المبحث الأول
تعريف النوم واشتقاقاته في القرآن الكريم
تناول هذا المبحث الحديث عن تعريف النوم عند بعض اللغويين، ومن ثم استنباط التعريف الاصطلاحي ، وبيان الاشتقاقات الواردة لمادة "نوم" في القرآن الكريم حيث جاءت بصيغ متعددة نجمعها في التالي:
- اسم الفاعل بصيغة الجمع : نائمون.
- المصدر الميمي : المنام ، منامك ، منامكم ، منامها.
- المصدر: النّوم ، نومكم .
ولبيان ذلك جعلت هذا المبحث من مطلبين، المطلب الأول تعريف النوم لغة واصطلاحاً ، أما المطلب الثاني فسيتم الحديث فيه عن ورود لفظة النوم في القرآن الكريم باستعمالاتها المتعددة .
المطلب الأول: تعريف النوم لغة :
لقد عرّف كلمة "النوم" كثير من علماء اللغة في كتبهم اللغويّة منهم التالي:
أولاً: معنى النوم عند ابن فارس:
قال ابن فارس في "مقاييس اللغة" إن كلمة "نوم" أصلها "النون، والواو, والميم" وهي أصل صحيح يدل على الجمود والسكون وعدم الحركة، ومنه النَّوم ، نام ، ينام ، نوماً ومناماً، وهو نؤوم ، أي كثير النوم ، ويقال للرجل الخامل ، رجل نُوْمة بمعنى لا يُؤْبه له ، ومنه استنام لي فلان، إذا اطمأنَّ إليه وسكن ، والمنامة : القطيفة ؛ لأنه ينام فيها، ويقال (على التشبيه) نامت السوق : إذا كسدت ، ونام الثوب : أخْلَق وأصبح عتيقاً ([1]) .
ثانياً : معناها عند الراغب الأصفهاني:
لقد نص الراغب على أن النُّومة بضم النون يطلق على كثير النوم ، خامل الذكر واستنام فلان إلى كذا : اطمأن إليه والمنامة الثوب الذي ينام فيه ، وفُسِّر النوم على أوجه كلها صحيحة بنظرات مختلفة ، قيل : هو استرخاء أعصاب الدماغ برطوبة البخار الصاعد إليه ، وقيل هو أن يتوفى الله النفس من غير موت ، قال تعالى: [اللهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ ...] {الزُّمر:42} ، وقيل النوم موت خفيف ، والموت نوم ثقيل ([2]) .
ثالثاً: معناها عند السمين الحلبي :
ومما ورد عن السمين الحلبي في "عمدة الحفاظ" إضافة إلى ما سبق في بيان معنى النوم أنه الموت الخفيف ، والموت نوم ثقيل والمنام والنوم واحد ، والإنامة القتل ومنه قول علي وقد حثّ على قتل الخوارج إذا رأيتموهم فأنيموهم أي اقتلوهم ، وقال الهروي : نامت الشاة إذا ماتت ، وقال الفراء النائمة الميتة ، وأنمته تسببت في نومه ، وفي حديث علي "دخل عليَّ رسول الله وأنا على المنامة ، قيل هي القطيفة وهي ثوب يستعمل عند النوم" ([3]) .
رابعاً : معناها عند ابن منظور :
ومما ذكره ابن منظور في "لسان العرب" : النوم معروف من الفعل الماضي نام ومضارعه ينام ، ومصدره نوماً ونياماً ، والاسم النيمة ، وهو نائم إذا رقد في فراشه ، وفي حديث عمران بن حُصين : صلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فنائماً - أراد به الاضطجاع - ورجل نائم ونؤوم كثير النوم فهو من قوم نيام ونوم بمعنى قلة الذكر لهم ، كما يقال : رجلٌ نَوْمٌ ، وأيضاً للجمع وقومٌ نُوَّمٌ وامرأة نَوْمٌ، ورجل نومان كثير النوم .
واستنام وتناوم طلب النوم شهوةً للنوم ، ونام الرجل إذا تواضع لله ، وأخذه نوام ، وهو مثل السّبات يكون من مرضٍ أصابه ، وأخذه نوامٌ بالضم إذا جعل النوم يعتريه ، وتناوم الرجل إذا أرى من نفسه أنه نائم وليس به .
وقال الأزهري : المنام مصدر نام ينام نوماً ومناماً وأنمته ونومته بمعنى واحد ، ويقال في النداء : يا نومان ، أي كثير النوم – ويقال نامت الريح: إذا سكنت وامتنعت عن الهبوب ، وكما قالوا : ماتت ، ونام البحر: هدأ ، ونامت النار أي همدت ، كله من النوم الذي هو ضد اليقظة ، وجاء النوم بمعنى القتل ، كما في حديث عليّ أنه حث على قتال الخوارج فقال : "إذا رأيتموهم فأنيموهم, أي اقتلوهم" ([4]) .
خامساً: معنى النوم عند الفيروزأبادي :
مما قاله مجد الدين الفيروزأبادي في القاموس المحيط إضافة إلى ما سبق.
النوم هو النعاس والرقاد كالنيام بالكسر، والاسمُ : النِِيَمة بالكسر ، وهو نائم اسم فاعل، وجاءت لتدل على الجمع بصيغ منها ، نيام ونُوّم ، ونيِّمُ ، ونوَّامٌ ، ونيامٌ ونَوْمٌ كقومٍ .
نام ينام نوماً المصدر فهو نائم ، وناومني فنمته بالضم : غلبته، ونام الخلخال انقطع صوته ، ونامت السوق : كسدت ، والريح : سكنت ، والنار: همدت ، والبحر: هدأ والثوب إذا أخلق والشاة إذا ماتت ([5]).
خلاصة الأقوال السابقة في معنى النوم :
- إن النوم هو استرخاء أعصاب الدماغ برطوبة البخار المتصاعد بحيث خفت الحواس الظاهرة عن الإحساس رأساً .
- كما أنه يوجد عدة معانٍ للفظة النوم حسب مجيئها في الجملة ومن هذه المعاني التالي :
1- رقد : نام الصبي ، نام أصحاب الكهف.
2- سكن وهدأ "الشيء" : "نام البحر" ، "نامت الريح" .
3- همدت : "نامت النار" .
4- سكن واطمأن ووثق به ، نام فلان إلى صاحبه .
5- غفل عنها ولم يهتم بها ، نام فلان عن حاجته .
6- تواضع لله عندما تقول : "نام لله" .
7- لم يكن له همٌّ ، نام همه .
8- نامت الإبل : إذا ماتت ، ونامت الشمس ، إذا غابت .
ثانياً : المعنى الاصطلاحي :
لقد جاء معنى النوم اصطلاحاً بعدة تعريفات جميعها تدور في محور واحد وهو : تعطيـل عمل الحواس الظاهرة والباطنة في حالة النوم مع سلامتها ، ومن هذه التعريفات التالي :
قال الجرجاني : "النوم هو حالة طبيعية تتعطل معها القوى بسبب ترقي البخارات إلى الدماغ" ([6]) .
وقد عرفه بعض العلماء فقال : هو استرخاء أعصاب الدماغ برطوبات البخار الصاعد إليه ، وقيل : هو أن يتوفى الله النفس دون موت كما قال الله تعالى : [اللهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا المَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ] {الزُّمر:42} .
ويمكن تفسير النوم بأنه ظاهرة طبيعية لإعادة تنظيم نشاط الدماغ ، والأنشطة الحيوية الأخرى في الكائنات الحية ([7]) .
وبناء على ذلك نستطيع القول بأن النوم غشية ثقيلة تهجم على القلب فتقطعه عن المعرفة ، ولها أثر فعال على البدن والعقل ، فتُبطِل عمل الحواس .
وهذه تعريفات مقبولة ولا تعارض بينها ؛ لأن جميع ما ذكر من التعريفات مبني على مشابهة النوم للموت في إذهاب الإدراك ، وفقدان الوعي وعدم القدرة على القيام بالمظاهر الحيوية المعهودة للإنسان عند اليقظة ([8]) .
نستطيع القول : إن النوم هو فترة طبيعية تحدث للإنسان بدون اختيار منه تمنع الحواس عن العمل مع سلامتها ، وتمنع استعمال العقل مع قدرته فيعجز المكلف عن القيام بالواجب وأداء الحقوق .
ونخلص إلى أن النوم هو موت صغير لا يؤدي إلى إنهاء بنية الجسم وهذا ما يفرّقه عن الموت الحقيقي الذي يتعطل فيه عمـل القلـب وتتوقف الدورة الدموية ويتحلل الجسد فيعود تراباً .
المطلب الثاني : الاستعمال القرآني للفظة النوم :
وردت مادة "النوم" في القرآن الكريم تسع مرات ضمن الصيغ والاشتقاقات التالية :
1- النوم : مصدر وردت مرتين .
2- نومكم : وردت مرة واحدة .
3- نائمون : اسم الفاعل للجماعة وردت مرتين ، مرة في سورة الأعراف ، وأخرى في سورة القلم .
4- المنام : المصدر الميمي ، ومنها الصيغ التالية : منامك ، منامكم ، منامها ، حيث وردت في أربع مرات في القرآن .
وبإحصاء عدد مرات ورود مادة "النوم" في القرآن نجدها تسع مرات كما هو موضح في الجدول التالي ([9]) :
م
|
السورة
|
المفردة
|
رقم الآية
|
زمن النزول
|
الآية
|
1-
|
البقرة
|
النوم
|
255
|
مدنية
|
[اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السموات وَمَا فِي الأَرْضِ]
|
2-
|
الفرقان
|
النوم
|
47
|
مكية
|
[وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا]
|
3-
|
النبأ
|
نومكم
|
9
|
مكية
|
[وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا]
|
4-
|
الأعراف
|
نائمون
|
97
|
مكية
|
[أَفَأَمِنَ أَهْلُ القُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ]
|
5-
|
القلم
|
نائمون
|
19
|
مكية
|
[فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ]
|
6-
|
الصافات
|
المنام
|
102
|
مكية
|
[يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى]
|
7-
|
الأنفال
|
منامك
|
43
|
مدنية
|
[إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا]
|
8-
|
الروم
|
منامكم
|
30
|
مكية
|
[وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ]
|
9-
|
الزمر
|
منامها
|
42
|
مكية
|
[اللهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا]
|
من خلال الجدول السابق يتضح التالي :
1- إن اشتقاقات النوم محصورة في ثلاثة اشتقاقات وهي : المصدر "النوم ونومكم" واسم الفاعل "نائمون" والمصدر الميمي .
2- وردت في القرآن المكي في سبع سور ، أما القرآن المدني فقد وردت في سورتين .
3- القرآن المكي يتطرق إلى بناء العقيدة في النفوس والتفكر في حقيقة النوم يوصل الإنسان إلى حقيقة الإيمان بالله باعتبار النوم هو الموتة الصغرى التي لا تبلى معها الأجساد رغم مفارقة الروح للجسد أثناء النوم ، لكن بطريقة تختلف عن مفارقتها للجسد عند الموت الحقيقي الذي يحدث معه توقف الحواس والأعضاء وبلاء الجسد .
4- وردت لفظة النوم في القرآن المدني مرتين : الأولى إثبات الكمال لله من خلال نفي صفة النوم عنه تبارك وتعالى ؛ لأن النوم يأتي بعد تعب وإعياء ، وتعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، قال تعالى : [وَلَقَدْ خَلَقْنَا السموات وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ] {ق:38} ، وأما اللفظة الثانية في القرآن المدني فهي تتعلق بإثبات النوم لرسول الله ، وهذا دلالة على بشريته وأنه يعتريه ما يعتري البشر ، فهو رسول من أنفسنا ، قال تعالى : [لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ] {التوبة:128} .
المبحث الثاني
مرادفات النوم وأنواعه وحكمه
لقد أوضح هذا المبحث المرادفات اللفظية الواردة في القرآن الكريم للفظة النوم ، والتي منها : السِّنة وهي الغفوة الخاطفة التي تأتي كمقدمة للنوم فتؤدي إلى غياب محدود عن الواقع المحسوس مع بقاء شيء من الإدراك ، ثم لفظة الهجوع وهي النوم القليل ، وتم الحديث عن ألفاظ الرقاد والنعاس والسبات لتعلقها بالنوم مباشرة ، ومن ثم تحدث في المطلب الثاني عن أنواع النوم الجائزة وغير الجائزة ، ثم تطرق إلى حكم النوم في المطلب الأخير .
المطلب الأول : مرادفات النوم :
لقد تمثلت مرادفات النوم في الألفاظ التالية : السِّنة – الرقاد – الهجوع – النعاس – السبات .
أولاً : السِّنة :
جاءت الإشارة إلى مقدمات النوم بتعبير "السِّنة" مرة واحدة في القرآن الكريم ، وهي تعني الغفوة التي تعتري الإنسان للحظة وجيزة من غياب عن الواقع المحسوس من حوله ، ولكنه يعود لوعيه الكامل بسرعة دون أن يستغرق في النوم ، وأحياناً يحدث ذلك وهو جالس أو واقف على قدميه دون أن يسقط على الأرض ، وهي لحظة قصيرة جداً لا مجال خلالها لحدوث أحلام أو رؤية كما يحدث أثناء النوم من أحلام وتغيرات في أنشطة أعضاء الجسم وأجهزته .
قال تعالى : [اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السموات وَمَا فِي الأَرْضِ] {البقرة:255} ، ولفظة السِّنة هي مصدر من الفعل "وسن" ، "يوسن" المصدر "وسنا" أو "سِنة" وهي الغفوة القليلة التي تعتري الإنسان كمقدمة للنوم وهذا محال في حق الله ؛ لأنه لا تأخذه سنة ولا نوم ، والله منزه عن مقدمات النوم كالسِّنة والنعاس والغفوة ، فهي ليست من صفات الخالق ، بل من صفات المخلوق الذي يعتريه الضعف والعجز والقصور ، ولأن النوم عبارة عن راحة بعد تعب ، والنوم دليل على نقص الإنسان ، وضعفه ، وبالنوم يترك الإنسان كثيراً من الأشياء ، ولهذا نفى الله عن نفسه السِّنة وهي النعاس والنوم ؛ لأنه صاحب العظمة والكبرياء والجلال والكمال ، وأخبر أنه مالك لجميع من في السموات والأرض ، ومن تمام ملكـه أنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه ، فكل الشفعاء والوجهاء عبيد له
مماليك لا يقدمون على شفاعة حتى يأذن لهم ([10]) .
ثم أخبر عن علمه المطلق الواسع لكل ما يحدث في هذا الوجود ، وأنه يعلم ما بين أيدي الخلائق ، وفي ذلك إثبات لكمال العلم ، وإن السِّنة والنوم يشبهان الموت ، فحياة النائم في حالهما حياة ضعيفة وهما يعوقان عن التدبير وعن العلم بما يحصل في وقت استيلائهما على الإحساس ، والله لا يعتريه نقص ولا غفلة ولا ذهول عن خلقه ، بل هو قائم على كل نفس بما كسبت ولا يخفى عليه خافية ، ومن تمام القيومية أنه لا تأخذه سنة ولا نوم ، أي لا تغلبه السنة وهي الوسن والنعاس ، ثم ذكر ولا نوم ؛ لأنه أقوى من السِّنة ، وهذا عطف للعام على الخاص وهو تأكيد للقيوم ؛ لأن من أصابه النوم والسِّنة استحال أن يكون قيوماً ([11]) .
وقال صاحب الظلال : "هذا توكيد لقيامه – سبحانه – على كل شيء ، وقيام كل شيء به ، ولكنه توكيد في صورة تعبيرية تقرب للإدراك البشري صورة القيام الدائم في الوقت الذي تعبر فيه هذه الصورة عن الحقيقة الواقعة من مخالفة الله - سبحانه – لكل شيء ، قال تعالى : [لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ] {الشُّورى:11} ، وهي تتضمن نفي السِّنة الخفيفة أو النوم المستغرق وتنزهه – سبحانه – عنهما إطلاقاً ، وحقيقة القيام على هذا الوجود بكلياته وجزئياته في كل وقت وفي كل حالة ([12]) .
وعندما ننظر في موضوع الآية الكريمة التي ورد فيها مصدر مادة "نَوَمَ" النَّوم نجد أن هذه الآية دالة على إثبات الوحدانية لله ، ولا يعتريه نوم ولا نعاس ؛ لأنه قائم بتدبير أمور خلقه آناء الليل وأطراف النهار ، فهي تقرر معنى الحياة والقيومية الدائمة الكاملة لله – سبحانه – وتنفي استحقاق آلهة المشركين بوصف الآلهة لانتفاء الحياة ، وهذا يعني إبطال عقيدة المشركين في إلهية أصنامهم التي هي جمادات ([13]) ، حيث جاء في الصحيح عن أبي موسى قال : قام فينا رسول الله بأربع ، فقال : (إن الله لا ينام ، ولا ينبغي له أن ينام ، يرفع القسط ويخفضه ، ويرفع إليه عمل النهار بالليل ، وعمل الليل بالنهار) ([14]) .
ثانياً : الرقاد :
الرقاد هو نوع من النوم ، وقد عرّفه بعض العلماء بأنه النوم بالنهار ، وفي لسان العرب عن الليث : الرقود يعني النوم بالليل ، وقال الأزهري : الرقاد والرقود يكون بالليل والنهار عند العرب ، وقال الكفوي : هو النوم الطويل أو الخاص بالليل ، وجاء عن الفيروزأبادي بأنه المستطاب من النوم القليل ، ويقال رقد رقوداً فهو راقد ، والجمع الرُّقُود ، ومنه قوله تعالى : [وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ] {الكهف:18} ، وصفهم الله – سبحانه – بالرقود مع كثرة منامهم اعتباراً بحال الموت وذلك أنه اعتقد فيهم أنهم أموات ، فكان ذلك النوم قليلاً في جنب الموت ([15]) .
والذي أرجحه أن الرقاد هو النوم الطويل ويؤيد هذا حال أهل الكهف ، فقد ناموا فترة طويلة جداً ، قال تعالى : [وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا] {الكهف:25} ، فقد لبثوا هذه المدة الطويلة وهم رقود أي نيام في كهفهم ، ويؤيد ذلك ما جاء في سورة يس حكاية على لسان الكفار ، قال تعالى : [قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ المُرْسَلُونَ] {يس:52} ، وكلمة مرقدنا تعني مكان الرقود للأموات وهو القبر ، والإنسان يبقى في قبره منذ وفاته إلى قيام الساعة ، وهذه فترة طويلة جداً ، وفي ذلك برهان ودليل على أن الرقاد هو النوم الطويل .
رقاد أصحاب الكهف معجزة ربانية :
إن نوم أصحاب الكهف دليل على المعجزة الربانية التي تُبرهن أن هذا القرآن كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، بل هو تنزيل من حكيم حميد ، والمعجزة في التالي :
1- جاء في تفسير قوله تعالى : [وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ] ، أي يحسبهم الناظر إليهم كأنهم أيقاظ ، والحال أنهم نيام وأعينهم متفتحة لحكمة ذكرها بعض أهل العلم ، أنهم لما ضرب الله على آذانهم بالإغلاق لم تنطبق أعينهم لئلا يسرع إليها الفساد والبلى ، فإذا بقيت ظاهرة للهواء كان أبهى لها([16]) ، وهذا ما أثبته العلم الحديث أن تعرض العين للهواء أدعى إلى المحافظة عليها ، وفي حالة الإغلاق الطويل يؤدي إلى إضعافها .
2- قال تعالى : [فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا] {الكهف:11} ، لماذا اختار الله الضرب على الأذن وليس على غيرها ، أجاب العلماء : بأن سمع الإنسان هو أول حاسة وأكثرها تعمل على إيقاظ الإنسان من نومه لأي مؤثر خارجي ، لذلك كان الضرب على الأذن وضربوا بذلك مثلاً ، لو أن نائماً حركت يدك أمامه لما شعر بها ، ولو أطلقت حوله كل الروائح لمـا استيقـظ إلا أنه بمجرد أن تحدث صوتاً من حوله فسرعان ما يستيقظ من نومه ([17]) .
3- وفي قوله تعالى : [وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالوَصِيدِ] {الكهف:18} ، إن الحكمة من تقليب أصحاب الكهف ذات اليمين وذات الشمال تكمن في حفظ أبدانهم من الأرض ؛ لأن الأرض من طبيعتها أكل الأجساد المتصلة بها ، ولحفظ أجسادهم من التلف والبلى قدر – سبحانه – أن قلبهم على جنوبهم يميناً وشمالاً بقدر ما لا تفسد الأرض أجسادهم ، والله قادر على حفظهم من الأرضة من غير تقليب ، ولكنه أراد أن يجري سننه في الكون بربط الأسباب بمسبباتها ([18]) .
اختلفوا في مدة التقليب :
قيل: يقلبون في العام مرتين ، قيل : مرة واحدة في العام وقيل ثلاث مرات ، ولا دليل لكل من الأقوال ، ولا يرشد إليها العقل ، ولم يشر إليها القرآن ، ولم يرد فيه خبر صحيح ، فيبقى اللفظ على إطلاقه كما قال ابن عباس : "لو لم يقلبوا لأكلتهم الأرض" ([19]) ، [َكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالوَصِيدِ]، أي الكلب الذي كان مع أصحاب الكهف أصابه ما أصابهم من النوم وقت حراسته ، فكان باسطاً ذراعيه بالباب أو فنائه ، وهذا ما حفظهم من الآدميين ، وحماهم بنشر الرعب في قلب من اطلع عليهم من الناس حيث يولي هارباً ، وهذا الذي أوجب أن يبقوا كل هذه المدة الطويلة دون أن يعثر عليهم أحد مع قربهم من المدينة ، والدليل على قربهم أنهم لما استيقظوا أرسلوا أحدهم يشتري لهم طعاماً من المدينة وبقوا في انتظاره : [لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا] {الكهف:18} ، أي لو نظرت إليهم لأدبرت عنهم فراراً وهرباً ، ولملئت منهم فزعاً ورعباً ؛ لأن الله تعالى ألقى عليهم المهابة والوقار إلى أن انتهى أجل بعثهم راقدين وتحققت فيهم الحكمة البالغة والرحمة الواسعة ([20]) .
ثالثاً : الهجوع :
إن الهجوع يعني سكون الحركة ، والعرب تقول : هجع الرجل إذا سكن ونام ليلاً ، وجاء قوله تعالى : [كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ] {الذاريات:17} ، أي أنهم كانوا يصلون بالليل صلاة النافلة ويتركون النوم ، ويقومون أكثر الليل وهم قانتون لربهم ، ما بين صلاة وقراءة للقرآن وذكر ودعاء وتضرع حيث وصفهم الله – سبحانه – بقوله تعالى : [التَّائِبُونَ العَابِدُونَ الحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآَمِرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ المُنْكَرِ وَالحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ ...] {التوبة:112} ، فهم الأيقاظ في جنح الليل والناس نيام ، المتوجهون إلى ربهم بالاستغفار والاسترحام ، لا يطمعون في متاع الحياة الدنيا ، ولا يهجعون في ليلهم إلا يسيراً ، يأنسون بربهم في جوف الليل فتتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ، فكابدوا قيام الليل ، فلا ينامون من الليل إلا أقله ، ونشطوا في طاعتهم حتى السحر ([21]) عملاً بقول الله – سبحانه - : [وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ] {الذاريات:18} .
يستفاد من ذلك أن الله – سبحانه – وصف المتقين بثلاث صفات هي :
1- التهجد بالليل بعد نومهم زمناً قليلاً .
2- الاستغفار من الذنوب بالأسحار في أواخر الليل قريباً من صلاة الفجر .
3- أداء الحقوق في أموالهم من زكاة أموالهم إلى السائل والمحروم وصدقات التطوع على سبيل البر والصلة مع المعوزين في المجتمع ([22]) .
رابعاً : النعاس :
لقد وردت كلمة النعاس مرتين في الآيات القرآنية وهي كالتالي :
الأولى : في قوله تعالى : [إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ] {الأنفال:11} ، وهو النوم القليل الذي لا تعكر صفوه أحلام ولا رؤى وفيه السكون والهدوء والطمأنينة لنفوس المؤمنين في غزوة بدر حينما غشيهم النعاس في وقت الخوف ، حيث يكون أحدهم ممسكاً بالسيف في الغزوة فلا يستيقظ إلا والسيف يسقط من يده ، وهذا من إنزال الله عليهم السكينة والطمأنينة بهذا النعاس ([23]) .
الثانية : في قوله تعالى : [ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا] {آل عمران:154} ، إنها الرحمة الربانية تتنزل على المسلمين المؤمنين في يوم أحد بعد الغم الشديد بصورة النعاس الذي يحوي السكينة والطمأنينة لنفوسهم فبعث فيهم الأمل والقوة والنشاط لمجاهدة عدوهم ، ولم تكن تلك الأمنة عامة ، بل كانت لأهل الإخلاص ، حيث بقي أهل النفاق في فزع غير آمنين ، فقال تعالى : [يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ] {آل عمران:154} ، أي يغشى فريقاً منكم وهم المؤمنون المخلصون ، الواثقون بنصر الله ([24]) .
خامساً : السبات :
وصف القرآن الكريم النوم بالسبات في قوله تعالى : [وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا] {النَّبأ:9} ، والسبات هو النوم العميق الذي يحقق الراحة والانقطاع عن العمل والتمدد على الفراش ، وهو النوم الذي لا يخالطه إزعاج ، لذلك سميت الراحة والانقطاع عن العمل سباتاً ، أي راحة لأبدانكم ، قال الزجاج : السبات أن ينقطع الإنسان عن الحركة والروح فيه ، وقيل معناه جعلنا نومكم قطعاً لأعمالكم ؛ لأن أصل السبت القطع ([25]) ، فالسبات انقطاع أثر الحواس الظاهرة ، والانقطاع عن الإدراك والإحساس والحركة ، وهذا يعني النوم ؛ لأن النائم ينقطع عما حوله فتتعطل حواسه ولا يشعر بأي شيء ولا يحس بأي إزعاج للحركات والروائح المحيطة به .
وتحدث صاحب الظلال فقال : "هو الانقطاع عن الإدراك والنشاط بالنوم ضرورة من ضرورات تكوين الحي ، وسر من أسرار القدرة الخالقة ، ونعمة من نعم الله لا يملك إعطاءها إلا إياه ، وتوجيه النظر إليها على هذا النحو القرآني ينبه القلب إلى خصائص ذاته ، ويلمسه لمسة تثير التأمل والتدبر والتأثر" ([26]) .
خلاصة القول :
من خلال توضيح المعاني اللغوية لمرادفات النوم وهو السِّنة والرقاد والهجوع والنعاس والسبات ، وبيان العلاقة التي تربط هذه الألفاظ بحقيقة النوم يتضح لنا أن النوم يمر بمراحل لا بد من الوقوف عليها ، فالنائم يبدأ بالسِّنة ، ثم النعاس ، ثم الهجوع ، ثم الرقود ، فالسبات ، والسبات هـو النـوم العميق ، وهذه المرادفات الخمس للفظة النوم وردت جميعاً في القرآن الكريم لبيان مقاصد وحقائق قرآنية ، وتقرير للمراحل التي يمر بها النائم عند الحديث عن أحوال نومه ، حيث فيها من الإعجاز القرآني عندما نرى التوافق بين ما جاء في القرآن الكريم عن أحوال النوم ، وما اكتشفه العلم الحديث .
سادساً : علاقة النوم بالموت :
إن الله يقبض الأنفس أو الأرواح حين انقضاء آجالها بالموت ، ويسمى ذلك الوفاة الكبرى عن طريق الملائكة المكلفة بقبض الأرواح من الأبدان فتقطع تعلقها بالأجساد ، وكذلك يتوفى الأنفس التي لم يأتِ أجلها الوفاة الصغرى عند المنام ، وذلك تشبيهاً للنائمين بالموتى ، قال تعالى : [اللهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا المَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ] {الزُّمر:42} ، من خلال هذه الآية يتضح أن الله – سبحانه – يمسك الأنفس والأرواح التي قضى عليها الموت الحقيقي ، فلا يردها إلى الجسد الذي كانت فيه ، ويرسل النفس النائمة إلى الأجساد حين اليقظة ، بأن يعيد إليها إحساسها إلى أجل مسمى وهو وقت الموت الحقيقي ([27]) .
ووفقاً لذلك فإن الروح لها ثلاث حالات بالنسبة للجسد وهي :
1- ارتباط كامل بين الروح والجسد ويكون ذلك في حالة اليقظة والحياة .
2- ارتباط ناقص وهذا يكون في حالة النوم .
3- قطع الارتباط بصورة كاملة بين الروح والجسد ، فينتهي العقل والإدراك والحس والحركة إلى يوم البعث المعلوم ([28]) .
نستنتج من ذلك أن النوم هو أحدى الصور الضعيفة للموت ، والموت هو نموذج كامل للنوم ، والعلاقة التي تربط بين الروح والجسد تضعف أثناء النوم ، وأحياناً تقطع تماماً مما يؤدي إلى عدم اليقظة للنائم إلى الأبد أي الموت ، والإنسان عندما ينام من كل ليلة يشعر وكأنه وصل إلى أعتاب الموت .
وهكذا يشبه النوم الموت من وجوه ، فهو دليل عليه وإشارة إليه ، ويؤيد ذلك حديث أبي هريرة عن رسول الله : (إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره ، فإنه لا يدري ما خلفه عليه ، ثم ليقل : باسمك ربي وضعت جنبي ، وبك أرفعه ، إن أمسكت نفسي فارحمها ، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين) ([29]) .
وكان عند الاستيقاظ من النوم يقول : (الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور) ([30]) .
ومن هنا ندرك أن صلة الروح بالجسد أثناء النوم تختلف تماماً عن حالة اليقظة ، فحالة توفي الروح في النوم هي حالة خاصة ، ولذلك سمى المفسرون النوم بالموت الأصغر ؛ لأن النائم لا يعيش عالم الزمن والوعي والإدراك ، ولكنه يعيش بعقله وروحه في عالم آخر ، لا يعي فيه أمراً ولا يدرك فيه شيئاً ولا يحس بمرور الزمن ، وهذا ما حدث مع أهل الكهف عندما ناموا ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً ، وقاموا من رقودهم يتساءلون بينهم كم لبثتم ؟ قالوا يوماً أو بعض يوم ، وإذا لم يستيقظ الإنسان من نومه يكون قد فارق الحياة ، وهذه هي حالة الموت الأكبر .
النوم بين الرؤى والأحلام :
إن ما يراه النائم من رؤى وأحلام لهو من الحقائق التي لا ينكرها أحد ، ونستطيع القول بأنها من خصائص الإنسان والصفات الملازمة له ، وما زالت من التحديات التي يواجهها العلماء في تخصصات كثيرة ، فالنائم مغمض العينين ولكنه يرى ويميز الألوان ، ويحدد التفاصيل ، ويُفرّق بين الصغير والكبير ، والبعيد والقريب ، وسمعه معطل عن دنيا المحسوسات ، فلا يستطيع أن يرى أو يسمع ، ولكنه يسمع أشياء لا يسمعها من حوله ، ويعي ما يسمعه ، ويفكر فيه ، ويبقى في ذاكرته حتى بعد أن يستيقظ من نومه ، ويجد ما رآه في نومه منقوشاً في ذاكرته كأنه واقع محسوس ملموس .
وتحدث القرآن الكريم عن تقسيمات الرؤيا فحصرها في ثلاث :
1- رؤيا من الله تتمثل في قوله تعالى : [لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا] {الفتح:27} .
2- رؤيا الأنبياء : قال تعالى : [فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ] {الصَّفات:102} ، وقال تعالى : [إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ] {يوسف:4} .
3- أضغاث الأحلام : قال تعالى : [قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ] {يوسف:44} ، وأوضح هـذه الثلاث برؤيا في قوله عن أبي هريرة عن النبي قال : (إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً ، ورؤيا المسلم من خمسة وأربعين جزءاً من النبوة ، والرؤيا ثلاثة : فرؤيا الصالحة بشرى من الله ، ورؤيا تحزين من الشيطان ، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصلِّ ولا يحدث بها الناس) ([31])
وتحدث ابن خلدون عن هذه الرؤى الثلاث : رؤيا من الله ، ورؤيا من الملك ، ورؤيا من الشيطان ، فالرؤيا التي من الله هي الصريحة التي لا تفتقر إلى التأويل ، والتي من الملك هي الرؤيا الصادقة تفتقر إلى التعبير ، والرؤيا التي من الشيطان هي أضغاث أحلام ، وللرؤيا الصادقة علامات تؤذن بصدقها وتشهد بصحتها ، فيستشعر ثبوت ذلك الإدراك ودوامه بانطباع تلك الرؤيا بتفاصيلها في حفظه فلا يتخللها سهو ولا نسيان ، بل تبقى متصورة في ذهنه إذا انتبه ، وقد تبقى الرؤيا بعد الانتباه حاضرة في الحفظ أياماً من العمر ، كما قال : (رؤيا الأنبياء جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة) ([32]) .
أما أضغاث الأحلام فهي زمانية وكاذبة ، وهي صور من الخيال حالة النوم حيث إنها مأخوذة من الصور التي في الحافظة التي كان الخيال أودعها إياها ، وأضغاث الأحلام هي التي تحتاج إلى إعمال الفكر فيها مع نسيان الكثير من تفاصيلها ([33]) .
والنائم يستقبل غير استقبال المستيقظ فحواسه معطلة بشكلها المعروف لدينا ، ولكن لديه جهاز استقبال خاص ينشط أثناء النوم ، ويتلقى ما تعجز عن تلقيه الحواس ، ويقوم بتسجيل ما يستقبله في ذاكرة النائم فلا ينساها حتى بعد الاستيقاظ ، والنائمون في مكان واحد فإنهم لا يرون نفس الرؤيا بحال من الأحوال ؛ لأن الاستقبال يميز كل إنسان عن الآخر ، فرؤيا الأنبياء حق ، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ([34]) .
قـال تعـالـى : [إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ ...] {الأنفال:43} .
المراد من النوم في الآية الرؤيا ، ورؤيا الأنبياء حق ، ورسول الله حين أراه الله تعالى في منامه الأعداء قلة ، وأخبر بها أصحابه حتى قويت نفوسهم وتشجعوا على حرب الأعـداء ، قـال مجاهـد : "أراه الله إياهم في منامه قليلاً ، فأخبر النبي أصحابه فكان تثبيتاً لهم" ([35]) .
وكانت الرؤيا تشجيعاً لهم على القتال ، فتحمسوا لحرب المشركين ، ولو كانت الرؤيا خلاف ذلك فكان المشركون كثرة ، وأخبر الرسول بذلك ، لفت من عضدهم ، وضعفت الروح المعنوية عندهم ، ولتنازعوا وباءوا بالفشل والهزيمة ([36]) .
وجاء قوله تعالى : [... يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ...] {الصَّفات:102} ، تتحدث الآية عن رؤيا إبراهيم حيث قال محمد بن كعب : كانت الرسل يأتيهم الوحي من الله أيقاظاً ورقوداً ، فإن الأنبياء لا تنام قلوبهم ، وهذا ثابت في الخبر المرفوع ، قال : (إنا معاشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا) ([37]) ، وقال ابن عباس : "رؤيا الأنبياء حق" ([38]) .
وأمر الله – سبحانه – إبراهيم بذبح ولـده أمر ابتلاء وليس المقصود منه التشريع ، إذ لو كان تشريعاً لما نُسخ قبل العمل به ؛ لأن ذلك يغيب الحكمة من التشريع بخلاف أمر الابتلاء ، والمقصود من هذا الابتلاء إظهار عزمه وإثبات علوِّ مرتبته في طاعة ربه فإن الولد عزيز على نفس الوالد ، والولد الوحيد الذي هو أمل الوالد في مستقبله أشد عزة على نفسه ؛ لأنه بشرى من الله العزيز الحكيم ، قال تعالى : [الحَمْدُ للهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ] {إبراهيم:39} .
فبعد أن أقر الله عينه بإجابة سؤله ، وترعرع ولده أمره بأن يذبحه ، فينعدم نسله، ويخيب أمله ويزول أنسه ، ويتولى بيده إعدام فلذة كبده ، وأحب النفوس إليه ، وذلك عظيم الابتلاء ، فقابل أمر ربه بالطاعة والامتثال ، وأخبر ابنه ليكون أهون عليه ، وليختبر صبره وجلده وعزمه في صغره على طاعة الله تعالى وطاعة أبيه .
وحصلت حكمة الله من ابتلائه ، وهذا معنى قوله تعالى : [إِنَّ هَذَا لَهُوَ البَلَاءُ المُبِينُ] {الصَّفات:106} .
وإنما برز هذا الابتلاء في صورة الوحي المنامي إكراماً لإبراهيم عن أن ينزعج بالأمر بذبح ولده بوحي في اليقظة ؛ لأن رؤى المنام يعقبها تعبيرها ، إذ قد تكون مشتملة على رموز خفية ، وفي ذلك تأنيس لنفسه لتلقي هذا التكليف الشاق عليه ، وهو ذبح ابنه الوحيد إسماعيل ([39]) .
المطلب الثاني : أنواع النوم ومراحله :
إن نوم النبي أعدل نوم وأنفعه لأعضاء البدن والقوى التي يمتلكها الإنسان كقوة البصر والبصيرة وسائر القوى الجسمية والروحية ، فمن تدبر في نومه يجده أنه كان ينام أول الليل ويستيقظ أول النصف الثاني فيقوم ويستاك ويصلي ما يشاء الله له من الصلاة فيكون البدن والأعضاء وقواه أخذت نصيبها من النوم والراحة وحظها من القيام ، فيكون قد جمع بين الرياضة البدنية والروحية في الليلة الواحدة ، وهذا غاية عظمى في صلاح القلب والأخلاق وسائر أعضاء البدن في الدين والدنيا والآخرة .ولم يكن يأخذ من النوم فوق القدر الطبيعي ولا ينقص منه شيئاً وإنما يأخذ ما يحتاج إليه الإنسان ليحافظ على أنشطته ، وكان يفعله على أكمل الوجوه ، فينام إذا دعته الحاجة إلى النوم ملتزماً بآداب النوم التي سنتحدث عنها لاحقاً .
وهذا القسم من النوم يمثل النوع الطبيعي ، ويشتمل على أحكام سنفصل الحديث عنها في هذا المطلب مع بيان القسم الثاني ، وهو النوم المنهي عنه ، وهو غير الطبيعي ، وسنعرج إلى الحديث عن مراحل النوم التي استنبطناها من خلال الألفاظ التي استخدمها القرآن الكريم كمرادفات للفظة النوم .
أولاً : أنواع النوم :
لقد قسم العلماء النوم إلى أنواع منها : الواجب ، والمستحب ، والمكروه ، والمحرم ، مع أن الأصل في النوم الإباحة .
أ- النوم الواجب :
هو النوم الذي يأخذ به الإنسان قسطاً ولو بسيطاً من الراحة يرتاح بها من الجانب النفسي والجسمي لكي يتغلب على شظف الحياة ، ومتاعبها ، وهذه أمانة علينا واجبٌ أن نؤديها لأنفسنا ولأبداننا ، وهذا يقع ضمن الأمانة التي أمر الله بأدائها ، قال تعالى : [إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ...] {النساء:58} .
ويكون النوم واجباً على الإنسان إذا أراد أن يسهر ليلاً من أجل تأدية واجب أو أمر مباح من الطاعات ، وتأدية العبادات ، فأوضح الاستعانة بقيلولة النهار وهو النوم نهاراً لمن أراد قيام الليل حتى يستطيع القيام على أكمل وجه ، وعندما دخل المسجد فاستغرب من وجود حبل ممدود بين ساريتين تستند عليه زينب إذا نعست في صلاتها ، جاء عن أنس قال : دخل النبي فإذا حبلٌ ممدودٌ بين الساريتين فقال : (ما هذا الحبل ؟) قالوا : هذا حبل لزينب فإذا فترت تعلقـت به ، فقـال النبي : (حلوه ، ليُصلِّ أحدُكم نشاطهُ فإذا فتر فليرقد) ([40]) .
ولقد أنكر رسول الله r على بعض الصحابة التبتل والجلوس في البيوت ، وعدم الأخـذ بالأسباب من أجل كسب القوت لمن يعولهم ، وشدد على الذين يعتزلون النساء ويقومون الليل ولا يرقدون أو يصومون النهار ولا يفطرون طيلة العام ، وأنكر عليهم ذلك ، قال تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ] {المائدة:87} .
وجاء عن أنس t قال : جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي r يسألون عن عبادة النبي r ، فلما أُخبروا كأنهم تقالوها وقالوا : أين نحن من النبي r قد غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه وما تأخـر ، قال أحدهم : أما أنا فأصلي الليل أبداً ، وقال الآخر : وأنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال الآخر : وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً ، فجاء رسول الله r فقال : (أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟! أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني) ([41]) .
وهذه الأحاديث فيها نهيٌ صريح من النبي r عن قيام الليل كله وترك النوم .
ويرشـدنا الحبيـب المصطفى r إذا كان الإنسان يصلي في جوف الليل وغلبه النعاس حتى صار لا يدري ما يقول ، فالواجب عليه أن ينام عملاً بالسنة النبوية المطهرة ، عن عائشة رضي الله عنهـا أن رسـول الله r قال : (إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم ، فإنَّ أحدكم إذا صلـى وهـو ناعسٌ لا يدري لعلّه يذهب يستغفر فيسبُّ نفسه) ([42]) .
ب- النوم المستحب :
وهو النوم الذي يكون في أول الليل بعد صلاة العشاء بقليل لكي يقوى الإنسان على قيام الثلث الأخير من الليل ، وكذلك النوم في وقت القيلولة وهو وقت الظهيرة لكي يستعين به المسلم على قضاء حوائجه بعد ذلك ويقوم الليل ، فكل نوم يساعد الإنسان على طاعة الله على أكمل وجه فهو نوم مستحب .
ج- النوم المكروه :
وهو النوم الزائد عن حاجة الإنسان ، وهو الذي يؤدي إلى الكسل والخمول ، وتبيّن من خلال البحوث والدراسات أن النوم الأقل هو الأفضل ، وهذا ما أكده القرآن الكريم ، قال تعالى : [كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ] {الذاريات:17} ، وكذلك أمر الله I نبيه ألا يكثر من النوم ، وأن يعوض ما ينقصه من نوم الليل من خلال النهار ، قال تعالى : [يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ* قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ...] {المزمل: 1-5} .
والنوم الطويل يضر بالقلب ، حيث يتعرض القلب لنقص الأكسجين ، ولذلك فإن الاستيقاظ من الليل ولو لمرة واحدة مفيد لإمداد القلب بالأكسجين ، وهذا ما حث عليه القرآن عندما أمر بقيام الليل ، وهذا ما يفعله النبي r عندما كان يستيقظ من الليل ، فيتفكر في خلق الله ويذكر الله ويقوم الليل ([43]) ، قال تعالى : [الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السموات وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ] {آل عمران:191} .
ويكره النوم في حلقـات العلم وأثناء خطبة الجمعة ، وفي مجالس الذكر ؛ لأن النوم في هـذه الحالات يكـون من الشيطان ، كما يكـره بعـد صلاة العصر إلا إذا كان لعذر ، لقوله تعالى : [فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ] {البقرة:173} ، ويكـره النوم على سطح بيـت ليس لـه جـدار يمنعه من السقوط ، ونوم الرجل منبطحاً على بطنـه ، والنوم في عرفـات قبـل غروب الشمس ؛ لأنه وقت تضرع ، والنوم بعد صلاة الفجر ؛ لأنه وقت قسمة الأرزاق ، ونـوم الرجل تحت السماء متجرداً من ثيابه مع ستر العورة .
د- النوم المحرم :
وهو النوم عن الصلوات الخمس ، كمن ينام عن صلاة الفجر أو العصر أو صلاة العتمتين لما فيهما من الأجر والثواب العظيم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله r : (إن أثقل صلاة على المنافقيـن صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً) ([44]) .
هـ- ويوجد نوع آخر من النوم ، وهو ما يكون رحمة وأماناً من الله U بالمؤمنين وهو النوم الذي ينزله الله تعالى على المقاتلين في ساحة القتال كالذي وقع في غزوتي بدر الكبرى وأحد ، قال تعالى : [إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ ...] {الأنفال:11} ، وقال تعالى : [ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا ...] {آل عمران:154} ، وأثر عن ابن مسعود t قال : (النعاس في القتال من الله ، وفي الصلاة من الشيطان) ([45]) .
ثانياً: مراحل النوم :
لقد ظن الإنسان منذ القدم أن النوم عملية فطرية بسيطة ، ولكن بعد دراسة فاحصة لحقيقة النوم تبيّن أن النوم من أعقد العمليات الطبيعية التي تحدث للإنسان على سطح هذه الأرض ، قال تعالى:[وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ ] {الرُّوم:23} ، فالآية هنا دليل قاطع على بيان أن النوم آية من آيات الله تعالى ، سواء كان النوم بالليل أو في النهار فهو معجزة ؛ لأن فيه تحصل الراحة وسكون الحركة ، وذهاب التعب والنصب ، وجعل الانتشار والسعي من الأسباب للكسب ولإعمار الأرض ([46]) ، ولن يكون الإعمار والبناء للمجتمع وللحياة البشرية إلا عن طريق الكد والتعب والأخذ بالأسباب ، وهذا يترتب عليه الاحتياج إلى النوم الذي يزود الجسد بالراحة والسكينة حتى يعود إلى العمل والبناء من جديد كلما شعر بالنصب والإعياء ، لذلك جعل العلماء النوم يمرّ بمراحل متعددة استندوا في تحديدها إلى عمل الدماغ الذي يطلق الموجات الكهرومغناطيسية أثناء النوم بترددات مختلفة ، وبناءً على تلك الترددات فإن النوم يمر بخمس مراحل كل مرحلة تتميز بترددات صادرة من الدماغ تختلف عن الأخرى ، ولكنها تتفق في كل مرحلة مع لفظة من المرادفات الخمس للفظة النوم ، وهي تتمثل في : السِّنة ، والنعاس ، والهجوع ، والسبات ، والرقود ، وهذا ما يؤكد وجه الإعجاز العلمي في آيات النوم كما أوضحها القرآن الكريم .
أما لفظة التهجد فهي من الهجود ، ويطلق على النوم والسهر ، ويقال : هجد : إذا نام بالليل ، فهو هاجد ، والجمع هجود ، ويقال : تهجد إذا نام ، وإذا صلى ، فهو من الأضداد ، ورجح المالكيـة أن التهجد هو الصلاة بعد النوم ، وبناءً عليه لا نعتبر التهجد من مراحل النوم ؛ لأنه يطلق عليه وعلى نقيضه ([47]) .
المرحلة الأولى : إن أول مراحل النوم يخامر الإنسان شعورٌ بأنه يطفو في تيار ماء ، وبعض الناس يصف ذلك بأنه شعور بخفة الوزن ، وتتميز هذه المرحلة بانخفاض في موجات المخ ، وأحياناً يصحبه اضطراب ويكون النوم في هذه المرحلة خفيفاً ، وهذه المرحلة هي مرحلة "السِّنة"، حيث يشعر الإنسان فـي بدايـة نومـه بغلبـة الغمض لجفـون العينين وهو ليس نوماً حقيقياً ولكنه مقاربة النوم ، ونفاه الحق تبارك وتعالى عن نفسه فقال تعالى: [لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ] {البقرة:255} ، أي لا يعتريه سنة ولا نوم ، أي لا تغلبه "سِنَة" هي الوسن ويعني النوم الخفيف فمن باب أولى نفي النوم الثقيل ، فكان العطف في الآية من باب عطف الكبير على الصغير ([48]).
المرحلة الثانية : إن النوم في هذه المرحلة يكون خفيفاً ، حيث تتغير موجات المخ لتصبح منتظمة ولها شكل مميز ، يبدأ بموجات مرتفعة تأخذ في الانخفاض تدريجياً ، ويمكن إيقاظ النائم بسهولة في هذه المرحلة ، وهي مرحلة النعاس التي هي بداية مغالبة الإنسان للنوم ، وهو النوم الخفيف القليل الذي لا تعكر صفوه أحلام أو رؤى ، قال تعالى : [إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ] {الأنفال:11} ، وقيل النعاس هنا عبارة عن السكون والهدوء الذي ينتاب الإنسان في بداية النوم ويسمى النوم الضعيف جداً ([49]).
المرحلة الثالثة: تتميز هذه المرحلة عن المراحل السابقة للنوم بانخفاض أكبر في نشاط المخ مع انتظام في ضربات القلب ، ويكون التنفس بطيئاً ومنتظماً ، كما ينخفض ضغط الدم وتوصف هذه المرحلة بالنوم المتوسط العمق ، وهذه المرحلة من النوم تعني النوم القليل المتمثل في قوله تعالى : [كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ] {الذاريات:17} ، أي قليلاً ما ينامون ومعظم الليل قياماً لله رب العالمين ، وهذا النوم القليل يتمثل في قوله تعالى : [يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ القُرْآَنَ تَرْتِيلًا] {المزمل: 1-4} ، وهو أقل من النصف ويصل إلى الثلث ، وهو النوم المتوسط العمق ([50]).
المرحلة الرابعة : وهي مرحلة النوم الحقيقي وتتميز بالعمق في النوم بحيث لا ينتبه النائم إلى معظم المؤثرات الخارجية على الرغم من أن المخ يستقبلها جميعاً ، ومن الصعب إيقاظ النائم في هذه المرحلة ، وإذا أجبر على الاستيقاظ فإنه يشعر أن جسمه ثقيل ، وقد يصاب بصداع أو غثيان على أن قدرة الجسم سرعان ما تعيد الأمور إلى نصابها ([51]) .
وهذه المرحلة من النوم مهمة لاستعادة الجسم نشاطه ونقص النوم في هذه المرحلة ينتج عنه النوم الخفيف غير المريح ، ويحدث حينئذٍ التعب والإجهاد إذا لم يأخذ الجسم الراحة الكافية ، وهو ما يسمى بالسبات أي الانقطاع الكامل لحركة الجسم والتفكير العقلي الذي يسبب الإجهاد والتعب إذا لم يتخلله النوم المناسب المتمثل في قوله تعالى : [وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا] {النَّبأ:9} .
المرحلة الخامسة: وهي أطول مراحل النوم ، وتبدأ عند الاستغراق في النوم حيث تحدث فيها الأحلام والرؤى ، أو ما يُعرف بحركة العينين السريعة ، وهذه المرحلة مهمة جداً لاستعادة الذهن لنشاطه ، وتسمى هذه المرحلة بمرحلة الرقود التي تمثلت في قوله تعالى : [وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ...] {الكهف:18} .
لو تأملنا إلى معنى الرقود في الآية لوجدناه يحمل معنى النوم ، فيقال رقد رقدة ورقوداً ورقاداً ، أي نام ، وأرقده : أنامه ، تراقد : تناوم ([52]) .
فجاءت كلمة رقود في سورة الكهف بمعنى أن الله ضرب على آذانهم بالنوم ، والكهف هو مرقد للنائمين ، ونستدل من ذلك على أن الرقود دلالة على النوم الطويل لفترات زمنية طويلة وهو الذي يمثل المرحلة الأخيرة من مراحل النوم عند علمائنا في العصر الحديث .
ولا نقول هنا إلا سبحان الله العظيم ، فهذه المراحل جميعها التي اهتدى إليها العلماء في العصر الحديث جاءت بألفاظ مرادفة تعبر كل لفظة عن مرحلة من المراحل التي يمر بها الإنسان في نومه على سطح هذه المعمورة ، وهذا يبرهن على الإعجاز القرآني ، وأنه كتاب محكم من لدن حكيم عليم .
المبحث الثالث
آداب النوم وفوائده وأحكامه
يحتوي هذا المبحث على ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : آداب النوم .
المطلب الثاني : فوائد النوم .
المطلب الثالث : أحكام تتعلق بالنائم .
المطلب الأول : آداب النوم :
لقد اتصفت تعاليم الإسلام وتشريعاته بالشمول والكمال ، فاعتنت بالإنسان في جميع مراحله العمرية ، وكافة جوانب حياته ، وكان الصحابة يتعلمون من رسول الله كل صغيرة وكبيرة تخصهم في هذه الحياة ، ولم تغفل الشريعة الإسلامية ظاهرة النوم ، بل أحاطتها بكثير من الآداب والسنن التي من أخذ بها تحقق له في نومه الطمأنينة والهدوء والسكينة والراحة الجسدية والنفسية ، ويكون قد ابتعد عن القلق والاضطرابات النفسية ، وبعض الأمراض كضغط الـدم والسكر والسمنة وفقـدان الذاكرة والتسريع في الشيخوخة ، فهذه تحدث للإنسان عندما يحرم من النوم ، لذلك حثـت الشريعة الإسلامية على النوم بصورته المثلى التي تمنـح الإنسـان الراحة والسعادة ، عندما يكون النائم ملتزماً بآداب النوم قبل نومه ، ومن هذه الآداب ما يلي :1- التبكير بالنوم : النوم بعد العشاء مبكراً ، وصية نبوية ، وصفة حميدة للمسلم ، وعادة صحية ، حيث جاء في الحديث عن أبي برزة الأسلمي أن رسول الله (كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها) ([53]) ، وذلك لأن النوم قبل العشاء قد يؤدي إلى إخراجها عن وقتها مطلقاً ، والسمر بعدها قد يؤدي إلى النوم عن صلاة الفجر أو قيام الليل ، ولا يجوز تأخير النوم إلا لضرورة ، كمذاكرة علم نافع أو محادثة ضيف أو مؤانسة أهل أو رباط في سبيل الله أو السهر على مصالح المسلمين .
2- الوضوء عند النوم : يستحب الوضوء قبل النوم ، وأن يجتهد في ألاّ ينام إلاّ على وضوء للحديث الشريف عن البراء بن عازب قال : قال النبي : (إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ...) ([54]) .
3- النوم على الشق الأيمن : أن ينام على شقه الأيمن ابتداء ، ويتوسد يمينه ، ولا بأس أن يتحول إلى شقه الأيسر فيما بعد ، وهذا ينسجم مع ما بدأ الله به ، حيث بدأ بتقليب أهل الكهف باليمين ثم الشمال ، قال تعالى : [وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ] {الكهف:18} .
4- الوتر قبل النوم : إن صلاة الوتر آخر الليل أفضل لمن تيقن أنه يقوم آخر الليل ، وأما من خشي ألا يقوم آخر الليل فليوتر قبل أن ينام ، فيكون الأول أخذ بالعزيمة والآخر أخذ بالرخصة عملاً بحديث جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله : (من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوّلَهُ ومن طَمِعَ أن يقوم آخِرَهُ فليوتر آخر الليل ، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل) ([55]) .
5- نفض الفراش قبل النوم : يستحب لمن أراد النوم على فراش أن ينفضه ليزيل ما عليه من تراب أو خلايا متساقطة ممن استعمل الفراش سابقاً ، لأننا لا ندري من خلفنا على الفراش ([56]) ، كما جاء في الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله قال : (إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليأخذ داخلة إزاره فلينفض بها فراشه وليسم الله فإنه لا يعلم ما خلفه على فراشه ، فإذا أراد أن يضطجع فليضطجع على شقه الأيمن) ([57]) .
6- عدم النوم على البطن : اجتنب النوم على البطن ؛ لأنه يمنع عظام الصدر من التحرك بحرية أثناء الشهيق والزفير فيتعرقل التنفس ، ويتراكم غاز ثاني أكسد الكربون في الدم بدلاً من الخروج فيتعب القلب ، ويتخدر الدماغ ، كما أن النوم على البطن يؤدي إلى انثناء في فقرات الرقبة لعدم استقامتها ، إضافة إلى الأزمة التنفسية ، لذلك نهى رسول الله عن تلك الهيئة في النوم ، عن أبي هريرة قال : رأى رسول الله رجلاً مضطجعاً على بطنه فقال : (إن هذه الضجعة يبغضها الله ورسوله) ([58]) .
7- إطفاء السرج : ويقصد بالسرج المشتعلة التي تعتمد على النار ؛ لأنها قد تسبب الحرائق في البيوت ، وأصحابها في حالة النوم والاسترخاء والراحة ، ومن السنة إغلاق الأبواب حفاظاً على أمن البيوت وسلامتها وتغطية الأطعمة خوفاً من سقوط الأتربة والميكروبات فتسبب ما لا تحمد عقباه ، لحديث جابر أن رسول الله قال : (أطفئوا المصابيح إذا
رقدتم ، وغلقوا الأبواب ، وأوكوا الأسقية ، وخمِّروا الطعام والشراب) ([59]) .
8- التفريق بين الأولاد والبنات : لقد اهتم الإسلام بتربية الأطفال تربية صحيحة هادفة ، بغرس محبة الله ورسوله في نفوسهم وتعويدهم على الصلوات ، وتعليم الذكور تحمل المسئولية والرجولة وتعويد البنات على أخلاق الاحتشام والحياء وإشراكها في أعمال المنزل والتفريق بينهما في المضاجع ، لحديث الرسول : (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ،وفرقوا بينهم في المضاجع) ([60]) .
9- لا ينام اثنان في لحاف واحد إلا أن تكون زوجته : لقد نهى النبي عن نوم الجماعة في لحاف واحد ، ويظهر أن النهي جاء دفعاً وسداً لذريعة الفتنة والافتتان ، أما بالنسبة للزوجين فيجوز لهما على أي حال كانا ([61]) ، قال : (لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ، ولا المرأة إلى عورة المرأة ، ولا يُفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ، ولا تُفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد) ([62]) .
10- كتابة الوصية : أن لا يبيت من له وصية إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه ، فإنه لا يأمن من القبض في النوم ، فإن الموت قد يأتي فجأة للإنسان من حيث لا يشعر ، وينبغي على المسلم أن يتحرى العدل في وصيته ، ولا يسبب ضرراً لأيٍ من الورثة وغيرهم حيث قال ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله قال : (ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده) ([63]) .
11- استحضار بعض الأذكار المأثورة عند النوم : هناك الكثير من الأدعية والأذكار المأثورة التي ينبغي أن يحافظ عليها المسلم فهي بمنزلة حصن حصين يقي بإذن الله من الشيطان وتُعين على القيام ، ومن هذه الأذكار نذكر التالي :
* ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ، ثم نفث فيهما يقرأ : (قل هو الله أحد) , و(قل أعوذ برب الفلق) ، و(قل أعود برب الناس) ، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده ، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده ، يفعل ذلك ثلاث مرات ([64]) .
* وعن ابن مسعود أن النبـي قـال : (من قرأ هاتين الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه) ([65]) .
* وعن علي بن أبي طالب أن النبي قال لابنته فاطمة رضي الله عنها لما جاءت إليه تطلب منه خادماً ، فقال لها ولعلي : (أعلمكما خيراً مما سألتما ، إذا أخذتما مضجعكما أن تكبرا الله أربعاً وثلاثين ، وتسبحا ثلاثاً وثلاثين ، وتحمدا ثلاثاً وثلاثين ، فهو خير لكما من خادم) ([66]) .
* وعن حفصة رضي الله عنها قالت : إن النبي كان إذا أخذ مضجعه جعل يده اليمنى تحت خده الأيمن وقال : (رب قني عذابك يوم تبعث عبادك) ([67]) .
المطلب الثاني : فوائد النوم :
إن النوم من أهم الوظائف العضوية للإنسان ، وذلك لأنه يقضي ثلث حياته في النوم ، ولذا كان النوم ضرورة قصوى لمزاولة نشاط الإنسان على سطح هذه المعمورة ، وله فوائد جمة وكثيرة للجسم ، فقد أثبتت العديد من التجارب والأبحاث أن الحرمان من النوم يؤدي إلى ضعف الإنسان وعدم القدرة على مزاولة الحياة على أكمل وجهها .لقد أوضح العديد من العلماء فوائد النوم البدنية ، وكيف يكون راحة لأعضاء الجسد ؟ فيخرج الإنسان بعد نومه إلى العمل نشيطاً ، وكذلك صحة للعقل وتجديد لنشاطه ، ويساعد على تنمية المهارات والقدرات العقلية عند الطلاب والباحثين ، كما ينمي قدرات أي إنسان مهما كان مستواه الاجتماعي والثقافي .
ولا ننسى أن عدم النوم أو النقصان من النوم الطبيعي يسبب الأضرار البالغة في حياة الإنسان والمجتمع بشكل عام ، ويؤثر على التنمية في جميع مناحيها ، لذلك حاولت حصر فوائد النوم في التالي :
1- النوم صفة فطرية موجودة في جميع بني آدم ، واستجابة وتلبية للفطرة التي فطر الله الناس عليها ،لذلك ينبغي تلبية الفطرة الإنسانية حتى نصل بالفرد والمجتمع إلى تحقيق القيم والمثل العليا النبيلة والبناء الحضاري في ظل المجتمع الإسلامي الذي يتمشى ويعترف بفطرة الإنسان .
2- يساعد النوم العقل الإنساني على أداء وظيفته ، ويحول الخبرة إلى ذاكرة كما ويؤدي دوراً في التنمية العقلية حيث يمدها بالراحة التي هي بمنزلة الغذاء الذي ينمي العقل ويزيده بسطة وقوة في التفكير والإبداع .
3- النوم يساعد الإنسان في استرجاع الذكريات ، والأحداث التي قد ينساها خلال اليوم والأسبوع والشهر ، من خلال تنمية الذاكرة والعمل على زيادة ملكة الحفظ والفهم .
4- النوم ينمي المواهب الشخصية والمهارات الفردية الخاصة بكل إنسان من خلال أنه يوفر الراحة للحواس أن تعمل بكل نشاط سوي .
5- النوم مفيد للطلاب والباحثين والعاملين ؛ لأنه يحافظ على ذاكرة أقوى .
6- يوجد علاقة بين النوم والقدرة الإبداعية عند الإنسان ، حيث إن الدماغ يمارس نشاطات إبداعية عديدة أثناء النوم ([68]) .
7- فائدة نوم الظلام : أكد الباحثون أن النوم في الظلام مفيد لصحة الإنسان ، ويحسن من نشاط جهاز المناعة بصورة كبيرة حيث إن الجسم يفرز في الظلام هرمون الميلاتونين الذي يؤدي دوراً وقائياً في مهاجمة الأمراض الخبيثة كسرطان الثدي والبروستات ، وهذا الهرمون الذي يعيق نمو الخلايا السرطانية قد يتعطل مع وجود الضوء أثناء النوم ، كما وأن الليل المظلم يُنشط إفراز هرمونات معينة في الجسم ، وأيضاً فإن ضوء النهار ينشط هرمونات أخرى تقوي جهاز المناعة ، وبذلك يكون الإنسان قد حافظ على جهاز المناعة لديه إذا عمل بهذه الفائدة ([69]) .
8- فائدة نوم القيلولة : أمرنا رسول الله أن نأخذ غفوة خلال النهار ، والقيلولة هي النوم القليل وقت الظهيرة تساعد الإنسان العامل وغيره إلى النشاط بعد راحته في القيلولة ، وأظهرت بعض الأبحاث العلمية أن قيلولة الإنسان تقلل من خطر الإصابة بمشكلات قلبية خطيرة وربما قاتلة ، لأن قيلولة النهار بعد العمل تفيد القلب ؛ لأنها تخفف من الإجهاد والاضطراب ، حيث يشكل العمل المصدر الرئيسي لإجهاد الجسم ، والنوم بالنهار ضروري ليعوض الإنسان ما فاته من نوم الليل ؛ بل إن نوم الليل لا يكفي ، وقد يكون ضاراً ويسبب إزعاجاً إذا امتد لفترة طويلة ([70]) . لذلك لا بد من النوم في النهار لفترة قصيـرة وهي التي أوصى بها رسول الله وهي القيلولة ، وهي معينة للإنسان على قيام الليل .
9- فائدة النوم على الشق الأيمن : لقد أوصى رسول الله بالنوم على الشق الأيمن ، كما جاء في الحديث الشريف عن البراء بن عازب رضي الله عنهما أن النبي قال : (إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن) ([71]) . جاءت هذه الوصية بالنوم على الجانب الأيمن ؛ لأنه أكثر الأوضاع راحة ، فالكبد التي هي أثقل الأشياء الداخلية تكون مستقرة لا معلقة ، وكذلك القلب ينال الراحة في الحركة ؛ لأنه يكون أخف حملاً ، إذ لا يكون فوقه إلا القليل من الرئة ، وهذا يساعد على النشاط فعلاً .
كما أن النوم على الجانب الأيمن من أفضل الإجراءات الطبية التي تُسهِّل وظيفة القصبات الرئوية اليسرى في سرعة طرحها لإفرازاتها ، كما أثبتت الدراسات أن توسد اليد اليمنى أثناء النوم على الجانب الأيمن يؤدي إلى إحداث سلسلة من الذبذبات يتم من خلالها تفريغ الدماغ من الشحنات الزائدة الضارة ، مما يؤدي إلى الاسترخاء المناسب للنوم ([72]) ، وصدق الحبيب المصطفى إذ أوصى بذلك قبل أن يكتشف العلم هذه الحقائق حيث جاء عن حفصة رضي الله عنها قالت : (كان النبي إذا أخذ مضجعه جعل يده اليمنى تحت خده الأيمن) ([73]) .
المطلب الثالث : أحكام تتعلق بالنائم :
إن النائم تنقصه الصلة الطبيعية بالروح ، لذلك يسقط عنه التكليف في حالة النوم ؛ لأنه فقد الإرادة على حواسه وأعضائه الخاضعة لإرادته فلا يستطيع التحكم في عينيه أو يديه أو لسانه ورجليه ، وليس له قدرة على التفكير والعقل إلا بوجود الروح واتصالها بالجسد بالصورة الطبيعية التي تغاير تماماً ما هو كائن أثناء النوم ؛ لأن الروح تكون على صلة بالجسـد فـي حالـة النوم تختلف عنها في اليقظة والموت ، ولذلك فإن النائم غير مسئول عن حركاته الجسدية ؛ لأنها غير إرادية وليست نابعة عن تفكير أو استجابة لما حوله من مؤثرات مادية .ونستطيع القول بأن النائم إنسان حي يتحرك ويتكلم ويتنفس ، لكنه غير متحكم فيما يصدر عنه من أفعال وأقوال ولا يؤاخذ ولا يأثم لقول رسول الله : (رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يعقل) ([74]) .
الطهارة والنوم :
المسئولية عن تطبيق الأحكام الشرعية ترفع عن النائم ، أما بالنسبة للوضوء فإنه ينقض إذا اضطجع النائم على جنبيه أو ظهره ؛ لأنه غير متمكن ، وبسبب الاسترخاء فلا يخلو من خروج الريح في أغلـب الأحيـان ، أما إذا كـان النائم جالساً على مقعدته متمكناً من الأرض لا ينقض وضـوءه عند جمهور العلماء ([75]) ، واستدلوا بحديث أنس قال : (كان أصحاب رسول الله ينتظـرون العشـاء الآخـرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون) ([76]) .وخالف المالكية الجمهور في هذا الحكم الشرعي فذهبوا إلى أن النوم الثقيل ينقض الوضوء سواء كان النائم مضطجعاً أو قائماً أو راكعاً أو ساجداً بخلاف النوم غير الثقيل فلا ينقض الوضوء ، ونحن نرجح رأي الجمهور ؛ لأنه هو الأحوط ، وقد لا يستطيع النائم الحكم على نومه هل كان ثقيلاً أم خفيفاً .
الصلاة والنوم :
إذا نام الإنسان عن الصلاة قصداً ، فإنه يكون مكلفاً ومؤاخذاً على تضييعها ؛ لأنه نام متعمداً ، ويعلم أنها ستضيع إذا نام ، فيبقى في جملة المكلفين في هذه الحالة ، بخلاف الذي لم يُفرِّط فيها ، فنام قبل وقت أدائها بسبب حاجته للنوم ، أو بُعْد الوقت مع غلبة ظنه أنه سوف يستيقظ ، فغلبه النوم حتى ذهاب الوقت فلا شيء عليه .الصوم والنوم :
يجب الصوم على المسلم العاقل البالغ الذي يمتلك القدرة على الصوم ولا يجب على من لا يطيقه حسّاً كمرض ونحوه ، أو شرعاً كحيض ونفاس ، كما أنه يجب الصوم على النائم فهو أهل للعبادة في ذاته وهو أقرب للتنبه من غيره ، أما إذا جُن الصائم ولو لحظة من النهار بطل صومه ، وإذا أغمي الصائم فلا يضر ، أما إذا استغرق الإغماء جميع النهار بطل صومه وعليه القضاء ، بخلاف النوم ، فلا يضر النوم ولا يجرح الصيام ولو استغرق الصائم جميع النهار في النوم ، حيث نوى قبل النوم ([77]) .الجنابة والنوم :
قد يصبح النائم جنباً ، بأن يحتلم أثناء نومه ، وفي تلك الحالة يجب عليه الاغتسال والتطهر بالماء من الجنابة بعد أن يستيقظ إذا علم بذلك في نفسه ، أو وجد بللاً في ثيابه عندما استيقظ من نومه ، وإن لم يجد الماء للطهارة ، تيمم من الصعيد الطيب ، قال تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ...] {المائدة:6} .
الاستئذان والنوم :
قال تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ...] {النور:27} ، الآية تنهى عن دخول بيوت الآخرين قبل الاستئذان ، والنهي هنا يفيد التحريم للقاعدة الفقهية : (كل أمر للوجوب وكل نهي للتحريم) ، ويستنبط من ذلك أنه يحرم على المكلف أن يدخل بيتاً غير بيته حتى يستأذن ، وقال جمهور العلماء : إن السلام من القادم حكمه الندب ، وأما الاستئذان فحكمه الوجوب ، وعللوا ذلك بأن الاستئذان من أجل حفظ البصر وخوفاً من وقوعه على عورات الآخرين ، لذلك كان واجباً ، أما السلام فهو من أجل تحقيق المحبة والمودة والتآلف بين الناس فحكمه الندب بخلاف الاستئذان ([78]) .وكذلك شُرع الاستئذان للذين يحلُّ لهم الدخول بعضهم على بعض في الأوقات التي اعتاد الناس أن يناموا فيها ، وخاصة أنهم تعودوا تخفيف ثيابهم أوقات النوم ، وقد لا يستطيع الإنسان الاحتراز من انكشاف عورته فقال تعالى : [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ العِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ ...] {النور:58} .
الخاتمة
الحمد لله رب العالمين الذي وفقنا لكتابة هذا البحث ، الذي تحدث عن نعمة من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى ، وآية من آياته ألا وهي "آية النوم" التي لو استغنى الإنسان عنها لهلك ، كاستغنائه عن بعض الضرورات ، لذلك على الإنسان أن يُقبل على الله تعالى بالطاعات ، والعبادات ومزيداً من الشكر على هذه النعم الجليلة ، بل ويُقبل على كتاب الله فهماً وتدبراً وعلماً وبحثاً ، فالقرآن الكريم المعجز ، الصالح لكل زمان ومكان هو أسس العلوم الدينية والدنيوية .
فليقبل عليه العلماء والباحثون ليكتشفوا مزيداً من أسراره وإعجازه ، ولتستيقظ عقول وقلوب النيام بعيداً عن هدى القرآن ، ويهتدوا بهدى الله وسنة رسوله الكريم .
وبعد هذه الجولة العطرة بين ثنايا البحث نؤكد على أهم النتائج والتوصيات التالية :
أولاً : أهم النتائج :
1- إن النص القرآني له سر عجيب قاطع ، فكل لفظة من ألفاظ النوم جاءت في سياقها القرآني ضمن قالب خاص يميزها عن غيرها ، وأنه لا يمكن بحال أن تؤدي معناها كلمة أخرى .2- إنه من خلال هذا البحث تمّ التعرف على معنى النوم لغة من خلال استعراض أمهات كتب اللغة ، ومن ثم ترجيح المعنى الاصطلاحي للنوم .
3- لقد تم الربط بين حديث العلماء عن مراحل النوم ، ومرادفاته في القرآن الكريم حيث جاءت كل لفظة لتعبر عن مرحلة من مراحله ، وبذلك يكشف البحث عن لون من ألوان الإعجاز العلمي في القرآن الكريم .
4- أثبت البحث العديد من الفوائد والآداب والأحكام الشرعية التي تعود بالنفع على الدارس لهذا البحث .
5- أوضح البحث أن دراسة آيات النوم في السياق القرآني خير مثال تطبيقي للتفسير الموضوعي في القرآن الكريم ،وأن القرآن الكريم غني بموضوعاته ولا تنقضي عجائبه .
6- يؤكد البحث أن النوم سر من أسرار الله ، وآية من آياته في خلقه ، ولا يزال العلم يكتشف كل يوم الجديد في محاولة منه للتعرف على حقيقة النوم ، وآخر ما توصل إليه العلم أن الدماغ يكون نشطاً أثناء النوم ، ويمكن للنائم ترسيخ وتثبيت وحفظ بعض المعلومات عندما تلقّن له ويتم سماعها .
ثانياً : التوصيات :
1- نوصي بضرورة مواصلة البحث في بيان المصطلح القرآني والموضوعات القرآنية التي تمثل لوناً هاماً من ألوان البحث في التفسير الموضوعي .2- ضرورة التركيز على الموضوعات القرآنية الهامة التي تعمل على حلّ المشاكل التي تعتور الأمة من منظور قرآني .
3- الالتزام الكامل بآداب وأحكام النوم ، والاهتداء بهدي الحبيب المصطفى .
4- التأكيد على أن النوم آية من آيات الله تعالى ، وإبراز ذلك في كتب الإعجاز العلمي .
والله نسأل أن يرزقنا الإخلاص والصدق والتوفيق والثبات في الأمر ، والعزيمة في الدعوة إلى الله ، والفوز بالجنة والنجاة من النار ، وأن ينصر الإسلام والمسلمين ، ويخذل الأعداء إنه على ما يشاء قدير ، وبالإجابة جدير ، إنه فعّال لما يريد .
المصادر والمراجع
1- الأساس في التفسير ، لسعيد حوى ، طبعة دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع .2- أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير ،لأبي بكر جابر الجزائري ، ط3 ، 1418هـ-1997م.
3- التعريفات ، علي بن محمد الجرجاني ، ط3 ، 1408هـ-1988م ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
4- تفسير التحرير والتنوير ، تأليف الإمام الشيخ محمد الطاهر بن عاشور ، دار سحنون للنشر والتوزيع .
5- تفسير القرآن العظيم ، لأبي الفداء ابن كثير الدمشقي ، طبعة دار الفكر .
6- التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج ، الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي ، دار الفكر المعاصر .
7- تفسير محاسن التأويل ، محمد جمال الدين القاسمي ، ط2 ، 1398هـ-1978م ، دار الفكر ، بيروت .
8- تفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم ، سميح عاطف الزين ، ط2 ، 1404هـ-1984م .
9- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ، للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ، ط1 ، 1425هـ-2004م ، مكتبة الصفا .
10- روائع البيان تفسير آيات الأحكام ، محمد علي الصابوني ، بدون طبعة ، الناشر دار الصابوني .
11- صفوة التفاسير ، الشيخ محمد علي الصابوني ، المكتبة العصرية ، صيدا ، بيروت .
12- عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ ، شهاب الدين الحلبي المعروف بالسمين ، ط1 ، 1417هـ-1987م .
13- فتح القدير "الجامع بين فني الرواية والدراية في علم التفسير" ، للشوكاني ، ط1 ، 1413هـ-1992م ، دار الخير .
14- فقه السنة ، السيد سابق ، ط3 ، 1401هـ ، لبنان ، بيروت .
15- الفقه المبسّط ، محمد أديب كلكل ، ط4 ، قسم العبادات ، مكتبة الدعوة .
16- في ظلال القرآن ، سيد قطب ، دون تاريخ ، دار الشروق والطبعة اللبنانية .
17- القاموس المحيط ، للعلامة الفيروزأبادي ، المتوفى 817هـ ، ط1 ، 1406هـ-1988م ، مؤسسة الرسالة .
18- الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ، للزمخشري ، ط1 ، 1317هـ-1977م .
19- لسان العرب ، للإمام العلامة ابن منظور ، دار الحديث ، 1422هـ .
20- معالم التنزيل في التفسير والتأويل ،للبغوي ،طبعة دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع .
21- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ، محمد فؤاد عبد الباقي ، ط 1422هـ-2001م دار الحديث ، القاهرة .
22- معجم مقاييس في اللغة ، ابن فارس ، حققه شهاب الدين أبو عمرو ، ط دار الفكر .
23- المعجم الوجيز ، مجمع اللغة العربية ، طبعة شرعية معتمدة من مجمع اللغة العربية ، القاهرة .
24- مفردات ألفاظ القرآن ، للعلامة الراغب الأصفهاني ، تحقيق صفوان عدنان داودي ، ط2 ، 1423هـ-2002م ، دار العلم ، دمشق ، الدار الشامية بيروت .
25- مقدمة ابن خلدون ، عبد الرحمن بن خلدون ، ط1 ، 1413هـ ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
26- منتديات الركن الإسلامي ، الإعجاز العلمي في نوم المصطفى .
27- منتديات صوت فلسطين ، التعليم أثناء النوم .
28- موقع الدكتور حسان شمسي باشا ، النوم عبادة في عادة النوم .
29- موقع الدكتور خالد سعيد النجار ، شبكة الإنترنت .
30- موقع الدكتور عبد الدايم كحيل للإعجاز العلمي في القرآن والسنة .
31- موقع الدكتور عبد الرحمن النمر ، الإعجاز العلمي النوم أسرار ومراحل .
32- موقع د. محمد بن عبد الله القناص ، النوم آية من آيات الله ، منتديات صوت القرآن .
-1-
[1]() معجم المقاييس في اللغة لأبي الحسين أحمد بن فارس، حققه: شهاب الدين أبو عمرو ص: 1005 طبعة دار الفكر "بيروت".
[2]() انظر مفردات ألفاظ القرآن للعلامة الراغب الأصفهاني ، تحقيق : صفوان عدنان داودي ، ص 380 ، ط2 ( 2002م) ، دار العلم دمشق ، الدار الشعبية ، بيروت.
[3]() انظر عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ ، تأليف شهاب الدين الحلبي الشافعي المعروف بالسمين ، ص 599 ، الطبعة الأولى.
[4]() انظر لسان العرب ، لابن منظور ، ص 4583-4586 ، ط دار المعارف جديدة .
[5]() انظر : القاموس المحيط للعلامة اللغوي مجد الدين الفيروزأبادي ، ص 1503-1504 .
[6]() كتاب التعريفات للعلامة علي محمد الجرجاني ، ص 248 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط3 ، 1408هـ-1988م .
[7]() انظر : شبكة المعلومات الإنترنت منتديات تموز 2009م .
[8]() انظر : شبكة المعلومات www.islam-qucomar.6853 .
[9]() انظر : المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ، لمحمد فؤاد عبد الباقي ، ص 899 ، طبعة دار الفكر .
[10]() انظر : تفسير القرآن العظيم ، لابن كثير 1/331 .
[11]() انظر : الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ، للزمخشري 1/384 .
[12]() في ظلال القرآن ، سيد قطب ، طبعة دار الشروق 2/287 .
[13]() تفسير التحرير والتنوير ، للإمام محمد الطاهر بن عاشور 3/19 ، دار سحنون ، تونس بتصرف .
[14]() صحيح مسلم ، مجلد 1 ، ص 101 ، حديث 465 ، ك الإيمان ، باب "إن الله لا ينام" .
[15]() انظر : لسان العرب المحيط ، المجلد 2 ، ص 1205 ، وأيضاً انظر : تفسير مفردات القرآن الكريم ، سميح عاطف الزين ، ص 369 .
[16]() تفسير القرآن العظيم ، للإمام ابن كثير 3/1123 ، 1124 ، دار الفكر .
[17]() انظر : لمحات في إعجاز القرآن الكريم ، د. عصام زهد ، ص 72 .
[18]() انظر : تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ، للسعدي 3/380 .
[19]() التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج ، د. وهبة الزحيلي ، الجزء الخامس عشر ، ص 223 .
[20]() تفسير القاسمي المسمى محاسن التأويل ، لمحمد جمال الدين القاسمي ، 7/16 .
[21]() انظر : صفوة التفاسير للصابوني 3/252 ، وأيضاً تفسير السعدي ، ص 776 .
[22]() انظر : التفسير المنير ، ج27 ، ص 15-21 ، والأساس في التفسير ، سعيد حوى 10/5510 .
[23]() صفوة التفاسير 1/496 .
[24]() انظر : صفوة التفاسير 1/227 .
[25]() معالم التنزيل في التفسير والتأويل ، للبغوي 5/315 .
[26]() في ظلال القرآن 6/3805 .
[27]() التفسير المنير ، ج24 ، ص 22 .
[28]() انظر : جامع البيان في تأويل آي القرآن للطبري 11/9 ، 10 .
[29]() صحيح مسلم ، كتاب الذكـر والدعـاء والتوبـة ، باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع 8/79 ، حديث 7067 .
[30]() صحيح مسلم ، كتـاب الذكـر والدعـاء والتوبة ، باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع 8/78 ، حديث 7062 .
[31]() صحيح مسلم ، ج4 ، ص 1773 ، حديث رقم (2263) .
[32]() صحيح مسلم ، ج7 ، ص 52 ، حديث رقم 6043 .
[33]() مقدمة ابن خلدون ، ص 290.
[34]() في ظلال القرآن ، مجلد 8 ، ص 612 ، بدون طبعة.
[35]() صفوة التفاسير ، للصابوني 1/507 .
[36]() انظر : السيرة النبوية ، د. محمد أبو فارس ، ص 349 .
[37]() موطأ الإمام مالك ، أبواب الصلاة ، باب قيام شهر رضمان وما فيه من الفضل 1/353 ، حديث 239 ، صححه الألباني .
[38]() تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5/101 .
[39]() انظر : التحرير والتنوير ، ج22 ، ص 150 ، 151 .
[40]() صحيح مسلم 2/189 ، باب أمر من نفس في صلاته أو استعجم عليه القرآن أو الذكر بأن يرقد أو يقعد حتى يذهب عنه ذلك ، رقم 1867 ، النشر دار الجيل ، بيروت .
[41]() صحيح البخاري ، ج7/2 ، باب الترغيب في النكاح ، رقم 5063 ، الناشر دار طوق النجاة ، تحقيق : محمد زهير بن ناصر الألباني ، ط1 ، 1422هـ .
[42]() صحيح البخاري ، كتاب الوضوء ، باب الوضوء في النوم ومن لم يرَ من النعسة والنعستين 1/53 ، حديث 212 .
[43]() منتديات صوت فلسطين التعليم أثناء النوم .
[44]() صحيح مسلم ، ج2 ، ك الصلاة ، باب فضل صلاة الجماعة ، ص 123 ، حديث رقم 1514 .
[45]() انظر : المنتدى الإسلامي العام .
[46]() انظر : مختصر ابن كثير 2/52 .
[47]() انظر : منتديات ماجدة ، شبكة الإنترنت ، خلاصة في أحكام التهجد .
[48]() التحرير والتنوير 3/19 .
[49]() انظر : تفسير مفردات ألفاظ القرآن الكريم ، ص 861 ، وأيضاًُ أيسر التفاسير 2/289 .
[50]() فتح القدير للشوكاني 5/84 .
[51]() موقع الدكتور عبد الرحمن النمر ، الإعجاز العلمي ، النوم أسرار ومراحل .
[52]() المعجم الوجيز ، مجمع اللغة العربية ، القاهرة ، ص 273 .
[53]() صحيح البخاري ، كتاب مواقيت الصلاة ، باب ما يكره من النوم قبل العشاء 1/118 ، حديث 568 .
[54]() صحيح مسلم ، كتـاب الذكـر والدعـاء والتوبة ، باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع 8/77 ، حديث 7057 .
[55]() صحيح مسلم ، كتاب صلاة المسافرين ، باب من خاف ألا يقوم في آخر الليل فليوتر أوله 2/174 ، حديث 1802 .
[56]() موقع د. محمد بن عبد الله القناص على الإنترنت ، النوم آية من آيات الله .
[57]() صحيح مسـلم ، كتـاب الذكـر والدعاء والتوبة ، باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع 8/79 ، حديث 7067 ، صححه الألباني .
[58]() سنن الترمذي ، أبواب الأدب ، باب ما جاء في كراهية الاضطجاع على البطن 4/475 ،حديث 2768 ، قال الألباني عنه حديث حسن .
[59]() صحيح البخاري ، كتاب الأشربة ، باب تغطية الإناء 7/112 ، حديث 5624 .
[60]() سنن أبي داود ، كتاب الصلاة ، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة 1/185 ، حديث 495 .
[61]() انظر : موقع الدكتور حسان شمسي باشا ، عبادة في عادة النوم ، وأيضاً موقع د. خالد النجار ، من أحكام النوم .
[62]() صحيح مسلم ، كتاب الحيض ، باب تحريم النظر إلى العورات 1/183 ، حديث 794 .
[63]() سنن الترمذي ، كتاب الوصايا ، باب 3 (الحث على الوصية) ، مجلد 4 ، ص 432 ، حديث 2118 ، صححه الألباني .
[64]() صحيح البخاري ، كتاب فضائل القرآن ، باب فضل المعوذات 6/190 ، حديث 5017 .
[65]() صحيح مسلم 2/1908 ، باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة ، رقم الحديث (1916) .
[66]() صحيح مسلم ، ج8 ، ص 84 ، باب التسبيح أول النهار وعند النوم ، رقم الحديث 7090 .
[67]() مسند أحمد ، حديث حفصة أم المؤمنين بنت عمر 6/287 ، حديث 26505 .
[68]() موقع منتديات صوت فلسطين .
[69]() موقع منتديات الطريق إلى الله .
[70]() موقع منتديات اذكروا الله ، وموقع د. عبد الدايم كحيل .
[71]() صحيح مسلم ، كتاب الذكر والدعاء والتوبة ، باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع 8/77 ، حديث 7057 .
[72]() منتديات الركن الإسلامي ، الإعجاز العلمي في نوم المصطفى ، وموقع د. حسان شمسي باشا .
[73]() السنن الكبرى للنسائي ، كتاب الصيام ، باب صوم النبي بأبي هو وأمي ، 3/179 ، حديث 2688 ، صححه الألباني .
[74]() سنن أبي داود ، كتاب الحدود ، باب المجنون يسرق أو يصيب حداً 4/245 ، حديث 4405 ، صححه الألباني .
[75]() انظر : الفقه المبسط ، لمحمد أديب كلكل ، ص 61 ، ط4 .
[76]() مصنف ابن أبي شيبة 1/123 ، باب من قال ليس على من نام ساجداً وقاعداً وضوء ، حديث رقم 1408 ، صححه الألباني في مشكاة المصابيح ، ص 68 ، ط3 ، 1405هـ .
[77]() الفقه المبسط ، لمحمد أديب كلكل ، ط4 ، ص 293 .
[78]() انظر : تفسير آيات الأحكام ، للصابوني ، المجلد الثاني ، ص 136 ، 137 .