-->

بحث عن الكيمياء الخضراء

بحث عن الكيمياء الخضراء
    بحث عن الكيمياء الخضراء


    يعتبر علم الكيمياء مرآز العلوم الأساسية فهو الرابط بينها من أجل تحقيق متطلبات التكنولوجيا الحديثة من مواد جديدة، لذا فإن عدم إدراك أهمية و فوائد هذا العلم و تطبيقاته يدل على غياب دور آبير للمؤسسات العلمية، و عدم تكامل برامجها العلمية أآاديمياً، الأمر الذي قد يؤدي الى عدم توجيه الطلبة للتخصصات المناسبة لمتطلبات العصر التي تخدم مستقبل الشعوب والأمم. إن علم الكيمياء يستند إلى
    التجربة و نتاج العمل المختبري من خلال الطرق العلمية والجهود الكبيرة. و لعلم الكيمياء أبعاد آثيرة في جميع جوانب حياتنا اليومية، فهي تصح في الأآل والشرب والحديث و العشق والادب والنوم والعمل.

    ومن التوظيف الرائق لمفاهيم الكيمياء في الشعر ما قام به ابن الرومي ، والاديب المصقع الطغرائي التي يشير فيها الى فكرة علم الكيمياء (مفتاح العلوم والكنوز ) مثل قوله : " ....... و ملكت مفتاح الكنوز بحكمة آشفت لي السر الخفي المبهما". و حديثاً أبدع الشاعر نزار قباني في قصيدة عن انتفاضة أطفال الحجارة التي عنون لها ب "آيمياء الحجر".
    أما الأدب الغربي فقد شهد عدة آيميائيين آان من أشهرهم الانجليزي همفري ديفي الذي آتب بعض الأشعار في صباه، وآذلك هوفمان الشاعر والأديب والكيميائي الحاصل على جائزة نوبل ، آما تميز الأدب الغربي في الكيمياء بوضوح في مجال الرواية والأدب المسرحي، و في مجال الفن التشكيلي والتصويري آان للكيمياء تأثير تفاعلي بارز فالوحات الفنية التي تدور حول علماء آيميائيين و أحداث آيميائية عديدة، مثل تلك التي تخلد تجارب لافوازيه مع غاز الأآسجين، و لوحات الفنانين المعاصرين مثل سلفادور دالي لعرض بعض المفاهيم الكيميائية ، و البرمجيات المتعددة التطبيقات التي تتيح رؤية الأشكال الثلاثية الأبعاد للمرآبات الكيميائية مثل الأدوية و الهرمونات و غيرها، و آذلك الأشكال الفنية البديعة التي تصور بعض إآتشلفات الكيمياء و علمائها المشهورين، والتي غالباً ما توجد على طوابع بريدية و ليس في المعارض الفنية. ومن الأعمال الأدبية التي توظف الكيمياء في سياق مقبول وايجابي رواية (الخيميائي) للكاتب البرازيلي المعاصر بابلو آويلو التي ترمز لسعي النفس البشرية وتلهفها الابدي للبحث عن قدرها.
    2 وقد تم استخدام الكيمياء في الادب القصصي الحديث المعروف بالخيال العلمى والأمثلة على ذلك لا تحصى ومن خيرتها آتابات الروائى الانجليزي ه. ج ويلز صاحب رواية آلة الزمن، وهي تدور بوضوح حول الكيمياء بالإضافة إلى أن مؤلفى هذه الروايات هم في الأصل من أهل حرفة الكيمياء ، والأآثر من ذلك أن أحدهم حاصل على جائزة نوبل في الكيمياء. آما أن رواية أحلام الكربون للأديبة
    المعروفة سوزان جينيز التي تم توصيلها بشكل قصصي عن طريق تتبع أحداث حياة عالمة محيطات شابة تحاول فهم أحجية تغير المناخ الكوني ودورغاز ثاني أآسيد الكربون في ذلك، أما العرض المسرحى الفريد الذي قام بتأليفه رولد هوفمان الكيميائي والشاعر الشهير الحاصل على جائزة نوبل والكيميائى والروائي آارل دجيراسي المشهور في أوساط الصيادلة والكيمياء العضوية صاحب الدور
    الكبير في إآتشاف حبوب منع الحمل، آان اآتشاف الاآسجين حدثا هاماً يستحق مكتشفة منحه جائزة نوبل، ولهذا تدور أحداث المسرحيه لمحاولة معرفة العالم الأآثر استحقاقا لهذا الإنجاز من بين عدة علماء آبار مثل لافوازيه وبريستلي آلا ساهم بجهد هام في هذا الاآتشاف.
    الحاصل على جازة نوبل (Hoffmann) ومن الذين دافعوا عن علم الكيمياء ودوره الكيميائي هوفمن الذي إتهم وسائل الإعلام بأنها متورطة ومتواطئة في عملية مؤامرة ظالمة ضد الكيمياء آان نتيجتها تشويه سمعة متقصد للكيمياء وانتقاص دورها الريادي في المجتمع.
    وقد تحسنت النظرة المجتميةللكيمياء آثيراً منذ منتصف القرن السابع عشر نظراً لتحول الكيمياء إلى علم تجريبي دقيق وموثق ساهم
    بشكل آبير في تطور البشرية ورفاهيتها. وبشكل عام إذا استثنينا ما يقال عن دور المصانع الكيميائية في بث الأبخرة الملوثة من المصانع في القرن الثامن عشر، وآذلك دور الكيمياء في توفير الأسلحة والمواد التي استعملت في الحرب العالمية الأولى (هذه الحرب أطلق عليها في بعض المصادر بحرب الكيميائيين).
    و بعد إنتهاء فترة الحروب عاد الإعتراف بدور علم الكيمياء حتى أوائل الستينات من القرن العشرين، ثم بدأت الصورة النمطية للكيمياء مرة أخرى بالتدهور بعد سبتمر 1962 ميلادية عندما نشرت الباحثة و المؤرخة الأمريكية ريشل آارسون آتابها الربيع الصامت الذي أشارت فيه لأول مرة إلى خطر المبيدات و المرآبات الكيميائية مثل الأسمدة والمبيدات والمواد المضافة للأغذية، وقد أدى DDT الحشرية مثل نشر هذا الكتاب الى زيادة حرآات المهتمين بالبيئة، وآانت النتيجة منع استعمال مادة ال د.د.ت داخل الولايات المتحدة في عام 1972 بسبب ما نشر في الكتاب عن أن تلك المادة تتسبب في ضعف في قشور بيوض الطيور و ما تردد من ضجة إعلامية عن تلك المادة في الأوساط الصناعية والاجتماعية.
    3 ولا يمكن أن ننسى مساهمات علم الكيمياء في التقدم العلمي والتقني الذي أدى إلى توفير العديد من المواد ذات المصادر العضوية ، آالمنسوجات والبلاستيك والأسمدة والأدوية و المنظفات والأصباغ ومواد العناية الشخصية والشامبوهات وغيرذلك من المواد التي نعتمد عليها في حياتنا اليومية
    الكيمياء الخضراء: وجهه مشرقُ آخر للكيمياء لقد أدى الحرص على التوازن البيئي وتوفير متطلبات الحياة وحمايتها الى انطلاق نداءات عديدة للإهتمام بعلم البيئة و الكيمياء حيث يمكن من خلال تلك العلوم التوصل الى معالجة العديد من أسباب الخلل في التوازن البيئي، و هذا يتطلب استحداث وتطويرخطط و مناهج دراسية جديدة على مستوى مرحلة التعليم الجامعي وما قبله، بحيث تدعم مخرجات التعليم وتشجع البحث العلمي وتوفرالحقائق العلمية والدراسات التي عليها يستند التخطيط السليم ، فعلى مُعدي البرامج و المناهج العلمية إدخال موضوعات تهدف إلى إآساب المهارات والتدريبات للطلبة والباحثين و سوق العمل و بالتدرج المناسب، و المطلوب من الدول التي تزدهر فيها الصناعات الكيميائية والبتروآيميائية إعداد الكوادر القادرة على التعاطي مع منجزات وتقنيات العصر وهمومه، آذلك يجب ترسيخ النظرة إلى البُعد البيئي لدى جميع أفراد المجتمع عند ممارسة أي نشاط علمي، مع التأآيد على مفاهيم هامة مثل الكيمياء الخضراء والتنمية المستدامة ، و آذلك دراسة أبعاد إنتاج الطاقة النظيفة في المستقبل "طاقة المستقبل"، وفي مقدمتها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتوفيرها و استخدامها بغرض التقليل من التلوث البيئي.
    فبعد أن آانت الصناعات في العديد من الدول تستند على بروتوآولات ومواثيق مستوردة أو معدة من الخارج لا تراعي البعد البيئي والحاجة من استهلاك الطاقة تم إصدار قوانين منع التلوث مثلاً في الولايات المتحدة سنة 1990 ، و يُلزم هذا القانون المنتجَ بأن يصمم عملياته الإنتاجية بكيفية تراعي الأبعاد البيئية، من خلال تخفيض الانبعاثات الضارة من المصدر نفسه. و بموجب ها القانون قامت حكومة الولايات المتحدة بتقديم منح لتطوير المنتجات الكيمائية من خلال المعاهد و الجامعات المختلفة لتقليل مخاطر تلك المواد وتم تشجيع البحث في هذا الاتجاه. و تطورت أهداف المنح المقدمة لإنتاج مواد آيمائية تعمل على معادلة المواد الضارة و تقليل التلوث ووضع بدائل للمواد الكيمائية التى ينتج عن عمليات استخلاصهاتلويث للبئية
    وهو ما نتج عنه علم الكيمياء الخضراء في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، التي تهدف الى إعادة بناء العمليات التحضيرية للمرآبات الكيميائية بحيث يتم تقليل المواد الملوثة للبيئة أو لصحة الإنسان أثناء عملية الإنتاج الأولية بدلاً من صرف الجهد فقط على إزالة ومعالجة مشكلة التلوث بعد حصولها.
    4 لذا فإن الكيمياء الخضراء تسعى لجعل علم الكيمياء علما شاملاً متكاملا عن طريق خفض ما يسببه التصنيع الكيميائي والعمليات الكيميائية فالصناعات الصيدلانية والدوائية و البترولية والبلاستيكية لاآبر حد، بل منع تكون هذا التلوث في المقام الأول، وهذا يعني تجنب أي نوع من الضرر الذي يمكن أن يواآب التقدم الصناعي والتقني من خلال إحلال المفهوم البيئي النظيف.
    آما تهدف الكيمياء الخضراء إلى ابتكار مواد آيماوية جديدة تعود بالفائدة على البيئة، مثل المواد المستخلصة من الكائنات الحية المهددة بالانقراض،و المواد التي تستعمل آبدائل عن تلك التى تعود عمليات تصنيعها أو استعمالها بنتائج سلبية على البئية. ويبذل الكيميائيون جهود آبيرة لتقليل الملوثات الخطرة بيئياً وصحياً، وذلك من خلال تتبع جميع مراحل الإنتاج والعمليات الصناعية و حتى بعد الاستعمال للمادة الناتجة وطرحها في البيئة. فعلى سبيل المثال المواد الأولية لعملية ما أن تكون مخلفات عملية صناعية أو آيميائية أخرى، و عدم استخدام المواد المساعدة أو المذيبات إلا في أضيق الظروف وبأقل الكميات ، و تقليص إنتاج المشتقات الغير ضرورية للمنتجات لأنها قد ينتج عنها مخلفات إضافية.
    آما تفيد الكيمياء الخضراء في وضع استراتيجيات وسياسات متقدمة تمنع انبعاث وإنتاج أو تخزين الكيماويات التي تمثل خطراً على البيئة .
    وبشكل عام يوجد إثنى عشر مبدأ أساسي توظفها الكيمياء الخضراء آإستراتيجية عامة لتحقيق أهدافها الخضراء، فعلم الكيمياء الخضراء يحقق أهدافة من خلال الخفض من تأثير التفاعلات الكيميائية وصناعتها على التوازن البيئي. يمكن تحقيق مبدأ الاقتصاد الذري في الكيمياء الخضراءعن طريق إتمام التفاعلات الكيميائية في الماء أو في وجود عوامل مساعدة صديقة للبيئة، ومنع تكوين النفايات أفضل من معالجتها، و الاستفادة من آل المواد المستخدمة في التحضيرات الكيميائية بقدر الإمكان بحيث تكون التحضيرات غير ضارة، و الإقلال من إستخدام المذيبات والمواد المساعدة ما أمكن، وتقليص آميات الطاقة المستخدمة، والابتعاد عن إنتاج المشتقات ما أمكن، ويجب عند تصميم منتجات مراعاة أن تكون هذه المنتجات قابلة للتحلل إلى مكونات غير ضارة في الطبيعة عند الانتهاء من استعمالها، وآذلك تطوير الطرق التحليلية لتكون سريعة من أجل المراقبة و التحكم في المواد الضارة، وتهتم بأن يكون نوع وشكل المواد الناتجة بعيدة عن التسبب في الكوارث، و توفر قواعد المعلومات الحديثة التي تساعد الباحث في إيجاد طرق التحضير البديلة ، و حفز التفاعلات،و استعمال المذيبات البديلة، و الوقود النظيف،و المثبطات الخضراء للتآآل في معالجة الماء، و فصل المعادن الثمينة بطرق خضراء وغير مكلفة. لذلك فإن الكيمياء الخضراء تشكل حلقة الوصل بين علم الكيمياء والإنتاج الكيميائي وبين تأثير المواد الكيميائية
    وطرق تصنيعها والتأثير على الإنسان والبيئة .
    5 ومن خلال توظيف تطبيقات الكيمياء مثل استعمال الحفازات ذات الفعالية العالية وذات المردود الناتج و النقاوة الفائقة وآذلك استعمال المذيبات أو تصميم العمليات الصناعية لحل المشكلات العالمية مثل المواد المستفزة لطبقة الأوزون، والمسببة لظاهرة الاحتباس أو الأمطار الحمضية أو غير ذلك. فالكيمياء الخضراء تمثِّل نوعاً جديداً من الابتكار العلمي من شأنه أن يحقق التنمية المستدامة المتوافقة مع البيئة ، من دون تراجع عن منجزات التقدُّم الصناعي و أن يواآب التقدم الصناعي والتقني مع محاولة إحلال المفهوم البيئي النظيف الذي يتوقف إلى حد آبير على العوامل المحفزة أو المساعدة التي يمكن أن تساهم بدورها إلى حد آبير في تغيير مسار الكثير من عمليات التصنيع الكيميائي لصالح المنظومة البيئية.
    وقد إزدهر علم الكيمياء الخضراء بعد عام 2005 بعد تطوير تفاعل نزع الأآسجين الذي طوره الكيميائي بارتن ماآمبي حيث تم استبدال مجموعة الهيدروآسيل بالهيدروجين في المرآبات العضوية ، حيث تم استبدال مرآبات القصدير السامة والمكلفة وصعبة التعامل معها بطرق بسيطة خالية من المواد السامة. وآان لإسهامات الحاصلين على جائزة نوبل في الكيمياء في هذا العام دور آبير في توفر العوامل
    المساعدة لتطوير الكيمياء الخضراء.
    أصدقاء للبيئة من خلال منتجات وبدائل طبيعية يرتكز علم الكيمياء الخضراء على تصنيع وإنتاج مواد جديدة خالية من الملوثات البيئية، و على استبدال المواد المشتقة من مصادر بترولية بمواد طبيعية مستقاة من منتجات زراعية آالقمح والبطاطا والزيوت النباتية المختلفة. ويتطلع الكيميائيون الى تكون هذه المنتجات مشابهة في الخواص للمنتجات المصنعة من مشتقات بترولية ، فعلم الكيمياء الخضراء يتطلع الى إنتاج مواد وعمليات آيميائية أآثر آفاءة وأقل آلفة. إن ما تسعى إليه الكيمياء الخضراء من إعادة تشكيل عالمنا وتصنيع منتجات من مواد طبيعية يعتبر خطوة هامة نحو وقف التلوث البيئي والعودة تدريجيا نحو الطبيعة ، لكن ينبغي أن يتم ذلك بأقل التكاليف
    المادية ومراعاة النظام البيئي لحفظ التوازن الحيوي لكوآب الأرض.
    ففي مجال المنظفات المنزلية تم تطوير منتجات جديدة قائمة على الدهون الحيوانية والنباتية، حيث استخدمت بشكل أساسي لصناعة الصابون وبقية المنظفات، وقد قادت هذه الأفكار والصناعات الرائدة الكثير من الباحثين إلى تطوير الكيمياء الخضراء وابتكار تقنيات جديدة لاستبدال المواد البلاستيكية المصنعة من مواد بترولية بأخرى من مصادر طبيعية أو تصميم وتحضير مواد قابلة للإستجابة للظروف  الطبيعية مثل أشعة الشمس والرطوبة والتفكك الى مواد غير ضارة بالبيئة. فقد قام فريق من الباحثين الكيميائيين بقيادة البروفيسور جيفري آوآس من جامعة آورنيل الأمريكية بتحضير اللدائن الخضراء،
    6 من خلال إنتاج أنواع خاصة من اللدائن الطبيعية مكونة من مزيج من بروتينات فول الصويا والألياف الطبيعية، آما أجريت تجارب أخرى في جامعة ماستيشوستس لإنتاج لدائن طبيعية من نبات القمح ثم يتم معالجتها بطرق آيميائية أو فيزيائية من أجل تقويتها وإآسابها صفة الديمومة التي تتناسب وطبيعة أو مدة استعمالها ، بحيث تتحلل بالظروف الجوية حين تترك في النظام البيئي.
    وبالرغم من التقدم الذي حدث في مجال الكيمياء الخضراء، إلا أن بعض المشاآل الفنية والتكنولوجية والاقتصادية تعترض ذلك، ومن أهمها أن إنتاج مثل هذه المواد الطبيعية سيكون على حساب الإنتاج الزراعي وما سينجم عنه من تقليل آمية المنتجات الزراعية المخصصة لاستهلاك الإنسان، هذا بالإضافة للحاجة الى تخصيص مساحات واسعة من الأراضي لإنتاج نباتات قابلة لتصنيعها مستقبلا ضمن تقنيات الكيمياء الخضراء، وهو ما يتطلب توفير آميات من المياه والأسمدة والمبيدات الحشرية والعشبية وغيرها
    من المتطلبات الهامة، ومع هذا آله فقد لا تكفي هذه الكميات الناتجة الحاجة المتوقعة مما قد يسهم في خلق نوع جديد من التلوث البيئي. إننا بحاجة ماسة إلى أن تسهم الكيمياء الخضراء في دعم عملية التطوير الصناعي والعلمي، لكن يجب في نفس الوقت مراعاة أن لا يكون ذلك على حساب قوت وغذاء الإنسان. 
    الكيمياء الخضراء العاملة تستطيع عمليات التصنيع الجديدة في المختبرات منع تكوين ملوثات صناعية وإنتاج وصنع منتجات
    صديقة أآثر للبيئة، آما تقلل إلى أدنى حد هذه التكنولوجيا المتطورة استعمال مواد خطرة في التصميم والتطوير، ولهذا تمثل طريقة مختلفة بأساسها لتخفيض مستوى التلوث. وقد شجع للعمل بالكيمياء الخضراء العديد من المؤسسات العلمية الرائدة مثل الجمعية الملكية الكيميائية في بريطانيا والجمعية الكيميائية الأمريكية، فوضعت الخطط الدراسية وتم تشجيع ودعم المشاريع الطلابية في الكيمياء
    الخضراء، آما أقيمت المراآز البحثية المتخصصة في الكيمياء الخضراء وتم تأسيس مراآز علمية متخصصة في الأبحاث في مجالات تحويل العمليات الكيميائية العادية الى عمليات آيميائية خضراء، و من تلك المراآز العلمية المتخصصة على سبيل المثال، مرآز الكيمياء الخضراء في جامعة موناش بأستراليا الذي تأسس في عام 2000 ميلادي من قبل مجلس البحث الاسترالي وتم مراجعة (Monsah)
    منجزاته في عام 2005 حسب مقاييس معتمدة بهدف تطوير المرآز ضمن خطة استرتيجية بناءاً على نشاطاته التي قام بها حيث تم ضمان الدعم المالي للمرآز حتى 2008 . وتضمن خطة المرآز تحضير مرآبات ومواد و طرق وتقنيات جديدة في المجالات الثلاثة التالية: تقنيات تحضير نظيفة و بيوتكنولوجي خضراء وآيمياء آهربية وضوئية متقدمة تخدم مجالات الكيمياء الخضراء، وفي ضوء الهدف الأساسي للمرآز وهو إنتاج فضلات صناعية خالية المخاطر وطرق لانتاج طاقة نظيفة. من خلال عمليات
    7صناعية خالية المخاطر دون التأثير على فاعليتها. وآذلك مرآز الكيمياء الخضراء في جامعة يورك البريطانية الذي يعتبر من أهم المراآز العلمية التي تتعاون مع الصناعة وقطاع التعليم وتؤسس للكيمياء الخضراء على مستوى بريطانيا ويقدم برامج دراسات عليا متخصصة في الكيمياء الخضراء. أما في الولايات المتحدة الأمريكية فبالإضافة إلى الإهتمامات والنشاطات التي تقوم بها الجمعية الكيميائية الأمريكية والبرامج المعتمدة في بعض الجامعات فإن جهود جامعة تكسس وجامعة أوريغن ومتشغن بارزة في تشجيع الكيمياء الخضراء على مستوى المدارس من خلال عقد ندوات ومؤتمرات في هذا المجال.
    وبشكل عام عند تصميم تفاعل آيميائي استناداً إلى مبادئ الكيمياء الخضراء ، يدرس الكيميائيون المواد المستعملة والناتجة ومراحل تكونها و طبيعة تلك المنتجات و المخاطر المحتملة على الصحة و البيئة للمنتجات قبل استعمالها وخلال تخزينها وحتى عند تعرضها للمخاطر مثل الحريق أو الإنجراف بالماء، آما يتم أخذ جميع أسس و مرتكزات الكيمياء الخضراء المشار لها سابقاً آتاب بول أناستاس وجون وارنرجامعة أآسفورد "الكيمياء الخضراء النظرية والممارسة" المنشورعام 1998 بعين الإعتبار، و يساعد التنبه لهذه المبادئ على حماية البيئة والتقليل من النفقات والتكاليف للمنتج واستهلاك اقل للطاقة.
    ومن الأمثلة على تطبيق تلك المبادىء: تحتاج مصانع إنتاج الأآياس البلاستيكية، والبولي يورثين، وزيوت التشحيم، واللدائن إلى حوالي بليوني آلغم من حمض الاديبيك آل سنة لصنع هذه المنتجات، وتتمثل الطريقة القياسية لصنع حمض الاديبيك على استعمال مرآب البنزين "الذي يعتبر من المواد الممنوع استعمالها" آمادة أولية. لكن هناك عملية تصنيع تم تطويرها مؤخراً تستعمل البكتيريا المعدلة
    وراثياً تُعرف باسم" المحفزات البيولوجية" حيث يحل فيها سكر الجلوآوز البسيط محل البنزين، وهذا يعني البدء باستعمال مادة آمنة طبيعية آالجلوآوز لصنع حمض الاديبيك و توفر إمكانية لتجنب استعمال آمية آبيرة من مادة آيميائية مؤذية "البنزين" في حال انتشار عمليات التصنيع الجديدة التي تستعمل مياديء الكيمياء الخضراء، ومن حيث الاعتماد على الموارد المتجددة فمن الممكن إنتاج الجلوآوز من دقيق الذرة النشوي او الجلوآوز الموجود في مواد نباتية. وحتى أآواز الذرة وسيقانها والأوراق المتساقطة عنها تنتج الجلوآوز.
    و في عملية التصنيع المحسنة التي صممت عام 1991 لجعل مُسكّن الآلام "إيبوبروفن"، الجزء المكون النشط في صنع أدوية أخرى حملت أسماء موترين، ادفيل، نوبرين ومدبرين .في عملية التصنيع الأصلية المكونة من ست خطوات التي جرى تطويرها في الستينيات من القرن الماضي، بقيت نسبة 40 % فقط من الذرّات المفاعلة في هذا المنتج (إببوبروفن) وانتهت نسبة 60 بالمئة منها في منتجات جانبية غير مرغوبة او في النفايات. تتألف عملية التصنيع الجديدة التي ابتكرها تورست من ثلاث خطوات بحيث تبقى نسبة 77 % من ذرات المفاعلات في المنتج إيبوبروفن. تساعد هذه العملية الخضراء في إزالة مئات 8 الآلاف من الكيلوغرامات من منتجات جانبية آيميائية آل سنة وتخفض بمئات الآلاف من الكيلوغرامات آمية المفاعلات اللازمة لصنع إيبوبروفن .
    الكيمياء الخضراء تدعم الإقتصادتنتج العمليات الكيميائية ملايين الأطنان من المواد والمخلفات الكيميائية الضارة التي بدورها تتطلب
    عمليات معالجة أو إعادة تدوير للتخلص منها. وهنا يظهر العبء الاقتصادي الكبير و تبرز المشكلة لأن قطاع الصناعة ملزم بإنفاق آلاف الملايين من الدولارات ليطبق ويحقق القوانين واللوائح المتعلقة بالمحافظة على البيئة. حيث تنفق بعض الشرآات العملاقة في مجال الصناعات الكيميائية والبتروآيميائية سنوياً ما يقارب البليون دولار على الأمورالمتعلقة بالمحافظة علي البيئه وهو مالا تنفقه على البحث والتطور. وهنا يبرز ويتجسد دورالكيمياء الخضراء في معالجة مشكلة التلوث البيئي باستئصال المشاآل من جذورها، فبدلا من معالجة التلوث والتحكم به و تقليصه بعد وقوع الحدث نجد ان الكيمياء الخضراء ترآز على منع وإيقاف تكون الملوثات والمواد الضارة من الأساس، مما يؤدي الى انعدام الحاجة لمعالجة وإزالة هذه الملوثات والمشاآل المتعلقة بها . لذا فإن الكيمياء الخضراء في حال توظيفها بكفاءة سوف توفر مئات البلايين من الدولارات وبهذا سوف تسهم في قوة الاقتصاد لتلك الدول.
    وهذا سوف يؤدي الى حسن الأداء الاقتصادي للدول الفقيرة والدول النامية ، حيث يكون بمقدور الدول النامية مساندتها ودعم مشاريعها التنموية، حيث يوجد تلازم وتوافق بين مفهوم التنمية المستدامة والكيمياء الخضراء فيتحقق الرخاء الاقتصادي والبيئي على السواء، ويزداد الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة من أجل الحصول على المواد الخام الأوليه اللازمة في الصناعات الكيميائية، وهذا يدعم التقنيات الحيوية " البيوتكنولوجي" من خلال توفير التقنيات التي تفيد في استعمال النباتات للحصول على الطاقة أو في التحويلات الحيوية والطاقة ، مثل إنتاج الديزل الحيوي والبلاستيك الحيوي والأقمشة الحيوية النشطة، واستخدام آحول الذرة آوقود للسيارات واستخدام السوائل الاصطناعية الجديدة لحفر آبار النفط وإنتاج البروتينات البشرية من شجرة المطاط المعدلة وراثياً وإستخدام النوافذ المبتلة آبديل للمكيفات وهذه تدعم أسس وتطبيقات تقنية المعالجة الحيوية الطبيعية والجزيئية,، وتدعم الطرق الحديثة في إعادة تدوير المخلفات الحيوية مثل المعالجة بالتخمر الهوائي واللاهوائي وعملية التخمر بالديدان ، وتصميم طرق لتجميع النفط المتسرب في
    البحار، وطرق للتخلص من نفايات الزيتون، وطرق للرى بالرشح تحت التربة ، وطرق لتنقية مياه الشرب باستخدام قشر السمك والجمبري وورق النخيل، وطرق لإنتاج الهيدروجين الحيوي آمصدر نظيف للطاقة.
    9 الكيمياء الخضراء وشجرة النيم:
    وفي ظل الاتجاهات العالمية الداعية للعودة للطبيعة مثل (موجة الطب البديل) المستند إلى التداوي بالأعشاب وغير ذلك من طرق العلاج غير الكيميائية (أو الزراعة العضوية البديلة التي لا تستخدم المبيدات أو الأسمدة الكيميائية ,ظهرت وسيلة الكيمياء الخضراء من أجل إعادة البناء الكيميائي الهادف لمحاولة تخليص الكيمياء من جانبها القبيح المتمثل بأضرارها المعلومة على البيئة والصحة, وذلك عن
    طريق إعادة تصميم وتطوير الطرق والتفاعلات والمنتجات الكيميائية بحيث لا يتم فيها استخدام أو إنتاج مواد ضارة.
    تزرع أشجار النيم بكثرة في دولة الامارات العربية وتسمى أشجار الشريش، وفوائد استعمالاتها معروفة لدى بعض الاجيال ، وتزرع على جوانب الشوارع و أطراف الحدائق العامة ، وهي شجرة نظيفة الأوراق والساق لا تقترب منها الحشرات والديدان، تستعمل مستخلصات النيم لغرض مكافحة الحشرات والديدان و القارض. بدل ان تستخدم المبيدات الكيميائية في مكافحة الحشرات الضارة بالمحاصيل الزراعية والقضاء عليها، ومن المعروف أن العديد من هذه المبيدات الصناعية سامة بدرجة عالية مما
    يؤثرسلباً في صحة الإنسان والحيوان والبيئة , آما أنها تقضي على الأنواع النافعة من الحشرات والآفات.
    أزهارأشجار النيم بيضاء اللون ذات رائحة مميزة والثمرة جرابية طولها حوالى سنتمترين ( تحتوى على بذرة واحدة) لونها أصفر بني عند النضج . تحمل الأشجار بعد عامها الثالث زهوراً بيضاء خلال شهر مايو وتتحول الأزهار الى ثمار تشبة ثمار الزيتون خلال شهر يونيو وتنضج في الفترة من يوليو إلى أغسطس لتتحول الثمار من اللون الأخضر الى اللون الأصفر.
    تُستخدم عصائر شجرة النيم ، وبذورها ، وأوراقها، وأي أجزاء منها على أنها مبيدات بديلة غير سامة وذلك في مرحلتي إنتاج المحاصيل وتخزينها، وقد حققت مادة النيم و منتجاته نتائج ممتازة في مكافحة جميع الآفات الزراعية .
    في عام 1990 تم استخلاص مرآبات من بذور وأوراق النيم واستعملت هذه المرآبات آمبيدات حشرية طبيعية طاردة للحشرات ومؤثرة على حوالي 200 نوع من الحشرات والعثة و الديدان، و تحتوي والتي توجد في جميع أجزاء الشجرة ولكن بنسب azadirachtin شجرة النِّيم على مادة فعالة وهي مادة مختلفة ، وتكون أآثر ترآيزًا في البذور والثمار. لشجرة النيم تأثيراً طارداً لمختلف أنواع الحشرات مثل
    البعوض والمن وآذلك في مكافحة الآفات الزراعية، فهي تزرع في الهند حول مزارع القطن والخضراوات والفواآه والقهوة والشاي والأرز و البهارات. وتستخدم الأوراق والجذور آسماد طبيعي و هو يفوق الأسمدة الكيماوية جودةً ولا يتسبب عنه أضرار.
    10 تستعمل مستخلصات شجرة النيم في معالجة الملاريا وفي مقاومة تسوس الأسنان ومنع تورم اللثة و تسكين آلام الاسنان ، و في علاج بعض أمراض والتهابات المعدة والأمعاء، وآذلك في معالجة الامراض والالتهابات الجلدية ، وامراض الجلد والسكر واأم الأعصاب والعضلات وآذلك بعض أمراض العيون والشيب المبكر وفقر الدم. و تعد أخشاب النيم من الأخشاب القاسية والتي لا يمكن لحشرات الأخشاب إصابتها ولذلك يعتمد عليها في صناعة الأثاث الفاخر، وفي الاستعمالات التي تتطلب مقاومة الفطريات والآفات.
    الختامة
    آما أنّه لا تنمية بدون تصنيع ولا تصنيع بدون تلوث، إلا أن آل الشعوب تآمل في السعى إلى رفع مستواها المعيشي وتحقيق مستويات عالية من الرفاهية، وهنا تبرز مسؤولية العلماء والباحثين لمعالجة التلوث وإيجاد وسائل علمية وتطبيقية تحفظ التوازن بين متطلبات الحياة العصرية واحتياجات الطبيعة والبيئة المحيطة. فالكيمياء الخضراء تهتم بالاستخدام الأمثل للمواد الخام في المجالات المختلفة على
    أساس إمكانية استرجاعها وتجديد مواردها وتجنب ظهور ملوثات أثناء عمليات التصنيع أو بعد الإنتهاء، بالإضافة إلى التخلص الآمن من المخلفات في حالات استحالة تجنبها بشكل نهائي وتجنب استخدام المواد السامة أو الضارة والبحث عن البدائل الآمنة في مجالات التصنيع المختلفة .وتعنى الكيمياء الخضراء أيضا بالتخلص الآمن من الملوثات عند المنبع، وهو ما نطلق عليه منع حدوث التلوث الأولي .
    ولا يمكن أن يتأتى هذا إلا من خلال التعامل مع الملوثات عند نهاية مخارجها أي قبل وصولها إلى الأماآن التي يمكن أن تحدث بها الآثار البيئية السالبة.
    ويمكن القول أن الكيمياء الخضراء وتطبيقاتها تشكل تحدياً جديداً أمام علم الكيمياء وعلم البيئة بالشكل الذي لا يسمح بالقول "مواد خالية من المواد الكيميائية" بل مواد آيميائية خضراء، ليطمئن الجميع أن علم الكيمياء رفيق الصحة والسلامة__