حاجات الطفل ومتطلباته
"إن حياة الإنسان متداخلة الأطوار ، يجب أن يعيشها الإنسان جميعا بكل ما فيها ، ومن خسر فيها طفولته فقد خسر صباه ، وشبابه ، ورجولته ، وشيخوخته ، أو قل فقد خسر حياته كلها ، فالإنسان بلا طفولة شجرة بلا جذور ، وإذا رأيتم إنسانا فقد إنسانيته فى عالم الكبار فابحثوا عن طفولته فإنها – بلا ريب – تحمل سر تعاسته المأساوية\" .
وقد نبه الباحثون فى ميدان علم النفس على أهمية هذه الحقيقة، وهم يتفقون على أن السنوات الأولى من حياة الطفل هى من أهم السنين فى تكوين شخصيته ، وتوجيهها الوجهة التى تبنى عليها دعائمها فيما يلى من أطوار نموه .
فمدارس علم النفس رغم اختلافها تكاد تجمع على أن السنوات الست الأولى من عمر الفرد هى أهم السنوات فى تكوين شخصيته وبنائها ، حيث تشكل هذه السنوات مرحلة جوهرية ، وتأسيسية تبنى عليها مراحل النمو التى تليها ، كما أن الاستشارة الاجتماعية ، والحسية ، والحركية ، والعقلية واللغوية السليمة التى تقدمها الأسرة ، ورياض الأطفال لها أثار إيجابية على تكوين شخصية الطفل واستمرار نموه السوى فى حياته المستقبلية .
النمو العقلي المعرفي وعلاقته بتساؤلات الأطفال :
العقل البشرى طاقة من أكبر الطاقات ، ونعمة من أكبر النعم التى أنعمها الله علينا : (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ)
\"والفؤاد يستخدم فى القرآن بمعنى العقل، أو القوة الواعية فى الإنسان أو القوى المدجركة على وجه العموم\" .
ومرحلة طفل ما قبل المدرسة مرحلة حاسمة فى حياة الفرد العقلية باعتبارها مرحلة الأساس والتكوين فى بناء الإنسان الصالح فى جميع أبعاد نموه الأساسية حيث يوضح فيها الأساس القوى لشخصية الفرد ، وسلوكه فى جميع النواحي ، وبالنظر إلى طفل ما قبل المدرسة نجده يقع فى المرحلة العمرية من (4 – 6 سنوات) ، وتقع هذه القترة فى مرحلة ما قبل العمليات حسب تصنيف بياجيه لمراحل النمو العقلي للطفل وهى نهاية مرحلة ما قبل المفاهيم وأغلب المرحلة الحدسية
ومراحل النمـو الأربعـة الرئيسية التى ذكرها بياجيه هى كما يأتى :
1- المرحلة الحسية الحركية : وتشمل السنتين الأوليين من حياة الطفل ، أو من الميلاد ، وحتى يبدأ الكلام ، وقد أسماها بياجيه المرحلة الحسية ، لأن الطفل خلالها يكون مشغولا بحواسه ، وأنشطته الحركية .
2- مرحلة التفكير التصوري ، أو مرحلة ما قبل العمليات :
وتشمل من سن السنتين حتى السابعة ، وقد اهتم بياجيه بهذه المرحلة خاصة السنوات الأخيرة منها ودرسها بدقة بالغة ، وبشكل لم يتكرر فى دراسته لمرحلة أخرى ابتداء من الميلاد حتى النضج ، وحيث إن موضوع البحث يركز على طفل ما قبل المدرسة الابتدائية خاصة فى رياض الأطفال ، وسنتناول بشيء من التفصيل هذه المرحلة لشرح جوانب النمو العقلي والمعرفي المختلفة .
3- مرحلة العمليات المحسوسة أو العيانية :
وتشتمل الفترة من السابعة حتى الحادية عشرة .
4-مرحلة العمليات الشكلية أو المنطقية :
وتشمل الفترة من الحادية عشرة وما بعدها .
مما سبق يمكن ذكر أهم الخصائص العقلية والمعرفية لطفل هذه المرحلة وهى :
1- حب الاستطلاع والاستقصاء المستمر للوصول إلى الحقائق ، وهذا بدوره يدفع الطفل إلى سيل متدفق من الأسئلة يوجهها إلى المحيطين به ليشبع حب الاستطلاع لكى يصل إلى الحقائق .
2- القدرة على حل المشكلات ، والتكليف ببعض المهام البسيطة ، وهذا قد يساعد الوالدين والمحيطين بالطفل فى استغلال هذه القدرة فى محاولة الإجابة عن بعض التساؤلات .
3- اكتشاف بعض خصائص الأشياء ، واتساع مجال إدراكه الحسى، ويستطيع تكوين المعاني ثم تتسع قدرته على تكوين المعاني والمفاهيم اتساعا سريعا .
4- ومن مظاهر النمو العقلي أيضا تكوين المفاهيم مثل الزمان والمكان والعد ، ويطرد نمو الذكاء ، وتزداد قدرة الطفل على الفهم ، وتزداد القدرة على تركيز الانتباه ، ويكون التفكير ذاتيا. ويظل التفكير خياليا وليس منطقيا حتى يبلغ الطفل سن السادسة .
5-على الرغم من زيادة طول فترة التركيز فى سن الخامسة إلا أنها تكون محدودة بعنصر أو عنصرين فقط .
6- يزيد التذكر المباشر لدى طفل ما قبل المدرسة ، فيتذكر طفل الثالثة مثلا ثلاثة أرقام ، وطفل الرابعة والنصف يتذكر أربعة أرقام ، ويكون تذكر الكلمات والعبارات المفهومة أيسر من تذكر الغامضة منها ، ويستطيع الطفل تذكر الأجزاء الناقصة فى الصورة وتنمو القدرة على الحفظ وترديد الأغاني والأناشيد وبخاصة الذاكرة البصرية والسمعية ، لتصل الذاكرة إلى ما يسمى \"بالعنصر الذهبي للذاكرة\" فى نهاية هذه المرحلة .
7- تنمو قدرة الطفل على فهم كثير من المعلومات البسيطة وكيف تسير بعض الأمور التى يهتم بها ، وقدرته على التعلم من المحاولة والخطأ بسبب ظهور دوافع الاستطلاع لمعرفة الأشياء والأشخاص والمواقف .
وهكذا يؤثر النمو العقلي للطفل بكل مظاهره السابقة فى جعل الطفل فى حالة نشاط عقلي دائم ، فهو يحاول كشف العالم من حوله لذلك يبدو شغوفا بتوجيه الأسئلة الدائمة – عن كل شئ للكبار من حوله.
كما أن الأسئلة تزداد بالطبع مع زيادة النضج العقلي : فهى تقل عدد المتخلفين عقليا ، وتزيد عدد الأعلى ذكاء ، ولا شك أن الإجابات التى يحصل عليها الأطفال من أبائهم ، يكون لها أهمية كبرى لا من حيث النمو المعرفي فحسب ، بل أيضا من حيث الاتزان الانفعالي ، ونمو الشخصية . وقد ذكر أحد الباحثين أن هناك فرقا واضحا بين مستوى إدراك طفلين فى سن السادسة ، أحدهما كان كثير الأسئلة ، والأخر لم تكن له فرصة مماثلة .
النمو اللغوي وعلاقته بتساؤلات الأطفال :
تقوم اللغة بدور مهم فى حياة الطفل بصفة خاصة والراشد بصفة عامة ، فمن طريق اللغة يستطيع الإنسان أن يعبر عن أفكاره ورغباته وميوله ، كما أنه من خلالها يستطيع فهم البيئة المحيطة به وكذا التواصل الاجتماعي مع الآخرين .
مظاهر النمو اللغوي :
يتفق العديد من الباحثين على أن هذه المرحلة تتميز بسرعة النمو اللغوي ، تحصيلا وتعبيرا وفهما . ومن مظاهر هذا النمو :
1- يتجه التعبير اللغوي فى هذه المرحلة نحو الوضوح ، والدقة ، والفهم .
2- يتحسن النطق ، ويختفى الكلام الطفلى مثل الجمل الناقصة ، والإبدال واللثغة وغيرها .
3- يزداد فهم كلام الآخرين .
4- يستطيع الطفل الإفصاح عن حاجاته وخبراته .
5-يقلد بمهارة الأساليب المرتبطة بالكلام كأساليب الإخبار والنفى والتعجب والسؤال .
6- يحاكى أصوات الحيوانات ، والطيور ، والظواهر الطبيعية ، والأشياء المألوفة كالساعة والقطار .
7- يعتمد الطفل للغة فى هذه المرحلة اعتمادا رئيسا على الكلمة المسموعة ، لا المكتوبة .
8- من دراسات لغة الطفل ، ذكر أن طفل الرابعة ينطق 77% من أصوات لغة نطقا صحيحا و88% فى سن خمس سنوات وتصل النسبة إلى 89% فى سن ست سنوات ، ويبلغ حجم مفردات طفل الرابعة (1450) كلمة وطفل الخامسة حوالى (2000) كلمة وطفل السادسة حوالى (2500) كلمة .
9-وفيما يتعلق بالفروق بين البنين والبنات أشارت بعض الدراسات إلى تفوق الإناث على الذكور فى القدرة المنطوقة بينما أشارت دراسات أخرى إلى عدم وجود فروق بينهما فى ذلك .
مراحل النمو اللغوي للطفل :
يرى ديفشتا أن مراحل النمو اللغوي تسير فى التتابع الآتي :
1- مرحلة المهد .
2- مرحلة المناغاة .
3- مرحلة النطق غير المفهوم .
4- المرحلة التى تتسم بالهدوء .
5- مرحلة الجمل المتكاملة ذات الكلمة الواحدة .
6- مرحلة طفرة نمو الكلمة .
7- مرحلة الجملة .
8-مرحلة استخدام أنواع الجمل , ومنها يستخدم الجمل البسيطة والمعقدة والمركبة ، ولا تزال جملا غير مكتملة نحويا وتستمر من الثالثة حتى الخامسة .
9- وتبدأ هذه المرحلة من سن الخامسة حتى النضج ، وفيها يظهر النظام اللغوي المستقل الذى يتضح فى استخدام الجمل، وتزايد أنواعها وطولها .
خصائص وسمات لغة الطفل :
1-التمركز حول الذات .
2- يغلب على لغة الأطفال المحسوسات .
3- يغلب على لغة الطفل عدم الدقة والوضوح .
4-تقديم المتحدث فى الجمل الخبرية .
5-اختلاف وقصور مفاهيم الأطفال ، وكلماتهم ، وتراكيبهم عما هى عليه عند الكبار .
6- تكرار الكلمات والعبارات .
وهكذا يتضح ان هذه المرحلة هى مرحلة أسرع نمو لغوى تحصيلا وتعبيرا وفهما ، وتعرف هذه المرحلة بالعصر الذهبي للغة فى حياة الطفل ، فهو يلتقط كل جديد من الكلمات ، ويحاول جاهدا أن يكرر كل ما يسمعه كما أن الأسئلة فى هذه المرحلة اللغوية تتميز بالكثرة . فقد أشار البعض إلى أن حوالى 10 – 15% من حديث الطفل فى هذه المرحلة يكون عبارة عن أسئلة ، بل إن الأسئلة وحب الاستطلاع تساعد على اتساع الحصيلة اللغوية للطفل .
النمو الاجتماعي وعلاقته بتساؤلات الأطفال :
تلخص سحر نسيم الخصائص الاجتماعية لطفل ما قبل المدرسة فى النقاط التالية :
1-الود والتعاون والرغبة الصادقة فى إسعاد من حوله ، ويفضلون صحبة الأطفال فهم فى حاجة إلى رفاق فى سنهم.
2-فهم الأدوار التى يقوم بها فى المحيط الاجتماعي .
3- الميل إلى منافسة الرفاق ، ومحاولة التفوق عليهم .
4- الإحساس بالزمالة .
5- الولاء للمعلمة ، والانتماء للجماعة .
6- يستمع الأطفال باللعب الدراسي ، والتمثيل واللعب الجماعي .
7- يحب الطفل الألعاب المنظمة ذات القواعد .
8- قد ينشأ صراع بين الأطفال أثناء اللعب ؛ نتيجة لأن اهتمامات الأطفال بدأت تشمل الآخرين بدلا من التركيز على نفسه فقط . ويذكر حامد زهران \"أن عملية التنشئة الاجتماعية فى الأسرة تستمر ، ويزداد وعى الطفل بالبيئة الاجتماعية ، ونمو الألفة ، وزيادة المشاركة الاجتماعية ، وتتسع دائرة العلاقات والتفاعل الاجتماعي فى الأسرة ومع جماعة الرفاق\" .
وما سبق من مظاهر النمو الاجتماعي فى هذه المرحلة – بما تضمنته من علاقات وتفاعل ، ومصادقة ، ومشاركة اجتماعية ، وتعاون مع الآخرين ، ومع جماعة الرفاق – كل هذا يدعو الطفل إلى المزيد من الأسئلة عن عالم الكبار من حوله سواء أكانوا داخل البيت أم خارجه ، لكى يأخذوا دورا بجانب هؤلاء الكبار ويلفتوا انتباههم .
النمو الانفعالي وعلاقته بتساؤلات الأطفال :
تشير الدراسات المتخصصة فى هذا المجال إلى أن الانفعالات تؤدي دور مهم فى حياة الطفل فى مرحلة ما قبل المدرسة ؛ نظرا لتميزها عن انفعالات الراشدين حيث تتميز أنها قصيرة المدى وكثيرة، ومتقلبة ، وحادة فى شدتها . وتتميز هذه الانفعالات أيضا بأنها شديدة ومبالغ فيها (غضب شديد – حب – كراهية – غيرة …) ويتركز الحب كله حول الوالدين وتظهر الانفعالات المتمركزة حول الذات (خجل – إحساسه بالذنب – ثقة – لوم ذات) .
ومن ابرز النمو الانفعالي فى هذه المرحلة الشعور بالقلق والخوف وما ينتاب الطفل من نوبات غضب ، وإحساس بالغيرة ، ومن أهم مسببات هذا القلق والخوف : الرغبة فى كشف المجهول الذى يحيط به.
وفى سن الخامسة يتكون نوع من الاستقرار فى حياة الطفل الانفعالية نتيجة ، للأمان والطمأنينة التى تسود علاقته بأمه ، ومع ذلك فهو لا يزال عنيدا ، ويستمر ذلك معه حتى نهاية المرحلة .
وهكذا يلاحظ أن حالة الطفل الانفعالية فى هذه المرحلة بكل ما فيها من حب ، وقلق ، وخوف وحاجة للأمن والطمأنينة ، والتحكم فى البيئة التى لن تتحقق إلا بخفض التوترات عند الطفل وأفضل طريقة لذلك هى الإجابة عن كل تساؤلات الطفل المرتبطة بهذه النواحي
ولعل مما يستخلص مما سبق أن جوانب النمو السابقة لا تنفصل عن بعضها البعض ، بل ترتبط ببعضها بطريقة أو بأخرى ، وتشكل فى مجملها الشخصية الإنسانية فلا يمكن فصل أحد هذه الجوانب عن هذا الكل الواحد (الشخصية) إلا بغرض الدراسة والبحث فقط ، وحتى عند هذه الجزئية لابد أن يضع الفرد فى ذهنه أن هذا الجانب أو ذاك ليس منفصلا ، ولا مستقلا تماما عن غيره من الجوانب الأخرى بل من الضروري أن يؤثر فى غيره من الجوانب التى تتكامل معه وتشكل هذا الكل الواحد .
فالأمر الذى لا يحتاج إلى تأكيد هو أن النمو الإنساني عملية كلية ومتكاملة ، فلا ينبغى أن ننظر إلى جانب من جوانب النمو منفصلا عن غيره من الجوانب الأخرى ، وهذا يعنى أن يعمل على تنشئة الطفل تنشئة متكاملة تحقق نموا شاملا فى النواحي الشخصية والاجتماعية والدينية والصحية والعلمية والفنية والسياسية .
ودراسة مراحل النمو المختلفة سواء أكانت جسمية ، أم عقلية ، أم لغوية ، أم انفعالية ، أم اجتماعية – تساعد بشكل أو بأخر على تعرف تساؤلات الأطفال ، والأسباب الكامنة وراء هذه التساؤلات ، وكذا توضيح ما الدور المنوط بالمحيطين بالطفل لإشباع تلك الرغبة المتدفقة للبحث ، وحب الاستطلاع ، وكثرة التساؤلات ، ففهم هذه الخصائص يساعد المعلمة ، والوالدين ، وكل من يتصل بالطفل على احترام مشاعره والإجابة عن تساؤلاته الإجابة الصحيحة التى تقدم له العون والمساعدة .
2- الحاجة الى تنمية المهارات العقلية منها تفكير والتذكير والادراك
يتميز النمو العقلي للطفل بالمظاهر التالية :
( أ ) الإدراك :
إن دقة إدراك الحجم والشكل واللون والمساحة تزداد بالتدريج ويزداد تبعاً لها ولع الطفل بممارسة مهاراته الإدراكية – الحسية – الجديدة كمزج الألوان وتكوين مختلف الأشكال وتركيب مختلف الأحجام مستعيناً بالأدوات البسيطة غير أنه لا يستطيع قبل سن الخامسة تسمية الألوان تسمية صحيحة وإن كان بمقدوره قبل ذلك أن يمزج الألوان ويميز بينها ، كما يستطيع مضاهاة الأرقام والحروف والاتجاه على الرسم ، وعزل صور بصرية ، ويستطيع الطفل إدراك مدى التشابه والتناظر بين الأشكال فيما بين الخامسة والسادسة ، ويتبع ذلك سهولة إدراك الحروف الهجائية المتباينة كالألف والميم ولكن يصعب عليه إدراك الحروف المتقاربة مثل الباء والتاء ولا يمكنه الإدراك الصحيح لهذا التباين البصري اللغوي إلا في سن السابعة والنصف من عمر الطفل العادي ، وهو لا يدرك الزمان إدراكاً صحيحاً في بداية هذه المرحلة وأكثر رغباته في الحاضر وبتزايد خبراته ونموه العقلي يتزايد تمثله لفكرة الزمن ، ويمكنه في سن الرابعة إدراك اليوم وأمس وغداً، والصباح ، وبعد الظهر أو المساء وفي سن الخامسة يعرفون ( النهاردة إيه) وأيام الأسبوع وموعد الذهاب للمدرسة أو النوم .
( ب ) الفهم :
تنمو قدرة الطفل على فهم كثير من المعلومات البسيطة وكيف تسير بعض الأمور التي يهتم بها ، وقدرته على التعلم من المحاولة والخطأ بسبب ظهور دوافع حب الاستطلاع لمعرفة الأشياء والأشخاص والمواقف .
(جـ) التذكر :
يزيد التذكر المباشر لدى طفل ما قبل المدرسة فيتذكر طفل الثالثة مثلاً ثلاثة أرقام وطفل الرابعة والنصف يتذكر أربعة أرقام ، ويكون تذكر الكلمات والعبارات المفهومة أيسر من تذكر الغامضة منها ، ويستطيع الطفل تذكر الأجزاء الناقصة في الصورة ، وتنمو القدرة على الحفظ وترديد الأغاني والأناشيد ، وبخاصة الذاكرة البصرية والسمعية ، لتصل الذاكرة ما يسمى \" العصر الذهبي للذاكرة \" في نهاية هذه المرحلة .
( د) المفاهيم :
تتكون المفاهيم لدى الطفل معتمدة على الملاحظة التي تصل به إلى إدراك المظاهر المختلفة للأشياء التي يقع عليها حسه ثم مقارنة هذه الأشياء تبعاً لتباينها أو تشابهها ثم استنتاج الصفات العامة الجوهرية التي تميز جنساً عن آخر ثم ربط هذه النتائج برموزها اللغوية وبذلك تنشأ المعاني عن تكرار الخبرة والاتصال المباشر للبيئة والتفاعل معها متطورة من الخبرة الحسية إلى المفاهيم الرمزية ومن ثم تنادي التربية الحديثة بمبدأ تعدد الخبرات المباشرة لتستقيم المعاني في عقل الطفل .
وتمثل مرحلة الطفولة الفترة التي تتكون فيها المفاهيم الأساسية للطفل سواء عن نفسه أو عن البيئة من حوله ، حيث أكدت الدراسات النفسية والتربوية والاجتماعية أن ما يغرس أثناء هذه المرحلة من عادات أو عواطف واتجاهات ومعتقدات يظل ثابتاً لدى الطفل ويصعب تغييره أو استئصاله فيما بعد ، كما تؤكد النظريات السلوكية ونظريات التعلم الاجتماعي على القابلية الهائلة للأطفال في تلك الفترة على التعلم والنمو مما يساهم بفعالية كبيرة في تعلمهم وتقدمهم في المراحل التالية .
( هـ) الانتباه :
يتميز انتباه الطفل في بداية مرحلة ما قبل المدرسة بعدم التركيز ثم يتحول شيئاً فشيئاً لتزداد حدة الانتباه ومجاله وخاصة في كل ما يرتبط ارتباطاً وثيقاً باهتماماته ، ومع ذلك ففي الرابعة وما قبلها يتميز الطفل بقصر مدى الانتباه الإرادي وفي الخامسة والسادسة يزيد مدى الانتباه والتمكن من التركيز لفترة أكثر طولاً من ذي قبل .
( و ) الذكاء :
يزداد نمو الذكاء ويكون إدراك العلاقات والمتعلقات عملياً وبعيداً عن التجريد ، وتعميمات الطفل تكون في حدود ضيقة ، ويسمى بياجية الذكاء في هذه المرحلة وما بعدها \" الذكاء التصوري والذي تستخدم فيه اللغة بوضوح ويتصل بالمفاهيم والمدركات الكلية ، ويستطيع الطفل في سن الرابعة وما بعدها الربط وإدراك العلاقات ومتابعة المتاهات والألغاز ولعب الفك والتركيب والمكعبات ، والتصنيف والتسلسل والتتابع ، وحل المشكلات .
( ز ) التفكير :
يتميز طفل ما قبل المدرسة بالتفكير الحسي فهو لا يدرك المعنويات كالفضيلة والرذيلة والعدل والحق والجمال وإنما ما هو محسوس يتعرفه ويدركه بحواسه المختلفة ، فهو أحادي التفكير بمعنى أنه يتأثر بجانب واحد من المثير دون جوانبه الأخرى ، ويكون تفكير الطفل ذاتياً يدور حول نفسه أو ما يرتبط به هو ، ويظل التفكير في هذه المرحلة خيالياً وليس منطقياً حتى يبلغ الطفل سن السادس .
( ح ) التخيل :
يشغل التخيل حيزاً كبيراً في النشاط العقلي لأطفال ما قبل المدرسة ، ويكون التمييز بين الوهم والواقع أمراً صعباً على طفل الثالثة أو الرابعة ، وإن كان لا يقصد تشويه الحقيقة ومن ثم يغلب اللعب الإيهامي على نشاط الطفل وهو تخيل متحرر من قيود الواقع وهو أمر حيوي للطفل في هذه المرحلة حيث إنه يكون بمثابة صمام الأمن لصحته النفسية بما فيه من إرضاء وهمي لحاجات نفسية لم تحظ بالإرضاء في عالم الواقع ، أو تعبر عن مشاعر عدوانية مكبوتة أو تلطيف لمشاعر الذنب ، وتخفيف من حدة المخاوف الكثيرة في هذه الفترة العمرية والتي يقوم التخيل وأحلام اليقظة بمعالجتها فضلاً عن تخفيف حدة التوتر النفسي .
ط) اللغة :
يستطيع الأطفال بداية من شهرهم العاشر من العمر فهم تعبيرات لغوية كثيرة ، ويستجيب الأطفال للأسماء العامة والكلمات التي تدل على أشياء وبوصول الطفل إلى سن الثالثة يتمكن من استخدام جمل تتضمن فعلاً وفاعلاً ومفعولاً به ، ومبتدأ وخبراً وبعض علامات التذكير والتأنيث والضمائر وحروف الجر وأل التعريف .
3-الحاجة الاكتساب المهارة اللغوية
تعريف اللغة
لقد اجتهد العديد من العلماء سواء في علم النفس، أو في علم التربية أو في علم الاجتماع أو علم اللغة، في تقديم تعريفات كثيرة للغة. وسنتعرض لبعض هذه التعريفات:
اللغة هي: "نظام من الاستجابات يساعد الفرد على الاتصال بغيره من الأفراد، أي أن اللغة تحقق وظيفة الاتصال بين الأفراد بكافة أبعاد عملية الاتصال وجوانبها" (كرم الدين، 1993، ص226).
وهي: "مجموعة من الرموز تمثل المعاني المختلفة وهي مهارة اختص بها الإنسان، واللغة نوعان: لفظية وغير لفظية، وهي وسيلة الاتصال الاجتماعي والعقلي، وهي إحدى وسائل النمو العقلي والتنشئة الاجتماعية والتوافق الانفعالي وهي مظهر قوي من مظاهر النمو العقلي والحسي والحركي، وتحتل اللغة جوهر التفاعل الاجتماعي، ويعتبر تحصيل اللغة أكبر إنجاز في إطار النمو العقلي للطفل" (زهران، 1990، ص170).
وهي "عبارة عن أصوات ورموز تجمع في شكل كلمات وجمل توضع في شكل تراكيب لغوية لتعطي معنى" (Norton, 1993, p. 24).
وهي "نظام للأصوات يستخدمه الفرد للاتصال بالآخرين في مجتمعه شفاهياً أو بشكل مكتوب له سياق" (Kroch, 1994, p. 403).
وقد عرفها ديوي (Dewy) على أنها: أداة اتصال وتعبير تحتوي على عدد من الكلمات بينها علاقات تركيبية؛ تساعد على نقل الثقافة والحضارة عبر الأجيال (العتوم، 2004، ص260).
وعرفها آخرون على أنها: "قدرة ذهنية تتكون من مجموع المعارف اللغوية بما فيها المعاني والمفردات والأصوات والقواعد والأصوات والقواعد التي تنظمها جميعاً، وهذه القدرة تكتسب ولا يولد بها، وإنما يولد ولديه استعداد فطري لاكتسابها (المعتوق، 1996، ص33).
أما ستيرنبرغ (Sternberg, 2003) فقد عرفها على أنها: استخدام منظم للكلمات من أجل تحقيق الاتصال بين الناس.
إذن اللغة هي: "مجموعة من الرموز الصوتية المنطوقة والمكتوبة والتي يحكمها نظام معين، والتي لها دلالات محددة، يتعارف عليها أفراد ذوو ثقافة معينة، ويستخدمونها في التعبير من حاجاتهم وحاجات المجتمع الذي يعيشون فيه، ويحققون بها الاتصال فيما بينهم".
خصائص اللغة
تعددت خصائص اللغة تبعاً للنظريات والتخصصات التي تناولت اللغة. ويمكن ايجاز أهم الخصائص التي أجمع عليها العلماء بالنقاط التالية (العتوم، 2004؛ Sternberg, 2003):
اللغة من أهم وسائل الاتصال بين الناس.
للغة معان محددة وواضحة في المجتمع الذي يتحدث فيه أفراده بتلك اللغة.
اللغة تعبير عن خبرات الإنسان ومعارفه وتجاربه.
تتأثر اللغة بعوامل الوراثة وبسلامة أجهزة النطق.
اللغة معبّرة عن قوة التماسك بين أفراد الأمة، فهي أحد مقوماتها.
تنقسم اللغة إلى نوعين: لغة استقبالية وتتطلب السمع والفهم، وأخرى تعبيرية تتطلب انتاج للغة المنطوقة والمكتوبة وفق قواعد تركيب اللغة وصياغتها.
للغة قابلة للتغير والتطور؛ بل يشير بعضهم إلى أنها تميل نحو التبسيط مع مرور الزمن.
اللغة محكومة بقواعد وقوانين تفرضها قواعد اللغة في المجتمع الذي تنتمي إليه.
§ اللغة وسيلة التواصل بين الأجيال؛ فهي وسيلة لنقل التراث الثقافي والحضاري عبرالزمن.
اللغة لها معان رمزية حيث تستطيع وصف أشياء غائبة.
تحمل اللغة معان ومعلومات ضمنية عن الزمان والمكان.
اللغة تحمل قابلية الإبداع لمستخدميها، كما هو الحال في الكتابات الأدبية والفنية والشعرية.
اللغة مركبة؛ لأنها تنطلق من الحرف إلى الكلمة ثم الجملة.
اللغة
هناك نظرتان مختلفتان بالنسبة لوظائف اللغة، فالنظرة الأولى تركز على الجانب العقلي من اللغة، وهو التعبير عن الأفكار والعواطف والانفعالات، والثانية تركز على الجانب الاجتماعي منها وهو تصريف شئون المجتمع الإنسانية، ولكن نظرة فاحصة إلى هذين الجانبين ترينا أنهما متكاملان، فكما أن الفرد يستخدم اللغة أحياناً لكي يعبر عن نفسه ومشاعره وأفكاره، فهو يستخدمها في الوقت نفسه بهدف الاتصال بغيره من أفراد مجتمعه، ويعني هذا أن للغة مغزى فردياً ومغزى اجتماعياً، فحين يتحدث الفرد إلى نفسه يتخيل أشخاصاً يخاطبهم ويناقشهم يغلبهم أحياناً ويغلبونه أحياناً أخرى، يسر منهم ويغضب، يقرب منهم وينأى عنهم (يونس، 2001، ص15).
فعن طريق اللغة يستطيع الفرد جمع الأفكار التي نشأت عن موقف تعليمي معين، ليتخذها منطلقاً للبحث عن حل للموقف المشكل الذي يواجهه (إبراهيم، 1995، ص104).
فمن وظائف اللغة أنها وسيلة لتنمية التفكير، فالطفل يدرك العالم أولاً عن طريق حواسه، لكنه حين يكبر يستخدم اللغة في تجميع هذه المدركات Perceptions - في صورة مجردة وفي صورة فئات أو عناصر أو مفاهيم Concepts، ولا سبيل إلى ذلك إلا باللغة.
كما يرى البعض أن اللغة وظيفة أخرى وهي التعبير، والمراد بالتعبير هنا تخليص الإنسان من انفعالاته عن طريق اللغة، كما يظهر في الإنتاج الأدبي الذي يعبر فيه الأديب عن خلجات نفسه (يونس، 2001).
في ضوء الخصائص السابقة، فإنه يجب توظيف اللغة من خلال مناشط الروضة المتعددة والتي من خلالها يتعلم الطفل ويكتسب المهارات اللغوية اللازمة له، فيجب الاهتمام بالأنشطة التي تساعد على الاستماع والتحدث ثم القراءة والكتابة، فعندما يسمع الطفل أصوات الحروف المختلفة، وكذلك الكلمات الخاصة بالأشياء في محيط اهتماماته أي ربط الشيء المحسوس برمزه أولاً، ثم التدرج للأشياء المجردة وربطها برمزها في ضوء خصائص نمو طفل هذه المرحلة، كما أنه من خلال الأنشطة التمثيلية والدراسية والأنشطة الحركية، والأنشطة الفنية، يكتسب الطفل بعض الأساليب الكلامية كالاستفهام والأمر والنهي وتكوين جملة بسيطة مناسبة لبعض المواقف أو الصور المرسومة. وعندما نقدم للطفل الأنشطة المختلفة فإنه يتفاعل وينفعل فيستمع للقصة ويحاول التعليق عليها ببعض الكلمات، وقد يشير إلى صورة بالحجرة ويحاول قراءة الكلمة التي تحتها، ويمسك بالقلم ويحاول تقليد الاسم المكتوب تحت أي صورة يراها.
الطفـل واللغة
إن النمو اللغوي يسبق النمو القرائي، فالطفل يستطيع أن يصغي إلى اللغة التي يتكلم بها من يحيطون به، ويكوّن فكرة عما يقصدونه، وذلك تبعاً للمواقف التي يستمع بها إلى كلمات معينة، سواء قام أحد بتعليمه أم لم يقم، فكما هو معروف تسبق مرحلة الفهم مرحلة الكلام عند الطفل، والكلام مهارة من مهارات اللغة الأساسية يستعمل فيها الإنسان الكلمات للتعبير عن أفكاره، فهو مزيج من التفكير والإدراك والنشاط الحركي. والاستعداد للكلام فطري، أما اللغة فهي مكتسبة، وهي ملكة اختص بها الإنسان وحده دون سائر المخلوقات، إنها أهم وسائل الاتصال الاجتماعي والعقلي، ومظهر من مظاهر النمو العقلي (زهران، 1990).
ولا شك أن رياض الأطفال تعمل جاهدة على تحقيق الاتصال بهذا الطفل فيما بين الرابعة والسادسة من عالمه المحيط به، من خلال الأنشطة الحركية واللعب المتنوع وعن طريق اللغة المحببة إليه وإلى وجدانه. كما أن لها وظيفة جمالية، فالطفل يستمتع بأصوات الكلمات، ويسر من النغمات المصاحبة لاستعماله اللغة، كنشيدة من الأناشيد أو تمثيلية فيها جمل وعبارات يقوم الطفل بتردادها استمتاعاً بها، وصوت المعلمة في حنانه يجذب الطفل، فجمال اللغة بالنسبة للطفل يتجلى في أثناء قراءة المعلمة أمامه ومن أجله قصة، وتقوم المعلمة هنا بدور مهم، ألا وهو ربط الطفل باللغة المسموعة مما يجعله ميالا إليها ومحبا لها، كما أن للغة وظيفة نفسية، فإذا استخدمت اللغة مع الطفل على أنها أداة للتعبير عما يدور في النفس. كان معنى هذا زيادة حصيلته اللغوية التي تمكنه من الانطلاق والحرية في تعبيره، وفي هذا إشباع للطفل، وشعور بالأمن والطمأنينة. كذلك تستخدم اللغة في ضبط مشاعر الأطفال (القضاه والترتوري، 2006؛ كرم الدين، 1993).
اللغة والتفكير
يتفق معظم الناس على أن اللغة والتفكير هما مركز الأنشطة الإنسانية، وهما عنصر أساسي في المعرفة الإنسانية، فالتفكير يوجه نشاطنا في العالم، واللغة توجه تواصلنا مع الآخرين. وقد دارت مناقشات كثيرة حول طبيعة العلاقة بين اللغة والتفكير، فيعتقد بعض السلوكيون أنهما نفس الشيء. بينما يعتقد تشومسكي (Chomsky) والتابعين له بأن اللغة والتفكير شيئين مختلفين. فالتفكير يتحدد باللغة. في حين يعتقد بياجيه (Piaget) أن اللغة هي التي تتحدد بالتفكير. ويشير البعض إلى أن للغة والتفكير قدرات واضحة مستقلة، في حين يرى البعض الآخر أن اللغة والتفكير أساس واحد لنظام تكاملي، ويرى آخرون بأنهما أنظمة تبادلية (Stevenson, 1993, P. 1-2).
ويقدم لنا باندورا (Bandura) شرحاً لكيفية العمل ببعض من وجهات النظر هذه مع صغار الأطفال، حيث يذكر في حديثه عن النمو اللغوي أن العديد من أشكال التفكير الإنسانية ترتكز على اللغة، فبعد أن يتمكن الأطفال من تعلم أسماء الأشياء، وكيفية تعبيرهم عن العلاقات بين المفاهيم باستخدام الكلمات، فإن اللغة يمكن أن تؤثر في كيفية إحراز الأطفال للمعلومات وكيفية تركيبهم للأحداث، وعلى ذلك فاللغة لم تعد فقط وسيلة اتصال وإنما أصبحت وسيلة لتشكيل نمط التفكير. إن القواعد التي تتحكم في العلاقات بين الألفاظ والكلمات قد تم تعلمها من خلال المحادثات، بحيث تعرض أحداثاً ملموسة ذات أهمية عالية لدى الأطفال. وبينما هم يتحكمون في كفاءتهم اللغوية، فإن اللغة تصبح أكثر تجريداً وغير معتمدة على ظهور الأحداث الواقعية، وهذا في حد ذاته يؤكد على قوة اللغة باعتبارها أداة للتفكير (Walker. 2001. p. 14).
النظريات المفسرة لاكتساب الطفـل اللغة
إن بعض علماء اللغة يقولون بأن اللغة يتم تعلمها بنفس الطريقة التي نتعلم بها أنواع السلوك الأخرى، وبوجه خاص من خلال التقليد والتعزيز، ويرى بعض علماء النفس الآخرين أن الأفراد يولدون ولديهم آليات لاكتساب اللغة تجعلهم يشقون أبنية قواعدية مختلفة من كلام الكبار. وهذا البناء الموروث يزودنا بالقدرة على فهم وإنتاج جمل لم يتم سماعها من قبل. وتتمثل النظرة الأولى بالمدرسة السلوكية والاجتماعية وروادها سكنر، باندروا. أما النظرة الثانية فتتمثل بالنظرية الفطرية، ومن روادها تشومسكي (Chomsky) (عدس وتوق، 1998).
أما المدرسة المعرفية فإن روادها قد اهتموا بالنمو المعرفي كأساس لجوانب النمو المختلفة الأخرى، ويعتبرون مراحل النمو حلقات تقوم على عدم الاستمرارية، فلكل مرحلة خصائصها وطبيعتها. وتعتبر نظرية بياجية هي الأساس الذي تقوم عليه النظرية المعرفية النمائية، فالنمو المعرفي يقع في مراحل متباينة كماً وكيفاً، وهذه المراحل ترتبط باستعدادات الطفل المتمثلة في العمر الزمني. وطبقاً لبياجية، فإن كلمات الأطفال الأولى هي كلمات تتمركز حول الذات، وتسمى هذه المرحلة بمرحلة ما قبل العمليات، ويتأثر الانتقال من الكلام المتمركز حول الذات، إلى الكلام الجماعي بعاملين: هما الغاء المركزية، والتفاعل مع الأقران، والتفاعل مع البيئة الطبيعية والاجتماعية هام جداً من وجهة نظر بياجية لكل من التنمية العقلية واللغوية (Korch, 1994).
وهناك أربعة عوامل تؤثر في النمو المعرفي عند بياجيه، وهي:
1- الخبرات الطبيعية بالأدوات والأشياء.
2- الخبرات الاجتماعية مع الآخرين (والتي تساعد الطفل للخروج التدريجي من التمركز حول الذات).
3- النضج أو النمو العصبي (وهو الذي يجعل الانتقال سهلا من مرحلة إلى أخرى).
4- التوازن (وهو التوفيق بين عمليتي التمثل والمواءمة والتوفيق بين العوامل الثلاثة السابقة) (بدير، 2000).
وفي ضوء العوامل السابقة، نجد أن للطفل دور فعال في تعلم اللغة، فهو يتعلم المفردات اللغوية والقواعد اللغوية، كي يعبر عن تعلمه نتيجة الاستكشاف النشط الفعال للبيئة، والخبرات المباشرة وغير المباشرة التي يشاهدها الطفل في حياته اليومية، وفي علاقاته مع الآخرين، تجعله يلجأ إلى بعض الإنجازات اللغوية التي تمكنه من التعبير عن هذه الخبرات وعن تفاعله معها.
مراجع البحث
1- محمد محمود رضوان, "الطفل يستعد للقراءة", القاهرة: دار المعارف, الطبعة الثانية, ص 69 .
2- فؤاد البهي السيد : الذكاء .( ط4 ) القاهرة ، دار الفكر العربي ، 1976 م .
3- فتحي عبد الرحمن جروان : تعليم التفكير ، مفاهيم وتطبيقات .( ط1 ) الإمارات : دار الكتاب الجامعي ، 1999