المقدمة :
القلق موضوع بحثنا هذا من الحاجات الملحة عند كل إنسان ، ربما لكثرة متطلباته ، او ربمــــا لكون الإنسان عجول او لاسباب مرضية أو أشياء أخرى ، ولكــــــــــــــــــــــــــن .....!!
هل هناك علاقة بين الأرق والقلـــــــــــــــق..؟!
ربما لا يكون حيث أن هناك من قال:
" لازمني الأرق طويلا ، فداويته بالتي هي أحسن ، لازمته انا وألححت عليه ، حتى ملني وفر مني ".
وقال :
" مارست العمال الكبيرة حتى ربحت المال الوفير ، وواصلت ملازمتي الأرق دون أن اسمح للقلق بالتوغل في سويدائي ، وملني القلق أخيرا فهجرني غير آسف ، وفارقته أنا غير آسف ".
وها هو الرجل شيخ في السبعين ( قوي ، متين ، نشيط ، تحدى القلق كل يوم ، وايقن أن الارق لا يقتل ، بل القاتل هو القلق .
أتمنى أن تحوز سطور بحثي القادمة عن موضوع القلق إعجاب كل من تقع عليه عليناه .
والله الموفق ....
القلــــــــــق :
ما هـــــــو القلق ..؟
" هو خبرة انفعالية غير سارة ، يشعر فيها الفرد بخوف أو تهديد ، لكنه لا يستطيع تحديد مصدر هذا الخوف ".
وقد يظن البعض ان الخوف كمفهوم يرادف القلق غير انهما استجابات انفعالية مؤلمة والحقيقة ان الشخص الذي يخاف من شئ ما يستطيع ان يحدد ماهية هذا الشيء ، ويعين هويته ، والأمر خلاف ذلك في حالة القلق إذ أن الشخص الذي يصاب بالقلق العصابي لا يستطيع ان يحدد المثير او المثيرات التي يرجع لها القلق .
ويختلف فقهاء الصحة حول
مفهوم القلق وانماطـــــــــه
واسبابه فهناك من انصـــار
المدرسة السلوكية والاختلاف
بينهما اختلاف حميد ومقبول إذ
ان لكل منهما فلسفته التي انطلق من خلالها ، ولا بأس من استعراض بعض هذه المدارس .
استعراض لمدارس في تفسير القلق :
القلق ومدرسة التحليل النفسي :
والفضل فيها يرجع الى فرويد حيث شاع هذا المفهوم في كتاباته ، ولكن
ماذا يعني القلق عند فرويد ؟؟
" يعني أنه استجابة انفعالية مؤلمة تكون مصحوبة بتغيرات في الأجهزة الحشوية الداخلية مثل ( القلب – الجهاز الغدادي – الجهاز التنفسي )..
وبحدوث القلق تتأهب الأساليب الوقائية لحماية النا من الرغبات المكبوتة والنزعات الجنسية العدوانية الشهوانية والتي سبق أن قامت النا بكبتها وانزالها من حيز الشعور الة حيز اللاشعور ، وتصبح الانا في موقف حرج إما ان تقوم باي نشاط يستهدف درء التهديد وتقليص الخطر وغما يتفاقم القلق ويتزايد لتصبح الأنا أسيرة القلق العصابي، وهناك ثلاث
أنواع القلق :
القلق الموضوعي :
وهو عبارة عن " خبرة انفعالية مؤلمة يستطيع الفرد تحديد مصدر الخطر الذي يهدده ومن ثم يستطيع أن يتعامل معه إما بالمواجهة أو التجنب ، ومثيرات هذا القلق مكتسبة من البيئة بجميع مؤسساتها وغالبا ما يتم هذا الاكتساب في السنوات المبكرة من حياة الإنسان حيث يعجز الطفل عن تحمل المثيرات الانفعالية القوية فالطفل ، فالطفل يكتسب الخوف من الظلام ، والخوف من بعض الحشرات او الطيور او الحيوانات والخبرات التي تشتد فيها الإثارة والتي تسبب القلق عادة ما تسمى بالصدمات وعلى أي حال فأي مثير شديد من شانه أن يهدد الفرد ويسلب إرادته ويحدث له ما يسمى بالقلق الموضوعي .
القلق العصابي :
ينشأ عندما ينجح الهو في كسر
وتجاوز دفاعات الأنا واشباع
متطلباتها الغريزية ونزعاتها الشهوانية الجنسية – ولقد حاولت الأنا ان تسلح نفسها بالآليات الدفاعية ( التبرير – الإسقاط – النكوص ) الا ان هذه الآليات يمكن ان تؤدي الى راحة مؤقته فقط ، حيث أنها اساس تعتمد على تشويه الواقع والتمويه على النا ، ولا شك ان اسراف الانا في توظيف الحيل الدفاعية من شأنه أن يفقد وظيفة هذه الحيل بحيث يصبح لها القدرة في التمويه على اتلنا ومن ثم يزداد القلق .ومن اهم مظاهرها :
- انفعال الخوف :
وفيه يكون المريض بالقلق يتوقع حدوث الشر في أي وقت وليس الموقف الذي يلتصق به انفعال الخوف هو مصدر القلق الحقيقي
- المخاوف المرضية :
وهو خوف من أشياء لا تثير الخوف عند عامة الناس فهو خوف غير منطقي والواقع أن الموضوع الذي يثير الخوف غالبا ما يكون مرتبطا باشباع الغرائز المكبوتة .
القلق الخلقي :
ينمى من خلال أوامر الوالدين
وقواعد الشرع وقوانين المجتمع
، وغالبا ما يكتمل نضجة في
مرحلة الطفولة المتقدمة حيث
يكون من السهل على الطفل أن يدرك ويميز ويحلل ، وهكذا يتضح لنا رؤية فرويد في موضوع القلق ، حيث أوضحنا ان القلق الموضوعي يرتبط بمثير خارجي غير ان النوعين الآخرين ( العصابي والخلقي ) يرتبطان بمصادر داخلية ليس من اليسير تحديد هويتها دون مساعدة الاخصائي النفسي المعالج .
القلق والمدرسة السلوكية :
قبلت المدرسة السلوكية أن تتحدث عن القلق ولكنها رفضت أن تستخدم مفاهيم ومصطلحات مدرسة التحليل النفسي وترى أن مفاهيم ( اللهو – الأنا – الشعور – اللاشعور ) مفاهيم ميتافيزقية غير قابلة للقياس او الملاحظة فالسلوك الانساني عند السلوكية هو عبارة عن عادات يكتسبها الفرد من الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه .
ويعرف السلوكيون القلق بأنه :
"استجابة خوف تستثار بمثيرات ليس من شانها أن تثير هذه الاستجابة نتيجة لعملية تعلم سابقة .
فالخوف والقلق استجابة انفعالية واحدة فإذا اثيرت هذه الاستجابة بواسطة مثير من شانه أن يثير الاستجابة اعتبرت هذه الاستجابة خوف أما اذا اثيرت هذه الاستجابة بواسطة مثير ليس من شانه أن يثير الاستجابة اعتبرت هذه الاستجابة قلق فالقلق هو استجابة خوف اشتراطية والفرد غير واع بالمثير الطبيعي لها .
ويتضح مما سبق أن القل في عرف السلوكية تعتبر استجابة شرطية شانه في ذلك شان أي سلوك ينبغي أن يخضع للتعلم الاشتراطي وقوانيه ، وتعتبر الاستجابة الشرطية (( قلق عادي طبيعي )) اذا صدرت عن اغلب الناس ، اما اذا حدثت في مواقف لا يستجيب فيها الآخرون باستجابة القلق فتعتبر حينئذ قلق غير عادي ومرضي والفرق بينهما تكمن في شدة الاستجابة .
القلق والمذهب الانساني :
يجب علينا أن نحدد المقصود بالمذهب الإنساني والذي يجمع بين المنحنى الوجودي والمذهب الإنساني في علم النفس.
القلق عند هذه المنحنى يكمن في خوف الإنسان من مستقبله وما يمكن ان يحمله هذا المستقبل من تهديدات فالقلق اذا يكمن في المستقبل وليس كما ذهب أنصار المدرستين السابقتين من انه يكمن في الماضي ولانه الانسان ميز عن بقية الكائنات بالعقل والإدراك فهو الكائن الوحدي الذي يدرك انه ميت وتلك نهاية حتمية ومن ثم يتوقع ان يحدث ذلك في أي لحظة أي ان قلق الموت يسيطر عليه وقد يستبد به ، ويتجلى ذلك في حرصه على وجوده كما يظهر ايضا من خلال مواقف الفشل التي تواجهة والتي يحس من خلالها بان وجوده غير مضمون ، وهكذا يمكن القول أنه كلما زادت نوبات او مرات الفشل التي يمر بها المرء ، فإن الخوف من المستقبل والقلق عليه يزداد والمقصود بالفشل هنا هو اخفاق المرء في أي جانب من جوانب الحياة او اختلال أي جزء من اجزاء شخصيتة ( الجسمي - العقلي – النفسي ) فكلما يتكرر مرضه او تلم به عله صحية ، أو يتقدم في الصحة ، أو يخفق في تحقيق الأهداف المهنية أو الاجتماعية كلما زاد خوفة وقلقه فالفشل المتكرر في أي من جوانب الحياة تنذر بحياة قلقة .
وهذه من أهم المدارس التي أولت القلق اهتماما ورعاية مما تسرع معه انتباهنا فأشرنا لهم في عجالة نأمل أن تكون وافيه
أسباب القلق :
من الوجهة المنهجية وكذلك الفلسفية فإنه من الصعب أن يفسر السلوك او الظاهرة في ضوء عامل او متغير واحد بعينه ، فأي تفسير يرتبط بسبب واحد يعد تفسيرا مضلا وغير كافيا والسلوك ناتج لتفاعل العديد من المتغيرات ومن ثم وجب ان يفسر في ضوء اقل عدد ممكن من هذه المتغيرات ، نعود لمحاولة تفسير القلق ونؤكد في ضوء ما اسلفنا ان ثمة عوامل كثيرة يرجع لها القلق يمكن تداولها في الآتي :
البيئة :
انصار هذا التفسير يرون ان القلق ينتقل من الآباء الى الابناء عبر وسائط التنشئة الاجتماعية ، فالمناخ الاسري المضطرب غير الدفء والذي توصف اساليبه الوالدية بالنبذ والاهمال والتفرقة والتدليل والعقاب البدني والاهانة النفسية لا يمكن ان تعطي لنا طفلا متحررا من القلق خاليا من الخوف .
العوامل النفسية :
نعلم ان الحياة نليئة بالمواقف التي تحبط المرء ومن ثم فإنه يمكن أن نجد امامنا العديد من انواع القلق ، فالطالب يواجه احباطات مدرسية ومثيرات تتصل بمجالات المنهج والامتحان مما ينتج لنا نوعا من القلق يمكن تسميته بقلق الامتحان ، وعند كبار السن او المرضى الذين يعانون من امراض خطيرة يمكن ان يظهر قلق الموت والذين يتشبسون بالحياة ويحرصون على الفوز بلذاتها دون تجربة الفشل ثم يواجهون فشلا متكررا يمكن أن يظهر لديهم قلق الحياة وهكذا ..
الوراثة :
هناك دراسات ترجح ان يكون للعوامل العضوية والوراثية اثر في وجود القلق ، حيث أنه من المحتمل أن تزود الوارثة الفرد باستعداد عام للقلق ، فقد بلغت نسبة القلق بين التوائم المتشابهة 50% بعكس التوائم غير المتشابهة والتي لم يتجاوز نسبة القلق فيها سوى 4% .
العوامل العضوية الفسيلوجية :
تشير الدراسات الفسيليوجية ان الاضطرابات الهرمونية العصبية ولا سيما هرمونات السيروتونين يمكن أن تسهم في ظهور السلوك العصابي فضلا عما تقدم فإن عدم نضج الجهاز العصبي أو ضموره وخاصة لدى كبار السن تعتبر من المتغيرات المسهمة في خلق سلوكيات القلق .
كيف تتخلص من القلق :
يتفق علماء الصحة النفسية على حقيقة هامة في العلاج النفسي وهي أن الطريق غير المباشر في العلاج افضل بكثير من الطريق المباشر ، وسواء قام المعالج بمهمة العلاج ام قام الشخص نفسه بعلاج نفسه ، فإن الطريق المفضي الى العلاج الناجح والسريع هو الطريق غير المباشر ، وبتعبير آخر فإن علاج الأعراض المرضية ليس بكافٍ في الوصول الى الشفاء بل يجب تناول اسم المرض وليس آخر طابق من طوابقه .
فلقد يكون العرض المرضي دالا على شئ مخالف للشئ أو السبب الحقيقي اذا ما اخذنا في تفسيره ظاهريا اعماقه بغير ان نسبر اغواره وبغير ان نصل الى صلبه وكيانه الجوهري ، ولكن ما ان نستشف اعماقه ونقف على صميم كيانه ، حتى نجد ان الدافع الحقيقي للاعراض المرضية البائنه لم تكن سوى نتيجة ثانوية ، لذلك السبب الجوهري الاساسي .
فلقد تجد شخصا مصابا بأحد اعراض الشذوذ الجنسي ، فتظن ان السبب هو سوء توجيه الطاقة الجنسية لديه ، ولكن ما ان تترك الاعراض السلوكية الجنسية جانبا وتاخذ في فحص تلك الاعراض المرضية حتي تستبين ان الاصل ونقطة البداية ليس الجنس بل ربما يكون المخاوف القديمة المترسبة في اعماق الشخصية والتي استحالت قلقا بعد ان انطويت في اعماق اللاشعور ، وبديهي أن ينسب العلاج في مثل تلك الحالة الى الاصل والسبب الحقيقي الجوهري وليس الى ما يترتب على ذلك الاصل وعلى السبب الجوهري من نتائج سلوكية .
وقد ينحو العلاج النفسي غير
المباشر منحي آخر غير هذا
المنحى ، فبدلا من البحث في
اسباب جوهرية ذات طبيعة نفسية فإنه يذهب الى القطاع الفسيولوجي من الشخصية يستقرئه على اساس من الاعتقاد بأن ما هو نفسي وجداني ، انما يكون انعكاسا على نحو ما لما هو فسيولوجي جسمي ، فبدلا من علاج المرض العقلي بالايحاء والاقناع والتنويم المغناطيسي والتحليل النفسي يأخذ المعالج في التأثير في المخ سواء عن طريق الصدمات الكهربائية أم بحقن المريض ببعض العقاقير التي تؤثر على اجزاء معينة في المخ .
أو بحقن بعض الهرمونات التي تؤثر على الاتزان الغددي او بإجراء بعض العمليات الجراحية بالمخ أو بغيره من أجزاء بالجسم يكون لها صلة غير مباشرة باحداث العرض المرضي .
وبالنسبة للقلق بمظاهره واعراضه المتباينة ، فقلد لا يكون الامر بحاجة الى اجراء عمليات جراحية او تناول الحبوب المهدئة او الى اخذ حقن بطريق مباشر او غير مباشر في الغدد الصماء ، ولا الى فحص اجهزة الجسم الداخلية كالجهاز العصبي او الغدد بل تكون ثمة حاجة فقط الى تشغيل اجهزة الجسم ، وذلك بممارسة بعض التمرينات الرياضية التي تكفل التخلص من الزائد من الطاقة الحيوية المختزنة ببعض الأعضاء والتي يتسبب عنها القلق بشكل غير مباشر .
وهناك فيالواقع صلة وثيقة بين الخمول الجسمي وبين القلق ، ذلك أن الجسم عندما يشحن بالطاقة فإنه يكون بحاجة الى التخلص منها حتى تستمر الحياة في اخذ وعطاء مستمرين ، وطبيعي انك تجد أن الشخص الذي لا يتخلص من الزائد من طاقتة الحيوية لا يستطيع ان يستمر في الأخذ ، فنجده نابيا عن تناول الطعام ، بل ان رئتيه تنحوان ايضا الى الكسل فيضيق تنفسه وبالتالي تختل ضربات قلبه .
وحيث أن الجسم كيان واحد مترابط الاجزاء كأشد ما يكون الترابط والاتصال والانسجام والتكافل والتكامل ، فإن أي خلل او أي كسل يحدث في جانب منه يجد له صدى عالي في باقي الاجهزة .
فتجد ان شخصا كهذا يصاب بأضطراب في ضغط الدم بل وقد يفسد عمل ونشاط الكبد فيصاب بمرض السكر وغيره من امراض تكون نقطة البداية فيها جميعا الركون الى الكسل وعدم التخلص من الطاقة الزائدة .
وليس من شك في ان الكثير مما يصيب الانسان الحديث من قلق او ضجر بالحياة أو تبرم بالناس انما يرجع في نهاية المطاف الى خروجه عن فطرته التي جبل عليها وشاهد على ذلك ان القردة في الغابات والناس البدائيين الذين اتيحت لهم فرص التعبير عن طاقتهم الحيوية بانطلاق ومما يكفل صرف الطاقات الزائدة لديهم لا يتعرضون للقلق ، وأكثر من هذا فإننا نستطيع ان نقرر ان اصحاب الحرف اليديوة العنيفة والتي والتي تتباين فيها الحركات وتتنوع وتستمر طوال فترة العمل
لا يكونون في الغالب معرضين
للاصابة بالقلق ، وذلك لان ما
يمكن ان يختزن في عضلاتهم
المتباينة من طاقة سرعان ما يجد له منصرفا فيما يؤدونه من أعمال ، اما أصحاب المهن التي تعتمد اكثر ما تعتمد على الذهن دون العضلات ، فإن اصحابها يصابون في الغالب بالقلق ، وما يتواكب معه من ظواهر مرضية كتلك التي سبق أن ذكرناها .
لذلك فإنك تجد ان الاطباء ينصحون اصحاب المهن الذهنية بتشغيل عضلاتهم ولو بالمشي لمدة طويلة كل يوم حتى يعوضوا ما فاتهم من تنشيط عضلاتهم التي تختزن الطاقة الحيوية لكي تظهر لديهم على هيئة أعراض نفسية اهمها القلق النفسي لوخيم ونأسف اذ نقرر ان معظمهم يكونون في عوز شديد للتواؤم الاجتماعي والتكيف النفسي .
وثمة عامل آخر من عوامل حدوث القلق هو العامل الاجتماعي فالانحباس في قمقم اجتماعي واحد لا يتغير يؤدي بالشخص لاى الاصابة بالقلق ، فكثير من الناس لا يخرجون عن نمط حياتهم اليومي ولكأن كل يوم يمر بحياتهم هو صورة طبق الاصل من الايام السابقة جميعها .
والواقع ان هذا هو حال نسبة كبرة من الناس ، انهم يلتزمون بما دأبوا على فعله بغير ان يغيروا نظام حياتهم قيد انمله ، فالاشخاص الذين يقابولنهم لا يتغيرون ، بل ان مقابلتهم لهم قد تتم في نفس الوقت من كل يوم بغير تغيير ، وحياتهم اليومية تلتزم بمواعيد محددة لا تتغير ، بالموظف يصل الى مقر عمله في الثامنة صباحا ، ويظل في مكتبة حتى الثانية ظهرا ونمط العمل هو هو لا يتغير ولا يتجدد وبهذا يستحيل الموظف الى ما ما يشبه الاله الصماء ، بل انه يصاب بالعجز الارادي وبالعجز العقلي والاجتماعي ، فالعجز الارادي يتبدى لديه في عدم قدرته على اتخاذ قرار معتمد فيه على ذكائه وتقديره الشخصي للموقف .
اما العجز العقلي فإنه يتبدى في عدم قدرته على ادخال عناصر جديدة في عمله واستبعادج عناصر قديمة ليس منها فائدة أو تكون ضارة بالعمل ، اما عجزة الاجتماعي فإنه يتبدى في عدم قدرته على اقامة علاقات جديدة مع اشخاص جدد ولكأن الله لم يخلق في هذا العالم من الاناس سوى تلك الشرذمة التي يخالطها ويتعامل مع افرادها .
ومن هنا فإنه اذا فقد واحد من افراد تلك الشرذمة وكأنه القيامة قد قامت .
ونستطيع ان نزعم ان المشكلات النفسية تبدأ كخيوط العنكبوت الهشة التي اذا ما تكثرت وتجمعت فإنها تصير مبثابة سلاسل حديدية يصعب الفكاك منها او التخلص من تكبيلها واسرها لمن تلتف حوله وتقيده.
وسائل التخلص من القلق :
- مشاهدة أفلام الشجاعة التي يتعرض فيها الممثلون للمخاطر والصراعات ، حيث ان الرمز في تلك الأفلام قد يفيد الى حد ما حيث ينوب عنك بعض أبطال الفيلم فيمالا يقدر على عمله في الواقع الحي ، فالفارس الذي يقابل عدوه او المغامر الذي يغالب الوحش في الغابة او المصارع الذي ينازل مصارعا آخرا على جانب كبير من القوة ، او حتى مجرد مشاهدة مباراة في كرة القدم قد يخفف غلواء التوترات النفسية ، ومن شدة القلق النفسي الذي يستبد بالشخص ، ولسنا بهذا نزعم أن من الممكن ان نستغنى بتلك الذرائع السلبية مكتفين بها دون ما سبق ان نصحنا به من ضرورة التريض جسميا والتخلص من قمقم العلاقات الاجتماعي الضيق .
الخاتمة :
مما سبق ذكره خلال السطور السابقة نستطيع القول بأن المعرفة النفسية من الأهمية بمكان حيث ان البحث قد تعرض للتعريف بالمشكلات النفسية ، كما أن الكثير من ذلك القليل لا يستطيع المثقف العادي غير المتخصص في الطب النفسي فهم المصطلحات الصعبة الواردة بين السطور .
ونستطيع ان نوجز بإخلاص ان ما تقدم في هذا البحث هو جماع عمل وليس مجرد معلومات استقيت من هنا وهناك – فمن الخطأ بل قل من الاخطار التي ينزلق فيها البعض هو القيام بالاقتطاف من هنا وهناك ومحاولة التوفيق أو التلفيق بين مقتبسات متباينه من عدة كتب ومحاولة تقديم مادة متكاملة ، ولكن نأمل ان يحوز هذا العمل المتواضع على التكامل
المراجع :
1- المشكلات النفسية حقيقتها وطرق علاجها / يوسف ميخائيل أسد – دار النهضة – القاهرة .
2- تغلب على القلق وابدأ الطمأنينة – إميل بيدس .
3- شخصيتك اساس نجاحك – دار الكتاب العربي .
4- الصحة النفسية ومشكلاتها اليومية / د/ حمدي ياسين .
القلق موضوع بحثنا هذا من الحاجات الملحة عند كل إنسان ، ربما لكثرة متطلباته ، او ربمــــا لكون الإنسان عجول او لاسباب مرضية أو أشياء أخرى ، ولكــــــــــــــــــــــــــن .....!!
هل هناك علاقة بين الأرق والقلـــــــــــــــق..؟!
ربما لا يكون حيث أن هناك من قال:
" لازمني الأرق طويلا ، فداويته بالتي هي أحسن ، لازمته انا وألححت عليه ، حتى ملني وفر مني ".
وقال :
" مارست العمال الكبيرة حتى ربحت المال الوفير ، وواصلت ملازمتي الأرق دون أن اسمح للقلق بالتوغل في سويدائي ، وملني القلق أخيرا فهجرني غير آسف ، وفارقته أنا غير آسف ".
وها هو الرجل شيخ في السبعين ( قوي ، متين ، نشيط ، تحدى القلق كل يوم ، وايقن أن الارق لا يقتل ، بل القاتل هو القلق .
أتمنى أن تحوز سطور بحثي القادمة عن موضوع القلق إعجاب كل من تقع عليه عليناه .
والله الموفق ....
القلــــــــــق :
ما هـــــــو القلق ..؟
" هو خبرة انفعالية غير سارة ، يشعر فيها الفرد بخوف أو تهديد ، لكنه لا يستطيع تحديد مصدر هذا الخوف ".
وقد يظن البعض ان الخوف كمفهوم يرادف القلق غير انهما استجابات انفعالية مؤلمة والحقيقة ان الشخص الذي يخاف من شئ ما يستطيع ان يحدد ماهية هذا الشيء ، ويعين هويته ، والأمر خلاف ذلك في حالة القلق إذ أن الشخص الذي يصاب بالقلق العصابي لا يستطيع ان يحدد المثير او المثيرات التي يرجع لها القلق .
ويختلف فقهاء الصحة حول
مفهوم القلق وانماطـــــــــه
واسبابه فهناك من انصـــار
المدرسة السلوكية والاختلاف
بينهما اختلاف حميد ومقبول إذ
ان لكل منهما فلسفته التي انطلق من خلالها ، ولا بأس من استعراض بعض هذه المدارس .
استعراض لمدارس في تفسير القلق :
القلق ومدرسة التحليل النفسي :
والفضل فيها يرجع الى فرويد حيث شاع هذا المفهوم في كتاباته ، ولكن
ماذا يعني القلق عند فرويد ؟؟
" يعني أنه استجابة انفعالية مؤلمة تكون مصحوبة بتغيرات في الأجهزة الحشوية الداخلية مثل ( القلب – الجهاز الغدادي – الجهاز التنفسي )..
وبحدوث القلق تتأهب الأساليب الوقائية لحماية النا من الرغبات المكبوتة والنزعات الجنسية العدوانية الشهوانية والتي سبق أن قامت النا بكبتها وانزالها من حيز الشعور الة حيز اللاشعور ، وتصبح الانا في موقف حرج إما ان تقوم باي نشاط يستهدف درء التهديد وتقليص الخطر وغما يتفاقم القلق ويتزايد لتصبح الأنا أسيرة القلق العصابي، وهناك ثلاث
أنواع القلق :
القلق الموضوعي :
وهو عبارة عن " خبرة انفعالية مؤلمة يستطيع الفرد تحديد مصدر الخطر الذي يهدده ومن ثم يستطيع أن يتعامل معه إما بالمواجهة أو التجنب ، ومثيرات هذا القلق مكتسبة من البيئة بجميع مؤسساتها وغالبا ما يتم هذا الاكتساب في السنوات المبكرة من حياة الإنسان حيث يعجز الطفل عن تحمل المثيرات الانفعالية القوية فالطفل ، فالطفل يكتسب الخوف من الظلام ، والخوف من بعض الحشرات او الطيور او الحيوانات والخبرات التي تشتد فيها الإثارة والتي تسبب القلق عادة ما تسمى بالصدمات وعلى أي حال فأي مثير شديد من شانه أن يهدد الفرد ويسلب إرادته ويحدث له ما يسمى بالقلق الموضوعي .
القلق العصابي :
ينشأ عندما ينجح الهو في كسر
وتجاوز دفاعات الأنا واشباع
متطلباتها الغريزية ونزعاتها الشهوانية الجنسية – ولقد حاولت الأنا ان تسلح نفسها بالآليات الدفاعية ( التبرير – الإسقاط – النكوص ) الا ان هذه الآليات يمكن ان تؤدي الى راحة مؤقته فقط ، حيث أنها اساس تعتمد على تشويه الواقع والتمويه على النا ، ولا شك ان اسراف الانا في توظيف الحيل الدفاعية من شأنه أن يفقد وظيفة هذه الحيل بحيث يصبح لها القدرة في التمويه على اتلنا ومن ثم يزداد القلق .ومن اهم مظاهرها :
- انفعال الخوف :
وفيه يكون المريض بالقلق يتوقع حدوث الشر في أي وقت وليس الموقف الذي يلتصق به انفعال الخوف هو مصدر القلق الحقيقي
- المخاوف المرضية :
وهو خوف من أشياء لا تثير الخوف عند عامة الناس فهو خوف غير منطقي والواقع أن الموضوع الذي يثير الخوف غالبا ما يكون مرتبطا باشباع الغرائز المكبوتة .
القلق الخلقي :
ينمى من خلال أوامر الوالدين
وقواعد الشرع وقوانين المجتمع
، وغالبا ما يكتمل نضجة في
مرحلة الطفولة المتقدمة حيث
يكون من السهل على الطفل أن يدرك ويميز ويحلل ، وهكذا يتضح لنا رؤية فرويد في موضوع القلق ، حيث أوضحنا ان القلق الموضوعي يرتبط بمثير خارجي غير ان النوعين الآخرين ( العصابي والخلقي ) يرتبطان بمصادر داخلية ليس من اليسير تحديد هويتها دون مساعدة الاخصائي النفسي المعالج .
القلق والمدرسة السلوكية :
قبلت المدرسة السلوكية أن تتحدث عن القلق ولكنها رفضت أن تستخدم مفاهيم ومصطلحات مدرسة التحليل النفسي وترى أن مفاهيم ( اللهو – الأنا – الشعور – اللاشعور ) مفاهيم ميتافيزقية غير قابلة للقياس او الملاحظة فالسلوك الانساني عند السلوكية هو عبارة عن عادات يكتسبها الفرد من الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه .
ويعرف السلوكيون القلق بأنه :
"استجابة خوف تستثار بمثيرات ليس من شانها أن تثير هذه الاستجابة نتيجة لعملية تعلم سابقة .
فالخوف والقلق استجابة انفعالية واحدة فإذا اثيرت هذه الاستجابة بواسطة مثير من شانه أن يثير الاستجابة اعتبرت هذه الاستجابة خوف أما اذا اثيرت هذه الاستجابة بواسطة مثير ليس من شانه أن يثير الاستجابة اعتبرت هذه الاستجابة قلق فالقلق هو استجابة خوف اشتراطية والفرد غير واع بالمثير الطبيعي لها .
ويتضح مما سبق أن القل في عرف السلوكية تعتبر استجابة شرطية شانه في ذلك شان أي سلوك ينبغي أن يخضع للتعلم الاشتراطي وقوانيه ، وتعتبر الاستجابة الشرطية (( قلق عادي طبيعي )) اذا صدرت عن اغلب الناس ، اما اذا حدثت في مواقف لا يستجيب فيها الآخرون باستجابة القلق فتعتبر حينئذ قلق غير عادي ومرضي والفرق بينهما تكمن في شدة الاستجابة .
القلق والمذهب الانساني :
يجب علينا أن نحدد المقصود بالمذهب الإنساني والذي يجمع بين المنحنى الوجودي والمذهب الإنساني في علم النفس.
القلق عند هذه المنحنى يكمن في خوف الإنسان من مستقبله وما يمكن ان يحمله هذا المستقبل من تهديدات فالقلق اذا يكمن في المستقبل وليس كما ذهب أنصار المدرستين السابقتين من انه يكمن في الماضي ولانه الانسان ميز عن بقية الكائنات بالعقل والإدراك فهو الكائن الوحدي الذي يدرك انه ميت وتلك نهاية حتمية ومن ثم يتوقع ان يحدث ذلك في أي لحظة أي ان قلق الموت يسيطر عليه وقد يستبد به ، ويتجلى ذلك في حرصه على وجوده كما يظهر ايضا من خلال مواقف الفشل التي تواجهة والتي يحس من خلالها بان وجوده غير مضمون ، وهكذا يمكن القول أنه كلما زادت نوبات او مرات الفشل التي يمر بها المرء ، فإن الخوف من المستقبل والقلق عليه يزداد والمقصود بالفشل هنا هو اخفاق المرء في أي جانب من جوانب الحياة او اختلال أي جزء من اجزاء شخصيتة ( الجسمي - العقلي – النفسي ) فكلما يتكرر مرضه او تلم به عله صحية ، أو يتقدم في الصحة ، أو يخفق في تحقيق الأهداف المهنية أو الاجتماعية كلما زاد خوفة وقلقه فالفشل المتكرر في أي من جوانب الحياة تنذر بحياة قلقة .
وهذه من أهم المدارس التي أولت القلق اهتماما ورعاية مما تسرع معه انتباهنا فأشرنا لهم في عجالة نأمل أن تكون وافيه
أسباب القلق :
من الوجهة المنهجية وكذلك الفلسفية فإنه من الصعب أن يفسر السلوك او الظاهرة في ضوء عامل او متغير واحد بعينه ، فأي تفسير يرتبط بسبب واحد يعد تفسيرا مضلا وغير كافيا والسلوك ناتج لتفاعل العديد من المتغيرات ومن ثم وجب ان يفسر في ضوء اقل عدد ممكن من هذه المتغيرات ، نعود لمحاولة تفسير القلق ونؤكد في ضوء ما اسلفنا ان ثمة عوامل كثيرة يرجع لها القلق يمكن تداولها في الآتي :
البيئة :
انصار هذا التفسير يرون ان القلق ينتقل من الآباء الى الابناء عبر وسائط التنشئة الاجتماعية ، فالمناخ الاسري المضطرب غير الدفء والذي توصف اساليبه الوالدية بالنبذ والاهمال والتفرقة والتدليل والعقاب البدني والاهانة النفسية لا يمكن ان تعطي لنا طفلا متحررا من القلق خاليا من الخوف .
العوامل النفسية :
نعلم ان الحياة نليئة بالمواقف التي تحبط المرء ومن ثم فإنه يمكن أن نجد امامنا العديد من انواع القلق ، فالطالب يواجه احباطات مدرسية ومثيرات تتصل بمجالات المنهج والامتحان مما ينتج لنا نوعا من القلق يمكن تسميته بقلق الامتحان ، وعند كبار السن او المرضى الذين يعانون من امراض خطيرة يمكن ان يظهر قلق الموت والذين يتشبسون بالحياة ويحرصون على الفوز بلذاتها دون تجربة الفشل ثم يواجهون فشلا متكررا يمكن أن يظهر لديهم قلق الحياة وهكذا ..
الوراثة :
هناك دراسات ترجح ان يكون للعوامل العضوية والوراثية اثر في وجود القلق ، حيث أنه من المحتمل أن تزود الوارثة الفرد باستعداد عام للقلق ، فقد بلغت نسبة القلق بين التوائم المتشابهة 50% بعكس التوائم غير المتشابهة والتي لم يتجاوز نسبة القلق فيها سوى 4% .
العوامل العضوية الفسيلوجية :
تشير الدراسات الفسيليوجية ان الاضطرابات الهرمونية العصبية ولا سيما هرمونات السيروتونين يمكن أن تسهم في ظهور السلوك العصابي فضلا عما تقدم فإن عدم نضج الجهاز العصبي أو ضموره وخاصة لدى كبار السن تعتبر من المتغيرات المسهمة في خلق سلوكيات القلق .
كيف تتخلص من القلق :
يتفق علماء الصحة النفسية على حقيقة هامة في العلاج النفسي وهي أن الطريق غير المباشر في العلاج افضل بكثير من الطريق المباشر ، وسواء قام المعالج بمهمة العلاج ام قام الشخص نفسه بعلاج نفسه ، فإن الطريق المفضي الى العلاج الناجح والسريع هو الطريق غير المباشر ، وبتعبير آخر فإن علاج الأعراض المرضية ليس بكافٍ في الوصول الى الشفاء بل يجب تناول اسم المرض وليس آخر طابق من طوابقه .
فلقد يكون العرض المرضي دالا على شئ مخالف للشئ أو السبب الحقيقي اذا ما اخذنا في تفسيره ظاهريا اعماقه بغير ان نسبر اغواره وبغير ان نصل الى صلبه وكيانه الجوهري ، ولكن ما ان نستشف اعماقه ونقف على صميم كيانه ، حتى نجد ان الدافع الحقيقي للاعراض المرضية البائنه لم تكن سوى نتيجة ثانوية ، لذلك السبب الجوهري الاساسي .
فلقد تجد شخصا مصابا بأحد اعراض الشذوذ الجنسي ، فتظن ان السبب هو سوء توجيه الطاقة الجنسية لديه ، ولكن ما ان تترك الاعراض السلوكية الجنسية جانبا وتاخذ في فحص تلك الاعراض المرضية حتي تستبين ان الاصل ونقطة البداية ليس الجنس بل ربما يكون المخاوف القديمة المترسبة في اعماق الشخصية والتي استحالت قلقا بعد ان انطويت في اعماق اللاشعور ، وبديهي أن ينسب العلاج في مثل تلك الحالة الى الاصل والسبب الحقيقي الجوهري وليس الى ما يترتب على ذلك الاصل وعلى السبب الجوهري من نتائج سلوكية .
وقد ينحو العلاج النفسي غير
المباشر منحي آخر غير هذا
المنحى ، فبدلا من البحث في
اسباب جوهرية ذات طبيعة نفسية فإنه يذهب الى القطاع الفسيولوجي من الشخصية يستقرئه على اساس من الاعتقاد بأن ما هو نفسي وجداني ، انما يكون انعكاسا على نحو ما لما هو فسيولوجي جسمي ، فبدلا من علاج المرض العقلي بالايحاء والاقناع والتنويم المغناطيسي والتحليل النفسي يأخذ المعالج في التأثير في المخ سواء عن طريق الصدمات الكهربائية أم بحقن المريض ببعض العقاقير التي تؤثر على اجزاء معينة في المخ .
أو بحقن بعض الهرمونات التي تؤثر على الاتزان الغددي او بإجراء بعض العمليات الجراحية بالمخ أو بغيره من أجزاء بالجسم يكون لها صلة غير مباشرة باحداث العرض المرضي .
وبالنسبة للقلق بمظاهره واعراضه المتباينة ، فقلد لا يكون الامر بحاجة الى اجراء عمليات جراحية او تناول الحبوب المهدئة او الى اخذ حقن بطريق مباشر او غير مباشر في الغدد الصماء ، ولا الى فحص اجهزة الجسم الداخلية كالجهاز العصبي او الغدد بل تكون ثمة حاجة فقط الى تشغيل اجهزة الجسم ، وذلك بممارسة بعض التمرينات الرياضية التي تكفل التخلص من الزائد من الطاقة الحيوية المختزنة ببعض الأعضاء والتي يتسبب عنها القلق بشكل غير مباشر .
وهناك فيالواقع صلة وثيقة بين الخمول الجسمي وبين القلق ، ذلك أن الجسم عندما يشحن بالطاقة فإنه يكون بحاجة الى التخلص منها حتى تستمر الحياة في اخذ وعطاء مستمرين ، وطبيعي انك تجد أن الشخص الذي لا يتخلص من الزائد من طاقتة الحيوية لا يستطيع ان يستمر في الأخذ ، فنجده نابيا عن تناول الطعام ، بل ان رئتيه تنحوان ايضا الى الكسل فيضيق تنفسه وبالتالي تختل ضربات قلبه .
وحيث أن الجسم كيان واحد مترابط الاجزاء كأشد ما يكون الترابط والاتصال والانسجام والتكافل والتكامل ، فإن أي خلل او أي كسل يحدث في جانب منه يجد له صدى عالي في باقي الاجهزة .
فتجد ان شخصا كهذا يصاب بأضطراب في ضغط الدم بل وقد يفسد عمل ونشاط الكبد فيصاب بمرض السكر وغيره من امراض تكون نقطة البداية فيها جميعا الركون الى الكسل وعدم التخلص من الطاقة الزائدة .
وليس من شك في ان الكثير مما يصيب الانسان الحديث من قلق او ضجر بالحياة أو تبرم بالناس انما يرجع في نهاية المطاف الى خروجه عن فطرته التي جبل عليها وشاهد على ذلك ان القردة في الغابات والناس البدائيين الذين اتيحت لهم فرص التعبير عن طاقتهم الحيوية بانطلاق ومما يكفل صرف الطاقات الزائدة لديهم لا يتعرضون للقلق ، وأكثر من هذا فإننا نستطيع ان نقرر ان اصحاب الحرف اليديوة العنيفة والتي والتي تتباين فيها الحركات وتتنوع وتستمر طوال فترة العمل
لا يكونون في الغالب معرضين
للاصابة بالقلق ، وذلك لان ما
يمكن ان يختزن في عضلاتهم
المتباينة من طاقة سرعان ما يجد له منصرفا فيما يؤدونه من أعمال ، اما أصحاب المهن التي تعتمد اكثر ما تعتمد على الذهن دون العضلات ، فإن اصحابها يصابون في الغالب بالقلق ، وما يتواكب معه من ظواهر مرضية كتلك التي سبق أن ذكرناها .
لذلك فإنك تجد ان الاطباء ينصحون اصحاب المهن الذهنية بتشغيل عضلاتهم ولو بالمشي لمدة طويلة كل يوم حتى يعوضوا ما فاتهم من تنشيط عضلاتهم التي تختزن الطاقة الحيوية لكي تظهر لديهم على هيئة أعراض نفسية اهمها القلق النفسي لوخيم ونأسف اذ نقرر ان معظمهم يكونون في عوز شديد للتواؤم الاجتماعي والتكيف النفسي .
وثمة عامل آخر من عوامل حدوث القلق هو العامل الاجتماعي فالانحباس في قمقم اجتماعي واحد لا يتغير يؤدي بالشخص لاى الاصابة بالقلق ، فكثير من الناس لا يخرجون عن نمط حياتهم اليومي ولكأن كل يوم يمر بحياتهم هو صورة طبق الاصل من الايام السابقة جميعها .
والواقع ان هذا هو حال نسبة كبرة من الناس ، انهم يلتزمون بما دأبوا على فعله بغير ان يغيروا نظام حياتهم قيد انمله ، فالاشخاص الذين يقابولنهم لا يتغيرون ، بل ان مقابلتهم لهم قد تتم في نفس الوقت من كل يوم بغير تغيير ، وحياتهم اليومية تلتزم بمواعيد محددة لا تتغير ، بالموظف يصل الى مقر عمله في الثامنة صباحا ، ويظل في مكتبة حتى الثانية ظهرا ونمط العمل هو هو لا يتغير ولا يتجدد وبهذا يستحيل الموظف الى ما ما يشبه الاله الصماء ، بل انه يصاب بالعجز الارادي وبالعجز العقلي والاجتماعي ، فالعجز الارادي يتبدى لديه في عدم قدرته على اتخاذ قرار معتمد فيه على ذكائه وتقديره الشخصي للموقف .
اما العجز العقلي فإنه يتبدى في عدم قدرته على ادخال عناصر جديدة في عمله واستبعادج عناصر قديمة ليس منها فائدة أو تكون ضارة بالعمل ، اما عجزة الاجتماعي فإنه يتبدى في عدم قدرته على اقامة علاقات جديدة مع اشخاص جدد ولكأن الله لم يخلق في هذا العالم من الاناس سوى تلك الشرذمة التي يخالطها ويتعامل مع افرادها .
ومن هنا فإنه اذا فقد واحد من افراد تلك الشرذمة وكأنه القيامة قد قامت .
ونستطيع ان نزعم ان المشكلات النفسية تبدأ كخيوط العنكبوت الهشة التي اذا ما تكثرت وتجمعت فإنها تصير مبثابة سلاسل حديدية يصعب الفكاك منها او التخلص من تكبيلها واسرها لمن تلتف حوله وتقيده.
وسائل التخلص من القلق :
- مشاهدة أفلام الشجاعة التي يتعرض فيها الممثلون للمخاطر والصراعات ، حيث ان الرمز في تلك الأفلام قد يفيد الى حد ما حيث ينوب عنك بعض أبطال الفيلم فيمالا يقدر على عمله في الواقع الحي ، فالفارس الذي يقابل عدوه او المغامر الذي يغالب الوحش في الغابة او المصارع الذي ينازل مصارعا آخرا على جانب كبير من القوة ، او حتى مجرد مشاهدة مباراة في كرة القدم قد يخفف غلواء التوترات النفسية ، ومن شدة القلق النفسي الذي يستبد بالشخص ، ولسنا بهذا نزعم أن من الممكن ان نستغنى بتلك الذرائع السلبية مكتفين بها دون ما سبق ان نصحنا به من ضرورة التريض جسميا والتخلص من قمقم العلاقات الاجتماعي الضيق .
الخاتمة :
مما سبق ذكره خلال السطور السابقة نستطيع القول بأن المعرفة النفسية من الأهمية بمكان حيث ان البحث قد تعرض للتعريف بالمشكلات النفسية ، كما أن الكثير من ذلك القليل لا يستطيع المثقف العادي غير المتخصص في الطب النفسي فهم المصطلحات الصعبة الواردة بين السطور .
ونستطيع ان نوجز بإخلاص ان ما تقدم في هذا البحث هو جماع عمل وليس مجرد معلومات استقيت من هنا وهناك – فمن الخطأ بل قل من الاخطار التي ينزلق فيها البعض هو القيام بالاقتطاف من هنا وهناك ومحاولة التوفيق أو التلفيق بين مقتبسات متباينه من عدة كتب ومحاولة تقديم مادة متكاملة ، ولكن نأمل ان يحوز هذا العمل المتواضع على التكامل
المراجع :
1- المشكلات النفسية حقيقتها وطرق علاجها / يوسف ميخائيل أسد – دار النهضة – القاهرة .
2- تغلب على القلق وابدأ الطمأنينة – إميل بيدس .
3- شخصيتك اساس نجاحك – دار الكتاب العربي .
4- الصحة النفسية ومشكلاتها اليومية / د/ حمدي ياسين .