-->

أهمية وفضل الصلاة المكتوبة

أهمية وفضل الصلاة المكتوبة

    المبحث الأول
    (فضل الصلاة على العبادات ومفهومها)

    المطلب الأول : الصلاة أفضل العبادات :

    أولاً : الصلاة أول عبادة فرضت في السماء :
                  إن الصلاة المكتوبة أي المفروضة أي الصلوات الخمس هي العبادة الأولى والوحيدة التي فرضت في السماء مباشرة من الله  على رسوله محمد  وأمته بلا واسطة الوحي جبريل ، وذلك ليلة الإسراء والمعراج المباركة ، وهذا مما يثبت ويشير إلى أهميتها وفضلها وتقدمها على سائر العبادات ، وكان الإسراء والمعراج قبل الهجرة النبوية المباركة .
                  بينما العبادات الأخرى فرضت في الأرض من الله  على رسوله  وأمته بواسطة الوحي جبريل  ، وبعد الهجرة النبوية .
                  وهذا يدل على شرف وفضل عبادة الصلاة عند الله  وفي دينه الإسلام العظيم ، فهي أفضل العبادات على الإطلاق ، أفضل من صيام رمضان ، ومن الزكاة ، ومن الحج ، ومن الجهاد في سبيل الله  ... الخ .

                  قال الله تعالى : [سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ] {الإسراء:1} .
                  قال القرطبي : "واختلفوا في تاريخ الإسراء ، وهيئة الصلاة ، وهل كان إسراء بروحه أو جسده ، فهذه ثلاث مسائل تتعلق بالآية وهي ما ينبغي الوقوف عليها والبحث عنها ..." ([1]) .
                  وغالب المفسرين بالمأثور كالطبري وابن كثير ([2]) عندما يفسرون هذه الآية الكريمة يوردون ويستشهدون بالأحاديث النبوية المتواترة عن الإسراء والمعراج والتي تتضمن فرض الصلاة على النبي  وأمته ، والأحاديث النبوية الشريفة هي المفسر الثاني للقرآن بعد تفسير القرآن بالقرآن إذ هي الشق الثاني للوحي ، وبذلك فالآية الكريمة متضمنة بالتفسير النبوي لها لفريضة الصلاة .
                  وأشار القرآن الكريم إلى حادثة الإسراء والمعراج في آية أخرى وهي قوله  :     [وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى] {النَّجم: 13-14} ، قال ابن كثير : "فهذه هي ليلة الإسراء..."([3]) .
                  وأحاديث الإسراء والمعراج كثيرة ومتواترة ومروية في كتب السنن والمسانيد ... الخ وسأكتفي برواية البخاري ومسلم وبموضع الشاهد منها .
                  روى مسلم بسنده عن أنس بن مالك  أن رسول الله  قال : (... فأوحى الله إليَّ        ما أوحى ففرض عليَّ خمسين صلاة في كل يومٍ وليلة ، فنزلت إلى موسى  فقال : ما فرض ربك على أمتك ؟ قلتُ : خمسين صلاة . قال : ارجع إلى ربك ، فاسأله التخفيف ، فإن أمتك    لا يطيقون ذلك ، فإني قد بلوتُ بني إسرائيل وخبرتُهم . قال : فرجعت إلى ربي فقلت : يا رب ! خفف على أمتي ، فحط عني خمساً ، فرجعت إلى موسى فقلتُ : حط عني خمساً ، قال : إن أمتك لا يطيقون ذلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف . قال : فلم أزل أرجع بين ربي تبارك وتعالى وبين موسى  حتى قال : يا محمد ! إنهن خمسُ صلواتٍ كل يومٍ وليلةٍ ، لكل صلاةٍ عشرٌ ، فذلك خمسون صلاةً ...) ([4]) .
                  وفي رواية البخاري أن رسول الله  قال : (... ففرض الله  على أمتي خمسين صلاة فرجعت بذلك حتى مررت على موسى فقال : ما فرض الله على أمتك ؟ قلت : فرض خمسين صلاة ، قال : فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك فراجعت فوضع شطرها فرجعت إلى موسى قلت : وضع شطرها فقال : راجع ربك فإن أمتك لا تطيق فراجعت فوضع شطرها، فرجعت إليه فقال: ارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك فراجعته فقال : هي خمسٌ وهي خمسون لا يبدل القول لديّ ، فرجعت إلى موسى فقال : راجع ربك فقلت : استحييت من ربي...) ([5]) .
                  أجمع العلماء على أن الصلاة المكتوبة فرضت ليلة الإسراء والمعراج ، قال القرطبي : "ولا خلاف بين أهل العلم وجماعة أهل السير أن الصلاة إنما فرضت على النبي  بمكة في حين الإسراء حين عُرج به إلى السماء ..." ([6]) ، وقال الشوكاني : "ولم تفرض الصلاة إلا ليلة الإسراء" ([7]) .
                  واختلف العلماء في تاريخ الإسراء ، فقيل : كان قبل الهجرة النبوية بسنة ، وقيل كان بعد مبعثه بخمس سنين ، وقيل كان قبل الهجرة بأعوام قبل وفاة خديجة حيث توفيت قبل الهجرة بخمس سنين وقيل بثلاث وقيل بأربع ([8]) .
                  إذن أجمع العلماء على أن الإسراء والمعراج كان قبل الهجرة ، واختلفوا في تحديد سنته وأقله سنة قبل الهجرة وأكثره ثمان .
                  ومن المعلوم أن الزكاة وصيام رمضان والجهاد فرضوا سنة 2هـ، والحج سنة 6هـ ([9]) .
                  وقوله  في الآية الكريمة [لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا] يدل على بعض آيات الله  وليس كلها، إذ لا يحيط بكل آياته إلا هو سبحانه .
                  وقد رأى حبيب الله  في الإسراء والمعراج العديد من آيات الله  الكبرى (وأولها) جبريل على خلقته الحقيقية بستمائة جناح (وثانيها) البراق الذي يسير بسرعة البصر فيضع حافره حيث ينتهي بصره (وثالثها) المسجد الأقصى وصلاته إماماً بالأنبياء فيه (ورابعها) السموات السبع (وخامسها) بعض الأنبياء فيها (وسادسها) البيت المعمور (وسابعها) شجرة المنتهى (وثامنها) الجنة والنار ... الخ .
                  (قلت) : ومما تقدم يتبين لنا أن الصلاة المكتوبة أفضل العبادات على الإطلاق للأسباب الآتية :
    1- أنها أول عبادة فرضت على النبي  وأمته .
    2- أنها فرضت في السماء ، والعبادات الأخرى فرضت في الأرض .
    3- أنها فرضت بلا واسطة الوحي جبريل  ، والعبادات الأخرى فرضت بواسطته .
    4- أنها فرضت زماناً في ليلةٍ مباركة لم يكرم مخلوق بمثلها ، فالمضاف أكرم مخلوق على الله  على الإطلاق محمد  ، والمضيف هو الله رب العالمين جل ثناؤه .
    5- أنها فرضت مكاناً في موضع لم يبلغه ويصله أحدٌ قبل محمد  ولن يبلغه ويصله أحدٌ بعده  .
    6- أنها فرضت كيفاً تسرية وتسلية وإكراماً للنبي  حيث رأى من آيات ربه الكبرى ، وحيث تزينت له سدرة المنتهى ، وحيث لقي حفاوة كبيرة من الأنبياء والملائكة عليهم السلام ، وحيث حياه الله  وأوحى إليه وقربه منه ما لم يقرب أحداً من خلقه مثله .
    ثانياً : الصلاة عمود الإسلام وركنه :
                  يدلنا على ذلك قوله  : [اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا] {المائدة:3} ، وقوله : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً] {البقرة:208} ، والمراد بالسلم في الآية الإسلام ، وهو قول ابن عباس  ومجاهد والضحاك ([10]) ، قال الطبري : "إن الله جل ثناؤه يأمر الذين آمنوا بالدخول في العمل بشرائع الإسلام كلها" ([11]), وقوله تعالى : [وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ] {آل عمران:85}   .
                  إن خير ما يفسر القرآن بعد تفسير القرآن بالقرآن هو تفسير النبي  للقرآن ، وقد فسر النبي  المراد بالإسلام في الحديث الذي رواه مسلم عن عمر بن الخطاب  قال : (... قال ]جبريل[ يا محمد ! أخبرني عن الإسلام . فقال رسول الله  : (الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله  ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا) قال : صدقت . قال ]عمر[ فعجبنا له يسأله ويصدقه ...) ([12]) .
                  أراد النبي  بإجابته أركان الإسلام الخمسة ، وليس كل تفصيلات الإسلام ، فهي كثيرة جداً لا يحصيها حديث واحد ، ويدل على ذلك قول النبي  : (بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والحج ، وصوم رمضان) ([13]) .
                  وقد بين النبي  مكانة الصلاة المكتوبة بين أركان الإسلام الخمسة بقوله : (رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد) ([14]) .
                  الأحاديث النبوية الشريفة دلت على أن ركن الصلاة هو الركن الثاني الأهم بعد ركن الشهادة ، فإذا كانت الشهادة هي الأهم والأفضل والمقدمة في العقيدة الإسلامية ، فإن الصلاة هي الأهم والأفضل والمقدمة في الشريعة الإسلامية .
                  (قلت) : إذا كان الحج واجباً على المستطيع مرة في العمر ، وإذا كانت الزكاة واجبة على الغني مرة في السنة ، وإذا كان صيام رمضان واجباً على القادر شهراً في السنة ، فإن الصلاة واجبة خمس مرات كل يوم على كل مسلم ومسلمة بالغين عاقلين ، مقيمين أو مسافرين ، صحيحين أو مريضين ، لا تسقط بحال إلا عن الحائض والنفساء .
                  فهذا يدل دلالة قطعية ويثبت يقيناً فضل الصلاة على سائر العبادات .
                  والحديث الأخير يدل على أن الصلاة المكتوبة عمود الإسلام ، الذي لا يقوم إلا عليه ، وأن أعلاه هو الجهاد في سبيل الله ، ولذلك إذا أقيمت الصلاة عمود الإسلام ، قام بنيان الإسلام واستوى ، وعلاه الجهاد في سبيل الله ، والعكس صحيح .
                  إذن الصلاة عمود الدين فمن أقامها أقام الدين ، ومن ضيعها وهدمها فقد ضيع      وهدم الدين ، فمن لا صلاة له لا دين له ؛ أي لا يدن كامل له ، لأنه هدم العمود الذي يقوم عليه الدين .
                  قال الشعراوي : "ولأهمية الصلاة ومكانتها في الإسلام اجتمع فيها كل أركان الإسلام، ففي الصلاة تتكرر الشهادة : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وفي الصلاة زكاة ، لأن الزكاة فرع العمل ، والعمل فرع الوقت ، والصلاة تأخذ الوقت نفسه ، وفيها صيام حيث تمتنع في الصلاة عما تمتنع عنه في الصوم بل وأكثر ، وفيها حج لأنك تتجه في صلاتك إلى الكعبة . إذن فالصلاة نائبة عن جميع الأركان في الاستبقاء ، لذلك كانت هي عمود الدين ، والتي لا تسقط عن المؤمن بحال من الأحوال ..." ([15]) .

    المطلب الثاني : مفهوم الصلاة :

    أولاً : المراد بالصلاة :
    أ- تعريف الصلاة لغة :
    الصلاة مشتقة من صَلَى: والصاد واللام وحرف العلة أصلان : أحدهما النار وما أشبههما من الحُمَّى ، والآخر جنس من العبادة .
    فالأول : الصَّلى صلي : النار ، والثاني : الصلاة تأتي بمعاني ثلاثة : الدعاء ، والاستغفار، والرحمة .
    والصلاة من الله  على رسوله : رحمته وحسن ثنائه عليه ، والصلاة من الملائكة : الدعاء والاستغفار والترحم ، والصلاة من الطير والهوام : التسبيح ([16]) .
    العلاقة وثقى وواضحة بين المعاني الثلاثة للصلاة ، فالدعاء يشمل الاستغفار والترحم، وهما منبثقان عنه ولا يستغرقانه .
                  قال تعالى : [إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا] {الأحزاب:56} ، أي : إن الله يرحم نبيه ويحسن ثنائه عليه ، وإن الملائكـــــــــــة يدعــــــــــون
    له ويستغفرون له ويترحمون عليه ، وبذلك أمر المؤمنون وأن يسلموا عليه  .
    ب- تعريف الصلاة شرعاً :
    تعددت أقوال العلماء في تعريف الصلاة اصطلاحاً بين موجز للتعريف ومطنب له     وما بين ذلك ، وهذه بعض تعريفاتهم :
    1- قال محمد الرازي : "والصلاة : واحدة (الصلوات) المفروضة" ([17]) .
    2- قال ابن فارس : "والصلاة : هي التي جاء بها الشرع من الركوع والسجود وسائر حدود الصلاة" ([18]) .
    3- قال ابن منظور : "الصلاة : الركوع والسجود" ([19]) .
    4- قال صالح الفوزان : "الصلاة في الشرع يراد بها : العبادة المبتدئة بالتكبير المختتمة بالتسليم، المشتملة على عبادات قلبية وقولية وعملية" ([20]) .
    5- قال مجد الدين الحنفي : "وفي الشرع : عبارة عن أركان مخصوصة ، وأذكار معلومة ، بشرائط محصورة ، في أوقات مقدرة" ([21]) .
    6- قال عبد الرحمن الجزيري : "ومعناها في اصطلاح الفقهاء : أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم ، بشرائط مخصوصة" ([22]) .
    تعريف الباحث للصلاة :
    هي صلوات خمس تؤدى بركعات معدودة ، وفرائض وشروط معلومة ، تبدأ بالتكبير وتنتهي بالتسليم ، وكمالها الإتيان بسننها وخشوعها .
    شرح تعريف الباحث بإيجاز :
    صلوات خمس : أي : صلاة الفجر ، والظهر ، والعصر ، والمغرب ، والعشاء .
    تؤدى بركعات معدودة : فالفجر تصلى بركعتين ، والمغرب بثلاث ، والظهر والعصر والعشاء بأربع .
    فرائض معلومة : وهذا يشمل : النية ، وتكبيرة الإحرام ، والقيام ، والفاتحة ، والركوع ، والسجود ، والقعود بينهما ، والقعود الأخير وقراءة التشهد فيه ، والسلام الأول .
    شروط معلومة : وهذا يشمل : دخول الوقت ، والطهارة من الحدثين ، وطهارة البدن والثوب والمكان ، وستر العورة ، واستقبال القبلة .
    تبدأ بالتكبير وتنتهي بالتسليم : وهما ركنان للصلاة سبق الإشارة إليهما في الفرائض ، وخصا بالذكر لبيان أول الصلاة ونهايتها .
    سننها : وهي كثيرة مفصلة في كتب السنة ، كوضع اليد اليمنى على اليسرى ، والأدعية ، والتأمين ... الخ .
    خشوعها : وهو خشوع القلب والجوارح ([23]) ، قال تعالى : [قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ] {المؤمنون: 1-2} .
                  بعض ما ذكر أشير إليه في القرآن ، وكله فُصِّل الحديث عنه في السنة النبوية ، وقد قال تعالى : [وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ] {الحشر:7} ، وقال  : (صلوا كما رأيتموني أصلي)([24])، فمثلاً أشير إلى الصلوات الخمس في قوله تعالى : [فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى] {طه:130} .
                  قال الشوكاني: "قال أكثر المفسرين : والمراد الصلوات الخمس كما يفيد قوله : (قبل طلوع الشمس) فإنه أشار إلى صلاة الفجر (وقبل غروبها) فإنه إشارة إلى صلاة العصر (ومن آناء الليل) العتمة... (فسبح) أي : فصلِّ (وأطراف النهار) أي : المغرب والظهر ..." ([25]) .
                  وذكر اثنتين باسميهما في قوله  : [مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ العِشَاءِ] {النور:58} .
    ثانياً : المراد بإقامة الصلاة والمحافظة والمداومة عليها :
    أ- المراد بإقامة الصلاة :
                  عبر الله  عن طاعته بالصلاة بصيغ مختلفة مشتقة من الفعل أقام إقامة، وفي آيات كثيرة ، فعبر عنها بالأمر في مثل قوله  : [وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ] {البقرة:43} ، وبالمضارع في مثل قوله  : [وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ] {البقرة:3} ، وبالماضي في مثل قوله  : [وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ] {البقرة:277} ، وبالصفة في مثل قوله  : [وَالمُقِيمِي الصَّلَاةِ] {الحج:35} .
                  ولم يعبر  عنها بالصيغ المشتقة من الصلاة إلا في موضعين (أولهما) قوله  : [فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ] {الماعون: 4-5} ، (وثانيهما) قوله  : [أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى] {العلق: 9-10} ، فالآية الأولى: جاءت لذم المصلين الساهين عن صلاتهم ، والثانية : في ذم الذي يصد عن الصلاة .
                  وقد عبر المولى  عن الصلاة بإقامتها "وذلك تنبيه أن المصلين كثير والمقيمين لها قليل ، وكما قال عمر  : الحاج قليل والركب كثير ، ولهذا قال  : (من صلى ركعتين مقبلاً بقلبه على الله خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) ([26]) ، فذكر مع قوله  الإقبال بقلبه على الله تنبيهاً على معنى الإقامة ، وبذلك عظم ثوابه ..." ([27]) .
                  وقد تنوعت عبارات المفسرين في المعنى المراد من إقامة الصلاة ، وهذه بعض أقوالهم :
    1- قال جمال الدين الجوزي : "وفي معنى إقامتها ثلاثة أقوال : أحدها : أنه تمام فعلها على الوجه المأمور به ، روي عن ابن عباس ، ومجاهد . والثاني : أنه المحافظة على مواقيتها ووضوئها وركوعها وسجودها ، قاله قتادة ، ومقاتل . والثالث : أنه إدامتها ، والعرب تقول في الشيء الراتب : قائم ..." ([28]) .
    2- وقال الراغب الأصبهاني : "إقامة الصلاة : توفية حدودها وإدامتها ..." ([29]) .
    3- وقال البيضاوي : "أي : يعدلون أركانها ويحفظونها من أن يقع زيغٌ في أفعالها ..." ([30]) .
    4- وقال النسفي : "أي : يؤدونها فعبر عن الأداء بالإقامة لأن القيام بعض أركانها ، كما عبر عنه بالقنوت وهو القيام والركوع والسجود والتسبيح لوجودها فيه ، أو أراد بإقامة الصلاة تعديل أركانها من أقام العود إذا قومه والدوام عليه والمحافظة ..." ([31]) .
    5- وقال الشوكاني : "وإقام الصلاة أداؤها بأركانها وسننها وهيئاتها في أوقاتها" ([32]) .
                  (قلت) : المراد بإقامة الصلاة هو : المحافظة والدوام على الصلوات الخمس ، بحيث تؤدى بركعاتها وفرائضها وشروطها المعلومة ، وبسننها المعروفة ، وبخشوعها المعهود لها ،   والله أعلم .
    ب- المراد بالمحافظة على الصلاة :
                  أمرنا الله  وحثنا على المحافظة على الصلاة في أربع آيات ، وهي قوله  : [حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى] {البقرة:238} ، وقوله : [وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ] {الأنعام:92} ، وقوله : [وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ] {المؤمنون:9}  ، وقوله: [وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ] {المعارج:34} .
                  والمراد بالمحافظة على الصلاة عند المفسرين هو : المداومة والمواظبة على إقامة الصلوات الخمس في أوقاتها وجميع شروطها من غير إخلال بشيء منها ، والخطاب في الآية الأولى جاء بصيغة الأمر لجميع الأمة ([33]) .
                  (قلت) : والمحافظة على الصلاة في الآيات الكريمة هو نفس المراد بإقامة الصلاة ، إلا أنه استخدم صيغة المحافظة ، ليدل على وجوب المداومة والمواظبة والاستمرار على إقامتها حتى الموت ، وقد قال النبي  : (إنما الأعمال بخواتيمها) ([34]) .
    ج- المراد بالمداومة على الصلاة :
                  ذكر الله جل ثناؤه المداومة على الصلاة في آيتين كريمتين ، وذلك في قوله  : [الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ] {المعارج:23} ، وقوله  حكاية عن عيسى  : [‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا] {مريم:31} .
                  والمراد بالمداومة على الصلاة ثلاثة أقوال : (أحدها) أنهم الذين يحافظون على المكتوبات في أوقاتها ، قاله ابن مسعود (وثانيها) أنهم لا يلتفتون عن أيمانهم وشمائلهم        فــــــي الصــــــــــــلاة ، قالـــــــــــــه عقبـــــــــــة بن عامـــــــــــر ([35]) (وثالثها) أنهم الذيــــن يكثــــرون التطـــــوع منها ،

    قاله ابن جريج ([36])، ([37]).
                  قال الطبري : "يقول : إلا الذين يطيعون الله بأداء ما افترض عليهم من الصلاة ، وهم على أداء ذلك مقيمون لا يضيعون منها شيئاً" ([38]) .
                  والذي يرجحه الباحث أن المراد بالآية الكريمة هو : إقامة الصلوات الخمس بركعاتها وأركانها وشروطها وسننها وخشوعها والدوام على ذلك ، لعدة أدلة : (أولها) قوله : [صَلَاتِهِمْ] ومعلوم معنى الصلاة شرعاً (وثانيها) قوله : [دَائِمُونَ] يفيد الدوام والمحافظة والمواظبة والاستمرار ، ويؤيد ويعزز هذا الترجيح تفسير ابن مسعود والطبري للآية الكريمة .
                  وطاعة الله  بالصلاة المكتوبة ، والتعبير عنها بصيغ الإقامة والمحافظة والمداومة حتى الموت ، ليدل على أهميتها وفضلها ومكانتها السامية في دين الله  .
    ثالثاً : الصلاة صلة بين العبد وربه :
                  ذهب فريق من العلماء والمفسرين إلى أن الصلاة صلة بين العبد وربه ، ولذلك كثيراً    ما يذكرون هذه الجملة عند تفسيرهم لبعض آيات الصلاة .
                  والصلاة صلة بين العبد وربه وبلا واسطة ، وتفصيل ذلك كما يلي :
    أ- تحقيق الصلاة كصلة :
                  ينبغي على المصلي أن يصلي الصلوات الخمس بركعاتها المعدودة ، وبشروطها وأركانها المعلومة ، وبسننها المعروفة ، وبخشوعها المعهود ، لتكون فعلاً صلة بينه وبين ربه ، فيتقرب بها إلى الله  ، ويقربه سبحانه إليه .
                  قال عبد الله الغنيمان : "فالإقامة يقصد بها أن يؤتى بها تامة بشروطها وما يلزم لها ،   لا مجرد قيام كل إنسان فيها ، لأن الصلاة صلة بين العبد وربه ، وإذا دخل في الصلاة فقد دخل على الله جل وعلا ، وإذا رفع يده عند التكبير وقال : (الله أكبر) يقول العلماء : هذه عبارة عن رفع الحجاب بينه وبين ربه ، فإنه يخاطب ربه جلا وعلا ، فليتأدب مع الله وليحضر قلبه ،    لأن الله ينظر إليه ، ويسمع كلامه ، وهو قريب منه ..." ([39]) .
                  وقال محمد العثيمين : "لأن الصلاة صلة بين العبد وبين ربه ، فيقف الإنسان فيها بين يدي الله ويناجيه ، ويدعوه ، ويتقرب إليه بأنواع القربات التي تكون في هذه الصلاة ، فكانت سبباً في المعونة ..." ([40]) .
                  وقال ابن رجب الحنبلي : "ولما كانت الصلاة صلة بين العبد وربه ، وكان المصلي يناجي ربه ، وربه يقربه منه ، لم يصلح للدخول في الصلاة إلا من كان طاهراً في ظاهره وباطنه" ([41]) .
                  وقد ذهب العلماء إلى وجوب أداء الصلاة مهما كانت الظروف ، حتى لو كانوا في ساحات المعركة فقد شرع لهم صلاة الخوف ، لأن الصلاة صلة بين العبد وربه ([42]) .
                  وبذلك يتضح لنا أن أعمال القلب كالنية والخشوع والتفكر ، وأعمال اللسان كالذكر والدعاء وأعمال الجوارح كالركوع والسجود يجب أن نؤديها على أحسن وجه لتحقيق معنى الصلاة كصلة .
    ب- طلب العون بالصلاة :
                  عندما يحقق العبد الصلاة كصلة بينه وبين ربه  ، فإنه بذلك يتقرب إليه ويسأله العون والمدد والخير في أمور دينه ودنياه .
                  قال محمد طنطاوي : "... وذلك لأن الصلاة صلة بين العبد وربه ، ومتى حسنت هذه الصلة بين المجاهد وخالقه ، فإنه سبحانه يكلؤه بعين رعايته ، ويمده بنصره وتأييده" ([43]) .
                  وقال سيد قطب : "إن الصلاة صلة ولقاء بين العبد والرب، صلة يستمد منها القلب قوة ، وتحس فيها الروح صلة ، وتجد فيها النفس زاداً أنفس من أعراض الحياة الدنيا ، ولقد كان    رسول الله  إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ، وهو الوثيق الصلة بربه الموصول الروح بالوحي والإلهام ... وما يزال هذا الينبوع الدافق في متناول كل مؤمن يريد زاداً للطريق ، ورياً في الهجير، ومداداً حين ينقطع المدد ، ورصيداً حين ينفذ الرصيد" ([44]) .

    ج- ثمرات الصلة بالله  بالصلاة :
                  الصلاة هي صلة بين العبد وربه  ، ولها ثمرات كثيرة في أمور الدين والدنيا ، وهذه بعض أقوال العلماء في ذلك :
    1- قال محمد الصابوني : "حكمة التشريع : الصلاة صلة العبد بربه ، وعبادة تشد القلب ، وتقوي الإيمان فيه ..." ([45]) .
    2- قال د. وهبة الزحيلي : "إن العبد بأشد الحاجة للارتباط بالله والاستعانة به والاتكال عليه، لذا كانت الصلاة صلة بين العبد وربه ، وتقويه على الإيمان وصلابة الاعتقاد ، وتربية المهابة لله في النفس ، وتهذيب السلوك ، ولأجل هذا أمر الله بذكره ليل نهار ، وبالصلاة أول النهار وآخره ، وذلك يشمل الصلوات الخمس المفروضة ، وزيد عليها التطوع في الليل" ([46]) .
    3- قال ابن القيم الجوزية : "وللصلاة تأثير عجيب في دفع شرور الدنيا ، ولا سيما إذا أعطيت حقها في التكميل ظاهراً وباطناً ، فما استدفعت شرور الدنيا والآخرة ، ولا استجلبت مصالحها بمثل الصلاة ، وسر ذلك : أن الصلاة صلة بالله  ..." ([47]) .
                  (قلت) : إن الصلاة هي صلة بين العبد وبين ربه  بلا واسطة ، وينبغي على المؤمن أن لا يمر على هذه الجملة مرور الكرام، فالعبد من هو ؟ والصلاة ما هي ؟ والرب  من هو؟
                  العبد : هو المؤمن الفقير الضعيف المسكين العاجز المحتاج الذي لا يستطيع أن يستغني عن فضل الله  طرفة عين أبداً ، لا يستطيع أن يستغني عن هواء الله الذي يتنفسه ، ولا عن روح الله التي في بدنه ، ولا عن أرض الله التي يمشي ويقعد وينام عليها ويأكل من خيراتها ويشرب من مياهها ... الخ ، ولا يستطيع أن يستغني عن هداية الله  ونصره ...الخ قال تعالى : [يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ] {فاطر:15} .
                  والصلاة : هي ما سبق خلال هذا المطلب تفصيل الحديث عنها ، مما أغنى عن    تكراره هنا .
                  والله  : هو رب السموات السبع والأرضين السبع والكرسي والعرش العظيم ، هو رب الملائكة والجن والإنس والخلق أجمعين ، هو الذي سخر لكم ما في السموات والأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة [وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا] {النحل:18} ، هو الذي خلقكم ووهبكم هذه الحياة وأعطاكم السمع والأبصار والأفئدة ... الخ ، هو الذي إذا جعتم أطعمكم ، وإذا عطشتم سقاكم ، وإذا مرضتم شفاكم ، وإذا ضللتم هداكم ، وإذا دعوتم أجابكم [أَمَّنْ يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ] {النمل:62} هو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم يوم الدين ، هو من يغفر لكم ويتجاوز عنكم يوم القيامة ويخلدكم في جنات النعيم ، هذا هو الله رب العالمين .
                  إذن فلينظر المسلم من هو !؟ وبصلاته يتصل بمن !؟ ليعرف بذلك قيمة هذه الصلاة ومدى أهميتها .
                  يدلنا على هذه الصلة العظيمة بين العبد وربه  ، ما رواه أبو هريرة قال : فإني سمعت رسول الله  يقول : (قال الله تعالى : قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، ولعبدي ما سأل ، فإذا قال العبد [الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ] قال الله تعالى : حمدني عبدي ، وإذا قال : [الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ] قال الله تعالى : أثنى عليّ عبدي ، وإذا قال [مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ] قال : مجدني عبدي ، وقال مرة فوض إليّ عبدي ، فإذا قال : [إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ] قال : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل ، فإذا قال : [اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ
    عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ] قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل) ([48]) .
                  ولذلك كان النبي  إذا حزبه أمرٌ لجأ إلى الصلاة ، بل كان  يجد راحته وقرة عينه في الصلاة فيكثر منها حتى تتورم قدماه .
                  قال النبي  : (يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها) ([49]) ، وقال الرسول  : (حبب إليَّ من الدنيا النساء والطيب ، وجعل قرة عيني في الصلاة) ([50]) .
    المبحث الثاني

    حكم وشروط وفرائض الصلاة

    المطلب الأول : حكم الصلاة :

    أولاً : حكم إقامة الصلاة
    الصلاة المكتوبة , أي : الصلوات الخمس واجبة وفرضٌ بالكتاب والسنة وإجماع الأمة , بل هو من المعلوم من الدين بالضرورة .
    أما الكتاب فالأدلة كثيرة , منها قول الله  : [إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا] {النساء:103} , وقوله : [وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ] {البقرة:43} , وقوله : [وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ] {البيِّنة:5} .
    وأما من السنة فالأحاديث النبوية كثيرة , منها قول النبي  : (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله , وإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة , وصوم رمضان) ([51]) , ومنها قوله  : (خمس صلوات كتبهن الله على العباد ...) ([52]) .
    "وأما الإجماع فقد أجمعت الأمة على وجوب خمس صلوات في اليوم والليلة" ([53]) .
    والصلوات الخمس تجب على كل مسلم ومسلمة , عاقلين , بالغين , مقيمين أو مسافرين, صحيحين أو مريضين , قاعدين أو مجاهدين ... الخ .
    ولا تسقط الصلاة بحالٍ إلا عن الحائض والنفساء خلال فترة الحيض والنفاس,         ولا قضاء عليهما لما فاتهما من صلوات أثناء ذلك .
    والحائض تسقط عنها الصلاة لقول النبي  لفاطمة بنت أبي حبيش : (إذا كان دم الحيضة فإنه أسود يعرف , فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة ...) ([54]) .
    والنفساء تسقط عنها الصلاة لقول أم سلمة رضي الله عنها : "كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله  أربعين يوماً ..." ([55]) , قال الترمذي : "وقد أجمع أهل العلم من أصحاب النبي  والتابعين ومن بعدهم , على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوماً , إلا أن ترى الطهر قبل ذلك ..." ([56]) .
    وأما المريض فمهما اشتد مرضه فلا تسقط عنه الصلاة , فليصل على الحال الذي يستطيع قائماً أو قاعداً أو نائماً أو على جنب ... الخ , وبما يستطيع أن يحرك من جسمه ولو بالإيماء , فإن كان مشلولاً شللاً كاملاً فبعينيه وقلبه , فلا تسقط عنه ولو كان مكسراً أو عاجزاً أو مشلولاً أو فاقداً للطهورين ما دام في رأسه عقل يعقل به , يدل على ذلك قول الله  : [َلَيْسَ عَلَى المَرِيضِ حَرَجٌ] {النور:61} , وقوله : [فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ] {النساء:103} , وعن عمران بن حصين  قال : كان بي الناصور فسألت النبي  عن الصلاة؟ فقال : (صل قائماً , فإن لم تستطع فقاعداً , فإن لم تستطع فعلى جنب) ([57]) .
    وأما المسافر فلا تسقط عنه الصلاة , وإن رخص له بالقصر والجمع سواء كان خائفاً أم غير خائف , فرخص له بالقصر لقوله  : [وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا] {النساء:101} , والتقييد بالخوف غير معمول به , لما روى عن يعلى بن أمية قال : "قلت لعمر بن الخطاب: إنما قال الله [أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ]، وقد أمن الناس؟ فقال عمر : عجبتُ مما عجبتَ منه فذكرت ذلك لرسول الله  فقال : (صدقةٌ تصدقَ اللهُ بها عليكم فاقبلوا صدقتهُ) ([58]) , وأما الجمع فلِمَا روى مسلم عن معاذ  قال : "خرجنا مع رسول الله  في غزوة تبوك , فكان يصلي الظهر والعصر جميعاً , والمغرب والعشاء جميعاً) ([59]) , وأما الناسي أو النائم فلا تسقط عنهما الصلاة , فليصل الناسي إذا ذكر , والنائم إذا استيقظ , وإن خرج وقت الصلاة فليصلياها قضاءً وهما بذلك معذوران , لقول النبي : (... فإذا نسيَ أحدكم صلاةً أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها) ([60]) .
    وأما الصبي فإنه لا تجب عليه الصلاة , ولكن ينبغي على أهله تعليمه الصلاة وأمره بها عند سبع وضربه عليها عند عشر , لقول النبي  : (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين, واضربوهم عليها وهم أبناء عشر , وفرقوا بينهم في المضاجع) ([61]) , وقد قال تعالى : [قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا] {التَّحريم:6} , والأولاد من الأهل وإن كان القلم مرفوعاً عنهم قبل الاحتلام , إلا أن تعويدهم على الصلاة قبل البلوغ سيعينهم عليها بعده , وبهذا يدخلون تحت عموم الآية الكريمة .
    وبذلك وبما تقدم ذكره يتبين فضل الصلاة في ذاتها , وفضلها في الإسلام , وتميزها على سائر العبادات , فالزكاة لا تجب إلا على الأغنياء , والصيام لا يجب على المريض والضعيف والمسافر والحامل والمرضع والخائفتين على نفسيهما أو طفليهما , والحج لا يجب إلا على المستطيع , والجهاد في أصله فرض كفاية , ويكون فرض عين في حالات ثلاثة معينة , فضلاً على أنه لا يجب على النساء .

    ثانياً : حكم ترك الصلاة :
    أ- حكم ترك الصلاة جحوداً :
    من ترك الصلاة جحوداً بها , أو إنكاراً لها , أو استهزاءً بها , أو استحلالاً لها , فهو كافر مرتد خارج عن ملة الإسلام , وإن مات على هذا الحال لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين .
    وذلك لأن الصلاة ثابتة بالقرآن والسنة وإجماع الأمة , وهي من المعلوم من الدين بالضـرورة , ولا يعذر من ذلك إلا جاهل بوجوبها لحداثة إسلامه , أو نشوئه ببادية لا علم فيها .
    قال ابن قدامة : "وإن لم يكن من يجهل ذلك , كالناشئ من المسلمين في الأمصار والقرى , لم يعذر , ولم يقبل منه ادعاءُ الجهل , وحكم بكفره ؛ لأن أدلة الوجوب ظاهرة في الكتاب والسنة , والمسلمون يفعلونها على الدوام , فلا يخفى وجوبها على من هذا حاله , فلا يجحدهـــــــــا إلا تكذيباً لله تعالى ولرسوله وإجماع الأمة , وهذا يصير مرتداً عن الإسلام , وحكمه
    حكم سائر المرتدين , في الاستتابة والقتل , ولا أعلم في هذا خلافاً" ([62]) .
    يدل على ذلك قول الله  : [قُلْ أَبِاللهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ] {التوبة:65} , وقوله : [فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ] {التوبة:11} , وقول رسوله  : (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة , فمن تركها فقد كفر) ([63]) .
    ب- حكم ترك الصلاة تكاسلاً :
    من ترك الصلاة تكاسلاً أو تشاغلاً عنها , فهو مرتكب لكبيرة هي من أكبر الكبائر    عند الله  , وإن مات على هذا الحال بلا توبة فعقابه وخيم ووبيل عند الله  في البرزخ ويوم القيامة , غير أنه يُغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين على اعتبار أن الكبيرة
    لا تخرج المؤمن من الإيمان والإسلام عند أهل السنة والجماعة .
    قال سيد سابق : "الأحاديث المتقدمة ظاهرها يقتضي كفر تارك الصلاة وإباحة دمه , ولكن كثيراً من علماء السلف والخلف , منهم أبو حنيفة , ومالك , والشافعي , على أنه لا يكفر, بل يفسق ويستتاب , فإن لم يتب قتل حداً عند مالك والشافعي وغيرهما , وقال أبو حنيفة :      لا يُقتل بل يُعزر ويُحبس حتى يصلي , وحملوا أحاديث التكفير على الجاحد أو المستحل للترك وعارضوها ببعض النصوص العامة كقول الله تعالى : [إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ] {النساء:48} , وكقوله  : (أسعد الناس بشفاعتي من قال : لا إله إلا الله , خالصاً من قلبه) ([64])"([65]) .
    وأحكام الصلاة تلك تدل على فضلها وأهميتها , لدرجة أن يُقتل المصر على تركها جحوداً بالإجماع , وتكاسلاً وتشاغلاً عند جمهور العلماء , والله  أعلم .
    المطلب الثاني : شروط الصلاة :
    المقصود بذلك شروط صحة الصلاة الأربعة , والتي لا تصح الصلاة إلا بها , وتبطل بدونها , وقد ذكرت في القرآن الكريم مقتضبة , بينما فصلت السنة النبوية – المفسر الثاني للقرآن- الحديث عنها , وتفصيلها بإيجاز كما يلي :
    أولاً : دخول الوقت :
    أي تجب الصلاة خلالَ وقتها المحدد لها , وتبطل إذا صليت قبل دخول وقتها أو بعد خروجه , بينما تصح خلاله , وأفضلها في أوله .
    قال تعالى : [إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا] {النساء:103} , أي : "كانت على المؤمنين فرضاً وقَّت لهم وجوب أدائه , فبين ذلك لهم" ([66]) , وسئل النبي  : أي الأعمال أفضل ؟ قال : (الصلاة لأول وقتها) ([67]) .
    ودخول وقت الصلاة شرط في صحتها بحيث لا تصلح قبله أو بعده , دليل على أهميتها وفضلها ومكانتها , لأن هذا عنوان للطاعة والالتزام بما حدده الله  .
    ثانياً : الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر :
    يدل على ذلك قول الله تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ...] {المائدة:6} , وقول النبي  : (لا يقبل الله صلاة بغير طهور , ولا صدقة من غلول) ([68]) .
    (قلت) : الطهارة من الحدث الأصغر بالوضوء والأكبر بغسل الجنابة وعدم صحة الصلاة بدون هذا الشرط ليدل على أهميتها ومنزلتها السامية عند الله  , ذلك أن الطهارة لها أهمية وفوائد عديدة (أولها) الطاعة لله  وعدم صحة الصلاة بدونها (وثانيها) النظافة من الأدران والأوساخ والعرق والسوائل (وثالثها) تنشيط البدن والروح لاستقبال الصلاة (ورابعها) تنشيط الجسم بعد فتور من جماع (وخامسها) تهذيب الروح بعد غريزة الجماع (وسادسها) وقوف المصلي نظيفاً بين يدي الله  (وسابعها) وقوف المصلي نظيفاً بين إخوانه المصلين في صلاة الجماعة (وثامنها) شكر الله  على نعمة الطهارة , قال سيد قطب : "إنما يريد ]الله[ أن يطهرهم ، وأن ينعم عليهم بهذه الطهارة ، وأن يقودهم إلى الشكر على النعمة ... وتقودنا حكمة الوضوء والغسل والتيمم التي كشف النص عنها هنا : [وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ] {المائدة:6} " ([69]) .
    ثالثاً : طهارة البدن والثوب والمكان :
    لا بد من طهارة البدن والثوب والمكان من النجاسة الحسية , فطهارة البدن ثابتة بقول النبي  : (تنزهوا من البول , فإن عامة عذاب القبر منه) ([70]) , وطهارة الثوب بقوله تعالى : [وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ] {المدَّثر:4} , أي : طهر ثيابك واغسلها بالماء , وهو قول ابن زيد ] ابن أسلم [ وابن سيرين ([71]) ورجحه الطبري ([72]) , وطهارة مكان الصلاة بقوله  : [أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ] {البقرة:125}، وقوله  بشأن الأعرابي الذي بال في المسجد : (دعوه وريقوا على بوله سجلاً من ماء, أو ذنوباً من ماء ([73]) , فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) ([74]) .
    فوجوب طهارة المُصَلِّي في صلاته من كل نجاسة حسية في بدنه أو ثوبه أو مصلاه لدليل قاطع على أهمية الصلاة عند الله  .

    رابعاً : ستر العورة :
    يدل على ذلك قوله تعالى : [يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ] {الأعراف:31} , المقصود بالزينة : ستر العورة , والمسجد : الصلاة , أي : أيها المصلون استروا عورتكم عند كل صلاة ([75]) .
    الصلاة لا تقبل عند الله  إلا بستر العورة مما يدل على أهميتها وفضلها .
    خامساً : استقبال القبلة :
    يدل على ذلك قول الله تعالى : [فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ] {البقرة:144} , فالآية الكريمة تدل على وجوب التوجه في الصلاة إلى قبلة المسجد الحرام , وعن البراء قال : "صلينا مع رسول الله  نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً , ثم صرفنا نحو الكعبة" ([76]) .
    إن قبلة المسجد الحرام هي أفضل قبلة على الإطلاق , والتوجه بالصلاة إليها يدل على أهميتها وفضلها , قال تعالى : [إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ]       {آل عمران:96} .
    المطلب الثالث : فرائض الصلاة :
    إن فرائض وأركان الصلاة كثيرة , أشار القرآن الكريم إلى بعضها , وفصلت السنة النبوية الحديث عنها , وسأتحدث عنها بإيجاز كما يلي :
    أولاً : النية :
    يدل على ذلك قول الله  : [وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ] {البيِّنة:5} , وقول نبيه  : (إنما الأعمال بالنيات , وإنما لكل امرئ ما نوى ...) ([77]) , والصلاة بلا نية كالجسد بلا روح مما يدل على أهميتها .
    ثانياً : تكبيرة الإحرام :
    يدل على ذلك قول النبي  : (مفتاح الصلاة الطهور , وتحريمها التكبير , وتحليلها التسليم) ([78]) , (قلت) أي : الله أكبر من كل شيء , فالله هو الأكبر والأعظم والأعز والأجل , عند الله أكبر يصغر ويقل ويضمحل كل شيء في الوجود , كالعرش والكرسي والسموات السبع والأرضين السبع والجبال والبحار ... الخ , وهذا مما يدل على فضل وأهمية الصلاة التي تبدأ وتفتتح بـ (الله أكبر) بل ويتكرر خمس مرات كل ركعة !
    ثالثاً : القيام :
    يدل على ذلك قوله تعالى : [حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ] {البقرة:238} , وقال النبي  : (صل قائماً , فإن لم تستطع فقاعداً , فإن لم تستطع فعلى جنب) ([79]) , والقيام أي الوقوف في الصلاة المفروضة واجب على من يستطيعه بالقرآن والسنة وإجماع الأمة . فالقيام لله  وفي كل ركعة مرتين ومع القرآن وذكر الله  فيهما يدل على أهمية الصلاة .
    رابعاً : الفاتحة :
    قال تعالى : [وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ المَثَانِي وَالقُرْآَنَ العَظِيمَ] {الحجر:87} , والمراد بالسبع المثاني الفاتحة , وقال النبي  : (لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب) ([80]) .
    (قلت) : فإذا عرفنا قيمة الفاتحة من خلال ثلاثة أمور , لعرفنا قيمة الصلاة المشتملة على ركن الفاتحة المتكرر مرة في كل ركعة ولعرفنا فضلها وأهميتها , والتفصيل كما يلي :
    1-              الفاتحة كلام الله  : وكلامه سبحانه لا أفضل ولا أحسن ولا أجمل ولا أحلى ولا أعذب   ولا أبلغ ولا أعجز ... الخ منه , قال تعالى : [وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلًا] {النساء:122} , وقال : [وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثًا] {النساء:87} .
    2-              فضل سورة الفاتحة : دلت أحاديث نبوية عديدة على فضل سورة الفاتحة وسأذكر بعضاً منها :
    1-              قال النبي  عنها : (هي أم القرآن , وهي السبع المثاني , وهي القرآن العظيم) ([81]) .
    2-              قال النبي  عنها : (والذي نفسي بيده , ما أنزل في التوراة , ولا في الإنجيل , ولا في الزبور , ولا في الفرقان مثلها , إنها السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيت) ([82]) .
    3-              قال النبي  لأبي سعيد بن المعلى : (لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن : الحمد لله رب العالمين , هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته) ([83]) .
    3-              تفسير سورة الفاتحة : نزلت سورة الفاتحة المباركة بآيات قليلة وقصيرة وبألفاظ قليلة , وبمعانٍ ثرة غزيرة كثيرة وقد ذكر أن بعض المفسرين فسرها في كتاب كامل , ومن طلبة الماجستير والدكتوراه من كانت الفاتحة عنوان رسالته , وسأذكر تفسيراً موجزاً – لطبيعة البحث - يشير إلى أهميتها والصلاة التي تشتملها .
    قال تعالى : [بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ] {الفاتحة:1} أي : أبدأ وأفتتح وأستهل متبركاً باسم الله أكبر وأسمائه وأجمعها والذي لا يطلق إلا عليه سبحانه [الرَّحْمَنِ] وهو اسم مختص بالله وصفة له , ومعناه : عظيم الرحمة [الرَّحِيمِ] وهو اسم آخر لله وصفة له , ومعناه : دائم الرحمة والإحسان [الْحَمْدُ لِلَّهِ] أي : الحمد والثناء والشكر لله على عظيم إحسانه ونعمه , وكذلك يحمد على ابتلائه , والله سبحانه مستحق لذلك دون غيره [رَبِّ الْعَالَمِينَ] أي : الحمد فقط لله رب الإنس والجن والملائكة والشياطين والسموات والأرض وكل شيء , فهو مالكهم جميعاً , فله الشكر والثناء دون ما يعبد من دونه [الرَّحْمَنِ] أي : عظيم الرحمة فقد وسعت رحمته كل شيء, وعم فضله جميع الأنام , بما أنعم على عباده من الخلق والرزق والهداية إلى سعادة الدارين [الرَّحِيمِ] دائم الرحمة والإحسان والنعمة على خلقه [مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ] أي : الله سبحانه مالك يوم القيامة , مالك للجزاء والحساب المتصرف في يوم القيامة تصرف المالك في ملكه [إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ] أي : نخصك يا الله بالعبادة والطاعة والخضوع والخشوع في التوحيد وفي سائر الأوامر والنواهي , ونستعين بك وحدك يا ربنا على أمور ديننا من امتثال للأوامر واجتناب للنواهي , وعلى أمور دنيانا من رزق وابتلاء وغير ذلك [اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ] أي : أرشدنا ودلنا يا رب طريقك الواضح الذي لا اعوجاج فيه , وهو طريق الحق ودينك المستقيم الإسلام [صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ] أي : طريق من تفضلت عليهم بالجود والإنعام , من النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا [غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ] أي : غير طريق اليهود الذين غضب الله عليهم [وَلَا الضَّالِّينَ] أي : غير طريق النصارى الذين ضلوا عن دينك وشريعتك المقدسة ([84]) .
    يتبين لنا مما تقدم فضل وأهمية سورة الفاتحة المباركة , فهي كلام الله  , وهي أعظم سور القرآن , ولم ينزل في الكتب السماوية كافة مثلها ... الخ , وهي ذات آيات سبع قصيرة , وألفاظ معدودة , في غاية البلاغة والإعجاز , متضمنة لمعاني ثرة ([85])، وغزيرة في غاية الروعة
    والفائدة والهداية والشمول كما سبق الإشارة لذلك .
    وإذا علمنا أن الصلاة لا تصح إلا بالفاتحة , وأنه يجب قراءتها كل ركعة , وأن الصلوات الخمس تشتمل على قراءة الفاتحة سبعة عشر مرة , لدل ذلك على أهمية الصلاة المكتوبة المشتملة على أم الكتاب , والله أعلم .
    خامساً : الركوع :
    قال تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا] {الحج:77} , وقال النبي  في حديث المسيء في صلاته (ثم اركع حتى تطمئن راكعاً) ([86]) وقال  : (لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود) ([87]) .
    والركوع لا يكون إلا لله  , وصرفه لغيره سبحانه كفرٌ وردةٌ , وهو علامة للتواضع والخضوع والذل والطاعة والاستسلام والتعظيم لله رب العالمين , قال النبي  : (... فأما الركوع فعظموا فيه الرب  ...) ([88]) , وعن عقبة بن عامر قال : لما نزلت [فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العَظِيمِ] {الواقعة:74} , قال لنا رسول الله  : (اجعلوها في ركوعكم) ([89]) .
    ولما كان الركوع بهذا الفضل والأهمية , ولما كانت الصلوات الخمس تشتمل على سبعة عشر ركوعاً كل يوم وليلة دل ذلك على فضلها وأهميتها .
    سادساً : الرفع من الركوع :
    أي الاعتدال قائماً مع الطمأنينة بعد الركوع , قال النبي  : (لا ينظر الله إلى صلاة رجلٍ لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده) ([90]) .
    وهذا القيام بعدده وبما يشتمله من حمد لله  والثناء عليه يدل على فضل وأهمية الصلاة التي تشتمله .
    سابعاً : السجودان والقعود بينهما :
    قال تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا] {الحج:77} , وقال النبي  في حديث المسيء في صلاته : (ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً , ثم ارفع حتى تطمئن جالساً , ثم اسجد
    حتى تطمئن ساجداً) ([91]) , فالسجدتان والقعود بينهم فرض في كل ركعة .
    (قلت) : السجود واجبٌ في الصلاة فقط , ولا يكون إلا لله  , وصرفه لغيره  كفرٌ وردةٌ , وهو دليل التواضع والاعتراف من العبد بعبوديته وذلته وطاعته وخضوعه واستسلامه المطلق لله , فما أحلاه وما أكرمه من سجود , إذ يضع العبد أشرفه وأكرمه وأفضله وأوجهه وأعلاه – وجهه - على الأرض , على أسفل مكان تطئه المخلوقات بأقدامها , وكل ذلك طاعة وعبادة وتواضع لله  , وعن عقبة بن عامر قال : لما نزلت [سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى] {الأعلى:1} , قال رسول الله  : (اجعلوها في سجودكم) ([92]) , وقال  : (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد , فأكثروا الدعاء) ([93]) , ولما كان السجود بهذا الفضل والأهمية , ولما كانت الصلوات الخمس تشتمـل على أربعٍ وثلاثين سجوداً كل يوم وليلة دل ذلك على فضلها وأهميتها .
    ثامناً : القعود الأخير والتشهد فيه :
    قال ابن عباس  : كان رسول الله  يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن فكان يقول : (التحيات المباركات , والصلوات الطبيات لله , السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته , السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين , أشهد أن لا إله إلا الله , وأشهد أن محمداً رسول الله) ([94]) .
    (قلت) : تظهر قيمة التشهد بعدة أمور (أولها) فرضها في كل الصلوات الخمس (وثانيها) اختتام الصلاة بها قبيل التسليم (وثالثها) اشتمالها على الثناء على الله  والإخلاص له سبحانه (ورابعها) السلام والترحم والتبرك على النبي  (وخامسها) السلام على عباد الله الصالحين من الإنس والجن والملائكة في السموات والأرض وما بينهما (وسادسها) الشهادة أول وأهم أركان الإسلام الخمسة .
    ولما كان التشهد بهذا الفضل والأهمية , ولما كانت الصلوات الخمس تشتمل على خمس تشهدات واجبة , وأربع تشهدات سنة , دل ذلك على فضلها وأهميتها .
    تاسعاً : السلام :
    وهو فرض بقول النبي  وفعله , قال النبي  : (مفتاح الصلاة الطهور , وتحريمها التكبير , وتحليلها التسليم) ([95]) , وصيغته كما روي عن وائل بن حجر قال : " صليت مع رسول الله  فكان يسلم عن يمينه (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) وعن شماله : (السلام عليكم ورحمة الله) ([96]) .
    (قلت) : تظهر قيمة السلام بثلاثة أمور (أولها) وجوبه في كل صلاة (وثانيها) اختتام الصلاة به , قال تعالى : [خِتَامُهُ مِسْكٌ] {المطَّففين:26} , وقال  : (إنما الأعمال بخواتيمها)([97]) (وثالثها) ما يشتمله من ذكر الله  , والسلام والترحم والتبريك على عباده سبحانه .
    ولما كان التسليم بهذا الفضل والأهمية , ولما كانت الصلوات الخمس تشتمل على خمس تسليمات واجبة , ومثلها مستحبة , دل ذلك على فضلها وأهميتها .
    المبحث الثالث
    اهتمام القرآن والأنبياء بالصلاة

    المطلب الأول : اهتمام القرآن بالصلاة :

    لقد اهتم القـرآن اهتماماً بالغاً بالصلاة , وذلك من حيـث عدد الآيات ، وصـيغ ألفاظ الصلاة فيها, وموضوعات الصلاة , وعلاقة الصلاة بالعقيـدة والشريعة , والتفصيل كما يلي :
    أولاً : آيات الصلاة وصيغها في القرآن :
    ورد لفظ الصلاة والأفعال ذات الصلة في القرآن الكريم حوالي تسعين مرة في أكثر من ثمانين آية .
    فقد ورد لفظ (الصلاة) سبعاً وستين مرة , و(أصلاتك) مرتين , و(صلاته) مرة , و(صلاتهم) خمس مرات , و(صلاتي) مرة , و(صلواتهم) مرة .
    وأما الأفعال , فقد ورد لفظ (صلَّى) ثلاث مرات , و(صلِّ) مرة , و(يصلي) مرة و(تصلِّ) مرة , و(يصلوا) مرة , و(يصلون) مرة .
    وأما لفظ (المصلين) فقد ورد ثلاث مرات ([98]) .
    ذكرت الصلاة في القرآن الكريم نحو تسعين مرة في نحو ثمانين آية , وبصيغ مختلفة ومتنوعة ليدل على أهمية الصلاة إذ اهتم القرآن بها اهتماماً بالغاً .

    ثانياً : موضوعات الصلاة في القرآن :
    لقد اهتم القرآن اهتماماً بالغاً بالصلاة من حيث موضوعاتها , فتحدث عن فضلها على سائر العبادات , كما تحدث عن مفهوم الصلاة والمراد بها , وعبر عن ذلك بإقامتها , والمحافظة, والمداومة عليها , وهذا ما فصله المبحث الأول .
    كذلك تحدث القرآن عن حكم الصلاة , وشروطها , وفرائضها , وهذا ما فصله المبحث الثاني .
    كما تحدث القرآن عن علاقة الصلاة ببعض أمور العقيدة كعلاقتها بالإيمان بالغيب , قال تعالى : [الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ] {البقرة:3} , وكذا علاقتها ببعض أمور الشريعة , كعلاقتها بالزكاة , قال تعالى : [وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ] {البقرة:43} , وهذا       ما سيفصله العنوان الآتي .
    وكذلك تحدث القرآن عن اهتمام الأنبياء عليهم السلام بالصلاة من خلال ذكره لنماذج بعضهم في ذلك كإبراهيم وإسماعيل ومحمد عليهم السلام , وهذا ما سيفصله المطلب الثاني من هذا المبحث .
    وكذلك تحدث القرآن عن موضوع ثواب المصلين دنيا وآخرة , وكذا عقاب المضيعين للصلاة دنيا وآخرة , وهذا ما سيفصله المبحث الرابع .
    فكل ذلك يثبت مدى اهتمام القرآن بموضوعات الصلاة المختلفة , مما يدل على مدى أهميتها .
    ثالثاً : علاقة الصلاة بالعقيدة والشريعة :
    أ- علاقة الصلاة بالعقيدة الإسلامية : إن العقيدة الإسلامية كأصل تشتمل على عقائد كثيرة متنوعة متفرعة عنها , وقد ذكر القرآن الكريم أو بيَّن غالبها , وأشار إلى أهمها في قوله تعالى : [كُلٌّ آَمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ] {البقرة:285} , وقوله : [وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ وَالمَلَائِكَةِ وَالكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ] {البقرة:177} , وفي الحديث الصحيح :      "... قال [جبريل] : فأخبرني عن الإيمان؟ قال  : (أن تؤمن بالله , وملائكته , وكتبه , ورسله , واليوم الآخر , وتؤمن بالقدر خيره وشره) , قال صدقت ..." ([99]) .
    وقد قرن القرآن الكريم بين الصلاة وأهم مكونات العقيدة , والتفصيل كما يلي :
    1-          الربط بين الإيمان بالله والصلاة : يدل على ذلك قول الله  : [إِنَّنِي أَنَا اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي] {طه:14} , فقد قرن  بين الإيمان به  والعبادة له عامة والصلاة له خاصة , قال السعدي في معنى الآية : "أي : الله المستحق للألوهية المتصف بها ... [َفاعْبُدْنِي] بجميع أنواع العبادة ... ثم خص الصلاة بالذكر وإن كانت داخلة في العبادة , لفضلها وشرفها , وتضمنها عبودية القلب واللسان والجوارح ..." ([100]) , وقال       أبو السعود : "خصت الصلاة بالذكر وأفردت بالأمر مع اندراجها في الأمر بالعبادة لفضلها وإنافتها على سائر العبادات ..." ([101]) , وبذلك يتضح أن الله  أمر بالتوحيد أولاً , ثم بالعبادة عامة ثانياً , ثم بالصلاة خاصة ثالثاً , وهكذا الصلاة في مقدمة العبادة التي تحقق توحيد الألوهية .
    2-          الربط بين الإيمان بالكتب والصلاة : يدل على ذلك قول الله  : [لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ مِنْهُمْ وَالمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ] {النساء:162} فقد قرن  بين الإيمان بالقرآن خاصة والكتب السماوية عامة وإقامة الصلاة خاصة , فقوله : [وَالمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ] "منصوب على المدح لبيان فضل الصلاة ..." ([102]) , وقد ربط الفخر الرازي بين الإيمان بالكتب والصلاة فقال : "فأما علمهم بأحكام الله فهو المراد من قوله : [وَالمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ] وأما عملهم بتلك الأحكام فهو المراد بقوله [وَالمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ] وخصهما بالذكر لكونهما أشرف الطاعات..." ([103]) .
    3-          الربط بين الإيمان بالرسل والصلاة : يدل على ذلك قول الله  : [لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآَتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآَمَنْتُمْ بِرُسُلِي] {المائدة:12 }  , فقد قدم الصلاة والزكاة على الإيمان تشريفاً لهما , ولأنه لا ينفع عمل إلا بالإيمان ([104]) , قال الفخر الرازي : "فذكر بعد إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة     لا بد من الإيمان بجميع الرسل حتى يحصل المقصود , وإلا لم يكن لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة تأثير في حصول النجاة بدون الإيمان بجميع الرسل" ([105]) .
    4-          علاقة الصلاة باليوم الآخر : يدل على ذلك قول الله  : [إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آَمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ] {التوبة:18} , فقد ربط الله  بين الصلاة والإيمان باليوم الآخر لأنه لا قيمة للصلاة بلا إيمان بيوم القيامة , كما لا نجاة ولا أمان للعبد يوم القيامة    - وإن كان يؤمن به – بلا صلاة , ولذلك قال  في آية أخرى : [وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ] {الأنعام:72} , والله أعلم .
    5-          علاقة الصلاة بالإيمان بالغيب : يدل على ذلك قول الله  : [الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ] {البقرة:3} , قال البيضاوي : "وتخصيص الإيمان بالغيب وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة بالذكر إظهار لفضلها على سائر ما يدخل تحت اسم التقوى" ([106]) , وقال ابن الجوزي : "واعلم أن الحكمة من الجمع بين الإيمان بالغيب وهو عقد القلب , وبين الصلاة وهي فعل البدن , وبين الصدقة وهو تكليف يتعلق بالمال , أنه ليس في التكليف قسم رابع , إذ ما عدا هذه الأقسام فهو ممتزج بين اثنين منهما , كالحج والصوم ونحوهما" ([107]) , (قلت) : قرن الله  بين الإيمان بالغيب وإقام الصلاة لأن الإيمان بالغيب     لا يغني من عذاب الله بلا صلاة , كذلك الصلاة لا تصح ولا تقبل بلا إيمان بالغيب كالإيمان بالله وملائكته واليوم الآخر ... الخ والله أعلم .
    6-          علاقة الصلاة بالإخلاص : يدل على ذلك قول الله  : [وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ] {البيِّنة:5} , وقوله : [قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ] {الأنعام:162} , والإخلاص شرطٌ في صحة الصلاة , والصلاة بلا إخلاص باطلة مردودة غير مقبولة والعقاب ينتظر صاحبها المنافق أو المرائي , فهي كالجسد الميت بلا روح .
    7-          علاقة الصلاة بالخوف من الله : يدل على ذلك قول الله  : [إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ] {فاطر:18} , العلاقة والارتباط وثيق بين الخوف من الله  وإقامة الصلاة , إذ أهم مظاهر الخوف من الله  إقامة الصلاة له , والصلاة منبثقة عن الخوف منه  ومتضمنة له , قال الرازي : "فلا تنذر إنذاراً مفيداً إلا الذين تمتلئ قلوبهم خشية وتتحلى ظواهرهم بالعبادة" ([108]) , وقال البقاعي : "الصلاة جامعة لخضوع الظاهر والباطن , فكانت أشرف العبادات ... قال معبراً بالماضي لأن مواقيت الصلاة مضبوطة [وَأَقَامُوا] أي : دليلاً على خشيتهم [الصَّلَاةَ] في أوقاتها الخمسة وما يتبع ذلك من السنن" ([109]) .
    ويدل على ذلك – أيضاً - قول الله  : [وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ] {الأنعام:72} , فقد قرن الله  بين الأمر بإقامة الصلاة والتقوى على اعتبار أن الصلاة أهم أو من أهم مظاهر التقوى , لأن تعريفها الجامع هو : الخوف من الله بطاعته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه , قال الطبري : "وأمرنا بإقامة الصلاة ... [وَاتَّقُوهُ] يقول : واتقوا رب العالمين ... فخافوه واحذروا سخطه , بأداء الصلاة المفروضة عليكم ..." ([110]) , وقال البقاعي : "[وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ] لوجهه [وَاتَّقُوهُ] مع ذلك , أي : افعلوها .. على وجه التقوى والمراقبة ..." ([111]) .
    ب- علاقة الصلاة بالشريعة الإسلامية :
    إن العلاقة بين الصلاة والتشريع الإسلامي وطيدة ووثقى , ولذلك ربط الله  بين الصلاة وكثير من خصال التشريع الإسلامي في آيات قرآنية كثيرة , وتفصيل ذلك كما يلي :
    1-           علاقة الصلاة بقراءة القرآن : يدل على ذلك قول الله  : [اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ] {العنكبوت:45} , وقوله : [إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ] {فاطر:29}, ذهب الرازي إلى أن العبادات المختصة بالعبد ثلاثة , قلبية لا تتكرر وهي الاعتقاد الحق , ولسانيه تتكرر كقراءة القرآن , وبدنية تتكرر كالصلاة , ولم يؤمر بالأولى لاستحالة تكرارها, وأمر بالأخريين لتكرارهما فقال : اتل الكتاب وأقم الصلاة ([112]) , (قلت) قرن  قراءة القرآن أفضل عبادة لسانية , بالصلاة أفضل عبادة بدنية , إضافة إلى أن قراءة القرآن بلا صلاة لا تغني من عذاب الله  , والصلاة بلا قراءة القرآن خاصة الفاتحة باطلة لا تصح, بل أفضل ما في الصلاة قراءة القرآن صفة الله  .
    2-           علاقة الصلاة بالذكر : يدل على ذلك قول الله  : [فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا] {النساء:103} , وقوله : [رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ] {النور:37} , فقد قرن الله  الصلاة بذكره مما يدل على العلاقة الوثقى بينهما , ومرة قدم الصلاة على الذكر لأهميتها وفضلها وشرفها , ومرة قدم الذكر على الصلاة من باب عطف الخاص على العام , مما يدل أيضاً على فضل الصلاة إذ خصت من عموم ذكر الله  , والمطلوب الجمع بين ذكر الله  عامة , وإقامة الصلاة خاصةً , قال البقاعي : "ولما علمهم بما يفعلون في الصلاة حال الخوف , أتبع ذلك بما يفعلون بعدها لئلا يظن أنها تغني عن مجرد الذكر , فقال مشيراً إلى تعقيبه به [فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ] أي : فرغتم من فعلها ... [فَاذْكُرُوا اللهَ] أي بغير الصلاة ..." ([113]) .
    3-           علاقة الصلاة بالزكاة : قرن الله  بين الصلاة والزكاة في آياتٍ كثيرة , منها قوله تعالى : [فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ] {المجادلة:13} , وقوله : [الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ] {النمل:3} , والحكمة من ذلك ترجع لعدة أمور (أولها) أن الصلاة أهم العبادات البدنية , والزكاة أهم العبادات المالية (وثانيها) أن الصلاة حق الله  على العباد , والزكاة حق الفقراء على الأغنياء (وثالثها) أنهما فرضان وركنان متتاليان من أركان الإسلام كما سبق في الحديث النبوي (ورابعها) أنه يجب على المسلم أن يجمع بينهما بالإيمان والعمل ولا يجوز له أن يفرق بينهما فيأتي بواحد دون الأخرى , وإلا فلن ينجو من عذاب الله  .
    4-           علاقة الصلاة بالتمكين في الأرض : يدل على ذلك قول الله  : [الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ] {الحج:41} , دلت الآية الكريمة على العلاقة الوثقى بين التمكين في الأرض والصلاة , إذ معالم أو علامات التمكين التي يجب أن يقوم بها الممكنون أربعة – كما ذكرت الآية - وفي مقدمتها وأولها إقامة الصلاة في البلاد بالمساجد وفي العباد بالآذان والدعوة إليها والأمر بها ,      ولا معنى للتمكين بدون ذلك .
    5-           علاقة الصلاة بالنهي عن المنكر : يدل على ذلك قول الله  : [وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ] {العنكبوت:45} , المراد بقوله [وَأَقِمِ الصَّلَاةَ] قيل : أنه القرآن , وقيل : أنه الصلاة المفروضة , وقيل : أنه الدعاء ([114]) , ويرجح الباحث أنه الصلاة المفروضة بدليل الفعل [وَأَقِمِ] فإنه أليق بالصلاة كما في آيات كثيرة جداً وهو قول ابن مسعود وابن عباس ، والمراد ببقية الآية ثلاثة أقوال "أحدهما : أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر ما دام فيها ... الثاني : تنهى عن الفحشاء والمنكر قبلها وبعدها , روى طاووس عن ابن عباس  قال : قال رسول الله  : (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد بها من الله إلا بعداً) ([115]) , الثالث : إن ما تدعوهم إليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , قاله ابن زيد" ([116]) , والراجح هو القول الثاني لظاهر الآية , ولأن إقامة الصلاة بشروطها وفرائضها وسننها وخشوعها أدعى لذلك .
    6-           علاقة الصلاة بالصبر : يدل على ذلك قول الله  : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ] {البقرة:153} , وقوله : [وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالمُقِيمِي الصَّلَاةِ] {الحج:35} , وقوله : [وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الخَاشِعِينَ] {البقرة:45} , قال ابن كثير : "وبين تعالى أن أجود ما يستعان به على تحمل المصائب الصبر والصلاة ... وفي الحديث (كان رسول الله  إذا حزبه أمرٌ صلى) ([117]) ، ([118]) , (قلت) العلاقة واضحة بين الصبر والصلاة , فالصبر يكون على الابتلاء , وعلى النعمة , لقوله تعالى : [وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالخَيْرِ فِتْنَةً] {الأنبياء:35} , وعلى امتثال أوامر الله  , واجتناب نواهيه , وهذا الصبر لا يمكن أن يتحقق للمؤمن إلا بعون الله  للعبد وتصبيره , والصلاة تقرب العبد من ربه فيستمطر صبره بها .
    7-           علاقة الصلاة بالرزق : يدل على ذلك قول الله  : [فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ] {الجمعة:10} , الآيات الكريمة تقرر أنه لا يجوز التفريط في الصلاة المكتوبة المعبر عنها بصلاة الجمعة لأجل طلب الرزق , فرزق الإنسان مكتوب له ومعلوم ومدركه بقضاء الله  وقدره لا محالة , فإذا أدى العبد صلاته فقد أباح الله  له أن يرتزق ليكف نفسه وأهله عن المسألة ,   والخلاصة: الارتزاق لا يجوز أن يمنع عن الصلاة , والصلاة لا تمنع من الارتزاق بل تباركه ويباح بعد إقامتها .
    8-           علاقة الصلاة بخصال الخير : يدل على ذلك قول الله  : [قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ] {المؤمنون:1-11}, قال المراغي : "وقد افتتح سبحانه هذه الصفات الحميدة بالصلاة واختتمها بالصلاة دلالة على عظيم فضلها وكبير مناقبها" ([119]) , وقال سيد قطب : "ولقد بدأت صفات المؤمنين بالصلاة , وختمت بالصلاة , للدلالة على عظيم مكانتها في بناء الإيمان , بوصفها أكمل صورة من صور العبادة والتوجه إلى الله" ([120]) , (قلت) : الآية الكريمة ذكرت ثمان خصال خير اثنتين في العقيدة وست في الشريعة , والصلاة فيها معظمة ومميزة بأمور (أولها) ذكرها مرتين (وثانيها) ابتداء الخصال وانتهائها بها (وثالثها) إحاطتها أولاً وآخراً بالخصال الأخرى قد يوحى أن الله لا يقبلها بلا صلاة (ورابعها) أنها ذكرت أولاً عقب فلاح المؤمنين (وخامسها) أنها عقبت أخيراً بوراثة الفردوس , والله أعلم .
    ويدل على ذلك أيضاً قول الله  : [إِلَّا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ]{المعارج:22-35} , قال البيضاوي : "وتكرير الصلاة ووصفهم بها أولاً وآخراً باعتبارين للدلالة على فضلها وإنافتها على غيرها , وفي نظم هذه الصلاة مبالغات لا تخفى" ([121]) , وقال البقاعي : "وفي فتح الأوصاف بالصلاة وختمها بها من بيان جلالتها وعظمتها أمر باهر" ([122]) , (قلت) : الآيات الكريمة شملت ثمان خصال خير، والقول فيها يشبه كثيراً القول السابق في آيات سورة المؤمنون , مما أغنى عن تكراره هنا , والله أعلم .

    المطلب الثاني : اهتمام الأنبياء بالصلاة :

    إن الله تبارك وتعالى أمر أنبيائه عليهم السلام بما أمر به عباده من إقامة الصلاة والمحافظة عليها أبداً , فقال  عن إبراهيم ولوط وإسحاق ويعقوب عليهم السلام : [وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ] {الأنبياء:73} , والأنبياء عليهم السلام أقاموا الصلاة وحافظوا عليها , بل وكانوا يأمرون أهليهم والناس بها , وهذا لا عجب ولا غرابة فيه , فهم : الأنبياء المصطفون المخلصون المعصومون القدوة , قال تعالى : [قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ ...] {الممتحنة:4} ، وقال تعالى : [لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ] {الأحزاب:21} , وقال تعالى عن عموم الأنبياء عليهم السلام : [أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ] {الأنعام:90}, وقد ذكر القرآن الكريم نماذج لبعض الأنبياء تدل على صلاتهم واهتمامهم بها , وتفصيل ذلك كما يلي :
    أولاً : اهتمام إبراهيم  بالصلاة :
    لقد اهتم إبراهيم  بالصلاة اهتماماً بالغاً وكان يحافظ عليها أيما محافظة , واعتبرها والمسجد الحرام سبب إسكان زوجته هاجر وولده إسماعيل وذريته منهما بعد ذلك في الحرم , قال تعالى على لسانه : [رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ] {إبراهيم:37} .
    نلاحظ من الآية الكريمة عدة أمور : (أولها) أن إبراهيم  نفذ أمر ربه  بإسكان زوجته وابنه إسماعيل في ذلك الوادي الموحش حيث لا ماء ولا زرع ولا أنيس من إنسان وذلك لهدف وسبب سامي (وثانيها) أن إبراهيم  اعتبر هدف وسبب إقامتهم تلك هو إقامة الصلاة وعبر عنها بصيغة المضارع والمستقبل بقوله : [لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ] ليفيد الاستمرارية والديمومة (وثالثها) أنه  دعا لهم بعد أن قدم بين يدي دعائه خير الإسلام وهو إقامة الصلاة , بخير الدنيا وهو الأنس بالناس , والرزق من الثمرات , وقد استجاب الله  له .
    وقال تعالى حاكياً عنه : [الحَمْدُ للهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ * رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ] {إبراهيم: 39-40} ,        أي يا رب اجعلني محافظاً على الصلاة مقيماً لحدودها , واجعل من ذريتي يا رب كذلك مقيمين للصلاة ومحافظين عليها , وتقبل دعائي فيما سألتك فيه كله ([123]).
    واهتم إبراهيم  ببناء بيت للصلاة وهو المسجد الحرام بناه هو وابنه إسماعيل عليهما السلام , قال تعالى : [وَإِذْ جَعَلْنَا البَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ] {البقرة:125} وقال : [وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ] {البقرة:127} .

    ثانياً : اهتمام إسماعيل  بالصلاة :
    كان إسماعيل  يقيم الصلاة ويحافظ عليها ويهتم بها اهتماماً بالغاً يدل على ذلك أمورٌ (أولها) دعاء أبيه إبراهيم  له بذلك ودعاء الأنبياء عليهم السلام مستجاب (وثانيها) نشأته في بيت النبوة (وثالثها) اقتداؤه بأبيه (ورابعها) مشاركته في بناء المسجد الحرام حيث القبلة والصلاة (وخامسها) نبوته بعد ذلك (وسادسها) أمره أهله بإقامة الصلاة فهو نبي كريم منزه ومعصوم من أن يخالف ما يدعو إليه .
    وقد امتدحه الله  على إقامته للصلاة وأمره أهله بإقامتها والمحافظة عليها , وذلك قوله  : [وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا] {مريم:54-55} ، والمراد بقوله : (يأمر أهله بالصلاة) أي : يأمر أمته , أو جرهم , أو عشيرته , أو ولده, أقوال للمفسرين ([124]) .
    استخدام القرآن للفعل المضارع والجملة الفعلية يدل على الاستمرار والمداومة في أمره أهله بالصلاة , وهذه الصفة قليلٌ أصحابها , قال تعالى على لسان لقمان  : [يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ المُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ] {لقمان:17} , فالأوصاف المذكورة في الآية أقلة من تجتمع فيهم .
    ثالثاً : اهتمام شعيب  بالصلاة :
    إن نبي الله شعيب  كان يقيم الصلاة ويداوم عليها ويكثر منها , وهذا مما لاحظه قومه عليه , ولذلك اعترضوا عليه في ذلك واستهزئوا به , قال تعالى حاكياً عنهم : [قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الحَلِيمُ الرَّشِيدُ] {هود:87} , قال الكلبي : "الصلاة هي المعروفة ونسب الأمر إليها مجاز كقوله: [إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ] {العنكبوت:45} , والمعنى : أصلاتك تأمرك أن نترك عبادة الأوثان , وإنما قال الكفار هذا على وجه الاستهزاء" ([125]) , وقال القاسميّ : "... أجابوا به أمرهم بالتوحيد , على الاستهزاء والتهكم بصلواته ... وكان شعيب كثير الصلاة , فلذلك جمعوا وخصوا الصلاة بالذكر" ([126]) , وقرئ (أصلاتك) بالإفراد , وقرئ (أصلواتك) بالجمع , وهما من القراءات العشر ([127]).
    (قلت) : نلاحظ من الآية الكريمة أمرين (أولهما) أن شعيب  كان يقيم الصلاة ويداوم عليها ويكررها ويكثر منها , ولذلك عبر القرآن عنها بالمفرد في قراءة (أصلاتك) على اعتبار الأصل لقوله تعالى : [وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ] {البقرة:43} , بالمفرد والمراد الجمع أي الصلوات الخمس , وفي قراءة بالجمع : (أصلواتك) على اعتبار تعددها وكثرة تكرارها وإطالتها (وثانيهما) أن صلاة شعيب  كانت نابعة من إيمان وإخلاص وخشوع وطاعة , ولذلك أثرت فيه  فانطبق عليه قوله  : [إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ] {العنكبوت:45} , ولذلك ربط قومه بين صلاته وبين أمره لهم بالمعروف ونهيه لهم عن المنكر كما قال  عنهم : [قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ] {هود:87} .
    رابعاً : اهتمام زكريا  بالصلاة :
    كان اهتمام زكريا  بالصلاة عظيماً فكان يقيمها ويكثر منها ويتخذ لها محراباً خاصاً بها , ولذلك لما سأل الله  الذرية الطيبة وقد كبر سنه وكانت امرأته عاقراً , وذلك قوله تعالى: [هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ] {آل عمران:38} , استجاب الله  دعائه , وبشره بذلك أثناء صلاته حيث أقرب ما يكون من ربه  , وذلك قوله: [فَنَادَتْهُ المَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي المِحْرَابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ] {آل عمران:39} , قال ابن كثير : "أي : خاطبته الملائكة شفاهاً خطاباً أسمعته وهو قائم يصلي في محراب عبادته , ومحل خلوته , ومجلس مناجاته وصلاته , ثم أخبر تعالى عما بشرته به الملائكة" ([128]) , بعد ذلك طلب  من ربه  آية على ذلك , قال تعالى عنه : [قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا] {مريم:10} , فاختار  الصلاة وموضعها المحراب –شكراً لله  - لإبراز تلك الآية , قال تعالى : [فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ المِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا] {مريم:11} .
    ومعنى الآية : [فَخَرَجَ] [عَلَى قَوْمِهِ] بني إسرائيل [مِنَ المِحْرَابِ] أي : أشرف عليهم من المصلى وهو أرفع المواضع وأشرف المجالس [فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ] أي : أشار أو أموأ إليهم [أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا] قيل : معنى [سَبِّحُوا] أي : صلوا , والسبحة في اللغة الصلاة, وقيل : قولوا سبحان الله ([129]) .
    (قلت) : الآيات الكريمة تدل على أهمية الصلاة واهتمام زكريا  بها , وهذه الأدلة (أولها) إقامته للصلاة (وثانيها) اتخاذه موضع خاص بها وهو المحراب (وثالثها) تبشيره بيحيى وهو يصلي في المحراب (ورابعها) خروجه من المحراب موضع الصلاة وربما بعد صلاته فيه ليظهر تلك الآية للناس (وخامسها) دعوته لقومه بأن يسبحوا , أي : يصلوا – على قول- بكرة وعشياً .
    خامساً : اهتمام عيسى بالصلاة :
    كان عيسى  مهتماً بالصلاة مقيماً لها محافظاً ومداوماً عليها , تنفيذاً منه لوصية ربه  له , قال تعالى حاكياً عنه : [قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آَتَانِيَ الكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا] {مريم:30-31} , أي : وأوصاني وأمرني ربي بالمحافظة على الصلاة والزكاة لأؤديهما إذا أدركني التكليف وأمكني أدائهما مدة دوام حياتي ([130]).
    (قلت) : إن عيسى  نفذ وصية ربه  فأقام الصلاة وحافظ عليها لعدة أدلة (أولها) أنه نبيّ ورسول ومن أولى العزم من الرسل صاحب رسالة وكتاب سماوي الإنجيل (وثانيها)    أن الله  باركه فصار مباركاً (وثالثها) أنه معجزة الله في خلقه فقد ولد من أم بلا أب (ورابعها) بره بأمه ، قال تعالى : [وَبَرًّا بِوَالِدَتِي ...] {مريم:32} ، (وخامسها) تعلق قلب أمه مريم به وشفقتها وحبها له ودعاؤها له , وهي القديسة إحدى أربع نساء كملن في الدنيا (وسادسها) أن الله تعالى ذكره كثيراً في القرآن وأثنى عليه كثيرا مما يدل على فضله وصلاحه وهدايته ,      والله أعلم .
    سادساً : اهتمام محمد  بالصلاة :
    إن النبي محمداً  كان مهتماً اهتماماً بالغاً منقطع النظير بالصلاة , فكان يقيمها على أحسن وجه بشروطها وأركانها وواجباتها وسننها وخشوعها , بل وكان يتهجد من الليل نافلة حتى تتورم قدماه , فمن باب أولى اهتمامه بالصلاة الفريضة المكتوبة أكثر .
    يدل على ذلك آيات كريمة وأحاديث شريفة كثيرة , سأكتفي بآيتين منها :
    1- قال تعالى : [فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى] {طه:130} .
    قال القرطبي : "قال أكثر المتأولين : هذا إشارة إلى الصلوات الخمس [قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ] صلاة الفجر [وَقَبْلَ غُرُوبِهَا] صلاة العصر [وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ] العتمة [العشاء] [وَأَطْرَافَ النَّهَارِ] المغرب والظهر , لأن الظهر في آخر طرف النهار الأول , وأول طرف النهار الآخر , فهي في طرفين منه , والطرف الثالث غروب الشمس وهو وقت المغرب ... [لَعَلَّكَ تَرْضَى] أي لعلك تثاب على هذه الأعمال بما ترضى به" ([131]) .
    الله جل ثناؤه أمر نبيه  بإقامة الصلوات الخمس في أوقاتها التي حددها له , ووعده أن يثيبه بما يرضيه على ذلك , والسنة النبوية المطهرة دلت أن النبي  أقام الصلوات الخمس على أحسن وجه , وأن الله جل ثناؤه أثابه أو سيثيبه بما يرضيه .
    2- قال الله  : [وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى] {طه:132} .
    أي أن الله جل ثناؤه خاطب نبيه  بقوله : [وَأْمُرْ] يا محمد [أَهْلَكَ] أي : أهل بيتك [بِالصَّلَاةِ] المشروعة [وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا] أي : واصبر أنت على أدائها بخشوعها وآدابها         [لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا] أي : لا نكلفك رزق نفسك وأهلك [نَحْنُ نَرْزُقُكَ] أي : الله يتكفل برزقك وإياهم [وَالعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى] أي : العاقبة المحمودة الحسنة وهي الجنة لأهل التقوى ([132]) .
    قال القرطبي في قوله تعالى : [وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ] : "أمره تعالى بأن يأمر أهله بالصلاة ويمتثلها معهم ويصطبر عليها ويلازمها , وهذا خطاب للنبي  ويدخل في عمومه جميع أمته , وأهل بيته على التخصيص" ([133]) , وقال الشوكاني : "ولم يذكر ها هنا الأمر من الله له بالصلاة بل قصر الأمر على أهله , إما لكون إقامته لها أمراً معلوماً , أو لكون أمره بها تقدم في قوله وسبح [وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ] {طه:130} إلى أخر الآية , أو لكون أمره بالأمر لأهله أمراً له , ولهذا قال : [وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا] أي : اصبر على الصلاة , ولا تشتغل عنها بشيء من أمور الدنيا" ([134]) .
    (قلت) : ونلاحظ من الآية الكريمة عدة أمور (أولها) أن النبي  كان دائماً يأمر أهل بيته بالصلاة ويرغبهم في ذلك (وثانيها) أنه  كان يقيم الصلاة على أحسن وجه        بشروطها وأركانها وواجباتها وسننها وخشوعها ويصبر على ذلك بل ويزداد من صلاة النافلة فكان يصلي منها حتى تتورم قدماه شكراً لله  (وثالثها) أن طلبه  للرزق لم يكن أبداً سبباً في إشغاله عن الصلاة أو عن واجبات النبوة والدعوة إلى الله  والجهاد في سبيل الله  ...الخ (ورابعها) أنه كان من المتقين, بل الأتقى لله  فله العاقبة في الآخرة, قال : (أما والله إني لأتقاكم لله)([135]).
    ورسول الله  علم أمته الصلاة عملياً فقال : (صلوا كما رأيتموني أصلي) ([136]) , وعلمها علمياً في أحاديث كثيرة عن شروط الصلاة , وأركان الصلاة , وواجبات الصلاة , وسنن الصلاة, والخشوع في الصلاة , وحكم الصلاة , وثواب وفضل الصلاة , وعقاب تضييع وترك الصلاة ...الخ , وقد ورد بعض هذه الأحاديث في هذا البحث, وكتب السنة والأحاديث مملوءة بهذه الأحاديث ومفصلة تحت عناوين الكتب مثل : (كتاب الصلاة) وأبواب متفرعة عن هذه الكتب .
    وسأكتفي في هذا المقام بذكر ثلاثة أحاديث مباركة منها :
    1-              قال النبي  : (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين , واضربوهم عليها وهم أبناء عشر , وفرقوا بينهم في المضاجع) ([137]) , فالحديث الشريف دل على أن النبي  كان حريصاً على أن تقيم أمته الصلاة , بل وأن يقيم أطفال أمته الصلاة قبل البلوغ والتكليف .
    2-              قال النبي  : (لتنقضن عُرى الإسلام عروة عروة , فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها , أولهن نقضاً الحكم , وآخرهن الصلاة) ([138]) , فالحديث الشريف دل على أن آخر ما يتمسك به من الدين الصلاة فإن ضاعت ضاع الدين كله , أي : من لا صلاة له لا دين له .
    3-              آخر وصية وصى بها النبي  أمته قبيل أن يلحق بالرفيق الأعلى عند مفارقته الدنيا , فعن علي بن أبي طالب قال : كان آخر كلام النبي  : (الصلاة الصلاة , وما ملكت أيمانكم)([139]) .
    المبحث الرابع
    الثواب والعقاب والصلاة

    المطلب الأول : ثواب إقامة الصلاة :

    إن المؤمن الذي يقيم الصلاة بشروطها وأركانها وسننها وخشوعها , ويداوم على ذلك , حتى يلقى الله  , فإنه سيجني ثمار ذلك في الدنيا والآخرة , وتفصيل ذلك كما يلي :

    أولاً : ثواب وثمرات إقامة الصلاة في الدنيا :
    1-         النجاة من كيد وصفات الشياطين والكفار والمنافقين : الصلاة نجاة من كيد الشيطان لقوله  : [إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ] {المائدة:91} , ونجاة من كيد الكافرين , لقوله  : [وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا] {المائدة:58}، ونجاة من صفات المنافقين , لقوله  : [وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى] {التوبة:54} .
    2-         النجاة من صفة الهلع والجزع والبخل : يدل على ذلك قول الله  : [إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا المُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ] {المعارج:19-23} , قال الطبري : "والهلع : شدة الجزع مع شدة الحرص والضجر"([140]), قال الجزائري : "ثم ذكر تعالى ما يعالج به ... هذا المرض الخطير المسمى بالهلع والذي لا يعالج إلا بما وصف تعالى في قوله إلا إدامة الصلاة بالمواظبة عليها..."([141]).
    3-         تحقيق عقيدة الولاء والبراء : يدل على ذلك قول الله  : [إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ] {المائدة:55} , وقوله : [وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ] {التوبة:71}, فالصلاة سبب مباشر ومهم في تحقيق عقيدة الولاء لله  ولرسوله  وللمؤمنين ، والبراء من الكفر والكافرين .
    4-         تحقيق صفة الإيمان : يدل على ذلك قول الله  : [الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقًّا ...] {الأنفال:3-4} , فالإيمان يزيد بالطاعات وفي مقدمتها إقامة الصلاة , وينقص بالمعاصي وفي مقدمتها التقصير في الصلاة .
    5-         تحصيل نصر الله : يدل على ذلك قول الله  : [إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الغَالِبُونَ] {المائدة:55-56} .
    6-         التمكين في الأرض : إن إقامة الصلاة هو معلم أو علامة التمكين في الأرض , لقول الله  : [الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنْكَرِ] {الحج:41} .
    7-         تحقيق صفة العبودية : يدل على ذلك قول الله  : [وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ] {الأنبياء:73} , فالصلاة أشهر وأظهر وأكبر عنوان لعبادة الله  .
    8-         تحقيق صفة العزم : يدل على ذلك قول الله  -كما ذكر عن لقمان- : [يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ المُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ] {لقمان:17} , فقول [إِنَّ ذَلِكَ] يرجع إلى إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر كما ذهب المفسرون ([142]) .
    9-         تزكية الأنفس : يدل على ذلك قول الله  : [إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللهِ المَصِيرُ] {فاطر:18} , فالآية الكريمة تدل على أن إقامة الصلاة تزكي النفس وتطهرها , قال النسفي في معنى الآية : "[ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ] في مواقيتها [وَمَنْ تَزَكَّى] تطهر بفعل الطاعات وترك المعاصي [فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ] وهو اعتراض مؤكد لخشيتهم وإقامتهم الصلاة لأنهما من جملة التزكي" ([143]) .
    10-            تحقيق صفة الإخبات : يدل على ذلك قول الله  : [وَبَشِّرِ المُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ] {الحج:34-35} , المخبتون هم : الخاضعون لله بالطاعة , المذعنون له بالعبودية , المنيبون إليه بالتوبة ([144]) , المتواضعون الخاشعون ([145]) , وقد ذكر المفسرون أن صفات وعلامات المخبتين هي ما ذكر في الآيات ومنها إقامة الصلاة ([146]) , مما يدل على أن إقامة الصلاة مما يحقق صفة الإخبات .
    11-             تحقيق صفات البر والتقوى والصدق : يدل على ذلك قول الله  : [ذَلِكَ الكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ] {البقرة:2-3} , وقوله : [وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ وَالمَلَائِكَةِ وَالكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي البَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ البَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ] {البقرة:177} .
    12-             جلب الرزق : يدل على ذلك قول الله  : [فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ] {الجمعة:10} , يقول ابن قيم الجوزية : " والصلاة مجلبة للرزق ..." ([147]) .
    13-             النهي عن الفحشاء والمنكر : يدل على ذلك قول الله  : [وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ] {العنكبوت:45} , قال ابن كثير : "يعني : أن الصلاة تشتمل على شيئين , على ترك الفواحش والمنكرات , أي : إن مواظبتها تحملُ على ترك ذلك" ([148]) .
    يحسن ختم ثواب إقامة الصلاة في الدنيا بقول ابن القيم الجوزية : "والصلاة مجلبة للرزق, حافظة للصحة , دافعة للأذى , مطردة للأدواء , مقوية للقلوب , مبيضة للوجوه , مفرحة للنفس , مذهبة للكسل , منشطة للجوارح , ممدة للقوى , شارحة للصدر , مغذية للروح , منورة للقلب , حافظة للنعمة , رافعة للنقمة , جالبة للبركة , مبعدة من الشيطان , مقربة من الرحمن , وبالجملة : فلها تأثيــــــــــر عجيب في حفظ صحة البدن والقلب , وقواهما , ودفع المواد الرديئة عنهما , وما ابتلى رجلان بعاهــــــــة أو داهيـــــــــــة أو داء أو محنــــــــــة أو بلية إلا كان حظ المصلي أقل وعاقبته أسلم"([149]).
    ثانياً : ثواب إقامة الصلاة في الآخرة :
    إن الله  يحفظ على المؤمنين أعمالهم الصالحة , فلا يضيع ثوابها , قال تعالى : [فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ]                          {آل عمران:195} , والصلاة في مقدمة الأعمال الصالحة المحفوظة عند الله  , وقال تعالى : [وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ المُصْلِحِينَ] {الأعراف:170} , وإقامة الصلاة حتى الموت سبب كبير في تحصيل الأجر العظيم عند الله  , وعدم الخوف من القادم, وعدم الحزن على الفائت , لقوله تعالى : [إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ] {البقرة:277} , والمقيمون للصلاة شهد الحق في القرآن أنهم مهديون ومفلحون وذلك قوله  : [الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ]      {لقمان:4-5} , بل ومبشرون بالثواب العظيم الكريم لقوله  : [وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ] {يونس:87} .
    وسأبين الحديث بإيجاز عن هذا الثواب كما يلي :
    أ- مغفرة الذنوب : يدل على ذلك قول الله  : [وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ] {هود:114} , وقول نبيه  : (الصلوات الخمس, والجمعة إلى الجمعة , كفارة لما بينهن , ما لم تغش الكبائر) ([150]) .
    ذهب كثير من المفسرين كابن عباس  ومجاهد ومحمد القرظي إلى أن المراد        بـ [الحَسَنَاتِ] الصلوات الخمس ([151]) , والمعنى : أي أن الصلوات الخمس المكتوبة يكفر ويمحوا الله  بهن الذنوب والسيئات والمعاصي خلا الكبائر .
    قال السمرقندي : "[ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ] يعني : الصلوات الخمس يكفرن السيئات فيما دون الكبائر , [ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ] يعني : الصلوات الخمس توبة للتائبين"([152]) .
    ب- النجاة من النار : يدل على ذلك قول الله  : [إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ] {البقرة:277} , وقول نبيه  عن الصلاة : (من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة , ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نورٌ ولا برهان ولا نجاةٌ , وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبيّ بن خلف) ([153]) .
    قوله  [لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ] قال ابن عباس  في معناه : "لا خوفٌ عليهم فيما يستقبل من أحوال القيامة" ([154]) , وقال القاسمي : "ولا خوف عليهم يوم الفزع الأكبر" ([155]) .
    (قلت) : الآية الكريمة تقرر أن الذي جمع بين الإيمان والأعمال الصالحة وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة لا خوف عليهم يوم القيامة من كل عذاب خاصة عذاب النار , ويبرز هنا دور الصلاة في ذلك بأربعة أشياء (أولها) الإشارة إليها متضمنة في الأعمال الصالحة فهي أهمها (وثانيها) التصريح بذكرها (وثالثها) ذكرها والزكاة فقط من الأعمال الصالحة الكثيرة (ورابعها) تقديمها بالذكر على الزكاة .
    ج- دخول الجنة : يدل على ذلك قول الله  : [إِلَّا المُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ... ]إلى قوله[ : أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ] {المعارج: 22-35} , فقد ذكرت الآيات الكريمة ثمانية خصال تمثل أسباباً لدخول الجنة والإكرام فيها , وفي مقدمتها إدامة الصلاة والمحافظة عليها حيث ذكرت مرتين وبصيغتين وأول الخصال وآخرها .
    قال المفسرون في معنى الآيات : أي هؤلاء الذين يفعلون هذه الأفعال , والموصوفون بتلك الأوصاف , في بساتين يكرمهم الله  بأنواع الكرامات والملاذ والمسار ([156]) , (قلت) : أولئك يكرمون في الجنات , والمكرم لهم رب العالمين , فهل يستطيع أن يتخيل ويتصور المؤمن ذلك الإكرام في تلك الجنات ؟ كلا , قال النبي  : (قال الله تعالى : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت , ولا أذن سمعت , ولا خطر على قلب بشر , اقرءوا إن شئتم [فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا
    أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ] {السجدة:17} ) ([157]) .
    ويدل ذلك – أيضاً- قول الله  : [قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * ... ] إلى قوله [ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ] {المؤمنون:1-11} , فقد ذكرت الآيات الكريمة ثمانية صفات حميدة وأفعال رشيدة تمثل أسباباً لوراثة الفردوس وهو أفضل الجنة , وفي مقدمتها الصلاة والخشوع فيها , والمحافظة عليها, حيث ذكرت مرتين وبصيغتين وأول الخصال وآخرها , قال النبي  : (... فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس , فإنه أوسط الجنة , وأعلى الجنة , وفوقه عرش الرحمن , ومنه تفجر الأنهار) ([158]) .
    ويدل على ذلك أيضاً قول الله  : [وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا...] {الرعد:22-23} , فقد ذكرت الآيات الكريمة أربع خصال حميدة تمثل أسباباً في وراثة جنات عدن , ومن ضمنها إقامة الصلاة , قال السعدي : "[أولَئِكَ] الذين وصفت صفاتهم الجليلة ومناقبهم الجميلة [لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ] فسرها بقوله : [جَنَّاتُ عَدْنٍ] أي : إقامة لا يزولون عنها , ولا يبغون عنها حولا , لأنهم لا يرون فوقها غاية , لما اشتملت عليه من النعيم والسرور, الذي تنتهي إليه المطالب والغايات" ([159]) , وقال الشوكاني : "والعدن أصله الإقامة , ثم صار علماً لجنة من الجنان" ([160]) .
    د- رضا الله : يدل على ذلك قول الله  : [وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا] {مريم:54-55} , فقد ذكرت الآيات الكريمة ثلاثة خصال حميدة تمثل أسباباً لرضى الله  عن صاحبها , والصلاة وأمر الأهل بها أحدها , وفي معنى [وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا] قال طنطاوي : "ولا شك أن من جمع هذه المناقب كان ممن رضي الله عنهم ورضوا عنه" ([161]) , وقال الجزائري : "[ مَرْضِيًّا] : أي رضي الله تعالى قوله وعمله ليقينه وإخلاصه" ([162]) , وقال السعدي : "وذلك بسبب امتثاله لمراضي ربه واجتهاده فيما يرضيه , ارتضاه الله وجعله من خواص عباده وأوليائه المقربين فرضي الله عنه , ورضي عن ربه" ([163]) , وبذلك يتبين أن إقامة الصلاة وأمر الأهل بها من أقوى الأسباب لتحصيل رضوان الله  على العبد المصلي .
    ويدل على ذلك أيضاً قول الله  : [إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ البَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ] {البيِّنة:7-8} , فالآيات الكريمة بينت أن الإيمان والأعمال الصالحة أهم أسباب تحصيل رضوان الله  , ومما لا شك فيه أن الصلاة في مقدمة الأعمال الصالحة , قال النبي  : (إن الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة ؟ فيقولون : لبيك ربنا وسعديك , فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك , فيقول : أنا أعطيكم أفضل من ذلك , قالوا : يا رب , وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً) ([164]) .
    فهذا الثواب العظيم في الدنيا والآخرة للمصلين ليدل على فضل الصلاة وأهميتها .

    المطلب الثاني : عقاب مضيع الصلاة :

    إن المسلم الذي لا يصلي , أو الذي يصلي صلوات ويترك أخرى , أو يصلي الصلوات أو بعضها في أوقات الصلوات الأخرى , أو لا يأتي بشروط وفرائض الصلاة كالنية والاطمئنان ... الخ معرضٌ للعقاب في الدنيا والبرزخ والآخرة , والتفصيل كما يلي :
    أولاً : عقاب مضيع الصلاة في الدنيا :
    1-              الحرمان من ثواب وثمرات إقامة الصلاة في الدنيا : إن تضييع الصلاة يحرم مضيعها من ثواب عظيم وثمرات كثيرة مترتبة على إقامة الصلاة , سبق تفصيلها في أول المطلب السابق, مما أغنى عن تكرارها هنا , إذ إن مفهوم المخالفة يدل على ذلك , وقد بلغت بضع عشرة ثمرة , كتحقيق عقيدة الولاء , وصفة الإيمان , وتحصيل نصر الله  ... الخ .
    2-              ارتكاب كبيرة والسجن والقتل : إن تارك الصلاة يكون مرتكباً لكبيرة من أكبر الكبائر عند الله  , ويحبس عند مالك والشافعي رحمهما الله ثلاثة أيام فإن تاب وصلى خلي سبيله , وإن أصر قتل حداً , وعند أبي حنيفة يحبس أبداً حتى يصلي , وهذا قد سبق تفصيله في مطلب (حكم الصلاة) مما أغنى عن تكراره هنا .
    3-              المعيشة الضنكة : يدل على ذلك قول الله  : [وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا] {طه:124} , ومن المعلوم أن أعظم ما يذكر الله  به وفيه الصلاة , قال تعالى : [وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي] {طه:14} , قال الطبري : "[وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي] الذي أذكره به فتولى عنه ولم يقبله ولم يستجب له , ولم يتعظ  به فينزجر عما هو عليه مقيم من خلاف أمر ربه ... فإن له معيشة ضيقة , والضنك من المنازل والأماكن والمعايش : الشديد ..."([165]), وقال ابن كثير : [فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا] أي : في الدنيا , فلا طمأنينة له , ولا انشراح لصدره , بل صدره ضيق حرج لضلاله , وإن تنعم ظاهره , ولبس ما شاء , وسكن حيث شاء ... فهو في قلق وحيرة وشك ... فهذا من ضنك المعيشة" ([166]) .
    ومما يدل على ذلك قول النبي  عن الصلاة : (... ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور , ولا برهان , ولا نجاة ...) ([167]) , أي الذي يضيع الصلاة ليس له نور يضيء طريقه وحياته, وليس له برهان يدل على استقامته وإيمانه , وإن أوتي من الدنيا ما أوتي , والله أعلم .
    ثانياً : عقاب مضيع الصلاة في البرزخ :
    إن عذاب القبر ثابتٌ بالقرآن لقوله  : [النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا] {غافر:46} , وبالسنة لما روى أن رسول الله  مر على قبرين , فقال : (إنهما ليعذبان , وما يعذبان في كبير : أما هذا فكان لا يستتر من بوله، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة) ([168]) , فالحديث يدل - من باب أولى - على أن يعذب مضيع الصلاة في قبره , لأن ترك الصلاة لا يقل عن هاتين الكبيرتين بل هو أكبر منهما , والله تعالى أعلم .
    ومما يدل على عذاب مضيعي الصلاة في البرزخ , ما رواه البزار بسنده عن أبي هريرة  قال : (ثم أتى , ] يعني النبي  [ على قوم ترضخ ([169]) رؤوسهم بالصخر , فكلما رضخت عادت كما كانت , ولا يفتر عنهم من ذلك شيء , قال : يا جبريل من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الذين تثاقلت رؤوسهم عن الصلاة ...) ([170]) , فذكر الحديث في قصة الإسراء وفرض الصلاة .
    ثالثاً : عقاب مضيع الصلاة في الآخرة :
    إن من ضيع الصلاة في دنياه , ومات بلا توبة من ذلك , معرض لعذاب وبيل ووخيم وعظيم يوم القيامة , بعد النفخ الثاني في الصور .
    ومن هذا العذاب أنه يحشر يوم القيامة مع رؤوس الكفر الأربعة في الدنيا , لما روى     عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي  أنه ذكر الصلاة يوماً , فقال : (من حافظ عليها كانت له نوراً , وبرهاناً , ونجاة يوم القيامة , ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور , ولا برهان , ولا نجاة , وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف) ([171]) , قال ابن القيم : " إن تارك المحافظة على الصلاة إما أن يشغله ماله أو ملكه أو رياسته أو تجارته , فمن شغله عنها ماله فهــــــو مع قارون , ومن شغله عنهــــــا ملكـــــــه فهــــــو مع فرعون , ومن شغله عنها
    رياسته ووزارته فهو مع هامان , ومن شغله عنها تجارته فهو مع أبي بن خلف" ([172]) .
    ثم يحاسبه الله  وهو ساخط عليه , لقوله  : (من ترك صلاة لقي الله وهو عليه غضبان) ([173]) .
    وأول ما يسأله الله  عن الصلاة , لقوله  : (أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة , فإن صلحت صلح سائر عمله , وإن فسدت فسد سائر عمله) ([174]) .
    ومضيع وتارك الصلاة معرض بعد ذلك لعذاب الله الأكبر , للأدلة الآتية :
    1-              قال الله  : [فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ] {الماعون : 4-5} , قال      ابن كثير في المراد من الآية : "... ثم هم عنها ساهون , إما عن فعلها بالكلية كما قال    ابن عباس , وإما عن فعلها في الوقت المقدر لها شرعاً , فيخرجها عن وقتها بالكلية , كما قال مسروق وأبو الضحى" ([175]) , وقال الماوردي : "وفي الويل ستة أقاويل : أحدها : أنه العذاب , قاله ابن عباس , والثاني : أنه التقبيح , وهو قول الأصمعي ... والثالث : أنه الحزن , قاله المفضل , والرابع : أنه الخزي والهوان , والخامس : أن الويل واد في جهنم , وهذا قول أبي سعيد الخدري , والسادس : أنه جبل في النار , وهو عثمان بن عفان" ([176]) , وهذا أكثره اختلاف تنوع لا تضاد , أو هو جمع بين المعاني اللغوية والتفسير المأثور ,    والله أعلم .
    2-              قال الله  : [فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا] {مريم:59} , فلفظ [فَخَلَفَ] عام شامل , "فكل خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات يدخلون في الذم والوعيد المذكور في هذه الآية" ([177]) , والمراد بإضاعة الصلاة ثلاثة أقوال (أولها) تركها (وثانيها) تأخيرها عن أوقاتها (وثالثها) الإخلال بشروطها ([178]) , والمراد بالغي: "فيه خمسة أقاويل : أحدها : أنه واد في جهنم , قالته عائشة وابن مسعود , الثاني : أنه الخسران, قاله ابن عباس , الثالث : أنه الشر , قاله ابن زيد , الرابع : الضلال عن الجنة , الخامس : الخيبة" ([179]) , وهذه المعاني كلها تنطبق على مضيع الصلاة , فالاختلاف بينها
    اختلاف تنوع لا تضاد , وهي جمع بين التفسير بالمأثور والتفسير اللغوي , والله أعلم .
    3-              قال الله  : [إِلَّا أَصْحَابَ اليَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ المُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ المِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا اليَقِينُ] {المدَّثر : 39-47} , فالآيات الكريمة تدل على أن المجرمين الكفار والملاحدة سيدخلون سقر ويخلدون فيها يوم القيامة للأسباب الأربعة المذكورة في الآيات , والمسلم الذي مات وفيه خصلة ترك الصلاة ومات مؤمناً بلا توبة من ترك الصلاة ,       ولم تدركه شفاعة الشافعين , ولا رحمة رب العالمين , فهو قد يُدخل صقر كما دلت الآية , وفي هذه الحالة يكون مكثه فيها مؤقتاً , لأن الله  حرم على النار أن يخلد فيها موحد , ومما يعزز ذلك الدليلان السابقان , والله أعلم .
    فهذا العقاب الوبيل والعظيم في الدنيا والآخرة لمضيع الصلاة ليدل على عظم منزلتها عند الله  .
    ويحسن أن نختم المبحث الرابع بهذه الحقيقة كما يراها الباحث :
    إن المؤمن العارف بالله  , الصلاة المكتوبة أغلى عليه من نفسه , وأهله وأقاربه وأحبابه , وماله ومنصبه , لأن كل هؤلاء يتخلون عنه , وصلاته لا تتخلى عنه أبداً.
    فأما نفسه ففي الدنيا ستلقى في التراب ويأكلها الدود ولا يبقى منها إلا عجب الذنب لقول النبي : (كل ابن آدم يأكله التراب، إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب) ([180]), وأما في الآخرة إن حكم عليها بالنار فسيتمنى لو كان نسياً منسياً , أو كان تراباً , [وَيَقُولُ الكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا] {النَّبأ:40} .
    وأما أهله وأقاربه وأحبائه فهم من سيضعونه في قبره ويهيلون عليه التراب ويغادرونه وحيداً ويعودون إلى ممارسة حياتهم , وأما في الآخرة , فكما قال  عنهم : [يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ] {عبس : 34-37} .
    وأما ماله ومنصبه فكما خرج من بطن أمه من ظلمات ثلاث إلى نور الدنيا حافياً عارياً غرلاً بلا مال ولا منصب , فكذلك سيخرج من الدنيا حافياً عارياً بلا مال ولا منصب وإلى ظلمات ثلاث (الكفن واللحد والقبر), وأما في الآخرة كما قال النبي  : (يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً ([181])) ([182]) ، وكما قال الله  حكاية عنه : [مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ]           {الحاقَّة : 28-29} .

    الخاتمة

    أولاً : أهم النتائج :
    1-              إن الصلاة المكتوبة أول عبادة فرضها الله  على نبيه  وأمته في السماء ليلة الإسراء والمعراج بلا واسطة الوحي جبريل  .
    2-              إن الصلاة المكتوبة أفضل العبادات الفعلية على الإطلاق .
    3-              الصلاة المكتوبة هي : صلوات خمس , تؤدى بركعات معدودة , وفرائض وشروط معلومة , تبدأ بالتكبير وتنتهي بالتسليم , وكمالها الإتيان بسننها وخشوعها .
    4-              عبر القرآن عن الصلاة بالإقامة والمحافظة والمداومة لإفادة الاستمرارية عليها حتى الموت, ضمن تعريفها السابق .
    5-              إن حكم الصلاة , ومفهومها , وشروطها , وفرائضها , وسننها , وخشوعها , يدل على فضلها وأهميتها وتميزها .
    6-              اهتم القرآن الكريم اهتماماً بالغاً بالصلاة , فذكرها في آيات كثيرة , بألفاظ وصيغ متنوعة , وبموضوعات كثيرة متنوعة ومختلفة , وربط بينها وبين العقيدة والشريعة الإسلامية .
    7-              كان اهتمام الأنبياء عليهم السلام بالصلاة اهتماماً كبيراً وعظيماً .
    8-              إن إقامة الصلاة لها ثواب حسن عظيم دنيا وآخره , وإن تضييع الصلاة له عقاب وخيم ووبيل دنيا وآخرة .
    9-              إن إقامة الصلاة أغلى على المؤمن العارف بربه من نفسه , وأهله وأحبابه , وماله ومنصبه ... الخ .
    ثانياً : أهم التوصيات :
    1-              أوصي كل مسلم أن يقيم الصلاة المكتوبة ويحافظ عليها بشروطها وواجباتها وسننها وخشوعها حتى يأتيه اليقين .
    2-              أوصي الباحثين والدعاة بالإكثار من تنبيه الناس عن الصلاة المكتوبة في مؤلفاتهم ومحاضراتهم وخطبهم ودروسهم .
    3-              أوصي أولي الأمر من المسلمين بإقامة الصلاة في الأرض والدعوة إليها وبناء المساجد لها, لقوله تعالى : [الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ] {الحج:41} .
    وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


    فهرس المصادر والمراجع

    1-             الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان , لمحمد بن حبان بن أحمد ... التميمي أبو حاتم الدارمي البستي (المتوفى : 354هـ) , ترتيب : الأمير علاء الدين الفارسي (المتوفى : 739هـ) تحقيق : شعيب الأرنؤوط, ط1 (1408هـ-1988م) , مؤسسة الرسالة – بيروت.
    2-             الاختيار لتعليل المختار , لعبد الله بن محمود بن مودود الموصلي البلدحي , مجد الدين أبو الفضل الحنفي , (المتوفى : 683هـ) , ط (1356هـ-1937م) , مطبعة الحلبي .
    3-             إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم , لأبي السعود العمادي محمد بن محمد بن مصطفى   (المتوفى : 982هـ) , دار إحياء التراث العربي .
    4-             الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى: 463هـ) تحقيق: علي محمد البجاوي، ط1 (1412هـ-1992م) دار الجيل، بيروت.
    5-             إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد , لصالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان , ط3 (1423هـ-2002م) , مؤسسة الرسالة .
    6-             الأعلام، لخير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس الزركلي الدمشقي (المتوفى: 1396هـ) ط15 (2002م) دار العلم للملايين.
    7-             أنوار التنزيل وأسرار التأويل , لناصر الدين أبو سعيد عبد الله عبن عمر بن محمد الشيرازي البيضاوي (المتوفى : 685هـ) , تحقيق : محمد المرعشلي , ط1 (1418هـ) , دار إحياء التراث العربي – بيروت .
    8-             أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير , لجابر بن موسى بن عبد القادر أبو بكر الجزائري , ط5    (1424هـ-2003م) , مكتبة العلوم والحكم – المدينة المنورة .
    9-             بحر العلوم , لأبي الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي (المتوفى : 373هـ) .
    10-         التسهيل لعلوم التنزيل , لأبي القاسم , محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن جزي الكلبي الغرناطي (المتوفى : 741هـ) , تحقيق : د. عبد الله الخالدي , ط1 (1416هـ) , دار الأرقم بن أبي الأرقم – بيروت .
    11-         تفسير الراغب الأصفهاني , لأبي القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني (ت:502هـ) , تحقيق : محمد بسيوني , ط1 (1420هـ-1999م) , كلية الآداب – جامعة طنطا .
    12-         تفسير الشعراوي – الخواطر , لمحمد متولي الشعراوي (المتوفى : 1418هـ) , الناشر : مطابع أخبار اليوم .
    13-         تفسير القرآن العظيم , لأبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي , (المتوفى : 774هـ), تحقيق : سامي بن محمد سلامة , ط2 (1420هـ-1999م) , دار طيبة .
    14-         تفسير المراغي , لأحمد بن مصطفى المراغي (المتوفى : 1371هـ) ط1 (1365هـ-1946م) , شركة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر .
    15-         التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج , د. وهبة بن مصطفى الزحيلي , ط2 (1418هـ) , دار الفكر المعاصر – دمشق .
    16-         التفسير الوسيط للقرآن الكريم , لمحمد سيد طنطاوي , ط1 , دار نهضة مصر – القاهرة .
    17-         تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان , لعبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي        (المتوفى : 3176هـ) , تحقيق : عبد الرحمن اللويحق , ط1 (1420هـ-2000م) , مؤسسة الرسالة .
    18-         جامع البيان في تأويل القرآن , لمحمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي ,     أبو جعفر الطبري (المتوفى : 310هـ) , تحقيق : أحمد محمد شاكر , ط1 (1420هـ-2000م) , مؤسسة الرسالة .
    19-         الجامع لأحكام القرآن , لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر فرج الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى : 671هـ) , تحقيق : أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش , ط2 (1384هـ-1964م) , دار الكتب المصرية – القاهرة .
    20-         روائع البيان تفسير آيات الأحكام , لمحمد علي الصابوني , ط3 (1400هـ-1980م) , مكتبة الغزالي – دمشق , مؤسسة مناهل العرفان – بيروت .
    21-         روائع التفسير (الجامع لتفسير الإمام ابن رجب الحنبلي) لزين الدين عبد الرحمن بن أحمد ابن رجب بن الحسن السلامي البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي (المتوفى : 795هـ) , جمع وترتيب : أبو معاذ طارق بن عوض الله بن محمد , ط1 (1422هـ-2001م) , دار العاصمة – السعودية .
    22-         زاد المسير في علم التفسير , لجمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى : 597هـ) تحقيق : عبد الرؤوف الهندي , ط1 (1422هـ) , دار الكتاب العربي – بيروت .
    23-         زاد المعاد في هدى خير العباد , لابن قيم الجوزية , ط27 (1415هـ-1994م) مؤسسة الرسالة – بيروت, مكتبة المنار الإسلامية – الكويت .
    24-         سنن ابن ماجة , لابن ماجة أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني (المتوفى : 273هـ) , تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي , دار إحياء الكتب العربية .
    25-         سنن أبي داود , لأبي داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السجستاني (المتوفى : 275هـ) , تحقيق : محمد محي الدين عبد الحميد , المكتبة العصرية , صيدا – بيروت .
    26-         سنن الترمذي , لمحمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك الترمذي أبو عيسى             (المتوفى : 279هـ) , تحقيق : أحمد شاكر ومحمد فؤاد عبد الباقي وإبراهيم عوض , ط2       (1395هـ-1975م) , شركة مصطفى البابي الحلبي – مصر .
    27-         سنن الدارقطني , لعلي بن عمر أبو الحسن الدارقطني البغدادي , تحقيق : السيد عبد الله المدني ,      ط (1386هـ-1966م) , دار المعرفة – بيروت .
    28-         سنن الدارمي , لعبد الله بن عبد الرحمن أبو محمد الدارمي , تحقيق : فواز أحمد زمرلي , خالد السبع العلمي , ط1 (1407هـ) , دار الكتاب العربي – بيروت .
    29-         السنن الصغرى للنسائي , لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الخراساني , النسائي        (المتوفى : 303هـ) , تحقيق : عبد الفتاح أبو غدة , ط2 (1406هـ-1986م) , مكتب المطبوعات الإسلامية – حلب .
    30-         السنن الكبرى , لأحمد بن الحسين بن علي بن موسى ... أبو بكر البيهقي (المتوفى : 458هـ) , تحقيق: محمد عبد القادر عطا , ط3 (1424هـ-2003م) , دار الكتب العلمية , بيروت – لبنان .
    31-         سير أعلام النبلاء، لشمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، (المتوفى: 748هـ) تحقيق: مجموعة من المحققين بإشراف شعيب الأناؤوط، ط3 (1405هـ-1985م) مؤسسة الرسالة.
    32-         شرح رياض الصالحين , لمحمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى : 1421هـ) , ط1 (1426هـ) , دار الوطن , الرياض .
    33-         شرح فتح المجيد , لعبد الله بن محمد الغنيمان , مصدر الكتاب : دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية , الكتاب مرقم آلياً في المكتبة الشاملة .
    34-         صحيح البخاري , لمحمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي , تحقيق : محمد زهير الناصر , ط1 (1422هـ) , دار طوق النجاة .
    35-         صحيح مسلم , لمسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري (المتوفى : 261هـ) , تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي , دار إحياء التراث العربي .
    36-         صفوة التفاسير , لمحمد علي الصابوني , ط1 (1417هـ-1997م) , دار الصابوني – القاهرة .
    37-         الصلاة وأحكام تاركها , لمحمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (المتوفى : 751هـ) , مكتبة الثقافة بالمدينة المنورة .
    38-         طبقات المفسرين، لمحمد بن علي بن أحمد شمس الدين الداوودي المالكي (المتوفى: 945هـ) ط (لا يوجد) دار الكتب العلمية – بيروت .
    39-         فتح الباري شرح صحيح البخاري , لزين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن السلامي البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي (المتوفى : 795هـ) تحقيق : محمود عبد المقصود وآخرون , ط1 (1417هـ-1996م) , مكتب تحقيق الحرمين – القاهرة .
    40-         فتح القدير , لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني (المتوفى : 1250هـ) , ط1 (1414هـ) , دار ابن كثير , دار الكلم الطيب , دمشق – بيروت .
    41-         فقه السنة , لسيد سابق , ط1 (1397هـ-1977م) , دار الفكر , بيروت –لبنان .
    42-         الفقه على المذاهب الأربعة , لعبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري (المتوفى : 1360هـ), ط2 (1424هـ-2003م) .
    43-         في ظلال القرآن , لسيد قطب إبراهيم حسين الشاربي , (المتوفى : 1385هـ) , ط17 (1412هـ) دار الشروق , بيروت – القاهرة .
    44-         لسان العرب ، لابن منظور ، ط (1423هـ-2003م) دار الحديث – القاهرة .
    45-         محاسن التأويل , لمحمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق القاسمي (المتوفى : 1332هـ) , تحقيق : محمد باسل عيون السود , ط1 (1418هـ) دار الكتب العلمية – بيروت .
    46-         المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز , لأبي محمد عبد الحق بن غالب ... بن عطية الأندلسي المحاربي (المتوفى : 542هـ) , تحقيق : عبد السلام عبد الشافي محمد , ط1 (1422هـ) دار الكتب العلمية – بيروت .
    47-         مختار الصحاح , لمحمد بن أبي بكر عبد القادر الرازي , ترتيب : محمد خاطر بك , تحقيق لجنـة من علماء العربية , ط (1393هـ-1973م) دار الفكر , بيروت – لبنان .
    48-         مدارك التنزيل وحقائق التأويل , لأبي البركات عبد الله بن أحمد بن محمود حافظ الدين النسفي     (المتوفى : 710هـ) تحقيق : يوسف علي بديوي , ط 1 (1419هـ-1998م) , دار الكلم الطيب – بيروت .
    49-         المستدرك على الصحيحين , لأبي عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله بن محمد ... النيسابوري     (المتوفى : 405هـ) , تحقيق : مصطفى عبد القادر عطا , ط1 (1411هـ-1990م) , دار الكتب العلمية – بيروت .
    50-         مسند الإمام أحمد بن حنبل , لأبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني    (المتوفى : 241هـ) , تحقيق : شعيب الأرنؤوط وآخرون , إشراف : د. عبد الله التركي , ط1 (1421هـ-2001م) مؤسسة الرسالة .
    51-         مسند البزار المنشور باسم (البحر الزخار) لأبي بكر أحمد بن عمرو ... المعروف بالبزار         (المتوفى : 292هـ) , تحقيق : محفوظ زين الله وآخرون , ط1 (بدأت 1988 وانتهت 2009م) .
    52-         مسند عقبة بن عامر , لزين الدين أبو العدل قاسم بن قطلوبغا السودوني الجمالي الحنفي          (المتوفى : 879هـ) , الكتاب مرقم آلياً في المكتبة الشاملة .
    53-         المعجم الأوسط , لسليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي أبو القاسم الطبراني,       (المتوفى : 360هـ) , تحقيق : طارق محمد , عبد المحسن الحسيني , دار الحرمين – القاهرة .
    54-         المعجم الكبير للطبراني , لسليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي , أبو القاسم الطبراني (المتوفى : 360هـ) , تحقيق : فريق من الباحثين , بإشراف : د. سعد الحميد , د. خالد الجريسي .
    55-         المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم , وضعه محمد فؤاد عبد الباقي , ط (1407هـ-1987م) ,      دار الفكر .
    56-         معجم المقاييس في اللغة , لأبي الحسن أحمد بن فارس بن زكريا (المتوفى : 395هـ) , تحقيق :     شهاب الدين أبو عمرو , دار الفكر , ط2 (1418هـ-1998م) بيروت – لبنان .
    57-         المغني , لأبي محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي , الشهير بابن قدامة المقدسي (المتوفى : 620هـ) , مكتبة القاهرة .
    58-         مفاتيح الغيب (التفسير الكبير) , لأبي عبد الله بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب   بفخر الدين الرازي (المتوفى : 606هـ) , ط3 (1420هـ) دار إحياء التراث العربي – بيروت .
    59-         النشر في القراءات العشر , للحافظ أبي الخير محمد بن محمد الدمشقي (المتوفى : 833هـ) , تحقيق : علي محمد الضباع , دار الفكر .
    60-         نظم الدرر في تناسب الآيات والسور , لإبراهيم بن عمر بن حسن بن علي بن أبي بكر البقاعي   (المتوفى : 885هـ) , دار الكتاب الإسلامي – القاهرة .
    61-         النكت والعيون , لأبي الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري البغدادي , الشهير بالماوردي    (المتوفى : 450هـ) , تحقيق : السيد ابن عبد المقصود بن عبد الرحيم , دار الكتب العلمية , بيروت – لبنان .
    62-         النهاية في غريب الحديث والأثر , لمجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد ... الشيباني الجزري ابن الأثير (المتوفى : 606هـ) , تحقيق : طاهر الزاوي , ومحمود الطناحي , ط (1399هـ-1979م) , المكتبة العلمية – بيروت .

    -1-

    [1]() الجامع لأحكام القرآن 10/208 .
    [2]() انظر : جامع البيان 17/329 وما بعدها ، وتفسير القرآن العظيم 5/6 وما بعدها ، وبحر العلوم ، للسمرقندي 2/299 وما بعدها .
    [3]() تفسير القرآن العظيم 7/447 .
    [4]() صحيح مسلم ، ك 1 (الإيمان) ب 74 (الإسراء برسول الله  ...) 1/145 ، ح (162) .
    [5]() صحيح البخاري ، ك 8 (الصلاة) ب 1 (كيف فرضت الصلاة في الإسراء) 1/90 ، ح (349) .
    [6]() الجامع لأحكام القرآن 10/210 .
    [7]() فتح القدير 3/247 .
    [8]() انظر : الجامع لأحكام القرآن ، للقرطبي 10/210 .
    [9]() انظر : فقه السنة، لسيد سابق 1/277، 366، 527 .
    [10]() انظر : النكت والعيون ، للماوردي 1/267 .
    [11]() جامع البيان 4/256 .
    [12]() صحيح مسلم ، ك 1 (الإيمان) ب 1 (بيان الإسلام والإسلام والإحسان ...) 1/37 ، ح (8) .
    [13]() صحيح البخاري ، ك 2 (الإيمان) ب 1 (قول النبي  في الإسلام ...) 1/13 ، ح (8) .
    [14]() مسند أحمد (تتمة مسند الأنصار) 36/345 ، ح (22016) صححه شعيب الأرنؤوط .
    [15]() تفسير الشعراوي ، الخواطر 17/10326 .
    [16]() انظر : معجم مقاييس اللغة ، لابن فارس ص/ 573 ، ولسان العرب ، لابن منظور 5/386 ، 387 ، ومختار الصحاح ، للرازي ص/ 368 .
    [17]() مختار الصحاح ، ص/ 368 .
    [18]() معجم مقاييس اللغة ، ص/ 573 .
    [19]() لسان العرب 5/386 .
    [20]() إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد 1/165 .
    [21]() الاختيار لتعليل المختار 1/37 .
    [22]() الفقه على المذاهب الأربعة 1/160 .
    [23]() سيأتي تفصيل ذلك في مبحث (حكم وشروط وأركان الصلاة) .
    [24]() الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ، ك (الصلاة) 4/541 ، ح (1658) ، صححه شعيب الأرنؤوط .
    [25]() فتح القدير 3/464 .
    [26]() لم أقف على تخريجه إلا بنص مشابه وهو قول النبي  : (من توضأ فأحسن وضوءه وصلى ركعتين يقبل فيهما بقلبه لا يشغله شيء خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) مسند عقبة بن عامر ، لزين الدين السوري 1/233 .
    [27]() تفسير الراغب الأصفهاني 1/81 ، وانظر: محاسن التأويل، للقاسمي 1/244 .
    [28]() زاد المسير في علم التفسير 1/28 ، وانظر : النكت والعيون ، للماوردي 1/69 .
    [29]() تفسير الراغب الأصفهاني 1/81 .
    [30]() أنوار التنزيل وأسرار التأويل 1/38 .
    [31]() مدارك التنزيل وحقائق التأويل 1/41 .
    [32]() فتح القدير 1/42 .
    [33]() انظر : المحرر الوجيز ، لابن عطية 1/322 ، والجامع لأحكام القرآن ، للقرطبي 3/208 ، وإرشاد العقل السليم ، لأبي السعود 9/32 .
    [34]() الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ، ك (البر والإحسان) ، ب (ذكر الأخبار عما يجب على المراد من ترك الاتكال ...) 2/51 ، ح (339) ، حسنه شعيب الأرنؤوط .
    [35]() هو: عقبة بن عامر بن عبس بن مالك الجهني، أمير من الصحابة، ولي مصر سنة 44هـ، كان شجاعاً فقيهاً شاعراً قارئاً، وهو أحد من جمع القرآن، له خمس وخمسون حديثاً، توفي في القاهرة سنة 58هـ. انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لأبي عمر بن عبد البر القرطبي 3/1073، والأعلام، للزركلي 4/240.
    [36]() هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، رومي من موالي قريش، فقيه الحرم المكي، إمام أهل الحجاز في عصره، صاحب التصانيف والتفسير، كان ثبتاً ويدلس، ولد سنة 80هـ، وتوفي سنة 150هـ. انظر: طبقات المفسرين، للداوودي 1/358، والأعلام، للزركلي 4/160.
    [37]() انظر : زاد المسير ، لابن الجوزي 4/338 ، 339 ، والنكت والعيون ، للماوردي 6/95 .
    [38]() جامع البيان 23/611 .
    [39]() شرح فتح المجيد ، جزء ودرس 4/143 ، موقع الشبكة الإسلامية ، الكتاب مرقم آلياً .
    [40]() شرح رياض الصالحين 1/181 .
    [41]() فتح الباري شرح صحيح البخاري 6/375 .
    [42]() انظر : التفسير الوسيط للقرآن الكريم ، لمحمد سيد طنطاوي 3/292 ، وروائع التفسير ، لابن رجب الحنبلي 2/166 .
    [43]() التفسير الوسيط للقرآن الكريم 3/292 .
    [44]() في ظلال القرآن 1/69 .
    [45]() روائع البيان تفسير آيات الأحكام 2/586 .
    [46]() التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج 29/209 .
    [47]() زاد المعاد 4/204 ، 205 .
    [48]() صحيح مسلم ، ك 3 (الصلاة) ب 12 (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) 2/9 ، ح (807) .
    [49]() سنن أبي داود ، ك (الأدب) ب (في صلاة العتمة) 4/296 ، ح (4985) ، صححه الألباني .
    [50]() سنن النسائي ، ك 26 (عشرة النساء) ب (حب النساء) 7/61 ، ح (3939) ، قال الألباني : حسن صحيح .
    [51]() صحيح البخاري , ك2 (الإيمان) ب5 (قول النبي  بني الإسلام ...) 1/11 , ح(8) .
    [52]() سنن أبي داود , ك (الصلاة) ب (فيمن لم يوتر) 2/62 , ح(1420) صححه الألباني .
    [53]() المغني , لابن قدامة 1/267 .
    [54]() سنن أبي داود , ك (الطهارة) ب (من قال توضأ لكل صلاة) 1/82 , ح(304) حسنه الألباني .
    [55]() سنن الترمذي , ك1 (أبواب الطهارة) ب (ما جاء في كم تمكث النفساء) 1/256 , ح (139) قال الألباني: حسن صحيح .
    [56]() سنن الترمذي 1/256 .
    [57]() سنن ابن ماجه , ك5 (إقامة الصلاة ...) ب139 (ما جاء في صلاة المريض) 1/386 , ح(1223) صححه الألباني .
    [58]() سنن الترمذي , ك44 (أبواب تفسير القرآن) ب (ومن سورة النساء) 5/242 , ح (3034) صححه الترمذي والألباني .
    [59]() صحيح مسلم , ك6 (صلاة المسافرين ...) ب6 (الجمع بين الصلاتين) 1/490 , ح(706) .
    [60]() سنن الترمذي , ك2 (أبواب الصلاة)  ب (ما جاء في النوم عن الصلاة) 1/334 , ح(177) صححه الترمذي والألباني .
    [61]() سنن أبي داود , ك2 (الصلاة) ب (متى يؤمر الغلام بالصلاة) 1/133 , ح(495) صححه الألباني .
    [62]() المغني 2/329 .
    [63]() سنن الترمذي , ك38 (أبواب الإيمان) ب (ما جاء في ترك الصلاة) 5/13 , ح(2621) صححه الترمذي والألباني .
    [64]() صحيح البخاري , ك3 (العلم) ب (الحرص على الحديث) 1/31 , ح(99) وبقيته : (أو من نفسه) .
    [65]() فقه السنة 1/83,82 , وانظر : المغني , لابن قدامة 2/329 .
    [66]() جامع البيان , للطبري 9/170 .
    [67]() سنن الترمذي , ك2 (أبواب الصلاة) ب (ما جاء في الوقت الأول ...) 1/319 , ح (170) صححه الألباني .
    [68]() سنن الدارمي , ك (الطهارة) ب (لا تقبل الصلاة بغير طهور) 1/185 , ح (686) صححه حسين أسد.
    [69]() في ظلال القرآن 2/850 .
    [70]() سنن الدار قطني , ك (الطهارة) ب (نجاسة البول...) 1/127 , ح(2) صححه الألباني .
    [71]() هو: محمد بن سيرين أبو بكر الأنصاري البصري مولى أنس بن مالك ، كان أبوه من سبي جَرْجَرَايا، إمام وقته في علوم الدين بالبصرة، تابعي من أشراف الكتاب، ينسب له كتاب تعبير الرؤيا، ولد في البصرة 33هـ، وتوفي فيها 110هـ. انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي 4/606 وما بعدها، والأعلام، للزركي 6/154.
    [72]() انظر : جامع البيان 23/12 .
    [73]() السجل : الدلو الممتلئة ماء , الذنوب : الدلو الكبير الممتلئ ماء , انظر : النهاية في غريب الحديث , لابن الأثير 2/ 171 ، 344.
    [74]() صحيح البخاري , ك4 (الوضوء) ب (صب الماء...) 1/54 , ح(220) .
    [75]() انظر : أنوار التنزيل وأسرار التأويل , للبيضاوي 3/11 .
    [76]() صحيح مسلم , ك5 (المساجد ومواضع الصلاة) ب2 (تحويل القبلة ...) 1/374 , ح (2525) .
    [77]() صحيح البخاري , ك1 (بدء الوحي) ب (كيف كان بدء الوحي...) 1/6 , ح (1) .
    [78]() سنن الترمذي , ك1 (أبواب الطهارة) ب (ما جاء أن مفتاح الصلاة ...) 1/8 , ح (3) , صححه الترمذي والألباني .
    [79]() صحيح البخاري , ك18 (أبواب تقصير الصلاة) ب (إذا لم يطق قاعداً ...) 2/48 , ح (1117) .
    [80]() سنن ابن ماجه , ك5 (إقامة الصلاة ...) ب11 (القرآن خلف الإمام) 1/273 , ح(837) صححه الألباني.
    [81]() مسند أحمد (مسند أبي هريرة) 15/489 , ح(9788) صححه شعيب الأرنؤوط .
    [82]() مسند أحمد (مسند أبي هريرة) 14/311 , ح(8682) صححه شعيب الأرنؤوط .
    [83]() صحيح البخاري , ك65 (تفسير القرآن) ب (ما جاء في فاتحة الكتاب) 6/17 , ح(4474) .
    [84]() انظر : جامع البيان , للطبري 1/133 وما بعدها , وتفسير القرآن العظيم , لابن كثير 1/126 وما بعدها, وفتح القدير , للشوكاني 1/22 وما بعدها , وصفوة التفاسير , للصابوني 1/18 وما بعدها, وجامع البيان , للقرطبي 1/131 وما بعدها .
    [85]() ثرة: غزيرة وكثيرة وواسعة. انظر: معجم مقاييس اللغة، لابن فارس 1/367، 368 .
    [86]() صحيح مسلم، ك4 (الصلاة) ب 11 (وجوب قراءة الفاتحة ...) 1/297 ، ح (397) .
    [87]() سنن الترمذي، ك 2 (أبواب الصلاة) ب (ما جاء فيمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود) 2/51،          ح (265) صححه الترمذي والألباني .
    [88]() صحيح مسلم , ك4 (الصلاة) ب 41 (النهي عن قراءة القرآن في الركوع ...) 1/348 , ح (479) .
    [89]() المستدرك , للحاكم , ك (الطهارة) ب (وأما حديث عبد الوهاب) 1/347 , ح (818) صححه الحاكم .
    [90]() مسند أحمد 16/466 , ح (10800) حسنه شعيب الأرنؤوط .
    [91]() صحيح مسلم , ك4 (الصلاة) ب11 (وجوب قراءة الفاتحة ...) 1/297 , ح (397) .
    [92]() المستدرك , للحاكم , ك (الطهارة) ب (وأما حديث عبد الوهاب) 1/347 , ح (818) صححه الحاكم .
    [93]() صحيح مسلم , ك4 (الصلاة) ب 42 (ما يقال في الركوع والسجود) 1/350 , ح (482) .
    [94]() صحيح مسلم , ك4 (الصلاة) ب16 (التشهد في الصلاة) 1/302 , ح (403) .
    [95]() سنن الترمذي , ك1 (أبواب الطهارة) ب (ما جاء أن مفتاح الصلاة ...) 1/8 , ح (3) صححه الترمذي والألباني .
    [96]() سنن أبي داود , ك2 (الصلاة) ب (في السلام) 1/262 , ح (997) صححه الألباني .
    [97]() الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان , ك (البر والإحسان) ب (ذكر الأخبار عما يجب على المرء من ترك الاتكال ...) 2/51 , ح (339) حسنه شعيب الأرنؤوط .
    [98]() انظر : المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم , لعبد الباقي , ص/412-414 .
    [99]() صحيح مسلم , ك1 (الإيمان) ب1 (بيان الإيمان والإسلام ...) 1/37 , ح (8) .
    [100]() تيسير الكريم الرحمن 1/503 .
    [101]() إرشاد العقل السليم , 6/8 .
    [102]() مدارك التنزيل وحقائق التأويل , للنسفي 1/415 .
    [103]() مفاتيح الغيب 11/265 .
    [104]() انظر : المحرر الوجيز , لابن عطية 2/186 .
    [105]() مفاتيح الغيب 11/324 .
    [106]() أنوار التنزيل وأسرار التأويل 1/37 .
    [107]() زاد المسير 1/28 .
    [108]() مفاتيح الغيب 26/231 .
    [109]() نظم الدرر 16/35 .
    [110]() جامع البيان 11/457 .
    [111]() نظم الدرر في تناسب الآيات والسور 7/150 .
    [112]() انظر : مفاتيح الغيب 25/60 .
    [113]() نظم الدرر في تناسب الآيات والسور 5/384 .
    [114]() انظر : جامع البيان , للطبري 2/41 , وما بعدها , والنكت والعيون , للماوردي 4/285 .
    [115]() المعجم الكبير , للطبراني 11/54 , ح (11025) ضعفه الألباني ورجح وقفه على ابن مسعود .
    [116]() النكت والعيون , للماوردي 4/285 .
    [117]() سنن أبي داود بلفظ (كان النبي ...) ك (أبواب قيام الليل) ب (وقت قيام النبي  من الليل) 2/35،       ح (1319) حسنه الألباني"
    [118]() تفسير القرآن العظيم 1/446 .
    [119]() تفسير المراغي 18/6 .
    [120]() في ظلال القرآن 4/257 .
    [121]() أنوار التنزيل وأسرار التأويل 5/246 .
    [122]() نظم الدرر في تناسب الآيات والسور 11/249 .
    [123]() انظر : جامع البيان , للطبري 17/28 , وتفسير القرآن العظيم , لابن كثير 4/514 .
    [124]() انظر : الجامع لأحكام القرآن , للقرطبي 11/116 , وفتح القدير , للشوكاني 3/339 .
    [125]() التسهيل لعلوم التنزيل 1/277 .
    [126]() محاسن التأويل 6/125 .
    [127]() انظر : النشر في القراءات العشر , لابن الجزري 2/290 .
    [128]() تفسير القرآن العظيم 2/37 .
    [129]() انظر : الجامع لأحكام القرآن , للقرطبي 1/86,85 , والتسهيل لعلوم التنزيل , للكلبي 2/478 .
    [130]() انظر : الجامع لأحكام القرآن , للقرطبي 11/103 , وفتح القدير , للشوكاني 3/392 , وصفوة التفاسير , للصابوني 2/197 .
    [131]() الجامع لأحكام القرآن 11/261 .
    [132]() انظر : صفوة التفاسير , للصابوني 2/230 .
    [133]() الجامع لأحكام القرآن , للقرطبي 11/263 .
    [134]() فتح القدير 3/465 .
    [135]() صحيح مسلم , ك13 (الصيام) ب12 (بيان أن القبلة...) 2/779 , ح(1108) .
    [136]() الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، ك (الصلاة) ب (فرض متابعة الإمام) 5/504، ح (2131)، صححه شعيب الأرنؤوط .
    [137]() سنن أبي داود , ك2 (الصلاة) ب (متى يؤمر الغلام بالصلاة) 1/133 , ح(495) صححه الألباني .
    [138]() مسند أحمد (تتمة مسند الأنصار) 36/485 , ح(22160) صححه الألباني , وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده جيد .
    [139]() سنن ابن ماجة , ك22 (الوصايا) ب1 (هل أوصى...) 2/901 , ح(2698) صححه الألباني .
    [140]() جامع البيان 23/610 .
    [141]() أيسر التفاسير 5/434 .
    [142]() انظر : أنوار التنزيل وأسرار التأويل , للبيضاوي 4/215 , ومدارك التنزيل وحقائق التأويل , للنسفي 2/716 , وإرشاد العقل السليم , لأبي السعود 7/72 ، 73 .
    [143]() مدارك التنزيل وحقائق التأويل 3/84 .
    [144]() انظر : جامع البيان , للطبري 18/628 .
    [145]() انظر : المحرر الوجيز , لابن عطية 4/122 .
    [146]() انظر : مفاتيح الغيب , للرازي 23/225 , وتفسير القرآن العظيم , لابن كثير 5/425 , وتيسير الكريم الرحمن , للسعدي 1/538 .
    [147]() زاد المعاد 4/204 .
    [148]() تفسير القرآن العظيم 6/280 .
    [149]() زاد المعاد 4/204 .
    [150]() صحيح مسلم , ك2 (الطهارة) ب5 (الصلوات الخمس ...) 1/209 , ح (233) .
    [151]() انظر : جامع البيان , للطبري 15/509 , وما بعدها .
    [152]() النكت والعيون 2/174 .
    [153]() مسند أحمد (مسند عبد الله بن عمرو بن العاص) 11/142 , ح(6576) حسنه شعيب الأرنؤوط , وصححه الألباني , وقال الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب : "رواه أحمد بإسناد جيد" 1/262 .
    [154]() مفاتيح الغيب , للرازي 8/82 .
    [155]() محاسن التأويل 2/230 .
    [156]() انظر : جامع البيان , للطبري 23/618 , وتفسير القرآن العظيم , لابن كثير 8/227 , وفتح القدير , للشوكاني 5/351 .
    [157]() صحيح البخاري , ك59 (بدء الخلق) ب (ما جاء في صفة الجنة ...) 4/118 , ح (3244) .
    [158]() صحيح البخاري , ك97 (التوحيد) ب (وكان عرشه على الماء ...) 9/125 , ح (7423) .
    [159]() تيسير الكريم الرحمن 1/416 .
    [160]() فتح القدير 3/94 .
    [161]() التفسير الوسيط 9/47 .
    [162]() أيسر التفاسير 3/316 .
    [163]() تيسير الكريم الرحمن 1/496 .
    [164]() صحيح البخاري , ك81 (الرقاق) ب (صفة الجنة والنار) 8/114 , ح (6549) .
    [165]() جامع البيان 18/390 .
    [166]() تفسير القرآن العظيم 5/322 .
    [167]() مسند أحمد (مسند عبد الله بن عمرو بن العاص) 11/142 , ح (6576) قال الحافظ المنذري : "رواه أحمد بإسناد جيد" الترغيب والترهيب 1/262 , وحسنه شعيب الأرنؤوط وصححه الألباني .
    [168]() سنن الترمذي، ك (أبواب الطهارة) ب (التشديد في البول) 1/102، ح (70) ، صححه الترمذي والألباني .
    [169]() ترضخ : تشدخ وتدق وتكسر ، انظر: النهاية في غريب الحديث ، لابن الأثير 2/229 .
    [170]() مسند البزار 17/5 , ح(9518) .
    [171]() مسند أحمد (مسند عبد الله بن عمرو بن العاص) 11/142 , ح(6576) حسنه شعيب الأرنؤوط , وصححه الألباني , وقال الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب : "رواه أحمد بإسناد جيد" 1/262.
    [172]() الصلاة وأحكام تاركها 1/51 .
    [173]() المعجم الكبير , للطبراني 11/294 , ح (11782) , حسنه الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب 1/258.
    [174]() المعجم الأوسط , للطبراني 2/240 , ح (1859) صححه الألباني .
    [175]() تفسير القرآن العظيم 8/493 .
    [176]() النكت والعيون 1/151 .
    [177]() أيسر التفاسير , لأبي بكر الجزائري 3/445 .
    [178]() انظر : النكت والعيون , للماوردي 3/379 .
    [179]() المرجع السابق 3/380 .