-->

بحث عن الخوف عند الأطفال - علم نفس

بحث عن الخوف عند الأطفال - علم نفس
    بحث عن الخوف عند الأطفال - علم نفس

    مخطط البحث
    1 - المقدمة .
    2 - تعريف الخوف .
    3 - مخاوف الأطفال وكيفية تطورها .
    4 - أسباب خوف الأطفال .
    أ - الخبرات غير السارّة .
    ب - التأثير على الآخرين .
    ج - الحساسية في الاستجابة ذات المنشأ الولادي .
    د - الضعف النفسي أو الجسمي .
    هـ - الاستجابة للجو العائلي .
    النقد والتوبيخ .
    الضبط والمتطلبات الزائدة .
    الصراعات الأسرية .
    تقليد الخوف .
    5 - أنواع المخاوف .
    أ - المخاوف الموضوعية .
    ب - الخوف الذاتي .
    6- أبرز أنواع المخاوف عن الأطفال في سن ما قبل المدرسة .
    أ - الخوف من البقاء منفرداً في البيت .
    ب - الخوف من الحيوانات .
    ج - الخوف من الظلام .
    د - الخوف من المدرسة (الروضة) .
    هـ - مخاوف أخرى .
    7 - تأثير الخوف على الطفل .
    8 - الوقاية من الخوف .
    أ - تهيئة الطفل للتعامل مع التوتر .
    ب - التعاطف ودعم الأطفال .
    ج - التعرض المبكر والتدريجي للمواقف المخيفة .
    د - التعبير عن المشاعر ومشاركة الآخرين بها .
    هـ- تقديم نموذج للهدوء والتفاؤل والاستجابة المناسبة .
    9 - علاج المخاوف .
    أ - تقليل الحساسية.
    ب - ملاحظة النماذج .
    ج - التخيل الإيجابي .
    د - مكافأة الشجاعة .
    هـ- طرق أخرى للعلاج .
    10 - الخاتمة .
    11 - المراجع .



    1 - المقدمة :
    من بين الانفعالات التي يعيشها الإنسان في حياته يعتبر الخوف واحداً من أكثرها شيوعاً وتثيره موافق عديدة لا حصر لها، والتي تتباين تبايناً كبيراً في حياة مختلف الأفراد، كما تتنوع شدته من مجرد الحذر إلى الهلع والرعب، ويعتبر الخوف إحدى القوى التي قد تعمل على البناء أو على الهدم في تكوين الشخصية ونموها1.

    وقد كان العلماء يعتقدون أن الطفل يولد مزوداً بغريزة الخوف، لكن الدراسات الحديثة تشير إلى أن الخوف عند الطفل لا يبدأ قبل الشهر السادس، ولا يكون في هذه السن واضحاً أو محدداً، وأكثر ما يبدو ذلك بتأثير الأصوات العالية، وإضاعة التوازن2.
    وتعتبر السنوات الأولى في حياة الفرد من أهم الفترات، بل هي الدعامة الأساسية التي تقوم عليها حياته النفسية والاجتماعية، وفي خلالها يتقرر ما إذا كان سينشأ على درجة معقولة من الأمن والطمأنينة، أو سيعاني من القلق النفسي والخوف، ذلك لأن أية خبرة نفسية وجدانية مخيفة يصادفها الإنسان في طفولته تسجل في نفسه وتظل هائمة فيها، وقد يستعيدها لاشعورياً في كبره فيشعر بالخوف، وقد يسقط مشاعرها على المواقف والخبرات المشابهة فيخاف3.
    والمخاوف المعقولة جزء طبيعي من الحياة، وكل طفل يتعلم طائفة معينة من المخاوف، وبعض هذه المخاوف تساعد على حفظ الذات مما يدفع الطفل إلى تجنب الأخطار المرتبطة بها، وقد تكون هذه المخاوف أساساً لتعلم أمور جديدة (كالخوف من السيارة المسرعة أو الخوف من بعض الحيوانات المؤذية).
    إلا أن المخاوف الشديدة والكثيرة الانتشار والتكرار والتي ترتبط بأنماط سلوكية معينة (كالبكاء والانسحاب والتماس المساعدة...) لا تتفق ولا تتناسق مع السلوك المتزن الفعال، وقد تكون بعض مخاوف الأطفال من هذا النوع، وبذلك يمكن أن تكون أكبر عائق يقف في سبيل نموهم الصحي4.
    2 - تعريف الخوف :
    هناك تعاريف عديدة للخوف وسنكتفي بهذه التعاريف :
    "الخوف إشارة تهدف إلى الحفاظ على الذات، وذلك بتعبئة الإمكانات الفيسيولوجية للكائن الحي"5.
    "الخوف حالة انفعالية طبيعية تشعر بها كل الكائنات الحية في بعض المواقف... فيظهر في أشكال متعددة وبدرجات تتراوح بين مجرّد الحذر والهلع والرعب"6.
    "الخوف هو انفعال قوي غير سار ينتج عن الإحساس بوجود خطرٍ ما وتوقّع حدوثه"7.

    3 - مخاوف الأطفال وكيفية تطورها :
    لقد كان هناك شبه إجماع بين العلماء على أن من أهم المثيرات الأولى للخوف في الطفولة المبكرة هي الأصوات العالية الفجائية في السنة الأولى من عمر الطفل، خصوصاً عندما تكون الأم بعيدة عنه. وبتقدّم نمو الطفل تزداد مثيرات الخوف وتتنوع، ففي السنة الثانية وحتى الخامسة قد يفزع الطفل من الغرباء ومن الوقع من مكان مرتفع ومن الحيوانات والطيور التي لم يألفها، ويخاف من تكرار الخبرات المؤلمة التي مر بها - كالعلاج الطبي أو عملية جراحية - كما أنه يخاف مما يخاف منه من حوله من الكبار في البيئة التي يعيش فيها لأنه يقلدهم، فهو يتأثر بمخاوف الغير حتى لو لم تكن واقعية، وكانت وهمية أو خرافية.
    ويظهر انفعال الخوف عند الطفل على أسارير وجهه في صورة فزع وقد يكون مصحوباً بالصراخ، ثم يتطور بعد السنة الثانية إلى الصياح والهرب المصحوب بتغيرات في خلجات الوجه أو الكلام المتقطع أو قد يكون مصحوباً بالعرق أو التبول اللاإرادي أحياناً، وتنتشر عدوى الخوف بين الأطفال كالنار في الهشيم.
    ويمكن معرفة مدى خوف الطفل بمقارنة مخاوفه بمخاوف أغلب الأطفال الذين هم في مثل سنّه، وبمقارنة درجة هذه المخاوف بدرجة مخاوف أقرانه . إن حوالي نصف الأطفال على الأقل تظهر لديهم مخاوف مشتركة من الكلاب والظلام والرعب والأشباح و حوالي 10% من هؤلاء يعانون خوفاً شديداً من شيئين أو أكثر، والمخاوف الأكثر شيوعاً بين سنتين وست سنوات فيما بين سن السنتين والأربع سنوات تغلب المخاوف من الحيوانات والظلام والحيوانات والغرباء، وتقلّ هذه المخاوف عمر خمس سنوات ثم تختفي فيما بعد، وفي عمر4 إلي 6سنوات تسيطر المخاوف المتخيلة مثل الأشباح والوحوش، وتبلغ ذروتها في عمر 6سنوات ثم تختفي فيما بعد.
    إن /90%/ من الأطفال تحت السادسة من العمر يظهر لديهم خوف محدد يزول بشكل طبيعي8.
    إلا أنه حيث سُجّلت مخاوف الأطفال والظروف المتصلة بها لمدة /21/ يوماً، وقد كانت نتيجة الدراسة أن المخاوف من الأشياء الحقيقية (الضوضاء أو الأشياء أو الأشخاص أو الحركات المفاجئة غير الموقعة والغريب من الأشياء والمواقف والأشخاص) كانت تتناقص بتقدّم العمر، على حين أن المخاوف من أخطار متوهمة أو خارقة للطبيعة (كالوقائع المرتبطة بالظلام والأحلام واللصوص والمخلوقات الخرافية وأماكن وقوع الحوادث) فكانت تزاد بتقدم العمر، كما لوحظ أن العلامات المرتبطة بالخوف (مثل البكاء - الهلع - الانسحاب) كانت تتناقص من حيث التكرار أو الشدة كلما تقدّم الطفل بالعمر.
    ويصعب التنبؤ بمخاوف الأطفال إلى حدّ كبير بسبب الفروق الفردية الكبيرة من حيث القابلية للخوف ومن حيث مبلغ تعرضهم للخوف، فالمثير الواحد قد يكون مخيفاً إلى حدٍّ كبير بالنسبة لطفل ما، بينما لا يُحدث شيئاً من الاضطراب لطفل آخر، كما أن الطفل نفسه يمكن أن يضطرب كثيراً بمنبه خاص في موقف معين، ثم لا يعيره انتباهاً في موقفٍ آخر9.
    فمثلاً، الطفل الذي يعيش في الريف لا يخشى الحيوانات الأليفة كالكلب أو البقرة أو النعجة، لكن الطفل الذي يتربى في المدن يخافها، وهذه إشارة إلى تأثير البيئة ومخاوف الأطفال تتكون أثناء الطفولة الباكرة ونتيجة لتعاملهم مع البيئة وتأثرهم بالنمط الحضاري لهذه البيئة وما فيها من مفاهيم وعادات وأساطير ومواقف10.
    4 - أسباب خوف الأطفال :
    إن للخوف عند الأطفال مصادر كثيرة من أهمها :
    أ - الخبرات غير السارّة : إن الخبرات غير السارة التي يمرّ بها الأطفال تترك آثاراً سلبية لا تزول بسهولة، إذا يخاف الطفل من تكرار الخبرات المؤلمة التي مرّ بها كالعلاج الطبي أو عملية جراحية أو أن يكون قد تعرّض للعض مثلاً أو التهديد من قبل حيوان ما يمكن أن يسبب له خوفاً محدداً من ذاك الحيوان أو خوفاً من جميع الحيوانات أو توجهاً عاماً للخوف من أي موقف. فالخبرة التي يمر بها طفل صغير مع كلب ما يمكن أن تؤدي إلى خوف من جميع الحيوانات وجميع الأشياء ذات الفراء - كذلك من الخبرات غير السارة التي مكن أن يكون قد تعرّض لها (السقوط - الاصطدامات- الرعد- الحرق بشيء ما – المياه) مثلاً : يمكن أن يصبح الاستحمام مخيفاً للطفل بسبب الانزلاق في الماء أو لسع الصابون عندما يدخل عينيه.
    ب - التأثير على الآخرين : إن الطفل يمكن أن يستخدم المخاوف كوسيلة للتأثير على الآخرين واستغلالهم، فأحياناً قد يكون إظهار الطفل الخوف هو إحدى الطرق القوية لجذب الانتباه، وهذه الطريقة11 تعزز بشكل مباشر وجود المخاوف لدى الطفل. وهكذا يؤدي الخوف إلى حالة من الارتياح والرضى على نحو يزيد من حالة الشعور بالخوف، والمشكلة أن الخوف يصبح مريحاً ومؤلماً في آن واحد، ويزداد الأمر تعقيداً عندما يكون الخوف هو الطريقة الوحيدة لدى الأطفال للتأثير على والديهم . نتيجة لذلك يصبح الخوف وسيلة يستخدمها الطفل للتأثير على الآخرين، وقد يفقد السبب الرئيسي للخوف فاعليته إلا أن الخوف نفسه يبقى ويصبح عادة12.
    ج - الحساسية في الاستجابة ذات المنشأ الولادي : يوصف بعض الأطفال بأنهم كانوا دائماً حساسين للغاية وخوّافين منذ الولادة أو خلال السنة الأولى أو الثانية من العمر، وهؤلاء الأطفال يُظهرون استجابات جدّ قوية للأصوات أو للحركة المفاجئة أو للتغيرات في البيئة...الخ. والاستنتاج الواضح هو أن الأجهزة العصبية المركزية لهؤلاء الأطفال هي منذ الولادة أكثر حساسية من غيرها، ولذلك فهم يستجيبون لمثيرات أضعف ويحتاجون إلى وقت أطول لاستعادة توازنهم . وينتج ذلك عن مزيج من العوامل الوراثية وظروف الحمل والولادة .
    وعندما يصل هؤلاء الأطفال إلى عمر /4/ أو /5/ سنوات تكون المخيلة قد منت جيداً فيظهر لديهم ميل قوي لتخيّل جميع أشكال الحوادث المزعجة، وعندما تزداد شدة المخاوف وتطول فترتها بشكل ملحوظ فإنها تصبح مخاوف مرضية .
    د - الضعف النفسي أو الجسمي : يكون الأطفال أكثر استعداداً لتطوير المخاوف عندما يكونون متعبين أو مرضى، وخصوصاً إذا استمرت حالة الضعف الجسمي لفترة طويلة، فهي ستؤدي إلى شعورٍ بالعجز وضعف المقاومة بحيث تصبح الدفاعات السيكولوجية للطفل أقل فاعلية . والآباء المتساهلون يسهمون أكثر من اللازم في تطوير قبل هذا النمط من السلوك لأنهم لا يساعدون الطفل على تطوير الشعور بالجدارة .إن الأطفال الضعيفين جسمياً يشعرون بعدم القدرة على التعامل مع الأخطار الواقعية أو المتخيلة.
    هـ - الاستجابة للجو العائلي :
    النقد والتوبيخ :
    إن النقد الزائد للأطفال قد يؤدي إلى تطوير شعور بالخوف لديهم، حيث13 يشعرون بأنهم غير قادرين على فعل شيء صحيح، ويبدو هؤلاء الأطفال كأنهم يتوقعون النقد دائماً، وهذا يؤدي بدوره إلى أن الطفل يفقد الثقة بنفسه ويظهر عليه الجبن و الخضوع.
    الضبط والمتطلبات الزائدة :
    إن الأطفال الذين يعيشون في جو بيت يتسم بالضبط الزائد يمكن أن يصبحوا أطفالاً خوافين بشكل عام أو أطفالاً يخافون من السلطة بشكل خاص، فقد يخافون من المعلمين أو رجال الشرطة أو ممن يمثلون السلطة.
    أحياناً يستخدم التخويف من قبل الأهل لحفظ النظام أو لدفع الطفل لعمل معين أو منعه من عمل معين كاللعب أو الضوضاء .
    الصراعات الأسرية :
    إن الجو المتوتر في البيت الذي تحدث الصراعات المستمرة بين الوالدين أو بين الأخوة أو بين الآباء والأبناء يؤدي إلى شعور بعدم الأمن. والأطفال الذين لا يشعرون بالأمن يحسون بأنهم أقل قدرة من غيرهم على التعامل مع مخاوف الطفل العادية .
    تقليد الخوف :
    يخاف الطفل عن طريق المشاركة الوجدانية لأفراد أسرته ومن يخالطهم في البيئة، كما يتعلم الخوف بتقليده لسلوكهم من خلال ملاحظته الخوف لدى الكبار أو الأخوة أو الرفاق. ومن المعتاد أن نرى لدى الأطفال شديدي الخوف واحداً من الوالدين على الأقل لديه مخاوف شديدة، فمثلاً الأم التي تخاف من الكلاب أو المرتفعات قد يعاني طفلها من خوف مشابه.
    5 - أنواع المخاوف :
    للخوف نوعان متمايزان هما : الخوف الموضوعي والخوف الذاتي.
    أ - المخاوف الموضوعية : هي الأكثر شيوعاً بين المخاوف، وهي ناجمة عن سبب يمكن التعريف عليه وكثير من الآباء يتعرفون عليه. ولما كان تحديد مصدر هذه المخاوف ليس عسيراً كان التغلب عليها بسرعة أمراً ممكناً - كالخوف من الحيوانات والأطباء والبرق والأماكن العالية والنار والجنود والماء في حوض السباحة أو البحر أو الخوف من النار ومن المدرسة -. وهذا النوع من الخوف14 يحصل نتيجة لتجارب أو خبرات غير سارة حصلت للطفل سابقاً أو إثر سماع الطفل قصة معينة أثارت في ذلك الوقت رداً انفعالياً سيئاً. ويعتبر هذا النوع من الخوف مفيد أحياناً .
    ب - الخوف الذاتي : ويكون عاماً وغير محدد وليس واقعياً. وكثير من الأحيان لا يمكن تحديد أسباب هذا النوع من الخوف إلا بعد وقت طويل ودراسة دقيقة. ولعل أهم هذه المخاوف هو الخوف من الموت، والخوف من الظلام، وكلاهما يعاني منه كثير من الأطفال. فمثلاً تكون الأفكار الغامضة غير المحددة عن الموت أساساً لقدر كبير من القلق العقلي عند الأطفال يفوق ما نسلم به عادة.
    كما أن العادات والتقاليد في المجتمعات العربية تبالغ في طقوس الحزن عند وفاة شخص عزيز، فكثرة البكاء وإظهار الآلام والعزاء لعدة أيام كلها تجعل الطفل يقظاً يقظة شديدة للموت، وهذا قد يجعله يتوقع حدوث الموت له، وخصوصاً إذا كان قلقاً، كما يؤدي إلى أن يحلم أحلاماً مزعجة عن الموت وهكذا15.
    6- أبرز أنواع المخاوف عن الأطفال في سن ما قبل المدرسة :
    من أهم المظاهر الانفعالية لهذه الفترة هي ما قد يعانيه الأطفال من مخاوف. ذلك أنها يمكن أن تكون أكبر عائق في سبيل نموهم الصحي السليم. ومن أبرز هذه المخاوف نجد :
    أ - الخوف من البقاء منفرداً في البيت
    ب - الخوف من الحيوانات
    ج - الخوف من الظلام
    د - الخوف من المدرسة (الروضة)
    هـ - مخاوف أخرى :
    ومن أنواع الخوف الأخرى الخوف من الموت، ويحدث للأطفال نتيجة موت عزيز على قلوب العائلة أو موت طفل يعرفه، ويمكن أن يمتد هذه الخوف لكل ما له علاقة بالموت كالمقابر ولواحقها وكون ظاهرة الموت غامضة وغيبية على الطفل فإنها تبعث الخوف في نفسه. كذلك هناك الخوف من الحديث أمام الناس وخصوصاً المعلمين. ويشتكي الأهل من هذه الظاهرة، فالأطفال يتمتعون بطلاقة الحديث في المنزل بينما في الحضانة لا يجيبون عن أسئلة المعلمة ويرتعدون خوفاً منها ويتلعثمون أمامها، وفي هذه الحالة16 يمكن التغلب على الخوف بتعويد الطفل على القراءة منفرداً وبصوت عالٍ، والوقوف أمام المرآة وفي الطبيعة أو أمام الأهل والقيام بإلقاء قصيدة أو كلمة قصيرة بطريقة خطابية. وهكذا يتخلص الطفل من خوفه هذا17.
    7 - تأثير الخوف على الطفل :
    إن الخوف هو انفعال يكثر تعرض الطفل له ويلعب دوراً يبلغ من الأهمية في تكوين شخصية الطفل حداً يتطلب أكبر قسط من العناية به وتدبير أمره. فكثير من المخاوف التي لابد أن يلقاها الطفل هي من النوع الهدّام المعجز ولا تجديه نفعاً، بل تشتت نشاطه الذي يجب أن يهدف وأن يستخدم في تحقيق رفاهية الطفل18.
    ويتفق علماء النفس على أن زيادة المخاوف لدى الطفل تعوق حريته وتلقائيته، كما تؤدي إلى نقص قدرته على مواجهة توترات الحياة19.
    والطفل الذي يخاف ليس من السهل عليه تكوين الأصدقاء . والطفل الذي يخاف لا يستطيع الاعتماد على نفسه ويصبح مشلولاً غير قادر على التصرف بمفرده في مواقف الحياة المختلفة في المنزل أو في المدرسة بين أقرانه فيفقد الثقة بنفسه لأنه يشعر أنه غير قادر على أداء أي عمل بنفسه دون خوف20.
    8 - الوقاية من الخوف :
    إن مخاوف الأطفال تتكون أغلبها باستثارة البيئة لانفعالات الخوف وتكرارها، وفيما يلي بعض القواعد التي يجب مراعاتها لوقاية الأطفال من الخوف21 :
    أ - تهيئة الطفل للتعامل مع التوتر :
    ينبغي أن تكون مرحلة الطفولة فترة تهيئة مستمرة للتعامل مع المشكلات المختلفة وخاصة التوتر، وأن تتضمن الكثير من التطمين والتوضيح والتحذير المسبق من المشكلات المختلفة والمحتملة، ويجب أن تنمي في الطفل الخبرة والممارسة والتجريب في القيام بالخبرات السارة غير المخيفة حتى يعتاد أن يتعامل مع مواقف الحياة ليشعر بالأمن والطمأنينة.
    ب - التعاطف ودعم الأطفال :
    إن إدراك الأطفال أن آباءهم متفهمون ومساعدون يجعلهم يشعرون بأنهم أكثر قدرة على التعامل مع المواقف المخيفة. ويساعد الحب والاحترام في نمو الشعور بالأمن لدى الطفل بعكس التهديد أو النقد المستمر، ويسهم التعاطف في فهم أفكار الطفل ومشاعره ومشاركته فيها، وعندما يعبر الأطفال عن مشاعر الخوف أو الاضطراب فإن على الآباء أن يكونوا متقبلين وأن يمدوا يد العون لأطفالهم.
    ج - التعرض المبكر والتدريجي للمواقف المخيفة :
    يحتاج الطفل إلى أن يخبر بشكل تدريجي الأفكار أو الحوادث الجديدة المخيفة أو التي يحتمل أن تكون كذلك. فمثلاً عملية التوقف عن إضاءة الغرفة في الليل أمر إيجابي، ولكن يجب أن يتم ذلك عن طريق خفض الضوء بشكل تدريجي ليلة بعد أخرى أو إغلاق الباب على نحو متزايد في كل ليلة حتى يشعر الطفل بالارتياح للنوم في الظلام.
    د - التعبير عن المشاعر ومشاركة الآخرين بها :
    عندما يجد الطفل أن هناك من يشاركهم في مشاعرهم في الجو الذي يعيشون فيه فإنهم يتعلمون أن الهموم والمخاوف هي أمور مقبولة، ولكن يجب عدم المبالغة في ذلك كأن يشارك الطفل الراشدين في مشاعرهم وأفكارهم وإنما التحدث عن المخاوف الواقعية التي توجد لدى الجميع22.
    هـ- تقديم نموذج للهدوء والتفاؤل والاستجابة المناسبة :
    إن معظم المخاوف مكتسبة، والأطفال لا يولدون خوافين بل إنهم يتعلمون الخوف من البيئة المحيطة والأفراد الذين يعيشون معهم لاسيما الوالدين. فالأطفال يبدون استعداداً قوياً لاكتساب مخاوف والديهم، فمثلاً إذا لم يتغلب الوالدان على مشكلة خوفهما من الموت فإن الأطفال أيضاً سوف يتعلمون بسرعة الخوف من الموت، ومن المفيد أن يستمع الأطفال إلى عبارات مثل (إن الموت كالولادة جزء من عملية الحياة) أو (كل إنسان فان... وهكذا)، وكثير من الآباء يناقشون مفاهيم دينية مع أطفالهم لمساعدتهم على فهم الموت وغيره من الحوادث. وينبغي ألا تناقش المخاوف باستمرار مع أن الإقرار بوجود المخاوف واتخاذ موقف شجاع نسبياً حيالها يقدمان مثالين جيدين يحتذي بهما الأطفال.
    9 - علاج المخاوف :
    يختلف نوع العلاج باختلاف أسباب الخوف وأنواعه، ولكن تبقى هناك بعض الإرشادات العلاجية العامة التي تصلح لمعظم حالات الخوف المتنوعة :
    أ - تقليل الحساسية:
    إن هذا الهدف هو مساعدة الأطفال الخوافين وذوي الحساسية الزائدة ليصبحوا أقل حساسية أو لا يستجيبوا للموضوعات التي تثير حساسيتهم. فمن المفيد جعل الأطفال يلعبون إحدى ألعابهم المفضلة أو ينهمكون بأي نشاط ممتع أثناء الخوف، وقد أمكن محو جميع أشكال المخاوف المحددة بهذه الطريقة. وعلى سبيل المثال يمكن أن يقوم الطفل بتمثيل بعض المشاهد في غرفة خافتة الإضاءة كخطوة أولى للتغلب على الخوف من الظلام، ويحدث تقليل الحساسية بشكل طبيعي عندما يمكن للأطفال مشاهدة حادثة مخيفة عن بعد.
    ب - ملاحظة النماذج :
    إن الطفل يتعلم من خلال الملاحظة كيف يتعامل مع الأفراد غير الخائفين مع المواقف، وهذه الملاحظة تجعل الطفل يبدأ بشكل تدريجي بالتعامل دون خوف مع مواقف تزداد درجة الخوف فيها شيئاً فشيئاً. ويجب أن تكون هذه النماذج من الأشخاص العاديين حتى لا يرى الأطفال النموذج وكأنه يتمتع بصفات خاصة تجعله قادراً على أن يكون شجاعاً.
    ج - التخيل الإيجابي :
    إن الاستخدام والتدريب المقصود لتخيل مشاهد سارة يسهم في تقليل مخاوف الأطفال الذين يجدون في ذلك أسلوباً ناجحاً، فهم يتخيلون الأبطال الذين يحبونهم يساعدونهم في التعامل مع الموقف المخيف، ويمكن تعريف الطفل على كيفية القيام بهذا التخيل ثم يطلب منه أن يقوم باختراع قصة مشابهة مثل (أنت والمرأة العجيبة تجلسان في البيت عندما تطفأ الأنوار فجأة، إنك تحس بالخوف ولكن أنت والمرأة العجيبة تجدان شموعاً وتذهبان إلى موقع مفاتيح الكهرباء لمعالجة الأمر وتشعر بالعظمة لأنك تمكنت من حل المشكلة، والمرأة العجيبة تهنئك وتطير مبتعدة بطائرتها الخفية)23.
    د - مكافأة الشجاعة :
    ينبغي تحديد سبب المخاوف وزمانها ومكانها تحديداً دقيقاً وامتداح الطفل ومكافأته كلما تقدم خطوة في تحمّل المواقف المخيفة. فكثير من الأطفال يُظهرون الشجاعة كي يحصلوا على المكافآت، فمثلاً يمكن أن نضع للطفل خمس نقاط إذا قال مرحباً لشخص غريب، ويحصل على عشر نقاط إذا أجاب على الهاتف ويحصل على عدد من النقاط إذا تحدّث مع أشخاص مختلفين فيجمع تدريجياً عدداً من النقاط يستخدمها فيحصل على ألعاب أو يحصل على امتيازات نتيجة لتقدمه.
    هـ- طرق أخرى للعلاج :
    كما يتم أيضاً علاج المخاوف عن طريق تعويد الطفل الاعتماد على نفسه تدريجياً وتخليصه من حماية الأم له، فالإكثار من العطف الزائد والرعاية الزائدة تؤدي إلى ضرر الطفل وليس نفعه، كذلك النبذ والنقد والتهديد والاستخفاف بمخاوف الطفل واتهامه بالجبن وغير ذلك من الأساليب القاسية كلها تؤدي إلى كبت الخوف وتفاقم المشكلة، لذلك ينبغي على الأهل احترام الطفل وتشجيعه على التعبير عن مخاوفه والتغلب عليها24.

    10 - الخاتمة :
    مما تقدم نستطيع القول أن الخوف هو حالة انفعالية طبيعية تظهر في أشكال متعددة وبدرجات مختلفة عند الأطفال، وهناك بعض المخاوف التي تفيد الطفل وتساعده على حفظ بقائه وتكيفه. وبالمقابل توجد مخاوف تلحق أشد الضرر بالطفل ويمكن أن تستمر معه مدى الحياة. وباعتبار أن سنوات الطفولة هي الأهم في حياة الفرد والتي تقوم عليها حياته النفسية والاجتماعية فإنه من الضروري الاهتمام بمشكلة الخوف عند الأطفال لما يترتب عليها من آثار سلبية قد تكون عنصراً هدّاماً لشخصية الطفل فيخرج من مرحلة الطفولة شخصاً مضطرباً وقلقاً يعاني من سوء التكيف مما ينعكس على الفرد والمجتمع معاً.
    لذلك من الواجب علينا أن نولي اهتماماً أكبر لمخاوف الأطفال والتعرف إليها وإلى أسبابها والعمل على الوقاية منها وعلاجها لنحصل في النهاية على فردٍ سوي وفعّال في المجتمع.
    المراجع المعتمدة
    الدكتور محمد خير أحمد الفوال بحث مقدّم إلى (مؤتمر فيلادلفيا الدولي الحادي عشر) تحت عنوان (ثقافة الخوف)، في الفترة 24 - 26 نيسان (أبريل) 2006م.
    إسماعيل، محمد ؛ السيد، أحمد، مشكلات الطفل السلوكية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 1993.
    توم، دوغلاس، مشكلات الأطفال اليومية، ترجمة اسحق رمزي، دار المعارف، مصر، القاهرة، 1953.
    جرجس، ملاك، مخاوف الطفل وعدم ثقته بنفسه، مكتبة المحبة، مصر، 1993.
    حسن، جمال، مشاكل الطفولة المبكرة، جامعة دمشق، دمشق، 1983.
    دبابنة، ميشيل ؛ محفوظ، نبيل، سيكولوجية الطفولة، دار المستقبل للنشر والتوزيع، عمان، 1984.
    الرفاعي، نعيم، الصحة النفسية، مطبعة ابن حيان، دمشق، 1982.
    الشحيمي، أيوب محمد، مشاكل الأطفال كيف نفهمها، دار الفكر اللبناني، بيروت، 1994.
    عبد الرزاق، عماد، مشاكل الطفولة، مطابع الأهرام التجارية، القاهرة، 1971.
    فهيم، كلير، مشاكل الأطفال النفسية، دار المعارف، القاهرة، 1978.
    كلير، ديكس، علاجك النفسي بين يديك، ترجمة عبد العلي الجسماني، الدار العربية للعلوم، بيروت، ط1، 1994.
    هرمز، هنا ؛ صباح، إبراهيم ؛ حنا، يوسف، علم النفس التكويني (الطفولة - المراهقة)، دار الكتب للطباعة والنشر، الموصل، 1988.
    ولمان، ب. ب.، مخاوف الأطفال، تقديم عبد العزيز القوصي ؛ محمد عبد الظاهر الطيب، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ط2، 1991.
    يوسف، نمر عصام، الأسرة ومشكلات أطفالها، جمعية عمال المطابع التعاونية، عمان، ط1، 1985.
    1 مشكلات الأطفال اليومية، دوغلاس توم ؛ ترجمة اسحق رمزي، 1953، ص 141.
    2 مشاكل الأطفال كيف نفهمها، محمد أيوب الشحيمي، 1994، ص 98 - 99.
    3 مخاوف الطفل وعدم ثقته بنفسه، ملاك جرجس، 1993، ص 8.
    4 علم النفس التكويني، صباح حنا هرمز، يوسف حنا إبراهيم، 1988، ص 357.
    5 مشاكل الأطفال كيف نفهمها، محمد أيوب الشحيمي، 1994، ص 98 - 99.
    6 مخاوف الطفل وعدم ثقته بنفسه، ملاك جرجس، 1993، ص 8.
    7 مشكلات الأطفال والمراهقين، شارلز شفير، هوارد ميلمان ؛ ت: نسيمة داود، نزيه حمدي، 1989، ص 128.
    8 مشكلات الأطفال والمراهقين، شارلز شفير، هوارد ميلمان ؛ ت: نسيمة داود، نزيه حمدي، 1989، ص 128.
    9 علم النفس التكويني، صباح حنا هرمز، يوسف حنا إبراهيم، 1988، ص 357 - 358 - 359.
    10 مشاكل الأطفال كيف نفهمها، محمد أيوب الشحيمي، 1994، ص 98 - 99.
    11 مشكلات الأطفال والمراهقين، شارلز شفير، هوارد ميلمان ؛ ت: نسيمة داود، نزيه حمدي، 1989، 
    ص 129 - 131.
    12 المرجع السابق نفسه، ص 131.
    13 المرجع السابق نفسه، ص 131.
    14 سيكولوجية الطفولة، ميشيل دبابنة، نبيل محفوظ، 1984، ص 168.
    15 مخاوف الطفل وعدم ثقته بنفسه، ملاك جرجس، 1993، ص 22.
    16 المرجع السابق، ص 93.
    17 المرجع السابق، ص 93.
    18 المرجع السابق، ص 45.
    19 مشكلات الطفل السلوكية، أحمد محمد إسماعيل، 1993، ص 120.
    20 مشاكل الأطفال النفسية، كلير فهيم، 1978، ص 36.
    21 مشاكل الأطفال النفسية، كلير فهيم، 1978، ص 37.
    22 المرجع السابق، ص 138.
    23 المرجع السابق، ص 142.
    24 مشاكل الأطفال كيف نفهمها، محمد أيوب الشحيمي، 1994، ص 111.