مقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وبعد:الذي غلب على الإمام الشافعي اشتغاله بالفقه دون العقيدة؛ ومما يؤكد هذا انتساب كثير من العلماء إليه فيقال: شافعي المذهب أشعري العقيدة مثلاً، أي الانتساب إليه في الفقه، وإلى غيره في العقيدة .والحق أن يقال :إن للإمام الشافعي مذهباً متكاملاً في العقيدة بجانب مذهبه الفقهي ،ودورنا هنا أن نبين هذا المذهب ومدى التزام الإمام الشافعي بمنهج الدليل من الكتاب والسنة والإشارة إليه في مواطن متعددة من كتبه ،وإن لم يفرد له كتاباً خاصاً ،وإنما كان يكتفي بذكر الدليل الصحيح معتبره حجة على ما يقول به دون تأويل أو رد له مقدماً إياه على رأيه وفكره .
وعليه فقد أورد الإمام الشافعي أغلب مسائل العقيدة المجمع عليها والمختلف فيها على منهج واحد دون إفراط أو تفريط أو متابعة لطرق الكلام، فجاءت هذه المسائل في سائر كتبه وغيرها لتعبر عن مذهب متكامل بالإمكان أن نسميه مذهب الشافعي العقدي وبالمقارنة مع مذهب السلف الصالح نجده لا يختلف من قريب ولا من بعيد عن مذهبهم،ومن هنا نقرر التزام الشافي بمنهج النص وعدم تأثره بعلم الكلام أو حتى الميل إليه وصحة الانتساب إليه فقهياً وعقائدياً .
وعليه تطمئن النفس إلى صحة كل ما نقل عن الشافعي ويثبت أنه على عقيدة صحيحة لا غبش فيها ولا التواء.
حياة الإمام الشافعي
وفيه مسائل:اسمه: محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ويجتمع مع النبي في عبد مناف بن قصي.([1])
نسبه: ينسب إلى الصحابي شافع بن السائب([2])
كنيته: أبو عبد الله الشافعي([3])
لقبه: ولقبه أهل بغداد بناصر الحديث وهو نقل هذا القول فقال: "سميت ببغداد ناصر الحديث".([4])
ولادته ووفاته:
ولد سنة خمسين ومائة من الهجرة في غزة وهو العام الذي توفى فيه أبو حنيفة.([5])وهذا ما نقله عن الأصفهاني في حلية الأولياء قال الشافعي: ولدت بغزة سنة خمسين ومائة وحملت إلى مكة وأنا ابن سنتين([6])وتوفي في سنة 240هجرية كما قال ابن أبي حاتم: مات في آخر يوم من رجب سنة (240)([7])
طلبه للعلم:
عاش الإمام الشافعي يتيماً فقيراً لكن هذا لم يمنعه من طلب العلم فكان طلب العلم له بمثابة البعد عن الأم الرحيمة فكانت أمه تسكن غزة فنقلته إلى بلاد الحجاز فحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنوات وحفظ موطأ الإمام مالك وهو ابن عشر سنوات وبعدها أخذ يتتبع أماكن العلماء ويأخذ منهم العلم ويدونه، كما نقل عنه ابن حجر قوله :"كنت يتيماً في حجر أمي ولم يكن معها ما تعطي المعلم وكان المعلم قد رضي مني أن أخلفه إذا قام فلما ختمت القرآن دخلت المسجد فكنت أجالس العلماء فأحفظ الحديث أو المسألة وكانت دارنا في شعب الخيف فكنت أكتب في العظم فإذا كثر طرحته في جرة عظيمة".([8])وبعدها أحب الشعر واللغة فأخذ يبحث عنها حتى يتعلمها ونقل البيهقي عن الشافعي في بداية حياته أنه كان يبحث عن تعلم شعر هذيل ويطلب أيام الناس والأدب ([9]) ولكن الإمام الزبيري لم يستحب له أن يتعلم اللغة حين رأى ما به من سرعة الحفظ والبراعة في العلم فأشار عليه بأن يتعلم الفقه فقال له: إنما الشعر مروءة الفتيان عليك بالفقه ،فتركه وأخذ بالفقه([10])وكان من أحد الأئمة في علم الفقه وأصبح له مذهب يؤخذ به حتى الآن وهو يدرس في كل الدنيا.مؤلفاته:
كان رحمه الله موسوعة فتح الله عليه بالحفظ السريع والفهم وهي على النحو التالي :1- كتاب الرسالة وهو مذهبه القديم والجديد ولكن ألف كل منهم على
2- كتاب اختلاف الأحاديث
3- كتاب جماع العلم
4- كتاب إبطال الاستحسان
5- كتاب أحكام القرآن
6- كتاب بيان فرض الله .
7- كتاب صفة الأمر والنهي
8- كتاب اختلاف العراقيين
9- كتاب الرد على محمد بين الحسن.
10- كتاب اختلاف مالك والشافعي وغيرها كثير لا يتسع المقام لذكرها.([11])
ثناء العلماء عليه:
لو أردنا أن نعدد أقوال العلماء في الثناء على الشافعي لوجدنا أن العلماء من بعده كلهم عيالٌ عليه ولكن هذا غيظ من فيض في ذكره، فقال يونس الصدفي: "ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يوما في مسألة،ثم افترقنا ولقيني فأخذ بيدي ثم قال لي يا أبا موسى لا يستقيم أن نكون إخوانا وإن لم نتفق في مسألة"([12])ويقول الميموني سمعت أحمد بن حنبل يقول ستة ادّعوا لهم سحرا أحدهم الشافعي([13]) وهذا يدل على مكانة الشافعي عند إمام أهل السنةقال محمد بن هارون الزنجاني حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال قلت لأبي يا أبه أي رجل كان الشافعي فإني سمعتك تكثر من الدعاء له فقال لي يا بني كان الشافعي كالشمس للدنيا وكالعافية للناس فانظر هل لهذين من خلف أو منهما عوض ([14])
قال أحمد بن حنبل:إن الله تعالى يقيض للناس في كل رأس مائة سنة من يعلمهم السنن وينفي عن رسول الله الكذب فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز وفي رأس المئتين الشافعي.([15])
قال قتيبة بن سعيد: الشافعي إمام.([16])
وهذا جزء قليل من ثناء العلماء عليه لكن البحث لا يتسع لذكر أقوال العلماء.
المطلب الثاني
أصول الشافعي في إثبات العقيدة
كان الشافعي رحمه الله متبعاً للكتاب والسنة ولم يشذ عن هذا المذهب فكان رحمه الله إذا أراد أن يتكلم في أي مسألة من مسائل العقيدة كانت أصوله التي يرجع إليها هي: القرآن الكريم فإن لم يجد عليها دليل ذهب إلى سنة النبي فإن لم يجد كان يذهب إلى رأي الصحابة المتفق عليه لكن إذا كان هناك خلاف في مسألة من المسائل كان يجتهد برأيه بعيداً عن عقول أهل الأهواء والبدع؛ لأنه كان دائماً حريصاً على إتباع كتاب ربه وسنة نبيه ولذلك حين تكلم عن عقيدته في كتابه الرسالة قال: "وَكُلُّ ما وَصَفْت مع ما أنا ذَاكِرٌ وَسَاكِتٌ عنه اكْتِفَاءً بِمَا ذَكَرْت منه عَمَّا لم أَذْكُرْ من حُكْمِ اللَّهِ ثُمَّ حُكْمِ رَسُولِهِ ثُمَّ حُكْمِ الْمُسْلِمِينَ دَلِيلٌ على أَنْ لَا يَجُوزَ لِمَنْ اسْتَأْهَلَ أَنْ يَكُونَ حَاكِمًا أو مُفْتِيًا أَنْ يَحْكُمَ وَلَا أَنْ يفتى إلَّا من جِهَةِ خَبَرٍ لَازِمٍ وَذَلِكَ الْكِتَابُ ثُمَّ السُّنَّةُ أو ما قَالَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ لَا يَخْتَلِفُونَ فيه أو قِيَاسٌ على بَعْضِ هذا ولا يَجُوزُ له أَنْ يَحْكُمَ وَلَا يفتى بِالِاسْتِحْسَانِ إذْ لم يَكُنْ الِاسْتِحْسَانُ وَاجِبًا وَلَا في وَاحِدٍ من هذه الْمَعَانِي فَإِنْ قال قَائِلٌ فما يَدُلُّ على أَنْ لَا يَجُوزَ أَنْ يَسْتَحْسِنَ إذَا لم يَدْخُلْ الِاسْتِحْسَانُ في هذه الْمَعَانِي مع ما ذَكَرْت في كِتَابِك هذا قِيلَ قال اللَّهُ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى فلم يَخْتَلِفْ أَهْلُ العلم العمل بِالْقُرْآنِ فِيمَا عَلِمْت أَنَّ السُّدَى الذي لَا يُؤْمَرُ وَلَا ينهي وَمَنْ أَفْتَى أو حَكَمَ بِمَا لم يُؤْمَرْ بِهِ فَقَدْ أَجَازَ لِنَفْسِهِ أَنْ يَكُونَ في مَعَانِي السُّدَى وقد أَعْلَمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لم يَتْرُكْهُ سُدًى وَرَأَى أَنْ قال أَقُولُ بِمَا شِئْت وَادَّعَى ما نَزَلَ الْقُرْآنُ بِخِلَافِهِ في هذا وفي السُّنَنِ فَخَالَفَ مِنْهَاجَ النَّبِيِّينَ وَعَوَامَّ حُكْمِ جَمَاعَةِ من رَوَى عنه من الْعَالِمِينَ فَإِنْ قال فَأَيْنَ ما ذَكَرْت من الْقُرْآنِ وَمِنْهَاجِ النَّبِيِّينَ صلى اللَّهُ عليهم وسلم أَجْمَعِينَ قِيلَ قال اللَّهُ لِنَبِيِّهِ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إلَيْك من رَبِّك وقال وَأَنْ اُحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتْبَعْ أَهْوَاءَهُمْ الْآيَةَ ثُمَّ جَاءَهُ قَوْمٌ فَسَأَلُوهُ عن أَصْحَابِ الْكَهْفِ وَغَيْرِهِمْ فقال أُعْلِمُكُمْ غَدًا يعنى أَسْأَلُ جِبْرِيلَ ثُمَّ أُعْلِمُكُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إنِّي فَاعِلٌ ذلك غَدًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ الْآيَةَ وَجَاءَتْهُ امْرَأَةُ أَوْسِ بن الصَّامِتِ تَشْكُو إلَيْهِ أَوْسًا فلم يُجِبْهَا حتى أَنْزَلَ اللَّهُ قد سمع اللَّهُ قَوْلَ التي تُجَادِلُك في زَوْجِهَا وَجَاءَهُ الْعَجْلَانِيُّ يَقْذِفُ امْرَأَتَهُ قال لم يَنْزِلْ فِيكُمَا وَانْتَظَرَ الْوَحْيَ فلما نَزَلَ دَعَاهُمَا فَلَاعَنَ بَيْنَهُمَا كما أَمَرَهُ اللَّهُ وقال لِنَبِيِّهِ وأن اُحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وقال يا دَاوُد إنَّا جَعَلْنَاك خَلِيفَةً في الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بين الناس بِالْحَقِّ الْآيَةَ وَلَيْسَ يُؤْمَرُ أَحَدٌ أَنْ يَحْكُمَ بِحَقٍّ إلَّا وقد عَلِمَ الْحَقَّ وَلَا يَكُونُ الْحَقُّ مَعْلُومًا إلَّا عن اللَّهِ نَصًّا أو دَلَالَةً من اللَّهِ فَقَدْ جَعَلَ اللَّهَ الْحَقَّ في كِتَابِهِ ثُمَّ سُنَّةِ نَبِيِّهِ فَلَيْسَ تَنْزِلُ بِأَحَدٍ نَازِلَةٌ إلَّا وَالْكِتَابُ يَدُلُّ عليها نَصًّا أو جُمْلَةً".([17])وإذا أردنا أن نبين كيف كان الشافعي يأخذ عقيدته لا بد أن ننظر إلى قَولَ الشَّافِعِيُّ : "آمَنْت بِاَللَّهِ وَبِمَا جَاءَ عَنْ اللَّهِ عَلَى مُرَادِ اللَّهِ وَآمَنْت بِرَسُولِ اللَّهِ وَمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى مُرَادِ رَسُولِ اللَّهِ"([18]) وهذا يبين أن الشافعي كانت أصوله هي الكتاب والسنة الصحيحة سواءً كانت هذه السنة آحاد أو متواتر وإجماع الصحابةورد أقوال أهل البدع وزجرهم وطردهم من مجالسته .
والمتتبع لمنهج السلف يجد أن الإمام الشافعي رحمه الله لم يخالف هذا المنهج بل سار عليه وحارب كل من خالف هذا المنهج ورماه بالبدعة؛ لأنه اتبع غير المنهج القويم الذي رسمه الله لهذه الأمة كي تسير عليه ويستقيم حالها والنبي بين أن من اتبع كتاب الله وسنة نبيه لم يضل أبدا فقال : "وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله وأنتم تسألون عني."([19])
المطلب الثالث
مسائل الإيمان وحقيقته ومنهج الشافعي في إثباته،
المسألة الأولى: حقيقة الإيمان ودخول الأعمال في مسماه.الناظر في عقيدة الإمام الشافعي رحمه الله في حقيقة الإيمان يجده يقول أن الإيمان ليس قولاً فقط ،ولا قولاً وعمل فقط ولا يقول بأن الإيمان فقط نية لكن الشافعي رحمه الله بين لنا أن الإيمان يجمع هؤلاء الثلاثة وبين لنا أن الإيمان قول وعمل ونية ويؤكد ذلك ما رواه الربيع عن الشافعي :"يقول الربيع: سمعت الشافعي يقول: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص."([20])، "وقال الشافعي رحمه الله في كتاب الأم في باب النية في الصلاة : نحتج بأن لا تجزئ صلاة إلا بنية ؛ لحديث عمر بن الخطاب عن النبي : «إنما الأعمال بالنية([21])» ثم قال: وكان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ممن أدركناهم أن الإيمان قول وعمل ونية ، لا يجزئ واحد من الثلاثة بالآخر"([22]) وهذا يؤكد لنا أن الإمام الشافعي رحمه الله كان على نهج السلف الصالح؛ لأن الإيمان عند السلف هو اعتقاد بالجنان وقول باللسان وعمل بالجوارح والأركان؛([23]) لأنه إذا نقص واحد منهم يجعل الإنسان مخالفاً المنهج السلف ولم يشذ عن هذا المنهج؛ لأنه كان يعلم أن أي عمل يقوم به الإنسان لا بد أن تتوفر النية وإذا حضرت النية لابد من العمل لهذه النية ولا يقبل العمل إلا إذا كان صاحبه ممن تلفظ بالشهادتين، فالإمام الشافعي يعتقد بهذا المنهج ويسير عليه ويدعو إليه ويناقش من يخالف هذا المنهج من أجل أن يوصله إلى المنهج القويم .
المسألة الثانية: الإيمان يزيد وينقص
فالله بين لنا أن الإيمان ليس مرتبة واحدة ولكنه يزيد وينقص فهو يزيد بطاعة الرحمن وينقص بطاعة الشيطان والذي يؤيد زيادة الإيمان ونقصانه قوله: وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا [الأحزاب: 22] والنبي بين أن الإيمان عبارة عن درجات يزيد بالأعمال الصالحة وينقص بالمعاصي فيه يتفاوت الناس والدليل قول النبيُّ: "الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان"([24]) أما الدليل على نقصان الإيمان فهو قول النبيمن رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان([25])
والإمام الشافعي لم يخالف من سبقه من العلماء في هذا الأمر لأنه متبع؛ فحين أراد أن يتكلم عن الإيمان قال فيما رواه الربيع بن سليمان([26]) سمعت الشافعي يقول الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ثم تلا هذه الآية وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا[المدثر: 31] ([27]) وهذا يبين لنا أن الإمام الشافعي متبع لمنهج السلف ولم يشذ عن شيء منه عليه دليل.
المسألة الثالثة: الاستثناء في الإيمان.
ومعنى قولنا الاستثناء في الإيمان هو قول الإنسان أنا مؤمن إن شاء الله هذا يكون من باب الورع وخوفاً من تزكية النفس؛ لأن الله قال:فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى[النجم:32] فإن كان قصد القائل فيها الجزم فهذا لا يصح؛ لأنه إذا قال هذا صح له أن يجزم لنفسه بالجنة وهذا من ادعاء علم الغيب وهذا لا يجوز؛لأنه يدخل في باب التألي على الله لكن إذا كان هذا من باب الاستبشار بهذا الأمر فهذا جائز إن شاء الله وهذه هي عقيدة السلف في الاستثناء ونقلها الإمام الآجري في كتابه الشريعة:" من صفة أهل الحق، ممن ذكرنا من أهل العلم: الاستثناء في الإيمان، لا على جهة الشك، نعوذ بالله من الشك في الإيمان، ولكن خوف التزكية لأنفسهم من الاستكمال للإيمان، لا يدري أهو ممن يستحق حقيقة الإيمان أم لا وذلك أن أهل العلم من أهل الحق إذا سئلوا: أمؤمن أنت قال: آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والجنة والنار، وأشباه هذا، والناطق بهذا، والمصدق به بقلبه مؤمن، وإنما الاستثناء في الإيمان لا يدري: أهو ممن يستوجب ما نعت الله عز وجل به المؤمنين من حقيقة الإيمان أم لا هذا وطريق الصحابة والتابعين لهم بإحسان،عندهم أن الاستثناء في الأعمال، لا يكون في القول، والتصديق بالقلب، وإنما الاستثناء في الأعمال الموجبة لحقيقة الإيمان، والناس عندهم على الظاهر مؤمنون،به يتوارثون،وبه يتناكحون، وبه تجري أحكام ملة الإسلام"([28])،وكان الإمام الشافعي رحمه الله ممن وافق هذا القول ويؤيد ذلك ما ذكره الْمِرْدَاوِيِّ بقوله:"وَيَجُوزُ الاِسْتِثْنَاءُ فِيهِ,أَيْ فِي الإيمان بِأَنْ تَقُولَ: أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ. نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الإمَامُ أَحْمَدُ وَالإمَامُ الشَّافِعِيُّ رحمهما الله"([29])
المسألة الرابعة حكم الكبيرة وأثرها على الإيمان.
الناظر في حكم مرتكب الكبائر يرى أن أهل السنة يقولون أنه إيمانه ناقص؛ لأنه يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، والمعتزلة نظروا إلى مرتكب الكبيرة على أنه في منزلة بين المنزلتين، لكن الخوارج نظروا إلى مرتكب الكبيرة على أنه كافر، ولكن اختلفوا في هذا النوع من الكفر.
والإمام الشافعي رحمه الله يرى أن مرتكب الكبيرة في غير الشرك أن الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه قال الشافعي رحمه الله :"إذا َوَلَّى الْمُسْلِمُونَ غير مُتَحَرِّفِينَ لِقِتَالٍ أو مُتَحَيِّزِينَ إلَى فِئَةٍ رَجَوْت أَنْ لَا يَأْثَمُوا وَلَا يَخْرُجُونَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ من الْمَأْثَمِ إلَّا بِأَنْ لَا يُوَلُّوا الْعَدُوَّ دُبُرًا إلَّا وَهُمْ يَنْوُونَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ من التَّحَرُّفِ إلَى الْقِتَالِ أو التَّحَيُّزِ إلَى فِئَةٍ فَإِنْ وَلَّوْا على غَيْرِ نِيَّةِ وَاحِدٍ من الْأَمْرَيْنِ خَشِيت أَنْ يَأْثَمُوا وَأَنْ يُحْدِثُوا بَعْدُ نِيَّةَ خَيْرٍ لهم وَمَنْ فَعَلَ هذا منهم تَقَرَّبَ إلَى اللَّهِ عز وجل بِمَا اسْتَطَاعَ من خَيْرٍ بِلَا كَفَّارَةٍ مَعْلُومَةٍ فيه قال وَلَوْ وَلَّوْا يُرِيدُونَ التَّحَرُّفَ لِلْقِتَالِ أو التَّحَيُّزَ إلَى الْفِئَةِ ثُمَّ أَحْدَثُوا بَعْدُ نِيَّةً في الْمُقَامِ على الْفِرَارِ بِلَا وَاحِدَةٍ من النِّيَّتَيْنِ كَانُوا غير آثِمِينَ بِالتَّوْلِيَةِ مع النِّيَّةِ لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَخِفْت أَنْ يَأْثَمُوا بِالنِّيَّةِ الْحَادِثَةِ أَنْ يَثْبُتُوا على الْفِرَارِ لَا لِوَاحِدٍ من الْمَعْنَيَيْنِ وَإِنْ بَعْضُ أَهْلِ الْفَيْءِ نَوَى أَنْ يُجَاهِدَ عَدُوًّا أبدا بِلَا عُذْرٍ خِفْت عليه الْمَأْثَمَ"([30])
وبين أيضاً ذلك من خلال قوله عن الآخرة التي هي إما دار السعادة أو الشقاء وفيها رحمة الله وعفوه ومغفرته للمذنبين فقال:" وَجَعَلَ الْآخِرَةَ دَارَ قَرَارٍ وَجَزَاءٍ فيها بِمَا عَمِلَ في الدُّنْيَا من خَيْرٍ أو شَرٍّ إنْ لم يَعْفُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ"([31]) وهذا يبن لنا أن الإمام الشافعي رحمه الله لم يخالف منهج السلف ولكن سار عليه وحارب كل من خالفه .
وقد بين الشافعي رحمه الله أيضاً موقفه من الزاني وغيره فهو لم يحل دمه؛ لأنه ثبت له حرمة الإسلام واستدل على ذلك بحديث حاطب ([32]). وهذا يجلي لنا موقف الشافعي جلياً من مرتكب الكبيرة بأنه مؤمن عاصي .
المسألة الخامسة: حقيقة السحر عن الشافعي.
الإمام الشافعي رحمه الله يثبت السحر ويبن أنه من عقيدة المسلم لوردها بالكتاب والسنة ويتكلم عن حكم السحر والساحر فقال عن السحر:"وَالسِّحْرُ اسْمٌ جَامِعٌ لَمَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ فَيُقَالُ لِلسَّاحِرِ صِفْ السِّحْرَ الذي تَسْحَرُ بِهِ فَإِنْ كان ما يَسْحَرُ بِهِ كَلَامَ كُفْرٍ صَرِيحٍ اُسْتُتِيبَ منه فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَأُخِذَ مَالُهُ فَيْئًا وَإِنْ كان ما يَسْحَرُ بِهِ كَلَامًا لَا يَكُونُ كُفْرًا وكان غير مَعْرُوفٍ ولم يَضُرَّ بِهِ أَحَدًا نهى عنه فَإِنْ عَادَ عُزِّرَ وَإِنْ كان يَعْلَمُ أَنَّهُ يَضُرُّ بِهِ أَحَدًا من غَيْرِ قَتْلٍ فَعَمَدَ أَنْ يَعْمَلَهُ عُزِّرَ وَإِنْ كان يَعْمَلُ عَمَلًا إذَا عَمِلَهُ قُتِلَ الْمَعْمُولُ بِهِ وقال عَمَدْت قَتْلَهُ قُتِلَ بِهِ قَوَدًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَوْلِيَاؤُهُ أَنْ يَأْخُذُوا دِيَتَهُ حَالَّةً في مَالِهِ وَإِنْ قال إنَّمَا أَعْمَلُ بهذا لِأَقْتُلَ فَيُخْطِئَ الْقَتْلُ وإِنْ قال قد سَحَرْتُهُ سِحْرًا مَرِضَ منه ولم يَمُتْ منه أَقْسَمَ أَوْلِيَاؤُهُ لَمَاتَ من ذلك الْعَمَلِ وَكَانَتْ لهم الدِّيَةُ وَلَا قَوَدَ لهم مَالُ السَّاحِرِ وَلَا يَغْنَمُ إلَّا في أَنْ يَكُونَ السِّحْرُ كُفْرًا مُصَرَّحًا "([33])وَأَمَرَ عُمَرُ أَنْ يُقْتَلَ السَّحَّارَ عِنْدَنَا وقد وافق الشَّافِعِيُّ رحمه الله عمر في ذلك فقال وَاَلَّذِي أَرَادَ اللَّهُ عز وجل أَنْ يُقْتَلُوا حتي يَتُوبُوا وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ أَهْلُ الْأَوْثَانِ من الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ الَّذِينَ لَا كِتَابَ لهم فَإِنْ قال قَائِلٌ ما دَلَّ على ذلك قِيلَ له قال اللَّهُ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ [التوبة: 29]
ومما سبق يتضح أن الإمام الشافعي رحمه الله يثبت السحر ويثبت وقوعه و يستدل عليه من الكتاب والسنة ولكن في تعلمه كان له تفصيل أنواع السحر كما سبق فإن كان هذا السحر الذي يتعلمه وصف ما يستوجب الكفر مثل سحر أهل ببابل فهو يقتل به إن وصفه على مثل هذا الوصف كان مما لا يوجب الكفر فلا يقتل به والله أعلم.
عقيدة الشافعي في التوحيد ومنهجه
المسألة الأولى: عقيدة الشافعي في توحيد الإلوهية.توحيد الإلوهية هو من أهم أنواع التوحيد الذي فرق الله به بين المؤمنين والكافرين فكثير من الناس يقع في الشرك ويقول أنا أؤمن أن الله هو الرازق والمحيي والمميت ولا يعلم أن توحيد الإلوهية هو الذي يفرق بين الناس في عبادتهم وهو الذي أرسل الله الرسل من أجل أن يعلمه الناس وهو لو أردنا أن نعرفه لقلنا هو افراد الله العبادة دون غيره ونأخذ هذا من حديث معاذ حين بَعَثَه إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ([34]) وهذا يدللنا على أن النبي علم أمته التوحيد ولذلك حين سئل المزني عن علم الكلام والتوحيد " فقال: إني أكره هذا، بل أنهى عنه كما نهى عنه الشافعي، لقد سمعت الشافعي يقول: سئل مالك عن الكلام والتوحيد، فقال: محال أن نظن بالنبيأنه علم أمته الاستنجاء، ولم يعلمهم التوحيد، والتوحيد ما قاله النبي:" أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " ، فما عصم به الدم والمال حقيقة التوحيد."([35]) ومعلوم أن الذي يعصم الدم والمال هو توحيد الإلوهية وليس توحيد الربوبية؛ لأن المشركين في عهد الرسول كانوا يقرون بتوحيد الربوبية وينكرون توحيد الإلوهية ولذلك قال الله عنهموَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ[العنكبوت:61]وهذا الذي كان يقره الإمام الشافعي رحمه الله ويعتقد به ويدافع عنه.
المسألة الثانية: عقيدة الشافعي في توحيد الربوبية.
يؤمن بتوحيد الربوبية جميع الناس إلا الملاحدة والشيوعيون فهم لا يقرون بالرب ويستدلون على ربوبيته من خلقه؛ لأنه قال:وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ* وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ[الذاريات: 20، 21] ولو أردنا أن نعرف توحيد الربوبية لقلنا هو إفراد الله بالخلق والأمر. وكل ما في هذا الكون يدل على وجوده والإمام الشافعي رحمه الله كان يستدل حين يجادل خصمه على وجود الله من آياته ومخلوقاته ومنها مناظرته لبشر المعتزلي عند هارون الرشيد "قال بشر: يا أمير المؤمنين دعني وإياه فقال له هارون: شأنك وإياه فقال له بشر: أخبرني ما الدليل على أن الله تعالى واحد فقال الشافعي يا بشر ما تدرك من لسان الخواص فأكلمك على لسانهم إلا أنه لا بد لي أن أجيبك على مقدارك من حيث أنت الدليل عليه به ومنه وإليه واختلاف الأصوات في المصوت إذا كان المحرك واحدا دليل على أنه واحد وعدم الضد في الكمال على الدوام دليل على أنه واحد وأربع نيرات مختلفات في جسد واحد متفقات على ترتيبه في استفاضة الهيكل دليل على أن الله تعالى واحد وأربع طبائع مختلفات في الخافقين أضداد غير أشكال مؤلفات على أصلاح الأحوال دليل على أن الله تعالى واحد وفي خلق السموات والأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون كل ذلك دليل على أن الله تعالى واحد لا شريك له".([36]) وهذه المناظرة توضح لنا كيف كان الشافعي رحمه الله يستدل على توحيد الربوبية من خلال خلق اللهكما كان السلف رحمهم الله يستدلون على وجوده.
المسألة الثالثة: عقيدة الشافعي في توحيد الأسماء والصفات
السلف رحمهم الله كانوا يثبتون لله ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله من غير تكيف ولا تشبيه ولا تأويل ولا تعطيل والإمام الشافعي رحمه الله حين سأل عن الأسماء والمسميات بين أن الأسماء تختلف عن المسميات" يقول الشافعي: إذا سمعت الرجل يقول: الاسم غير المسمى، والشئ غير المشيء، فاشهد عليه بالزندقة"([37]). وهذا يوضح أن الشافعي كان يثبت لله الأسماء التي سمى بها نفسه ولذلك كان يحكم على من حلف باسم من أسماء الله في اليمين ثم يحنث بأن عليه كفارة قال الشافعي : من حَلَفَ بِاَللَّهِ أو بِاسْمٍ من أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ إذَا حَنِثَ وَمَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ غير اللَّهِ فَلَيْسَ بِحَالِفٍ وَلَا كَفَّارَةَ عليه إذَا حَنِثَ وَالْمُولِي من حَلَفَ بِاَلَّذِي يَلْزَمُهُ بِهِ كَفَّارَةٌ وَمَنْ أَوْجَبَ على نَفْسِهِ شيئا يَجِبُ عليه إذَا أَوْجَبَهُ فَأَوْجَبَهُ على نَفْسِهِ ([38])
أما في صفات الله فهو أيضاً على منهج السلف وصدر كتابه الرسالة في عقيدته فقال: "لا يبلغ الواصفون كنه عظمته الذي هو كما وصف نفسه وفوق ما يصفه به خلقه أحمده حمدا كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله".([39])
وَثَبَتَ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ أَنَّهُ قَالَ : سَأَلْت الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -عَنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى ؟ فَقَالَ : " حَرَامٌ عَلَى الْعُقُولِ أَنْ تُمَثِّلَ اللَّهَ تَعَالَى ؛ وَعَلَى الْأَوْهَامِ أَنْ تَحُدَّهُ وَعَلَى الظُّنُونِ أَنْ تَقْطَعَ ؛ وَعَلَى النُّفُوسِ أَنْ تُفَكِّرَ ؛ وَعَلَى الضَّمَائِرِ أَنْ تُعَمِّقَ وَعَلَى الْخَوَاطِرِ أَنْ تُحِيطَ وَعَلَى الْعُقُولِ أَنْ تَعْقِلَ إلَّا مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ أَوْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ " عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.([40]) وهذا يبين أن الشافعي رحمه الله يحرم تأويل صفات الله بل كان رحمه الله يثبت الصفة كما جاءت ومن أمثلة الصفات أكتفي بذكر مسألة الكلام لله ؛ لأنها هي التي وقع فيها الخلاف كثيراً بين الفرق وامتحن بها العلماء وعذب من أجلها الناس وقد حصلت مناظرة بين حفص الفرد والشافعي ونقلها الآجري بسنده قال حدثنا الربيع بن سليمان قال : سمعت الشافعي يقول وذكر القرآن وما يقول حفص الفرد ، وكان الشافعي يقول : حفص الفرد ، وناظره بحضرة والي كان بمصر فقال له الشافعي رضي الله عنه في المناظرة : كفرت والله الذي لا إله إلا هو ، ثم قاموا ، فانصرفوا ، فسمعت حفصاً يقول : أشاط والله الذي لا إله إلا هو الشافعي بدمي قال الربيع : وسمعت الشافعي رحمه الله تعالى يقول : القرآن كلام الله غير مخلوق ، ومن قال : مخلوق فهو كافر([41])
عقيدة الشافعي في النبوات وما يتعلق بها
أرسل الله الرسل للناس ليرشدوهم إلى الطريق المستقيم ويحذرونهم من الكفر ويدعوهم إلى عبادة الله وحده وكانت عبارات جميع الأنبياء والمرسلين لأقوامهم:يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ[الأعراف: 65] وجعل أولهم آدموخاتمهم هو محمد واصطفاه الله من ذرية إبراهيم وجعل دعوته للعالمين وقد بين الإمام الشافعي هذه بقوله : "خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْخَلْقَ لِعِبَادَتِهِ ثُمَّ أَبَانَ جَلَّ وَعَلَا أَنَّ خِيرَتَهُ من خَلْقِهِ أَنْبِيَاؤُهُ فقال تَبَارَكَ اسْمُهُ كان الناس أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَجَعَلَ النَّبِيِّينَ صلى اللَّهُ عليهم وسلم من أَصْفِيَائِهِ دُونَ عِبَادِهِ بِالْأَمَانَةِ على وَحْيِهِ وَالْقِيَامِ بِحُجَّتِهِ فِيهِمْ ثُمَّ ذَكَرَ من خَاصَّتِهِ صَفْوَتَهُ فقال إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ على الْعَالَمِينَ فَخَصَّ آدَمَ وَنُوحًا بِإِعَادَةِ ذِكْرِ اصْطِفَائِهِمَا وَذَكَرَ إبْرَاهِيمَ فقال جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَاِتَّخَذَ اللَّهُ إبْرَاهِيمَ خَلِيلًا وَذَكَرَ إسْمَاعِيلَ بن إبْرَاهِيمَ فقال عز ذِكْرُهُوَاذْكُرْ في الْكِتَابِ إسْمَاعِيلَ إنَّهُ كان صَادِقَ الْوَعْدِ وكان رَسُولًا نَبِيًّا ثُمَّ أَنْعَمَ اللَّهُ عز وجل على آلِ إبْرَاهِيمَ وَعِمْرَانَ في الْأُمَمِ فقال تَبَارَكَ وَتَعَالَى إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ على الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا من بَعْضٍ وَاَللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ قال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ اصْطَفَى اللَّهُسَيِّدَنَا مُحَمَّدًا من خَيْرِ آلِ إبْرَاهِيمَ وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ قبل إنْزَالِهِ الْفُرْقَانَ على مُحَمَّدٍبِصِفَةِ فَضِيلَتِهِ وَفَضِيلَةِ من اتَّبَعَهُ بِهِ فقال مُحَمَّدٌ رسول اللَّهِ وَاَلَّذِينَ معه أَشِدَّاءُ على الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا الْآيَةُ وقال لِأُمَّتِهِكُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ فَفَضِيلَتُهُمْ بِكَيْنُونَتِهِمْ من أُمَّتِهِ دُونَ أُمَمِ الْأَنْبِيَاءِ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ جَعَلَهُ فَاتِحَ رَحْمَتِهِ عِنْدَ فَتْرَةِ رُسُلِهِ فقال يا أَهْلَ الْكِتَابِ قد جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ على فَتْرَةٍ من الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جَاءَنَا من بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وقال هو الذي بَعَثَ في الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا منهم يَتْلُو عليهم آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وكان في ذلك ما دَلَّ على أَنَّهُ بَعَثَ إلَى خَلْقِهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ أو أُمِّيِّينَ وَأَنَّهُ فَتَحَ بِهِ رَحْمَتَهُ وَخَتَمَ بِهِ نُبُوَّتَهُ فقال ما كان مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ من رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَقَضَى أَنْ أَظْهَرَ دِينَهُ على الْأَدْيَانِ فقال هو الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ على الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ([42])عقيدة الشافعي في الإيمان باليوم الآخر
يقول الشافعي رحمه الله:" وإن عذاب القبر حق ومسألة أهل القبور حق والبعث والحساب والجنة والنار وغير ذلك مما جاءت به السنن وظهرت على ألسنة العلماء وأتباعهم من بلاد المسلمين."([43]) وكان رحمه الله دائماً يُسْتَحَبُّ في صلاة الجنازة في الدُّعَاءِ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ عَبْدُك وبن عَبْدِك خَرَجَ من رَوْحِ الدُّنْيَا وَسَعَتِهَا وَمَحْبُوبِهِ وأحبائه فيها إلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وما هو لَاقِيهِ كان يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أنت وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُك وَرَسُولُك وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ اللَّهُمَّ نَزَلَ بِك وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ وَأَصْبَحَ فَقِيرًا إلَى رَحْمَتِك وَأَنْتَ غنى عن عَذَابِهِ وقد جِئْنَاك رَاغِبِينَ إلَيْك شُفَعَاءَ له اللَّهُمَّ فَإِنْ كان مُحْسِنًا فَزِدْ في إحْسَانِهِ وَإِنْ كان مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عنه وَبَلِّغْهُ بِرَحْمَتِك رِضَاك وَقِه فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَهُ وَافْسَحْ له في قَبْرِهِ وَجَافِ الْأَرْضَ عن جَنْبَيْهِ وَلَقِّهِ بِرَحْمَتِك الْأَمْنَ من عَذَابِك حتى تَبْعَثَهُ إلَى جَنَّتِك يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ([44])وهو رحمه الله في هذا موافق لمعتقد أهل السنة والجماعة ،أما البعث والحساب فأهل السنة أيضاً مؤمنون به ومثبتون له؛ لأنه من الإيمان بالغيب والله وصف المؤمنين بأنهم يؤمنون بالغيب فقال:الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [البقرة: 3]
ومن الأمور التي تكون يوم القيامة ونحن نؤمن بها البعث والحساب والميزان والصراط والحوض والعرض ووجود الجنة ووجود النار والشافعي رحمه الله يؤمن بهاذا كما جاء عنه ،قال الشافعي: "والبعث حق والحساب حق والجنة والنار وغير ذلك مما جاءت به السنن فظهرت على ألسنة العلماء وأتباعهم من بلاد المسلمين حق."([45])
وهذا يبن لنا أن الشافعي رحمه الله كان متبعاً لمنهج السلف الصالح ولم يشذ عن عقيدتهم ومنهجهم رحمه الله.-
عقيدة الشافعي بالإيمان بالقضاء والقدر.
عقيدة السلف رحمهم الله أنهم يؤمنون بالقضاء والقدر؛ لأنه الركن السادس من أركان الإيمان والمؤمن يجب عليه الإيمان بهذه الأركان.ومعنى الإيمان بالقدر هو أن يؤمن الإنسان أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن؛ لأن الله قدر الآجال والأرزاق والأعمال؛ لأن النبي بين أن هذه الأمور تكتب للإنسان وهو في بطن أمه كما قال الصادق المصدوق:"إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ"([46])
لو أردنا أن نتكلم عن معتقد السلف عن القدر لرأيناهم يقولون عن الإيمان بالقدر بأنه هو التصديق الجازم بأن كل خير وشر فهو قضاء الله وقدره وأنه فعال لما يريد،لا يكون شيء إلا بإرادته ،ولا يخرج عن مشيئته يهدي من يشاء برحمته ولا يكون العبد مؤمناً حتى يؤمن بمراتب القدر الأربعة وحي العلم والمشيئة والكتابة في اللوح المحفوظ والخلق والإيجاد وكان الإمام الشافعي رحمه الله موافقاً لهم في هذه العقيدة وفي ذلك يقول رحمه الله:"إن مشية العباد هي إلى لله تعالى لا يشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين ، فإن الناس لم يخلقوا أعمالهم وهي خلق من خلق الله تعالى فإن القدر خيره وشره من الله "([47])
وقال ابن خزيمة: أنشدني المزني وقال أنشدنا الشافعي لنفسه قوله:
ما شئت كان وإن لم أشأ * وما شئت إن لم تشأ لم يكن
خلقت العباد على ما علمت * ففي العلم يجري الفتى والمسن
فمنهم شقي ومنهم سعيد * ومنهم قبيح ومنهم حسن
على ذا مننت وهذا خذلت * وهذا أعنت وذا لم تعن"([48])
( قال الشَّافِعِيُّ ) قال اللَّهُ وما تشاءون إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ فَأَعْلَمَ خَلْقَهُ أَنَّ الْمَشِيئَةَ له دُونَ خَلْقِهِ وَأَنَّ مَشِيئَتَهُمْ لَا تَكُونُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ([49])
وكان له موقف من علماء القدر المخالفين للسلف وحين سئل عن القدري من هو فأجاب بما رواه عنه المزني قال قال الشافعي : تدري من القدري ؟ الذي يقول : إن الله لم يخلق الشيء حتى عمل به ـ ويقصد أن الإنسان يخلق أفعاله ـ.([50]) وعرفهم أيضاً بقوله:"هم الذين يقولون أن الله لا يعلم المعاصي حتى تكون"([51]) وكان رحمه الله يكره الصلاة خلفهم كما روى ذلك البيهقي عن الربيع أن الشافعي رحمه كان يكره الصلاة خلف القدري([52])
وهذا يدلنا على أن الشافعي رحمه الله كان على منهج السلف وكان رحمه الله يحارب ويعادي من يخالفه فكان له موقف من المعتزلة في هذا الأمر كما سأذكره بعد قليل.
عقيدة الشافعي في علم الكلام والمتكلمين
كان الإمام الشافعي رحمه الله يذم علم الكلام وينهى عنه؛ لأنه قد يصل بالإنسان إلى أن يشك في دينه وموقفه من علماء الكلام واضح لأن الإمام الشافعي رحمه الله كان ممن حارب البدع والأهواء وكان يعد علماء الكلام من أهل البدع؛ لأنهم تركوا كلام الله ورسوله وذهبوا إلى عقولهم ليفهموا ربهم ويعرفوا دينهم من خلال عقولهم فقدموا عقولهم على نصوص الوحي وكان هذا سبب ضلالهم والإمام الشافعي رحمه الله في عصره حاربهم وذمهم وطردهم من مجلسه؛ لأنهم عارضوا كتاب الله وسنة نبيه بعقولهم ويرجعون إلى الفلسفة لفهم دينهم ودينهم يفهم من خلال الفطرة السليمة وبين رحمه الله سبب ذمه لهم بقوله :"لقد اطلعت من أهل الكلام على شيء والله ما توهمته قط ولأن يبتلى المرء بجميع ما نهى الله عنه ما خلا الشرك بالله خير من أن يبتليه الله بالكلام"([53]) وهو يجعل علم الكلام من الكبائر الذنوب فقال رحمه الله لأن يلقى الله العبد بذنوب مثل جبال تهامة خير له من أن يلقاه باعتقاد حرف مما عليه هذا الرجل وأصحابه وكان يقول بخلق القرآن".([54]) يعني حفصاً الفرد. وهو يرى أن من يجعل علم الكلام طريقاً له في دينه لن يفلح فقال: « ما تردى أحد بالكلام فأفلح"([55]) وكان حكمه على علماء الكلام بأن يضربوا ويطردوا فقال رحمه الله: حكمي في أصحاب الكلام أن يضربوا بالجريد، ويحملوا على الإبل، ويطاف بهم في العشائر والقبائل، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأخذ في الكلام.([56])وقد يسأل سائل كيف يذم الشافعي علم الكلام وهو يناظر فيه ويدافع من خلاله فنقول أن كلامه رحمه الله محمول على كلام أهل البدع المخالف للدين لأنهم تركوا الكتاب والسنة وجعلوا الحاكم عندهم هو العقل فما وافق العقل أخذوا به وما خالفه ردوه ولم يأخذوا به .
وهذا يدلنا على أن الشافعي على منهج السلف في علم الكلام فما وافق الشرع منه أخذ به وما خالفه من كلام رده ونهى عنه.
المطلب التاسع
موقف الشافعي من الفرقة التي نسب إليها.
نسب بعض الناس للإمام الشافعي رحمه الله بدعة التشيع وهو بريء منها براءة الذئب من دم يوسف وهذا واضح وجلي في سؤال البويطي رحمه الله حين سأل الشافعي رحمه فقال له: أُصَلِّي خَلْفَ الرَّافِضِيِّ؟ فأجابه الشافعي رحمه اللهَ: لاَ تُصَلِّ خَلْفَ الرَّافِضِيِّ، وَلاَ القَدَرِيِّ، وَلاَ المُرْجِئِ. قُلْتُ: صِفْهُمْ لَنَا.قَالَ: مَنْ قَالَ: الإِيْمَانُ قَوْلٌ، فَهُوَ مُرْجِئٌ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَيْسَا بِإِمَامَيْنِ، فَهُوَ رَافِضِيٌّ، وَمَنْ جَعَلَ المَشِيْئَةَ إِلَى نَفْسِهِ، فَهُوَ قَدَرِيٌّ.([57]) وهذه إجابة صريحة منه رحمه الله على أنه ليس من الروافض ولو أردنا أن نبين موقفه من الروافض ولوجدناه يصفهم في أبشع وأشنع الأوصاف ومن وصفه لهم بأنهم أكذب الناس، قال: لَمْ أَرَ أَحَدًا أَشْهَدَ بِالزُّورِ مِنَ الرَّافِضَةِ. وقال الشَّافِعِىَّ: أُجِيزُ شَهَادَةَ أَهْلِ الأَهْوَاءِ كُلِّهِمْ إِلاَّ الرَّافِضَةَ فَإِنَّهُ يَشْهَدُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ. وقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَذَلِكَ مَنْ عُرِفَ مِنْهُمْ بِسَبِّ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ هُمْ سُرُجُ هَذِهِ الأُمَّةِ وَصَدْرُهَا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ مَتَى مَا كَانَ سَبُّهُ إِيَّاهُمْ عَلَى وَجْهِ الْعَصَبِيَّةِ أَوِ الْجَهَالَةِ لاَ عَلَى تَأْوِيلٍ أَوْ شُبْهَةٍ.([58])ما كلمت رجلاً في بدعة قط إلا كان يتشيع([59]) وهذا أيضاً يبن لنا أن من كان يخالف الإمام الشافعي ذهب ليتشيع وهذا يدلنا على أن الروافض يكرهون أهل السنة ويذمونهم والإمام الشافعي رحمه الله كان على السنة فحين كان يناظرهم في حقيقة عقيدة أهل السنة كانوا يخالفونه ويذهبون إلى ما يعارض مذهبه، ومن يقرأ عن الروافض في الفقه يجدهم يبحثون في كتبهم عن الفقه فإن لم يجدوا ما يبحثون عنه من المسائل الفقهية يبحثون في كتب أهل السنة ويخالفوه.
وهذا واضح ودليل ناصع على أن الإمام رحمه الله كان على مذهب السلف الصالح ولم يخالفهم في بشيء وما قيل عن الشافعي رحمه الله أنه ممن تشيع هذا القول حمل على الشافعي ممن عاصرهم من أهل العلم لأنه توهم من قول الشافعي أنه يريد أن يدافع عن الروافض والله أعلى وأعلم .
الخاتمة :وفيها نتائج مهمة
1- التزام الشافعي رحمه الله بمنهج الدليل في كل ما ثبت عنه في مسائل الاعتقاد.2- تثبت عنده العقيدة بآية من كتاب الله أو بحديث عن رسول الله .
3- كره الأساليب الكلامية،ورد على أربابها ناصحاً إياهم بتركها وعدم الأخذ بها في جوانب التوحيد والإيمان.
4- جميع المسائل التي تضمنها البحث لم يتضمنها البحث والتي لا يتضمنها جاءت مقترنة بأدلتها وفق منهج مسلسل لا تخبط فيه ولا إلتواء.
5- بالإمكان القطع أن العقيدة التي تكلم بها الإمام الشافعي أو نقلها عنه أصحابه تطمئن إليها القلوب والعقول ولا تختلف معها.
6- ثبت وبدون شك أن للشافعي مذهباً عقدياً مؤسساً على أدلة متينة بالإمكان أن ينسب إليه فقال:شافعي العقيدة كما شاع بالنسبة لمذهبه الفقهي فيقال شافعي الفقه.
7- وبالاستقراء تبين أن الإمام الشافعي يسلك مسلك السلف الصالح أصحاب النبي في القول والعمل ويترسم خطأهم وينأى عن مخالفتهم ما قدر على ذلك.
فهرس المصادر والمراجع
أسد الغابة في معرفة الصحابة،تأليف أبي الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري ابن الأثير الشيباني ،الطبعة الأولى 1390هـ 1970م، بدون دار نشر .
الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد على مذهب السلف وأصحاب الحديث، تأليف:أحمد بن الحسين البيهقي، تحقيق: أحمد عصام الكاتب، الطبعة الأولى، 1401هـ، الناشر: دار الآفاق الجديدة بيروت.
الأم تأليف محمد بن إدريس الشافعي أبو عبد الله سنة الوفاة 240 سنة النشر 1393 الناشر دار المعرفة،بيروت.
الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء مالك والشافعي وأبي حنيفة ،تأليف: الإمام أبي عمر يوسف بن عبد البر النمري القرطبي، الناشر دار الكتب العلمية، بيروت.
البداية والنهاية ،تأليف: الحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي المتوفى سنة 774 هـ، حققه ودقق أصوله وعلق حواشيه علي شيري الطبعة الأولى 1408 هـ.الناشر دار إحياء التراث العربي بيروت.
تاريخ بغداد تاريخ بغداد،تأليف: أحمد بن علي أبو بكر الخطيب البغدادي حققه د.بشار عواد معروف ،الطبعة الأولى 1422هـ الناشر : دار الغرب الإسلامي بيروت.
تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل أو اجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها، تصنيف الإمام العالم الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي المعروف بابن عساكر المتوفى571 هـ ،دراسة وتحقيق علي شيري ،الناشر دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد، تأليف: محمد بن عبد الغني البغدادي، تحقيق كمال يوسف الحوت، ط1، 1408، الناشر دار الكتب العلمية بيروت.
تهذيب الأسماء واللغات، تأليف: محيي الدين بن شرف النووي، الناشر دار الكتب العلمية بيروت.
تهذيب التهذيب، تأليف:الإمام الحافظ شيخ الإسلام شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، الطبعة الأولى 1404 هـ - 1984 م دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع9/ 26.
تهذيب الكمال،تأليف : يوسف بن الزكي عبدالرحمن أبو الحجاج المزي، تحقيق: د. بشار عواد معروف، الطبعة الأولى ، 1400 - 1980 ، الناشر : مؤسسة الرسالة – بيروت.
توالي التأسيس لمعالي محمد بن إدريس تأليف الحافظ بن حجر حققه أبو الفداء عبد الله القاضي الناشر دار الكتب العلمية بيروت ط1، 1406هـ.
الثقات، تأليف: محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي، تحقيق: السيد شرف الدين أحمد، الطبعة الأولى، 1395ه،الناشر:دار الفكر.
جامع العلوم والحكم، تأليف : أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي،تحقيق طارق بن عوض الله بن محمد ط2 ط1420 الناشر دار بن الجوزي السعودية.
حلية الأولياء وطبقات الأصفياء،تأليف: أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني، الطبعة الرابعة، 1405، الناشر : دار الكتاب العربي – بيروت.
الرسالة،تأليف: محمد ببن ادريس الشافعي، تحقيق أحمد شاكر الطبعة الأولى 1399هـ الناشر:مكتبة دار التراث بالقاهرة.
السنن الكبرى ،تأليف : أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي، الطبعة : الأولى ـ 1344 هـ ،الناشر : مجلس دائرة المعارف النظامية الكائنة في الهند ببلدة حيدر آباد.
سير أعلام النبلاء ،تأليف الإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ،تحقيق شعيب الارنؤوط وحسين الأسد الطبعة التاسعة 1413 ه 1993 م مؤسسة الرسالة بيروت.
شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة، تأليف: هبة الله بن الحسن بن منصور اللالكائي أبو القاسم، تحقيق: د.أحمد سعد حمدان، الطبعة الأولى 1402هـ الناشر: دار طيبة .
شرح السنة ،تأليف: الحسين بن مسعود البغوي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط - محمد زهير الشاويش، الطبعة: الثانية، 1403هـ - 1983م دار النشر : المكتب الإسلامي - دمشق ـ بيروت .
شرح العقيدة الطحاوية تأليف الإمام علي بن أبي العز الحنفي حققها وراجعها مجموعة من العلماء وخرج أحاديثها محمد ناصر الدين الألباني الطبعة الثامنة، 1404هـ1984 م طبعة المكتب الإسلامي بيروت .
الشريعة ،تأليف الإمام أبو بكر محمد بن الحسين الآجري ،تحقيق فريد عبد العزيز الجندي، ط1 ط1425هـ الناشر دار الحديث القاهرة .
الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه(صحيح البخاري)تأليف : محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، تحقيق : محمد زهير بن ناصر الناصر الطبعة : الأولى 1422هـ الناشر : دار طوق النجاة.
صحيح مسلم ،تأليف :الإمام مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري،بدون رقم وتاريخ الطبعة الناشر مكتبة الإيمان القاهرة .
الكوكب المنير شرح مختصر التحرير، تأليف: ابن النجار، أبي البقاء احمد الفتوحي المصري، تحقيق: محمد حسن إسماعيل الشافعي،الطبعة الأولى2007 ، الناشر: دار الكتب العلمية.
مجموع الفتاوى، تأليف: تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني المتوفى: 728هـ تحقيق: أنور الباز - عامر الجزار الطبعة: الثالثة، 1426هـ / 2005م الناشر: دار الوفاء.
مناقب الشافعي،تأليف أبو بكر أحمد ابن الحسين البيهقي458ه تحقيق السيد أحمد صقر،الطبعة الأولى1391هـ،الناشر مكتبة دار التراث القاهرة.
1
[1]() الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء مالك والشافعي وأبي حنيفة ،تأليف :الإمام أبي عمر يوسف بن عبد البر النمري القرطبي، الناشر دار الكتب العلمية، بيروت ص:66،وانظر التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد، تأليف: محمد بن عبد الغني البغدادي، تحقيق كمال يوسف الحوت، الطبعة الأولى 1408، الناشر دار الكتب العلمية بيروت ص: 42،الثقات، تأليف: محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي، تحقيق: السيد شرف الدين أحمد، الطبعة الأولى، 1395 – 1975،الناشر: دار الفكر 9/ 30.
[2]() انظر أسد الغابة في معرفة الصحابة تأليف: عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري المعروف ب " ابن الأثير " ج1ص: 497.
[3]() الثقات لابن حبان 9/ 30.
[4]() تهذيب التهذيب، تأليف:الإمام الحافظ شيخ الإسلام شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
الطبعة الأولى 1404 هـ - 1984 م دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع9/ 26.
[5]() الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء ص: 66
[6]() حلية الأولياء وطبقات الأصفياء،تأليف: أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني، الطبعة الرابعة ، 1405، الناشر : دار الكتاب العربي – بيروت.9/ 67
[7]() تهذيب التهذيب 9/ 26.
[8]() توالي التأسيس لمعالي محمد بن إدريس تأليف الحافظ بن حجر حققه أبو الفداء عبد الله القاضي الناشر دار الكتب العلمية بيروت الطبعة الأولى 1406هـ ص54
[9]() انظر مناقب الشافعي للبيهقي1/96.
[10]() مناقب الشافعي للبيهقي1/97.
[11]() المناقب للبيهقي 1/247
[12]() تاريخ دمشق 51/ 302
[13]() [تهذيب الكمال 24/ 372]
[14]() [تهذيب الكمال 24/ 372]
[15]() [تهذيب الكمال 24/ 365]
[16]() [تاريخ بغداد 2/ 67]
[17]() الأم 7/ 298
[18]() مجموع الفتاوى 6/ 354
[19]() أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الحج باب حجة النبي حديث رقم1218 ج2/ 886]
[20]() تهذيب الأسماء واللغات، تأليف: محيي الدين بن شرف النووي، الناشر دار الكتب العلمية بيروت، ص:66
[21]() أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الأيمان والنذور بَاب النِّيَّةِ فِي الْأَيْمَانِ حديث رقم6689 ،ج 8/ص 140
[22]() نقلاً عن شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي 4/ 149،ولم أجد النص في كتاب الأم للشافعي، وانظر جامع العلوم والحكم، تأليف : أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي،تحقيق طارق بن عوض الله بن محمد ط2 ط1420 الناشر دار بن الجوزي السعودية ص: 59]
[23]() انظر شرح العقيدة الطحاوية تأليف الإمام علي بن أبي العز الحنفي حققها وراجعها مجموعة من العلماء وخرج أحاديثها محمد ناصر الدين الألباني الطبعة الثامنة، 1404هـ1984 م طبعة المكتب الإسلامي بيروت (ص331 )، والشريعة، تأليف الإمام أبو بكر محمد بن الحسين الآجري، تحقيق فريد الجندي الطبعة الأولى 1424هـ/2004م الناشر دار الحديث القاهرة (ص96)،
[24]() أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها وفضيلة الحياء وكونه من الإيمان حديث رقم35 ج1/ 63.
[25]() أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان وأن الإيمان يزيد وينقص وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان حديث رقم49ج 1/ 69.
[26]() الربيع بن سليمان بن داود الأزدى مولاهم المصرى الجيزى الشافعى. روى عن الشافعى،وابن وهب،، وآخرين. روى عنه أبو داود السجستانى، وآخرون. قال الخطيب البغدادى: كان ثقة. توفى فى ذى الحجة سنة ست وخمسين ومائتين.[انظر تهذيب الأسماء ص: 262]
[27]() حلية الأولياء وطبقات الأصفياء،تأليف: أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني، الطبعة الأولى، 1409هـ، الناشر : دار الكتب العلمية – بيروت9ج/ص115.
[28]() الشريعة للآجري 1/ 306
[29]() الكوكب المنير شرح مختصر التحرير، تأليف: ابن النجار، أبي البقاء احمد الفتوحي المصري، تحقيق: محمد حسن إسماعيل الشافعي،الطبعة الأولى2007 ، الناشر: دار الكتب العلمية.1/ 75
[30]() الأم 4/ 169،170
[31]() الأم 4/ 122]
[32]() الأم 4/ 249،250.
[33]() [الأم 1/256،257]
[34]() أخرجه البخاري في كتاب الزكاة باب وجوب الزكاة( 2/ 104)ح رقم 1395
[35]() [سير أعلام النبلاء 10/ 26]
[36]() حلية الأولياء 9/ 83]
[37]() [سير أعلام النبلاء 10/ 30]
[38]() [الأم 5/ 299]
[39]()[الرسالة ص: 8]
[40]() [مجموع الفتاوى 4/ 6]
[41]() الشريعة ،تأليف الإمام أبو بكر محمد بن الحسين الآجري ،تحقيق فريد عبد العزيز الجندي، ط1 ط1425هـ الناشر دار الحديث القاهرة ص68.
[42]() [الأم 4/ 159]
[43]()الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد على مذهب السلف وأصحاب الحديث، تأليف:أحمد بن الحسين البيهقي، تحقيق : أحمد عصام الكاتب، الطبعة الأولى، 1401هـ، الناشر: دار الآفاق الجديدة بيروت ص:226]
[44]() [الأم 1/ 283]
[45]() مناقب الشافعي للبيهقي ج1/415
[46]() أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب بدء الخلق باب ذكر الملائكة 4/ 111 رقم3208
[47]() مناقب الشافعي للبيهقي ج1/ص415.
[48]() [البداية والنهاية 10/ 277]
[49]() [الأم 1/ 202]
[50]() انظر شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي 2/801،
[51]() مناقب الشافعي للبيهقي ج1/ص413.
[52]() مناقب الشافعي للبيهقي ج1/ص413.
[53]() مناقب الشافعي للبيهقي ج1،ص454،453.
[54]() مناقب الشافعي للبيهقي ج1،ص454.
[55]() شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي 1/ 146،
[56]()شرح السنة ،تأليف: الحسين بن مسعود البغوي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط - محمد زهير الشاويش، الطبعة: الثانية، 1403هـ - 1983م دار النشر : المكتب الإسلامي - دمشق ـ بيروت 1/ 218
[57]() [سير أعلام النبلاء 10/ 31
[58]() السنن الكبرى للبيهقي وفي ذيله الجوهر النقي 10/ 208]
[59]() مناقب الشافعي للبيهقي 1/467