تمهيد:
إن جميع وسائل الإعلام لا تخلو عملياتها من الإقناع، كما أن الإقناع يستخدم من طرف رجل العلاقات العامة سواء في الاتصال المباشر أو غ. المباشر، ويتضح دور الإقناع في العلاقات العامة والإعلان الذي يهدف إلى ترويج المنتج وتسويقه في ظل المنافسة عن طريق وسائل كثيرة (البيع الشخصي، البيع بالجملة، ...) ، فالإعلان بجاذبيته يؤثر في المتلقي مما يدفعه لمتابعة هذه الإعلانات وما تنشره من معلومات.
الإقناع:
يقصد بالإقناع أن يصبح السامع لك وقد اقتنع بفكرتك، لا باعتبارها فكرتك أنت، ولكن أصبحت فكرته الخاصة به والتي انبثقت من داخل نفسه وكان لك فضل إثارتها وتحريكها والكشف عنها.
وهناك الكثير من التعريفات العلمية لعملية الإقناع منها:
- استخدام المتحدث أو الكاتب للألفاظ والإشارات التي يمكن أن تؤثر في الاتجاهات والميول والسلوكات.
- عمليات فكرية وشكلية يحاول فيها أحد الطرفين التأثير على الآخر وإخضاعه لفكرة أو رأي.
- تأثير سليم ومقبول على القناعات لتغييرها جزئيا أو كليا من خلال عرض الحقائق بأدلة مقبولة وواضحة.
- عملية تحويل أو تطويع آراء الآخرين نحو رأي مستهدف.
يظهر من التعريفات السابقة أن الإقناع عبارة عن إجادة مهارات الاتصال والتمكن من فنون الحوار وأدبه، وتتداخل بعض الكلمات في المعنى مع الإقناع مع وجود فوارق قد تكون دقيقة لدرجة خفائها عن البعض، ومن أمثال هذه الكلمات : الخداع، الإغراء، التفاوض، فبعضها تهييج الغرائز وبعضها تزييف للحقائق وبعضها مجرد حل وسط واتفاق دون اقتناع.
أنواع التأثير:
إن الناس يتفاعلون مع بعضهم فيؤثرون في بعضهم البعض ويتأثرون، ولكن بدرجات مختلفة وبنسب متقاربة، فما هي الأساليب التي تؤثر فيهم وتتأثر بهم؟
- أسلوب القوة والضغط:كقوة القانون مثلا إشارة المرور، وقوة الأخلاق الاجتماعية.
- أسلوب الاستجداء: مثل ما نقول بالعامية: يرحم والديك، تعيش، ربي يسترك...وهو أسلوب تأثير غير لائق لأنه يعبر عن ضعف الشخصية.
- أسلوب التأثير عن طريق الأخذ والعطاء: بمعنى وجود توازن في التأثير والتأثر وهو أسلوب إيجابي.
لكن الإقناع يمكن له أن يخرج عن هذه القاعدة ولا يراعي فيها أسلوب الأخذ والعطاء ، أي قد يبينه شكليا فقط
الفرق بين الاتصال الإقناعي والاتصال العادي:
إن جميع وسائل الإعلام لا تخلو عملياتها من الإقناع، كما أن الإقناع يستخدم من طرف رجل العلاقات العامة سواء في الاتصال المباشر أو غ. المباشر، ويتضح دور الإقناع في العلاقات العامة والإعلان الذي يهدف إلى ترويج المنتج وتسويقه في ظل المنافسة عن طريق وسائل كثيرة (البيع الشخصي، البيع بالجملة، ...) ، فالإعلان بجاذبيته يؤثر في المتلقي مما يدفعه لمتابعة هذه الإعلانات وما تنشره من معلومات.
الإقناع:
يقصد بالإقناع أن يصبح السامع لك وقد اقتنع بفكرتك، لا باعتبارها فكرتك أنت، ولكن أصبحت فكرته الخاصة به والتي انبثقت من داخل نفسه وكان لك فضل إثارتها وتحريكها والكشف عنها.
وهناك الكثير من التعريفات العلمية لعملية الإقناع منها:
- استخدام المتحدث أو الكاتب للألفاظ والإشارات التي يمكن أن تؤثر في الاتجاهات والميول والسلوكات.
- عمليات فكرية وشكلية يحاول فيها أحد الطرفين التأثير على الآخر وإخضاعه لفكرة أو رأي.
- تأثير سليم ومقبول على القناعات لتغييرها جزئيا أو كليا من خلال عرض الحقائق بأدلة مقبولة وواضحة.
- عملية تحويل أو تطويع آراء الآخرين نحو رأي مستهدف.
يظهر من التعريفات السابقة أن الإقناع عبارة عن إجادة مهارات الاتصال والتمكن من فنون الحوار وأدبه، وتتداخل بعض الكلمات في المعنى مع الإقناع مع وجود فوارق قد تكون دقيقة لدرجة خفائها عن البعض، ومن أمثال هذه الكلمات : الخداع، الإغراء، التفاوض، فبعضها تهييج الغرائز وبعضها تزييف للحقائق وبعضها مجرد حل وسط واتفاق دون اقتناع.
أنواع التأثير:
إن الناس يتفاعلون مع بعضهم فيؤثرون في بعضهم البعض ويتأثرون، ولكن بدرجات مختلفة وبنسب متقاربة، فما هي الأساليب التي تؤثر فيهم وتتأثر بهم؟
- أسلوب القوة والضغط:كقوة القانون مثلا إشارة المرور، وقوة الأخلاق الاجتماعية.
- أسلوب الاستجداء: مثل ما نقول بالعامية: يرحم والديك، تعيش، ربي يسترك...وهو أسلوب تأثير غير لائق لأنه يعبر عن ضعف الشخصية.
- أسلوب التأثير عن طريق الأخذ والعطاء: بمعنى وجود توازن في التأثير والتأثر وهو أسلوب إيجابي.
لكن الإقناع يمكن له أن يخرج عن هذه القاعدة ولا يراعي فيها أسلوب الأخذ والعطاء ، أي قد يبينه شكليا فقط
الفرق بين الاتصال الإقناعي والاتصال العادي:
الاتصال العادي
|
الاتصال الاقناعي
|
1- تلقائي.
2- الاتصال فيه يتضمن رسالة ويتم بين مرسل ومستقبل ويمكن أن يكون عن طريق وسيلة.
|
1- هادف.
2- الاتصال يتضمن هذه العناصر مع ضرورة وجود عنصر آخر وهو الأثر ويتطلب أن يكون وفق ما يرغبه المصدر.
|
مثال: مررت على السوق، وجدت فيه سلعا كثيرة ، أعجبتني من بينها سلعة ما
- إذا اشتريتها فهذا اتصال إقناعي لأنني لو لم أقتنع بها لما اشتريتها.
- إذا لم أشترها فهو اتصال عادي.
خصائص الاتصال الاقناعي:
يقوم الاتصال الاقناعي على عدد من الخصائص أهمها:
التخطيط: الذي يقوم به المصدر أو القائم بالاتصال، أي يخطط له مسبقا.
تحويل الوظيفة السيكولوجية: بهدف تحقيق الاستجابة العلنية من طرف المتلقي. (البناء السيكولوجي مختلف من فرد لآخر فهو يخضع للظروف الاجتماعية وغيرها لذلك فهو يتغير بالإقناع، مثلا الشحيح بالإقناع يصبح كريما ويصرف الأموال.....)
افتراض تجاوز البناء السيكولوجي للفرد: بمعنى يحولك إلى شخص آخر.
يستهدف تغيير وجهة نظر ما عند الفرد أو الجماعة: ولذلك فهو يخاطب العواطف والانفعالات كثيراً.
بالإضافة إلى هذا فإن الاتصال الاقناعي
- يستخدم محتوى الرسائل عبر وسائل الإعلام استخداما متعمدا.
- يوظف فنونه لأغراض مع الحق وهو شيء محبذ أو يوظف ضده.
- يستهدف الكبار الذين تكونت أفكارهم ومذاهبهم خلافاً للصغار الذين هم في طور النشأة الاجتماعية والتربية (أي في مرحلة غرس الأفكار) بمعنى الإقناع يأتي لاقتلاع تلك الأفكار.
والاقتناع يتجسد في الطمأنينة والرضى النفسي.
والخطر الأكبر حين يكون المتلقي غير مدرك أنه واقع تحت تأثير إقناعي.
المحاضرة الثانية
مجالات استخدام الإقناع:
إذا أردنا أن نحدد مجالات استخدام الإقناع نجدها عديدة أهمها:
مجال الخطابة: إن تاريخ استخدام الإقناع قديم جداًّ ويعود إلى عهد أرسطو وأفلاطون وكان يستخدم في مجال الخطابة، وذلك عن طريق الفصاحة، العبارات، اللغة والرموز، وعن طريق حماسة الخطيب، كل هذه الأمور تجعله يؤثر في المتلقين ويتحقق الإقناع.
مثال: في مسجد من مساجد قسنطينة هناك خطيب متمكن جداًّ لكن أسلوب حديثه هادئ جدا أي لا ينفعل ولا يصرخ ولكنه يهدف لتبليغ رسالة جيدة هنا جمهور المصلين ملوا من هدوئه وقالوا نكاد ننام ، كما نجد من الخطباء من يثير ولا ينير.
مجال الدعاية والحرب النفسية: هذه الحملات الدعائية تقوم على أساس الإقناع، مثلا منافسة بين مؤسستين يمكن أن تقوم إحداهما بدعاية ضد الأخرى، وأبرز ما استخدم في الإقناع في الحرب العالمية الثانية حيث استخدمت النازية الأساليب الاقناعية في دعايتها، حيث كان لمستشار هتلر مقولته الشهيرة:" اكذب ...ثم اكذب...ثم اكذب ...حتى تصدق كذبتك". ولا تزال الدعاية لحد الآن تستخدم الأساليب الإقناعية لتحقيق الهدف منها.
مجال الحروب: لما تقوم معارك بين جبهتين تستخدم الدعاية أساليب الإقناع، مثلا قامت قواتنا بهجوم وألحقت أضرارا بالعدو وعادت سالمة، وذلك للرفع من معنويات الجند وإلحاق أضرار نفسية بالعدو لأنه لا يذكر الخسائر التي لحقت به أو يقللها إلى أبعد الحدود ويضخم خسائر العدو .
فدائما ما تقوم الدعاية في الحرور على أسلوب التضليل والتزييف والتحريف.
مجال الإعلان: فالإعلان يقوم بالأساس على اعتماد أساليب إقناعية تستخدم مختلف الاستمالات بغرض التأثير في المتلقي و إقناعه بإتباع ما يخطط له المعلن سواء كان التعريف بالمنتوج أو الترويج له أو التسويق له سواء كان هذا المنتوج سلعة أو خدمة.
فنجد الإعلانات بكل أنواعها تستخدم فنون الإقناع ربما الشخص العادي لا ينتبه لها، لكنها مصممة بطريقة يحاول من خلالها التأثير في المتلقي ودفعه لانتهاج سلوك استهلاكي، فالنفس البشرية تميل إلى التقتير وعدم الإنفاق ولذلك يحاول إقناعه بالشراء والإنفاق وإذا خرج الشخص عن عادته وأنفق نقول أن هنا تأثير وبالتالي تحقق الإقناع.
مجال العلاج النفسي: نحن نعرف أن الشفاء شديد الارتباط بعلاقة المريض بالطبيب على الخصوص الأمراض النفسية، فلو يكون المريض ينفر من الطبيب لن تكون نفسيته مهيأة وتكون مقاومة للعلاج ويتضاءل الشفاء، بينما إذا كانت علاقته بالطبيب ودية ومرتاحة فهذا يساعد على الشفاء إضافة إلى الدواء طبعا.
بعض الأمراض النفسية يكون عاملها الوهم والوسواس بحيث المريض يسمع أصوات ماهي إلا تهيؤات ، هنا الطبيب النفساني يستطيع أن يصل إلى العامل الذي يسبب هذه الوساوس، (طبعا لو يقول له هذه مجرد تخيلات فإن المريض سينفر منه) حيث يستخدم أساليب الإقناع لجعله يشفى بطريقة غير مباشرة.
عمليات غسيل المخ: يستعمل فيها الإقناع لكن بطرق أخرى تقنية و بإشراف متخصصين مثل أطباء، وهي أنهم يخضعون المعني إلى عملية تؤدي إلى تغيير مواقفه واتجاهاته عن طريق غسل المخ أو الدماغ أي إلغاء معلومات....،
ونجد هذه العملية يقوم بها عملاء المخابرات (المخابرات الأمريكية شكت بخيانة عنصر لها فيمكن أن تقوم بتصفية جسدية أو إما عملية غسيل مخ أي إزالة المعلومات التي يريدونها أو يقومون بتشويشها) يسمى هذا النوع بالإقناع الإكراهي.
التفاعلات الاجتماعية بين الناس: حيث نجد أن كل واحد يحاول أن يكون مؤثرا في الآخرين، لما يكون الاتصال داخل الجماعات ففي كل جماعة يبرز قائد يتميز بخصائص مميزة عن الآخرين بحيث يؤثر فيهم ويجعلهم يسلكون سلوكه، وقد بينت الدراسات أنه حتى في المجتمعات الحيوانية نجد هذه الخاصية حيث نجد سرب الطيور في السماء يكون بشكل مثلث مما يؤكد وجود قائد للسرب (قمة الثلث) وتتبعه الطيور الأخرى يسمون الأتباع ، كما يمكن أكثر من قائد للمجموعة الواحدة وهو ما قد يخلق الصراع بين القادة.
تقاس درجة الإقناع بـالديمومة ديمومة التأثير والسلوك، وهناك إقناع ظرفي إذا زال الظرف زال الإقناع.
إذا استمر ودام فترة طويلة يبقى الإقناع متواصلا.
مثلا: في الحملات الانتخابية فإن الناخب يسمع عدة خطابات وممكن أن يبقى متأرجحا بينها، فلو تحول من هذا الحزب لذاك نقول أنه اقتنع لكن هل يزول اقتناعه؟ وبالتالي لا نعرف أنه اقتنع أو زالت قناعته إلا عندما يقوم بسلوك وهو التصويت. وإذا كان الشخص مطمئن فإنه راض عن قناعته وإلا فإنه يعتبر مكرهاً.
عناصر العملية الإقناعية:
تتكون العملية الاقناعية من مجموعة عناصر تستوفي شروطها:
1- سياق العملية الاقناعية: بمعنى أن الأجواء المحيطة بالعملية الاقناعية تلعب دورا أساسيا في عملية الإقناع، وليست كل الظروف مساعدة على الإقناع، فبعض الظروف تكون عائقا (لو حاولت إقناع شخص بفكرة معينة فلن تستطيع في أي وقت وفي أي ظرف ممارسة العملية الاقناعية) وكذلك يشمل السياق مضمون الرسالة والظروف المحيطة بها.
مثال: في انجلترا وتحديدا في فصل الربيع (أزهار وزقزقة عصافير) كان متسول أعمى في مدخل الجسر يحمل لوحة مكتوب عليها "أعمى منذ الولادة" المارة كانوا يمرون أمامه مرور الكرام، فجأة أتى شخص أبدل العبارة على اللوح وبالتالي أغلب المارة تأثروا. العبارة أصبحت: "أنا أعمى ولا أستطيع رؤية جمال الربيع".
2- القائم بالاتصال: أو القائم بالإقناع أو المصدر ، وينبغي عليه أن يتميز بعدد من الخصائص حتى يتمكن من إقناع الآخرين منها:
- المصداقية: أي يجب أن تكون له مصداقية عند جمهور المتلقين.
- الشرعية: بمعنى لا يكون في إطار غير شرعي أو غير قانوني، فالأستاذ لا يستطيع ممارسة عمله إلا في إطار قانوني والطبيب كذلك...
- المكانة الاجتماعية: فكلما كانت له مكانة اجتماعية بارزة كلما زادت درجة تأثيره.
- التخصصية: بمعنى الإنسان المتخصص يكون له إقناع أكثر.
- المهارة الاتصالية: وتشمل الهيئة والهندام واللغة والفصاحة.
المحاضرة الثالثة
بالإضافة إلى هذه الخصائص على القائم بالاتصال الإلمام بالعمليات التالية:
المواضيع محل الإقناع سواء كانت اقتصادية، سياسية، اجتماعية....حتى لا يترك للمتلقي مجالا للشك في معلوماته وهذا ما يساعده على ربط جسور ثقة بينه وبين المتلقي.
دراسة وتحليل الجمهور:حيث ينبغي على القائم بالاتصال أن يقوم بدراسة وتحليل الجمهور الذي يتوجه لمعرفة خصائصه الاجتماعية والثقافية والنفسية لأننا لا نستطيع أن نتوجه برسالة اقناعية إلى جمهور نجهل خصائصه حتى تكون الرسالة الاقناعية منسجمة مع هذه الخصائص، أي لا تكون متعارضة معه ومع هذه الخصائص.
بناء الرسالة الاقناعية: حيث ينبغي على القائم بالاتصال أن يقوم ببناء رسالة اقناعية بطريقة علمية هادفة وهذا قبل توجيه الرسالة إلى المتلقي مهما كانت الوسيلة التي نستعملها حتى نستطيع أن نقدم رسالة بقوة، لأن أي ضعف في الرسالة الاقناعية أو أي ارتباك في إعدادها من شأنه إفشال العملية الاقناعية.
3- الوسيلة المستخدمة: تحقيق هدف القائم بالاتصال مرتبط بالوسيلة التي يستخدمها، فإن وفق ي اختيار الوسيلة فهذا يساعده على نجاح الرسالة الاقناعية، وإن أخفق في اختيارها فستفشل العملية حتى إن درس الجمهور وكان ملما بالموضوع....، ويوفق في اختيار الوسيلة تبعا لطبيعة الجمهور، مثلا إذا كان الجمهور أمي فإنه لا تصلح معه وسائل الاتصال المكتوبة.....ومن يحدد الوسيلة الاتصالية هو القائم بالاتصال.
باختصار فإن الوسيلة يجب أن تتماشى مع مضمون الرسالة.
4- المتلقي: هو من يستقبل الرسالة الاقناعية ويحل شفرتها ويفسرها بناء على الاعتبارات الآتية:
أ* مجال الخبرة المشترك بينه وبين المصدر، ويتمثل في:
- اللغة: إذا كنت تتحدث لغة والآخر يتحدث نفس اللغة
فإن بينهما مجال خبرة مشترك، وإلا لكان هناك عائق سواء كانت اللغة منطوقة أو مكتوبة أو إشارات ورموز....الخ.
- الوسيلة: لابد أن يشترك المصدر مع المتلقي في الوسيلة سواء كانت تلفزيون، راديو، جريدة، رسم....،مثلا التواصل عن طريق الانترنت واحد يتحكم في هذه التقنية والآخر لا يتحكم فيها وبالتالي لن يكون هناك تواصل وإقناع.
ب* كيفية إدراك المتلقي للرسالة: المتلقي يدرك الرسالة في مجال يشتمل على الثقافة والعادات والتقاليد والقيم، وبناء عليها يتحدد مدى قبوله أو رفضه لهذه الرسالة، أي إدراكه لها إذا كانت مخالفة لقيمه ، وفي حالة رفض المتلقي للرسالة فإن المصدر عليه أن يقوم بعمليات أخرى ليؤثر فيه ويجعل رسالته مقبولة.
أحيانا يرسل المصدر رسالة مخالفة لقيم المتلقي بطريقة مقصودة لكن يتم قبولها، إذا قبلها نمر للأثر ونقول لو عمل بها فقد اقتنع، وإن تقبل الفكرة ولم يعمل بها فلا يوجد هناك أثر، وإذا أصبح المتلقي يتبنى الفكرة ويدافع عنها نقول أن عملية الإقناع حدثت بالفعل.
يتقبل الفكرة يعمل بها يتبناها ويدافع عنها عملية الاقناع ناجحة.
المحاضرة الرابعة
5- الأثر: أي الأثر الذي تتركه الرسالة الاقناعية، وعليه يتوقف نجاح أو فشل الرسالة، بمعنى أن المصدر يتابع الرسالة ويلاحظ الأثر الذي تتركه لدى المتلقي إن كان وفق ما خطط له وجعله له نقول أن الرسالة ناجحة، وإن لم يكن فإن الرسالة فاشلة.
يقاس الأثر أيضا بمدى ديمومته إذا استمر لوقت طويل نقول أن الرسالة ناجحة بدرجة كبيرة، وإذا لم يستمر لفترة طويلة نقول أن نجاح الرسالة نسبي ، وأبرز ما يلاحظ هذا في الحملات الانتخابية حيث الناخب كثيرا ما يغير رأيه ومواقفه من حين لآخر حسب الأحداث والمستجدات ولا يتم التأكد من رأيه إلا عندما يضع الورقة في الصندوق، ويمكننا معرفة تغير المواقف عن طريق عمليات سبر الآراء.
مراحل العملية الاقناعية:
إن البحوث والدراسات الحالية في الإقناع مستمدة من الإطار المفهومي الذي قدمه عالم النفس الاجتماعي "هوفلاند" " hovland " هذا الإطار يضم معظم النماذج الاقناعية الموجودة حاليا، ومن أبرز هذه النماذج:
* نموذج ماك غاير "MC-GUIRE": هذا النموذج ينظر للعملية الاقناعية على أنها تمر بعدد من المراحل بحيث تعتبر كل واحدة منها خطوة هامة ضمن المراحل المكونة لها، وتقسم العملية الاقناعية إلى ستة مراحل أو عمليات جزئية هي:
مرحلة التعرض: يقصد به تعرض المتلقي للرسالة الاقناعية عبر الوسيلة المستخدمة.
التركيز في محتوى الرسالة: حيث يركز المتلقي على الرموز التي تحملها الرسالة، فغالبا ما يميل المتلقي إلى التركيز على بعض رموز الرسالة تبعا لدوافعه الشخصية.(مثلا نرى مشهد فيه عدة رموز، فكل شخص يركز على شيء معين ممكن أن يكون مختلفا عما يركز عليه الآخرون).
فهم الرسالة: في هذه المرحلة يتبين مدى فهم المتلقي للرموز السمعية أو البصرية التي تضمنتها الرسالة لأن التركيز وحده رغم أنه مهم فإنه غير كاف.
قبول أو رفض الرسالة: بعد التركيز وفهم الرسالة إما أن نرفضها أو نقبلها، وإما أن تكون فكرة مدعمة من المصدر أو متبناة من طرفه ويدافع عنها، في كلتا الحالتين تكون معرضة للقبول أو الرفض بغض النظر عن فهمها (لأنه أحيانا يكون استقبال الرسالة جيد وفهمها جيد لكن لا تُحدث أثر).
تعديل السلوك: هنا يمكن قياس درجة التأثير في المتلقي بعد التعرض للرسالة طبعاً، وهذه المرحلة تطرح مشكلة وهي مدى ديمومة الأثر ، فإذا قام المتلقي بتعديل سلوكه نقول أن العملية الاقناعية قد حدثت.
لكن العمل بما تدعو إليه الرسالة قد يكون ظرفيا ثم ينتفي الأثر، حين ذلك ينتفي معه الإقناع، فعندما نقيس نسبة القبول يمكننا تحديد مدى ديمومة الأثر).
تبني الفكرة: تدل هذه المرحلة على حدوث الإقناع بالفعل لأن المتلقي انتقل من مرحلة قبول الفكرة أو رفضها إلى مرحلة تطبيقها ثم الدفاع عنها.
ملاحظة:
1- هذا التقسيم من أجل الدراسة فقط لأن هذه المراحل تتم في وقت قصير جداًّ.
2- المراحل الثلاثة الأولى تمثل عملية استقبال الرسالة تقنيا وسيميائيا، فتقنيا يمكن أن يدخل عنصر التشويش وبالتالي يعيق التركيز والفهم، أما سيميائيا فيتعلق بجانب الرموز.أما المراحل المتبقية فهي ترجع إلى عملية شاملة للقبول والتبني.
* قابلية التبني: هناك أشخاص لهم قابلية التبني وهناك من ليس لهم، هذا التبني مرتبط بفاعلية التبني حيث قسم العلماء هذه القابلية إلى شكل جرس قمته هي النسبة المبتكرة لأن القمة ضيقة أسموها المبتكرون الأوائل كما يلي:
1- فئة المبتكرون
2- فئة المتبنون الأوائل
3- الغالبية المتقدمة
4- الغالبية المتأخرة
5- المتلكئون (المتقاعسون، المترددون)
المحاضرة الخامسة
الاستمالات الاقناعية:
إن الرسائل الاقناعية لا تخلو من استمالات إما أن تكون ضمنية (في سياق الكلام) أو علنية، ويكون الغرض منها التأثير في تفكير ووجدان وعاطفة المتلقي ، هذه الاستمالات ثلاثة أنواع:
1- الاستمالات العاطفية: تستهدف التأثير في وجدان المتلقي وإثارة حاجاته النفسية والاجتماعية ومخاطبة حواسه بما يحقق هدف القائم بالاتصال، ويعتمد هذا النوع بالأساس على توظيف : الشعارات، الرموز، والأساليب الغوية.
أ* الشعارات: توظف لتبسيط الفكرة واختزال مراحل التفكير عن طريق إطلاق حكم نهائي في شكل مبسط مما يجعل المتلقي يتقبل هذه الشعارات دون أن يستغرق وقتا طويلا ، مثلا "الشرطة في خدمة الشعب"، "جزائر العزة والكرامة" ، "انتخبونا وحاسبونا" ، "والكل يتكلم"......الخ.
ب* الرموز: توظف لنقل الأفكار والآراء والاتجاهات وهي تمثل أساس التفاعل الرمزي بين الأفراد خاصة في نقل المحتوى الإعلامي بهدف دفع الآخرين إلى قبول أو تأييد هذه الأفكار والآراء والاتجاهات.
مثلا: ممنوع التدخين
ج* الأساليب اللغوية: توظف جميعها المحسنات البديعية (جناس، طباق، مقابلة، سجع...) والصور البيانية (التشبيه، الكناية، الاستعارات...) لتقريب المعنى وتجسيد وجهة نظر القائم بالاتصال، كما يستخدم كذلك الاستفهام الذي يخرج عن كونه استفهاما حقيقيا إلى معنى آخر يفيد الاستنكار والسخرية، مثلا: هل تعتبر هذه محفظة (إذا كانت المحفظة راشية وممزقة وأكل الدهر عليها وشرب).
كذلك دلالات الألفاظ توظف في الرسالة الاقناعية لتحريف المعنى وممارسة نوع من التوجيه الإيحائي على المتلقي، ويمكن تطبيقه بتوظيف كلمة أو صيغة أو فعل بحيث تكون محملة بمشاعر معينة إما سلبية تضفي نوعا من الرفض للاسم أو الكلمة أو الفعل أو الصفة المصاحبة لها مثل وصف بعض الأعمال بالتخريبية ، الإرهابية، الانتحارية...كذلك توظف بعض الأفعال لتفيد ضمنيا الشك أو اليقين مثل : ادّعى، زعم، اعترف، تأكد....الخ.
وإما أن تكون إيجابية مثل استخدام الأفعال :رأف به، عفى عنه ...أما الصفات فهي مثل قولنا : ذكي، عادل ، قنوع...الخ.
(مثلا في العراق هناك من يصف العمليات بالانتحارية والبعض يصفها بالاستشهادية، فالانتحارية توحي للمتلقي بفكرة معينة تكون سلبية أما استشهادية فتوحي بفكرة إيجابية وكلا الصفتين تحملان جانب ديني: انتحاري = كافر، استشهادي = مسلم، كذلك هناك من يقول عملية إرهابية وهناك من يصفها بالبطولية.
ادعى، زعم = تفيد التشكيك = الكلام غير سليم = إيحاء سلبي
أكد، اعترف = تفيد اليقين = الكلام سليم = إيحاء إيجابي.
المحاضرة السادسة
ومن دلالات الألفاظ كذلك نجد:
- أفعال التفضيل: توظف صيغة أفعال التفضيل بغرض ترجيح فكرة معينة أو مفهوم دون الحاجة إلى أدلة أو براهين، ومثال ذلك القول : أجود، أحسن،....
- الاستشهاد بالمصادر: تعمد الرسالة الاقناعية إلى الاستشهاد بالمصادر، هذه العملية تزيد من مصداقية الرسالة، وكلما تم تجاهل المصادر تقل مصداقية الرسالة ، بالإضافة إلى المصادر تستخدم الرسالة الاقناعية المشاهير والنجوم مثل نجوم كرة القدم و الفن والسينما....والقصد من هذا جعل المتلقي يقتدي أو يقلد هؤلاء المشاهير.
- استخدام غريزة القطيع: المقصود بها أن نشعر بضغط يجعلنا نتوافق مع مرجعية وسلوك الجماعة التي ننتمي إليها، ومعنى هذا أن لأي شخص استعدادات أكبر لتقبل الآراء والأفكار المنسجمة مع مرجعيته السلوكية، وهو يعدل سلوكه أو اتجاهاته باتجاه الجماعة المرجعية ، وهناك نوعان من الجماعات:
1* الجماعات الأولية: وهي التي يتشكل داخلها سلوك وقيم ومبادئ الشخص وهي الأسرة والمدرسة.
2* الجماعات المرجعية: وهي التي يتخذها الشخص مرجعاً له في سلوكه ويقيس عليه اتجاهاته وقيمه مثل : الأصدقاء، النوادي، جماعة العمل....الخ
(غريزة القطيع : الإنسان كائن اجتماعي يعيش في جماعة يتأثر بها ويؤثر فيها ويحرص أن يكون سلوكه يتوافق معها حتى لا يخرج عنها، فالشخص يسعى دوما لأن ينسجم مع مرجعية جماعته حتى تقبله لأن العيش داخل الجماعة يجعله يحس بالأمان، وللإنسان القدرة على تعديل سلوكه بما يتوافق مع سلوك مرجعية الجماعة)
2- الاستمالات العقلانية:
توظف الاستمالات الاقناعية لمخاطبة عقل المتلقي ومحاولة التأثير فيه، وبالتالي تحتاج حجج وأدلة وبراهين وأحكام منطقية مع تكذيب الآراء المضادة و إظهار سلبياتها ويستخدم في ذلك:
- الاستشهاد بالمعلومات والأحداث الواقعية: بمعنى ما نذكره يكون له أثر ووجود ملموس في الواقع.
- تقديم أرقام وإحصاءات ونسب مئوية: بمعنى استخدام لغة الأرقام، فعند استخدام أرقام وإحصاءات نقنع المتلقي، أما إذا كان الكلام خاليا من الأرقام فإن نسبة القبول تكون ضعيفة.
- بناء النتائج على مقدمات: بحيث نقول إذا صحت المقدمات تصح النتائج كأن نقول مثلا: كل إصابة بأنفلونزا الخنازير و عدم اللجوء للعلاج مبكرا يؤدي أكثر إلى الوفاة.
- تفنيد وتكذيب وجهة النظر المضادة: بمعنى أنك كقائم بالاتصال لك وجهة نظر تتبناها وتدافع عنها لها وجهة نظر مضادة، فمن خلال الرسالة الاقناعية تلجأ إلى الدفاع عن وجهة نظرك باستعمال الوقائع والأرقام لتكذيب وجهة النظر الأخرى
3- استمالات التخويف:
التخويف من الآثار السلبية التي تنجم عن عدم إتباع المتلقي رأي أو توصيات القائم بالاتصال (إذا لم تتبع رأيي فإنك ستصل لنتائج سلبية)، هذا النوع من الاستمالات يعمل على استثارة خوف الناس في حالات مثل الحروب لتبرير الإنفاق على التسلح أو تخويف الناس من الأمراض والأوبئة لجعلهم يقبلون على استعمال اللقاح (في هذه الحالة نجد وجهة نظر مضادة وهي تخويف الناس من مضاعفات هذا اللقاح).