-->

محاضرة حول ماهية الإدارة

محاضرة حول ماهية الإدارة

    تعريف الإدارة .

    خلق الله سبحانه وتعالي الإنسان بحيث يصعب عليه أن يعيش منعزلاً عن غيره، ولا يستطيع أن يحقق بجهوده المنفردة كل مطالبه في الحياة ولعل هذا الذي جعل الإنسان من خلال تفاعله مع البيئة (الطبيعية والاجتماعية) يحاول اللجوء إلى منظمات متوالية لتحقيق ذلك فبدأ بالأسرة وانتقل إلى القبيلة ثم الدولة، ثم منظمات أخري ومعني هذا أن الإنسان لا بد له من أن يتعاون وهو في تعاونه يريد أن يحقق هدفاً، وهذا الجهد البشري يتضمن على ما يمكن أن يطلق عليه "فكرة الإدارة "، ووجود هذه الإدارة يعني أنها تقوم بتهيئة الظروف البيئية المحيطة بالجماعة بحيث تكون صالحة للعمل، كما يعني أن هذه الإدارة تقوم بأوجه النشاط الذي يساعد هذه الجماعة على تحقيق أهدافها.
    ويطلق على العصر الذي نعيش فيه العديد من المسميات كعصر الفضاء، وعصر الكمبيوتر، والتغير السريع، والانفجار المعرفي، ولعلنا لا نخطئ إذا أطلقنا عليه تسمية أخرى هي (عصر الإدارة العلمية)، إذ لا يوجد نشاط أو اكتشاف أو جهد يلفت الأنظار إلا وكان وراءه إدارة. يقول تشارلز بيرد عن أهمية الإدارة: "ليس هناك موضوع أكثر أهمية من موضوع الإدارة، ذلك لأن مستقبل الحضارة الإنسانية ذاتها يتوقف على قدرتنا على تطوير علم وفلسفة وطريقة ممارسة الإدارة". إن كلمة إدارة تعني الخدمة على أساس أن من يعمل في الإدارة يقوم بخدمة الآخرين.

    إن مشكلة تعريف الإدارة تثير نقاشاً بين الكتاب ويمكن استعراض بعض التعريفات على النحو التالي :
    -         تعريف تايلور (رائد الحركة العلمية في الإدارة ) للإدارة بقوله أن " فن الإدارة هو المعرفة الصحيحة لما تود من الرجال أن يؤدونه بأحسن وأرخص طريقة "
    -         يعرف فايول الإدارة بأنها " التنبؤ والتخطيط والتنظيم وإصدار الأوامر والتنسيق والرقابة "
    -         يعرف دوايت الإدارة بأنها " نوع من الجهد البشري المتعاون الذي يتميز بدرجة عالية من الرشد ".
    -         يعرف فورست الإدارة بقوله " فن توجيه النشاط الإنساني "
    -         يعر ف هالي تريكر الإدارة بقوله " أنها العملية الخلاقة للعمل مع الناس من أجل وضع الأهداف وإقامة علاقات تنظيمية وتوزيع المسئوليات وتوجيه البرامج وتقييم النتائج ".
    -         تعرف الإدارة بأنها " عملية تخطيط، وتنظيم، وتوجيه، ورقابة جهود مجموعة من الأفراد من أجل الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة لتحقيق هدف معين، في ظروف بيئية معينة "
    -         الإدارة " عملية تنسيق أنشطة العمل، بحيث يتم الحصول على الأداء الأمثل، من خلال جهود الآخرين وبمشاركتهم "  وهناك تعريفات أخري للإدارة تؤكد جميعها على أن الإداري الناجح :
    يكون له أهداف واضحة ومحددة .
    يعمل مع مجموعة من الأفراد ليحقق الإنجاز من خلالهم .
    يستغل الموارد المتاحة أفضل استغلال، دون إسراف أو تقتير.
    يخطط للأعمال قبل البدء بالتنفيذ، يوزع الأعمال بين الأفراد، ويجدد لكل منهم : صلاحياته، ومسئولياته،   وسلطاته، ويوجههم ويبين لهم طريقة الأداء الصحيحة، ثم يراقب أعمالهم، ويقوم أي انحرافات عما تم التخطيط له.
    يعمل في ظروف بيئية قد تكون قاسية، فعليه أن يخفف من حدتها، أو قسوتها، ويحاول استغلال الفرص، ليتمكن من النجاح في ضوء التحديات الكبيرة التي تواجه المؤسسة. وبالتالي فإن ممارسة العملية الإدارية ليست عملية سهلة في ظل الظروف الصعبة، مثل عدم الاستقرار السياسي أو الاقتصادي، كارتفاع نسبة البطالة، وانخفاض متوسط دخل الفرد، وشح الموارد. ولذلك يقال " أن أي إنسان يستطيع إدارة دفة المركب، عندما يكون البحر هادئاً "

    أهمية الإدارة :

    تكمن أهمية الإدارة في الدور الذي تلعبه في تقدم الأفراد والمؤسسات والمجتمعات وبناء عليه يمكن تلخيص أهمية الإدارة على النحو الآتي :-
    على مستوي الأفراد : تعمل الإدارة على تحسين أداء الأفراد العاملين في المؤسسات، وبالتالي تحسين أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية .
    على مستوي المؤسسات : تؤدي الممارسات الإدارية الصحيحة إلى تحقيق أهداف هذه المؤسسات، سواء أكانت أهدافاً ربحية (مؤسسات القطاع الخاص)، أم غير ربحية (للمؤسسات الحكومية والأهلية).
    على مستوى المجتمع : الإدارة السليمة تعمل على زيادة القيمة الاقتصادية في البلد من خلال تحسين إنتاجية الأفراد والمؤسسات، مما يؤدي إلى تحسين مستوي المعيشة في البلد وبالتالي التقدم الاقتصادي والاجتماعي .

    الإدارة علم وفن :
    الإدارة كعلم : يمكن تعريف علم الإدارة بأنه مجموعة النظريات والمبادئ والحقائق المتراكمة حول موضوع الإدارة، الذي يتضمن عناصر الإدارة، ومبادئ الإدارة وأساليب اتخاذ القرارات. فالإدارة كالعلوم الأخري مبنية على أسس وحقائق ومبادئ وقواعد والنظريات العلمية في الإدارة تم التوصل إليها من خلال استخدام المنهج العلمي في البحث والتقصي، وباستخدام الأساليب العملية  مثل : الملاحظة والتجريب هذه القواعد والنظريات في الواقع يمكن تعلمها والتعرف عليها من خلال : المدارس، والجامعات، وبيوت الاستشارات، والخبرة العملية.
    الإدارة كفن : الإدارة مهارة تطبيق المدير للنظريات والقواعد الإدارية، والخبرة والمعرفة في تحقيق أفضل النتائج للمؤسسة، من خلال التعامل مع الزبائن والموظفين وأصحاب المشروع، باعتبار أن جوهر الإدالة يرتبط بالتعامل مع الآخرين. والتعامل مع الناس مهارة وفن لا يتقنه جميع المديرين على السواء، فممارسة التخطيط مهارة تختلف من إنسان إلى آخر، واتخاذ القرارات مهارة، وتحفيز العاملين، وزيادة إنتاجيتهم مهارة، وتحمل المسؤولية مهارة، وهكذا بالنسبة لمختلف المبادئ الإدارية. ومن هنا نستطيع القول إن الإدارة علم وفن. فهي علم يتم تعلمه والتعرف إليه قبل ممارسة من الإداريين، وفن يستخدمه المديرين عند تطبيق ما تعلموه من أمور إدارية في المؤسسات التي يعملون على إدارتها .

    مجالات الإدارة :


    أولاً : الإدارة في القطاع العام (الإدالة العامة) : هي التي تهدف إلى تنفيذ السياسات العامة للدولة، وتعني بإدارة المؤسسات الحكومية المختلفة، وتشمل : الوزارات، والمجلس التشريعي، وأية مؤسسة تابعة للقطاع العام أو الحكومي، مثل المدارس والمستشفيات وغيرها..
    ثانياً : الإدارة في القطاع الخاص (إدارة الأعمال): ترتبط بإدارة مؤسسات الأعمال، أو المؤسسات والمشروعات الاستثمارية، التي تكون على شكل شركات مساهمة عامة أو خاصة، أو شراكات عمل بين اثنين أو أكثر، أو مؤسسات فردية، يكون مجال عملها في قطاع : الصناعة أو الزراعة أو التجارة أو الخدمات.
    ثالثاً : الإدارة في المنظمات غير الحكومية (الأهلية): ترتبط بالمؤسسات التي لا تهدف بشكل رئيسي إلى تحقيق الربح بل تهدف إلى تقديم خدمات عامة إلى المجتمع، وتحقيق الرفاه له، وتعتمد في تمويلها على اشتراكات أعضائها، والمنح، والهبات، بالإضافة إلى تقاضيها أثمان الخدمات التي تقدمها للأفراد، وتشمل هذه المؤسسات الجمعيات الخيرية والتعاونية، والتطوعية والنوادي والغرف التجارية ونقابات العمال والاتحادات الصناعية وغيرها من المؤسسات التي تخدم شريحة معينة او أكثر من شرائح المجتمع.

    المدارس الإدارية :

    أولاً: مدرسة الإدارة العلمية :
    دفع نظام المصنع الذي ظهر في عهد الثورة الصناعبة إدارات المصانع إلى تطوير أساليب علمية وعقلانية للتعامل مع كافة عناصر الإنتاج (العاملين، والآلات والمعدات، والمواد والأموال) ولمواجهة تحديين أساسيين :
    -         زيادة الإنتاجية من خلال إنجاز العمل بأفضل الطرق وأسهلها .
    -         تحفيز العاملين بهدف الاستغلال الأمثل لعناصر الإنتاج .
    ويعد المهندس الأمريكي فردريك تايلور (1856-1915) والفرنسي هنري فايول (1841- 1925) من أشهر المساهمين في تطوير الطرق والأساليب المختلفة لمواجهة هذين التحديين، وهما بذلك يعدان أول من أسس قواعد الإدارة العلمية ومبادئها.
    إسهامات فردريك تايلور في الإدارة :
    قدم تايلور الذي يدعي (أبو الإدارة العلمية) في العام 1898 بكثير من التجارب والدراسات في شركة بيت لحم للحديد والصلب في أمريكا، كان أهمها دراسة الحركة والزمن التي لاحظ من خلالها العمال يقومون بحركات جسمانية كثيرة، وغير مبررة عند نقل الكتل المعدنية ورفعها على القاطرات، عندئذ اقترح تايلور نظاماً لنقل الكتل المعدنية اختزل من خلاله الحركات التي يقوم بها العامل، وبذلك عمل على توفير الوقت والجهد في العمل المبذول، أسهم في رفع الكفاءة الإنتاجية للعامل. وتجدر الإشارة إلى أن هناك تجارب ودراسات أخري قام بها تايلور توصل من خلالها إلى أربعة مرتكزات (مبادئ) أساسية اعتبرها الأساس لما يعرف بالإدارة العلمية ولخصها في كتابة الشهير " مبادئ الإدارة العلمية " وهذه المبادئ أو المرتكزات هي :-
    1- ضرورة توظيف المنطق العلمي في كل مجالات العمل، بدلاً من الاعتماد على الطرق العشوائية والتخمين .
    2- اختيار العاملين، ومن ثم تدريبهم وتطويرهم بطرق علمية حسب متطلبات العمل، بدلاً من أن يقوم العامل باختيار عمله، وتدريب نفسه على العمل بالطريقة التي يراها هو مناسبة.
    3- ضرورة تحفيز العاملين، لضمان قيامهم بعملهم حسب الطرق والأساليب العلمية التي تم تطويرها.وتجدر الإشارة إلى أن تايلور وضع نظاماً للحوافز مبنياً على أساس دفع أجر حسب عدد القطع المنتجة، حيث حدد أجراً مقابل كل قطعة ينتجها العامل، مع إمكانية زيادة الأجر في حالة زيادة عدد القطع المنتجة عن مستوى معين.
    4- ضرورة أن يكون هناك تقسيم للعمل والمسؤولية بين العاملين والإدارة على أن تركز الإدارة على مهام  التخطيط والإشراف، وأن يركز العاملون على مهام التنفيذ.
    وقد اولت حركة الإدارة العلمية اهتمامها بثلاث أمور أساسية ذات علاقة مباشرة بالعمل هي :
    1-   الطاقة : وتعني الحد الأقصى من العمل الذي يستطيع العامل إنجازه.
    2-   السرعة : وتعني الوقت الذي يستغرقه العامل لإنجاز العمل ضمن مستوي كفاءة  وجهد محدد .
    3-   القدرة على الاستمرار : وتعني قدرة العامل على بذل المجهود المادي والفكري ومقاومة الشعور بالتعب والملل.

    ثانياً : المدرسة البيروقراطية :
    ارتبطت البيروقراطية باسم عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر (1864-1920) والبيروقراطية لغوياً تعني حكم المكاتب، وأما مدلولها الشعبي فتتمثل في الروتين الزائد في الإدارة الحكومية، أو التأخير في انجاز المعاملات، أو درجة التعقيد وعدم المرونة. وأما عملياً فتعني إنجاز العمل ضمن خطوات وإجراءات نمطية موحدة وصارمة، يصعب الحياد عنها، مهما تكن الظروف والمواقف، بهدف توفير الحد الأدنى من الكفاية والإنتاجية .
    لقد أكدت المدرسة البيروقراطية ضرورة تقسيم العمل على الأفراد حسب التخصص، واعتبرت الكفاءة الأساس الوحيد للتعيين والترقية. وحرص النموذج البيروقراطي على أن تكون هناك قواعد وقوانين وتعليمات مكتوبة وواضحة، يسترشد بها العاملون في عملهم، وأكدت ضرورة تدرج السلطة من أعلى إلى أسفل بشكل هرمي وترتيبي. كما يعتبر النموذج البيروقراطي العلاقات غير الرسمية والزمالات التي تنشأ نتيجة تفاعل العاملين بعضهم مع بعض أثناء العمل مضرة بالتنظيم، ويجب التخلص منها.

    ثالثاً : المدرسة السلوكية في الإدارة :
    كان جل اهتمام مفكري الإدارة الكلاسيكيين أمثال هنري فايول وفردريك تايلور القيام بأبحاث ودراسات تساعدهم في                                                                                                                                                               التعرف على طبيعة وماهية الإدارة، وإرساء مبادئ وقواعد يسترشد بها الإداريون في إدارة مؤسساتهم بهدف محدد، هو زيادة الإنتاجية، دون الاهتمام كثيراً بأن العملية الإنتاجية في أية مؤسسة تعتمد بشكل رئيسي على العنصر البشري الذي يعد الأهم من بين عناصر الإنتاج. وقد بقي الوضع على حالة، حتى العام 1925 عندما لاحظت إدارة مجموعة شركات ويسترن إليكتريك في شيكاغو في أمريكا بأن هناك تراجعاً كبيراً في إنتاجية العاملين في هذه الشركة (45000عامل) وأن هناك تركاً للعمل بنسب مرتفعة. وقد استجب هذا الأمر، من إدارة الشركة استدعاء مجموعة من العلماء، وعلى رأسهم العالم الشهير جورج إلتون مايو (1880- 1949) من جامعة هارفرد لدراسة أسباب ترك العمل، وكذلك التراجع في إنتاجية الشركة.باشر الفريق دراساته وتجاربه التي استمرت خمس سنوات (1928-1932) في مصنع هوثورن وهو أكبر مصانع شركة ويسترن إليكترونك (25000عامل) مستخدمين أسلوب الدراسة الميدانية كوسيلة للتعرف على مشاكل العمال، وآرائهم، ومواقفهم حول العمل، وكيفية حل هذه المشاكل. في البداية وبهدف زيادة إنتاجية العاملين، حاول فريق البحث دراسة العلاقة بين بعض المتغيرات المادية (كالإضاءة، وظروف العمل، وفترات الراحة والراتب والأجور) وإنتاجية العاملين. حيث قام الفريق بتحسين شامل في ظروف العمل من خلال زيادة الرواتب والأجور للعاملين، وتقليص ساعات العمل، وزيادة فترات الراحة، وتحسين مستوي الإضاءة، وكانت النتيجة غير متوقعة، فقد زادت إنتاجية العاملين بشكل ملحوظ، ولكن ارتبك فريق البحث عندما لاحظ بقاء الإنتاجية بمستواها المرتفع، حتى بعد إلغاء كافة التحسينات في الظروف المادية. ومن خلال المزيد من التجارب والمشاورات خلص فريق البحث إلى نتيجة رئيسة مفادها أن الزيادة في إنتاجية العاملين لم تكن بسبب التحسن في ظروف العمل المادية رغم أهميتها، بل نتيجة لشعور العالمين بالاهتمام الخاص الذي أولته لهم الإدارة وفريق العمل، الأمر الذي أدي إلى تغيير نظرة العاملين واتجاهاتهم نحو عملهم، وتعاونهم كجماعة بعضهم مع بعض كفريق عمل واحد. مثل هذه الدراسات – كدراسات هوثورن- أكدت وجود عوامل إنسانية واجتماعية وسلوكية في بيئة العمل، لها علاقة بمشاعر العامل واتجاهاته واحتياجاته، وعلى الإدارة التعرف عليها، ومعرفة كيفية التعامل معها، لأن تحسين الظروف المادية وحده ليس الضمان لتحقيق الزيادة في الإنتاج والإنتاجية. وبذلك أصبحت دراسات هوثورن الأساس لما يعرف بمدرسة العلاقات الإنسانية والسلوكية في الإدارة .
    استنتاجات ودراسات هورثون ومضامينها :
    1. إن إنتاجية العاملين لا تتحدد فقط بالعوامل المادية (الإضاءة،ظروف العمل،فترات الراحة، تقليص ساعات العمل، زيادة الرواتب والأجور)، بل إن الحوافز غير المادية (الاحترام والتقدير، العلاقات الايجابية بين العاملين، الراحة النفسية) لها تأثير كبير وايجابي على إنتاجية العاملين، ورضاهم عن العمل.
    2. هناك تجمعات غير رسمية (جماعات الزمالة، القرابة، الجنس الواحد، العرق الواحد) تنشئ علاقات عفوية فيما بينها، وتلتزم بقيم ومعايير الجماعة لتحقيق أهدافها غير الرسمية، وإن لهذه التجمعات أثرًاً على الإنتاج والإنتاجية .
    3. إن لنوعية الإشراف الذي يتلقاه العامل في عمله أثراًً كبيراً على معنوياته وعلى إنتاجيته، كما أكدت الدراسات على ضرورة تدريب المشرفين وإكسابهم مهارات اجتماعية وإنسانية بجانب المهارات الفنية، لتحسين أدائهم في التعامل مع العاملين.
    4. هناك أهمية لإشراك العاملين في التحدث حول مشاكلهم، والتعرف على آرائهم حول العمل الذي يقومون به، هذا – في الواقع- يؤدي إلى شعور بالرضا  لدي العاملين، ويحدث تغيرات مفيدة في بيئة العمل
    وضعت هذه المدرسة الأساس لدراسات وتجارب علمية لاحقة قام بها كثير من علماء الإدارة تمحور معظمها حول قضايا سلوكية مهمة في بيئة العمل مثل :دوافع الفرد، وحاجاته، والأنماط القيادية، وسلوك الفرد والجماعة، وأنماط الاتصال...الخ، التي تتم دراستها كلها تحت عنوان السلوك الإنساني أو التنظيمي في العمل.
    المدارس الإدارية المعاصرة :
    ظهرت المدارس الإدارية المعاصرة في الفترة ما بين الأربعينات والسبعينات من القرن العشرين، ونستطيع القول إنها أسهمت إسهاماً كبيراً في تطوير علم الإدارة، حيث إن كثيراً من المبادئ التي نادت بها هذه المدارس تعتبر الأساس للعلوم الإدارية التي تطبق في الوقت الحاضر. ومن أهم هذه المدارس : المدرسة الكمية في الإدارة، ومدرسة النظم، والمدرسة الموقفية، والمدرسة اليابانية .
    أولاً : المدرسة الكمية في الإدارة : ركزت هذه المدرسة على استخدام الأساليب والطرق الكمية التي تعتمد على التحليل الرياضي الكمي للمشكلات الإدارية بغرض اتخاذ القرارات الإدارية ومن الأمثلة على ذلك استخدام المعلومات الخاصة بالمبيعات لسنوات سابقة للتنبؤ بمبيعات السنة القادمة.أخذين في الاعتبار استمرار الظروف السابقة نفسها. وفي الواقع فإن التنبؤ بالمبيعات المستقبلية يعد من الأساليب المهمة لإدارة المؤسسة لتحديد حجم الإنتاج المتوقع، الذي يترتب عليه اتخاذ كثير من القرارات الأخري، مثل القرارات الخاصة بتعيين موظفين جدد، وعمل الحملات الترويجية اللازمة، وتحديد حجم المواد الخام المطلوب توريدها للإنتاج بهدف الوصول إلى رقم المبيعات المتوقع. وتجدر الإشارة إلى أن المثال السابق مثال مبسط على استخدام الأساليب الكمية، حيث إن هناك أساليب رياضية وكمية أخري معقدة يتم استخدامها، بناء على هذه النظرية في مجال الإنتاج والتمويل والتسويق والمجالات الإدارية الأخري، يدرسها المتخصصون.
    وبشكل عام يمكن عرض أهم مزايا هذه المدرسة فيما يأتي :-
    أ. ركزت على استخدام النماذج الرياضية والكمية في حل المشكلات التي تواجه الإدارة وفي اتخاذ القرارات الإدارية.
    ب. استخدمت الحاسوب بشكل أساسي في مجال الإدارة، فأصبح بالإمكان مثلاً حفظ الملفات بوساطة الحاسوب، واستخدام البرامج المساعدة للإدارة مثل برامج المحاسبة، وشئون الموظفين وغيرها.
    ج. عملت على تحسين قدرات المديرين على اتخاذ القرارات بسب اعتمادهم على المعلومات وتحليلها وبناء النماذج الرياضية وبالتالي الدقة في اتخاذ القرارات.
    ومما يؤخذ على هذه المدرسة برغم ميزاتها المتعددة أنها اقتصرت على استخدام النماذج الرياضية والكمية في اتخاذ القرارات الإدارية، وتجاهلت العنصر الإنساني وأهميته ووجهة نظره وتجربته في التعامل مع القضايا التي تواجه المنشأة

    ثانياً : مدرسة النظم : أساس هذه المدرسة أنه إذا أردت فهم عمل أي كيان بشكل تام يجب أن تنظر إليه كنظام، والنظام عبارة عن عدد من الأجزاء أو المكونات المترابطة التي تعمل بعضها مع بعض لتحقيق هدف معين، فجسم الإنسان نظام متكامل يتكون من الجهاز العصبي والهضمي والتنفسي وإن أي خلل في أي جزء من النظام قد يعطل النظام ككل، أو على الأقل يؤثر عليه، وعلى كفاءة عمله، أي أن هناك علاقة تبادلية وتكاملية بين الأنظمة الفرعية، وهي أعضاء الجسم التي تشكل في مجموعها نظام جسم الإنسان، وأن كل شيء في هذا الكون يشكل نظاماً وأن هذا النظام يتكون من نظم فرعية أخري أصغر وهكذا..
    والمؤسسة عبارة عن نظام مكون من أنظمة فرعية مرتبطة بعضها مع بعض مثل مجموعة الدوائر والأقسام الإدارية في المؤسسة. وهي تعمل جميعها بانسجام وتناغم لتحقيق الهدف العام للنظام الكلي وهو المؤسسة.

    ثالثاً : المدرسة الموقفية " الظرفية" : يرتكز جوهر هذه المدرسة على أنه لا توجد طريقة واحدة مثلي للإدارة تناسب كل الظروف والمواقف لتحقيق الكفاءة والفعالية، حيث أكدت على أن النمط الإداري الذي يصلح لموقف معين ربما لا يصلح في موقف آخر. بمعني آخر إن التصرفات الإدارية التي يقوم بها المديرون تعتمد على الظروف والحالات التي تواجههم في كل موقف. فعلي سبيل المثال إذا كان لدي المدير مجموعة من المرؤوسين من غير ذوي الخبرة فإن منهج المدرسة الموقفية يوصي في هذه الحالة بإدارتهم بطريقة مختلفة عما إذا كان لديهم مجموعة من المرؤوسين من ذوي الخبرة. ففي الحالة الولي يمكن للمدير أن يخفض من حجم تفويض السلطة أو الصلاحية الممنوحة لهم. وأما في الثانية فقد يزيد من حجم التفويض بحكم أن لديهم الخبرة والكفاءة لإنجاز العمل. وبشكل عام فإن المدرسة الموقفية تؤكد على ضرورة تحديد الظرف أو الموقف في كل حالة قبل اتخاذ القرار، او قبل التعامل مع المشكلة الإدارية، ومن ثم البحث عن أفضل الحلول التي تناسب هذا الظرف. ويتطلب ذلك سرعة بديهه وإبداع في التعامل مع المشاكل التي تواجه الإدارة .

    رابعاً : المدرسة اليابانية : لليابان التي تحتل مكانة بارزة في مقدمة الدول الصناعية نمطها الخاص في الإدارة مما جعلها متميزة في ارتقائها بمستوي الإنتاج وتقدمها الصناعي، وقد كان من أبرز ما يميز الإدارة اليابانية اعتمادها مبدأ المشاركة في اتخاذ القرارات أي مشاركة العاملين في اتخاذ القرارات المتعلقة بالأعمال التي يقومون بها، مما يرفع من إنتاجيتهم، ويشعرهم بأنهم ينفذون القرارت التي اتخذوها بأنفسهم، كما تميزت هذه المدرسة باعتبارها العاملين في المؤسسة أسرة واجدة تسود بينهم روج المودة والتعاون في العمل. واهتمت هذه المدرسة أيضاً بالاعتماد على مبدأ التوظيف مدي الحياة للعاملين مما يشعرهم بالاستقرار الوظيفي، إضافة إلى اهتمامها بالقيم الجماعية وإقامة العلاقات الاجتماعية داخل العمل مما بحفز العاملين على زيادة إنتاجيتهم .كما كان للغدارة اليابانية الفضل في بروز ما يعرف بحلقات الجودة، وهي تعد من التطبيقات الحديثة لمفاهيم العمل الجماعي وحلقات الجودة تعني قيام مجموعات صغيرة من العاملين بعقد اجتماعات بشكل منتظم بعد ساعات العمل اليومي لمناقشة قضايا العمل ومشاكله واقتراح حلول خلاقة لمشاكل فنية وإدارية تواجه العمل والعمال .


    الطبيعة الشاملة لوظيفة الإدارة :

    لقد تطورت مفاهيم الإدارة بسرعة كبيرة وخاصة في الثلاثين سنة الأخيرة فهي اليوم تعني مجموعة هائلة من المفاهيم التي تم تأصيلها عملياً بالبحث والدراسة، ومجموعة من الأساليب والأدوات المجربة والمختبرة في مواقف كثيرة ثبت فيها نجاحها لمعالجة المشكلات. الغدارة عملية مستمرة تستند إلى مفاهيم وأساليب علمية تهدف إلى تحقيق نتائج محددة باستخدام الموارد المتاحة للمنشأة بأعلى درجة من الكفاءة والفعالية في ظل الظروف الموضوعية المحيطة وتعكس مفاهيم الإدارة المعاصرة تأثير التداخل والتشابك بين مجموعة من العلوم المختلفة كما في الشكل التالي :    


    الخصائص المميزة للإدارة المعاصرة تتمثل في :

    1-                          
    -         - الإدارة نشاط إنساني هادف : فهو يهدف إلى تحقيق نتائج محددة باستغلال موارد متاحة والعمل على تنمية موارد جديدة، وذلك من خلال ممارسة عدد من الوظائف الإدارية الأساسية هي (تحديد الأهداف، التخطيط، التنظيم، تنمية الموارد، التنسيق، التوجيه، الرقابة وتقييم الأداء، الاتصالات ).
    -         - تكامل وظائف الإدارة : فهذه الوظائف ليست منفصلة بل هي مترابطة بمعني أن النجاح في أي منها يؤثر ويتأثر بكفاءة باقي الوظائف فالإدارة بهذا المعني عبارة عن نظام متكامل يعمل كل جزء فيه عملاً محدداً يسهم بدرجة ما في تحقيق الهدف العام للنظام، وبالتالي فإن القصور في أحد الأجزاء يصيب النظام كله بالضعف والتخلف.
    -         - المستقبلية : فالنشاط الإداري لا يهتم فقط بالمشاكل الحاضرة بل يمتد أفق العمل الإداري لفترات مقبلة تحتاج إلى التنبؤ كأساس لاتخاذ القرارات واختيار أساليب العمل أخذاً في الاعتبار الخبرة الماضية .
    -         - الموقفية : فالعمل الإداري لا يمكن فصله بأي حال من الأحوال عن ظروف البيئة المحيطة، بل إنه يؤثر فيها ويتأثر بها .
    -         - التداخل بين المنشأت : فهناك درجة كبيرة من الاعتماد المتبادل بين المنشأت ومن ثم فإن عمل الإدارة