-->

محاضرة : ميزان المدفوعات (مقياس المالية الدولية )

محاضرة : ميزان المدفوعات (مقياس المالية الدولية )
    محاضرة : ميزان المدفوعات (مقياس المالية الدولية ) 

    تعريفه :
    هو مستند حسابي يظهر الوضعية الناتجة عن العمليات الحاصلة خلال سنة بين الأعوان الاقتصاديين المقيمين في المجال الوطني وبين كل الأعوان الآخرين في العالم الخارجي.
    أما صفة المقيم: فهي تطلق على كافة الأعوان المتواجدين على التراب الوطني الذين يمارسون ضمنه نشاطا اقتصاديا منتظما بالإضافة إلى فروع الشركات الأجنبية , وبالمقابل فإن موظفي السفارات والقنصليات والبعثات الأجنبية فهي تعتبر رغم سفرها من الرعايا المقيمين في البلد الذي يعملون به.

    ميزان المدفوعات


    المبحث الاول : أقسام ميزان المدفوعات و العمليات الرئيسية فيه
    1-أقسام ميزان المدفوعات
    1- الحساب الجاري: ويشمل:
    ‌أ-     صادرات الدولة من السلع الملموسة ناقصا واردات الدول من السلع الملموسة.
    ‌ب-صادرات الدول من الخدمات ناقصا واردات الدول من الخدمات.
    ‌ج-  التحويلات النقدية إلى داخل الدولة ناقصا التحويلات النقدية إلى خارج الدولة.
    2- ميزان رأس المال: ويشمل كافة تدفقات رأس المال إلى الداخل من العملات الأجنبية ناقصا التدفقات النقدية إلى الخارج من العملات الأجنبية كما يشمل ميزان رأس المال على التدفقات الداخلة من الذهب بالإضافة إلى التدفقات الخارجية من الذهب.
    2-العمليات الرئيسية في ميزان المدفوعات و تحليلها
    تكمن الصعوبة في كيفية تصنيف العمليات في ميزان المدفوعات وفي الحصول على الإحصاءات ومدى دقتها, ونلخص هذه العمليات فيما يلي:
    -         العمليات المتعلقة بالتجارة الخارجية.
    -         العمليات المتعلقة بالخدمات.
    -         العمليات المتعلقة بعائد عنصري العمل ورأس المال.
    -         العمليات المتعلقة رؤوس الأموال والذهب النقدي.
    تحليل العمليات الرئيسية في ميزان المدفوعات :
    أ- العمليات الجارية:
    أ-1- عمليات التجارة الخارجية:
    تتعلق هذه العمليات بتصدير واستيراد السلع على كل أنواعها (مواد أولية, منتجات زراعية وحيوانية, سلع مصنعة ونصف مصنعة, ... إلخ) وتسمى هذه العمليات بالعمليات المنظورة (المرئية) (visibles) لكونها ملموسة ماديا وتمر عبر الجمارك.
    ترتبط دقة تسجيل هذه العمليات إلى حد بعيد بدرجة تطور النظام الجمركي وبكفاءة الأجهزة الفنية الجمركية من ناحية, وبالاستقرار الأمني الذي يحول بين حركة التجارة (الاستيراد والتصدير) غير الشرعية (عمليات التهريب) من ناحية أخرى.
    والجدير بالذكر أن القاعدة التي اعتمدها صندوق النقد الدولي في مؤلفه الصادر عنه (Manuel de la balance des paiements) تقضي بأن يغطي باب (البضائع) من حيث المبدأ قيمة السلع وخدمات التوزيع المتصلة بها عند الحدود الجمركية للاقتصاد المصدّر, على أن يتضمن ذلك ضمنا تحميل هذه السلع على ظهر وسيلة النقل (الشحن) حتى هذه الحدود, بتعبير آخر إن صادرات وواردات البضائع يجب أن تقيم FOB  عند الحدود الجمركية للبلد المصدر (وهي البيع على أساس التسليم على ظهر السفينة Free On Board).
    و في الغالب يتم تحميل السلع على ظهر وسيلة النقل عند الحدود الجمركية بواسطة الناقل, وأن الرصيد الجمركي يدون تبادلات السلع بقيمتها عند الحدود الجمركية, حيث تقوم إدارة الجمارك باحتساب الصادرات FOB (أي كلفة الصادرات محملة على ظهر السفينة عند الحدود الجمركية), إلا أن قيمة الواردات تحسب عادة (CAF/CIF) أي كلفتها FOB مضافة إليها الكلفة الإجمالية للنقل والتأمين.
    CIF:Cost Insurance Freight  : البيع يتضمن كلفة البضاعة وأجرة التأمين عليها والنقل.
    CAF: Cost and freight : البيع على أساس الكلفة زائد أجرة النقل.
    كما لا يتم احتساب العمليات الواقعة على سلع تجتاز الحدود الجمركية من دون تحويل للملكية (كعمليات الترانزيت مثلا) هذه العمليات لا تدون في باب البضائع.
    أ-2- عمليات الخدمات:
    تعتبر هذه العمليات غير منظورة (les invisibles) لأنها غير مرئية فعليا ولا تمر عبر أجهزة الجمارك, أما أهم أوجه عمليات الخدمات فهي:
    النقل والمواصلات ونشاطات شركات التأمين والمؤسسات المالية والمصرفية والنشاط السياحي والاتصالات ومجموعة أخرى من النشاطات المتفرقة التي يصعب حصرها, وأن عمليات الخدمات تحتل مكانة هامة في موازين مدفوعات البلدان المتقدمة, فالميزان التجاري البريطاني هو في حالة عجز شبه دائم, إذ انه لم يسجل فائضا في رصيده منذ بداية القرن التاسع عشر وحتى منتصف العقد المنصرم (العشرين) إلا خلال سنوات خمس, لكن العجز المذكور كان يغطى دائما بفائض ميزان الخدمات وفائض ميزان عائد رأس المال اللذين سوف يشار إليهما لاحقا.
    أ-3- عمليات عائد عنصر العمل:
    يقصد بها الرواتب والأجور والتعويضات والمكافآت التي يتقاضاها العمال المهاجرون (الوطنيون) الذين يعملون في الخارج والعمال الأجانب العاملون في بلد ما, وتسجل قيمة هذا العائد في بند التحويلات الرأسمالية من جانب واحد مثل الهبات والتبرعات والمساعدات والتعويضات والأموال التي يرسلها المهاجرون إلى بلدهم, وأصبح هذا العائد يشكل موردا هاما للعملات الأجنبية في العديد من الدول كإسبانيا والبرتغال والفليبين وسيريلانكا ومصر ولبنان والمغرب...الخ.
    أ-4- عمليات عائد رأس المال:
    يقصد بها الفوائد والأرباح التي ينتجها رأس المال الموظف أو المستثمر, فإذا كان راس المال موظفا على سبيل المثال في شراء سندات حكومية فانه ينتج فائدة, أما إذا كان موظفا في استثمار مباشر أي في مشروع ما فانه ينتج أرباحا.
    أ-5- التحويلات العامة أو الحكومية:
    تمثل التحويلات عمليات مساعدات اقتصادية ومالية (كالتعويضات, الإعانات والهبات) وهي في هذه الحالة رؤوس أموال أحادية الجانب لكنها محتسبة ضمن العمليات الجارية.
    ب- عمليات رأس المال:
    على المستوى الخارجي لا يمكن اعتبار السلع أو المعدات الانتاجية بمثابة رأس مال, كما أن انتقال مثل هذه السلع من بلد إلى آخر لا يمكن أن يعتبر انتقالا لرأس المال, بل انتقالا لنوع من السلع تدرج قيمتها في الميزان التجاري وليس في ميزان رؤوس الأموال.
    إن مفهوم رأس المال على الصعيد الخارجي هو القوة الشرائية النقدية التي تنتقل إلى الخارج من دون أن تخصص للحصول على سلع استهلاكية, على أن يقترن هذا الانتقال بعملية توظيف لهذه القوة الشرائية.
    كما يمكن اعتبار انتقال القوة الشرائية إلى الخارج غير المقرونة بنية التوظيف كانتقال لرأس المال إذا حدث في الحالات التالية: تعويضات الحروب, الهبات النقدية الدولية, المساعدات النقدية, ... إلخ.
    ب-1- أسباب انتقال رأس المال إلى الخارج: وأهمها:
    1-     الاختلاف بين أسعار الفائدة: سعر الفائدة يكون أعلى في الدول التي تشهد نقصا في رأس المال.
    2-     التفاوت في معدل الأرباح: هذا الانتقال لرأس المال يعرف بالاستثمار المباشر.
    3-     تفادي أو تجنب المخاطر.
    4-     انتقال رأس المال لأسباب سياسية: يأخذ شكل القروض أو الهبات.
    5-     انتقال رأس المال الساخن أو العائم: يتميز هذا النوع بالسرعة الفائقة في تحركه, أما أسباب تحركه فهي متعددة:
    الأرباح, المضاربة أو البحث عن الأمن, الاستفادة من فرصة إعادة تقييم سعر الصرف لعملة ما في الخارج, أو اجتناب تخفيض قيمة العملة في الداخل هذا الانتقال لرأس المال الساخن الذي حصل على الصعيد الدولي كان له تأثير هام على النظام النقدي الدولي وعلى موازين مدفوعات مختلف البلدان المتقدمة والبلدان المصنعة حديثا على حد سواء (أزمة البورصات العالمية التي حدثت سنة 1997).
    ب-2- أنواع رؤوس الأموال الدولية:
    يتوزع رأس المال الدولي بين مجموعتين رئيسيتين هما:
    المجموعة I: تتضمن رأس المال أحادي الجانب (Capital Uni Latéral)
    المجموعة II: فتشمل على الاستثمارات الدولية (Investment International)
    ب-2-1- رأس المال الأحادي الجانب: هذا النوع من رأس المال يصنف ضمن العمليات الجارية من وجهة النظر المحاسبية, إلا أنه يبقى رأس مالا من حيث طبيعته, فالبلد المتلقي لهذا النوع من رأس المال لا يترتب عليه التزامات سياسية واهم أشكال هذا النوع هي:
    -         التعويضات التي تدفعها الدول المهزومة في الحرب إلى البلدان المنتصرة أو البلدان المعتدى عليها (حرب الخليج – غزو الكويت-).
    -         الإعانات والمساعدات والهبات التي تقدمها الحكومات, أو بعض الهيئات الخاصة إلى الدول الأخرى مثل المساعدات التي قدمتها أمريكا في إطار مشروع مارشال.
    -         الأموال التي يرسلها المهاجرون إلى ذويهم في وطنهم الأم.
    ب-2-2- الاستثمار الدولي: يُنشئ هذا الاستثمار التزاما ماليا على البلد المتلقى للاستثمار على خلاف رأس المال  الأحادي الجانب, حيث يجبر الدولة المذكورة على تسديد قيمة الأصل بالإضافة إلى دفع الفوائد المترتبة ويمكن التمييز بين عدة أشكال من الاستثمارات الدولية حسب المعايير المعتمدة وهي:
    1.    من حيث الجهة القائمة: الاستثمارات الحكومية والاستثمارات الخاصة.
    2.    من حيث طبيعة الاستثمارات الدولية.
    -         استثمارات مباشرة.
    -         استثمارات في محفظة السندات.
    3.    من حيث حرية البلد المتلقي في استخدامه لرأس المال, ومعيار التمييز هنا هو استثمارات مقيدة واستثمارات حرة.
    4.    من حيث المدة الزمنية للاستثمارات الدولية واستثمارات طويلة الأجل (أكبر من سنة), واستثمارات قصيرة الأجل (أقل من سنة).
    ب-3- توزيع رؤوس الأموال بين رؤوس أموال نقدية ورؤوس أموال غير نقدية:
    تتوزع حركات رؤوس الأموال ضمن مجموعتين (Hot money. Capitaux febriles):
    -         تلك التي تقع فوق الخط (أي في الجزء الأعلى من الجدول) والمرتبطة بالحركات الاقتصادية.
    -         وتلك التي تقع في الجزء الأدنى من الجدول باعتبارها رؤوس أموال نقدية.
    ب-3-1- رؤوس الأموال غير النقدية: وتشتمل على رؤوس الأموال الطويلة الأجل وعلى جزء من رؤوس الأموال قصيرة الأجل.
    - تقسيم رؤوس الأموال الطويلة الأجل: وتنقسم إلى جزئين هما:
    ·        العمليات خارج إطار المديونية الخارجية, على شكل قروض تجارية أو قروض استثمارات مالية.
    ·        السحوبات على القروض الخارجية, وهي حركة منظمة لرأس المال.
    - رؤوس الأموال قصيرة الأجل غير المصرفية مضافة إليها التسوية: وهي رؤوس الأموال التجارية قصيرة الأجل والتسليفات المسبقة لجزء من العملية.
    ب-3-2- رؤوس الأموال النقدية: تدرج دون الخط الذي يفصل العمليات الاقتصادية (غير النقدية)عن العمليات النقدية وتتوزع حسب جزئين:
    - رؤوس الأموال المصرفية: وهي أموال والتزامات القطاع المصرفي قصيرة الأجل, أما الأصول فهي القروض التي يمنحها القطاع المصرفي إلى غير المقيمين, أما الالتزامات فهي الودائع.
    - رؤوس الأموال العامة: تعكس تغيير أصول والتزامات القطاع العام الفورية والقصيرة الأجل, وتشمل رؤوس الأموال العامة كافة الاحتياطات الرسمية(ذهب وعملات صعبة), أما الذهب فتتناول انتقال الذهب من دولة إلى أخرى كنقد وليس كسلعة, لأن انتقال الذهب كسلعة يدخل في الميزان التجاري كباقي السلع الأخرى.

    المبحث الثاني :الفائض والعجز في ميزان المدفوعات
    إن ميزان المدفوعات سيتوازن محاسبيا وباستمرار لأن أي عملية تؤثر على جانبين: أحدهما دائن والآخر مدين وبالتالي فإن ميزان المدفوعات سيتوازن محاسبيا وقد يكون هناك عجزا في الحسابات الفرعية لميزان المدفوعات كالحساب الجاري أو حساب  رأس المال.
    وقد تكون صادرات الدولة من السلع والخدمات أقل من وارداتها عن السلع والخدمات وبالتالي يكون هناك عجزا في الميزان التجاري بقيمة الفرق بين الصادرات والواردات, فإذا تم تغطية هذا الفرق بتحويلات نقدية من الخارج بنفس قيمة العجز في الميزان التجاري, فإن هذا يؤدي إلى توازن الحساب الجاري لميزان المدفوعات ويمكن تقسيم ميزان المدفوعات إلى أربعة حسابات رئيسية:
    1-    الحساب الجاري:
    ويشمل تجارة الدولة من السلع والخدمات بالإضافة إلى صافي التحويلات النقدية بدون مقابل ويحسب كما يلي :
    الحساب الجاري = صادرات الدولة من السلع والخدمات ناقصا واردات الدولة من السلع والخدمات يضاف له التحويلات الداخلة بدون مقابل ويطرح منه التحويلات الخارجية بدون مقابل.
    وعليه فالحساب الجاري = صافي صادرات الدولة من السلع والخدمات + صافي التحويلات بدون مقابل, فإذا كانت واردات الدولة من السلع والخدمات أكبر من صادرات الدولة من السلع والخدمات فإن هذا يؤدي إلى وجود عجز في الميزان التجاري أو ميزان السلع والخدمات.
    2-    الميزان الأساسي: ويضم الحساب الجاري بالإضافة إلى تدفقات رأس المال طويل الأجل.
    3-    ميزان حساب رأس المال: ويشمل ممتلكات القطاع الخاص الأجنبي من الممتلكات والأصول المحلية, ناقصا ممتلكات القطاع الخاص المحلي من الأصول الأجنبية قصيرة الاجل .
    4-    ميزان التسويات الرسمية: ويتكون من الفرق بين التغير في ممتلكات القطاع الأجنبي الرسمي من الأصول المالية المحلية, والتغير في ممتلكات القطاع المحلي الرسمي من الأصول المالية الأجنبية.
    ويمكن أن نستنتج أن : ميزان التسويات الرسمية = الميزان الأساسي + ميزان رأس المال
    المبحث الثالث :القيد في ميزان المدفوعات
    يستخدم في ميزان المدفوعات نظام القيد المزدوج أي أن أي عملية تجارية تؤثر على جانبين في ميزان المدفوعات.
    إن قيام الجزائر باستيراد القمح من أمريكا فإن ذلك سيؤثر على جانبين في ميزان المدفوعات وهما: ميزان السلع ويكون مدينا وحساب الاحتياطات ويكون دائنا بقيمة الصفقة،ويكون ميزان المدفوعات متوازنا من الناحية المحاسبة وبشكل دائم.
    كباقي المستندات المحاسبية فإن هيكل ميزان المدفوعات يجيب على العديد من الأعراف والاتفاقات, وسنأخذ موازين المدفوعات وكيفية قيد العمليات ضمن أسلوبين:
    1-  أسلوب الميزانية السنوية.
    2-  أسلوب الدائن والمدين.
    1- مبادئ القيد في ميزان المدفوعات باعتباره بمثابة ميزانية سنوية :
    إذا اعتبر ميزان المدفوعات كميزانية سنوية للتبادلات فيقتضي أن يتضمن الأصول والخصوم, وبالتالي فإن القيود يجب أن تُدرج ضمن الأصول والخصوم, ولما كانت العمليات أو الصفقات الدولية تسدد من حيث المبدأ وغالبا بالعملات الصعبة (لأن جزءا من التجارة الدولية يحصل على شكل مقايضة), فإن خروج أو دخول هذه العملات أصبح هو المعيار الأساسي في عملية قيدها, فكل عملية ينتج عنها دخول للعملات الأجنبية تسجل في الأصول , وبالمقابل كل عملية ترتب خروجا للعملات التي تدون في جانب الخصوم.
    ومن اجل التمييز بين الأصول والخصوم يستند إلى معيار أساسي هو عرض أو طلب النقد الأجنبي.
    فإذا كان نقد بلد ما مطلوبا في سوق الصرف لتسديد عملية معينة فإن قيمة هذه العملية تقيد في أصول ميزان المدفوعات.
    وإذا كان نقد بلد ما معروضا في سوق الصرف فإن قيمة هذه العملية تقيد في خصوم ذلك الميزان.
    وينطبق معيار عرض وطلب العملة الأجنبية على كافة عمليات السلع والخدمات وعائد رأس المال .
    أما بشان رأس المال , فإن البلد المصدر لرأس المال (أي البلد الدائن) يدون قيمة رأسماله المصدر في الخصوم في ميزان مدفوعاته, أما البلد المتلقي لرأس المال (البلد المدين) فإنه يقيد قيمة العملة في الأصول.
    وفيما يتعلق بالهبات والتعويضات والأموال التي يرسلها المهاجرون, يلاحظ أن البلد المانح للتعويضات أو المساعدات هو مضطر لأن يحصل على نقد البلد الذي يريد مساعدته, وهذا يعني أنه يجب عليه عرض نقده في سوق الصرف من أجل الحصول على نقد البلد المتلقي للمساعدة, استنادا لذلك يقيد البلد المانح قيمة العملية في الخصوم, أما البلد الممنوح فيقيد قيمة العملية في الأصول.
    كذلك بالنسبة لرؤوس الأموال غير النقدية الطويلة والقصيرة الأجل على حد سواء, يجب أن تطبق نفس القاعدة المشار إليها.
    كخلاصة: كل العمليات التي جرى عرضها لغاية الآن هي واقعة "فوق الخط" الذي يقسم ميزان المدفوعات, أما حركات رؤوس الأموال النقدية فهي تقع "تحت الخط" المذكور, العمليات الواقعة فوق الخط تعرف بالعمليات الإقتصادية , أما العمليات الواقعة تحت الخط فتعرف بالعمليات النقدية.
    وبذلك يصبح ميزان المدفوعات متوازنا بحكم الضرورة, أي أن مجموع الأصول = مجموع الخصوم فالذي يظهر حالة العجز او الفائض هو في الواقع ميزان العمليات الاقتصادية, ( الحساب الجاري) حيث يتقرر على أساسه ما إذا كان البلد دائنا أو مدينا للخارج, هذا الرصيد يسوى على اثر تدخل السلطات النقدية التي تمتص الزيادة في الإيرادات عند تحقق الفائض أو على العكس تقدم هذه السلطات على الاقتطاع من الاحتياطات النقدية لتسديد العجز أو اللجوء إلى صندوق النقد الدولي لأجل تلك الغاية.

    جدول رقم (2) : القيد في ميزان المدفوعات تحت بابي الخصوم والأصول

    أصول
    خصوم
    -         صادرات.
    -         خدمات مقبوضة(نقل, سياحة, مداخيل رؤوس الأموال المستثمرة في الخارج, أتاوات مقبوضة على البراءات والشهادات).
    -         تحويل مدخرات العمال المهاجرين وهبات مقبوضة من الخارج (خاصة وحكومية).
    -         استثمارات وقروض حكومية متأتية من الخارج.
    -         رؤوس أموال قصيرة الأجل غير مصرفية مستلمة من القطاع الخاص غير المصرفي.
    -         واردات.
    -         خدمات مدفوعة (نقل, سياحة, مداخيل رؤوس الأموال الأجنبية المستثمرة في الداخل, أتاوات مدفوعة على البراءات والشهادات).
    -         خروج مدخرات العمال الأجانب وهبات مقدمة إلى الخارج (خاصة وحكومية).
    -         استثمارات مقامة في الخارج وقروض حكومية ممنوحة.
    -         رؤوس أموال قصيرة الأجل غير مقرضة بواسطة القطاع الخاص المصرفي.
    -         زيادة الالتزامات قصيرة الأجل للقطاع الخاص المصرفي أو تدني أصوله.
    -         زيادة مديونية القطاع الرسمي (مصرف مركزي+ خزينة), تجاه باقي البنوك التجارية أو خفض احتياطاته بالذهب والعملات الصعبة وحقوق السحب الخاصة.
    -         زيادة أصول القطاع المصرفي أو تدني التزاماته.
    -         زيادة احتياطات القطاع الرسمي (مصرف مركزي+ خزينة), بالذهب والعملات الصعبة وحقوق السحب الخاصة ...إلخ أو تدني التزاماته.

    وإذا كان قيد العمليات في ميزان المدفوعات يخضع من الوجهة النظرية لمبدأ المحاسبة المزدوجة, أي ان قيمة العملية الواحدة يتم قيدها مرتين , فإن قيد العمليات لا يجري عمليا حسب مبدأ المحاسبة المزدوجة, وهذا ما  تم إيضاحه سابقا, أما مبدأ المحاسبة المزدوجة فسوف يتم فيما يلي:
    2- مبادئ القيد في ميزان المدفوعات طبقا للمحاسبة المزدوجة دائن (له) (Crédit) ومدين (منه) (Débit):
    حسب هذه الزاوية القيد المزدوج فهو يعتبر حساب يشتمل على جانب المدين وجانب الدائن.
    ففي الجانب الدائن: تسجل كافة عمليات البيع بما فيها بيع الأصول من قبل المقيمين إلى غير المقيمين (سواء كانت هذه الأصول بضائع أو أسهم أو عملات ...إلخ).
    أما في الجانب المدين: فتسجل كافة عمليات الشراء بما فيها حيازة كافة نماذج الأصول التي يجريها المقيمين مع غير المقيمين.
    يجب تطبيق القاعدة على كافة أنواع الأصول, فتسديد العملات الصعبة إلى الخارج بواسطة أحد المقيمين يسجل في الجانب الدائن لأنه يترتب على ذلك بيع لأصول نقدية, كذلك البيع لسهم أو سند معين من قبل مقيم إلى غير مقيم يدون في الجانب الدائن لأن البيع وقع على أصل مالي.
    في المقابل حيازة العملات الصعبة بواسطة أحد المقيمين تسجل في جانب المدين, كذلك شراء اسهم معينة بواسطة أحد المقيمين من غير مقيم يسجل أيضا في جانب المدين(منه) وعليه فإن الزيادة في التزامات أحد المقيمين تجاه غير المقيمين هي شبيهة ببيع أو تحويل أحد أنواع الأصول, لذلك فهي تسجل في الجانب الدائن (له), وبالمقابل كل نقص في التزامات (تقلص ديون) أحد المقيمين تجاه غير المقيمين يسجل في الجانب المدين (منه).
    الدائن Crédit : انخفاض الأصول أو زيادة الالتزامات.
    المدين Débit : زيادة الأصول وانخفاض الالتزامات.
    إن كل عملية تجري بين مقيم وغير مقيم, يترتب عليها قيد محاسبي في ميزان المدفوعات (تحت عمود الدائن او تحت عمود المدين), ولكي يتحقق التوازن في الميزان المذكور يقتضي إدراج مبدأ آخر مقابل وبنفس القيمة (تحت العمود الآخر).
    إذا كانت القيود لا يشوبها الخطأ فإن مجاميع الدائن والمدين يفترض أن تكون متساوية تماما, لكنه توجد العديد من حالات الخطأ والسهو التي تحول دون التوازن التام, والتي سوف يجري التطرق إليها لاحقا, لذلك فإن إضافة كافة قيود الخطأ والسهو تجعل من ميزان المدفوعات مستندا محاسبيا متوازنا.
    أمثلة حول عمليات القيد :
    أ- إذا افترضنا بأن مشروعا مقيما معينا قام بتصدير بضائع بقيمة 100 مليون دج عملية التصدير هذه هي بمثابة بيع (تحويل) لأصول حقيقية, وبالتالي يتوجب تسجيلها في جانب الدائن تحت باب "الصادرات والواردات من البضائع", في المقابل هذا البيع للسلع قد يترتب عليه تسديد يمكن ان يأخذ أشكالا عدة, فإذا كان هناك شراء مقابل للبضائع وبذات الوقت, فإن العملية تسجل في جانب المدين تحت نفس الباب السابق أي "الصادرات والواردات من البضائع" لأنه جرت الحيازة لأصول حقيقية بواسطة المشروع المقيم حسب الجدول التالي:
    جدول رقم(3) : التبادل بالمقابل أي تسديد الصادرات بالواردات

    البيان
    دائن
    مدين
    الصادرات من البضائع
    الواردات من البضائع
    100
    -
    -
    100

    ب- إذا كان تسديد ثمن البضائع المصدرة قد حصل على الفور وبالعملات الصعبة فإن المشروع المقيم سوف يتلقى ما يوازي 100 مليون دج بالعملات الصعبة ويضعها في حسابه المصرفي, على إثر ذلك فإن رصيد البلد بالعملات الصعبة سوف يزداد بقيمة 100 مليون دج, هذه الزيادة على الأصول تسجل في الجانب المدين تحت باب أصول والتزامات بالعملات الصعبة حسب الجدول التالي:
                  جدول رقم(4) : تسديد الصادرات بأصول والتزامات بالعملات الصعبة
    البيان
    دائن
    مدين
    الصادرات من البضائع
    أصول بالعملات الصعبة
    100
    -
    -
    100






    ج- وإذا كان المشروع المقيم الذي يقوم بالتصدير قد منح للمشروع غير المقيم المستورد قرضا تجاريا قصير الأجل (ذا استحقاق دون سنة), فإن هذا الأول يتلقى سندا ممثلا لهذا القرض نتيجة لما تقدم, فإن رصيد محفظة السندات القصيرة الأجل التي يمتلكها البلد المذكور آنفا سوف يرتفع, وهذا يعني ان هناك زيادة قد طرأت على الأموال أو الحقوق قصيرة الأجل العائدة إلى البلد المصدر, والتي تأخذ شكل قروض تجارية, الزيادة المشار إليها على الأصول تدون في الجانب المدين حسب القاعدة الواردة سابقا وذلك تحت باب قروض تجارية قصيرة الأجل حسب الجدول التالي:

    جدول رقم (5) : تسديد الصادرات بقروض تجارية قصيرة الأجل
    البيان
    دائن
    مدين
    الصادرات من البضائع
    قروض تجارية قصيرة الأجل
    100
    -
    -
    100

    د- وإذا افترضنا بأن القرض التجاري قد استحق قبل نهاية العام, وان المشروع غير المقيم المستورد سدد القرض المستحق بواسطة العملات الصعبة, فهذا التسديد للقرض يستتبع بالنسبة للمشروع المقيم زوال السلفة التي كان يمتلكها, والتي تأخذ شكل القرض التجاري, هذا الانخفاض في الأصول المالية العائدة للبلد المصدر يسجل في الجانب الدائن ككل انخفاض في الأصول, وذلك تحت باب "قروض تجارية قصيرة الأجل", أما تسديد العملات الصعبة الذي يحصل في المقابل فهو يأتي ليزيد رصيد البلد المصدر بتلك العملات ويسجل في الجانب المدين تحت باب "أصول والتزامات بالعملات الصعبة" حسب الجدول التالي:

    جدول رقم (6) : تسديد قروض قصيرة الأجل بواسطة العملات الصعبة
    البيان
    دائن
    مدين
    قروض تجارية قصيرة الأجل
    أصول بالعملات الصعبة
    100
    -
    -
    100

    هـ- كذلك فإن التصدير لبضائع بقيمة 100 مليون دج بواسطة المشروع المقيم قد يترتب عليه أيضا قرض تجاري طويل الأجل (لمدة تتجاوز سنة), وفي هذه الحالة تدون قيمة الصادرات في الجانب الدائن تحت باب "الصادرات والواردات من البضائع", أما في الجانب المدين فيسجل المقابل تحت باب "قروض تجارية طويلة الأجل", عملية القيد هذه تظهر في الجدول التالي:

    جدول رقم (7) : الصادرات الممولة بقرض طويل الأجل
    البيان
    دائن
    مدين
    الصادرات من البضائع
    قروض تجارية طويلة الأجل
    100
    -
    -
    100

    و- أما إذا كان تسديد ثمن الصادرات قد حصل نقدا وبالعملة الوطنية (دج), فإن الرصيد النقدي بالدينار الجزائري الذي يحوزه غير المقيمين يتدنى بذات القيمة, هذا التسديد بالعملة الوطنية يعتبر بمثابة تدن أو انخفاض لالتزامات المقيمين, ذلك لأن النقد الوطني الذي يحوزه غير المقيمين هو بمثابة التزام المقيمين تجاه الخارج, وبالعودة إلى القاعدة التي تم إيضاحها, فإن انخفاض الالتزامات هو شبيه بزيادة الأصول أو الحقوق ويسجل في الجانب المدين, لذلك فإن التسديد بالنقد الوطني يتوجب تسجيلها في الجانب المدين تحت باب "أصول والتزامات بالنقد الوطني "أي بالدينار الجزائري في المثال الحالي حسب الجدول التالي:

    جدول رقم (8) : الصادرات المسددة فورا بالنقد الوطني
    البيان
    دائن
    مدين
    الصادرات من البضائع
    أصول (حقوق) بالنقد الوطني
    100
    -
    -
    100

    بالإضافة إلى الأمثلة الواردة أعلاه تجدر الإشارة إلى بعض الأمثلة الأخرى التي تسمح ببيان كيفية قيد العمليات الرئيسية التالية:
    -             تصدير البضائع وبيع الخدمات إلى الخارج تسجل في الجانب الدائن Crédit.
    -             استيراد البضائع وشراء الخدمات إلى الخارج تسجل في الجانب المدين Débit.
    -             شراء الأسهم والسندات طويلة وقصيرة الأجل للخارج (أي حيازة رأس المال من قبل المقيمين) يسجل في الجانب المدين.
    -             بيع الأسهم والسندات قصيرة وطويلة الأجل للخارج (أي حيازة رأس المال بواسطة غير المقيمين) يسجل في الجانب الدائن.
    -             حيازة العملات الصعبة والنقد الوطني بواسطة المقيمين والمدفوع من قبل غير المقيمين تسجل في الجانب المدين.
    -             تسديد العملات الصعبة والنقد الوطني من قبل المقيمين إلى غير المقيمين يسجل في الجانب الدائن.
    هذه هي بإيجاز أهم العمليات التي يمكن أن ترد في إطار ميزان المدفوعات.
    أما باقي العمليات الأخرى فسوف تظهر خلال معالجة الأرصدة التي يتضمنها الميزان المذكور.
    عمليات قيد الصفقات المجانية :
    الصفقة المجانية أو الهبة هي تلك التي لا يوجد لها مقابل, وللحفاظ على مبدأ التوازن المحاسبي تم التوافق على القيد المزدوج لكل صفقة مجانية.
    -         القيد الأول : يتم على أساس التدفق flux الحاصل لصالح المقيمين أو غير المقيمين.
    -         أما القيد الموازن: فيظهر في حساب خاص يعرف بـ "التحويلات دون مقابل".
    وعندما يقدم مقيم على منح هبة إلى غير مقيم, فهذا يعني تحويل أو نقل نموذج معين من الأصول بواسطة أحد المقيمين إلى الخارج, وبالتالي قيد العملية في الجانب الدائن (credit), أما المقابل لهذا القيد يدون في الجانب المدين (débit) تحت باب "تحويلات دون مقابل" ,أما إذا كانت الهبة ممنوحة من غير مقيم لصالح مقيم فإن البنود تدون على وجه معاكس.
    فإذا أقدمت الجزائر على تقديم هبة عينية بقيمة 700 مليون سنتيم لأحد البلدان التي قد كان تعرض لكارثة طبيعية, فهذه الهبة هي شبيهة بالتصدير للبضائع من حيث طبيعة التدفق باتجاه الخارج, بالتأكيد تدون قيمة هذه الهبة في الجانب الدائن , أما المقابل المحاسبي فيتم قيده في الجانب المدين تحت باب "تحويلات دون مقابل للقطاع العام".

    جدول رقم (9) : هبة عينية من الدولة إلى بلد أجنبي
    البيان
    دائن
    مدين
    الصادرات من البضائع
    تحويلات دون مقابل الى العالم الخارجي
    700
    -
    -
    700

    وعلى عكس ما سبق إذا تلقت الدولة الجزائرية معونة مالية بالدولار الأمريكي توازي قيمتها 15 مليار سنتيم مقدمة من  الولايات المتحدة الأمريكية فهذا التحويل يأتي ليزيد رصيد الجزائر بالعملات الصعبة, ويدون في الجانب المدين, فالقيد المحاسبي المقابل يدون في الجانب الدائن تحت باب "تحويلات بدون مقابل للقطاع العام" حسب الجدول التالي:

    جدول رقم (10) : معونة بالعملات الصعبة محولة لصالح الجزائر (بملايين الدنانير)
    البيان
    دائن
    مدين
    تحويلات دون مقابل للقطاع العام من الخارج
    أصول (حقوق) بالعملات الصعبة
    15000
    -
    -
    15000



    المبحث الرابع  :تأثير مراقبة الصرف على إعادة التوازن إلى ميزان المدفوعات
    هناك جهاز حكومي يثبت سعر الصرف ويحدد المبادلات, وقد بدأت في الاتحاد السوفياتي, كما اعتمدت بعد عام 1933 في كل من ألمانيا وإيطاليا, واستحدثت في بعض البلدان أثناء الحرب العالمية II.
    وحاليا لازالت العديد من دول العالم الثالث تستخدم هذه التقنية, وفي فرنسا تم تنظيم مراقبة الصرف بتاريخ 9 أيلول 1939.
    1- مراقبة الصرف كوسيلة لمواجهة المضاربة الهادفة إلى خفض قيمة النقد الوطني :
    تحدث مراقبة الصرف إما من خلال مراقبة العمليات الجارية, وإما من خلال مراقبة حركات رؤوس الأموال, هذه المراقبة قد يهدف إلى تسهيلها عبر إلزامية حصول عمليات الصرف بواسطة "مصارف معتمدة " (Banques Agrées), على أن تتحمل هذه الأخيرة مسؤولياتها كاملة في هذا الصدد.
     وقد تصبح مجموعة قواعد المراقبة أكثر مرونة كلما طرأ تحسن عل ميزان المدفوعات أو طرأت زيادة على احتياطات الصرف.
    أ- مراقبة العمليات الجارية:
    عند القيام بعمليات تصدير واستيراد يمكن أن تحصل عمليات تحويل لرؤوس الأموال في حال عدم اتخاذ السلطات المختصة بعض الاحتياطات الاحترازية, وتلجأ السلطات إلى وضع العديد من الإجراءات التي تطبق فقط على التسديدات, وليست على عمليات التصدير والاستيراد في حد ذاتها التي تبقى محررة من كل قيد.
    هذه الإجراءات تتركز في جعل كل عملية تسديد دولية تمر حتما عبر المصارف, وهذا يسمح بضبط (مراقبة) تطبيق الإجراءات الواردة أدناه بواسطة النظام المصرفي:-
    -         منع تسديد المستوردات مسبقا.
    -         إلزام المصدر بإدخال عائدات الصادرات من العملات الصعبة.
    -         تحديد سقف المبلغ من العملات الصعبة المخصص للسائح (Allocation touristique).
    لا تهدف مراقبة الصرف إلى منع العمليات الجارية على السلع (صادرات وواردات) والخدمات, إن الغاية من مراقبة الصرف هي بشكل عام الإشراف على تسديد العمليات الجارية من خلال الإجراءات الأساسية التالية:
    1- تحديد آجال التسديد عبر الإجرائين التاليين:
    -         إلزامية إدخال العملات الأجنبية الناتجة عن التصدير الوطني: توضع آجال قصوى لهذا الإدخال تختلف من بلد إلى أخر, على أن يبدأ احتسابها من وصول الصادرات إلى مستورديها (العملات الأجنبية تباع في سوق الصرف الداخلي خلال مدة تحددها السلطات النقدية) .
    -         منع التغطية لأجل لثمن المستوردات: في البداية لا يستطيع المستوردون تسديد وارداتهم قبل أن تخلص من الجمارك, بالإضافة إلى ذلك لا يمكن لهؤلاء الإقدام على الشراء لأجل العملات الأجنبية الضرورية لتسديد عملياتهم.
    2- تحديد مبلغ العملات الأجنبية المخصصة للأفراد:
    يحصل الأفراد على العملات الأجنبية مقابل النقد الوطني على أساس سعر الصرف المحدد, يشترط أن تكون مخصصة من اجل الرحلات السياحية أو رحلات الأعمال, على أن يتم تحديد عدد هذه الرحلات سنويا.
    ب- مراقبة حركات رؤوس الأموال باتجاه الخارج:
    -       مراقبة الاستثمارات المباشرة: منع المشروعات الوطنية من إخراج العملات الصعبة وحضها على تمويل استثماراتها في الخارج بقروض خارجية, وتشجيع تحويل رؤوس الأموال الأجنبية إلى الداخل.
    -       مراقبة عمليات التوظيفات بالأوراق المالية الأجنبية: يمنع على المقيمين شراء الأوراق المالية الأجنبية من غير المقيمين .
    -       منع استيراد الذهب : السعر يتحدد داخليا عن طريق العرض والطلب.
    -       عزل سوق الأوراق النقدية الوطنية الموجودة في الخارج: وهذا ينتج عن منع المصارف الوطنية من استرجاع الأوراق النقدية الوطنية التي تحوزها المصارف الأجنبية لتجنب ان تشكل الأوراق النقدية الخارجة خفية أصولا نقدية للمقيمين وقابلة للتحويل إلى عملات أجنبية.
    -       إجراءات لمراقبة الوضعية المصرفية: بمنع المصارف من تكوين أصول بالعملات الصعبة ومنع المصارف من إقراض النقد الوطني إلى مراسلين في الخارج (مصارف أجنبية) حتى لا يضارب هؤلاء على تخفيض محتمل للعملة الوطنية.
    ج- مجابهة دخول رؤوس الأموال:
    يتوجب على السلطات النقدية مجابهة تدفق رؤوس الأموال المضاربة الباحثة عن ارتفاع لاحق في سعر الصرف والتي تغذي خلقا مفرطا للنقد, وتخفض معدلات الفائدة, مما قد يبعث على إنعاش الضغوطات التضخمية, ولمجابهة ذلك تستطيع السلطات النقدية ان تستعمل ثلاث (3) مجموعات أساسية من الإجراءات:
    1-     تأطير الودائع بالنقد الوطني العائد لغير المقيمين.
    2-     إنشاء سوق صرف مزدوجة.
    3-     تحديد قروض المقيمين القادمة من الخارج.
    ج-1- تاطير الودائع بالنقد الوطني لغير المقيمين:
    يستطيع غير المقيمين بيع العملات الأجنبية في أسواق الصرف, مقابل شرائهم للنقد الوطني الذي يوضع في حساب دائن مفتوح لدى أحد المصارف العاملة في الداخل, هدف غير المقيمين من ذلك هو الاحتفاظ بالنقد الوطني في الحساب المصرفي بانتظار ارتفاع لاحق في سعر الصرف, لثني غير المقيمين من الاحتفاظ بالنقد الوطني في الحسابات المذكورة وفي سبيل عدم تشجيع تدفق رؤوس الأموال بالإمكان اتخاذ عدد من الإجراءات وهي على سبيل المثال:
    -         إلغاء الفوائد على هذه الودائع.
    -         فرض معدل احتياط إلزامي خاص على هذه الودائع (100% على سبيل المثال).
    -         إجبار المصارف التجارية المقيمة على عرض معدلات تعويض (معدل فائدة) متدنية على ودائع غير المقيمين تكون أدنى إلى حد بعيد من معدلات التعويض السائدة في الخارج.
    -         تأطير ما يسمى بوضعية المصارف بالعملات الأجنبية وبالنقد الوطني, فبموجب هذا الإجراء التنظيمي لا يستطيع المصرف قبول وديعة بالنقد الوطني من غير مقيم إلا إذا تمكن من منح قرض بالنقد الوطني على غير مقيم.
    ج-2- إنشاء سوق صرف مزدوجة:
    عندما يكون ميزان المدفوعات الجارية في حالة توازن تقريبي وعندما تتجه حركات المضاربة إلى التسبب في تدفق كثيف لرؤوس الأموال, يبدأ التفكير حينها في انشاء سوق صرف مزدوجة, السوق الرسمي هو تقريبا متوازن وليس على السلطات النقدية التدخل من اجل حماية سعر (معدل) التكافؤ.
    في المقابل إن ارتفاع سعر الصرف –الذي ينجم عن الفائض في الطلب على النقد الوطني في السوق المالية- من اجل تمويل العمليات غير التجارية يميل إلى منع غير المقيمين عن التوظيف بهذا النقد, لأنه يتوجب عليهم شراؤه بسعر أعلى من سعره الرسمي.
    ج-3- وضع حدود لقروض المقيمين القادمة من الخارج:
    تلجأ السلطات النقدية من أجل تعزيز احتياطاتها في فترة الضعف النسبي لنقدها في أسواق الصرف إلى تشجيع المشروعات التابعة للقطاعين الخاص والعام على الاستدانة من الخارج, ووضع حد لمبلغ هذه القروض مع اخضاع تحققها (تنفيذها) إلى موافقة السلطات النقدية المسبقة.
    2- مراقبة الصرف كوسيلة لمواجهة المضاربة الهادفة إلى رفع قيمة النقد الوطني :
    إن مسألة مراقبة الصرف ليست من أجل التصدي لخروج العملات الصعبة, بل لمجابهة الدخول الكثيف المحتمل للنقد الأجنبي وتحويله إلى نقد وطني, هذه العمليات الناتجة عن المضاربة على النقد الأجنبي تنذر بأن تؤدي إلى رفع قيمة النقد الوطني الذي ينعكس سلبا على الصادرات ويزيد من تدفق الواردات وتتركز الإجراءات فيما يلي:
    أ- استخدام بعض الآليات التقليدية الشائعة:
    يمكن تكرار بعض الآليات السابقة ولكن لاستخدامها لأهداف معاكسة وأبرز هذه الآليات:
    -            التأثير على آجال التسديد (Termes de paiement, Leads Lags): ويستخدم هذا الإجراء أيضا لإرغام المستوردين على التسديد العاجل لمستورداتهم خلال فترة محددة تبدأ اعتبارا من تاريخ تخليص هذه المستوردات من الجمارك.
    -            تحديد وضعية المصارف تجاه الخارج, على أثر منعها من ترك وضعياتها تتدهور سواء كانت بالنقد الوطني أو بالنقد الأجنبي, تجنبا للمضاربة على ارتفاع النقد الوطني, هذه المضاربة تأخذ شكل بيع للعملات الأجنبية وتكوين ودائع بالنقد الوطني.
    -            اعتماد الإجراءات التي تهدف  إلى تقييد أو تحديد الاستثمارات المباشرة الأجنبية في الداخل (ضمن مجال الإقتصاد الوطني).
    -            تغطية أصول (ودائع) المقيمين الجدد بنسبة مئوية مرتفعة من الاحتياطات الإلزامية لدى المصرف المركزي.
    ب- إنشاء آلية الصرف المزدوج:
    بمقتضى هذه الآلية تتجزأ عمليات الصرف طبقا لطبيعتها, فالعمليات التجارية تنجز في سوق الصرف المسمى رسميا (Official), لأن المصرف المركزي يتدخل في هذه السوق للحفاظ على سعر النقد الوطني, داخل هوامش تقلب تحددها الاتفاقيات الدولية, أما باقي العمليات الأخرى فهي تتبع للسوق الحرة التي يتحدد فيها سعر العملة طبقا لقانون العرض والطلب في السوق الرسمية النقد الوطني المستخدم لأغراض التجارية هو ذو سعر صرف رسمي ثابت.
    أما في السوق الحرة فسعر صرف النقد الوطني المستخدم للأغراض المالية قد يكون عائما أو مرنا.
    3- إيجابيات وسلبيات ضبط الصرف :
    إذا كان ضبط الصرف يسمح بالتخفيف المؤقت من الضغوطات على الأسواق فهذا عائد إلى إجراءات الضبط التي تتيح تحديد حجم العمليات المعتبرة ذات طابع مضارب بحت, وإلى كون إجبار المصدرين على البيع السريع للعملات الأجنبية المتلقاة نتيجة التصدير, وكذلك منع المستوردين من الحصول مسبقا على العملات الأجنبية الضرورية من اجل تسديد عملياتهم, يؤدي إلى تخفيف الضغط مؤقتا عن سوق الصرف.
    إلا أن مساهمة هذه الإجراءات في تمويل ميزان مدفوعات غير متوازن لا يمكن أن يكون لها سوى تأثيرا مؤقتا, لأنه على الرغم من هذه الإجراءات سوف يظهر في هذه السوق (سوق الصرف) عاجلا أم آجلا, عدم التوازن الصافي في ميزان المدفوعات الجارية مضافا إليه عمليات المضاربة التي يقف خلفها غير المقيمين (والتي ليس لضبط الصرف تأثير مباشر عليها), أو المقيمون (عمليات الغش والعمليات التي لا تخضع للضبط والقانون).
    وهناك مساوئ تترتب عليها كلفة مرتفعة نسبيا يقع عبؤها على المجتمع, ويتوضح ذلك بإيجاز من خلال التالي:
    ·        تطبيق تنظيم الصرف يفرض تخصيص جهاز إداري ضاغط ليس فقط في الإدارات العامة بل أيضا في المصارف التي تجبر على إنشاء وتطوير أقسام ودوائر للضبط والمراقبة.
    ·        ممارسة التأثير على نظام الصرف يعني التأثير على النتائج بدلا من التأثير على الأسباب, فعدم التوازنات الخارجية تجد سببها الأساسي في التوازنات الداخلية ومعالجة ذلك تبدأ من التأثير على الوضع الاقتصادي الداخلي, وإذا لم يحصل ذلك فهناك انحرافات سوف تظهر وتعرض للخطر النمو الاقتصادي في المستقبل.