجة أكبر من الوضوح والبساطة والعدالة في عملية تسديد تلك الضرائب والتخفيف ما أمكن من عملية التهرب الضريبي التي نشأت أصلا من جراء الأعباء التي يتعرض لها المكلف.
    على صعيد البيانات: تحقيق درجة أكبر من السرعة في انجاز الملفات الضريبية والمعاملات بعد إعادة النظر في أسلوب الطرح والتحقق والتحصيل واستخدام أنظمة المعلوماتية المؤتممة وأنظمة الرقابة الداخلية .
    على صعيد احتساب الضريبة: تحقيق حصيلة أوفر للدوائر المالية من خلال تراجع حالات التهرب الضريبي.[12]
         
    المبحث الثالث:تحليل الضرائب في سورية
       تختلف دراسة الضرائب باختلاف الفكر الاقتصادي وتختلف أيضاً التصنيفات العامة للضرائب من بلد لأخر, لكن هذه الاختلافات قد لا تؤدي لاختلاف الأدوات، فالضريبة التي يدفعها المكلف على دخله تسمى بالضريبة المباشرة بينما التي يدفعها عند الاستفادة من خدمة محددة فتسمى بالضريبة غير المباشرة. وبالتالي سنقسم تحليلنا للضرائب في سورية إلى قسمين:القسم الأول هو الضرائب المباشرة أما القسم الثاني فهو الضرائب غير المباشرة
    أولا: :تحليل الضرائب المباشرة
     يقصد بها المبالغ المفروضة على الدخل والثروة ورأس المال وتقوم السلطات المالية بتحصيلها بشكل مباشر من المكلف الخاضع للضريبة وفق جداول رسمية ولقد مرت الضرائب في سورية بعدة مراحل منذ صدور القانون 85 لعام ,1949 وحتى الوقت الحاضر تميزت جميعها بحصر مباشر داخل المكلف ومحاولة فرض ضريبة عليها ومن الملاحظ ارتفاع المعدلات الضريبية بالمقارنة مع دول مجاورة ودول أجنبية مشابهة وتتضمن الضرائب المباشرة في سورية الأنواع التالية:
    1ـ ضريبة دخل المهن والحرف الصناعية والتجارية وغير التجارية.
    2ـ ضريبة الرواتب والأجور.
    3ـ ضريبة ريع العقارات.
    4ـ ضريبة التركات والهبات والوصايا.
    5ـ رسوم السيارات.
    6ـ رسم الإنفاق الاستهلاكي الكمالي.
    7ـ ضرائب أخرى.
    وتظهر هذه الأخيرة موضحة أكثر في الدول التالي:



    الجدول (1)
     أهم الضرائب والرسوم المباشرة
    نوع الضريبة والرسم
    قانون  إحداثها
    المطرح الضريبي
    ضريبة دخل المهن والحرف الصناعية والتجارية وغير التجارية
    مرسوم تشريعي /80/ لعام 1939 و تعديلاته بالقانون /20/ لعام 1991
    الأرباح الصافية  الناتجة عن ممارسة  المهن المختلفة
    ضريبة دخل الرواتب والأجور
    -
    الرواتب والأجور  ما شابه
    ضريبة ريع رؤوس  الأموال
    -
    الفوائد والعوائد وما شابه
    ضريبة ريع العقارات
    قانون 178 لعام 1845
    الريوع المقدرة للإعفاءات
    ضريبة ريع  العرصات
    -
    قيم  العرصات
    رسوم الانتقال على التركات والوصايا
    مرسوم  تشريعي  101 لعام 1952 والرسوم المعدل رقم 4 لعام 1998
    جميع الأموال المنقولة وغير المنقولة والحقوق التي تنتقل بطريق الإرث والوصايا
    والهبات


    المصدر : محمد المهايني ، المصدر السابق ، ص426

    وتشكل الضرائب على الدخل أهم ضريبة في الضرائب المباشرة وتتميز بما يلي:
    ـ إنها ضريبة مكانية تفرض على الأفراد والشركات التي تعمل في الأراضي السورية.
    ـ إنها ضريبة سنوية تفرض على مكلف محدد وتأخذ وضعه الاجتماعي بعين الاعتبار.
    ـ أنها ضريبة سنوية تعرف على النشاطات التجارية أو الصناعية التي قام بها المكلف خلال السنة([13]).
       تفرض ضريبة الدخل على أرباح المهن على: الأرباح الناتجة عن ممارسة المهن والحرف الصناعية والتجارية وغير التجارية وسائر الأعمال عدا ما يخضع منها لضريبة الرواتب أو ضريبة ريع رؤوس الأموال المتداولة, وقد حدد القانون معدلات ضريبة الدخل بموجب القانون 20 لعام 1991 ويضاف إليها المساهمة في دعم المجهود الحربي بـ 30% من الضريبة ورسم الإدارة المحلية في حد أقصى 10% من الضريبة الأصلية.
    كما أحدث القانون رقم 20 معدلات نسبة خاصة تطبق على الأرباح الصافية للشركات المساهمة والشركات الصناعية.
       إن قانون الضريبة على الدخل الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 85 لعام 1949 ينص على الإعفاء من ضريبة الرواتب والأجور على الموظفين وعلى كل شخص يتقاضى راتباً وأجراً وكما هو معروف  بـ 100 ل.س لمن زاد دخله عن 200 ل.س وعند صدور القانون 24 لعام 2003 أصبح الحد الأدنى المعفى 5000 ل.س, وبالرغم من هذه الإعفاءات فإنها غير منطقية وغير عادلة قياسا بالمستوي العام للأسعار, من خلال ما تقدم يمكن القول أن أهم ما يعاني منه التشريع الضريبي السوري فيما يخص ضريبة الرواتب والأجور هو عدم المنطقية في فرضها فلا يوجد فائض اقتصادي في مطرح هذه الضريبة يمكن أن تطال الضريبة دون أن تحدث آثار اقتصادية اجتماعية لهؤلاء المكلفين, وبالتالي فإنه حسب آراء بعض الاقتصاديين يجب إلغاء ضريبة دخل الرواتب والأجور في سورية والنظر في دخل فئات وشرائح اقتصادية واجتماعية أخرى لا تعمل مع القطاع العام حيث تحصل على دخول مرتفعة للغاية وتكاد تكون مساهمتها في دفع الضريبة معدومة.
    - ضريبة الدخل على الأرباح الصناعية والتجارية وغير الصناعية والتجارية:
       لقد تم تعديل الشرائح والمعدلات الضريبية النافذة مرات عديدة كان أخرها التعديل الصادر بالقانون رقم 24 بتاريخ 2003 بتعديل النسب والشرائح الضريبية المنصوص عليها في المادة 16 من قانون الضريبة على الدخل
       إن كثيراً من كتاب وعلماء المالية العامة يرون أنه من الأفضل للدول ألا تلجأ إلى التوسع في زيادة الضرائب على الأرباح التجارية والصناعية إلا بعد أن تكون قد وصلت إلى مرحلة لا بأس بها من التنمية الاقتصادية, إذ يتفق هؤلاء العلماء والكتاب والمختصين أن ظروف التنمية تقضي بتخفيض سعر الضرائب المفروضة على المشروعات الصناعية الهامة لدعم وتنمية الاقتصاد الوطني([14]).
    - ضريبة الرواتب والأجور:
       بمقارنة ضريبة الرواتب والأجور في سوريا ومعظم دول العالم سواء التي طبقت الضريبة الموحدة أو التي ما تزال تطبق الضرائب النوعية على الدخل، نجد أن ضريبة الرواتب والأجور في سوريا من حيث معدلات وشرائحها والإعفاءات الواردة فيها تنقصها العدالة ، لأنها لا تراعي مطلقاً ظروف ذوي الدخل المحدود بل هي عامل تساعد على تدني مستوى دخولهم إلى أقل من الحد الأدنى المطلوب لتغطية تكاليف المعيشة .
       علماً بأن معدلات الضريبة في الدول التي تطبق الضريبة الموحدة على الدخل هي نفس معدلات الضريبة على الأشخاص الطبيعيين بعد تجميع دخولهم من كافة المصادر وتنزيل الإعفاءات الشخصية والاجتماعية الخاصة بالعاملين, والتي تتضمن تكاليف المعيشة وكافة الأعباء الأخرى دون أي تكليف بالضريبة ويكفي أن تقول أن العامل الذي يبلغ دخله من الرواتب في الأردن حتى 6500 دينار سنوياً أي ما يعادل 470000ل.س لا يترتب عليه أي ضريبة دخل, وما ينطبق على الأردن ينطبق على العديد من دول العالم([15]).

    ثانيا:  تحليل الضرائب غير المباشرة

       يقصد بها المبالغ المفروضة على الاستهلاك وانتقال السلع والخدمات من شخص لأخر أو الرسوم المفروضة على بعض الأعمال التي يقوم بها المكلف فيدفعها مباشرة عند القيام بتلك الإجراءات أو استهلاك السلع الخاضعة لهذه الضريبة.
       وتجب هذه الضرائب دون التعرف على المكلف الذي قام بدفع الضريبة ويسهل على المكلفين القانونيين بالضرائب نقل عبئها إلى مكلفين آخرين وأهم ما يميز هذه الضريبة:
    ـ تزايد نسبة المرونة حيث تزداد الحصيلة في وقت الرواج.
    ـ لا يشعر المكلف بعبء هذه الضريبة لأنه يدفعها مع السعر عند الشراء.
    ـ سهولة جبايتها إذ لا تحتاج لعدد كبير من المراقبين والجباة.
    وتعُد أهم الضرائب غير المباشرة في سورية:
    ـالضرائب المفروضة على التبغ والكحول والمواد المشتعلة.
    ـ الرسوم الجمركية.
    ـ الرسوم المفروضة على الخدمات العامة.
    ـ رسم الطابع على المعاملات الحكومية.
    وتظهر هذه الأخيرة موضحة أكثر في الجدول التالي:

    الجدول (2)
     أهم الضرائب والرسوم غير المباشرة
    نوع الضريبة
    قانون إحداثها
    المطرح الضريبي
    رسم الاسمنت
    م.ت 103 لعام 1930
    عن كل طن اسمنت
    رسم المواد الكحولية
    قانون 165 لعام 1953 المعدل بالقانون 22 لعام 1994
    عن كل لتر من المواد الكحولية
    ضريبة المواد المشغلة
    القرار 25 لعام  1928
    عن كل  لتر من المواد المشغلة
    ضريبة  السكر
    القرار 14 لعام 1944
    عن السكر والمواد السكرية
    ضريبة الإنتاج الزراعي
    قانون 3844 لعام 1957
    الحاصلات الرئيسية المنتجة في سورية
    الرسوم القضائية
    م.ت 105 لعام 1952
    جميع الأعمال التي يقوم بها لدوائر القضائية
    رسم الطابع
    قانون 1 لعام 1981 المعدل بالقانون رقم 15 لعام1993
    الصكوك والوثائق  والعقود والأوراق المحررة
    الرسوم الجمركية
    قانون 9 لعام 1975 والمرسوم المعدل له رقم 25
    القيم المحددة جمركياً لأنواع البضائع والسلع والموارد المحددة في التعريفة الجمركية
    الرسوم القضائية
    مرسوم 232 لعام 1961
    سائر الأعمال القنصلية

    المصدر :محمد المهايني ، المصدر السابق ، ص427

    وتعد أهم ضريبة غير مباشرة هي الرسوم الجمركية فهي تحمل خاصتين:
    ـ حماية الصناعة الوطنية من المنافسة الأجنبية.
    ـ توفير مبالغ كبيرة للخزينة بهدف الحاجة المالية الملحة.
    أما في الظروف الراهنة ومع تزايد مستويات الانفتاح الاقتصادي وتشجيع الاستثمارات الأجنبية فقد انخفضت أهمية هذه الرسوم وباتت إيرادات عادية لا تخدم الأهداف المقررة([16]).
    وتجدر الإشارة أن سورية مقدمة على استحقاقات دولية وإقليمية متعددة أهمها:
    1ـ منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي بدأت بتخفيض الرسوم اعتباراً من 1998 بمعدل 10% سنوياً.
    2ـ منطقة التجارة الحرة مع لبنان التي بدأت بتخفيض الرسوم الجمركية 25% سنوياً.
    3ـ اتفاقيات الشراكة مع أوروبا.
    4ـ اتفاقيات التجارة الدولية (منظمة التجارة العالمية).
       إن هذه الاستحقاقات تفرض إعادة النظر بالرسوم الجمركية والقيود المفروضة على التجارة الخارجية وتهيئة الصناعيين بالدرجة الأولى والخزينة العامة بالدرجة الثانية لأنها سوف تعاني من انخفاض الرسوم([17]).
        أن الضرائب الجمركية ما تزال بحاجة إلى تطوير وتعديل بما يتناسب ومتطلبات الاتفاقيات الإقليمية من إقامة مناطق التجارة العربية الحرة، وبما يتناسب ومتطلبات اتفاقية منظمة التجارة العالمية وتحتاج الجمارك في سورية إلى تبسيط الإجراءات واختصار الخطوات وتحقيق قدر من الشفافية، بإتاحة كافة البيانات بالإضافة إلى إصدار بطاقة لكل متعامل مع الجمارك يكتفي بتقديمها مع البيان الجمركي, واستخدام الحاسوب بقيم جميع السلع المستوردة عبر جميع الموانئ البديهة والبحرية والجوية، وأخيراً الانتقال إلى تطبيق نظام التعريفة الجمركية المنسقة الذي تعمل به معظم دول العالم، وهو ما يتواكب مع متغيرات التجارة الدولية والذي يهدف إلى وضع توصيف موحد للسلع للأغراض التجارية والإنتاجية، وتوفير البيانات المقارنة للتجارة الدولية لأغراض المفاوضات التجارية والاقتصادية الدولية([18]).
       كما يتوجب الأخذ بالضريبة على القيمة المضافة, والتي تعتبر من الضرائب غير المباشرة وشكلاً متقدماً من أشكال ضرائب المبيعات على أن يترافق تطبيقها بجملة من الإصلاحات والتعديلات الضريبية والمحاسبية حيث غدت هذه الضريبة واسعة الانتشار في العالم إذ تطبقها 126 دولة نظراً لجملة المزايا والإيجابيات التي تتمتع بها([19]).

    المطلب الرابع:تقييم النظام الضريبي السوري
    من خلال تناول موضوع النظام الضريبي السوري يمكن ذكر بعض النقاط المهمة عن واقع هذا الأخير.
     النظام الضريبي النافذ حاليا في سوريا عبارة عن مجموعة من الضرائب النوعية والمحددة بتشريعات متتابعة.
     تعتمد التشريعات الضريبية في سوريا على إعفاءات واسعة وهو ما ينعكس سلبا على الحصيلة الضريبية.
     تعتمد العدالة الضريبية في سوريا على الحالة المالية للمكلف فهي مرتفعة على ذوي الملاءة المالية ومنخفضة على العمال والموظفين وذوي الدخل المحدود.
     شهدت سوريا إصلاحات واسعة في نظامها الضريبي في أواخر 2003 حيث أصدرت وزارة المالية حزمة من القوانين والمراسيم التشريعية التي تتصف بأنها أكثر موضوعية وعدالة من المنظومة التي كانت سائدة سابقا.
     إن أهم ما سعت إليه برامج الإصلاح الضريبي هو الإقلال من التهرب الضريبي بما يؤدي إلى زيادة الحصيلة الضريبية وتجدر الإشارة هنا إلى أن نقطة الانطلاق لبلوغ هذا الهدف
    ( الحد من التهرب الضريبي) هي وعي المواطن السوري بالثقافة الضريبية.   
     من التوجهات الحديثة لسوريا في المجال الضريبي تطبيق الرسم على القيمة المضافة حيث يتوقع أن تدخل حيز التنفيذ في 2010 فهذه الأخيرة تساهم في مايلي:
       تشكيل مورد مهم للحكومة.
       تحسين رواتب وأجور العاملين.
       الحد من مشكلة التهرب الضريبي.
      
    خلاصة:
    ان ما شهده النظام الضريبي السوري من إصلاحات كان له انعكاس ايجابي على تحسن الوضع مقارنة بما كان عليه خاصة من خلال السعي الدائم إلى تحقيق العدالة الضريبية فالضرائب على أرباح الشركات قد انخفضت حولي 1%من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأعوام الأربعة السابقة لتبلغ7 9, 2عام 2007 .وهذا كان له الأثر الفعال فقد تجاوزت الحصيلة الضريبية 50%من اجمالي الموارد المحلية لسوريا فالضريبة العادلة تشجع دافعها على الاتزام.

    التهميش :

    [1]  عصام بشور، التشريع الضريبي، دمشق، المطبعة التعاونية، 1982 ، ص166
    [2]  علي كنعان ، النظام النقدي والمصرفي السوري  ، دمشق، دار الرضا، 1999، ص244
    [3]  علي كنعان ، المالية العامة والإصلاح المالي سورية ، دمشق دار الرضا، 2003, ص ص16-19
    [4] محمد حسين ، الإصلاح الضريبي ، أهدافه وأبعاده (سورية:جمعية العلوم الاقتصادية ،2004) ، ص ص6-7
    [5] سمير سعيفان ، قضايا الإصلاح الاقتصادي  والمالي في سورية ،دمشق:دار الرضا ، 2003، ص89
       [6]محمد المهايني ، المالية العامة والتشريع الضريبي.سورية:منشورات جامعة دمشق،2000.
    ص229-337
    [7]  سمير سعيفان ، المصدر السابق ، ص95
    [8] سمير سعيفان  ، المصدر السابق ، ص95
    [9] جمال قنبرية ، رؤية في الإصلاح الضريبي ،دمشق، جمعية العلوم الاقتصادية, 2002
    [10] إلياس نجمة، " السياسة المالية"، جمعية العلوم الاقتصادية,سورية،2001.
    [11] عالم المال،السنة الثانية العدد /14/كانون الأول 2008 ص 38.
    [12] عالم المال، السنة الثالثة، العدد/15 /أذار 2009.ص20
    [13] علي كنعان، المصدر السابق، ص28
    [14] رامي زيدان، المصدر نفسه, ص316
    [15]محمد  جليلاتي، " النظام الضريبي السوري و اتجاهات إصلاحه".جمعية العلوم الاقتصادية, سورية, العدد 8 ( 29-2-2000)

    [16] علي كنعان، المصدر السابق، ص34
    [17]علي  كنعان ، المصدر السابق، ص40
    [18] جليلاتي، المصدر السابق
    [19] المصدر نفسه، ص325