-->

الأشراط الكبرى للساعة في ضوء القرآن الكريم

الأشراط الكبرى للساعة في ضوء القرآن الكريم
    د. جمال محمود الهوبي
    أستاذ التفسير المساعد – كلية أصول الدين
    الجامعة الإسلامية – غزة – فلسطين
    بسم الله الرحمن الرحيم
    ملخص البحث
    الأشراط الكبرى للساعة
    في ضوء القرآن الكريم
                  إن سبب كتابتي لهذا البحث انشغال كثير من الناس بدنياهم وشغفهم بها ، وقلة إقبالهم على الآخرة بالطاعات ، وجهلهم بأشراط الساعة رغم تحقق أكثر صغيرها ، وقرب وقوع كبيرها .
                  وقد تناول البحث موضوع : (الأشراط الكبرى للساعة – في ضوء القرآن الكريم) بالدراسة الموضوعية والمنهج الوصفي التحليلي المبني على الاستدلال ، والتحليل ، ودقة الترجيح ، وعمق الاستنباط .
                  وأثبت البحث بالأدلة أن أشراط الساعة الكبرى في القرآن الكريم خمسة وهي :
    1- نزول عيسى عليه السلام .                            2- خروج يأجوج ومأجوج .
    3- طلوع الشمس من مغربها .                            4- خروج الدابة .                    5- ظهور الدخان .
                  وقد عرف المبحث الأول الشرط والألفاظ ذات الصلة ، ووضح أقسام أشراط الساعة وترتيبها ، وبين آثار العلم بها ، واختصاص الله بعلم الساعة .
                  وقد فصل المبحث الثاني الحديث عن كل شرطٍ على حدة وذلك بإثباته بالأدلة ، وتفسير آياته القرآنية ، وذكر الأحوال بعد وقوعه ، ووجوه إعجازه ، وآثار وقوعه .
                  ثم كانت الخاتمة التي اشتملت على أهم النتائج والتوصيات .
    ABSTRACT
                  This is Quranic subjective studied about the greatness indication for the hour of resurrection.
                  The researcher deals with subject, because most of people neglected that day.
                  The study depends on analytical and description methodology.
                  The study speaks by evidence about five main points:
    1-     The ledown of Jessess.
    2-     Yajoja and majoje will be appeeard.
    3-     Animal will come out.
    4-     Appearing for Adjal.
    5-     Sun will raise from west.
    The study dentify the meaing of indication of resurrection, divigen, and the trace.
    Finally the research have conclugine.



    المقدمة
                  الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الأمين  ، أما بعد :
    أهمية البحث :
                  تتمثل أهمية البحث في تعريف المسلمين بعلم الأشراط الكبرى للساعة المعتمد على الأدلة من القرآن والسنة ، وبيان أهميته وخطورته وآثاره على الناس ، إضافة إلى إثبات قرب وقوع تلك الأشراط .
    ثانياً : أهداف البحث :
    1- إثبات ضرورة تعلم علم أشراط الساعة وتعليمه ، وفي ذلك إرضاءٌ لله تعالى .
    2- بيان وتوضيح الأشراط الكبرى للساعة ، ومتعلقاتها ، ووجوه إعجازها وآثارها .
    3- العصمة من الفتن وآثارها الخطيرة على الدين والدنيا المتضمنة في أشراط الساعة .
    4- المبادرة إلى الزهد في الدنيا ، والإقبال على الله بالطاعة ، لأن أكثر العلامات الصغرى للساعة قد انقضى ، ونحن بين يدي العلامات الكبرى لها .
    ثالثاً : منهج البحث :
                  تناول الباحث موضوع (الأشراط الكبرى للساعة – في ضوء القرآن الكريم) بالدراسة الموضوعية والمنهج الوصفي التحليلي المبني على : الاستدلال ، والتحليل ، ودقة الربط والترجيح ، وعمق الاستنباط .
    رابعاً : خطة البحث :
                  ولتحقيق هدف البحث جعلته في مبحثين وخاتمة وفهرس كما يلي :
    المبحث الأول : تعريف الأشراط وأقسامها وترتيبها وأثرها .
    المطلب الأول : معنى أشراط والألفاظ ذات الصلة .
    المطلب الثاني : أقسام أشراط الساعة وترتيبها .
    المطلب الثالث : أثر العلم بأشراط الساعة .              المطلب الرابع : العلم بالساعة وأشراطها .
    المبحث الثاني : الأشراط الكبرى للساعة .
    المطلب الأول : نزول عيسى عليه السلام .              المطلب الثاني : خروج يأجوج ومأجوج .
    المطلب الثالث : طلوع الشمس من مغربها .              المطلب الرابع : خروج الدابة .
    المطلب الخامس : ظهور الدخان .
                  كل مطلب يشتمل على : أولاً : إثبات الشرط بالأدلة .              ثانياً : تفسير آياته القرآنية.   ثالثاً : الأحوال بعد وقوعه .              رابعاً : وجوه إعجازه .                 خامساً : آثار وقوعه .
    الخاتمة : أهم النتائج والتوصيات .
    فهرس المصادر والمراجع                                                            الباحث : د. جمال محمود الهوبي

    المبحث الأول

    تعريف الأشراط وأقسامها وترتيبها وأثرها

    المطلب الأول : معنى أشراط والألفاظ ذات الصلة :

    أولاً : معنى أشراط :
                  الشَّرَطُ لغة : العلامة ، والجمع : أشراط ، أي : علامات ، وللفظ معاني لغوية أخرى مثل : أشراط الشيء أوائله ([1]) .
                  وأشراط الساعة اصطلاحاً : أي علاماتها وأماراتها ، وقد ورد هذا اللفظ في قوله تعالى :  فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا  (محمد: 18) . قال المفسرون : أي فقد جاء أمارات وعلامات الساعة كمبعث النبي  وانشقاق القمر ([2]) .
    ثانياً : معنى آيات :
                  الآية لغة : العلامة ، والجمـع : آيات ، وآيٌ ، وآيايٌ ، واللفظ له معاني لغوية أخرى ([3]) .
                  وآيات الساعة اصطلاحاً : أي : أشراطها وعلاماتها وأماراتها الدالة عليها ، وقد ورد هذا اللفظ في قوله تعالى :  هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ  (الأنعام: 158) .
                  ذهب أكثر المفسرين أن المراد بقوله :  أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ  هو أشراط الساعة وعلاماتها ([4]) ، قال الرازي : "وأجمعـوا على أن المراد بهذه الآيات علامات القيامة" ([5]) .
                  واللفظ له معانـي اصطلاحيـة أخـرى ، فيقصـد به الآيـة القرآنية لقوله تعالى :  مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ  (البقرة: 106) ويقصد به : معجزات الأنبياء لقوله تعالى :  هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً  (الأعراف: 73) وغير ذلك .

    ثالثاً : معنى أمارات :
                  الأمارُ والأمارة لغة : العلامـة ، ويجمع على : أمارات ، وله معاني لغوية أخرى مثل : الموعد والوقت المحدود ([6]) .
                  وأمارات الساعة اصطلاحاً : أي : أشراطها وعلاماتها ، وقد ورد هذا اللفظ في حديث جبريل عليه السلام عن عمر رضي الله عنه : "... قال ([7]) : فأخبرني عن الساعة ؟ قال ([8]) : (ما المسئول عنها بأعلم من السائل) قال : فأخبرني عن أماراتها ؟ قال : (أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان) ([9]) .
                  قال شراح الحديث : أماراتها أي : علاماتها وأشراطها ([10]) .
    رابعاً : معنى علامات :
                  العَلَم لغة : العلامة ، والجمع : العلامات ، والعلامة السيما وما يدل على شيء ، وله معاني لغوية أخرى ، فالعَلَمُ : الجبلُ ، والثوب ، والراية ([11]) .... الخ .
                  وعلامات الساعة اصطلاحاً : أشراطها وأماراتها الدالة عليها ، وقد ورد هذا اللفظ في قراءة ابن عباس وأبي هريرة وأبي مالك الغفاري وزيد بن علي في قوله تعالى :  وَإِنَّهُ لَعَلَمٌٌ لِلسَّاعَةِ  (الزخرف: 61) أي : نزول عيسى عليه السلام لشرط وعلامة على قرب القيامة ([12]) .
                  (قلت) والكلمات الأربعة : أشراط الساعة ، وآيات الساعة ، وأمارات الساعة ، وعلامات الساعة تدل على شيء واحد ، فهي مختلفة المبنى متحدة المعنى ، مترادفة اصطلاحاً .

    خامساً : معنى الساعة والقيامة :
                  الساعة لغة : الوقت الحاضر ، والجزء القليل من الليل والنهار ، تقول : جلست عندك ساعة ، والجزء من الأربعة وعشرين جزءاً هي مجموع اليوم والليلة . والجمع سَاعاتٌ ، وساعٌ ، وتصغيرها : سويعة .
                  والساعة اصطلاحاً : يوم القيامة ، قال الزجاج : معنى الساعة في كل القرآن الوقت الذي تقوم فيه القيامة . قال ابن منظور : يريد أنها ساعة خفيفة يحدث فيها أمرٌ عظيم ، فلقلة الوقت الذي تقوم فيها سماها ساعة ([13]) ، وقال القرطبي : "سميت القيامة بالساعة لسرعة الحساب فيها" ([14]) ، وقد ورد لفظ القيامة في القرآن سبعين مرة ([15]) .
                  والقيامة لغة : من القيام وهو : نقيض الجلوس ، ومن معانيه : العزم ([16]) .
                  والقيامة اصطلاحاً : يوم البعث والحساب ، وسمي بذلك لأن الناس يقومون من قبورهم وموتهم لله عز وجل ليحاسبهم ، قال تعالى :  يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ  (المطففين:6) ، وورد في الأحاديث أن القيامة تقع يوم الجمعة .
                  والقيامة لها أسماء كثيرة ولكل اسم مدلوله ، منها : الحاقة ، والصاخة ، والطامة ، ويوم التناد ، ويوم التغابن ... الخ .
                  ولكن علاماتها وأشراطها مرتبطةٌ باسمين فقط منها فيقال : أشراط وعلامات الساعة أو أشراط وعلامات القيامة .

    المطلب الثاني : أقسام أشراط الساعة وترتيبها :

    أولاً : الأشراط الصغرى للساعة :
    أ- تعريفها :
                  هي : التي تتقدم الساعةَ بأزمان متطاولة ، وتكون من نوع المعتاد ، كقبض العلم ، وظهور الجهل ، وشرب الخمر ، والتطاول في البنيان ، ونحوها ، وقد يظهر بعضها مصاحباً للأشراط الكبرى أو يعدها ([17]) .
                  (قلت) ومنها ما هو خارق للعادة وغير معتاد ، كبعثته  بمعجزاته ، وكانشقاق القمر .
    ب- أقسامها وأمثلتها :
                  أشراط الساعة الصغرى كثيرة ، وقد احتفظت بها كتب السنة ضمن الأحاديث النبوية وسأذكر أمثلة منها فقط – بسبب طبيعة هذا البحث – ضمن التقسيمات التالية :
    1- ما وقع وانقضى : ومثاله بعثة النبي  لقوله  : (بعثت أنا والساعة كهذه من هذه أو كهاتين) وقرن بين السبابة والوسطى ([18]) ، وانشقاق القمر ، لقوله تعالى :  اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ  (القمر:1) .
    2- ما وقع ومستمر : ومثاله انتشار الربا وشرب الخمر وظهور الزنا ، لقوله  : (بين يدي الساعة يظهر الربا) ([19]) ، وقوله  : (إن من أشراط الساعة ... ويشرب الخمر ويظهر الزنا) ([20]) ، وقوله  : (لا تقـوم السـاعة حتـى يكثـر الهـرج) قالوا : وما الهرج يا رسول الله ؟ قال : (القتل القتل) ([21]) .
    3- ما لم يقع بعد : ومثاله ما ورد في قوله  : (لا تقوم الساعة حتى يكثر المال ويفيض حتى يخرج الرجل بزكاة ماله فلا يجد أحداً يقبلها منه ، وحتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً) ([22]) ، وقولـه  : (لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه) ([23]) .
    ج- ترتيبها :
                  إن أشراط الساعة الصغرى تقع مرتبة تماماً كما قدر الله عز وجل ، ونحن لا سبيل لنا لمعرفة هـذا الترتيـب إلا عن طريق الوحـي ، أو عن طريق الواقع ، فنعلم بالوحي ، أو نرى بالواقـع أن هـذه العلامـة حدثـت قبـل أو بعـد تلك العلامة ، والواقع والوحي لا يتعارضان .
                  ومثاله ما علمنا ترتيبه عن طريق الوحي وصدق الواقع ما وقع منه وسيصدق ما بقي منه ، قوله  لعوف بن مالك : (اعدد ستاً بين يدي الساعة : موتى ، ثم فتح بيت المقدس ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم ، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً ، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته ، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً) ([24]) .
                  (قلت) : ومن المعلوم أن (ثم) حرف عطف يفيد الترتيب مع التراخي .
    ثانياً : الأشراط الكبرى للساعة :
    أ- تعريفها :
                  هي : الأمور العظام التي تظهر قرب قيام الساعة ، وتكون غير معتادة الوقوع ، وهي خارقة للعادة كظهور الدجال ونزول عيسى عليه السلام ... الخ ([25]) .
    ب- أمثلتها :
                  المشهور أنها عشرة ، وقد تزيد على ذلك ، وقد ورد ذكرها في قوله  : ( أنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات – فذكر - : الدخان ، والدجال ، والدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، ونزول عيسى ابن مريم ، ويأجوج ومأجوج ، وثلاثة خسوف : خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن ، وتطرد الناس إلى محشرهم ) ([26]) .
                  ( قلت ) : الحديث ذكر الأشراط العشرة ، دون أن يحصر الأشراط الكبرى للساعة فيها فقد يكون أكثر من ذلك ، والله أعلم .
                  ( وقلت ) وهذه الأشراط العشرة لم يقع منها شرط حتى الآن .
    ج- أقسامها :
    1- أشراط سماوية : وهي التي تقع في السماء ، وتتمثل في آية الدخان وآية الشمس .
    2- أشراط أرضية : وهي التي تقع في الأرض ، وتتمثل في الآيات الثمانية الباقية .
    د- ترتيبها :
                  لا سبيل إلى معرفة ترتيب وقوع الآيات العشر ، إلا عن طريق الوحي ، وأما الواقع فلا نصيب له من ذلك الآن لأنها لم تقع بعد .
                  ويمكن الجزم عن طريق الوحي بما يلي :
    1- خروج الدجال ، ثم نزول عيسى عليه السلام ، ثم خروج يأجوج ومأجوج ، وسيتضح ذلك في المطلبين الأول والثاني من المبحث الثاني .
    2- طلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدابة ضحى على أثرها قريب ، أو العكس ، وسيتضح ذلك في المطلب الرابع من المبحث الثاني .
    3- آخر الآيات خروجاً هي النار التي تخرج من اليمن كما دل الحديث السابق .
                  وغير ذلك من الترتيب لا يمكن القطع به لأنه من علوم الغيب .

    المطلب الثالث : أثر العلم بأشراط الساعة :

                  يمكن تلخيص أهم هذه الآثار بما يلي :
    1- الثواب الجزيل من الله جل ثناؤه بتعلمه ، لأنه جزء من العلم الديني ، ورد ذكره في القرآن والسنة ، وقد قال تعالى :  قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ  (الزمر: 9) ، وقال :  يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ  (المجادلة: 11) ، وقال  : (ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً ، سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) ([27]) .
    2- الثواب الجزيل من الله جل ثناؤه بتعليمه للناس ونشره بينهم ، قال تعالى :  وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ  (آل عمران: 79) ، وقال  : (فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ، إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير) ([28]).
    3- الخوف من الله تعالى والحذر منه سبحانه ، وذلك بطاعته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه لأن يوم الحساب قد قَرُب ، فأكثر علامات القيامة الصغرى قد وقعت ، ونحن بين يديّ العلامات الكبرى ، ثم القيامة ، قال تعالى :  اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ  (القمر: 1-2) ، وقال تعالى :  فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا  (محمد: 18) ، (قلت) : فانشقاق القمر ، وبعثة النبـي  من أشراط الساعة التي تحققت قبل أربعة عشر قرناً ، فكيف القرب الآن !؟
    4- الزهد في الدنيا والإدبار عن التعلق بها ، والإقبال على الآخرة بالطاعة والمبادرة إلى الأعمال الصالحـة ، قـال  : (بادروا بالأعمال ستاً : طلوع الشمس من مغربها ، أو الدخان ، أو الدجال ، أو الدابة ، أو خاصة أحدكم ، أو أمر العامة) ([29]) .
    5- الحذر من إغلاق باب التوبة إذا وقعت أشراط معينة من أشراط الساعة ، لقوله  : (ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها "لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً" : طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض) ([30]) .
    6- العصمة من الفتن وآثارها المتضمنة في أشراط الساعة ، وذلك بالعلم بها ، وبخطورها ، وبكيفية المخرج والنجاة منها ، وسبل التعامل معها ، من خلال ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة .
                  وهذا ما سيفصل المبحث الثاني الحديث عنه إن شاء الله تعالى .

    المطلب الرابع : العلم بالساعة وأشراطها :

    أولاً : العلم بالساعة :
                  علـم الساعة من الغيب الذي لا نعلمـه ولا سبيل إليـه إلا عـن طريق الوحي ، وقـد علمنا من الوحي أن موعد الساعة والقيامة مما اختص الله سبحانه بعلمه ، قال تعالى :  يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا * إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا  (النازعـات: 42-44) "يعني : عند ربك علم قيامها" ([31]) .
                  والقيامة تقوم والساعة تقع فجأة في يوم جمعة لقوله تعالى :  حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً  (الأنعام: 31) "ومعنى بغتة : فجأة" ([32]) ، ولقوله  : (خير يوم طلعت عليه الشمس ، يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه أدخل الجنة ، وفيه أخرج منها ، ولا تقوم الساعة إلا يوم الجمعة) ([33])  ، والساعة قد اقترب وقوعها من أيام محمد  قبل أربعة عشر قرناً ، لقوله تعالى :  اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ  (القمر:1) .
                  وحياة الإنسان والجان والحيوان ستستمر على وجه الأرض إلى ذلك الوقت الذي قدره الله لقوله عز وجل :  وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ  (الزمر: 68) أي : نفخ إسرائيل النفخ الأول في البوق فخرَّ ميتاً كل من في السماوات والأرض إلا من شاء الله بقاءه كحملة العرش ، والحور العين ، والولدان ([34]) ، ولقوله  : (تقوم السـاعة والرجـل يحلب اللقحة ، فما يصل الإناء إلى فيه حتى تقوم ، والرجلان يتبايعان
    الثوب ، فما يتبايعانه حتى تقوم ، والرجل يلط ([35]) في حوضه ، فما يصدر حتى تقوم) ([36]) .
    ثانياً : العلم بأشراط الساعة :
                  العلم بأشراط الساعة كالعلم بالساعة ، لا سبيل إليه إلا عن طريق الوحي ، وقد علمنا من الوحي أن هناك أشراط صغرى للساعة وأخرى كبرى ، وأن أكثر الصغرى قد تحقق ، وأما الكبرى فلم يقع منها شرطٌ حتى الآن ، ونحن بين يديها ، والله أعلم .
                  وقد سبق التفصيل عن ذلك في المطلب الثاني الماضي مما أغنى عن التكرار هنا ، وسيأتي الحديث مفصلاً عن علامات القيامة الكبرى في ضوء القرآن في المبحث الثاني .

    المبحث الثاني

    الأشراط الكبرى للساعة


    المطلب الأول : نزول عيسى عليه السلام :

    أولاً : الدليل على نزول عيسى عليه السلام :
                  ذهب أكثر المفسرين إلى أن نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان أحد علامات وأشراط الساعة الكبرى ، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى :  وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ  (الزخرف:61) ، فقوله :  وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ  أي : نزول عيسى عليه السلام شرط للساعة ([37]) .
                  واستدل بعض المفسرين – أيضاً – على ذلك بقوله تعالى :  وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً  (النساء:159) ([38]) .
                  ومما يدل على ذلك من السنة ما رواه مسلم بسنده عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : اطلع النبي  علينا ونحن نتذاكر ، فقال : (ما تذاكرون ؟) قالوا : نذكر الساعة . قال : (إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آياتٍ – فذكر - : الدخان ، والدجال ، والدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، ونزول عيسى بن مريم  ، ويأجوج ومأجوج . وثلاثة خسوف : خسفٌ بالمشرق ، وخسفٌ بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، وآخر ذلك نارٌ تخرج من اليمن ، تطرد الناسَ إلى محشرهم) ([39]) .
    ثانياً : تفسير الآيات الكريمة :
    أ- تفسير آية الزخرف :
                  قال تعالى :  وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ  (الزخرف:61) .
                  المشهور عند أكثـر المفسرين أن الضمير في قوله (وإنه) لعيسى عليه السلام ، وقيل : للقرآن ، وقيل : للنبي  .
                  والمراد – عندهـم – بقوله (لعلمٌ للساعة) أي : نزول عيسى عليه السلام شرط للساعة كما سبق .
                  (قلت) : والراجح الأول بدليل سياق الآيات وسيأتي تفصيله .
                  ومعنى الآية : (وإنه) أي : وإن نزول عيسى عليه السلام من السماء إلى الأرض آخر الزمان (لعلم الساعة) أي : لعلامة للساعة ، وشرط من أشراطها ، يعلم به قرب وقوعها (فلا تمترن بها) أي : لا تشكن بالساعة .
    ب- تفسير آية النساء :
                  قال تعالى :  وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً  (النساء:159) .
                  اختلف المفسرون في تأويل الآية الكريمة إلى أربعة تأويلات ، واختلافهم ناتج عن عودة هاء (به) وهاء (موته) والتفصيل كما يلي :
    1- ذهب طائفة من المفسرين إلى أن الهاءين تعودان إلى عيسى عليه السلام ، وتفسير الآية بناء على ذلك كما يلي :
                  قوله : (وإن من أهل الكتاب) أي : كل يهودي ونصراني (إلا ليؤمنن به) أي : إلا سيؤمن بعيسى عليه السلام أنه عبد الله ورسوله ولم يصلب ولم يقتـل وإنما رفعه الله إليه (قبل موته) أي : يكون هذا الإيمان ما بين نزوله آخر الزمان وموته حيث يمكث أربعين سنة ويموت (ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً) أي : يشهد عليه السلام يوم القيامة على اليهود بالتكذيب له ، وعلى النصارى بالغلو فيه حتى قالوا عنه : هو ابن الله ، وقالوا : هو الله .
                  وبهذا القول قال : ابن عباس ، وأبو هريرة ، وأبو مالك ، والحسن ، وقتادة ، وعبد الرحمن بن زيد ، وزيد بن أسلم ، والضحاك ، وسعيد بن جبير وغيرهم .
    2- ذهب بعض المفسرين إلى أن الهاء الأولى عائدة على عيسى ، والثانية على الكتابي ، ومعنى الآية : ليس أحد من أهل الكتاب اليهود والنصارى إلا ويؤمن بعيسى عليه السلام (قبل موته) أي : قبـل موت الكتابي وذلك حين يعاين ملك الموت ولكنه إيمان لا ينفع لأنه عنـد الغرغـرة ، فاليهودي يقر أنه رسول الله ، والنصراني يقر أنه كان رسول الله .
                  وبهذا قال : ابن عباس – في رواية أخرى - ، والحسن ، ومجاهد ، وعكرمة .
    3- قيل : الهاء الأولى لمحمد  ، والثانية للكتابي . والمعنى : الكتابي يؤمن بالنبي  عندما يحضر الكتابي الموت ويعاينه حيث لا ينفع الإيمان .
    4- قيل : الهاء الأولى لله عز وجل ، والثانية للكتابي . والمعنى : الكتابي يؤمن بالله عز وجل ، وذلك عندما يحضره الموت حيث لا ينفع الإيمان ([40]) .
    الترجيح :
                  قال القرطبي : "والتأويلان الأولان أظهـر" ([41]) ، وقال الطبري مرجحاً القول الأول : "وأولى الأقوال بالصحة والصواب قول من قال : تأويل ذلك : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى عليه السلام" ([42]) .
                  وناصر ابن كثير ترجيح الطبري قائلاً : "ولا شك أن هذا الذي قاله ابن جرير هو الصحيح لأنه المقصود من سياق الآي في تقرير بطلان ما ادعته اليهود من قتل عيسى وصلبه وتسليم من سلم لهم من النصارى الجهلة ذلك فأخبر الله أنه لم يكن الأمر كذلك وإنما شبه لهم فقتلوا الشبه وهم لا يتبينون ذلك ، ثم إنه رفعه إليه وإنه باقٍ حي وإنه سينزل قبل يوم القيامة كما دلت على ذلك الأحاديث المتواترة ..." ([43]) .
                  وقال الشوكاني : "وقد اختار كون الضميرين لعيسى ابن جرير ، وقال به جماعة من السلف ، وهو الظاهر ، والمراد الإيمان به عند نزوله في آخر الزمان كما وردت بذلك الأحاديث المتواترة" ([44]) .
                  (قلت) والرأي الراجح الأول لما ذكر ، وللسياق القرآني المفصل في النقطة التالية ، ولما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله  : (والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم  حكماً مقسطاً ، فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع  الجزية ([45]) ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحدٌ) ثم يقول أبو هريرة ، اقرأوا إن شئتم :  وَإِنْ
    مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ  ([46]) .
                  وأما القول الثاني فهو محتمل ، ولكن القول الأول أرجح منه ، وأما القولان الأخيران ففيهما نظر لضعف انسجامهما مع معنى الآيات وسياقها والله أعلم .
    ج- شرط عيسى عليه السلام في السياق القرآني :
    1- قال تعالى في سورة الزخرف :  إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائيلَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ * وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ  (الزخرف: 59-61) .
                  في الآيـة الأولى ذكر سبحانه حقيقة عيسى عليه السلام وأنه عبد الله عز وجل ، وأن الله أنعم عليه بنعم كثيرة منها : أنه جعله آية للناس حيث خلقه من أم دون أب ، وجعله نبياً ورسولاً ، وأيده بالمعجزات المختلفة في أيامه ، وأنه رفعه إلى السماء ، فناسب أن يذكر بقية إنعامه عليه قبـل موته وهو جعله علامة للقيامة ، ونزوله من السماء إلى الأرض حياً بعد آلاف السنين ، ونصـره للإسلام وإبطاله للكفر وقتله للدجال ودعائه على يأجوج ومأجوج ... الخ .
                  فعيسى عليه السلام كان مثلاً لبني إسرائيل في أيامه ، وسيكون مثلاً لأهل الكتاب خاصة وللعالمين عامة قبيل يوم القيامة بعد نزوله عليه السلام .
    2- قال تعالى في سورة النساء :  وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً * وَإِنْ مِنْ أَهْـلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) (النساء: 157-159) .
                  في الآية الأولى أكد سبحانه بطلان قول اليهود والنصارى بقتل عيسى عليه السلام بستة تأكيدات .
    فتناسب في الآية الثانية ذكر التأكيد السابع وهو رفعه سبحانه لعيسى عليه السلام حياً بروحه وجسده إليه ليدل على حاله بعد محاولة صلبه وقتله .
    وناسب في الآية الثالثة ذكر التأكيد الثامن والأخير وهو إيمان أهل الكتاب بعيسى عليه السلام وصفاته قبل موته عليه السلام وذلك بعد نزوله حياً عليه السلام آخر الزمان قبيل يوم القيامة كشرط من أشراطها وعلامة على قرب وقوعها .
    وهـذا يقـوي قـول من قـال أن الضمير في قوله (قبل موته) عائد على عيسى عليه السلام .
    ثالثاً : أحوال عيسى عليه السلام بعد نزوله :
                  إن القرآن الكريم أشار إلى نزول عيسى كعلامة للساعة ، ولم يفصل الحديث عن أحواله بعد نزوله عليه السلام ، ولذلك سيعتمد الباحث كثيراً في ذلك على السنة النبوية الصحيحة باعتبارها أفضل مفسر للقرآن بعد تفسير القرآن بالقرآن ، والتفصيل كما يلي :
    أ- صفة عيسى الخَلقية :
                  وصف النبي  عيسى عليه السلام بأنه متوسط الطول ، شعره ناعم ، لونه أبيض مشرب بالحمرة ، وجهه وضاء متلألأ كأنه يقطر ماءً ولؤلؤاً .
                  وفي ذلك قال  : (بينما أنا نائم أطوف بالكعبة فإذا رجل آدم سبط الشعر ، ينطف أو يهراق رأسه ماء قلت من هذا قالوا ابن مريم) ([47]) ، ومن المعلوم أن رؤيا الأنبياء حق وجزء من النبوة .
                  وفي حديث آخر قال  : (ليس بيني وبينه نبي – يعني عيسى – وإنه نازل ، فإذا رأيتموه فاعرفوه : رجل مربوع ، إلى الحمرة والبياض ، بين ممصرتين ، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل ...) ([48]) .
    ب- مكان وصفة نزول عيسى عليه السلام :
                  أول ما ينزل عيسى عليه السلام ينزل عند المنارة البيضاء شرق دمشق وهو يضع كفيه على جناحيّ ملكين ، ففي حديث النواس بن سمعان قال  : (... إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين ([49]) واضعاً كفيه على أجنحة ملكين ...) ([50]) .
                  قال النووي – قديماً - : "وهذه المنارة موجودة اليوم شرق دمشق" ([51]) ، وقال محمد فؤاد عبد الباقي – حديثاً - : "هذه المنارة موجودة اليوم شرقي دمشق" ([52]) .
                  (قلت) وسواء الموجودة اليوم أو غيرها ، المهم أنه عند نزول عيسى عليه السلام تكون منارة بيضاء شرق مدينة دمشق ينزل عندها عليه السلام .
    ج- أهم أفعال عيسى عليه السلام :
    1- إبطاله عليه السلام للنصرانية :
                  يبطل عيسى عليه السلام – بعد نزوله – الدين النصراني ، حيث يكسر الصليب ويقتل الخنزير ولا يقبل من النصارى وغيرهم إلا الإسلام ، فلا يقبل منهم الجزية ، ويدل على ذلك قوله  : (والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً مقسطاً ، فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد) ([53]) .
    2- قضاؤه على كل الملل إلا الإسلام :
                  يظهر الله عز وجل في عصر عيسى عليه السلام الإسلام على كل الأديان ، بل ويهلك الله في عصره كل ملل الكفر ، ويميت سبحانه كل كافر يشم رائحة عيسى عليه السلام ورائحته تصل إلى ما يصل إليه بصره .
                  قال  : (إذا بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقيّ دمشق بين مهرودتين واضعاً كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه) ([54]) .
                  وقال  : (فيهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ...) ([55]) .
                  وقال تعالى :  هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ  (الصف : 9) .
                  قال الطبري في تفسير الآية : "يقول : ليظهر دينه الحق ]الإسلام[ الذي أرسل به رسوله محمداً  " على كل دين سواه ، وذلك عند نزول عيسى بن مريم عليه السلام ، وحين تصير الملة واحدة ، فلا يكون دين غير الإسلام" ([56]) .
                  وروى الطبري بسنده "عن أبي هريرة (ليظهره على الدين كله) قال : خروج عيسى ابن مريم" ([57]) .

    3- قتله للدجال وقتل أتباعه يهود :
                  إن أشد وأخطر فتنة على الناس ما بين آدم عليه السلام ويوم القيامة هي فتنة المسيخ الدجال ، لقوله  : (ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمرٌ أكبر من الدجال) ([58]) .
                  وسبب ذلك ادعاؤه الربوبية مستدلاً بما أجرى الله على يده من الخوارق كإمطار السماء وإنبات الأرض وإمحالها وقتل رجل وإحياؤه وما معه من جنة ونار ... الخ .
                  ولخطورته الشديدة حذرنا النبي  منه ، وأخبرنا بأوصافه ، ومنها أنه أعور العين اليمنى ومكتوب على جبينه (كفر) ، وأمرنا أن نتعوذ بالله منه ، وإذا لقيناه : أن نقرأ عليه فواتح سورة الكهف ([59]) .
                  والدجال يخرج على الناس قبل نزول عيسى عليه السلام ويمكث أربعين يفسد فيها في الأرض ، وينتهي به المطاف وأتباعه اليهود إلى الأرض المقدسة حيث ينزل عيسى عليه السلام ويقتله ، ويقتل المسلمون أتباعه اليهود .
                  قال  : (هم "العرب" يومئذ قليل ، وجلهم ببيت المقدس ، وإمامهم رجلٌ صالحٌ ، فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح ، إذ نزل عيسى بن مريم الصبح ، فرجع ذلك الإمام ينكص ، يمشي القهقرى ، ليتقدم عيسى يصلي بالناس ، فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول له : تقدم فصلِّ ، فإنها لك أقيمت ، فيصلي بهم إماماً ، فإذا انصرف قال عيسى عليه السلام : افتحوا الباب ، فيفتح ووراءه الدجال معه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلي وساج ، فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء ، وينطلق هارباً ، ويقول عيسى عليه السلام : إن لي فيك ضربة لن تسبقني بها فيدركه عند باب اللد الشرقي فيقتله ، فيهزم الله اليهود ، فلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء ، لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة – إلا الغرقدة ، فإنها من شجرهم ، لا تنطق – إلا قال : يا عبد الله المسلم ! هذا يهودي فتعال اقتله) ([60]) .

    4- دعاء عيسى عليه السلام على يأجوج ومأجوج :
                  لم يكد يسترح المؤمنون من فتنة المسيخ الدجال حتى تخرج عليهم فتنة يأجوج ومأجوج فيدعو عليه السلام عليهم فيهلكهم الله عن آخرهم ، ففي حديث النواس بن سمعان قال  : (... ويُحصر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار لأحدكم اليوم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه فيرسل الله عليهم النغف ([61]) في رقابهم فيصبحون فرسى ([62]) كموت نفسٍ واحدة ...) ([63]) .
                  وسيأتي الحديث مفصلاً عن يأجوج ومأجوج في المطلب التالي .
    د- حكمه وبركته ومكثه وموته :
                  يمكث عيسى عليه السلام أربعين سنة في الأرض ، ويكون عصره – بعد نزوله وإلى موته – أفضل عصر على الإطلاق لاجتماع الخصال التالية فيه :
    1- يحكم عليه السلام بشريعة الإسلام بالعدل والقسط .
    2- يقضي الله في عصره على أخطر فتنة على الإطلاق وهي فتنة المسيخ الدجال .
    3- يقضي الله في عصره على أخطر جيش على الإطلاق – والذي لا قبل لأحد به – وهو جيش يأجوج ومأجوج .
    4- يهلك الله في عصره كل ملل الكفر ، وفيه يكون الإسلام فقط هو الدين المنتصر والظاهر وهذا ما لم يكن قبله عليه السلام ([64]) .
    5- ينتشر الأمن والسلام في عصره ويصلح الله بين الناس وأنفسهم ، بل وبين الحيوانات ، بل وبين الناس والحيوانات ، فلا اعتداء ولا ظلم .
    6- ينزل الله في عصره بركة السماء ، ويخرج بركة الأرض ، فيعم الخير بشكل فريد غير مسبوق بحيث لا تجد الصدقة من يأخذها .
                  وفي ذلك قال الرسول  : (طوبى لعيش بعد المسيح ، طوبى لعيش بعد المسيح ، يؤذن للسماء في القطر ، ويؤذن للأرض في النبات حتى إذا بذرت حبك على الصفا لنبت ، وحتى يمـر الرجـل علـى الأسد فلا يضره ، ويطأ على الحية فلا تضره ، ولا تشاحن ، ولا تحاسد ، ولا تباغض) ([65]) .
                  وقال رسول الله  : (فيهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال ، وتقع الأمنة على الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل ، والنمار مع البقر ، والذئاب مع الغنم ، ويلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم) ([66]) .
                  ثم يموت عليه السلام فيكفن ويصلى عليه ويدفن ، لقوله  : (... فيمكث في الأرض أربعين سنة ، ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون) ([67]) .
    رابعاً : وجوه الإعجاز في آية عيسى عليه السلام :
    1- الإعجاز الغيبي ، حيث تقع قبيل القيامة ، وبعد بعثة النبي  بآلاف السنين ، مما يدل على صدق النبي الأمي  ، قال تعالى :  وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى  (النجم:3-4) .
    2- بقاؤه عليه السلام حياً منذ آلاف السنين منذ رفعه وإلى نزوله وحتى موته ، وهذا خارق للعادة ومما لم يألفه الناس ويعهدوه في البشر .
    3- نزوله عليه السلام من السماء إلى الأرض واضعاً كفيه على جناحي ملكين .
    4- موت كل كافر يشم رائحته عليه السلام ، ورائحته تصل إلى ما يصل إليه بصره .
    5- إخباره عليه السلام لبعض المؤمنين بمنازلهم في الجنة ، ففي حديث النواس بن سمعان قال  : (ثم يأتي عيسى بن مريم قومٌ قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة) ([68]) .
    6- نطق الحجر والشجر إلا الغرقد بالإخبار عن اليهود .
    7- مهلك يأجوج ومأجوج بدود صغير وهو النغف مهلك رجل واحد .
    خامساً : آثار وقوع آية عيسى عليه السلام :
                  يمكن تلخيص أهم هذه الآثار على المؤمنين ، والكافرين ، والحيوانات بما يلي :
    أ- آثارها على الكفر والكفار :
    1- إبطال الملة النصرانية بكسر الصليب ، وقتل الخنزير ، وعدم قبول غير الإسلام منهم .
    2- هلاك كل ملل الكفر في عصره .
    3- موت كل كافر يشم رائحته المسيح عليه السلام .
    4- القضاء على أكبر وأخطر فتنة عبر التاريخ وهي فتنة الدجال .
    5- تدمير أكبر وأقوى وأشد وأخطر جيش على الإطلاق وهو جيش يأجوج ومأجوج والذي لا قبل لأحدٍ به .
    6- قتل جيش الدجال من اليهود على يد المسلمين حيث ينطق الشجر والحجر .
    ب- آثارها على الإسلام والمسلمين :
    1- ظهور الإسلام على كل الأديان .
    2- جهاد عيسى عليه السلام في سبيل الله ، وهو ما لم يتشرف به قبل رفعه .
    3- حكم الأرض بالعدل والقسط حسب الشريعة الإسلامية .
    4- انتشار الخير والبركة بشكل غير مسبوق .
    5- فشو السلام والأمان بين الناس ، وبينهم وبين الحيوان ، وهو ما لم يحدث من قبل .
    6- قرب وقوع يوم القيامة .
    7- زيادة الإيمان والاطمئنان القلبي للمؤمنين الذين يرون بأعينهم آية من آيات الله ذكرت في الكتاب والسنة ، وقد وقعت بعد آلاف السنين ، قال تعالى :  وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي  (البقرة: 260) .
    8- زهد المؤمنين في الدنيا بإدبارهم عنها وإقبالهم على الله بطاعته – وذلك بامتثال أوامره واجتنـاب نواهيه – وذلك لأنهم صاروا من القيامة قاب قوسين أو أدنى ، قال تعالى :  فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا  (محمد: 18) .
    9- إقفال باب التوبة أمام الكفار ، لقوله تعالى :  يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَـا خَيْـراً  (الأنعام: 158) ، ولقوله  : (ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها – لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً – طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض) ([69]) .
                  ومن المعلوم أن الدجال يخرج فيفسد ويفتن الناس أربعين ، ثم ينزل عيسى عليه السلام حيث يقتله بباب لد .

    المطلب الثاني : خروج يأجوج ومأجوج :

    أولاً : الدليل على خروج يأجوج ومأجوج :
                  ذهب المفسرون إلى أن خروج يأجوج ومأجوج آخر الزمان علامة من علامات القيامة ، وآية تدل على قرب وقوعها ، واستدلوا على ذلك بقوله عز وجل :  قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً  (الكهف:98) ، وبقوله جل ثناؤه :  حَتَّى إِذَا فُتِحَـتْ يَأْجُـوجُ وَمَأْجُـوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ  (الأنبياء: 96- 97) ([70]) .
                  ومما يدل على أن خروج يأجوج ومأجوج من علامات القيامة الكبرى ، قوله  : (إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات – فذكر - : الدخان ، والدجال ، والدابة ، وطلوع الشمس من مغربهـا ، ونزول عيسى بن مريم  ، ويأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف ...) ([71]) .
    ثانياً : تفسير الآيات الكريمة :
    أ- تفسير آية الكهف :
                  قال تعالى :  قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً * وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً  (الكهف: 98-99) .
                  ومعنى الآية : (قال) أي : قال ذو القرنين بعد انتهائه من بناء السد مشيراً إليه (هذا) أي : السد (رحمة من ربي) أي : رحمة من الله بالناس حيث منعهم الله به من أذى وفساد وشرور يأجوج ومأجوج (فإذا جاء وعد ربي) أي : جاء أجل الله بموعد خروجهم قبيل القيامة (جعله دكاء) أي : جعله سبحانه مستوياً بالأرض – تقول العرب : ناقة دكاء : إذا كان ظهرها مستوياً لا سنام لها – (وكان وعد ربي حقاً) أي : وعـده سبحانه حقـاً ثابتـاً كائناً لا محالة ومن ذلك وعده بخروج يأجوج ومأجوج (وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض) – هذا من كلام الله بعد انقضاء كلام ذي القرنين – أي : وترك الله عز وجل يوم يدك هذا السد يموج بعض يأجوج ومأجوج في بعضهم الآخر ، أو يموجون في الناس بالقتل والفساد والخراب ([72]) .
    ب- تفسير آية الأنبياء :
                  قال تعالى :  حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ  (الأنبياء: 96-97) .
                  ومعنى الآية : (حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج) أي : حتى إذا فتح سد وردم يأجوج ومأجوج الذي بناه ذو القرنين (وهم) أي : يأجوج ومأجوج- أمتان من الأمم من ذرية آدم عليه السلام – (من كل حدب) أي : من كل ما ارتفع من الأرض من شرفٍ ونشزٍ وأكمةٍ – والجمع : الحداب – (ينسلون) أي : لكثرتهم يخرجون من كل ناحية مشاة مسرعين في مشيهم كنسلان الذئب ، قال ابن عباس : من كـل شرفٍ يقبلون (واقترب الوعد الحق) أي : إذا فتحت يأجوج ومأجوج اقتربت الساعة والقيامة والبعث والحساب ([73]) .
    ج- علامة يأجوج ومأجوج في السياق القرآني :
    1- قال تعالـى في سورة الكهف :  فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً * قَالَ هَـذَا رَحْمَـةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً * وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئـِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِـي الصُّـورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً  (الكهف: 97-99) .
                  عند النظر والتأمل والتدبر في سياق الآيات القرآنية والمناسبة فيما بينها وترابطها ، نجدها تتحدث عن ثلاثة مشاهد مترابطة بإحكام ، ومرتبة زمنياً بالتراخي ، وهي كما يلي :
    المشهد الأول : بناء ذي القرنين – برحمة من الله – السد ، وعجز يأجوج ومأجوج عن اختراقه ، واستمرار عجزهم حتى عصرنا هذا ، وسيستمر حتى وعـد الله بخروجهم قبيل يوم القيامة .
    المشهد الثاني : دك هذا السد ، وتسويته بالأرض بأمر الله ، واختراق يأجوج ومأجوج له وخروجهم على الناس يفسدون في الأرض كأمواج البحر المتتابعة المتلاطمة المتداخلة ، وذلك لوعد الله قبيل القيامة .
    المشهد الثالث : قرب القيامة بعد خروجهم ، حيث ينفخ النفخ الثاني في الصور ، فيجمع الله للحساب يأجوج ومأجوج وغيرهم من الكفار .
    2- قال تعالى في سورة الأنبياء :   وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ * حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَـارُ الَّذِيـنَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ  (الأنبياء: 95-97) .
                  بالنظر والتدبر نجد الآيات الكريمة تتحدث عن ثلاثة مشاهد :
    المشهد الأول : إهلاك الله عز وجل أهل القرى الذين كفروا وأصروا على كفرهم ورفضوا الرجوع عنه وتركه .
    المشهد الثاني : خروج يأجوج ومأجوج آخر الزمان على الناس بكفرهم وإفسادهم ، وإهلاك الله لهم كما أهلك أضرابهم من أهل القرى السالفة والغابرة .
    المشهد الثالث : بعد خروج يأجوج ومأجوج تقترب القيامة وتقع ، فإذا يأجوج ومأجوج وكفار القرى المهلكة وبقية الكفار في عرصات يوم القيامة يتحسرون ويندمون ويدعون على أنفسهم بالويل والثبور لغفلتهم وظلمهم .
    ثالثاً : أحوال يأجوج ومأجوج بعد خروجهم :
                  إن القرآن الكريم تحدث قليلاً في بضع آيات عن يأجوج ومأجوج ، ولم يفصل الحديث عن أحوالهم بعد خروجهم آخر الزمان ، ولذلك سيعتمد الباحث على السنة النبوية الصحيحة في ذلك لأنها خير مفسر للقرآن بعد تفسير القرآن بالقرآن ، والتفصيل كما يلي :
    أ- صفة يأجوج ومأجوج :
    1- صفة يأجوج ومأجوج الخَلقية :
                  يأجوج ومأجوج أمتان من ذرية آدم عليه السلام ، فهم لا يختلفون عن بقية الناس في بشريتهم وآدميتهم وإنسانيتهم ، يدلنا على ذلك قولـه  : (يقول الله عز وجل : يا آدم ! فيقول : لبيك ! وسعديك ! والخيرُ في يديك ! قال يقول : أخرج بعث النار . قال : وما بعث النار ؟ قـال : من كـل ألـفٍ تسعمائةٍ وتسعةً وتسعين . قال : فذاك حين يشيب الصغير  وتضعُ كل ذات حملٍ حملهـا وتـرى الناسَ سُكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد   . قال : فاشتد ذلك عليهم . قالوا : يا رسول الله ! أينا ذلك الرجل ؟ فقال : (أبشروا فإن من يأجوج ومأجوج ألفاً : ومنكم رجل) ([74]) .
                  ومن المعلوم أن الذين يعاقبون بالنار يوم القيامة هم الإنس والجن ، ولما كان يأجوج ومأجوج ليسوا جناً باتفاق ، إذن هم إنسٌ .
                  وهذا فيه رد قاطع وبليغ على الخرافات المنقولة في بعض كتب التفسير والتاريخ عن وصفهم وأشكالهم وأحجامهم الغريبة .
                  قال ابن كثير في ذلك : "وقد ذكر ابن جرير ههنا عن وهب بن منبه أثراً طويلاً عجيباً في سير ذي القرنين وبنائه السد وكيفية ما جرى له ، وفيه طول وغرابة ونكارة في أشكالهم وصفاتهـم وطولهم وقصر بعضهم وآذانهم ، وروى ابن أبي حاتم عن أبيه في ذلك
    أحاديث غريبة لا تصح أسانيدها والله أعلم" ([75]) .
    2- صفة يأجوج ومأجوج الخُلقية :
                  يأجـوج ومأجـوج أمتـان كافرتـان من أهـل النار بدليل الحديث السابق . ويأجوج ومأجوج لا أخلاق لهم ، بدليل إفسادهم أيام ذي القرنين ، وإفسادهم بعد خروجهم آخر الزمان .
                  قال تعالى :  قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ  (الكهف: 94) وفي معنى (مفسدون في الأرض) قال الشوكاني : "واختلف في إفسادهم في الأرض ، فقيل هو أكل بني آدم ، وقيل هو الظلم والغشـم والقتل وسائر وجوه الإفساد ، وقيل : كانوا يخرجون إلى أرض هؤلاء الذين شكوهم إلى ذي القرنين في أيام الربيع فلا يدعون فيها شيئاً أخضراً إلا أكلوه" ([76]) ، وقال الكلبي : "لفسادهم بالقتل والظلم وسائر وجوه الشر ، وقيل كانوا يأكلون بني آدم" ([77]) .
                  (قلت) إفسادهم هو : بكفرهم وفجورهم وفسقهم ، وظلمهم للناس بقتلهم وقهرهم وأكل خيراتهم ، فهم كالتتار وأشد ، وهذا ما سيتضح من الروايات التي تحدث عن إفسادهم بعد خروجهم قبيل القيامة .
    ب- كيفية خروجهم :
                  لا يزال يأجوج ومأجوج يحفرون في السد كل يوم منذ بناه ذو  القرنين ، ولكن الله يفشلهم ، وفي أيام النبي  فتحوا منه مثل البيضة لما روي عن زينب بنت جحش رضي الله عنها أن النبي  دخل عليها فزعاً يقول : (لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه) وحلق بأصبعه الإبهام والتي تليها ، قالت زينب بنت جحش : فقلت : يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : (نعم إذا كثر الخبث) ([78]) .
                  ومما يدل على عجزهم عن اختراقه قوله تعالى :  فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً  (الكهف:97) .
                  قال المفسرون : أي : ما استطاعوا وما قدروا أن يعلوا ويتسوروا ظهر السد لعلوه وارتفاعه وملاسته ، أو أن يخترقوه من أسفل لصلابته وسمكه ([79]) .
                  ولكن إذا جاء وعد الله بخروجهم دكه الله وسواه بالأرض ، فيخرجون لقوله تعالى :  قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً * وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ  (الكهف: 98-99) وقد سبق تفسير الآيات .
                  وكيفية ذلك ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله  قال : (إن يأجوج ومأجوج يحفرون كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم ارجعوا فستحفروه غداً ، فيعيده الله أشد ما كان ، حتى إذا بلغت مدتهم وأراد الله أن يبعثهم على الناس حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم : ارجعوا فستحفرونه غداً إن شاء الله تعالى واستثنوا ، فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس) ([80]) .
    ج- إفسادهم بعد خروجهم :
                  بعد انهيار السد يخرج يأجوج ومأجوج على الناس بفسادهم كأمواج البحر المتلاطمة المتتابعة المتداخلة المتدفقة يفسدون في الأرض ويقتلون ويخربون ويأكلون خيرات الأرض ويشربون مياهها ويقهرون الناس بقوتهم ، قال تعالى :  وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ  (الكهف: 99) ، وفي حديث النواس بن سمعان قال رسول الله  بعد حديثه عن انقضاء فتنة الدجال : (فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى إني قد أخرجت عباداً لا يدان لأحد بقتالهم ([81]) فحرز عبادي إلى الطور ، ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدبٍ ينسلون فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ، ويمر آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء) ([82]) .
                  وفي حديـث أبـي هريـرة رضي الله عنـه – السابق - قال النبي  : (فيحفرونه ويخرجون على الناس فينشفون الماء ، ويتحصن الناس منهم في حصونهم فيرمون سهامهم إلى السماء فترجع عليهم وعليها كهيئة الدم الذي اجفظ فيقولون : قهرنا
    أهل الأرض ، وعلونا أهل السماء) ([83]) .
    د- نهايتهم وموتهم :
                  بعد خروج يأجوج ومأجوج يأمر الله عيسى عليه السلام أن يتحصن بالمؤمنين بجبل الطور ببيت المقدس ، وينتهي بهم المطاف إلى الأرض المقدسة ويشربون ماء بحيرة طبرية ويحاصرون المؤمنين ، ويدعو عليهم عيسى عليه السلام وأصحابه ، فيهلكهم الله مهلك رجل واحد بأضعف جنده ، ثم يطهر الله الأرض من رجسهم ونتنهم ، وفي حديث النواس بن سمعان قال رسول الله  : (... فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى : إني قد أخرجت عباداً لي ، لا يدان لأحد بقتالهم ، فحرز عبادي إلى الطور ، ويبعث الله يأجوج ومأجوج ، وهم من كل حدب ينسلون ، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ، ويمر آخرهم فيقولون : لقد كان بهذه مرة ماءً ، ويُحصر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار لأحدكم اليوم ، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه ، فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم ، فيصبحون فرسى كموت نفسٍ واحدةٍ ، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض ، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم ([84]) ، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله طيراً كأعناق البخت ([85]) فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ، ثم يرسل الله مطراً لا يكن منه بيت مدر ولا وبر ، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة ، ثم يقال للأرض : أنبتي ثمرتك ، وردي بركتك ، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ، ويستظلون بقحفها ...) ([86]) .
                  ويمكث المسلمون بعدهم سبع سنين يستوقدون من أدوات حربهم البدائية ، مما يدل على كثرة أعدادهم ، ونوع الحرب في تلك الأيام ، ومما يشير إلى زوال بعض أو كثير من مظاهر الحضارة العلمية الحديثة ، ففي رواية الترمذي عن النواس رضي الله عنه قال  : (فيرسـل الله عليهـم طيراً كأعناق البخت – قال – فتحملهم قال : فتطرحهم بالمهبل ([87])
    ويستوقد المسلمون من قسيهم ونشابهم وجعابهم سبع سنين) ([88]) .
    رابعاً : وجوه الإعجاز في آية يأجوج ومأجوج :
    1- الإعجاز الغيبي حيث وقعت قبيل القيامة ، وبعد بعثة النبي  بآلاف السنين .
    2- فشل يأجوج ومأجوج لآلاف السنين في اختراق سد ذي القرنين ، ثم اختراقهم له قبيل يوم القيامة لوعد الله عز وجل .
    3- تنشيفهم للماء وشربهم لبحيرة طبرية في طريقهم إلى بيت المقدس .
    4- عودة رماحهم وحرابهم إليهم مخضبة بما يشبه الدماء بعد رميها إلى السماء ، فظنوا – وقد خسئوا – أنهم قهروا أهل السماء .
    5- قتل يأجوج ومأجوج جميعاً وهم الملايين قتلة رجل واحد بأضعف جنود الله عز وجل ، بالنغف وهو دود صغير .
    6- نزول طيور من  السماء كأعناق البخت تلتقط جثث يأجوج ومأجوج وتذهب بها إلى حيث يشاء الله تعالى .
    خامساً : آثار وقوع آية يأجوج ومأجوج :
    1- ظهور يأجوج ومأجوج على كل أهل الأرض حتى موتهم .
    2- أمعنوا في الأرض فساداً وإفساداً ، فقد أكلوا خيراتها ، وشربوا مياهها ، وسفكوا دماء أهلها .
    3- حاصروا المسلمين بقيادة عيسى عليه السلام في جبال بيت المقدس .
    4- امتلأت الأرض من زهمهم ونتنهم وجثثهم حتى ضاقت الأرض بما رحبت على المؤمنين يومئذ .
    5- طهر الله الأرض من رجسهم بطيور كالبخت وبالمطر ، ثم أنزل سبحانه بركات السماء وأخرج بركات الأرض بصورة لم يسبق لها مثيل .
    6- أوقد المسلمون نيرانهم لسبع سنوات بقسى ونشاب وجعاب يأجوج ومأجوج .
    7- قرب وقوع يوم القيامة .
    8- زيادة الإيمان والاطمئنان القلبي للمؤمنين لرؤيتهم آية من آيات الله تتحقق بعد آلاف السنين من ذكرها في الكتاب والسنة .
    9- زهد المؤمنين بالدنيا بإدبارهم عنها ، وإقبالهم على الآخرة بالطاعات حيث صارت القيامة قاب قوسين أو أدنى .

    المطلب الثالث : طلوع الشمس من مغربها :

    أولاً : الدليل على طلوع الشمس من مغربها :
                  لا خلاف بين العلماء أن طلوع الشمس من مغربها شرط من أشراط الساعة ، وعلامة من علاماتها الكبرى ، واستدل على ذلك كثير من المفسرين بقوله تعالى :  أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً  (الأنعام: 158) ([89]) .
                  ومما يدل على ذلك من السنة قوله  : (لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعين ، وذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً) ([90]) .
    ثانياً : تفسير الآية الكريمة :
    أ- تفسير آية الأنعام :
                  قال تعالى :  هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً  (الأنعام: 158) .
                  (هل ينظرون) أي : ما ينتظر المكذبون الكافرون (إلا أن تأتيهم الملائكة) لقبض أرواحهم (أو يأتي ربك) أي : أمره بمعنى عذابه أو يأتي سبحانه يوم القيامة (أو يأتي بعض آيات ربك) أي : علامات القيامة الكبرى – كما أجمع المفسرون – (يوم يأتي بعض آيات ربك) أي : يوم طلوع الشمس من مغربها – كما ذهب أكثر المفسرين - (لا ينفع نفساً إيمانها) ، أي : يوم تطلع الشمس من مغربها لا ينفع نفساً كافرةً إيمانها وإسلامها بعد آية الشمس لإغلاق باب التوبة (لم تكن آمنت) أي : صدقت وآمنت وأسلمت (من قبل) طلوع الشمس من مغربها (أو كسبت في إيمانها خيراً) أي : المؤمن لا يُقبل منه كسب عملٍ صالح إذا لم يكن عاملاً به قبل ذلك (قل انتظروا) أحد هذه الآيات (إنا منتظرون) معكم ([91]) .
                  (قلت) والمراد : أن إيمان النفس الكافرة وما عملته من خير بعد طلوع الشمس من مغربها لا قيمة له ، ولا يقبله الله عز وجل لإغلاق باب التوبة .
    ب- علامة الشمس في السياق القرآني :
                  قال تعالى :  أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ * هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ  (الأنعام: 157-159) .
                  بعد النظر والتدبر في الآيات الثلاثة نلاحظ أنها تكون عناصر مترابطة تتعلق بآيات الله تعالى المصدقة للنبي  ، وآياته الدالة على قرب وقوع القيامة ، والتفصيل كما يلي :
    1- إن الله جل ثناؤه أيد نبيه  بآيات (كالقرآن) وبراهين تدل على نبوته وصدقه ، وهي رحمة وهدى منه سبحانه لمن أراد الحق .
    2- لا أظلم ممن كذب بآيات الله وأعرض عنها بعد أن جاءته رغم دلالتها كدلالة الشمس على النهار .
    3- سيجزي الله عز وجل المكذبين بآياته والمعرضين عنها سوء العذاب لظلمهم وكذبهم وافترائهم وزيغهم عن الحق .
    4- يحذر عز وجل أولئك الظالمين المكذبين : ماذا ينتظرون إلا أحد الأمور التالية :
    الأولى : أن تقبض الملائكة أرواحهم فيموتوا فتبدأ رحلة العذاب التي لا تنتهي .
    الثانية : أن يأتي أمر الله عز وجل بإهلاكهم واستئصالهم كما فعل بأشياعهم .
    الثالثة : أن تأتي أشراط الساعة وعلاماتها الكبرى حيث الفتن التي يشيب لها الأطفال .
    الرابعة : أن تطلع الشمس من مغربها فينغلق باب التوبة دونهم ، فلا ينفع بعدها لكافر إيمان أو عمل صالح .
    5- ثم بين سبحانه في الآية الأخيرة أن الكفار متفرقين في باطلهم وكفرهم ، وأن نبيه  برئ منهم ، وأن أمرهم وحكمهم في الآخرة إلى الله حيث يرجعون إليه سبحانه فينبئهم بكفرهم وباطلهم ويحاسبهم عليه .

    ثالثاً : أحوال الشمس ومتعلقاتها :
    أ- سنة الله في الشمس :
                  جرت سـنة الله جل ثناؤه في الشمس منذ خلقها أن تطلع من الشرق وتغيب في الغرب وهكـذا إلى يوم القيامة ، وقد علمنا عن طريق الوحي بتغير نظام الشمس ثلاث مرات ، وهي :
    1- حبس الشمس قبيل المغرب على يوشع بن نون عليه السلام ليتمكن من فتح قرية الجبارين قبل دخول ليلة السبت فيحرم عليه قتالهم ، قال رسول الله  : (إن الشمس لم تحبس لأحدٍ ، إلا ليوشع بن نون ليالي سار إلى بيت المقدس) ([92]) .
    2- طلوع الشمس من مغربها كعلامة تدل على قرب وقوع القيامة ، وقد سبق الحديث النبوي في ذلك بالإضافـة للآية القرآنية ، قال ابن حجر : "إن طلوع الشمس من المغرب هـو أول الآيـات العظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العلوي ، وينتهي ذلك بقيام الساعة" ([93]) .
    3- تكوير الشمس يوم القيامة لقوله تعالى :  إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ  (التكوير:1) . قال الشوكاني ملخصاً أقوال المفسرين في معنى الآية : "فالحاصل أن التكوير إما بمعنى لف جرمها ، أو لف ضوئها ، أو الرمي بهـا" ([94]) ، وجمعهـا مع القمـر ، لقوله تعالى :  وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ  (القيامة:9) . قال الصابوني في معنى الآية : "أي: جمع بينهما يوم القيامة ، وألقيا في النار ليكونا عذاباً على الكفار" ([95]) .
                  (قلت) وهذا بعد أن تكون الشمس على بعد ميل من الناس في أرض المحشر .
    ب- سجود الشمس وطلوعها من مغربها :
                  الأحاديث الدالة على ذلك كثيرة ، منها ما أخرجه مسلم عن أبي ذر أن النبي  قال يوماً : (أتدرون أين تذهب هذه الشمس ؟) قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : (إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش ، فتخر ساجدة ، فلا تزال كذلك حتى يقال لها : ارتفعي ، ارجعي من حيث جئت ، فترجع ، فتصبح طالعة من مطلعها ، ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة ولا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجـع ، فتصبح طالعـة من مطلعهـا ، ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئاً حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك ، تحت العرش ، فيقال لها : ارتفعي اصبحي طالعة من مغربك ، فتصبح طالعة من مغربها) ، فقال رسـول الله  : (أتدرون من ذاكم ؟ ذاك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً) ([96]) .
    ج- فتح باب التوبة حتى طلوع الشمس من مغربها :
                  يدل على ذلك آية الأنعام ، وقوله  : (أن الله جعل بالمغرب باباً عرضه مسيرة سبعين عاماً للتوبة ، لا يغلق ما لم تطلع الشمس من قبله ، وذلك قوله عز وجل  يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا ... الآية ) ([97]) .
                  وكل من يتوب قبل ذلك يقبل الله توبته ، لقوله  : (من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه) ([98]) .
    د- إغلاق باب التوبة بعد طلوع الشمس من مغربها :
                  من تاب بعد طلوع الشمس من مغربهـا لا يقبـل منـه سـواء كافر تاب من كفره أو مؤمن تاب من فسقه ، لقوله  : (ثلاث إذا خرجن ، لا ينفعُ نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل ، أو كسبت في إيمانها خيراً : طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض) ([99]) .
                  ولذلك بعد طلوع هذه الآية يطبع الله على كل قلب بما فيه ، لقوله  : (إن الهجرة خصلتان إحداهما تهجر السيئات ، والأخرى تهاجر إلى الله ورسوله ، ولا تنقطع ما تقبلت التوبة ، ولا تزال تقبل حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت طبع على كل قلبٍ بما فيه وكفى الناس العمل) ([100]) .
                  وبناء على ما تقدم فلا بد من المبادرة للأعمال الصالحة قبل إغلاق باب التوبة لقوله  : (بادروا بالأعمال ستاً : طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، والدخان ، ودابة الأرض ، وخويصة أحدكم ، وأمر العامة : أمر الساعة) ([101]) .

    رابعاً : وجوه الإعجاز في آية الشمس :
    1- الإعجاز الغيبي حيث وقعت هذه الآية العجيبة ولأول مرة قبيل يوم القيامة ، وبعد بعثة النبي  بآلاف السنين .
    2- طلوع الشمس من مغربها على غير ما عهده الناس ، وما لم يحدث قبل ذلك قط ، وما لم يتوقعه العلم البشري قبل ذلك قط ، فهذا شيء مذهلٌ معجزٌ خارق للعادة لا يستطيعه إلا الله عز وجل .
    خامساً : آثار وقوع آية الشمس :
                  يمكن تلخيص هذه الآثار بما يلي :
    1- إغلاق باب التوبة أمام الناس إلى يوم القيامة ، فلا تقبل توبة كافر ، أو مسلم عاصي لآية الأنعام ، وللأحاديث النبوية في ذلك وقد سبقت .
    2- الطبع على كل قلب بما فيه من خيرٍ أو شرٍ كما دل الحديث النبوي قبل السابق .
    3- قرب وقوع يوم القيامة .
    4- توشك أن تقع بعدها آية الدابة في أي لحظة إن لم تسبقها للحديث النبوي في أول المطلب التالي .
    5- زيادة الإيمان والاطمئنان القلبي للمؤمنين برؤيتهم بأم أعينهم آية من آيات الله تتحقق بعد آلاف السنين من ذكرها في الكتاب والسنة .
    6- يأس الكفار وحزنهم وحسرتهم وندمهم بعد رؤيتهم لهذه الآية ، وعلمهم بإقفال باب التوبة أمامهم إلى يوم القيامة ، وأنهم لن ينفعهم إيمان أو عمل صالح بعد ذلك ، بل هم من أهل النار المخلدون فيها .
    7- ندم المسلمين على تقصيرهم في طاعة الله قبل ذلك لأنه لن يقبل منهم إلا ما كانوا عليه من طاعة قبل ذلك .
    8- حرص المسلمين على إيمانهم وأعمالهم الصالحة قبل ذلك ، وذلك بالمحافظة والاستمرار عليها .

    المطلب الرابع : خروج الدابة :

    أولاً : الدليل على خروج الدابة :
                  ذهب المفسرون إلى أن خروج الدابة آخر الزمان أحد علامات وأشراط الساعة الكبرى ، واستدلوا على ذلك بقوله عز وجل :  وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ
    الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ  (النمل : 82) ([102]) .
                  ومما يدلل على ذلك ويعززه من السنة المطهرة قوله  : (إن أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدابة على الناس ضحى ، وأيُّهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها قريباً) ([103]) .
    ثانياً : تفسير الآية :
    أ- أقوال المفسرين في مفردات الآية :
    (1) معنى (وإذا وقع القول عليهم) :
                  تعددت أقوال المفسرين في معنى قوله: (وإذا وقع القول عليهم) والتفصيل كما يلي :
    1- قال مجاهد : أي حق عليهم العذاب .
    2- قال قتادة : أي إذا وجب الغضب عليهم .
    3- قال ابن جريج : القول الحق ([104]) .
    4- قال الزمخشري وتبعه الرازي : أي حصول ما وعدوا به من مشارفة الساعة وظهور أشراطها ([105]) .
                  (قلت) وأقوال المفسرين – رحمهم الله – متقاربة ومتشابهة ، والمعنى المراد – والله أعلم - : أي إذا حق ووجب غضب الله عليهم ، ونزول عذابه بهم يوم القيامة ، أخرج الله لهم الدابة للدلالة على ذلك .
    2- معنى : (أخرجنا لهم دابة من الأرض) :
                  الدابة لغة : هي اسم لكل ماشٍ على الأرض وما دب عليها مما له روج ، مميز وغير مميـز ، وهذا يشمل الإنسان ، والحيوان والطير وزاد بعضهم والجن .
                  وقد غلب اسم دابة على ما يركب من الدواب (كالإبل والخيل والحمير والبغال ، وهو يقع على المذكر والمؤنث ([106]) .
                  الدابة اصطلاحاً : اتفق غالب المفسرين على أنها دابة تسمع وترى وتمشي وتتحدث إلى الناس ، يخرجها الله عز وجل من الأرض قبيل يوم القيامة كعلامة وشرط ودليل على قرب وقوع الساعة .
                  (قلت) وهي أمرٌ خارق للعادة وسيأتي تفصيل ذلك .
                  ولكنهـم اختلفـوا فـي مسائل عديدة بشأنها وتباينت أقوالهم في ذلك ، والتفصيل كما يلي :
    (المسألة الأولى : ماهية الدابة) وقد تباينت أقوال المفسرين في ذلك والتفصيل كما يلي :
    1- قيل : هي فصيل ناقة صالح عليه السلام الذي هرب بعد عقر أمه وانطبق عليه الجبل ، ورجح ذلك القرطبي .
    2- وقيل : هي الجساسة (قلت) : يقصدون التي ذكرت في حديث تميم بن أوس الداري ، حيث يقول الرسول  عنه ومن معه من لخم وجذام : (... قد دخلوا الجزيرة فلقيتهم دايةٌ أهلب ([107]) كثير الشعر ، لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر ، فقالوا : ويلك ! ما أنت ؟ فقالت : أنا الجساسة ...) ([108]) .
    3- وقيل : هي إنسانٌ يكلم الناس ويحاججهم ويناظرهم ببطلان الأديان غير الإسلام .
    4- وقيل : هي دابة غير ما ذكر وغير معهودة ، وقد تباينت أوصافها (فروى) أن طولها ستون ذراعاً (وروى) أن رأسها تبلغ السحاب (وروى) أن ما بين قرينها فرسخ للراكب (وروى) أن لهـا أربـع قوائم وزغب وريش وجناحان (وروى) أن لها رأس ثور وعين خنزير وأذن فيل وقرن إبل وصدر أسد ولون نمر وخاصرة بقرة وذنب كبش وخف بعير ([109]) .
                  (قلت) القول الأول ممكن ، لأن فصيل ناقة صالح دابة ، ولأنه انطبقت عليه الأرض فيخرج منها كما نص القرآن ، وأما كونه لم يتكلم أيام صالح عليه السلام فإذا شاء الله أنطقه عندما يخرجه قبيل القيامة .
                  (وقلت) والقول الثاني ممكن لأن الجساسة دابة ، ولأنها تتكلم ، وأما كونها فوق الأرض وليس داخلها ، فإذا شاء الله أدخلها داخل الأرض وأخرجها منها قبيل يوم القيامة .
                  (وقلت) والقول الثالث ضعيف جداً للاعتبارات الآتية :
    1- إن الإنسان ليس بآية خارقة للعادة كبقية الآيات العشرة الواردة في قوله  : (إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات – فذكر - : الدخان ، والدجال ، والدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، ونزول عيسى بن مريم ، ويأجوج ومأجوج ، وثلاث خسوف ... وآخر ذلك نار تخرج من اليمن ، وتطرد الناس إلى محشرهم) ([110]) .
    2- إنه لا يخلو زمانٌ من إنسان مؤمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، فما الحاجة إليه ليكون دابة ، والأرض فيها مثله .
    3- الإنسان من أيام آدم وإلى يوم القيامة حياته على ظهر الأرض ، بينما الدابة تخرج من داخل الأرض .
    4- الناس لن يلتفتوا إليه لأنه ليس بآية ، بل هو مما عهدوه وألفوه ، وموجود في الأرض أمثاله ، فاحتيج إلى آية معجزة قاهرة .
    5- لو كانت الدابة إنساناً مؤمناً يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، لأكرمه الله بذكره بصفته البشرية والإيمانية لا بصفة الدابة ، قال تعالى :  وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ  (الإسراء: 70) ، وقال :  كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ  (آل عمران: 110) .
                  (وقلت) والقوال الرابع لا يلتفت إليه بهذه الأوصاف دون دليل ولا دليل .
    الترجيح :
                  والذي يرجحه الباحث : هي دابة وآية من آيات الله يخرجها الله من الأرض قبيل القيامة كعلامة على قرب وقوعها ، تسمع وتبصر وتمشي وتتكلم على غير ما عهده الناس ،
    وقد تكون فصيل ناقة صالح عليه السلام ، أو الجساسة ، أو غير ذلك ، والله أعلم .
    (المسألة الثانية : في موضع خروجها) قيل : تخرج من المسجد الحرام ، وقيل : من الصفا وقيل : من أجياد ، وقيل : من تهامة ... الخ .
    (المسألة الثالثة : في عـدد خروجها) فروى أنهـا تخرج ثلاث مرات : تخرج بأقصى اليمن ، ثم تكمن ، ثم تخـرج بالباديـة ، ثم تكمـن دهـراً طويـلاً ، ثـم تخرج من المسجد الحرام .
                  قال الفخر الرازي : "واعلم أنه لا دلالة في الكتاب على شيء من هذه الأمور ، فإن صح الخبر فيه عن الرسول  قبل وإلا لم يلتفت إليه" ([111]) .
                  (قلت): وما قاله الفخر الرازي – رحمه الله – عين الحق ، وبه أقول – والله أعلم -.
    (المسألة الرابعة : في ما تتكلم) واختلفوا في كلامها ، فقال السدي : تكلمهم ببطلان الأديان سوى دين الإسلام ، وقال بعضهم : كلامها أن تقول لواحد : هذا مؤمن ، وتقول لآخر : هذا كافر ، وقيل كلامها ما قال الله تعالى :  أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ  (النمل: 82) ، قال مقاتل تكلمهم بالعربية ، فتقول : إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون ، تخبر الناس أن أهل مكة لم يؤمنوا بالقرآن والبعث" ([112]) .
                  (قلت) والراجح هـو ما ذكـر فـي القـرآن وهو  تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون  إضافة إلى الكلام المناسب الذي يحتاجه الناس ، ومنه : أن دين الإسلام حق ، وغيره باطل ، وأن باب التوبة قد أغلق بخروجها – والله أعلم - .
    ب- شرط الداية في السياق القرآني :
                  قال تعالى :  إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ * وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ * وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ * وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ  (النمل: 80-83) .
                  إذا نظرنا وتأملنا وتدبرنا الآيات القرآنية الكريمة لوجدناها تتحدث عن ثلاثة مشاهد :
    المشهد الأول : أكد سبحانه في الآيتين الأوليين أن محمـداً  رغم بذل جهده في دعوتهم إلا أنه لا يسمع الكفار سماع تعقل وتفكر وتدبر واتعاظ واعتبار واتباع ، لأنهم كالموتى في تعطيلهـم عقولهم ، وكالطرش في تعطيلهم أسماعهم ، وكالعمي في تعطيلهم أعينهم ، وهم
    بذلك يولون مدبرين بباطلهم مستمرين في طغيانهم وضلالهم وجحودهم لآيات الله .
    المشهد الثاني : ناسب أن يحذرهم الله – في الآية الثالثة – وكل أضرابهم بعد ذلك ، أنهم إن ماتوا على عدم الإيمان بآيات الله ، وقرب عذابهم يوم القيامة ، أخرج الله دابة من الأرض كشرط وعلامة على قرب القيامة ، تحدث أن الكفار كانوا لا يؤمنون ولا يوقنون بآيات الله ، وذلك حين لا ينفع الإيمان لأجل إغلاق باب التوبة .
    المشهد الثالث : ناسب في الآية الرابعة أن ينقل السياق القرآني الحديث عن هؤلاء المكذبين بآيات الله إلى المشهد الثالث وهو يوم القيامة حيث يحشرون إلى الحساب والنار والعذاب .
    الخلاصة :
    المشهد الأول : يبيـن تكذيبهـم بآيات الله ، والمشهد الثاني : يبيـن إخبار الدابة لهم بتكذيبهم بآيات الله ، والمشهد الثالث : حشـرهم إلى جهنم يوم القيامة بسبب تكذيبهم بآيات الله .
    ج- التفسير العام للآية الكريمة :
                  قال تعالى :  وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ  (النمل:82) .
                  (وإذا وقع القول عليهم) هـذا يكـون بين يدي  الساعة ، أي : إذا حق ووجب غضب الله وسخطه على المكذبين بآياته سبحانه ، وقرب وقوع عذابه بهم يوم القيامة (أخرجنا لهم دابة من الأرض) أي : أخرج سبحانه دابة من داخل الأرض تسمع وتبصر وتتكلم وتمشي ، وهي آية عظيمة وخارقة للعادة يخرجها الله في آخر الزمان عند فساد الناس وتركهم أوامر الله وتبديلهم الدين الحق ، كعلامة من علامات القيامة ، وشرط من شروطها تدل على قرب وقوعها (تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) أي : تحدث الدابةُ الناسَ الموجودين حين خروجها بالعربية تقول لهم : أن الناس كفار مكة وغيرهم كانوا بآيات الله وأهمها القرآن المشتمل على البعث والحساب والعقاب والأحكام والإعجاز ... الخ لا يؤمنون ولا يوقنون ولا يصدقون .
    ثالثاً : وجوه الإعجاز في علامة الدابة :
                  لقد اشتملت آية وعلامة الدابة على وجوه من الإعجاز نلخصها فيما يلي :
    1- الإعجاز الغيبي ، حيث تقع قبيل يوم القيامة ، وبعد بعثة النبي  بآلاف السنين ، مما يدل على صدق النبي الأمي  ، قال تعالى :  وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى  (النجم: 3-4) .
    2- أحوال الدابة غريبة وعجيبة على غير ما اعتاده الناس وألفوه ، فكيف كانت حية في الأرض ، وكيف كانت تقتات وتتنفس وتعيش داخل الأرض ، وكيف شَقَّت الأرض اليابسة أو الصخرية وخرجت منها حيةً دون أذى ، فهي أشبه بمعجزة صالح عليه السلام الناقة في الخروج من الأرض ، وأبلغ منها في كونها تتكلم والناقة لم تتكلم .
    3- إن الدابة تتكلم بكلام عربي مبين ، وهذا خارق للعادة ، لم يعرفه الناس قبل ذلك ، وهذا ابلغ بما لا يقارن من قوليّ النملة والهدهد في قصة سليمان عليه السلام لأنهما لم يتكلما العربية أو غيرها ، وإنما فهم سليمان عليه السلام منطقهما بما علمه الله جل ثناؤه ، قال تعالى :  وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ  (النمل: 16) .
    4- إن الدابـة تتكلم بكلام العلم والحكمة ، ومن كلامها ما ذكره الله في الآية الكريمة في قوله :  تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون  .
    رابعاً : آثار وقوع آية الدابة :
    1- قرب وقوع يوم القيامة .
    2- زيادة الإيمان والاطمئنان القلبي للمؤمنين برؤيتهم لآية الدابة التي وقعت بعد آلاف السنين من ذكرها في الكتاب والسنة .
    3- زهد المؤمنين في الدنيا ، وإدبارهم عنها ، وإقبالهم على الله بالطاعة ، لقرب القيامة .
    4- إغلاق باب التوبة أمام الكفار لقوله  : (ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها  لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً  طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ودابة الأرض) ([113]) .

    المطلب الخامس : ظهور الدخان :

    أولاً : الدليل على ظهور الدخان :
                  ذهب فريق من المفسرين على أن من علامات يوم القيامة ظهور الدخان في السماء ، واستدلوا على ذلك بقوله جل ثناؤه :  فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ  (الدخان: 10-11) ([114]) .
                  ومما يدل على ذلك من السنة قوله  : (إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات – فذكر – الدخان ، والدجال ، والدابة ...) ([115]) .
    ثانياً : تفسير الآيات الكريمة :
    أ- آراء المفسرين في المراد بالدخان في الآية :
    اختلفت أقوال المفسرين في المراد بالدخان في قوله تعالى :  فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ  الآيات ، إلى ثلاثة أقوال ، والتفصيل كما يلي :
    القول الأول : هو دخـان يجيء قبيل القيامة يصيب المؤمن منه مثل الزكام ، وينضج رؤوس الكافرين والمنافقين ، حتى تكون كأنها مصلية حنيذة ، وتكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه نار .
                  قاله : علي بن أبي طالب ، وابن عمر ، وابن عباس ، وأبو هريرة ، وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهم  وزيد بن علي ، والحسن ، وابن أبي حازم ، وابن أبي مليكة ، وغيرهم ، واستدلوا بما يلي :
    1- قوله  : (إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات – فذكر – الدخان ، والدجال ، والدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، ونزول عيسى بن مريم عليه السلام ، ويأجوج ومأجوج ، وثلاثة خسوف : خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، وآخر ذلك نارٌ تخرج من اليمن ، تطرد  الناس إلى محشرهم) ([116]) .
    2- قوله  لابن صياد : (إني خبأت لك خبأ) قال : هو الدخ . فقال  : (اخسأ فلن تعدو قدرك) قال : وقد خبأ له رسول الله  : (فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين) ([117]) .
    3- أخرج ابن جرير والطبراني بسند جيد ، عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله  : (إن ربكم أنذركم ثلاثاً : الدخان يأخذ المؤمن منه كالزكمة ، ويأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه ، والثانية الدابة ، والثالثة الدجال) ([118]) . قال ابن كثير : "وهذا إسناد جيد" ([119]) .
    4- روى الطبري عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله  : (إن أول الآيات الدجال ، ونزول عيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام ، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر تقيل معهم إن قالوا ، والدخان) قال حذيفة رضي الله عنه : يا رسول الله وما الدخان ؟ فتلا رسول الله  هذه الآية :  فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ  ويملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يوماً وليلة ، أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكمة ، وأما الكافر فيكون بمنزلة السكران يخرج من منخريه وأذنيه ودبره) ([120]) . وقال ابن جرير : "لو صح هذا الحديث لكان فاصلاً ، وإنما لم أشهد له بالصحة ..." ([121]) ، وقال ابن كثير : "فإنه موضوع بهذا السند" ([122]) .
    القول الثاني : هـو الدخان الذي رأته قريشٌ حين دعا عليهم النبي  بسبع كسبع يوسف عليه السلام ، فكان الرجل يرى من الجدب والجوع دخاناً بينه وبين السماء .
                  قاله : عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وأبو العالية ، وإبراهيم النخعي ، ومقاتل ، ومجاهد ، والضحاك ، وعطية العوفي ، وغيرهم ، وهو اختيار الطبري ، واستدلوا بما يلي :
    1- سياق الآيات يدل عليه ، وأن الله تعالى كشفه عنهم ، ولو كان يوم القيامة لم يكشفه عنهم قال تعالى :  إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ  (الدخان:15) .
    2- ما أخرجه البخاري بسنده عن مسروق قال : قال عبد الله ]ابن مسعود[ : إنما كان هذا لأن قريشاً لما استعصت على النبي  دعا عليهم بسنين كسني يوسف ، فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام ، فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد ، فأنزل الله تعالى :  فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ  قال : فأُتي رسول الله  فقيل : يا رسول الله ، استسق الله لمضر فإنها قد هلكت ، قال : (لمضر إنك لجرئ) فاستسقى فسقوا ، فنزلت (إنكم عائدون) فلما أصابتهم  الرفاهية عادوا إلى حالهم حين أصابتهم الرفاهية ، فأنزل الله عز وجل :  يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ  (الدخـان:16) قـال : يعني يوم بدر ([123]) . ([124])
                  هذا وقد احتج أصحاب القول الأول على أصحاب القول الثاني بوجوه :
    "الأول : إن قوله (يوم تأتي السماء بدخان) يقتضي وجود دخان تأتي به السماء وما ذكرتموه من الظلمة الحاصلة في العين بسبب شدة الجوع فذاك ليس بدخان أتت به السماء فكان حمل
    لفظ الآية على هذا الوجه عدولاً عن الظاهر لا لدليل منفصل ، وإنه لا يجوز .
    الثاني : أنه وصف ذلك الدخان بكونه مبيناً ، والحالة التي ذكرتموها ليست كذلك لأنها عارضة تعرض لبعض الناس في أدمغتهم ، ومثل هذا لا يوصف بكونها دخاناً مبيناً .
    الثالث : أنه وصف ذلك الدخان بأنه يغشى الناس ، وهذا إنما يصدق إذا وصل ذلك الدخان عليهم واتصل بهم والحال التي ذكرتموها لا توصف بأنها تغشى الناس إلا على سبيل المجاز وقد ذكرنا أن العدول من الحقيقة إلى المجاز لا يجوز إلا لدليل منفصل" ([125]) .
                  (قلت) : وسياق الآيات حجة مرجحة وليست قاطعة ، بدليل أنه يمكن تأويل الآيات بما يتفق مع أن المراد بالدخان ما يكون قبيل يوم القيامة .
                  (وقلت) وقوله تعالى :  إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ  ليس بحجة قاطعة لهم ، فيمكن تأويله أن الله عز وجل يكشف عنهم عذاب الدخان لفترة زمنية محددة كما يكشف عذاب الدجال وعذاب يأجوج ومأجوج ... الخ ، وقوله (إنكم عائدون) يمكن أن تأول : أي عائدون إلى الكفر ، أو عائدون إلى الله للحساب ، والله أعلم .
                  (وقلت) احتجاجهم بسبب النزول ، فهو ليس مروياً عن النبي  وإنما عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه ، وهو بهذا يخالف أقوال الصحابة رضي الله عنهم الآخرين ، وأقوال الصحابة رضي الله عنهم إذا تعارضت فليس بعضهم حجة على بعض وإنما حجة على من بعدهم ، ولذلك لنا أن نرجح بينها ، ولا نأتي برأي جديد مخالف لها كلها .
    القـول الثالث : "إنه يوم فتح مكـة (دخـان) لمـا حجبـت السـماء الغبـرة ، قالـه : عبد الرحمن الأعرج" ([126]) .
                  قال ابن كثير عن هذا الرأي : "وهذا القول غريب جداً ، بل منكر" ([127]) .
                  (قلت) : وهذا القول فيه نظر ، لأن هناك فرق كبير بين الدخان الذي تأتي به السماء وبين الغبار المثار من الأرض ، ثم هذا الغبار ليس بأليم فهو كأي غبار .
    الترجيح :
                  قال ابن كثير : "قال ابن جرير : .... عن عبد الله بن أبي مليكة قال : غدوت على ابن عباس رضي الله عنه ذات يوم فقال : ما نمت الليلة حتى أصبحت قلت : لم ؟ قالوا : طلع الكوكب ذو الذنب فخشيت أن يكون الدخان قد طرق فما نمت حتى أصبحت ([128]) ، وهكذا
    رواه ابن أبي حاتم ... وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس رضي الله عنه حبر الأمة وترجمان القرآن ، وهكذا قول من وافقه من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين مع الأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرها التي أوردوها بما فيه مقنع ودلالة ظاهرة على أن الدخان من الآيات المنتظرة ، مع أنه ظاهر القرآن ، قال الله تبارك وتعالى :  فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ  أي : بين واضح يراه كل أحد ، وعلى ما فسره ابن مسعود رضي الله عنه إنما هو خيال رأوه في أعينهم من شدة الجوع والجهد وهكذا قوله تعالى : (يغشى الناس) أي : يتغشاهم ويعميهم ، ولو كان أي أمراً خيالياً يخص أهل مكة المشركين لما قيل فيه (يغشى الناس)" ([129]) .
                  وقال الشوكاني : "والراجح منها أنه الدخان الذي كانوا يتخيلونه مما نزل بهم من الجهد وشدة الجوع ، ولا ينافي ترجيح هذا ما ورد أن الدخان من آيات الساعة ، فإن ذلك دخان آخر ولا ينافيه – أيضاً – ما قيل إنه الذي كان يوم فتح مكة ، فإنه دخان آخر على تقدير صحة وقوعه" ([130]) .
                  (قلت) : بعد النظر والتدبر والتدقيق والاستقراء للآراء الثلاثة وأدلتها ومناقشاتها فيما بينها وترجيحات العلماء ، فإن الذي يرجحه الباحث – والله أعلم – هو القول الأول لأدلته خاصة الأحاديث النبوية الثلاثة الصحيحة ، ولردودهم على أدلة القول الثاني .
    ب- تفسير آيات الدخان :
                  قال تعالى :  فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِـي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ * أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ * ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ * إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ * يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ  (الدخان: 10-16) .
                  (فارتقب) أي : فانتظر يا محمد أحد أشراط الساعة قبيل يوم القيامة (يوم تأتي السماء بدخان مبين) أي : بين واضح يراه كل أحد (يغشى الناس) أي : يتغشاهم ويشملهم ويعمهم جميعاً مؤمنين وكافرين (هذا عذاب أليم) يحتمل أن يكون من كلام الله تقريعـاً وتوبيخاً ، ويحتمل من قول الناس لما أصابهم من الدخان ، وهذا أظهر لأن ما بعده من كلامهم باتفاق ، فيكون الكلام متناسقاً (ربنا اكشف عنا العذاب) أي : يقول الكافرون ربنا ارفع واكشف عنا عذاب الدخان الأليم (إنا مؤمنون) أي : مصدقون برسالة محمد  (أنى لهم الذكرى) هذا من كلام الله ، أي : كيف لهم بالتذكر والاتعاظ عند حلول العذاب (وقد جاءهم رسول مبين) أي : يبين لهم  الحق والرسالة والنذارة (ثم تولوا عنه) أي : أعرضوا عنه وكذبوه (وقالوا معلم مجنون) أي : قال الكافرون : علمه بشرٌ ، أو الكهنةُ ، أو الشياطين ، ثم هو مجنون وليس برسول (إنا كاشفو العذاب قليلاً) أي : الله عز وجل سيكشف عذاب الدخان بعد انتهاء مدته التي قدرها الله ، قال القرطبي : "أشار بهذه إلى ما يكون من الفرجة بين آية وآية من آيات قيام الساعة" ([131]) (إنكم عائدون) أي : راجعون إلى كفركم ومستمرون في طغيانكم وضلالكم (يوم نبطش البطشة الكبرى) أي : يوم القيامة (إنا منتقمون) أي : ينتقم الله عز وجل ويعاقب الكفار والمكذبين ([132]) .
    ج- آية الدخان في السياق القرآني :
                  بعد التدبر في آيات القرآن المشتملة على آية وعلامة الدخان التي تكون قبيل يوم القيامة نلاحظ أنها تشتمل على ثلاثة مشاهد :
    المشهد الأول : وقوع آية الدخان قبيل يوم القيامة المشتملة على العذاب الأليم .
    المشهد الثاني : عذاب الكفار والمنافقين بهذه الآية ، ودعاؤهم لله في ذلك ، وكشفه سبحانه عنهم بعد زمنٍ معين قيل أربعون يوماً .
    المشهد الثالث : عودتهم إلى عذاب الله يوم القيامة ولذلك ختم بقوله :  يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ  أي : يوم القيامة - والله أعلم - .
    ثالثاً : الأحوال بعد ظهور آية الدخان :
    أ- إتيان السماء بدخان مبين :
                  تظهر آية وعلامة الدخان قبيل يوم القيامة ، حيث يظهر في السماء ويأتي منها دخان بين واضح لا لبس فيه ومن غير نار لكل صاحب عينين ، قال تعالى :  فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ  (الدخان:10) .
    ب- غشيان الدخان للناس :
                  هذا الدخان يغشى الناس جميعاً مؤمنين وكفاراً ، إلا أنه يكون عذاباً أليماً على الكفار ويصيب المؤمن منه كالزكمة ، قال تعالى :  يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ  (الدخان:11) وقـال رسول الله  : (إن ربكم أنذركم ثلاثاً : الدخان يأخذ المؤمن منه كالزكمة ، ويأخذ
    الكافر فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه ، والثانية الدابة ، والثالثة الدجال) ([133]) .
    ج- انتهاء آية الدخان :
                  يضج الكفار بالدعاء إلى الله عز وجل ويلحون فيه ويزعمون الإيمان وذلك لعدم قدرتهم على تحمل عذاب الدخان ، قال تعالى على لسانهم :  رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ  (الدخان:12) ، وقد توجهوا بدعائهم إلى الله دون غيره لعلمهم أنه لا يكشفه إلا هو سبحانه وتعالى ، وكما قال :  أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ  (النمل: 62) .
                  ويكشفه تبارك وتعالى برحمته وحكمته وعلمه ، منهياً بذلك آية الدخان – كغيرها من الآيات – وتمهيداً للبطشة الكبرى وهي قيام الساعة ، قال تعالى :  إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ * يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ  (الدخان: 15-16) .
    رابعاً : وجوه الإعجاز في آية الدخان :
                  يمكن تلخيص هذه الوجوه بما يلي :
    1- الإعجاز الغيبي ، حيث حدث ووقع ما ذكره القرآن ، والنبي  منذ آلاف السنين .
    2- إتيان السماء بالدخان ومن غير نار ، وهذا معجز وخارق للعادة ، إذ المعتاد أن يخرج الدخان من الأرض نتيجة الاحتراق .
    3- إن هذا الدخان كثير جداً وكثيف بحيث يغشى جميع أهل الأرض مؤمنين وكفار ، وهذا ما لم يحدث من قبل ، وهذا ما لا يستطيعه إلا الله عز وجل .
    4- إن هذا الدخان يفرق – بقدرة الله – بين الناس ، فيعذب بالعذاب الأليم الكافرين والمنافقين دون المؤمنين ، وهذا معجز لا يستطيعه إلا الله عز وجل .
    خامساً : آثار ظهور آية الدخان :
                  يمكن تلخيص أهم هذه الآثار بما يلي :
    1- تعذيب الكفار والمنافقين بعذاب الدخان الأليم .
    2- إصابة المؤمنين بالزكمة من هذا الدخان .
    3- قرب وقوع يوم القيامة .
    4- زيادة الإيمان والاطمئنان القلبي للمؤمنين ، برؤيتهم بأعينهم لإحدى آيات الله تقع وتتحقق بعد آلاف السنين من ذكرها في القرآن والسنة .
    5- زهد المؤمنين في الدنيا بإدبارهم عنها ، وإقبالهم على الله بطاعته بامتثال أوامره ، واجتناب نواهيه ، وذلك لقرب وقوع القيامة ، ثم الحساب ، ثم الجنة أو النار .

    الخاتمة

                  وتشتمل على أهم النتائج والتوصيات ، والتفصيل كما يلي :
    أولاً : أهم النتائج :
                  هذا البحث غزيرٌ بالنتائج ، يمكن تلخيص أهمها بما يلي :
    1- قرب وقوع أشراط الساعة الكبرى ، بسبب انقضاء كثير من علامات القيامة الصغرى .
    2- العلم بأشراط الساعة يدفع الناس إلى الزهد في الدنيا ، والإقبال على الله تعالى بالطاعة .
    3- العلم بأشراط الساعة يعصم المؤمنين من آثارها الخطيرة في الدين والدنيا .
    4- العلم بأشراط الساعة لا سبيل إليه إلا عن طريق الوحي لأنه غيب .
    5- أشراط الساعة الصغرى والكبرى تمثل إعجازاً غيبياً يدل على نبوة محمد  .
    6- وجوه الإعجاز في آية عيسى عليه السلام تتمثل في : بقاءه حياً منذ رفعه وحتى نزوله وإلى وفاته ، ونزوله من السماء ، وموت كل كافر يشم رائحته ، ونطق الحجر والشجر في عصره ، وإخباره لبعض المؤمنين بمنازلهم في الجنة .
    7- أهم آثار آية عيسى عليه السلام تتمثل في : إبطاله للملة النصرانية ، وهلاك كل ملل الكفر ، والقضاء على فتنة الدجال وفتنة يأجوج ومأجوج ، وظهور الإسلام على كل الأديان ، وانتشار الخير والبركة بشكل منقطع النظير .
    8- يأجوج ومأجوج أفسد البشر ، ووجوه الإعجاز بشأنهم : فشلهم في خرق السد لآلاف السنين ، ثم خرقهم له لوعد الله ، وشربهم للأنهار ولبحيرة طبرية ، وعودة رماحهم من السماء مخضبة بالدماء ، وقتلهم مرة واحدة بأضعف جند الله ، وحمل جثثهم بطيور غير معهودة .
    9- أهم آثار يأجوج ومأجوج : إفسادهم في الأرض وظهورهم على أهل الأرض ، وحصرهم للمؤمنين ، وإيقاد المسلمين - بعد قتلهم – نيرانهم لسبع سنين بقسيهم ونشابهم .
    10- يدل ذلـك علـى انتهـاء بعض أو كثير من مظاهر الحضارة الحالية ، والرجوع إلى حرب الخيل والسيف والنبل ... الخ .
    11- وجوه الإعجاز في آية الشمس تتمثل في الإعجاز الغيبي ، وطلوعها من مغربها ، وأهم آثارها إغلاق باب التوبة .
    12- وجوه الإعجاز في آية الدابة تتمثل في الإعجاز الغيبي ، وكيفية حياتها في الأرض وخروجها منها ، وكلامها بالعربية والحكمة ، وأهم آثارها : إغلاق باب التوبة .
    13- وجوه الإعجاز في آية الدخان تتمثل في الإعجاز الغيبي ، وإتيان السماء بالدخان من غير نار ، وغشيانه لجميع الناس مرة واحدة ، وتعذيبه للكافرين والمنافقين دون المؤمنين ، وأهم آثاره تعذيب الكفار به .
    ثانياً : أهم التوصيات :
                  يمكن تلخيص أهم هذه التوصيات بما يلي :
    1- على المسلم أن يحذر الآخرة لقرب وقوع القيامة ، ولذلك فليزهد في الدنيا ، وليقبل على الله بالطاعات .
    2- على المسلم أن يحرص على تعلم علم أشراط الساعة لأهميته وخطورته .
    3- على العلماء والدعاة أن يبصروا المسلمين بموضوع علامات القيامة لأهميته الكبيرة .
    4- على الباحثين كتابة البحوث في أشراط الساعة في ضوء القرآن الكريم ، والسنة الصحيحة ، ونشر تلك البحوث .

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

    فهرس المصادر والمراجع

    1-            القرآن الكريم .
    2-            بحر العلـوم لأبي الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي ، تحقيق : علي معوض ، وعادل عبد الموجـود ، وزكريـا النوبـي ، دار الكتب العلمية ، بيروت – لبنان ، ط1 (1413هـ-1993م) .
    3-            التبيان شرح أركان الإيمان ، د. سعد عبد الله عاشور ، مطبعة المنارة ، غزة ، فلسطين ، ط(1427هـ-2006م) .
    4-            التسهيل لعلوم التنزيل لمحمد بن أحمد بن جزي الكلبي ، دار الفكر .
    5-            تفسير الإمامين الجليلين لجلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي ، مطبعة الأنوار المحمدية – القاهرة .
    6-            تفسير القرآن العظيـم للحافـظ عمـاد الدين إسماعيل بن كثير ، دار المعرفة – بيروت – لبنان ، ط (1388هـ-1969م) .
    7-            التفسـير الكبيـر لفخـر الرازي ، دار إحيـاء التراث العربي ، بيروت – لبنان ، ط2 (1417هـ-1997م) .
    8-            جامع البيان عن تأويل آي القرآن لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري ، مطبعة الحلبي مصر ط3 (1388هـ-1968م) .
    9-            الجامع لأحكام القرآن لأبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي ، تحقيق : محمد الحفناوي ومحمد عثمان دار الحديث – القاهرة ، ط (1423هـ-2002م) .
    10-        الدر المنثور في التفسير المأثور للإمام عبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي ، ط1 (1403هـ-1983م) ، دار الفكر .
    11-        رياض الصالحين للإمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي الدمشقي ، تحقيق : شعيب الأرنؤوط ، مؤسسة الرسالة ، ط5 (1406هـ-1986م) .
    12-        سنن ابن ماجـة للحافظ أبي عبـد الله محمـد بن يزيد القزويني ، تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي ، ط : دار الفكر .
    13-        سنن أبي داود للحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني ، الأزدي ، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ، ط (دار الفكر) .
    14-        سنن الترمذي ، لأبي عيسى محمد بن سورة ، تحقيق أحمد محمد شاكر ، دار الكتب العلمية ، بيروت لبنان ، ط1 (1408هـ-1987م) .
    15-        صحيح البخاري للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ، اعتنى به : محمود ابن الجميل ، مكتبة الصفا – القاهرة ، ط1 (1423هـ-2003م) .
    16-        صحيح الجامع الصغير وزياداته ، لمحمد ناصر الدين الألباني ، جمعية إحياء التراث ، الكويت ، ط3 (1421هـ) .
    17-        صحيح مسلم بشرح النووي للإمام أبي زكريـا يحيى بن شرف النووي الدمشقي ، دار الفكر بيروت لبنان ، ط3 (1389هـ-1978م) .
    18-        صحيح مسلم للإمـام أبي الحسين النيسابوري ، تحقيـق : محمد فؤاد عبد الباقي ، دار إحياء التراث العربي .
    19-        صفـوة التفاسـير لمحمـد علـي الصابوني ، دار القـرآن الكريـم – بيـروت ، ط4 (1402هـ-1981م) .
    20-        فتح الباري شرح صحيح البخاري ، لابن حجر العسقلاني ، دار المعرفة ، بيروت ، لبنان ، ط(1379هـ) .
    21-        فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدرايـة من علـم التفسير لمحمد بن علي الشوكاني ، دار الفكر بيروت – لبنان ، ط (1403هـ-1983م) .
    22-        القاموس المحيط لمجد الدين الفيروزأبادي ، دار الحديث – القاهرة .
    23-        قصة المسيح الدجال ، لمحمد ناصر الدين الألباني ، المكتبة الإسلامية ، الأردن ، ط1 (1421هـ) .
    24-        الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ، لأبي القاسم جار الله محمود ابن عمر الزمخشري الخوارزمي ، تحقيق : يوسف الحمادي ، ط (مكتبة مصر) .
    25-        اللبـاب في علوم الكتاب لأبي حفص عمر بن علي أبي عادل الدمشقي الحنبلي ، تحقيق: عادل أحمـد عبد الموجود وآخرون ، دار الكتب العلمية ، بيروت – لبنان ، ط1 (1419هـ-1998م) .
    26-        لسـان العـرب للإمـام العلامـة ابـن منظـور ، ط (دار الحديـث – القاهـرة) ، ط(1422هـ-2002م) .
    27-        مختـار الصحـاح للإمـام محمـد بن أبي بكر الرازي ، دار الفكر ، بيروت – لبنان ط(1393هـ-1973م) .
    28-        المستدرك على الصحيحين في الحديث ، للحافظ أبي عبد الله النيسابوري ، دار الفكر ، بيروت ، ط(1398هـ-1978م) .
    29-        مسند الإمام أحمد بن حنبل ، لأحمد بن حنبل ، دار الحديث ، ط1 (1416هـ) ، وطبعة دار الفكر ، ط(1) .
    30-        المعجم الأوسط للطبراني ، أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ، دار الحرمين ، القاهرة ، ط(1415هـ) .
    31-        المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم لمحمد فؤاد عبد الباقي ، مكتبة التراث الإسلامي بيروت – لبنان .
    32-        نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ، للإمام برهان الدين أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي ، تحقيق : عبد الرزاق المهدي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، ط 1 (1415هـ-1995م) .
    33-        النهاية في غريب الحديث والأثر للإمام مجد الدين بن محمد الجزري ، ابن الأثير ، تحقيق : محمـود الطناحي ، وطاهر الراوي ، دار الفكر ، بيروت ، ط2 (1399هـ-19779م) .

    -1-


    [1]() انظر : لسان العرب لابن منظور 5/78 ، 79 ، ومختار الصحاح للرازي ، ص 334 ، والقاموس المحيط للفيروزأبادي 2/368 .
    [2]() انظر : التسهيل لعلوم التنزيل للكلبي 4/48 ، وتفسير الجلالين للمحلي والسيوطي ، ص 26 ، وصفوة التفاسير للصابوني 3/210 .
    [3]() انظر : لسان العرب لابن منظور 1/291 ، ومختار الصحاح للرازي ، ص 37 .
    [4]() انظر: نظم الدرر للبقاعي 2/749 ، والتفسير الكبير للرازي 5/188 ، والكشاف للزمخشري 2/138 .
    [5]() التفسير الكبير للرازي 5/188 .
    [6]() انظر : لسان العرب لابن منظور 1/216 ، ومختار الصحاح للرازي ، ص 25 ، والقاموس المحيط للفيروزأبادي 1/365 .
    [7]() قال : أي جبريل عليه السلام .
    [8]() قال : أي النبي  .
    [9]() صحيح مسلم ، ك 1 (الإيمان) ب 1 (بيان الإيمان والإسلام ...) 1/37 ، 38 ، ح (28) .
    [10]() انظر : شرح صحيح مسلم للنووي  1 /158 ، والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير 1/67 .    
    [11]() انظر : لسان العرب لابن منظور 1/216 ، ومختار الصحاح للرازي ، ص 25 ، والقاموس المحيط للفيروزأبادي 4/153 .
    [12]() انظر: التفسير الكبير للرازي 9/640 ،وبحر العلوم للسمرقندي 2/211 ، وتفسير اللباب لابن عادل 17/285 .
    [13]() لسان العرب لابن منظور 4/749 ، ومختار الصحاح للرازي ، ص 321 .
    [14]() الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 3/727 .
    [15]() انظر : المعجم المفهرس لألفاظ القرآن لعبد الباقي ، ص 111 .
    [16]() انظر : لسان العرب لابن منظور 7/544 ، والقاموس المحيط للفيروزأبادي ، ص 111.
    [17]() انظر : فتح الباري لابن حجر 13/485 ، والتبيان ، د. سعد عاشور 2/107 ، 108 .
    [18]() صحيح البخاري ، ك 68 (الطلاق)  ب 25 (اللعان) 2/607 ، ح (5301) .
    [19]() المعجم الأوسط للطبراني 7/349 ، ح (7695) ، قال المنذري : رواته رواة الصحيح .
    [20]() صحيح البخاري ، ك 3 (العلم) ب 21 (رفع العلم ...) 1/31 ، ح (80) .
    [21]() صحيح مسلم ، ك 52 (الفتن ...) ب 4 (إذا تواجه المسلمان ...) 4/2215 ، ح (157) .
    [22]() صحيح مسلم ، ك 12 (الزكاة) ب 18 (الترغيب في الصدقة ...) 2/701 ، ح (157) .
    [23]() رواه البخاري ، ك 92 (الفتن)  ب 23 (لا تقوم الساعة ...) 3/385 ، ح (7715) .
    [24]() صحيح البخاري ، ك 58 (الجزية والموادعة ) ب 15 (ما يحذر من الغدر) 2/103  ، ح ( 3176 ) .
    [25]() انظر : فتح الباري لابن حجر 13/485 ، والتبيان ، د. سعد عاشور 2/107 ، 108 .
    [26]() صحيح مسـلم ، ك 52 ( الفتن ...) ب 13 ( في الآيات ... ) 4/2225 ، 2226 ، ح ( 2901 ) .
    [27]() صحيح مسلم ، ك 48 (الذكر ...) ب 11 (فضل الاجتماع ...) 4/2074 ، ح (2699) .
    [28]() سنن الترمذي ، ك 42 (العلم) ب 19 (ما جاء في فضل الفقه على العبادة) 5/48 ، ح (2685) ، صححه شعيب الأرناؤوط . انظر : رياض الصالحين للنووي ، حاشيته لشعيب الأرناؤوط ، ص 526 .
    [29]() صحيح مسلم ، ك 52 (الفتن ...) ب 25 (في بقية من أحاديث الدجال) 4/2267 ، ح (2947) .
    [30]() صحيح مسلم ، ك 1 (الإيمان) ب 72 (بيان الزمن ...) 1/138 ، ح (158) .
    [31]() بحر العلوم للسمرقندي 3/445 .
    [32]() جامع الأحكام للقرطبي 3/727 ، وفتح القدير للشوكاني 2/111 .
    [33]() صحيح مسلم ، ك 7 (الجمعة) ب 5 (فضل يوم الجمعة) 2/585 ، ح (854) .
    [34]() انظر : صفوة التفاسير للصابوني 3/88 ، وتفسير الجلالين للمحلي والسيوطي ، ص 616 .
    [35]() يلط : يلط ويلوط : أي يطينه ويصلحه . انظر : النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 4/277 .
    [36]() صحيح مسلم ، ك 52 (الفتن وأشراط الساعة) ب 27 (قرب الساعة) 4/2270 ، ح (2954) .
    [37]() انظر : جامع البيان للطبري 25/90 ، 91 ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير 4/132 ، والتفسير الكبير للرازي 9/640 ، والكشاف للزمخشري 4/164 ، وبحر العلوم للسمرقندي 3/211 ، وتفسير اللباب لابن عادل 17/285  .
    [38]() انظر : جامع البيان للطبري 6/18 ، 19 ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير 1/576 ، 577 ، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 3/392 ، 393 ، والدر المنثور للسيوطي 2/733 وما بعدها ، وفتح القدير للشوكاني 1/535 ، 536 .
    [39]() صحيح مسلم ، ك 52 (الفتن وأشراط الساعة) ب 13 (في الآيات التي تكون قبل الساعة) 4/2225 ، 2226 ، ح (2901) .
    [40]() انظر : جامع البيان للطبري 6/18 ، 19 ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير 1/576 ، 577 ، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 3/392 ، 393 ، والدر المنثور للسيوطي 2/733 وما بعدها ، وفتح القدير للشوكاني 1/535 ، 536 .
    [41]() الجامع لأحكام القرآن 3/393 .
    [42]() جامع البيان للطبري 6/21 .
    [43]() تفسير القرآن العظيم لابن كثير 1/577 .
    [44]() فتح القدير للشوكاني 1/356 .
    [45]() "ويضع الجزية" قال النووي : "فالصواب في معناه أنه لا يقبلها ولا يقبل من الكفار إلا الإسلام ... قاله الإمام أبو سليمان الخطابي وغيره من العلماء رحمهم الله تعالى" صحيح مسلم بشرح النووي 2/190  .
    [46]() صحيح مسلم ، ك 1 (الإيمان) ب 72 (الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان) 1/138 ، ح (157) .
    [47]() صحيح البخاري ، ك 92 (الفتن) ب 26 (ذكر الدجال) 3/387 ، ح (7128) .
    [48]() سنن أبي داود ، ك (الملاحم) ب (خروج الدجال) 4/117 ، 118 ، ح (4324) ، وصححه الألباني ، صحيح الجامع 2/950 ، ح (5389) .
    [49]() مهرودتين : "ومعناه لابس مهرودتين ، أي : ثوبين مصبوغين بورس ثم بزعفران" ، صحيح مسلم بشرح النووي 18/67 .
    [50]() صحيح مسلم ، ك 52 (الفتن وأشراط الساعة) ب 20 (ذكر الدجال ...) 4/2253 ، ح (2137) .
    [51]() صحيح مسلم بشرح النووي للنووي 18/67 .
    [52]() صحيح مسلم ، حاشيته لعبد الباقي 4/2253 .
    [53]() صحيح البخاري ، ك 34 (البيوع) ب 102 (قتل الخنزير) 1/480 ، 481 ، ح (2222) .
    [54]() صحيح مسلم ، ك 52 (الفتن وأشراط الساعة) ب 20 (ذكر الدجال ...) 4/2253 ، ح (2137) .
    [55]() مسند أحمد 9/429 ، ح (10210) ، وصحح سنده أحمد شاكر ، ط : (دار الحديث) .
    [56]() جامع البيان للطبري 28/88 .
    [57]() نفس المرجع والجزء والصفحة .
    [58]() صحيح مسلم ، ك 52 (الفتن وأشراط الساعة) ، ب 25 (في بقية من أحاديث الدجال) 4/2267 ، ح (2946) .
    [59]() انظر : صحيح مسلم 4/2247 وما بعدها ، وسنن ابن ماجه 2/1353 وما بعدها ، وسنن أبي داود 4/118 وما بعدها .
    [60]() سنن ابن ماجة ، ك 36 (الفتن) ب 33 (فتنة الدجال ...) 2/1360 ، ح (4077) ، والمستدرك للحاكم ، ك (الفتن) ب (بيت الكعبة بحيال العرش) 4/491 ، 492 ، صححه الحاكم ، وصحح سنده الألباني . انظر : قصة المسيح الدجال ، ص 41 .
    [61]() النغف "دود يكون في أنوف الإبل والغنم ، واحدتها نغفة" . النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير 5/87 .
    [62]() فرسى: "أي قتلى ، الواحد : فرس من فرس الذئب الشاة وافترسها إذا قتلها" . نفس المرجع 3/428 .
    [63]() صحيح مسلم ، ك 52 (الفتن وأشراط الساعة) ب 20 (ذكر الدجال ...) 4/2254 ، ح (2137) .
    [64]() سبق الحديث مفصلاً عن ذلك بالأدلة في هذا المطلب .
    [65]() صحيح الجامع للألباني  2/728 ، ح (3919) ، صححه الألباني .
    [66]() مسند أحمد 9/429 ، ح (10210) ، وصحح سنده أحمد شاكر ، ط (دار الحديث) .
    [67]() سنن أبي داود ، ك (الملاحم) ، ب (خروج الدجال) 4/118 ، ح (4324) .
    [68]() صحيح مسلم ، ك 52 (الفتن واشراط الساعة) ، ب 20 (ذكر الدجال ...) 4/2253 ، ح (2137) .
    [69]() صحيح مسلم ، ك 1 (الإيمان) ، ب 72 (بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان) 1/138 ، ح (158) .
    [70]() انظر : جامع البيان للطبري 16/27 وما بعدها ، وتفسير القرآن  العظيم لابن كثير 3/105 ، 195 ، وفتح القدير للشوكاني 3/313 ، 426 ، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 6/59 ، 305 ، والتسهيل لعلوم التنزيل للكلبي 2/32 .
    [71]() صحيح مسلم ، ك 52 (الفتن ...) ب 13 (في الآيات ...) 4/2225 ، 2226 ، ح (2901) .
    [72]() انظر : تفسير القرآن العظيم لابن كثير 3/105 ، وفتح القدير للشوكاني 3/313 ، 315 .
    [73]() انظر : جامع البيان للطبري 17/87 ، 91 ، 92 ، وبحر العلوم للسمرقندي 2/379 ، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 6/306 ، 307 .
    [74]() صحيح مسلم ، ك 1 (الإيمان) ، ب 96 (يقول الله لآدم ...) 1/201 ، ح (222) .
    [75]() تفسير القرآن العظيم لابن كثير 3/104 .
    [76]() فتح القدير للشوكاني 3/312 .
    [77]() التسهيل لعلوم التنزيل للكلبي 2/196 .
    [78]() صحيح البخاري ، ك 60 (أحاديث الأنبياء) ب 7 (قصة يأجوج ومأجوج) 2/138 ، ح (3346) ، وصحيح مسلم ، ك 52 (الفتن) ب 1 (اقتراب الفتن) 4/2207 ، ح (2880) .
    [79]() انظر : تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي ، ص 400 ، وصفوة التفاسير للصابوني 2/206 .
    [80]() سنن ابن ماجة ، ك (الفتن) ب (فتنة الدجال ...) 2/1364 ، ح (4080) ، وصححه الألباني ، صحيح الجامع 1/452 ، ح (2276) .
    [81]() "لا يدان لأحد بقتالهم" : قال العلماء : معناه لا قدرة ولا طاقة لأحدٍ بقتالهم ، انظر : شرح النووي على صحيح مسلم 18/68 .
    [82]() صحيح مسلم ، ك 52 (الفتن وأشراط الساعة) ب 20 (ذكر الدجال ...) 4/2253 ، ح (2137) .
    [83]() سنن ابن ماجة ، ك (الفتن) ب (فتنة الدجال ...) 2/1364 ، ح (4080) ، وصححه الألباني ، صحيح الجامع 1/452 ، ح (2276) .
    [84]() "زهمهم ونتنهم" أي : "دسمهم ورائحتهم الكريهة" . شرح النووي على صحيح مسلم 18/69 .
    [85]() "كأعناق البخت" البخثت : هي الأنثى من الجمال ، وهي جمال طوال الأعناق . انظر : النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير 1/101 .
    [86]() صحيح مسلم ، ك 52 (الفتن وأشراط الساعة) ب 20 (ذكر الدجال ...) 4/2253 ، ح (1137) .
    [87]() "بالمهبل" هو الهوة الذاهبة في الأرض . النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير 5/241 .
    [88]() سنن الترمذي ، ك 34 (الفتن) ب (ما جاء في فتنة الدجال) 4/445 ، ح (2240) حسنه وصححه الترمذي ، وصححه الألباني . صحيح الجامعي 1/658 ، ح (3673) .
    [89]() انظر : الكشاف للزمخشري 2/138 ، والتفسير الكبير للرازي 5/188 وتفسير الجلالين ، ص 197 ، 198 ، ونظم الدرر للبقاعي 2/749 ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير 2/192-195 .
    [90]() صحيح مسلم ، ك 1 (الإيمان) ب 72 (بيان الزمن الذي لا يُقبل فيه الإيمان) 1/137 ، ح (157) ، وصحيح البخاري ، ك 81 (الرقاق) ، ب (40) ، 3/247 ، ح (6506) .
    [91]() انظر : الكشاف للزمخشري 2/138 ، والتفسير الكبير للرازي 5/188 وتفسير الجلالين ، ص 197 ، 198 ، ونظم الدرر للبقاعي 2/749 ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير 2/192-195 .
    [92]() مسند أحمد ، 2/325 ، ح (8298) ، ط (دار الفكر) .
    [93]() فتح الباري لابن حجر 11/253 ، ط (دار المعرفة) .
    [94]() فتح القدير للشوكاني 5/388 .
    [95]() صفوة  التفاسير للصابوني 3/485 .
    [96]() صحيح مسلم ، ك 1 (الإيمان) ب 72 (بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان) 1/138 ، ح (159) .
    [97]() سنن الترمذي ، ك 49 (الدعوات) ب 99 (فضل التوبة ...) 5/510 ، 511 ، ح (3536) .
    [98]() صحيح مسلم ، ك 48 (الذكر والدعاء ...) ب 12 (استحباب الاستغفار ...) 4/2075 ، ح (2703) .
    [99]() صحيح مسلم ، ك 1 (الإيمان) ب 72 (بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان) 1/138 ، ح (158) .
    [100]() مسند أحمد 1/192 ، ح (1671) ، ط (دار الفكر) قال عنه ابن كثير : "الحديث حسن الإسناد ، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة" تفسير القرآن العظيم 2/195 .
    [101]() صحيح مسلم ، ك 52 (الفتـن وأشراط السـاعة) ب 25 (في بقيـة من أحاديث الدجال) 4/2267 ، ح (2947) .
    [102]() انظر : جامع البيان للطبري 19/12 وما بعدها ، والدر المنثور للسيوطي 6/378 وما بعدها ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير 3/374 وما بعدها ، وفتح القدير للشوكاني 4/151 وما بعدها ، والتفسير الكبير للرازي 8/572 وما بعدها ، وبحر العلوم للسمرقندي 2/505 ، والكشاف للزمخشري 3/426 وما بعدها .
    [103]() صحيح مسلم ، ك 52 (الفتـن ...) ب 23 (في خروج الدجال ...) 4/2260 ، ح(2941) .
    [104]() انظر : جامع البيان للطبري 19/13 وما بعدها ، والدر المنثور للسيوطي 6/377 وما بعدها .
    [105]() انظر : الكشاف للزمخشري  3/ 426 ، والتفسير الكبير للرازي 8/572 .
    [106]() انظر : لسان العرب لابن منظور 3/282 ، ومختار الصحاح للرازي /197 ، والقاموس المحيط للفيروزأبادي 1/64 .
    [107]() أهلب : أي كثيفة الشعر . انظر : النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير 5/269 .
    [108]() صحيح مسلم ، ك 52 (الفتن وأشراط الساعة) ب 24 (قصة الجساسة) 4/2262 ، ح (2942) .
    [109]() انظر : جامع البيان للطبري 19/12 وما بعدها ، والدر المنثور للسيوطي 6/378 وما بعدها ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير 3/374 وما بعدها ، وفتح القدير للشوكاني 4/151 وما بعدها ، والتفسير الكبير للرازي 8/572 وما بعدها ، وبحر العلوم للسمرقندي 2/505 ، والكشاف للزمخشري 3/426 وما بعدها .
    [110]() صحيح مسلم ، ك 52 (الفتن ...) ب 13 (في الآيات ...) 4/2225 ، 2226 ، ح (2901) .
    [111]() التفسير الكبير للرازي 8/573 .
    [112]()انظر : جامع البيان للطبري 19/12 وما بعدها ، والدر المنثور للسيوطي 6/378 وما بعدها ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير 3/374 وما بعدها ، وفتح القدير للشوكاني 4/151 وما بعدها ، والتفسير الكبير للرازي 8/572 وما بعدها ، وبحر العلوم للسمرقندي 2/505 .
    [113]() صحيح مسلم ، ك 1 (الإيمان) ب 72 (بيان الزمن ...) 1/138 ، ح (158) .
    [114]() سيرد ذكر المراجع في نهاية الأقوال الثلاثة للعلماء والمفسرين في النقطة التالية .
    [115]() صحيح مسلم ، ك 52 (الفتن ...) ب 13 (في الآيات ...) 4/2225 ، 2226 ، ح (2901) .
    [116]() أخرجه مسلم ، وقد سبق تخريجه في الحاشية الماضية .
    [117]() صحيح البخاري ، ك 56 (الجهاد والسير) ب 178 (كيف يعرض الإسلام ...) 2/72 ، 73 ، ح (3055) ، وصحيح مسلم ، ك 52 (الفتن وأشراط الساعة) ، ب 19 (ذكر ابن صياد) 4/2240 ، 2241 ، ح (2924) .
    [118]() جامع البيان للطبري 25/114 .
    [119]() تفسير القرآن العظيم لابن كثير 4/139 .
    [120]() جامع البيان للطبري 25/114 .
    [121]() المرجع السابق 25/114 .
    [122]() تفسير القرآن العظيم لابن كثير 4/139 .
    [123]() صحيح البخاري ، ك 65 (تفسير القرآن) ب 1 (فارتقب ...) 3/492 ، ح (4821) .
    [124]() انظر : جامع البيان للطبري 25/111 وما بعدها ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير 4/138-140 ، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 8/435 وما بعدها ، والدر المنثور للسيوطي 7/405 وما بعدها ، والتسهيل في علوم التنزل للكلبي 4/35 ، وفتح القدير للشوكاني 4/571 ، 572 ، والتفسير الكبير للرازي 9/656-658 ، وصفوة التفاسير للصابوني 3/171 .
    [125]() التفسير الكبير للرازي 9/656 ، 657 .
    [126]() الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 8/437 .
    [127]() تفسير القرآن العظيم لابن كثير 4/138 .
    [128]() جامع البيان للطبري 25/113 .
    [129]() تفسير القرآن العظيم لابن كثير 4/139 ، 140 .
    [130]() فتح القدير للشوكاني 4/571 .
    [131]() الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 8/438 .
    [132]() انظر : المرجع السابق 8/437 ، 438 ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير 4/140 ، والتسهيل لعلوم التنزيل للكلبي 4/35 والتفسير الكبير للرازي 9/656-657 .
    [133]() أخرجه الطبري في جامع البيان 25/114 ، وقال ابن كثير عنه "وهذا إسناد جيد"، تفسير القرآن العظيم 4/139 .