بحث حول أسس اختيار قصص الاطفال
المقدمة
الحمد لله رب العالمين احمده سبحانه واستعينه واستغفره واتوب اليه واشهد ان لا اله الا الله وحده لاشريك له
واصلى واسلم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
وبعــــــــــــــــــــــــــــد قال تعالى في محكم التنزيل ( لقد كان في قصصهم عبرة لاولي الالباب ما كان حديثا يفترى )
من هنا كان للقصة دور في حياة الأنبياء وفي حياة البشر جميعا صغارا وكبارلذلك كان لابد من الاهتمام بقصص الاطفال التي تنمي فيهم الشخصية وتعزز الدينوالعادات والتقاليد لهذا تعرضت في بحثي هذا أسس اختيار قصص الاطفال
واتمنى من الله ان اكون قد وفقت في اختياري والحمدلله رب العالمين
أسس اختيار قصص الاطفال
قصص علاء الدين وسوبرمان وسندريلا فيها إثارة وخيال واسع خصب ولكنها قد تعطي الطفل توجيه غير مباشر في أن الخوارق والقوة الخارجية _مثل مصباح علاء الدين_ سبب النجاح في حين أن التربية الصحيحة تغرس في الطفل حب العمل وأن الغايات إنما تُدرك بالسعي وبذل الأسباب. هذا من شأنه أن يجعل الطفل يبحث عن السعادة عند غيره فينتظر النجاح ولا يسعى إليه من خلال العمل المتواصل. من أهم القواعد التربوية والقوانين الاجتماعية تلك القاعدة القرآنية التي تمثل السنة الإلهية "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ" (سورة الرعد، آية 11). وكقوله سبحانه في سورة الشمس: "وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)". فالقصة الناجحة تربوياً تغرس في نفس الطفل أن تحقيق الأماني إنما يكون عبر جسر الإحسان في العمل.
ثمة سؤال يفرض نفسه استناداً لما سبق وهو: ما أهم الركائز التربوية في انتقاء القصة الهادفة؟
فيما يلي بعض المعايير الهامة لاختيار القصة التي تغرس القيم وتحسن الأخلاق:
*القصة الجيدة ذات المغزى التهذيبي تنطلق إلي إيجاد فكرة الإثارة وتحقيق التفوق والوصول للسعادة من خلال الأعمال الجادة أو الحيل الذكية لا الأحلام التي لا تتبعها ترجمة عملية.
*من الأهمية بمكان أن يعرف كل من الأب والأم مصادر القصص الجيدة وأولها المصادر الدينية ثم المصادر الثقافية والإعلامية مثل المجلات التي تنشر ملاحق خاصة بالطفل حيث أنها تكون مصدراً متجدداً ثابتاً. ومن المصادر التي يمكن الاستفادة منها دائماً وعدم الاستهانة بها أبداً الحكايات التي تُروى من قِبل الجد أو الجدة وكبار السن في داخل الأسرة. وبدأت التكنولوجيا الحديثة عبر الحاسب الآلي تقدم قصصاً رائعة تربوياً لأنها تتميز بالإبداع حيث يستطيع الطفل أن يلعب في نهاية القصة أو يرسم أو يلون الصور المتعلقة بالقصة ولا شك أن التعليم من خلال اللعب أمتع وأعمق وأسرع. القاعدة العامة أنه كلما اشتركت أكثر من حاسة في عملية التعلم كلما كان التعلم أجود وأثبت فالقصة المصورة مع الكتاب وشريط سمعي أو شريط الفيديو فيه تشويق للطفل.
*تنويع موضوعات القصص من وطنية إلى دينية واجتماعية إلى القصص العلمي.. والحذر من الاختيار العشوائي للقصص الهابطة فإنها تغرس في النفس بذر الفساد وذات أثر مدمر. الانفتاح المتزن على التراث الإنساني والتعارف على المبدعين والعلماء فيه توسيع لمدارك الطفل وتتبع للحكمة دون حدود وهذا لا يعني الانسلاخ عن الهوية الإسلامية. يقول غاندي "إنني لا أريد أن ترتفع الجدران من كل جانب حول بيتي ولا أن يحكم إغلاق نوافذي. إنني أريد أن تهب ثقافة كل أرض حول بيتي بأقصى قدر ممكن من الحرية، ولكنني أرفض أن تقتلعني ريح أي منها من جذوري". فالقصص التي تحوي فوائد علمية وحكم إنسانية هي ثمار عالمية يمكن الاستفادة منها وفق ضوابط كثيرة.
*من أهم أسس انتقاء القصص الاهتمام باحتياجات كل طفل داخل الأسرة ومراعاة ميوله وتنمية الجوانب التي يُبدع فيها ويحرص عليها. وهذا يتطلب تشجيع الطفل على المشاركة في أن يختار القصة التي يريدها تحت إشراف الوالدين. ومن هذا المنظور النفسي يجب أن لا نغفل عن المرحلة العمرية للطفل فالسن يحدد لنا قدرة الطفل اللغوية واحتياجاته النفسية والاجتماعية والتي على ضوئها نختار القصص. يفضل أن تحتوي القصص على معاني المبادرة وتشجيع العمل الجماعي لدى لأطفال من 3-6 سنوات ثم من 6- 12 يمكن أن نركز على أهمية الجد والبذل.
*بعض الألعاب فيها قصص مصورة وتحتاج إلى تعليق الطفل ببعض الكلمات لتكتمل القصة فيساهم الطفل في رواية القصة وهذه الطريقة فيها متعة وفائدة حيث ينمي الطفل مهارة التركيب والتحليل والتقويم وهي من سبل التربية العقلية.
*الصورة الواحدة في القصة قد تُعادل ألف كلمة من حيث التشويق ولكن الاقتصار على القصص المصورة من دون القصص المسموعة قد يكون ذلك الأمر فيه ضرر على خيال الطفل. إن القصص المسموعة تجعل كل طفل يتخيل المنظر بتميز وهذا يُنشط الخيال الذي هو أساس الإبداع. أما الصورة في القصة فقد تقطع سباحة الطفل في عالم الخيال لأن كل الأطفال يرون صورة بطل القصة أمامهم في قالب واحد ولا مجال لإعمال الخيال في حين أننا إذا سمعنا القصة دون أن نرى صورة فإن العقل سيحاول رسم صورة ذهنية تقريبية للأشخاص والأحداث وكل مستمع للقصة عنده في ذهنه صور متميزة.
*القصة الجيدة للطفل عادة ذات كلمات قليلة، وعبارات متناسقة، وأحداث شائقة، ومعلومات ومهارات متنوعة، وقيم أصيلة. ولكن هل عقل الطفل يسع القيم والأفكار المجردة؟ لا شك أن المنهج الإسلامي في التربية يدعو إلى غرس مبادئ العقيدة في نفس الطفل منذ الصغر وعليه فالقصة الجيدة تغرس في حس الطفل تفاعل وتناغم الدين وحياة الناس بشكل مبسط. في دراسة بريطانية قام بها عدد من خبراء التربية وبعد بحث استمر أكثر من عامين تبين أن الطالب في بداية المرحلة الابتدائية بحاجة إلى القصص الديني الذي يشرح بداية الكون ومن هو خالق الكون حتى ينمو الطفل بشكل سوي. واقترحت الدراسة ضرورة اعتماد القصص الديني المرتبط بالعقيدة في المناهج التعليمية .
الأسرة المتفهمة لنفسية الطفل لا تشترى دائماً القصص لأبنائها ولكنها تساعد الطفل على اختيار قصصهم فالطفل يجب أن يتعلم أن يقرأ ما يحب ولا بأس باستشارة الوالدين أما أن يفرض عليه الوالدان كل ما يجب أن يشترى أو أن يستعير من قصص فهذا لا يخدم مستقبل الطفل ويعمل على تحطيم استقلاليته.
في عام 1998شاركتُ في حلقات نقاشية عقدتها منظمة اليونسكو في دولة قطر* لعدة أيام طرحت فكرة أهمية إيجاد آلية تعمل على مساعدة الأب والأم في تنمية مهارة القراءة عند الأطفال منذ الطفولة المبكرة وفق أسس تربوية ومن خلال المكتبات العامة أو الوسائط التربوية الأخرى. وضع الإمام أبوحامد الغزالي قاعدة تربوية عظيمة في تربية الأطفال وذلك في الجزء الثالث من كتابه الخالد إحياء علوم الدين إذ يقول إن الطفل إذا أُهمل في بداية حياته "خرج في الأغلب ردئ الأخلاق كذابا حسودا سروقا نماما لحوحا ذا فضول وضحك وكياد ومجانة وإنما يحفظ عن جميع ذلك بحسن التأديب في المكتب فيتعلم القرآن وأحاديث الأخبار وحكايات الأبرار وأحوالهم لينغرس في نفسه حب الصالحين" إن الأسرة بحاجة ماسة إلى أن تمد جسور التواصل الثقافي مع الوسائط التربوية من أجل تربية أفضل لأطفال اليوم أبطال المستقبل.
* هذه مقالة نشرتها مجلة أنيس الوالدين التابعة للصندوق الوقفي للثقافة والفكر في الكويت: العدد الأول، ربيع الأول 1419 هـ يوليو 1998 م منتدى ارضي بعيدة .
الخاتمة
الحمد لله الذي تتم به الصالحات والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
وبعـــــد لقد انتهيت بحمد الله عز وجل من بحثي الذي تحدثت فيه عن قصص الاطفال واسس اختيارها لما تحدثه هذه
القصص من تأثيرات في تكوين شخصية الطفل الذي هو عناد المستقبل. والحمد لله رب العالمين
المراجع
- ربحي عليان. خدمات مكتبات الأطفال: دراسة حالة لرواية القصة للأطفال، مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية مج، 12,ع1" فبراير- يوليو 2006م".
2- سهير احمد محفوظ، الخدمة المكتبية العامة للأطفال. ط 2 ،الكويت، وكالة المطبوعات 1983م.
3- محمد السيد حلاوة، كتب ومكتبات الأطفال. الإسكندرية، مؤسسة حورس الدولية2000م.
4- مجبل لازم المالكي. المكتبات العامة، عمان: مؤسسة الوراق2000م.
5- هيام نائل الدواف." مكتبات الأطفال في محافظة عدن, في: مؤتمر الطفولة الأول للمدة 16-18 مايو 2005م,ص ص 447-495 .
6- هيفاء شرايحة، أدب الأطفال ومكتباتهم، عمان: المطبعة الوطنية ومكتباتها 1978م.
هذه مقالة نشرتها مجلة أنيس الوالدين التابعة للصندوق الوقفي للثقافة والفكر في الكويت: العدد الأول، ربيع الأول 1419 هـ يوليو 1998 م منتدى ارضي بعيدة.