-->

بحث حول اضطرابات السلوك

بحث حول اضطرابات السلوك
    الانسان كائن اجتماعي يعيش ويقضي معظم وقته في جماعة وفي جماعات، يؤثر فيها ويتأثر بها، ويتحدد سلوكه الاجتماعي على اساس السلوك الاجتماعي المصطلح عليه.

    إن مستقبل الحضارة الانسانية، في عصر كثر فيه التنازع، وتقدمت فيه وسائل الدمار والتخريب حتى أمست تهدد بفناء النوع الانساني كله، رهن بفهم مفهوم السلوك فهماً عميقاً دقيقاً، ورهن بتوجيه كل المساعدة والدعم حتى لا يحدث أي اضطراب أو اختلال.

    إن الفرد المصاب باضطراب في السلوك، هو بحاجة ماسة إلى مساعدة وتدخل تربوي بأسرع وقت ممكن لتعديل سلوكه ولكي يصبح عضواً صالحاً في المجتمع.

    علينا أن نتذكر أن الله طالبنا بأن ندعو للخير وننهي عن الشر، " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" صدق الله العظيم، سورة العمران/ اية 104.

    هناك خطأ فادح نرتكبه بحق هذا الشخص لأنه في معظم الاحيان يتجنبه المجتمع ويطلق عليه اسم المنحرف أو الشرير وما شابه ذلك من صفات سيئة. فلنتذكر أن اضطراب السلوك هو رسالة. إنه أحد أوجه التعبير عن حل لصراع داخلي، إنه طلب اهتمام وتفهم. في كل الاحوال ان الاضطرابات السلوكية هي دلالة عن القصور في عملية السيطرة المنسجمة على الذات في إطار تطور الشخصية السليم والتناغم الاجتماعي.

                     لكن قبل أن نتطرق الى موضوع إضطراب السلوك علينا معرفة ما هو السلوك السوي, كيف نتعلمه وما الذي يؤثر عليه. والهدف من هذه الإطلالة هو الوقاية قدر الامكان من حصول إضطرابات في السلوك.


    ما هو السلوك؟


    السلوك هو أي نشاط (جسمي، عقلي، اجتماعي أو انفعالي( يصدر من الكائن الحي نتيجة لعلاقة دينامية وتفاعل بينه وبين البيئة المحيطة به.  والسلوك عبارة عن أنه استجابة أو استجابات لمثيرات معينة. السلوك خاصية أولية من خصائص الكائن الحي.  والسلوك متعلم عن طريق التنشئة الاجتماعية ويتضمن اتصالاً اجتماعياً. التنشئة الاجتماعية هي تفاعل اجتماعي في شكل قواعد للتربية والتعليم يتلقاها الفرد في مراحل عمره المختلفة منذ الطفولة حتى الشيخوخة من خلال علاقته بالجماعات الاولية (الاسرة، المدرسة، الجيرة، الزملاء....الخ) وتعاونه تلك القواعد والخبرات اليومية التي يتلقاها في تحقيق التوافق الاجتماعي مع البناء الثقافي المحيط به من خلال اكتساب المعايير الاجتماعية وتشرب الاتجاهات والقيم السائدة حوله.

    كما تساهم عملية التنشئة الاجتماعية في التوفيق بين دوافع الفرد ورغباته ومطالب واهتمامات الاخرين المحيطين به.  وللتنشئة الاجتماعية دور أساسي في تحديد أنماط سلوك الانسان وتأثير بالغ في تحديد جوانب علاقاته الاجتماعية، وفي بناء شخصيته.

    كيف نتعلم السلوك؟


    نتعلم السلوك من الامور التالية:

    التعلم المؤثر:
    الاستجابات المرغوب بها يحدث لها تدعيم وبهذا يعلم الفرد أن هذا النمط السلوكي يتفق والمعيار المرغوب فيه فيتعلمه.

    التعليم المباشر:
    تمكين السلوك وتدعيمه عن طريق الرموز والتوجيهات الشفوية فيكافأ الفرد بالاستحسان أو التوبيخ في حالة الفشل في أداء السلوك المرغوب فيه.

    التعلم العرضي:
    عندما ينطق الطفل بعض الالفاظ أو العبارات غير المهذبة أو غير اللائقة والتي قد تثير ضحك الكبار، مما يدعم  استخدام الطفل لهذه العبارة أو اللفظ، ورغم أن التدعيم عرضي غير مقصود إلا أنه يزيد من تكرار الطفل لهذه الالفاظ غير اللائقة لأن في تكرارها إثارة لانتباه ولفت أنظارهم.

    أثار العقاب:
    تلجأ كثير من المجتمعات إلى استخدام أنواع العقوبات بغية استبعاد أنماط من السلوك غير المرغوب فيه.  وليس لتكوين أنماط سلوكية معينة فيلجأ إليه الاباء والمربون.  ويرى بعض علماء النفس أن العقاب قد يكبت سلوكاً معيناً بصفة مؤقتة لأنه يضعف الدافعية لأداء العمل، أن العقاب قد يؤدي إلى تعلم غير مقصود فيتعلم الطفل أن ينكر أفعالاً قام بها يتوقع أن يعاقب عليها هرباً من العقاب وقد يتكرر هذا الامر فيصبح "عادة" لديه.

    5.                              التعلم من النماذج
    يُشغل الاطفال بأفعال تشبه إلى حد كبير أفعال الاباء والاقرباء وأبطال السينما والتلفزيون، وهو سلوك يبدو فيه التقليد أو المحاكاة بصور غريزية.

    6.                              التقمص
    إن مفهوم التقمص له علاقة وثيقة بالتقليد، وأنه في أوقات كثيرة يعامل المفهومين بصورة تبادلية.


    العوامل المؤثرة في تنمية السلوك:


    أولاً: الثقافة
    يتأثر الفرد في عمليات التنشئة الاجتماعية بالثقافة العامة للمجتمع الذي يعيش فيه.  وتشمل : المعتقدات والتقاليد، والعرف، والقواعد الاخلاقية والدينية، والقوانين والفنون والعلوم والمعارف، والتكنولجيا.

    ثانياً: الاسرة
                  الاسرة هي أهم وأقوى الجماعات الاولية وأكثرها أثراً في تنشئة الطفل وفي سلوكه الاجتماعي، وفي بناء شخصيته.  فالاسرة هي التي تهذب سلوك الطفل وتجعله سلوكا اجتماعياً مقبولاً من المجتمع، وهي التي تغرس في نفس الطفل القيم والاتجاهات التي يرتضيها المجتمع ويتقبلها.
                  وبذلك يمكن للطفل أن يمتص المعايير والقيم التي يعتنقها الآباء مما يساعد على عملية التطبيع الاجتماعي.
                  الفرد الذي حرم من الحب أثناء طفولته لا ينتظر منه أن يعطى حباً للاخرين، لأن فاقد الشيء لا يعطيه.

    -         العلاقة بين الوالدين:
    علاقة الوالدين بعضهما ببعض لها أهمية كبيرة في سلوك الفرد فالسعادة الزوجية تحقق للأطفال تنشئة اجتماعية سليمة.  تناحر الوالدين وصراعهما يعرض الطفل لصراع نفسي أليم، ويهدد أمنه وسلامة حاجاته للانتماء عندما يشهد هذا الصراع ويسمع ألفاظاً قاسية لا يستطيع أن يهرب من آثارها النفسية، فقد تؤدي هذه الخلافات بين الوالدين إلى انماط من السلوك المضطرب لدى الاطفال كالغيرة والانانية والخوف وعدم الاتزان الانفعالي.

    -         العلاقات بين الوالدين والطفل:
    إن علاقة الوالدين بالطفل وكيفية معاملته تلعب دوراً هاماً في تكوين سلوكه وشخصيته.  فالطفل الذي تقوم علاقته بأبويه على أساس قدر من الاشباع المناسب للحاجات البيولوجية والنفسية نتوقع له شخصية مستقبلية سليمة تتوافر لها دعائم الاتزان الانفعالي والقدرة على التوافق والتعاون مع الاخرين، وعلى العكس من ذلك عندما تكون العلاقة بين الوالدين والطفل قائمة على الافراط في الحب والتدليل والتصاق الطفل بأبويه فإنها ستفرز شخصية اتكالية مفرطة وأنانية، تتميز بضعف الثقة بالنفس، وعدم القدرة على التعاون والتوافق مع الاخرين.  أما إذا كانت علاقة الابوين بالطفل تقوم على الصرامة والقسوة أو عدم اشعار الطفل بالحب، فإن ذلك يجعل الطفل ميالاً للشر والايذاء، ويجعله يميل للتشاؤم أو عدم المبالاة أو السلبية أو العدوان، وقد يصب الطفل عدوانه على الاسرة ذاتها أو على المجتمع المدرسي.
    كذلك تؤثر اتجاهات الوالدين على الاطفال من حيث تفضيلهما جنس على أخر، كتفضيلهما الذكور على الاناث، أو تمييزهما طفل على آخر لسمات أو أخرى يتميز بها على أخوته، كذلك التذبذب في المعاملة كأن يكون الاب صارماً قاسياً والام صفوحة متسامحة أو مغالية في التدليل.

    -         العلاقة بين الاخوة:
    علاقة الاخوة بعضهم ببعض واتسامها بالانسجام والتوافق وعدم الصراع له أثر كبير في نمو شخصية الاطفال، فعدم الغيرة وحب الاخوة بعضهم لبعض يقوم بغرسه الاباء بعدم التفرقة في المعاملة وعدم تفضيل طفل على آخر بسبب جنسه أو ترتيبه في الميلاد أو بسبب تميزه بالتفوق في سمات عقلية أو مزاجية.
    وقد أوضحت الدراسات التي أجراها "ليفي" 1937 و"كوخ" 1965 تأثير الاخوة في عمليات التنشئة الاجتماعية لا سيما ترتيب الاخوة داخل الاطار الأسري.
    غير ان باحثين آخرين من بينهم "نيو كومب" أوضحوا أن ترتيب الطفل في الميلاد لا يكون له تأثير إذا كان أسلوب الوالدين في معاملة الاطفال أسلوباً تربوياً سليماً يقوم على تقبل الأبناء جميعهم دون التفرقة في معاملتهم وفي اشباع حاجاتهم.

    ثالثاً : المدرسة

    المدرسة ضرورة اجتماعية لجأت إليها المجتمعات لإشباع حاجات تربوية وتعليمية عجزت عن تأديتها بيئة الاسرة بعد تعقد الحياة.  فأصبحت المدرسة مؤسسة اجتماعية متخصصة يلقن فيها الطلاب العلم والمعرفة ونقل الثقافة من جيل إلى جيل.  المدرسة تسعى لتحقيق نمو الطفل جسمياً وعقلياً وانفعاليا واجتماعياً مما يحقق إعداد الفرد وتنشئته التنشئة الاجتماعية السليمة ليكون مواطناً صالحاً معداً للحياة.
    فعندما ينتقل الطفل من بيئة الاسرة إلى بيئة المدرسة يحمل معه الكثير من الخبرات والمعايير الاجتماعية والقيم والاتجاهات التي تلقنها وتدرب عليها في المنزل، فدور المدرسة أساسي في إتمام ما أعده البيت.  والمدرسة مجال رحب لتعليم الطفل المزيد من المعايير الاجتماعية، والقيم والاتجاهات والادوار الاجتماعية الجديدة بشكل مضبوط ومنظم .

    رابعاً:  جماعة الاقران والرفاق

    بنمو الطفل وخروجه من نطاق ودائرة اٍلأسرة تتسع علاقاته الاجتماعية فبعد أن كان يلعب مع أخوته وأقاربه يمتد هذا اللعب إلى جماعة الأقران والأنداد ويكون معهم علاقات وتفاعلاً اجتماعياً من نوع جديد. فالتفاعل مع هذه الجماعات الجديدة يكون على قدم المساواة إذ أن جماعة الأقران غالباً ما تضم أعضاءها من نفس السن، وأحياناً من نفس الجنس.
    وتأثير الأطفال بعضهم على بعض له مميزاته وفوائده في تشكيل حياتهم الاجتماعية واكتسابهم الكثير من الخبرات المتنوعة، وفي اشباع حاجاتهم النفسية مما يساعدهم على النمو الاجتماعي، فضلاً عن النمو النفسي.
    فالطفل المحروم من صحبة أطفال آخرين يشاركهم اللعب، طفل معزول يعتبر في غربة ووحشة ويحس بالضيق والملل الذي ينتاب حياته، ويعيش في عالم من الاوهام، في حين أن الطفل الذي له خلطاء من الأطفال الآخرين يعيش في عالم واقعي مليء بالبهجة والسعادة.




    خامساً: وسائل الأعلام
    الكلمة المكتوبة, أو المسموعة, أو المرئية تحيط الأفراد بالمعلومات, الأخبار, الأفكار و الاتجاهات حيث تعمل هذه الوسائل بطرق متعددة لاستمالة الأشخاص الذين توجه إليهم الرسالة دون وجود عمليات التفاعل الاجتماعي المباشر.
    إن وسائل الأعلام تعكس نماذجاً متعددة من المشكلات الاجتماعية والعلاقات الاجتماعية بطرق جذابة تشد الانتباه فتترك تأثيراً كبيراً على سلوك الفرد.

    والآن بعد أن سلطنا الضوء على مفهوم السلوك السوي ننتقل الى عرض مفهوم إضطرابات السلوك.

    مفهوم اضطرابات السلوك:


    اضطرابات السلوك Behavior Disorders او الاضطرابات الانفعالية  emotional Disturbances أو الاعاقة الإنفعالية Emotional Impairmentكلها مصطلحات تصف مجموعة من الاشخاص الذين يظهرون، وبشكل متكرر، أنماطاً منحرفة أو شاذة من السلوك عما هو مألوف أو متوقع.  إن تعدد اختصاصات واهتمامات المهنيين والباحثين، وكذلك اختلاف تفسيراتهم حول طبيعة هذا الاضطراب وأسبابه وعلاجه، بالاضافة إلى تعقد الاضطراب نفسه وتداخله مع اضطرابات أخرى جعلت الباحثين يميلون إلى استخدام مصطلحات ومسميات دون غيرها للإشارة إلى هذه الفئة من الاشخاص. إلا ان التوجهات الحديثة في مجال التربية الخاصة تميل إلى استخدام مصطلح اضطرابات السلوك لأسباب متعددة أهمها، أن هذا المصطلح أعم وأشمل من غيره من المصطلحات والمسميات الاخرى.  إذ يشمل قطاعاً واسعاًَ من أنماط السلوك ، بالاضافة إلى أنه يصف السلوك الظاهر الذي يمكن التعرف عليه بسهولة، كما ان هذا المصطلح لا يتضمن افتراضات مسبقة حول اسباب الاضطراب، وبالتالي فهو مفيد للمعلم أكثر من المصطلحات الاخرى مثل الاضطرابات الانفعالية التي تعتمد على تصنيف الطب النفسي في النظر إلى الشذوذ وترى أن سبب الاضطراب داخلي، بالاضافة إلى ما يتضمنه هذا المصطلح من وصم اجتماعي وتحيز ضد الوالدين باعتبارهم سبباً في اضطراب أبنائهم نتيجة عوامل التنشئة الاسرية، علماً بأن المضطربين انفعالياً هم قلة مقارنة بالفئات الاخرى التي يتضمنها مصطلح اضطراب السلوك   (Kauffman, 1989) .

    لقد ظهرت تعريفات عديدة لاضطرابات السلوك ، ولكن لا يوجد اتفاق شامل على أي من هذه التعريفات وذلك للأسباب التالية:
                                              عدم الاتفاق بين الباحثين على معنى السلوك "السوي" أو الطبيعي أو حول مفهوم الصحة النفسية.
                                              عدم الاتفاق بين الباحثين على مقاييس واختبارات لتحديد السلوك المضطرب
                                              تعدد واختلاف الاتجاهات والنظريات التي تفسر اضطرابات السلوك وأسبابها واستخدام مصطلحات وتعريفات وتسميات تعكس وجهات النظر المختلفة.
                                              التباين في المعايير والسلوك المتوقع من الاشخاص الذي قد تتبناه مجموعة أو أكثر في المجتمع في الحكم على اضطراب السلوك.
                                              ظهور اضطرابات السلوك لدى فئات الاعاقة المختلفة قد يجعل من الصعب أحياناً تحديد هل الاضطراب في السلوك ناتج عن الاعاقة التي يعاني منها الشخص  أم هي سبب في تلك الاعاقة.

    ومع كل الصعوبات السابقة في الوصول إلى تعريف محدد للمقصود باضطرابات السلوك، إلا أن هناك محاولات عديدة للتغلب على هذه المشكلة، وذلك بمحاولة الاحتكام إلى عدد من المحكات للحكم على السلوك بأنه مضطرب أو شاذ.

                  ان السلوك المضطرب أو الشاذ هو خبرة انسانية عامة، يوجد لدى الناس جميعاً، كما أن الاشخاص الذين يوصفون بأنهم مضطربون في السلوك يظهرون أيضاً سلوكات توصف بأنها طبيعية أو عادية، ولكن الفرق الاساسي هنا هو في تكرار حدوث السلوك غير المرغوب فيه أو الشاذ، ومدة القيام به وشدته بالاضافة إلى طوبوغرافيته.

                  فالتكرار كمحك للحكم على اضطراب السلوك يشير إلى أن تكرار السلوك غير المرغوب فيه عما هو مألوف أو متوقع يعتبر شاذاً أو مضطرباً.

                  أما المقصود بالمدة، فهي المدة التي يقضيها الطفل بالقيام بالسلوك المحدد.  فالثورات العصبية للأطفال المضطربين مدتها أطول وانتباههم لمدة أقصر.  أما شدة السلوك فيشير إلى أن السلوك يعتبر مضطرباً إذا كانت شدته متطرفة بمعنى أن يكون السلوك قوياً جداً أو ضعيفاً جداً.

                  أما المقصود بالطوبوغرافية فهو الشكل الذي يأخذه الجسم عند تأدية السلوك، فالاطفال المضطربون يمكن أن يصدر عنهم سلوك حركي يظهر على أشكال معينة قلما تصدر عن أقرانهم غير المضطربين.

                  وبالاضافة إلى هذه المحكات في الحكم على اضطراب السلوك أو عدمه، فإن هناك عناصر يتفق عليها الباحثون وهي الأخذ بعين الاعتبار عوامل مثل عمر الشخص الذي قام بالسلوك، والموقف الذي حدث فيه السلوك، ومدى ملائمة هذا السلوك لثقافة المجتمع الذي يوجد فيه الشخص.

                  نحن عادة نلجأ إلى وصف أشكال السلوك الاجتماعي بأنها ملائمة أو غير ملائمة.  ويختلف الحكم على ما إذا كان السلوك ملائما أو غير ملائم من معلم إلى آخر، ومن أحد الاباء إلى آخر، ويتوقف كل ذلك على الموقف الذي يحدث فيه السلوك، وعلى الطفل المعين الذي يصدر عنه هذا السلوك.
    فالسلوك الذي يعتبر ملائماً بالنسبة لأحد الاطفال في احد المواقف قد ينظر إليه على أنه غير ملائم كلية عندما يصدر عن طفل آخر في موقف مختلف.  وكأي شكل من الاشكال الاخرى للسلوك، فإن السلوك الاجتماعي سلوك متعلم، فالطفل لا يولد وهو مزود بمخزون ملائم من السلوك، ولكن يتعلم الطفل السلوك من خلال المحاولة والخطأ في البداية أو من خلال التقليد أو عن أي طريق آخر. وعندما يقوم الطفل بتجريب سلوك ما للمرة الاولى فإنه لا يعرف الاثار والنتائج المترتبة على هذا السلوك.  فإذا حدث وجاءت الآثار والنتائج من النوع الذي يحمل شكلا من أشكال الاثابة للطفل فإن ذلك يجعله يميل إلى تكرار السلوك.  أما إذا جاءت الاثار والنتائج من النوع الذي لا إثابة فيه، فإن ذلك يجعل الطفل لا يميل إلى تكرار هذا السلوك.  وإذا كانت نتائج الاثار المترتبة على السلوك مؤلمة وغير سارة بشكل أو بآخر بالنسبة للطفل،  فإن ذلك يؤدي إلى خفض احتمالات تكرار هذا السلوك.


    من هو المصاب باضطرابات السلوك؟
    تعريف بور: يعرف بور اضطرابات السلوك أو الاضطرابات الانفعالية لغايات التربية الخاصة بأن الاطفال المضطربون يجب أن تتوافر لديهم واحدة من الخصائص التالية أو أكثر ولفترة زمنية:
                            عدم القدرة على التعلم والتي لا تفسر بأسباب عقلية أو حسية أو صحية.
                            عدم القدرة على بناء علاقات شخصية مرضية مع المعلمين والأقران وعدم القدرة على المحافظة على هذه العلاقات.
                            ظهور أنماط سلوكية غير مناسبة في المواقف العادية.
                            مزاج عام من الكآبة والحزن.
                            الميل لتطوير أعراض جسمية، آلام، أو مخاوف مرتبطة بمشكلات شخصية ومدرسية.

    أما كوفمان فيعرف الأشخاص المضطربين في السلوك بأنهم أولئك الذين يستجيبون بشكل واضح ومزمن لبيئتهم باستجابات غير مقبولة اجتماعياً.
    كما يعرف رينرت الطفل المضطرب بأنه ذلك الطفل الذي يظهر سلوكاًَ مؤذياً وضاراً بحيث يؤثر على تحصيله الاكاديمي، أو على تحصيل أقرانه، بالاضافة إلى التأثير السلبي على الاخرين.
    كم يرى روس أن الاضطراب النفسي يظهر عندما يقوم الطفل بسلوك ينحرف عن المعيار الاجتماعي بحيث أنه يحدث بتكرار وشدة حتى أن الكبار الذين يعيشون في بيئة الطفل يستطيعون الحكم على هذا السلوك.


    شيوع اضطرابات السلوك

                  لا توجد تقديرات دقيقة حول انتشار اضطرابات السلوك وذلك بسبب الاختلاف في استخدام التعريفات وكذلك بسبب الاختلاف في تفسير التعريف الواحد بين الباحثين، ثم أيضا بسبب الاختلاف في الطريقة أو المنهجية المستخدمة للوصول إلى النسب المختلفة، وأخيراً يمكن أن تختلف النسب لوجود الضغوط الاجتماعية أو الاقتصادية المتعلقة بتقديم الخدمات والبرامج التربوية إما زيادة هذه النسبة أو التقليل منها، من هنا فإن الدراسات المختلفة تشير إلى تفاوت نسب الانتشار العالمية لاضطرابات السلوك من 0.1% إلى 30% من الاطفال في سن المدرسة.
                  إنه من الواضح أن هناك بعض النسب متحفظة ولا تشمل إلا الحالات الشديدة، والبعض الاخر غير متحفظة تشمل الاضطرابات بدرجات متوسطة وبسيطة.  فمن النسب المتحفظة ما يشير إلى 2% أو 3% من الاطفال في سن المدرسة يعانون من اضطرابات في السلوك، أو النسب غير المتحفظة والمعقولة ايضا فتشير إلى أن النسبة يمكن أن تتراوح بين 3% إلى 10% من الاطفال في سن المدرسة.
                  أما فيما يتعلق بالمقارنة بين نسب انتشار اضطرابات السلوك عند الذكور مع نسب الانتشار لدى الاناث فتشير الدراسات إلى أن نسبة انتشار اضطرابات السلوك لدى الذكور تفوق نسبة انتشارها لدى الاناث حيث تتراوح هذه النسبة 2 : 1 وفي بعض الدراسات من 5 : 1.  هذا، وتختلف طبيعة اضطرابات السلوك لدى كل من الذكور والانات، فبينما يميل الذكور إلى السلوك العدواني والاندفاع والسلوك الموجه تحو الآخرين تميل الاناث إلى الخجل والقلق والانسحاب الاجتماعي.
                  أما ارتباط اضطرابات السلوك مع العمر فتشير الدراسات إلى أن هذه الاضطرابات تكون قليلة في الصفوف الاولى وتزداد في الصفوف المتوسطة ثم تميل إلى الانخفاض في الصفوف العليا ( McDowell, Adamson & Wood, 1982)

    تصنيف اضطرابات السلوك


                  إن النظام التصنيفي الأكثر استخداماً من قبل الاطباء النفسيين لاضطرابات السلوك هو الذي ظهر في الدليل التشخيصي والاحصائي للاضطرابات العقلية   Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders (DSM) الصادر عن الرابطة الاميركية للطب النفسي American Psychiatric Association (APA)  ففي أحدث مراجعة لهذا الدليل تصنف الاضطرابات تحت عنوان الاضطرابات التي تنشأ في مرحلة الطفولة أو المراهقة كما يلي:
                                  في الجانب الذكائي ويشمل: التخلف العقلي
                                  الاضطرابات السلوكية وتشمل: اضطرابات الانتباه، واضطرابات التصرف.
                                  الاضطرابات الانفعالية وتشمل: قلق الطفولة أو المراهقة، واضطرابات أخرى.
                                  الاضطرابات الجسمية وتشمل: اضطرابات الأكل، اضطرابات الحركات النمطية و اضطرابات أخرى.
                                  الاضطرابات النمائية العامة، والاضطرابات النمائية المحددة كالتوحد.

    ولكن النقد الموجه لهذا النظام هو أنه يصنف اضطرابات الاطفال على أنها اضطرابات عقلية، وهو كذلك يعتمد على النموذج الطبي في تفسير اضطرابات السلوك والتي تركز في الاساس على العوامل الداخلية كأسباب للاضطراب كما هو الحال بالنسبة للأمراض الجنسية.
                  أما النظام السلوكي في تصنيف اضطرابات السلوك فيعتمد على وصف سلوكي للبعد أو مجموعة الابعاد، ومن الامثلة على ذلك تصنيف كوفمان حيث يصنف اضطرابات السلوك إلى ما يلي:
                                              الحركة الزائدة، والتخريب، والاندفاعية
                                              العدوان
                                              الانسحاب، وعدم النضج والشخصية غير المناسبة.
                                              المشكلات المتعلقة بالنمو الخلقي والانحراف.

    أما كوي فقد استخدم أسلوب التحليل العاملي للوصول إلى تصنيف يعتمد وضع الصفات في مجموعات متجانسة حيث قسم اضطرابات السلوك إلى ما يلي:
                                                           اضطرابات التصرف: وتتضمن عدم الطاعة، الازعاج، المشاجرة مع الاخرين، السيطرة، الزعامة، ثورات الغضب.
                                                           اضطرابات الشخصية: وتتضمن الانسحاب الاجتماعي، القلق، الاكتئاب، الشعور بالنقص، الشعور بالذنب، الخجل وعدم السعادة.
                                                           عدم النضج: ويتضمن قصر مدى الانتباه، السلبية الشديدة، أحلام اليقظة، تفضيل اللعب مع الاطفال الاصغر سناً، عدم الرشاقة.
                                                           الانحرافات الاجتماعية وتتضمن: الهروب، الانضمام إلى عصابات ، السرقة، والغرور.

    هذا، وهناك ميل عند بعض الباحثين بتصنيف اضطرابات السلوك اعتماداً على شدة الاضطراب حيث تصنف إلى:
                                                        اضطرابات السلوك البسيطة
                                                        اضطرابات السلوك متوسطة الشدة
                                                        اضطرابات السلوك الشديدة، وهذه تشمل حالات الذهان الطفولي أو فصام الطفولة.
    وهناك تقسيم آخر للاضطرابات هي:
    1-الاضطرابات الوظيفية مثل سلس البول, فقدان الشهية أو الشراهة, الارق
    2-الاضطرابات الذهنية: الحالات التي ينتج عنها قصور في الانتاج الفكري ـ كالكبت الفكري ـ عدم القدرة على التركيز ـ اضطرابات الذاكرة.
    3-الاضطرابات السلوكية: الكذب، الاختلاس، العدوانية، اضطراب السلوك الجنسي،

    خصائص الاشخاص الذين يظهرون اضطرابات في السلوك


    الذكاء:
                  خلافاً للاعتقاد الخاطئ السائد من أن الاطفال الذين يظهرون اضطرابات في السلوك أذكياء ، إن معظمهم يحصلون على معاملات ذكاء أقل من المتوسط مقارنة بأقرانهم غير المضطربين، فمتوسط ذكائهم لا يزيد عن 90 وإن الكثير منهم يقع ذكائهم في حدود بطء التعلم أو التخلف العقلي البسيط.  كما أن الكثير من المضطربين بدرجة شديدة من الصعب حتى تطبيق اختبارات الذكاء عليهم ومتوسط من يمكن تطبيق الاختبار عليه لا تزيد عن 50 درجة، وهناك حالات نادرة من هؤلاء ممن يحصلون معاملات ذكاء عالية،   وربما يعود ذلك إلى أن الاضطراب يؤثر على توفير الفرص المناسبة لهم لتعلم المهمات التي تتضمنها اختبارات الذكاء.  من هنا فإن اختبارات قد لا تعتبر مناسبة لقياس ذكائهم وذلك باعتبارها متحيزة ضدهم ولا تعطي مؤشرات دقيقة عن ذكائهم الحقيقي الذي يتأثر حتماً بالاضطراب.

    التحصيل:
                  إن معظم الاشخاص المضطربين تحصيلهم الاكاديمي في المدرسة منخفضاً مقاساً باختبارات التحصيل المدرسية الرسمية وغير الرسمية.
                  إن الكثير من الأطفال الذين يعانون من الاضطرابات الشديدة يفتقرون حتى للمهارات الاكاديمية الاساسية التي تشمل القراءة والكتابة والحساب، والقليل منهم من الذين يملكون مثل هذه المهارات لا يستطيعون تطبيقها والتعامل معها في الحياة اليومية.

    السلوك العدواني:
                  يعتبر السلوك العدواني من الخصائص السلوكية الشائعة لدى الاطفال المضطربين، يصنف هذا السلوك ضمن السلوكات الموجهة نحو الخارج Externalizing وضمن اضطرابات التصرف Conduct Disorders .
                  يظهر السلوك العدواني على شكل اعتداء على الاخرين بأشكال مختلفة كالاعتداء الجسدي وإلحاق الاذى المادي بالآخرين، أو بالاعتداء اللفظي كالسباب والشتائم، أو حتى بالعدوان الرمزي بإظهار التذمر والمخاصمة.
                  يوجه الاعتداء عادة على الاشخاص المحيطين بالطفل من غير استفزاز حيث يهدف الطفل المضطرب من خلال العدوان إلى السيطرة على أقرانه أو إزعاجهم أو إغاظتهم أو التسلط عليهم.  وفي حالات الاطفال الأكبر سناً، فإن العدوان يمكن أن يوجه إلى المعلم أو إلى المدرسة، وفي مراحل عمرية لاحقة يمكن أن يتطور هذا العدوان ليوجه إلى المجتمع ويتمثل في سلوك مناهض للقوانين والقواعد الاجتماعية، ويجعل الشخص خارجاً عن القانون والنظام وهو ما يعرف بالسلوك المضاد للمجتمع أو السوسيوبائية Sociopahty.  في هذا النمط من السلوك يرتكب الشخص المضطرب جرائم القتل وهتك العرض والاغتصاب والسرقة وأعمال السطو والنهب.  يساهم في تفاقم هذه المشكلة التسرب من المدرسة نتيجة الفشل المتكرر والافتقار إلى بيئة أسرية مناسبة.
                  تشير الدراسات إلى أن العدوان أو السلوك الموجه نحو الخارج يظهر لدى الذكور أكثر منه لدى الاناث.

    السلوك الانسحابي:
                  ويصنف ضمن ما يعرف بالسلوك الموجه نحو الداخل أو الذات Internalizing ويتضمن البعد من الناحية الجسمية والانفعالية عند الاشخاص والمواقف الاجتماعية.
                  يظهر الكثير من الاشخاص المضطربين انسحاباً من المواقف الاجتماعية، وبالعزلة والاستغراق في أحلام اليقظة والكسل والخمول.  إن مثل هؤلاء الاشخاص لا يستجيبون لمبادرات الاخرين ولا ينظرون إلى الاشخاص الذين يتكلمون معهم ولا يكونون صداقات بسبب افتقارهم للمهارات الاجتماعية المناسبة لفعل ذلك.  وهم لا يمثلون أي تهديد لغيرهم من الاشخاص.
                  إن السلوك الانسحابي هو سلوك مناقض للسلوك العدواني، وأشد أنواع هذا النوع من السلوك هو ما يظهره الاشخاص شديدو الاضطراب والذي يدعى بذهان الطفولة.  وهذا النوع من السلوك يكثر بين الاناث مقارنة بالذكور.





    التعرف على الاشخاص الذين يظهرون اضطرابات في السلوك:


                  إن التعرف والفحص والتشخيص هي طرائق تستخدم من قبل المهنيين للإجابة عن التساؤل فيما إذا كان الطفل أو مجموعة الاطفال يعانون من مشكلات في السلوك، وتحديد هذه المشكلات من أجل وضع خطة علاجية وتربوية لمساعدة هؤلاء الاطفال.
                  إن اجراءات التعرف والفحص والتشخيص لاضطرابات السلوك معقدة ، وذلك بسبب عدم الاتفاق التام على تعريفات اضطرابات السلوك أو حتى بسبب تفسير التعريف بشكل مختلف.  وهذه الاجراءات تحاول الاجابة عن الأسئلة التالية:
                            كيف نتعرف على الطفل المضطرب انفعاليا أو سلوكياً؟
                            هل هذه المشكلة شديدة بدرجة كافية بحيث تتطلب تدخلاً؟
                            ما هي طبيعة التدخل الذي يجب أن يكون؟

    إجراءات الكشف والتعرف:
                  ويتضمن مسح مجموعة كبيرة من الاطفال من أجل تحديد عدد الاطفال الذين هم بحاجة إلى خدمات إضافية أو متخصصة.  وفي حالة الاطفال في سن المدرسة، فإن المعلم هو المعني في عملية الكشف.  ويشير مصطلح الكشف إلى قياس سريع وصادق للنشاطات التي تطبق بتنظيم لمجموعة من الاطفال بغية التعرف على الاطفال الذين يعانون من صعوبات من أجل إحالتهم لعملية الفحص والتقييم.
                  خلال العقدين السابقين وأكثر، أصبح التركيز على عملية الكشف وإجراءاته بطريقة فعالة، وهذا الاهتمام جاء من مصدرين، الاول هو الاعتقاد الذي ترسخ من الابحاث في ان الكشف والتدخل المبكر يساعد في تخفيف انتشار اضطرابات السلوك، والثاني هو من الضغوط نتيجة لوجود قوانين ملزمة، وتشكيل مجموعات الآباء والمهنيين.
                  إن برامج رياض الاطفال وبرامج المدارس تعتبر من أنواع الكشف المعروفة، حيث يدخل جميع الاطفال الذين سيلتحقون بالمدارس العادية هذه البرامج، ويتم التعرف عليهم من النواحي الجسمية والمعرفية والإدراكية والانفعالية.
                  وحتى تتم عملية الكشف بفاعلية، يجب أن يتعاون الآباء والمعلمين في ملاحظة سلوك الطفل في كل من المدرسة والبيت.  هذا، ويمكن الاعتماد على أكثر من طريقة للكشف عن اضطرابات السلوك، ومن أهم تلك الطرق ما يلي:

    تقديرات المعلمين:
                  يعتبر المعلم أكثر الاشخاص أهمية في عملية الكشف عن الاطفال المضطربين في سن المدرسة، وقد اشارت دراسات عديدة على أن تقدير المعلم هو من أصدق التقديرات وأكثرها موضوعية.  ومع أن المعلمين يعتبرون من أصدق المقدرين، إلا ان الدراسات أشارت إيضا إلى أن المعلمين كمجموعة، يمكن أن يكونوا متحيزيين،  فمثلا يميل المعلم إلى عدم تحويل حالات الانسحاب الاجتماعي والخجل، لأن مثل هذه الحالات لا تسبب إزعاجاً لهم ولا تؤثر بشكل سافر على سير العملية التعليمية، بينما يميل المعلم إلى تحويل حالات السلوك الموجهة نحو الخارج كالازعاج والفوضى واضطرابات التصرف والحركة الزائدة، لأن ذلك يسبب إزعاجاً للمعلم وتأثيراً مباشراً على سير العملية التربوية داخل الصف.  من هنا يجب أن يعطى المعلم تحديداً للمشكلات التي يجب أن يلاحظها في الصف بشكل دقيق دون تركه يتوقع ما نريد.
                  إن استخدام قوائم الشطب هي من الاجراءات العامة المألوفة، وهي تتضمن سلوكات محددة، يطلب من المعلم أن يقدر الطالب على هذه السلوكات.

    تقديرات الوالدين:
                  إن الوالدين أيضا مصدر مهم للمعلومات عن اضطراب الطفل.  المعلومات من الوالدين يمكن أن تجمع إما من خلال المقابلات أو من خلال قوائم الشطب والاستبانات.  ومع أن الوالدين مصدر هام للمعلومات، لكن دقة ملاحظة الوالدين للطفل عليها تساؤلات.
                  إن إحدى المشكلات الواضحة في استخدام الملاحظات المباشرة كمحك لتصديق تقديرات الوالدين هي محدودية ملاحظة السلوك.  إن الملاحظين يمكن أن ينسوا أو أن لا تكون لديهم متابعة للسلوك لفترة مستمرة، كما أن وجود الملاحظ يمكن أن يؤثر على السلوك.
                  وبالرغم من التساؤل عن ثبات تقديرات الوالدين، فإن لهم دور مهم في عملية التحويل.

    تقديرات الاقران أو الزملاء:
                  إن تقديرات الأقران تعتبر إحدى الطرائق المستخدمة للكشف عن المشكلات الاجتماعية والانفعالية.
                  إن نتائج بعض الدراسات أشارت إلى أن الاطفال في المدرسة من كل الاعمار قادرين على التعرف إلى المشكلات السلوكية، ولكن الاطفال في الاعمار الصغيرة، كان من الصعب عليهم معرفة أو تحديد السلوك الطبيعي أو المقبول، ولكن يختلف الامر في حالة الاطفال الاكبر سناً حيث يصبحون أقل تمركزاً حول ذواتهم، وبذلك يستطيعون ملاحظة دلالات أو إشارات السلوك غير العادي.
                  إن المقاييس السوسيومترية والتي تركز على العلاقات الشخصية والاجتماعية في المجموعة تستخدم لقياس إدراك الطفل وهي مفيدة في طرق الكشف، وإذا ما فسرت بحذر، فإنها يمكن أن تكون ذات فائدة للمعلم في تخطيط طرق التدخل.

    تقديرات الذات:
                  تعتبر تقديرات الذات مصدراً آخر للحكم على تكيف الطفل، فمن خلال تقدير الطفل لذاته يمكن أن يساعد ذلك في التعرف إلى المشكلات التي يعاني منها. وقد أشارت الدراسات بأن تقديرات المعلمين للأطفال المضطربين أفضل عندما يكون السلوك المضطرب موجه نحو الخارج كالعدوان والتخريب والحركة الزائدة، ولكن التقدير الذاتي يكون افضل في حالة الاضطراب الموجه نحو الداخل الذي يتطلب وصف الذات من خلال المشاعر والاتجاهات والامور الداخلية.  وهذه التقديرات مفيدة للأطفال غير المقتنعين بأنفسهم أو الدفاعيين.            
               
    إن المرحلة التي تأتي بعد الكشف والتعرف الأولي هي مرحلة التشخيص النفسي والتربوي الذي يقوم به عادة الفريق متعدد الاختصاصات إذ يتم دراسة حالة الطفل من قبل الاخصائي النفسي والطبيب النفسي والباحث الاجتماعي، بالاضافة إلى إجراء تقييم شامل في الجانب التربوي من قبل المعلم العادي ومعلم التربية الخاصة، وذلك من أجل تحديد إجراءات التدخل المناسبة في الجانبين النفسي والتربوي.


    الاتجاهات النظرية العامة في تفسير اضطرابات السلوك: 


                  إن الاختلاف في تحديد اضطرابات السلوك وأسبابها وتفسير تشوئها وبالتالي طرق علاجها يرجع في الاساس إلى وجود أكثر من اتجاه نظري يستند إليه الباحثون.  هذه الاتجاهات هي بمثابة النظرية والفلسفة التي يبتبناها علماء النفس في تعريف السلوك العادي وغير العادي.
                  يوجد عدد من هذه الاتجاهات ولكن الاتجاهات التي تعتبر حديثة، وتلاقي قبولاً لدى الكثير من الباحثين هي : الاتجاه البيوفيزيائي     Biophysical Approach الاتجاه  الدينامي Psychodynamic Approach والاتجاه السلوكي Behavioral Approach والاتجاه البيئي Ecological Approach ،وفيما يلي عرض لهذه الاتجاهات:
               
    الاتجاه البيوفيزيائي:
                  إن تأثير النواحي الفسيولوجية على الشخصية والسلوك كانت قد عرفت منذ القدم.  بعض الباحثين أشاروا إلى أهمية الوراثة في تقرير الفروق في الشخصية كما إن العلاقة بين التغذية واضطرابات الشخصية كانت قد درست في الخمسينات كذلك العلاقة أو الربط بين التلف العصبي والمشكلات التعليمية كانت قد درست من قبل ستراوس وويرنر (Struss & Werner) سنة 1933 الذين طوروا إجراءات تربوية للتدخل مع الأطفال المصابين بتلف في الدماغ.
                  إن العلاقة التبادلية بين النفس والجسم أو بين الجوانب البيوفيزيائية والبيئة معترف بها ومؤكدة ليس من قبل هذا الاتجاه فحسب بل أيضا من قبل الاتجاهات الاخرى في علم النفس، لكن الفرق هو أن الاتجاه البيوفيزيائي يركز على النواحي البيوفزيائية على أنها السبب الأولي وإنها هي الجوانب التي يجب التدخل فيها عند معالجة الاضطرابات النفسية.
                  وبناء على هذا الاتجاه، فإن على المعلم أن يتوقع اختلاف في شخصيات الاطفال وفي تعلمهم وفي سلوكهم وذلك بناء على اختلافهم في النواحي البيولوجية، لذلك يجب أن تعدل البيئة التعليمية.
                  إن الاتجاه البيوفيزيائية يعتبر أن السلوك المضطرب هو سلوك مسبب عن عوامل بيوفيزيائية وهذه العوامل ترجع إلى:
                                                            الوراثة
                                                            النواحي البيئية التي تؤثر على النمو
                                                            الحوادث والامراض خلال الولادة أو في أي وقت بعدها

    ينادي أصحاب هذا الاتجاه بأن السلوك الذهاني هو نتيجة لعدم التوازن البيولوجي الكيماوي الذي يؤثر على وظائف الفرد العصبية.  مجموعة أخرى من الباحثين وجدوا أن الحساسية أو التحسس من بعض أنواع الطعام أو المأكولات يمكن أن يؤدي إلى سلوك ذهاني.
    من هنا، فالنقاط التالية يجب أن يأخذها المعلم بعين الاعتبار:
                               السلوك المضطرب يمكن أن يكون مسبباً بشكل مباشر بالوضع الجسمي غير الطبيعي.
                               الاجراءات والادوات التربوية يمكن أن تعدل لتعويض المشكلات الجسمية للطلبة.
                               التدخل الطبي يمكن أن يكون ضرورياً وجزءاً مهماً من خطة التدخل العامة.
                               اخصائيون مثل المعالج المهني ومعالج النطق وغيرهم يمكن أن يكون لهم دور في التدخل.
    معظم التشخيص البيوفيزيائي يتم من قبل الاشخاص الذين لهم علاقة بالطب.
    إن المعلومات التالية عن أهداف التدخل في هذا الاتجاه مهمة بالنسبة للمعلم:
                      ما هو التحسين في صحة الطفل
                      ما هو وقت الذي يحتاجه الطفل للتحسن
                      ما هي المحددات الصحية للطفل
                      ما هي انواع المشكلات التي من المتوقع أن تحدث خلال فترة العلاج.
                      ما هي الاعراض التي يمكن أن تذكر للطبيب مثل الاعراض الجانبية للأدوية، والتدهور في الاداء...


    الاتجاه الدينامي:

                  إن أهم مساهمة للنظريات الدينامية الحديثة هو التقليل من الاهتمام بالعوامل البيولوجية المحددة وزيادة الاعتقاد بقدرة الانسان لتعلم السيطرة على دوافعه، والقيام بسلوك اجتماعي، وعن طريق تعديل الدوافع الداخلية يمكن تسهيل عملية البناء والتفاعل الاجتماعي والايجابي والتكيف للبيئة.
                  تعتبر النظرية الدينامية أن القوى الداخلية هي التي تدفع الفرد للقيام بالسلوك.  وبشكل عام، فإن دوافع أو غرائز الجنس والعدوان لاقت الاهتمام الاكثر بين الباحثين (نظرية فرويد)، ولكن حديثاً فإن الحب، وتحقيق الذات، والمشاركة، ودوافع أخرى اعتبرت قوى تحرك السلوك (نظريات روجرز وماسلو).  إن معظم أصحاب هذا الاتجاه ينادون بأننا غير واعين على القوى والامور الداخلية التي تؤثر على سلوكنا.
                  بالاضافة إلى ذلك، فإنه ينظر إلى الشخصية على أنها دينامية تتغير.  ثم إن السلوك الذي يظهر بأنه شاذ يمكن أن يكون عادياً للطفل في مرحلة نمائية محددة.  كذلك فإن سلوك الطفل في أي موقف، هو دليل على نزعات وحاجات قوية داخلية.
                  إن أصحاب هذا الاتجاه يفترضون بأن الاطفال المضطربين يختلفون من حيث الدرجة وليس من حيث النوع عن الاطفال غير المضطربين. فالاضطراب ينظر إليه على أنه صفة عادية ولكنها مبالغ فيها.
                  السلوك المضطرب يظهر على أنه ينشأ من عدم التوازن بين نزعات واندفاعات الطفل وبين نظام الضبط لديه. وعندما يكون الضبط غير مناسب، فإن سلوك الطفل يصبح عدوانياً ، مشتتاً وغير متنبأ به. وعندما يكون الضبط صارماً جداً فإن الطفل يحاول كف سلوكه باستمرار ويكون غير قادر على التعبير عن نفسه.  لذلك، فإن تكتيكات التدخل تساعد الطفل أن يطور ضبط مناسب لنزعاته.
                  يقوم أصحاب الاتجاه الدينامي بعملية التشخيص وذلك للحصول على المعلومات التي يجب أن تكون مفيدة في تصميم تدخل مناسب.  فالاخصائي هنا مهتم بتاريخ الطفل كما هو مهتم بالموقف الحاضر.  وعادة ما يشترك بعملية التشخيص أكثر من مختص مثل: أخصائي علم النفس، الباحث الاجتماعي، المعلم، أخصائي الاعصاب وآخرون.  تجمع المعلومات من مصادر متعددة حيث يقابل الطفل وكذلك والديه ويطلب من المعلم أيضاً أن يشارك بملاحظاته عن سلوك الطفل.  ويمكن أن يكون الفحص الطبي مطلوباً في بعض الحالات ومعلومات أخرى يمكن الحصول عليها من سجلات المدرسة ومن الاختبارات  النفسية مثل اختبارات الذكاء والشخصية.
                  إن أهداف التدخل الدينامي داخلية عن طريق تغيير في مشاعر الطفل عن نفسه وعن الآخرين، وسلوكي عن طريق تغيير في سلوك الطفل، وبيئي عن طريق تغيير في المواقف أو الاشخاص الذين يتفاعلون مع الطفل.
    فمن الاهداف الداخلية:
                         تحسين فكرة الفرد عن ذاته.
                         مساعدة الطفل أن يكون مستقلا وموجهاً من قبل ذاته.
                         مساعدة الطفل أن يفهم نفسه وأن يفهم الآخرين.

    أما الاهداف السلوكية فهي:
                         مساعدة الطفل أن يعبر عن اندفاعاته بطرق مقبولة اجتماعياً.
                         مساعدة الطفل في ضبط اندفاعاته السلبية.
                         تشجيع الطفل على أن يعبر عن نزعاته الايجابية وأن يطور سلوكاً اجتماعياً مقبولاً.

    أما الاهداف البيئية فهي:
                      تزويد الطفل بمصادر انفعالية ضرورية لنموه.
                      تزويد الطفل ببيئة مناسبة للتعلم لحل مشكلاته ولتطوير سلوكات إيجابية.  واعتماداً على وجهة النظر الدينامية، فإن الاهداف الداخلية والسلوكية والبيئية هي أهداف متداخلة.

    الاتجاه السلوكي:
               
    يعتمد هذا الاتجاه على نتائج الابحاث التي توصل إليها علماء نفس التعلم المحدثين، ولكن المبادئ الاساسية لهذا الاتجاه ليست جديدة.  أصحاب هذا الاتجاه يعتبرون أن معظم السلوك هو نتيجة لتعلم سابق، ولهذا، فإنهم مهتمون بمعرفة كيف ولماذا يحدث التعلم.
                  - الاشراط الاستجابي Respondentالذي هو عبارة عن قدرة مثير محايد أصلاً على استجرار الاستجابة من العضوية نتيجة تكرار اقترات هذا المثير مع المثير الاصلي (بافلوف وواطسن).
                  - الاشراط الاجرائي Operant (سكنر) تكون فيه العضوية حرة تقوم بالسلوك بشكل إرادي، ولكن توابع هذا السلوك هي التي تحدد احتمال قيام العضوية بالسلوك في المستقبل، فإذا كانت التوابع إيجابية زاد احتمال السلوك، وإذا كانت سلبية قل هذا الاحتمال.
               
    -                     إن الاستجابات يمكن أن يتم تعلمها عن طريق ملاحظة نموذج ما، وهذا ما يسمى بالتعلم بالملاحظة أو بالنموذج (نظرية باندورا).
      إن هناك الكثير من الباحثين في الاتجاه السلوكي الذين لهم مساهمات مفيدة حول تطور هذا الاتجاه وتقدم الباحث فيه، ولكن تبقى أنواع التعلم الثلاث الاشراط الكلاسيكي، والاشراط الإجرائي، والتعلم بالملاحظة أو التقليد هي من أنواع التعلم الأساسية.
                  ينظر إلى الانسان في هذا الاتجاه على أنه عضوية بيولوجية يجب أن تتفاعل مع البيئة من أجل البقاء.  ينظر أصحاب هذا الاتجاه إلى السلوك المنحرف أو الشاذ بأنه سلوك متعلم.  إن السلوك المنحرف يتضمن منظومة من الاستجابات غير الفعالة في التعامل مع المشكلة أو التي لها تأثيرات جانبية غير مرغوب فيها.  إن توابع مثل هذه السلوكات تتضمن عادة الفشل، الانسحاب، الذهول، الخوف، والقلق.
                  وحيث أن السلوك المنحرف أو الشاذ سلوكاً متعلماً لذا يجب فحص بيئة الطفل عن كثب. العوامل في البيئة ليس فقط تثير الاستجابات، ولكنها أيضاً تحافظ على إدامة هذه الاستجابات عن طريق تعزيزها.  إن الأطفال غالباً ما يتعلمون سلوكاً غير مرغوب فيه وذلك بسبب أن الوالدين أو المعلمين يعززون مثل هذا السلوك، أو أن الاطفال يفشلون في تطوير سلوكات مناسبة لأعمارهم بسبب أن هذه السلوكات كانت قد عززت.  كذلك يمكن أن يقوم الاطفال بسلوك منحرف أو شاذ بسبب عدم معرفتهم بالذي يجب عليهم القيام به نتيجة المعاملة غير الثابتة أو غير المتوازنة.
                  التشخيص اعتماداً على وجهة النظر السلوكية تشمل عدداً من الخطوات هي:
                               السلوك المستهدف: أي ما هو السلوك المقصود، إذ يجب وصف السلوك بمنظومة من الاستجابات الملاحظة.
    -                                                          هل هو زيادة في السلوك: هل يحدث كثيراً، أو لمدة طويلة، أو تحت ظل ظروف غير مناسبة.
    -                                                          هل هو نقص في السلوك: هل يفشل في الحدوث عندما يجب أن يحدث.  وإذا كان سلوكاً جديداً هل يمكن تجزئة هذا السلوك إلى عناصر صغيرة أو إلى خطوات يسهل تعلمها.
    -                                                          عدد مرات حدوث السلوك: تسجيل تكرار حدوث السلوك في الوقت الحالي
                               البيئة: وتتضمن وصف جميع الأبعاد التي لها علاقة بالبيئة:
    -                                                          كم مرة يحدث أو كم مرة يجب أن يحدث.
    -                                                          أين ومتى يحدث أو يجب أن يحدث.
    -                                                          ماذا يحدث مباشرة قبل أن يحدث.
    -                                                          ماذا يحدث مباشرة بعد أن يحدث.
    -                                                          من هم الاشخاص أو الاشياء التي لها علاقة بالسلوك وبأي طريقة تلك العلاقة.
    -                                                          ما هي احتمالات التعزيز في الموقف.
                               الفرد: معلومات محددة عن الفرد وتشمل:
    -                                                          خصائص الفرد، مهاراته، هواياته، إمكاناته التي يمكن أن تساعد في تعديل سلوكه. ويمكن الحصول على مثل هذه المعلومات عن طريق الاختبارات النفسية.
    -                                                          ما هي حالات الاعاقة التي يمكن أن تحد من تحقيق الأهداف السلوكية.
    -                                                          ما هي المعززات التي كانت مستخدمة بفاعلية في الماضي.
    إن التشخيص السلوكي يمكن أن يقوم به أي فرد له ألفة بالموقف وسبق له أن تعلم الملاحظة وقياس متغيرات محددة في المواقف.  إن كثيراً من معلمي المدرسة قد تعلموا مثل هذه المهارات الضرورية لعملية التشخيص السلوكي.
                  إن الخطوة الاخيرة في عملية التشخيص هو وضع أهداف لعملية التدخل.  وفي الاتجاه السلوكي يوجد هدفان:
                                                           التقليل من حدوث السلوك غير المناسب أو السلبي في موقف ما.
                                                           زيادة حدوث السلوك المناسب أو الإيجابي في موقف ما.

    الاتجاه البيئي:
               
                  إن الذين يتبنون الاتجاه البيئي يشيرون إلى أن القوى الداخلية والخارجية معاً يجب أن يعترف بها على أنها قوى أساسية وأن تفاعل هذه القوى الداخلية والخارجية هو الاساس في حدوث السلوك.
                  اعتماداً على وجهة النظر البيئية، فإن السلوك هو نتاج التفاعل بين القوى الداخلية التي تدفع الفرد وبين الظروف في الموقف.  إن تخصص أو ميدان عالم البيئة الاساسي هو الذي يحدد الطريقة التي تفسر بها القوى الداخلية وتفاعلها مع الموقف.  فمثلاً عالم الاجتماع البيئي يركز على تأثير المجموعات الاجتماعية والمؤسسات على سلوك الافراد.  علماء البيئة الأطباء ينظرون أولاً إلى العوامل الجينية التي تقرر الخصائص والمزاج لفرد معين ويحللون التفاعل بين هذا وبين بيئته.  أما العلماء البيئيون التحليليون فإنهم يركزون على التفاعل الأسري مبتدئين بالتفسير التحليلي لشخصية الفرد ويطبقون هذا النموذج على نمط التفاعل بين أفراد الأسرة.
                  وهكذا، فإن علماء البيئة الانسانيون لا يقدمون نظرية يعتمد عليها في تفسير لماذا يسلك الناس بالطريقة التي يسلكونها.  وجميع التأكيدات في هذا المجال هي حول التفاعل بين الفرد وبيئته.
                  ينظر أصحاب هذا الاتجاه إلى الانحراف على أنه عدم توافق بين سلوك الفرد والبيئة مع اختلافهم في التركيز على العوامل البيئية أو التركيز على خصائص الفرد.
                  من يقوم بعملية تشخيص السلوك المضطرب في الاتجاه البيئي يهتم بجمع معلومات كثيرة عن الطفل وعن البيئة التي يتفاعل فيها.  معلومات تتعلق بنمط سلوك الطفل في مواقف مختلفة يتم جمعها وكذلك تلاحظ الاختلافات بين سلوك الفرد في البيت والجيرة والمدرسة.  كذلك يحاول المهني في هذا الاتجاه أن يحدد المطالب السلوكية لكل موقف.  









    والآن نذكر بعض الاضطرابات الشائعة للسلوك حسب التقسيم التالي:


    تقسيم الاضطرابات:
    الاضطرابات الوظيفية: سلس البول, مص الاصابع, قضم الأظافر, فقدان الشهية أو الشراهة, الارق
    الاضطرابات الذهنية: الحالات التي ينتج عنها قصور في الانتاج الفكري ـ كالكبت الفكري ـ عدم القدرة على التركيز ـ اضطرابات الذاكرة وهذا كله يؤدي الى التأخر الدراسي والهروب من المدرسة.
    الاضطرابات السلوكية: الكذب، الاختلاس، العدوانية، اضطراب السلوك الجنسي،....


    1.                            الاضطرابات الوظيفية
    سلس البول أو التبول اللاارادي:
      كثيرا ما نجد الأطفال يتبولون في أثناء نومهم بالليل في سن كان ينتظر منهم فيها ان يكونوا قد تعودوا ضبط جهازهم البولي. وسن ضبط جهازهم البولي تقع بالتقريب في الثالثة من العمر ولو أن بعض الأطفال يضبطون قبل سن الثانية. وإذا استمر الطفل يتبول وهو نائم إلى ما بعد الرابعة، فعلى الآباء أن يفكروا جديا في الأمر.
    أنواع السلس البولي :
    - السلس الأولي: وهو عندما لم يمر الطفل بمرحلة جفاف وقد تجاوز سن الثالثة من عمره.
    - السلس الثانوي: عندما نجد بأن الطفل قد مر بمرحلة جفاف ومن ثم افتقدها.
                                من الممكن أن يكون سلس البول مرحلي، يحدث عند حصول تغيير معين
                                في المحيط أو في نمط العيش، يشعر حينها الطفل بفقدان أهله له، وفقدان
                                الامان فيقرر عندئذ لفت الانتباه نحوه .
    الاسباب:
    الاسباب الجسمية:
    والواجب الأول في دراسة حالات التبول اللاارادي هو الفحص الجسمي الدقيق الشامل. فقد يكون هناك أسباب جسمية عامة كفقر الدم أو الاضطرابات العصبية العامة، وقد يكون هناك أسباب جسمية محلية كائنة في الجهاز البولي كالكليتين أو المثانة أو مجرى البول.

    الأسباب النفسية:
    ويرجع التبول اللاإرادي إلى عوامل نفسية، أهم عنصر فيها هو عنصر الخوف، سواء أكان قائماً بذاته أم داخلا في تكوين انفعالات مركبة، وقد يكون الخوف قائما بذاته كما في الخوف من الظلام أو من الحيوان أو من التهديد أو بعد سماع قصة مزعجة أو غير ذلك. وقد يدخل الخوف في تركيب انفعال آخر كالغيرة.
    وليس من السهل إرجاع حالة التبول اللاإرادي إلى عامل عائلي واحد كظهور مولود جديد في الأسرة أو وفاة شخص عزيز أو غير ذلك، بل نجد أنه يترتب على تغير الجو الذي يسود البيئة التي يعيش فيها الطفل وفقد ثقته بنفسه وخوفه على مركزه، مما يسبب له أحلاماً مزعجة في أثناء الليل يصحبها أحياناً فقدان القدرة على التحكم في ضبط عضلات الجهاز  البولي.
    العلاج:
    1-يجب التأكد من سلامة الجسم من كل ما يحتمل أن يكون عاملا فعالا او مساعدا في عملية التبول هذه. ولهذا  يجب فحص حالة الجسم العامة والمحلية فحصا دقيقا ويجب تحليل البول والبراز والدم لهذا الغرض.
    2- تحسين حالة البيئة التي يعيش فيها الطفل، حيث يجب أن يكون الطفل مطمئنا.
    3- اعطاءه حصة كافية من الحنان مع عدم ولدنته، وعدم توبيخه
    4- عدم اعطاءه سوائل ثلاث ساعات قبل النوم
    5- ايقاظه في منتصف الليل من أجل التبول.
    ملاحظة: إذا أصبح السلس في البول مشكلة مزمنة، فهذا يستدعي علاج أعمق.

    مص الأصابع:
    كثيرا ما تظهر هذه المشكلة منذ الأسابيع الآولى. وفي الأشهر الأولى يمكن النظر إلى مص أصابع اليد أو الرجل كأنه عملية عادية  يقوم بها كل طفل تقريبا ويشتق منها لذه وفي إجرائها شيْء من المهارة فمن المهارة بالنسبة للطفل الصغير تحريك يده أو رجله ووضعها في فمه دفعة واحدة دون أن يخطىء الهدف. ولكن الخطورة في استمرارها والإصرار عليها عند التقدم في السن.وبعض الأطفال يظلون يمصون أصابعهم إلى سن الثانية عشر. وضرر الإستمرار في هذه العادة يتلخص في أمر واحد وهو أنها أسلوب لنشاط لا يؤدي إلى نتيجة إيجابية ملموسة، وإن كان مص الأصابع عاملا مساعدا يسهل معه الإغراق في أحلام اليقظة شأنه من ذلك شأن جميع الأعمال التكرارية غير المنتجة. ويلاحظ أن الطفل الصغير عند ممارسته  مص الأصابع يكون سعيدا ويمارسها على فترات، أما الطفل الكبير فيبدو عليه وهو يمارسها أنه غير سعيد وتجده يكب عليها باستمرار مثله في ذلك مثل المدمنين لتعاطي المكيفات. ونجد أن الطفل الكبير عند ممارستها مثله في ذلك مثل المدمنين لتعاطي المكيفات. ونجد أن الطفل الكبير عند ممارستها يكون بعيدأ عن الصلة بهذا العالم الواقعي. كما أن مص الأصابع يحدث تشوهاً في شكل الأ سنان وشكل الأصابع.
                                                 العلاج:
    1- إزالة الأسباب النفسية التي تكمن وراء العصبية بإزالة الخوف والقلق وتأمين الجو المناسب لإشباع الحاجات الأساسية للطفل مثل الحاجة إلى الأمن والعطف والحرية.
    2- شغل الطفل بعمل مشوق منتج وذلك بتشجيعه على توجيه أوقات فراغه في ممارسة اللعب أو العمل الذي يشغل يده وفمه أو كليهما.
    3- تحبيب الطفل في أنواع النشاط الممتعة التي تستوعب بقدر الإمكان وقته.
    4- إبعاد السخرية بالشخص المصاب  بمزاولة هذه العادة وإظهاره بمظهر المنحرف الشاذ فإن ذلك يضاعف في نفسه شعور الخيبة ويزيد من استسلامه للعصبية.
    5- يمكن اللجوء مع الوسائل المتقدمة إلى الطريقة المعروفة بطريقة التذكير وتتلخص في الإتفاق مع الشخص المريض على تذكيره بالإقلاع عن العادة في حالة النسيان. غير أن هذا التذكير لا يجب أن يأخذ صورة العقاب أو التأنيب.




    قضم الأظافر:
    يعتبر قضم الأظافر أسلوبا من أساليب النشاط الشاذ الذي لا يؤدي إلى نتيجة إيجابية، فهو لذلك نمط إنسحابي يبعد صاحبه عن مجابهة الواقع ويساعده على الإستغراق في السرحان وأحلام اليقظة وعدم التركيز.

    والإنفعال المصاحب لقرض الأظافر هو انفعال الغضب الذي ينشأ من حالة التوتر القلقي: لذلك تزداد هذه العادة كلما قابلت الشخص صعوبات نسبية تتحدى قدرته. فهو على الرغم من أنه أسلوب انسحابي إلا أنه يتميز بالشدة ويتم بالقوة. أما جذوره فهي ترجع في جملتها إلى أسباب انفعالية قد تكون حادة تعبر عن نفسها بالحركات العصبية التي يصحبها عدم الاطمئنان وتحركها دوافع الخوف مما يجعل المصاب في حالة عدم استقرار.

    وأول ما يخطر على الذهن هو نوع العلاقات التي تسود الجو الذي يعيش فيه الشخص ولذا تتم دراسة علاقة الطفل بوالديه ومدرسيه وزملائه. فعلى سلامة هذه العلاقة يتوقف إلى حد كبير شعوره بالسعادة وتوفر ثقته فيمن حوله ومن ثم كان من الضروري تهيئة الجو المناسب الذي يشبع الحاجات الأولية للطفل.
                                                 ألعلاج:
    نفس علاج مص الأصابع.

    اللجلجة:
    لا شك أن النطق من أهم وسائل الإتصال الإجتماعي. وعملية النطق عبارة عن نشاط يفصح فيه الفرد عن نفسه في التوافقات العصبية التي يشترك في إدائها مركز الكلام في المخ وتقوم هذه التوافقات بتحريك العضلات وهذه تقوم بدورها بإخراج الأصوت. أما الرئتان فإنهما تقومان بعملية تعبئة الهواء وتنظيم اندفاعه ليمر على الأوتار الصوتية داخل الحنجرة والفم والتجويف الأنفي وهنا تحدث التشكيلات الصوتية التي نطلق عيها اسم (الكلام).
    وليست عملية النطق من العمليات البسيطة، فهي تحتاج إلى مرانٍ طويل يبدأ بولادة الطفل عندما يعبر عن حاجاته الأولية بالصراخ ثم الضحك ثم المناغاة وهكذا يستمر في تجربة الكلام حتى ينجح في إخراج الأصوات المفهومة. غير أن هناك أسباباً عضوية ونفسية تقف أحياناً في سبيل التقدم الكلامي للأطفال وتحدث اختلالاً في التوافق الحركي بين أعضاء النطق مما يشكل خطراً مرضياً على صحتهم النفسية وصحتهم الإجتماعية أيضاً.
    واللجلجة عيب كلامي يتعرض له الأطفال والكبار كذلك، اما أسبابها فكثيرة ومعقدة، وقد بحثت حالات لبعض المصابين بداء اللجلجة فوجد أن الإستعداد الطبيعي يضعف نتيجة لما توحي به البيئة من مشاعر الخوف وفقدان الأمن.
    تعود أسباب اللجلجة الى عللاً جسمانية معينة وفي بعض الحالات وراثية. وقد تحدث اللجلجة نتيجة مفاجأة أو ضربة غير متوقعة.

    العلاج:
    -         العلاج النفسي و يهدف الى ازالة اسباب التردد و الخوف و احلال الثقة و الجرأة محلهما.
    -         العلاج الكلامي و يهدف الى معاونة المصاب على التغلب على عيوب نطقه. من أهم هذه الطرق طريقة الاسترخاء الكلامي و التمرينات الايقاعية و طريقة تعليم الكلام من جديد.


    فقدان الشهية والشراهة:
    كلمتان متناقضتان لكنهما وجهان لعملة واحدة حيث أنهما يعبران عن حالة نفسية واحدة، فهي تعبير عن تعويض للنقص العاطفي الذي غالباً ما ينتج عن اضطرابات عميقة بالعلاقة مع الأم أو من ينوب عنها.  يشعر الطفل حينها بفراغ عاطفي عميق يجعله اما يفرط في الاكل "لتعبئة نفسه" واما يضرب عن الطعام فيعاقب والدته ويعاقب نفسه لوجوده حياً.
    العلاج يكون علاجاً نفسياً وذلك بتحسين العلاقة مع الأم أو من ينوب عنهاً ثم علاجاً غذائياً.


    الارق:
    من طبيعي أن يستيقظ الطفل في الليل خلال السنة الاولى من الحياة. لكنه في السنة الثالثة والسادسة من العمر يشهد عودة لعدم اللاستقرار في نومه وكأنه يرى  كوابيساً.... كل هذا أمر طبيعي لأن الطفل يواجه في حياته اليومية تغيرات سريعة  عليه التأقلم معها بسرعة، كالدخول إلى المدرسة .....  قبول القواعد الاجتماعية.
    نلحظ عدة أنواع من الأرق: الأرق الهادئ والأرق الباكي والصاخب.
    العلاج :
                  -  اعطاء الطفل حاجته من الحنان والشعور بالطمأنينة
            -  مرافقة الطفل خلال أرقه بوجود فعلي إلى جانبه دون الافراط.
            -  انارة المكان وتخصيص الطفل بغرض ينام معه يذكره بالراشد الذي يحبه ويهتم        به.

    2-الاضطرابات الذهنية:
    إن عدم القدرة على التركيز، اضطرابات الذاكرة، تدهور الانتاج المدرسي هي عوارض مألوفة لكنها لا تتلخص بوضعية واحدة وهي موجودة في عدد كبير من الاضطرابات النفسية.

    القصور العاطفي:
    نعني بالقصور العاطفي حالة يكون فيها الطفل قد حرم في العاطفة اللازمة لتطوره،  فلقد أصبح واضحاً ومعلوماً بان التطور الفكري مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمناخ العاطفي والتربوي المحيط بالطفل.  فإن لم يحظ بهذا الاهتمام لن يستطيع تكوين صورة ايجابية وواضحة وسليمة للعالم المحيط به.  نلحظ عندئذ صعوبات:
    استيعاب مفاهيم الزمان والمكان
    فقر في اللغة والابداع
    صعوبة في استيعاب المفاهيم المنطقية
    صعوبة في التفكير الرمزي.


    التأخر الدراسي:
    التأخر الدراسي مشكلة تربوية اجتماعية يقع فيها التلميذ ويشقى بها الآباء والمدرسون   في المنزل والمدرسة.
    أسباب التأخر الدراسي:
    1– العوامل الذاتية وتنقسم إلى :-
    (أ)- العوامل العقلية:
    قد يرجع التأخر الدراسي إلى ضعف الذكاء العام للطفل والذكاء هو القدرة العقلية الفطرية المعرفية العامة، أو هو العامل المشترك الذي يدخل في جميع العمليات العقلية التي يقوم بها الإنسان. وهذا العامل يُعَّد من أقوى أسباب التأخر الدراسي ومن أكثرها ارتباطاً بالتحصيل المدرسي والفروق الفردية بين التلاميذ.
    أما القدرة الخاصة فهي إمكانية نمط معين من أنماط السلوك المعرفي، ويظهر أثر القدرات الخاصة في حالات تأخر التلميذ في مادة مع تقدمه في باقي المواد.
    (ب)- العوامل الجسمية:
    1- اضطراب النمو الجسمي وضعف البنية والصحة العامة والأمراض الطفيلية والمزمنة واضطراب إفرازات الغدد.
    2- العاهات الجسمية مثل حالات ضعف البصر الجزئي وكذلك طول البصر وقصره وعمى الألوان وحالات الاضطرابات كعدم التوافق الحسي والحركي.
    3- حالات الاضطراب التي تصيب اللسان وأجهزة الكلام مما يسبب صعوبة النطق ويؤدي إلى معايرة التلاميذ والشعور بالنقص.
    (ج)- العوامل الانفعالية:
    قد يرجع التأخر الدراسي إلى بعض المؤثرات الانفعالية، فالطفل شديد الحياء أو الطفل القلق غير المستقر يجد عادةً صعوبة كبيرة في التكيف مع جو المدرسة.
    2- العوامل المدرسية:وتتخلص فيما يلي:
    1-    سوء توزيع التلاميذ على الفصول من غير مراعاة التناسق والتجانس في التوزيع،كأن مثلاً يجابه المعلم بمشكلة الطلاب سريعي التعلم والطلاب بطيئي التعلم وتكون النتيجة أن جميع تلاميذ الفصل على اختلافهم يشعرون بالحرمان ويلتمسون الإشباع الذي يعوضهم ذلك النفص في نواحي أخرى قد تكون التمرد والعبث والهروب من المدرسة لأنهم فقدوا الحافز وهو من العوامل الهامة في التحصيل في المدارس.
    2-    عدم الانتظام في الدراسة، فالتلميذ الذي تعَّود التأخر والغياب يكون عُرضة للتأخر عن زملائه في التحصيل.
    3-    كثرة تنقلات المدرسين وعدم استقرارهم عامل من عوامل ازدياد المشكلة تعقيداً.
    4-    الإدارة الدكتاتورية والتنظيم السيء بالمدرسة يؤثر في سير التلميذ الدراسي.
    5-    المدرسة وسيلة لنمو التلميذ في جميع نواحية الجسمية والعقلية والخُلقية. فطريقة التدريس والنشاط المدرسي ونظم الامتحانات والمنهج والإدارة المدرسية لا بد أن تكون جميعها متمشية مع أهداف التربية الحديثة، مراعيةَ لميول التلاميذ واستعدادتهم مبنية على التفكير العلمي الصحيح للفورق الفردية بين التلاميذ.

                        3- العوامل المنزلية: ونوجزها فيما يلي-
          (أ) مستوى الأسرة الاقتصادي:
    قد يكون التطرف في المستوى الاقتصادي, سواءً أكان فقراً أم ترفاً,  من أقوى أسباب التخلف الدراسي إلا إذا كانت التربية سليمة تعتمد المراقبة والمحاسبة.
         (ب) المستوى الثقافي للأسرة:
    التلميذ الذي ينشأ في أسرة جاهلة لا تهتم بمواظبته على المدرسة ولا تهيئ له الجو المناسب للاستذكار غير التلميذ الذي يجد جواً ثقافياً في المنزل وعناية بالواجبات المدرسية وحرصاً على تزويده بثقافات معينة ومتنوعة في الصحف والمذياع والمجلات والمكتبة المعدة له.
        (ج) الجو المنزلي:
    ونقصد به ما يسود المنزل من علاقات قد تكون لها أثر في حياة الأبناء كاضطراب الحياة المنزلية وكثرة المشاحنات والخلافات، وكاستبداد الآباء والتفرقة في معاملة الأبناء، وغير ذلك مما يكون سبباً في بعث جو من القلق والاضطراب يؤثر في حياة التلميذ المدرسية بل يؤدي إلى التأخر الدراسي.

    علاج التأخر الدراسي:
                في المدرسة :
    أولأ: الاهتمام بالفروق الفردية بين التلاميذ ووضعهم في فصول متجانسة من حيث السن والذكاء والقدرة التحصيلية.
    ثانياً: الاهتمام بالتوجيه التربوي أي مساعدة الفرد بوسائل مختلفة لكي يصل إلى أقصى نمو له في مجال الدراسة.
    ثالثاً: الاهتمام بالنواحي الصحية وذلك بفحص التلاميذ فحصاً شاملاً.
    رابعا: الاهتمام بالنواحي الاجتماعية وذلك بتعاون المنزل والمدرسة.
    خامساً: يجب الإقلال من عدد تلاميذ الفصول الضعيفة لحاجتهم إلى زيادة الجهد وبذل المعونة    والاهتمام الفردي بالتلاميذ ويجب اختيار أمهر المدرسين ليقوموا بالتدريس في هذه الفصول.
       سادساً: أن تعمل المدرسة على تهيئة الجو المدرسي الصالح.
    سابعاً: الاهتمام بإعادة النظر في المناهج والعناية بطرق التدريس وإعداد المعلمين.
              في المنزل :
    - أن يسود جو الطمأنينة المنزل
    - تأمين الجو الدراسي المناسب في المنزل
    - التقرب من الطفل ومساعدته في حل مشاكله
    - إعطاء الطفل الوقت اللازم لللعب وذلك بتنظيم برنامج الدرس معه.

    الهروب من المدرسة:
                                              للهروب من المدرسة أسباب كثيرة منها ما يأتي:
    1-      عدم راحة التلميذ في المدرسة وعدم إشباعها لحاجاته وميوله وعدم انسجامه مع نشاطها وكرهه لها أو لبعض معلميها أو لمادة من المواد.
    2-      وقد تكون الأسرة سبباً في هروب الطفل: فمثلاً قيمة المصروف الذي يأخذة الطفل ومقارنته مع مصروف تلميذ آخر معه في الصف، أو رداءة ملبسه أو عدم اهتمام أهل الطفل بذهابه إليها.
    3-      وقد يهرب التلميذ مع جماعة من رفاقه ويذهبون إلى دور السينما أو إلى الشوارع لللعب، أو يتخذ من رفاق السوء وأوكارهم مأوىً له.

    ولعلاج هذه الظاهرة يجب على المدرسة أن تُهَّيء امكانياتها ومناهجها وطرق التدريس بها كي تشجع وتُشَّوق الأطفال وتحببهم فيها، بالإضافة إلى المعاملة الحسنة من المعلمين وتقديرهم ومحبتهم للطفولة.


           الجناح أو الجنوح

    ظاهرة الجنوح تعبر عن نفسها في الميل المتطرف الى العدوان و التخريب و الانتقام والميل للتحدي و تعكير الجو و احداث الفتن و أخيرا الميل الى الكذب و السرقة و معارضة السلطة.
                     الأسباب النفسية للجنوح:
    1-     من الأسباب النفسية شعور الحدث بالخيبة الإجتماعية وإحساسه بالإخفاق المتكرر في محاولات النجاح.
    2-     الضعف العقلي وهذا يُعد من الأسباب الشائعة التي تدفع الحدث إلى الجنوح.

    الأسباب التربوية للجنوح:
    تأتي بعد ذلك الأسباب التربوية وهذه لا يمكن فصلها عن تلك فصلاً تاماً، غير إنها ترجع في جملتها إلى خطأ في تربية الأولاد وسوء فهم لحاجاتهم واستعدادتهم . ومن أهم هذه الأسباب ما يلي:
    1-     التغير في السلطة الضابطة وعدم ثباتها وذلك كأن يتذبذب الآباء في معاملة أولادهم، يقسون عليهم حيناً ويلينون حيناً آخر دون أن تكون هناك قواعد خُلقية ثابتة يسيرون على هديها.
    2-     المبالغة في تقييد الحرية والتدخل المستمر في الشؤون الخاصة بالصغار.
    3-     شعور الحدث بِمُحاباة ذوي السلطة لغيره، وتفضيل ذلك الغير عليه، وكذلك الموازنة المؤدية إلىحرمانه من الإمتيازات التي يوقعها.
    4-     فشل البيت أو المدرسة أو المجتمع في إشباع حاجة الأطفال إلى الإطمئنان وحاجتهم إلى السلطة الضابطة وحاجتهم إلى التنفيس عن الرغبات والدوافع.
    5-     عجز المدرسة عن اجتذاب التلاميذ نحوها وتهيئة الجو المناسب لإشاعة السعادة في نفوسهم.

    الأسباب الإجتماعية للجنوح:
    أما الأسباب الإجتماعية فإنها لا تقل أهمية عن الأسباب النفسية والتربوية لأنها تقوم بدور العامل المساعد وتُمثل الوقود المؤجج لنار المشكلة وهذه تتلخص في الآتي:
    1- الحالة الاقتصادية لأسرة الحدث.
    2- العلاقة الإنسانية التي تسود جو الأسرة.
    3- التيارات الخارجية التي يعيش في خضمها الحدث.

    العلاج :
    أما المعالجة فتتوقف على دراسة المسببات و علاجها و تقوية الثقة بالنفس لدى الحدث.
    فمن هنا أهمية العمل على:
    - خلق علاقات سليمة ومتينة
    - اعطاء المعلومات والاعمال المدرسية بتدرج
    - تحديد مستوى وقدرات الفرد في كل مادة كي لا يطلب من الشاب أو الطفل مجهود  لا يتناسب وامكانياته يضعه أمام فتل جديد.

    3-الاضطرابات السلوكية :
    العدوانية:
    الطفل العدواني هو الذي لم يستطيع منذ البدء اختبار علاقات صميمة واحترام بينه وبين افراد عائلته.  فالوسيلة الاساسية للاتصال كانت دوماً العنف، الكبت، الحرمان، عدم استقرار العلاقات الانسانية والامكنة....... فهذا الطفل ينشأ على هذا المنحى من السلوك إذ لم يعتد التعبير الكلامي الهادئ، أو الحوار الايجابي لحل المشاكل.
    في هذا الاطار لم يستطع الولد إيجاد صورة ايجابية عن نفسه تجعله يفتخر بذاته وببيئته بل يعيش مشاعر الذل والاذى والثورة على المحيط وعلى من يمثل السلطة.
    العلاج:    
    - انخراط الولد في مجموعات تربوية صغيرة
    - وضع اسس علائقية سليمة وواضحة لا تتأثر بالمشاكل أو المشادات العاطفية.
    - تشجيع التعبير الكلامي الصريح
    - اذا اضطر العقاب عليه أن يعطي بعداً إيجابياً للفرد وللمجموعة ولا يكون عملية اذلال         وتحطيم.


    الكذب:
    لا يُعتبر الكذب عرضاً مرضياً إلا إذ تكرر وأصبح عادة للطفل. يعتبر الكذب مشكلة بعد سن السابعة عندما يكون الولد قد فهم القواعد الاجتماعية. وهو يتخذ أشكالاً مختلفةتخدم أغراضا مختلفة أيضا. والواقع أنه لا يجب أن نطلق على الطفل  تسمية الكذاب حتى لا نعزز هذا المفهوم لديه, كذلك يجب أن لا نتغاضى عنه بل إنه من الواجب أن نصحح له من دون أن نشعره بالعار. أما أشكال الكذب فهي:
    ألكذب الادعائي و هو يحدث عادة عندما يبالغ الطفل في وصف تجاربه الخاصة فيجعل من نفسه بطلاً ينتزع الإعجاب. ويهدف هذا النوع إلى إحداث السرور في نفس السامع وبذلك يتحقق لدي الطفل إشباع حيله إلى السيطرة وتأكيد الذات.

    الكذب الخيالي ويظهر هذا عند الاطفال نتيجة لقفزات خيالية في تصوراتهم.  الواجب هو أن نكشف في الأطفال هذه القوة الخيالية ونوجهها وجهة صالحة.

    الكذب الأناني حيث يكذب الأطفال رغبة في تحقيق هدف شخصي. وعلاج هذا النوع يتحقق عن طريق توفير الثقة المفقودة بين الصغار والكبار وجعل الطفل يعتقد أن هناك عطفاً عليه من الكبار يدفعهم دائماً لتحقيق العادل من مطالبه.

    الكذب الإنتقامي يحدث نتيجة للإنفعالات الحادة التي يتعرض لها الطفل، ويغلب هذا النوع عند الأطفال الذين يحسون بالغيرة والغبن وعدم المساواة في المعاملة. و يتركز علاجه حول بناء الثقة في النفس و العدالة في معاملة الاطفال.
    الكذب الوقائي يظهر عندما يكذب الطفل خوفا مما يقع عليه من عقوبة.
    كذب التقليد هو الذي يكذب فيه الطفل تقليدا لمن حولهم.
    الكذب العنادي هو الذي يحدث نتيجة للإرتياح الذي يجده الطفل في تحدي السلطة، خاصةً عندما تكون هذه السلطة قليلة الحنو وشديدة المراقبة في بيئة تتميز بالشدة والتعسف والقسوة.
    علاج الكذب:
    هناك أصولاً عامة يمكن أن يسترشد بها الآباء والمدرسون هي:
    1-  لا بد من التقليل من الميل إلى علاج الكذب بالضرب أو السخرية.
    2-     لا بد من أن نتأكد من نوع الدافع للكذب.
    3-     لا بد من أن نتأكد مما إذا كان الكذب نادراً أو متكرراً.
    4-     ينبغي أن نُجنب الطفل الظروف التي تُغري على الكذب وتُشجع عليه.
    5-       يجب إشباع حاجات الطفل الرئيسية، مثل حاجاته إلى الأمن والإطمئنان وحاجته إلى الثقة فيمن حولة.
    6-     يجب توفير أوجه النشاط والهوايات للأطفال وإعطائهم فرصة التعبير عن ميولهم ومواهبهم والتنفيس عن انفعالاتهم.
    7-     يجب تشجيع مُخيلة الطفل عن طريق قراءة الشعر والقصة. ومن المهم أيضاً أن يتصف        الكبار المحيطون بالطفل بالصدق ويُظهروا إعجابهم واحترامهم للصادقين في أقوالهم وأفعالهم، فالطفل ميال إلى التقليد والمحاكة لمن حوله.

    السرقة:
    الأمانة أمر يكتسب ولا يورث وهي من خصائص الخُلق التي يُعلق عليها المجتمع أهمية كبيرة. تعتبر السرقة مشكلة بعد سن السابعة عندما يكون الولد قد فهم القواعد الاجتماعية. فسرعان ما يتعلم الطفل بخبرته أن كثيراً من الأشياء مُحًّرمٌ  عليه، غير أن سبب التحريم وسبب النتائج السيئة التي تلحقه لو أنه حصل على هذه المحرمات فأمرُ لا يُدركه إلا قليلاً، ومن ثَّم كانت خشية السخط والخوف من العقاب في مطالع حياة الطفل هو العامل الوحيد الذي يردع صغار الأطفال عن السرقة.
    والواقع أنه لا يجب أن نطلق على الطفل  تسمية السارق حتى لا نعزز هذا المفهوم  لديه, كذلك يجب أن لا نتغاضى عنه بل إنه من الواجب أن نصحح له من دون أن نشعره بالعار. ولكن ينبغي أن يواجه الآباء الموقف بجلاء وصراحة ويُدْركوا أنه إذا كان الطفل قد نما من الناحية العقلية والاجتماعية، فإن اعتداءه على أملاك غيره سوف يوصم باسم السرقة أمام الناس.
    وليس أجدى في تحقيق الأمانة من احترام حقوق الطفل فيما يملك من أدوات، ومن تخويله حق التصرف المشروع في ذلك ما استطعنا. ولا ينبغي أن نتصرف في شيءٍ من ما يملكه دون رضاه وموافقته.
    وينبغي بالطبع أن نشجعه إلى مشاطرة لعبه مع الآخرين من الأطفال. ويعتمد الأطفال على البيئة التي يعيشون فيها في تكوين موقفهم الخُلقي، فحيثما وجدنا في الآباء ميلاً إلى التعدي على حقوق الآخرين، وجدنا أبناءهم على هذا النحو ينشأون.
    وكثيراً ما يبدأ مثل هذا السلوك، في البيت بأن يسطو الطفل على الطعام أو الحلوى.  وإذا تَيَّسَرَ عليه الحصول على الشيءفي محاولته الأولى لإشباع رغبته فقد يلجأ إلى استخدام تلك الطريقة لسًّد كثير من حاجاته، ومن ثَّم ينمو فيه على مرَّ الزمن ميلٌ إلى عدم الاهتمام بحقوق الآخرين فيما يملكون.
    وقد تدفع الغيرة إلى السرقة من طرق غير مباشرة. وأهم ما ينبغي عمله لحل هذه المشكلات هو أن نقف على الغاية التي تحققها السرقة في حياة الطفل الانفعالية، وأن نبذل ما استطعنا من جهد لعون الطفل على اشباع هذه الرغبة الانفعالية على وجه يرضاه هو و يقبله المجتمع، سواء أكانت السرقة مجرد وسيلة نحو غاية يعمل الطفل على تحقيقها أم كانت غاية في حد ذاتها.
    كذلك لا يبنغي تهوين الذنب أو العمل على إخفائه حماية للطفل أو لسمعة أهله، وأنه ينبغي كذلك عدم إذلاله بل تشجيعه على مواجهة المشكلة في صراحة وجرأة ووضوح، مع التفهيم والنصح والإرشاد. وعندما يكون الطفل في سن الروضة وما دون لا نقول له لقد سرقت,  ولماذا سرقت؟  بل نقول له أعتقد أنك وضعت هذا الشيء في جيبك خطاً لأنه ليس لك, إنتبه في المرة الأخرى.
    وأخيراً، تجدر الإشارة إلى أن البيئة تعتبر من أهم الأسباب التي تمهد للطفل سبيل الحياة الذي يسلكه، فإما سليماً صالحاً، وإما مُعوجاً شاذاً، أيضاً، فإن للتربية – وهي ما يُلقن للطفل من نصائح وإرشاداً، وما يتلقاه في بيئة من تجارب وتعاليم – أثر واضح في تكوين نفسيته، وبالتالي في توجيهه إلى السواء أو الشذوذ والانحراف.

    ملاحظة :
    الكذب والسرقة في حالة الجنح: عملية واعية ومخطط لها لا يشعر الولد بعدها بالذنب بل يلوم محيطه الذي حرمه أشياء كثيرة.  فهنا أهمية العلاج النفسي التربوي الاجتماعي.

    الغيرة
    تسبب الغيرة في مقتبل العمر كثيراً من أشكال الصراع الخفية وهي أمر كبير الخطر من الناحية الإجتماعية، إذ إنها لا تثير في الطفل الغضب والحقد والشعور بالقصور فحسب، بل إنها تؤثر في مستقبل الحياة أثراً مقيماً يدفع إلى دوام الخلاف بين الفرد وبيئته. ونعني بالغيرة ذلك الشعور الكريه الذي ينتج عن أي اعتراض أو محاولة لآحباط ما نبذله من جهد للحصول على شيء مرغوب. والغيرة بين السنة الأولى والخامسة من العمر إنفعال سوي شائع بين كثير من الأطفال غير أنه كثيراً ما يتطرف هذا الإنفعال ويطغي على الشخصية طغياناً يؤدي إلى عسر شديد  في توافق الفرد والمجتمع الذي يعيش فيه.

    وليس هناك من هو أكثر شقاءً من الطفل الغيور فقد ظن أنه أخفق في الحصول على الوقت والرعاية والعطف من شخص هو مولعٌ به ولعاً كبيراً. وهذا النوع من الإخفاق –حقيقياً كان أم غير حقيقي- يحط من عزة النفس، فإذا بالصغير يستشعر بالقصور ويظن نفسه أنه عاجزاً عن مواجهة أي موقف يتطلب جانباً من الثقة بالنفس، فإذا به يتخبط في بحثه عن طريقة يجمع بها شمل نفسه، فيتراجع متقهقراً عن المعركة التي قامت عليها الغيرة ومن ثم يصبح خجولاً هياباً أو غضوباً ثائراَ. ومن الراجح أنه لا يدري علة ضيقه. والغيرة أساس لمعظم السلوك الذي يتسم بالغرابة والشذوذ، فالطفل الغيور لا يستقر على حال، يختزن أحزانه ويبالغ فيها حتى يؤدي به شعوره إلى الظن بأن الدنيا بأجمعها تعمل ضده، فيكون مصدراً لنكد أهله وينبوعاً لخطر كامن مقيم. لأن الغضب والحنق الذي ينبعث من الغيرة قلما يكون قصير الأمد، هذا إلى ما هناك من خطر في إغفال بعض العوامل الأساسية في هذه المشكلة الإنفعالية.


    ومن المواقف الشائعة التي تثير الغيرة في الطفل ولادة طفل جديد في الدار. وليس من العسير أن ندرك شعور الطفل في سن الثالثة أو الرابعة حين يجد أمه فجأة وعلى غرة توجه عنايتها إلى دخيلٍ صغير، فيمر الطفل بفترة هم وقلق. وكثيراً ما يبعد الأهل الطفل الأكبر أثناء وضع الأم وقد تكون هذه هي المرة الأولى التي يترك فيها الدار أياماً طوالاً، ولا نستطيع أن نقدر أثر ذلك في نفسه رغم ما يحاط به في هذه الفترة من رعاية مع الأصدقاء والأقارب، فقد اهتزت الدنيا التي يعيش فيها.

    مع هذا كله، فإنه من الممكن أن نمنع نشوء هذا الموقف تجاه الوليد إذا سمحنا للطفل الكبير بجانب من ثقة العائلة، بأن نصارحه بأن عليه أن يتوقع أختاً أو أخاً جديداً وأن نحدثه عن الميزات والمتعة التي سوف يجدها مع صديقه أو زميله المقبل حين يلعبان ويمرحان سوياً. وعلينا أن ندلي إليه بما سوف يلقى عليه من تبعات ينبغي القيام بها وعندئذ فقط نجده يتطلع إلى هذه المفاجئة في صبر نافذ وشغف ملموس. فإذا نحن أحسنا التصرف صارت هذه مدعاة لسروره الحق وأخذ هو يتطلع إلى صحبة زميله الجديد في اللعب أو إلى هذا المخلوق الذي سوف يكون عليه أن يحميه ويُعني به. ومن ثم يؤدي هذا الشعور بالمسؤولية إلى منفعة الطفلين على السواء.

    ونجد أن الغيرة كثيراً ما تنهش الطفل إذا واصلنا المديح والثناء على أخ أو أخت له، وأخذنا نتحدث عن إخواته كأنهم نماذج تحتذى، او أغرقنا في الإشارة إلى عجز الطفل الغيور وعيوبه. فليس ما هو أكثر إيذاءاً وتدميراً من السخرية والعبث بمقدرة الطفل وموازنتها بمقدرة طفل آخر لأن ذلك يبعث فيه شعوراً بالمرارة والحقد والقصور والعجز. وليست الغيرة أمراً وراثياً بل إنها نتيجة للأنانية التي تنتج من التربية السيئة الخاطئة. فإذا تعلم الطفل مشاطرة لعبه واقتسام محبة والديه مع غيره، فإن هذا الطفل لن تلازمه الغيرة أو تطغى عليه.

    اضطرابات في السلوك الجنسي:
                  هناك تصرفات جنسية "طبيعية" تواكب عملية التطور عند الطفل.  أهمية دور المربي في هذا المجال هي:
    -         التمييز بين السلوك العادي والسلوك النشاذ
    -         التعامل مع الواقع بكل ايجابية
    -         تربية جنسية واعية وسليمة
    -         اعطاء صورة ايجابية للرجل وللمرأة تنمي الفخر بالانتماء إلى هذا الجنس أو إلى الاخر وتشدد على مفهوم التكامل الجنسي والاحترام المتبادل.

    المؤثرات التي تساعد على تطور الاضطرابات الجنسية:

          الاثارة المبكرة: في مشاهدة أو ممارسة جنسية فلا يستطيع الطفل استيعاب ما يحصل بل يفهمه تعدي على حرمة جسده أو جسد الشخص الذي شاهده.
          العادة السرية: انها تعرف طبيعية في السنين الاولى للعمر.  كما هي طبيعية في سن المراهقة حيث تعبر عن بروز رغبات جنسية.  اما إذا تخطت هذا الإطار فهي تعبير عن قلق نفسي وشعور بالوحدة.  أهمية معالجة المشكلة وليس معاقبة الظاهرة.

    أما إلاضطرابات الشائعة في السلوك الجنسي فهي :

    Homosexuality- أو اشتهاء المماثل: في المرحلة الاولى من سن المراهقة هناك تقارب طبيعي بين افراد الجنس الواحد تساعد على اكتشاف الذات ومعرفة الذات للذهاب نحو الاخر في مرحلة لاحقة.  اما إذا بدأت علاقات شاذة بين أفراد هذا الجنس هذا دليل على فشل التطور العاطفي سببه خلل في العلاقات مع الوالدين بحيث أن المراهق لم يحصل على صور إيجابية تسمح له الافتخار بجنسه وتعطيه الرغبة للاتصال بالجنس الاخر.
    - التعديات الجنسية:
    - المعتدي عليه: يعيش حالة صعبه تجعله أو تضعه في حالة من الذهول والخجل والشعور بالذنب, كما احتقار الذات. في بعض الحالات يؤدي التعدي المتكرر إلى جعل الفرد homosexual.
    - المعتدي هو انسان مريض يجب معالجته لأنه إما يشكو من حالة نفسية حادة أو أنه جانح منحرف ومحترف علينا بكلتا الحالتين مساعدته لحل مشكلته.