-->

بحث حول ظاهرة التدخين Smoking

بحث حول ظاهرة التدخين Smoking
    مقدمة
    ليس من عصر كثرت فيه التجارب كعصرنا هذا وكأن الإنسان قد أصيب بهوس التجارب وعدواها في كل ما يمت إلى حياته بصلة. وقد تكون هذه التجارب مجرد واجهه أو مدخل شرعي لممارسة كافة الرغبات والأهواء على اختلاف أنواعها وشذوذها حتى تتحول تلك التجارب أخيرا إلى عادة مستحكمة ظالمة تقود الإنسان حسب هواها ورغباتها. وأكثر ما ينطبق ذلك على عادة التدخين التي تحكمت بعقول الناس على اختلاف مللهم وعلمهم ومشاربهم.

    عادة التدخين آفة حضارية كريهة أنزلت بالإنسان العلل والأمراض كتأثيرها السيئ على الغدد الليمفاوية والنخامية والمراكز العصبية وتأثيرها الضار على القلب وضغط الدم والمجاري التنفسية والمعدة والعضلات والعين الخ ...

    إنها تجارة العالم الرابحة ولكنه ربح حرام قائم على إتلاف الحياة وتدمير الإنسان عقلا وقلبا وإرادة وروحا. والغريب أن الإنسان يقبل على شراء هذه السموم الفتاكة بلهفة وشوق لما تحدثه في كيانهم من تفاعل غريب تجعله يلح في طلبها إلى أن تقضي عليه.

    وبعد أن ازداد خطر عادة التدخين لاسيما في صفوف الشباب والمراهقين وطلاب المدارس والجامعات واستفحال خطره على الصحة فقد خصصت هذه البحث عن كل ذلك مظهرة بالحقائق والأرقام - لا بالعواطف والانفعالات - الخطر الكامن وراءه ووجوب محاربته على كل مستوى عن طريق التوعية الصحية والحذر من جعل الصحة مطية للشهوات وأداة للمقامرة. فالصحة هي الرصيد الحقيقي لكل دولة يحق لها أن تفتخر بنفسها وبمنجزاتها.



    التدخيــن

    التدخين هو عملية يتم فيها حرق مادة، غالبًا ما تكون هذه المادة هي التبغ، حيث يتم تذوق الدخان أو استنشاقه. وتتم هذه العملية في المقام الأول باعتبارها ممارسة لتروح النفس عن طريق استخدام المخدرات، حيث يَصدر عن احتراق المادة الفعالة في المخدر، مثل النيكوتين مما يجعلها متاحة للامتصاص من خلال الرئة وأحيانا تتم هذه الممارسة كجزء من الطقوس الدينية لكي تحدث حالة من الغفوة والتنوير الروحي وهناك الاف من المواد الكيميائية التي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي وتعد السجائر هي أكثر الوسائل شيوعًا للتدخين في الوقت الراهن، سواء كانت السيجارة منتجة صناعيا أو ملفوفة يدويًا من التبغ السائب وورق لف السجائر. وهناك وسائل أخرى للتدخين تتمثل في الغليون، السيجار، الشيشة، والبونج "غليون مائي".
    يعد التدخين من أكثر المظاهر شيوعا لاستخدام المخدرات الترويحي. وفي الوقت الحاضر، يعد تدخين التبغ من أكثر أشكال التدخين شيوعًا حيث يمارسه أكثر من مليار شخص في معظم المجتمعات البشرية.وهناك أشكال أقل شيوعا للتدخين مثل تدخين الحشيش والأفيون. وتعتبر معظم المخدرات التي تُدخن إدمانية. وتصنف بعض المواد على أنها مخدرات صلبة مثل الهيروين والكوكايين الصلب. وهي مواد ذات نسبة استخدام محدودة حيث أنها غير متوفرة تجاريًا.



    نبذة عن تاريخ التدخين
    يرجع تاريخ التدخين إلى عام 5000 قبل الميلاد، حيث وُجد في العديد من الثقافات المختلفة حول العالم. وقد لازم التدخين قديما الاحتفالات الدينية; مثل تقديم القرابين للآلهة، طقوس التطهير، أو لتمكين الشامان والكهنة من تغيير عقولهم لأغراض التكهن والتنوير الروحي.
    ثم في أوائل القرن السادس عشر ادخل مكتشفوا أمريكا عادة التدخين إلى الحضارة الأوروبية، ومصطلح نيكوتين الذي يتداوله الناس عند التحدث عن التدخين أخذ من اسم جون نيكوت سفير فرنسا في لشبونة والذي دافع عن التبغ وكان يؤكد أن للتدخين فوائد مثل إعادة الوعي وعلاج الكثير من الأمراض. لينتشر تدخين التبغ في كل أنحاء العالم انتشارًا سريعًا. وفي مناطق مثل الهند وجنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا، اندمج تدخين التبغ مع عمليات التدخين الشائعة في هذه الدول والتي يعد الحشيش أكثرها شيوعًا. أما في أوروبا فقد قدم التدخين نشاطًا اجتماعيًا جديدًا وشكلاً من أشكال تعاطي المخدرات لم يكن معروفًا من قبل.
    وحتى منذ هذه البداية لم يترك الموضوع دون مقاومة فقد قام كثيرون بمعارضته وخصوصا (جيمس الأول) في كتابه "مقاومة التبغ" حيث اعتبر التدخين وسيلة هدامة للصحة. أما السيجارة التي يعرفها الناس بشكلها الحالي فقد ظهرت في البرازيل عام 1870م.
    اختلف طرق فهم التدخين عبر الزمن وتباينت من مكان إلى أخر، من حيث كونه مقدس أم فاحش، راقي أم مبتذل، دواء عام -ترياق- أم خطر على الصحة. ففي الآونة الأخيرة وبشكل أساسي في دول الغرب الصناعية، برز التدخين باعتباره ممارسة سلبية بشكل حاسم. في الوقت الحاضر، أثبتت الدراسات الطبية أن التدخين يعد من العوامل الرئيسية المسببة للعديد من الأمراض مثل: سرطان الرئة، النوبات القلبية، ومن الممكن أن يتسبب أيضًا في حدوث عيوب خلقية. وقد أدت المخاطر الصحية المثبتة عن التدخين، إلى قيام الكثير من الدول بفرض ضرائب عالية على منتجات التبغ، بالإضافة إلى القيام بحملات سنوية ضد التدخين في محاولة للحد من تدخين التبغ.
    ومن الغريب أن أول إحصائية عن التدخين في الولايات المتحدة الأمريكية ظهرت في عام 1880 وكان تعداد السكان خمسين مليون فقط ثبت أنهم يدخنون 1,3 بليون سيجارة سنويا وحينما ارتفع عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية إلى 204 مليون ارتفع عدد السجائر المدخنة إلى 536 بليون سيجارة سنويا.
    من هذا يتضح أن السكان زادوا بنسبة 300% أي أن زيادة السجائر أكثر من زيادة السكان 133 مرة.

    تاريخه قديما
    يرجع تاريخ التدخين إلى عام 5000 قبل الميلاد في الطقوس الشامانية. وقد قامت الكثير من الحضارات مثل الحضارة البابلية والهندية والصينية بحرق البخور كجزء من الطقوس الدينية،
    وكذلك قام بنو إسرائيل ولاحقا الكنائس المسيحية الكاثوليكية والأرثوذوكسية بالفعل نفسه. ويرجع ظهور التدخين في الأمريكتين إلى الاحتفالات التي كان يقيمها كهنة الشامان ويحرقون فيها البخور، ولكن فيما بعد تمت ممارسة هذه العادة من أجل المتعة أو كوسيلة للتواصل الاجتماعي. كما كان يُستخدم تدخين التبغ وغيره من المخدرات المسببة للهلوسة من أجل إحداث حالة من الغيبوبة أو للتواصل مع عالم الأرواح.
    ويرجع تاريخ استخدام مواد مثل الحشيش، الزبد المصفى (السمن)، أحشاء السمك، جلود الثعابين المجففة، وغيرها من المعاجين التي تُلف وتُشكل حول أعواد البخور إلى 2000 عام على الأقل. وقد كان يوصف التبخير (dhupa) وقرابين النار (homa) في طب أيورفيدا لأغراض طبية وتمت ممارسة هذه العادات لمدة لا تقل عن 3000 سنة، بينما التدخين (dhumrapana)  (ويعني حرفيًا "شرب الدخان") فتمت ممارسة لمدة لا تقل عن 2000 سنة. فقبل العصر الحديث، كانت تُستهلك هذه المواد من خلال أنابيب، وقصبة مختلفة الأطوال أو chillums وكان تدخين الحشيش رائجًا في الشرق الأوسط قبل وصول التبغ، وكان شائعًا قديما كنشاط اجتماعي تَمركز حول تدخين نوع من أنابيب التدخين المائية الذي يطلق عليه "شيشة". وبعد دخول التبغ أصبح التدخين مكونًا أساسيًأ في المجتمع والثقافة الشرقية، وأصبح ملازما لتقاليد هامة مثل الأفراح والجنائز حيث تمثل ذلك في العمارة والملابس والأدب والشعر.
    دخل تدخين الحشيش إلى جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا من خلال إثيوبيا وساحل إفريقيا الشرقي عن طريق التجار الهنود والعرب في القرن الثالث عشر أو ربما قبل ذلك. وقد انتشر على طرق التجارة نفسها التي كانت تسلكها القوافل المحملة بالبن والتي ظهرت في مرتفعات أثيوبيا. حيث تم تدخينه في أنابيب تدخين مائية تصنع من اليقطين مع جزء مجوف مصنوع من الطين المحروق لوضع الحشيش، ويبدو جليًا أن هذا اختراع أثيوبي وتم نقله فيما بعد إلى شرق وشمال ووسط إفريقيا.
    وعند وصول أخبار من أول مستكشفين أوروبيين يصلوا إلى الأمريكتين وردت أنباء عن الطقوس التي كان يقوم فيها الكهنة المحليين بالتدخين حتى يصلون إلى مستويات عالية من النشوة ولذلك فمن غير المحتمل أن تكون تلك الطقوس قاصرة على التبغ فقط.

    الرواج
    في عام 1612، بعد ست سنوات من إقامة مستوطنة جيمس تاون، أصبح جون رولف أول مستوطن ينجح في رفع مكانة التبغ إلى محصول نقدي. وفي وقت وجيز زاد الطلب على التبغ الذي وُصف بـ"الذهب البني"، بعد أن تسبب في ازدهار شركة (Virginia join stock) بعد فشل رحلتها في البحث عن الذهب.[8] وتلبيةً لطلب من العالم القديم، تمت زراعة التبغ بشكل متعاقب، مما تسبب في إنهاك الأرض. مما جعل هذا الأمر حافزًا لتوجه الاستيطان نحو الغرب في القارة المجهولة، وبالمثل كان التوسع في إنتاج التبغ. وقد كانت العبودية المرتبطة بعقد مؤقت هي الشكل الأساسي للقوى العاملة، واستمر هذا الأمر حتى ثورة بيكون، والتي تحول بعدها التركيز نحو العبودية. وتراجع هذا الاتجاه بعد الثورة الأمريكية حيث اعتبر الاسترقاق غير مربح. بيد أن تدخين التبغ قد عاد وانتشر في عام 1794 مع اختراع محلاج القطن.
    وفي عام 1560 قدم رجل فرنسي يدعى جان نيكوت (الذي ينسب إليه لفظ النيكوتين) التبغ إلى فرنسا. وانتشر التبغ من فرنسا إلى إنجلترا. وفي عام 1556 شوهد أول رجل إنجليزي يدخن التبغ، وهو بحارًا شوهد وهو "ينفث الدخان من فتحتي أنفه". كان التبغ واحدًا من بين المواد المسكرة مثل الشاي والقهوة والأفيون التي كانت تستخدم في الأساس كشكل من أشكال الدواء. قُدم التبغ في عام 1600 من قبل التجار الفرنسيين إلى ما يعرف اليوم ب غامبيا والسنغال. وفي الوقت نفسه، قدمت القوافل القادمة من المغرب التبغ إلى المناطق المحيطة بمدينة تيمبوكتو، كما قدم البرتغالييون السلعة والنبات إلى جنوبي أفريقيا، ومنهاانتشر التبغ في كل أنحاء أفريقيا بحلول منتصف القرن السابع عشر.
    بعد فترة وجيزة من تقديم التبغ إلى العالم القديم، تعرض للنقد المتكرر من قبل الدولة وكبار رجال الدين. حيث كان السلطان مراد الرابع (1623-1640) أحد سلاطين الإمبراطورية العثمانية، من أول الذين حاولوا منع التدخين بدعوي أنه يمثل تهديدًا للصحة والأخلاقيات العامة. كما قام الإمبراطور الصيني "شونجزين" بإصدار مرسوم يقضي بمنع التدخين قبل وفاته بسنتين وقبل الإطاحة بسلالة مينج الحاكمة. وفي وقت لاحق، اعتبر المانشووي المنحدرين من سلالة تشينج الذين كانوا في الأصل قبيلة بدوية من المحاربين الفرسان، اعتبروا التدخين جريمة أكثر شناعةً من إهمال الرماية. وخلال عهد إيدو في اليابان، تعرضت بعض مزارع التبغ الأولية إلى الازدراء الشديد من قبل قادة القوات المسلحة اليابانية التي رأت أن هذا الأمر يعد تهديدًا للاقتصاد العسكري، حيث إن ذلك الأمر يمثل إهدارًا للأرض الزراعية القيمة في زراعة المخدرات بدلاً من استخدامها في زراعة محاصيل غذائية.
    لطالما كان رجال الدين من أبرز المعارضين للتدخين حيث رؤوا أن التدخين عمل غير أخلاقي أو من أعمال الكفر الصريح. ففي عام 1634، قام بطريرك موسكو بحظر بيع التبغ وحكم على الرجال والنساء الذين يخالفون القرار بأن تشق فتحات أنوفهم طوليًا وأن تجلد ظهورهم حتى ينسلخ عنها الجلد. وبالمثل قام بابا الكنيسة الغربية إربان السابع بإدانة التدخين في بيان رسمي باباوي في عام 1950. وعلى الرغم من تضافر الجهود، فقد تم تجاهل القيود وقرارات الحظر على مستوى العالم. وعندما اعتلى العرش الملك الإنجليزي جيمس الأول، وكان معارضًا شرسًا للتدخين قام بتأليف كتاب ضد التدخين تحت عنوان "إدانة التبغ", وقد حاول تحجيم وحظر هذا الاتجاه الجديد عن طريق فرض زيادة باهظة على ضريبة تجارة التبغ وقدرت ب4000 في المائة في عام 1604. وعلى الرغم من ذلك، فإن تلك التجربة باءت بالفشل، حيث كان في لندن حوالي 7000 بائع للتبغ في مطلع القرن السابع عشر. وبعد ذلك، أدرك الحكام الذين يهتمون بدقة القرارات بعدم جدوى قرارات منع التدخين، وبدلاً من ذلك، قاموا بتحويل تجارة وزراعة التبغ إلى مشاريع حكومية احتكارية مربحة وبحلول منتصف القرن السابع عشر، تعرفت كافة الحضارات على تدخين التبغ، واعتبر تدخين التبغ في حالات كثيرة جزءًا من الثقافة المحلية على الرغم من محاولات كثير من الحكام لمنع تدخين التبغ عن طريق فرض العقوبات القاسية أو الغرامات. وقد اتبع التبغ المُصنع والنبات طرق التجارة الرئيسية ودخل الموانئ والأسواق الكبرى ووجد طريقه إلى الأراضي النائية. وقد تم اصطلاح كلمة "التدخين " في الإنجليزية في أواخر القرن الثامن عشر، وقبل ذلك كان يطلق على تلك العملية شرب الدخان.

    اُستخدم التبغ والحشيش في جنوب الصحراء الكبرى بإفريقيا مثلما اُستخدم في كل أرجاء العالم من أجل تأكيد أواصر العلاقات الاجتماعية، ولكن هذا الاستخدام قد أدى أيضًا إلى بناء علاقات جديدة. وفيما يعرف اليوم بدولة الكنغو تم التعرف على مجتمع يسمى "بينا ديمبا" (شعب الحشيش) في أواخر القرن التاسع عشر في منطقة تسمى "لوبوكو" (أرض الصداقة). كما كان شعب "بينا ديمبا" يؤمنون بمذهب الجماعية والسلامية ويرفضون شرب الكحول وتعاطي الأدوية العشبية ويفضلون عليها الحشيش.
    وقد شهد التبغ نموًا مستقرًا حتى نشوب الحرب الأهلية الأمريكية في ستينيات القرن التاسع عشر حيث تحول الشكل الأساسي للقوى العاملة من العبودية إلى نظام المزارعة. وصحب هذا الأمر تغير في الطلب، مما أدى إلى تصنيع التبغ في شكل سجائر. وفي عام 1881 قام أحد الحرفيين، جيمس بونساك، بإنتاج ماكينة للإسراع من إنتاج السجائر


    موقف جمهور العلماء من التدخين
    يرجع اختلاف بعض الآراء في حكم التدخين الشرعي إلى بعض الأسباب منها عدم معرفة مكوناته، وهل  يسبب أضرارا صحية وبيئية أكيدة وثابتة بالطرق العلمية أم لا ؟
    فقد كان يستخدم في الماضي كعلاج، وبالتالي يكون الحكم الشرعي له آنذاك لا غبار عليه، فالقاضي لا يمكنه الحكم في قضية أو جريمة ما قبل وجود تقرير من الطبيب الشرعي يشرح فيه أسباب وملابسات تلك القضية.
    وعلى الجميع أن يدركوا بأن الخلاف بين بعض العلماء في الزمن الماضي من حيث كونه محرم أو مكروه يتلخص في أن الذين تأكدوا من ضرره على صحة الإنسان بالأبحاث والتقارير العلمية الدقيقة قد أفتوا بتحريمه، ومن لم يتأكد منهم من ضرره أفتى بكراهيته أو حتى إباحته.
    ولذلك فقد أباحه القليل منهم جهلا بأضراره، ولكن الغالبية منهم قد حرموه تحريماً باتاً.
    وموقف جمهور العلماء الآن، يعضد رأى من سبقهم من العلماء في تحريم شرب الدخان واستعمال كافة منتجات التبغ.

    ويرى العلماء تحريم تعاطي التبغ من أربعة جوانب هي:
    أولا: التدخين مضر بالصحة وكل ما كان كذلك يحرم اتفاقا.
    قال تعالى : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)  [سورة الأعراف:الآية 157]
    والتدخين من الخبائث بالإجماع لقوله تعالى : (وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين) [سورة البقرة:الآية 195]
    والتدخين يؤدي إلى التهلكة حيث يسبب وفيات في الجنس البشري أكثر مما تسببه الحرائق ومرض الإيدز وحوادث القتل وتعاطي الكوكايين وحوادث الطرق ومدمني الهروين والحوادث المنزلية والمسكرات مجتمعة.

    ثانيا: التبغ من المواد التي تسبب الفتور في الجسم.
    (وقد نهى رسول الله r عن كل مسكر ومفتر) في حديث أم المؤمنين أم سلمة و الذي رواه الإمام أحمد.

    ثالثا: التدخين يؤذي الغير سواء بالتدخين كرهاً (اللاإرادي)، أو برائحته غير الطيبة .
    وفي الحديث النبوي الشريف عن أبي هريرة t عن رسول الله r قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) رواه البخاري.

    رابعا: الاتفاق على أن التدخين ضرب من ضروب الإسراف والتبذير.
    قال تعالى: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا(26)إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا(27) ) [سورة الإسراء:الآيتان 26-27]
    وقال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [سورة الأعراف:الآية31]
    وقد جاء في بحث قدمه فضيلة الشـيخ عطية محمد ســـالم -رحمه الله-، للمؤتمر الإسلامي العالمي لمكافحة المسكرات والمخدرات عام 1402هـ بالمدينة المنورة، في صفحة 15" لو أنفق الرجل مثل جبل أبي قبيس ذهباً في طاعة الله لم يكن مسرفاً، ولو أنفق درهماً واحداً في معصية الله كان مسرفاً ".

    وقام علماء الأزهر الشريف بدراسات مستفيضة حول التدخين، واصدروا مجموعة من الفتاوى، اتفقت على  " إن التدخين بلاء يجب مكافحته وأن الحكم الشرعي فيه هو التحريم الكامل " .
    ويقول المرحوم الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر السابق ( أصبح واضحا جليا أن شرب الدخان، وإن اختلفت أنواعه وطرق استعماله، يلحق بالإنسان ضررا بالغا، إن آجلا أو عاجلا، في نفسه وماله، ويصيبه بأمراض كثيرة متنوعة، وبالتالي يكون تعاطيه ممنوعا بمقتضى هذه النصوص، ومن ثم فلا يجوز للمسلم استعماله بأي وجه من الوجوه، وآيا كان نوعه).
    ويقول الدكتور حامد جامع أمين الجامع الأزهر سابقا، وخبير موسوعة الفقه الإسلامي بالكويت  (الحكم الشـرعي الذي تطمئـن إليـه النفـس أن التدخـين حرام ).
    وجاء في فتوى اللجنة الدائمة للبـحوث العلمية والإفتـاء بالمملكة العربية السعودية أن " شرب الدخان حرام، وزرعه حرام، والاتجار فيه حرام، لما فيه من ضرر، وقد رُوى في الحديث ( لا ضرر ولا ضرار ) ولأنه من الخبائث، وقد قال الله تعالى في صفة النبي r ( وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ" ).

    ويستند العلماء في فتواهم على القاعدة الفقهية ( درأ المحظورات مقدم على جلب المصلحة)، وهذا يعني أن تجنب التعامل مع زراعة وصناعة وتجارة التبغ نظرا لخطورته مقدم على ما يحققه من مكاسب.
    كما يعتمد العلماء في فتواهم على جملة من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة نذكر من القرآن الكريم قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) [سورة النساء:الآية 29].والتدخين يقتل سنوياً أربعة  ملايين شخص في العالم .

    كما يعتمد العلماء على بعض الأحاديث النبوية الشريفة مثل: عن أبي هريرة t عن النبي r قال:"من تحسي  سماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا ". رواه الشيخان. والنيكوتين سم خطير حيث يكفي حقن 1 مليجرام منه في وريد الإنسان لقتله.
    فعن جابر t قال النبي r " إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنسان " رواه الشيخان. والتدخين يؤذي جار المدخن من بني جنسه ومن الملائكة . وقوله r" لا ضرر ولا ضرار " رواه أحمد . والتدخين يؤذي المدخن وجاره .

     الآثار الصحية للتدخين
    لا تقف الآثار المضرة الناجمة عن التدخين على جهاز دون آخر من أجهزة الجسم، إذ أثبتت الدراسات الحديثة أن التدخين لا يترك جهازاً من هذه الأجهزة إلا ويترك آثاره المدمرة عليه . وهذه حصيلة جولة في أجزاء الجسم لدى أي شخص مدخن:

     1. الأمراض الصدرية:
    يشكو المدخن من كحة وبصاق وضيق في التنفس، وهذا يسبب التهاباً مزمناً شوضيقاً بالشعب الهوائية نتيجة التدخين، وقد تتطور الحالة بمرور الوقت إلى سدة رئوية، وتمدد بالرئتين واضطرابات بوظائف التنفس.
    كما أثبتت الأبحاث ارتفاع نسبة الوفاة في مرضى السدة الرئوية وتمدد الرئتين في المدخنين من 5: 25 ضعفاً عنهم من غير المدخنين. كما يسبب التدخين حساسية الصدر والربو الشعبي والتهابات الحنجرة واللسان والحلق والالتهابات الرئوية والإصابات المتكررة بالإنفلونزا.

    2. سرطان الرئة:
    تدخين علبة سجائر يومياً يؤدي إلى ارتفاع معدل حدوث سرطان الرئة عشرة أضعاف. وقد أثبتت دراسة تمت في الولايات المتحدة مؤخراً أن هناك 140 ألف حالة وفاة بسبب سرطان الرئة، 85% منهم من المدخنين. كما أثبتت الإحصائيات أن التدخين يمثل السبب الأساسي في نحو 30% من وفيات الأورام المختلفة بالجسم مثل سرطان الحنجرة والفم والبلعوم وسرطان الكبد، والكلى، والمثانة، ولوكيميا الدم.

    3. أمراض القلب والأوعية الدموية:
    وُجد أن التدخين يسبب الذبحة الصدرية المبكرة والموت المفاجئ في الشباب، وكذلك تصلب الشرايين وضيق الأوعية الدموية الطرفية، وجلطة الساقين. وقد أثبتت الدراسات ارتفاع معدل الوفيات بسبب الذبحة الصدرية وأمراض القلب إلى نحو 70% من المدخنين عن غير المدخنين.

    4. أمراض الجهاز العصبي والمخ:
    التدخين يسبب جلطة المخ والشلل النصفي وقد وُجدت علاقة طردية بين حدوث جلطة المخ مع كمية وفترة التدخين. وفي الدراسة التي تمت في الولايات المتحدة وُجد نحو 150 ألف حالة وفاة نتيجة جلطة بالمخ، منهم 15% مدخنون.

    5. أمراض الفم
    يعرقل التدخين امتصاص الكالسيوم في الجسم ويمكنه أيضًا التسبب بأمراض مهددة للحياة مثل سرطان الفم. تزداد احتمالية الإصابة بأمراض اللثة (أمراض دواعم السن) لدى الأشخاص المدخنين واحتمالية فقدان الأسنان والعظم المصاحبة لها. بالإضافة إلى ذلك, فأن المدخن يمكن ان يعاني من أمراض اللثة حتى وان لم يصاحب ذلك علامات نزيف.

    6. أمراض أخرى:
    يسبب التدخين قرحة المعدة والإثنى عشر والتجاعيد المبكرة في الوجه، والاضطرابات في أثناء النوم، والاكتئاب، وهشاشة العظام في السيدات، والضعف الجنسي، و(كتاراكت )المياه البيضاء لعدسة العين وغيرها.

    مضار التدخين
    بات التدخين مشكلة عالمية عامة تسبب آثاراً سلبية في شتى المجالات؛ الصحية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية والحضارية ... حيث يقضي هذا الوباء على أكثر من خمسة ملايين إنسان سنوياً، ومهما اختلفت أشكال التدخين أو أعمار المدخنين، فإنه يؤثر على أجهزة الجسم المختلفة ويؤدي إلى الإدمان، فيما يلي مضار التدخين على المدخنين بمختلف فئاتهم العمرية.

    مضار التدخين على الأطفال المدخنين في سن مبكرة:
    ضرر على الرئتين والقلب. سعال مستمر. ضيق تنفس وزيادة معدل ضربات القلب. أسنان صفراء. رائحة نفس كريهة. رائحة ملابس كريهة. تأخر عن مجاراة الأصدقاء في ممارسة الرياضة والأنشطة البدنية. محفظة فارغة.

    مضار التدخين على المراهقين والشباب:
    يؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب والسرطان؛ 80 – 90% من حالات سرطان الرئة ناتجة عن التدخين. يؤدي إلى ارتفاع تركيز غاز أول أكسيد الكربون في الدم. يؤذي الأسنان واللثة ويسبب رائحة فم كريهة مع اصفرار الأسنان. يضر العضلات والدم والجلد. يقلل من كفاءة الرئتين. يؤدي إلى العقم. انبعاث روائح كريهة من الملابس، مما يؤدي إلى نفور الناس من حول المدخن. محفظة فارغة.

    مضار التدخين على النساء، والأمهات والحوامل:
    يؤدي إلى زيادة احتمالية الإصابة بأمراض القلب والسرطانات خصوصا سرطان الثدي. يؤدي إلى زيادة احتمالية حدوث الإجهاض وحالات النزف وانزلاق المشيمة والولادة المبكرة وتسمم الحمل. يؤدي إلى تناقص وزن الجنين. يحدث تغيراً في نبرة الصوت ويزيد تجاعيد الوجه ويؤثر على نضارة الوجه. انبعاث روائح كريهة من الفم والملابس. يزيد من إمكانية حدوث هشاشة العظام. تؤثر على انتظام الدورة الشهرية وعلى خصوبة المرأة.

    مضار التدخين على كبار السن:
    يسبب الإدمان. يؤدي إلى حدوث سرطانات الفم والرئة والمريء ولمعدة. يؤدي إلىالإصابة بأمراض القلب وتصلب الشرايين والسكتات القلبية. يزيد من نسبة انتشار التدرن الرئوي عند مستخدمي الشيشة. يؤدي إلى الإصابة بأمراض تنفسية كالتهابات القصبات المزمن والربو والسل وانسداد المجاري التنفسية، علما بأن 75 – 80% من المصابين بانتفاخ الرئة هم من المدخنين. يورث القلق والتوتر والعصبية والشعور بالتعب والإرهاق.

     التدخين السلبي
    التدخين السلبي يعني استنشاق الدخان المنبعث من منتجات التبغ التي يستخدمها الآخرون. ويُطلق عليه الدخان غير المباشر (secondhand smoke - SHS) أو دخان التبغ البيئي (environmental tobacco smoke - ETS). ويحدث ذلك عند التعرض لدخان التبغ الذي ينفذ إلى أية بيئة، ما يتسبب في استنشاق الموجودين داخل تلك البيئة له. وقد أثبتت الأدلة العلمية أن التعرض لدخان التبغ غير المباشر يسبب المرض والعجز وقد يتسبب بالوفاة.
    لقد كان للتدخين السلبي دور رئيسي في الجدل المثار حول أضرار منتجات التبغ وضرورة وضع قواعد تنظيمية لاستخدام هذه المنتجات. منذ أوائل سبعينيات القرن العشرين، كان التدخين السلبي هو الشغل الشاغل لشركات صناعة التبغ، حيث إنه يمثل تهديدًا خطيرًا لمصالحها التجارية؛ وكانت فكرة دفع الأذى عن "المارة الأبرياء" من غير المدخنين الدافع الأساسي لفرض قواعد أكثر صرامة على منتجات التبغ. وعلى الرغم من إدراكها المسبق للأضرار المحتملة للتدخين السلبي، إلا أن شركات تصنيع التبغ قد نسقت فيما بينها لتوجيه دفة الجدل العلمي للحيلولة دون وضع قواعد تنظيمية مسبقة لمنتجاتها. وهناك إجماع علمي في الوقت الحالي حول المخاطر الصحية لدخان التبغ غير المباشر، ومثلت هذه المخاطر أحد الدوافع الرئيسية وراء حظر التدخين في أماكن العمل وفي الأماكن العامة المغلقة، ويشمل ذلك المطاعم والحانات والنوادي الليلية.

    الآليات السببية
    أفادت إحدى الدراسات التي أجرتها الوكالة الدولية لأبحاث السرطان عام 2004 التي تعد جزء من منظمة الصحة العالمية أن غير المدخنين يتعرضون للمواد المسرطنة تمامًا مثل المدخنين بشراهة. يحتوي الدخان الثانوي الناجم عن التدخين على أكثر من 4,000 مادة كيميائية، بما في ذلك المواد المسرطنة المعروفة والتي يبلغ عددها 69 مادة. ومن أكثر هذه المواد خطورة الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات، ومركبات النِتْروزامين الموجودة في أنواع معينة من منتجات التبغ والأمينات العطرية مثل رباعي-أمينوبايوفينيل، والتي تعرف جميعها بأنها مواد مسرطنة للغاية. يحتوى تيار الدخان الرئيسي الناجم عن التدخين، إضافة إلى تيار الدخان الثانوي، والدخان غير المباشر على المكونات نفسها تقريبًا، إلا أن تركيز تلك العناصر يختلف باختلاف نوع الدخان. وقد أثبتت الأبحاث التي قامت بها شركات التبغ نفسها أن أكثر من مادة من المواد المسرطنة المعروفة تتواجد في التركيزات المرتفعة من الدخان الثانوي بصورة أكثر من تواجدها في الدخان الرئيسي.
    ثبت أن الانبعاثات الملوثة الدقيقة الصادرة عن دخان التبغ البيئي تفوق مثيلاتها الصادرة عن محرك ديزل منخفض الانبعاثات إذا تم تشغيله في وضع الثبات. ففي تجربة أجراها المعهد الوطني الإيطالي للسرطان، تُركت ثلاث سجائر تحترق وتدخن من غير لهب، واحدة تلو الأخرى، في جراج سيارات سعته 60 متر مكعب وليس به منافذ تهوية جيدة، أصدرت السجائر انبعاثات دقيقة ملوثة تخطت حدود الجراج، وكذلك تركيزات مواد دقيقة تصل إلى 10 أضعاف الانبعاثات التي يصدرها محرك يعمل في وضع الثبات.
    يؤدي التعرض للدخان الصادر عن التبغ إلى آثار فورية وهائلة على الدم والأوعية الدموية على نحو يزيد من احتمالية الإصابة بأزمات قلبية، وبخاصة في الحالات المعرضة بالفعل لخطر الإصابة. يؤدي التعرض لدخان التبغ لمدة 30 دقيقة إلى التقليل بشكل هائل من سرعة تدفق الدم عبر الشرايين التاجية لدى غير المدخنين الذين لا يعانون من أية مشكلات صحية.
    يمكن أن تتليف أنسجة الرئة في فئران التجارب من جراء التعرض المستمر لدخان التبغ الثانوي (30 سيجارة يوميًا) على مدى 45 يومًا. كما لوحظ أيضًا زوال حبيبات أية خلية بدينة في الرئة والذي يؤدي إلى الإضرار بالرئة.
    مستوى المخاطر
    في عام 2004، خلصت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التي تعد جزءًا من منظمة الصحة العالمية إلى وجود أدلة كافية على أن الدخان غير المباشر يصيب البشر بالسرطان.
     ويعتقد معظم الخبراء أن التعرض للدخان غير المباشر بصورة معقولة ومن حين لآخر يضع احتمالاً ضعيفًا بتعرض غير المدخنين للإصابة بالسرطان ولكن يجب الانتباه إليه. تتوقف الخطورة الكلية على الجرعة الفعالة التي تنفذ إلى الجسم بمرور الزمن. يكون مستوى المخاطر أعلى إذا قضى المدخنون ساعات طويلة في بيئة مشبعة بدخان السجائر، مثل الشركة التي يدخن بها الموظفون أو العملاء طوال اليوم، أو مثل مؤسسات الرعاية الداخلية التي يمارس المقيمون فيها التدخين بكل حرية.
    و ذكرت جمعية الجراحين العموميين الأمريكية، في تقريرها لعام 2006، أن الإقامة أو العمل في مكان يُسمح فيه بالتدخين يزيد من خطورة تعرض غير المدخنين للإصابة بأمراض القلب بنسبة 25-30%، ويزيد من خطورة تعرضهم لسرطان الرئة بنسبة 20-30%. ومع ذلك، يلاحظ منتقدو مثل هذه الدراسات أن المخاطر النسبية (أو نسب الأرجحية) الأقل من 2.0، وخصوصًا عندما تكون فترات الثقة كبيرة، لا يُعول عليها نسبيًا في تحديد العلاقات السببية.

    الرأي العام
    أثبتت آخر الدراسات الاستقصائية التي أجريت في كل من المعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحدة ومراكز مكافحة الأمراض أن الرأي العام يعتقد على نطاق واسع أن دخان التبغ غير المباشر ضار بالصحة. في الدراستين الاستقصائيتين اللتين أجريتا في عامي 1992 و2000، وافق أكثر من 80% من أفراد العينة على العبارة القائلة بأن دخان التبغ غير المباشر ضار بالصحة. ذكرت إحدى الدراسات التي أجريت في عام 2001 أن 95% من البالغين وافقوا على أن دخان التبغ غير المباشر يشكل خطرًا على الأطفال، ويعتقد 96% من البالغين أن ادعاءات المسئولين عن صناعة التبغ بأن دخان التبغ غير المباشر غير ضار هي ادعاءات باطلة. وفي عام 2007، أجرى معهد جالوب لاستطلاع الآراء استطلاعًا أشار إلى أن 56% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن دخان التبغ غير المباشر "خطر للغاية"، وهي النسبة التي ظلت ثابتة نسبيًا منذ عام 1997. يعتقد 29% ممن شملهم استطلاع الرأي بأن الدخان غير المباشر يعد "ضارًا إلى حد ما"، وأكد 10% منهم أنه "ليس ضارًا تمامًا"، بينما أشار 5% منهم إلى أنه "غير ضار على الإطلاق".

    الجدل المثار حول أضرار التدخين السلبي
    وكجزء من محاولتها لمنع تشديد الإجراءات على ممارسة التدخين أو حتى التخفيف منها، قامت شركات التبغ بتمويل عدد من الدراسات العلمي، وكانت تسعى جاهدة لنشر نتائج هذه الدراسات إذا جاءت على هواها بحيث تلقي ظلالاً من الشك على المخاطر المرتبطة بالتدخين السلبي. قامت تلك الشركات كذلك بتمويل مؤسسات الفكر التحررية والمحافظة، مثل معهد كاتو في الولايات المتحدة، ومعهد الشؤون العامة في أستراليا الذي انتقد كلاً من البحث العلمي حول التدخين السلبي والمقترحات السياسية بتقييد حرية التدخين. تمثل هذه الأنشطة المنسقة المنتشرة بين شركات صناعة التبغ أولى محاولات الإنكار الجماعي. وفي الوقت الحالي، لا يُوجه كل النقد من قبل شركات صناعة التبغ أو الكيانات التي تمثل واجهة لها: كرد فعل للمعلومات المضللة التي قامت شركات التبغ بنشرها في المجتمع، طهرت حركة إنكار التبغ وهي تشترك في العديد من السمات التي تميز أي صورة من صور الإنكار الأخرى مثل إنكار فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز.
    مكافحة التدخين
    من الضروري أن تتوفر بيئة مناسبة لمكافحة التدخين ويلزم لذلك توفير العديد من عوامل النجاح وفي وجود هذه البيئة يظهر أهمية وضع منهج ثابت لمساعدة الجميع فقد لا يكفي الحديث فقط عن إدمان النيكوتين في التبغ بأنه سبب العديد من المشاكل في المجتمع وأنه يضر بصحة متعاطيه ومرافقيهم ويحدث تلوثا ملموسا للبيئة وأنه سبب رئيس للعديد من الحرائق ويمثل مشكلة اقتصادية للفرد والمجتمع وأنه لهذه الأسباب وغيرها يعتبر حراما في كل الشرائع السماوية. ولكن يكون الحديث مكتملا وأهدافه واضحة إذا تعرفنا على هذه الأضرار والمشاكل ثم تعرضنا لكيفية مكافــحته وأوضحنا طرق التخلص منه ووسائل تجنبه والوقاية منه، ثم استعرضنا برامج حقيقية نموذجية مـــحلية وعالمية ناجحة في مجال الحد من انتشاره، فنتمكن من تحديد حجم المشكلة واختيار المناسب منها للمجتمع الذي نعيش فيه ليسهل تطبيقها

    مراحل التخلص من التدخين المدخن عادة ما يمر بعدة مراحل في طريق تخلصه من التدخين :
    أولا: مرحلة ما قبل التفكير في الإقلاع.
    ويحتاج فيها المدخنون إلى التشجيع وتوفير الحوافز، والمقصود بذلك هو تشجيع المدخن على الإقلاع بإظهار فوائده الصحية والاقتصادية والشرعية، وتقوم العيادة بهذا الدور بما تقدمه من ندوات ومحاضرات للتوعية في مختلف القطاعات والمحافل، وبتوسيع دائرة التوعية بأضرار التدخين وفوائد الإقلاع عنه بكل الوسائل المتاحة لها مثل ( نشرات .. كتيبات .. كتب .. أفلام .. برامج كمبيوتر .. الخ )، بالإضافة إلى عمل المسابقات ورصد الحوافز المادية والمعنوية اللازمة.

    ثانيا : مرحلة التفكير في الإقلاع.
    وفيها يحتاج المدخن إلى المعلومات التي تساعده على التخلص من التدخين، وهى متوفرة بالعيادات على مختلف أشكالها ووسائلها إما بالأجهزة المتوفرة بالعيادة، أو ببعض الوسائل الأخرى مثل  (لاصقات النيكوتين .. اللبان .. بعض الأقراص .. الخ

     ثالثا: مرحلة الاستعداد والعمل.
    وفي هذه المرحلة يحتاج المدخن إلى وضع برنامج وتحديد موعد للبدء في الإقلاع، وفي هذه المرحلة تساعد العيادة المدخن على اتخاذ القرار والبدء في الإقلاع، وتقوم بتبصيره لما يمكن أن يشعر به من علامات سحب النيكوتين خلال فترة التخلص، وكيفية تقليل وتجنب ذلك، بالإضافة إلى متابعة المدخن بعد الإقلاع لفترات طويلة للاطمئنان على تمام عملية الإقلاع.

    الإقلاع عن التدخين
    لن يستفيد المدخن من العلاج إذا لم تكن لديه الرغبة الأكيدة في ترك التدخين، وأن يكون لدى المعالج الإحساس بذلك، وعلى المعالج ألا يبدأ العلاج إلا بعد التأكد من جديه المدخن في الإقلاع ويطلب منه بعد ذلك ما يلي:-
    أ ) إخلاص نية الإقلاع لله تعالى.                          2) الإرادة.
    3) التخلص من الدخان بكل أنواعه.                     4) تغيير العادات المرتبطة بالتدخين.
    5) جلسة صادقة مع النفس.                              6) إتباع أسلوب غذائي.
    7) الحذر من السمنة.                                     8) عقد نية عدم العودة للتدخين مرة أخرى.
    أولا: إخلاص نية الإقلاع لله تعالى
     إذا كانت نية الإقلاع عن التدخين لوجه الله تعالى، تضاءلت حدة  العلامات الانسحابية، وتبددت آثارها، لاعتقاد المدخن أن هذا العمل بمثابة تقرب إلى الله تعالى وعباده له.
    فإذا كانت نية الإقلاع من أجل الصحة فسوف تتحسن صحته إنشاء الله. وإذا كانت من اجل المال فسوف يتوفر لديه المال.
    وان كانت النية من اجل الأبناء والزوجة وما يسببه لهم التدخين من مشاكل فسوف يتحسن ذلك الأمر بلا شك. وإن كانت من اجل المجتمع الذي يرفض هذه العادة فسوف يتحقق له ما يريد.
    وأما إن كانت نية الإقلاع لوجه الله تعالي، فسوف تتحقق له كل المكاسب السابقة بالإضافة إلى غاية ما يصبوا إليه الإنسان وهو أن يرضى الله عز وجل عنه. قال تعالى: ( إِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) (سورة الفرقان)
     فإذا حسنت نية المقلع وكانت لوجه الله تعالى تبدلت سيئاته إلى حسنات قال الله تعالى: ( مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) (سورة البقرة)

    ثانيا: الإرادة
    يجب شرح مفهوم الإرادة للمدخن، لأن بعض المدخنين يذكر أنه ضعيف الإرادة أو ليس لدية إرادة للإقلاع، وهو مفهوم يحتاج إلى إيضاح، فكل إنسان عاقل لدية العزيمة والإرادة ولكن عليه أن يحسن توجيهها لما يريد عمله، فمثلا (الطالب في الصف الأول الابتدائي لا يمكن أن ينتقل إلي الصف الثاني، إلا بعد الذهاب إلي المدرسة لمدة عام كامل، ويؤدي الامتحانات ويجتازها، فينتقل بالتالي إلى الصف الثاني، فهل كان له ذلك بدون إرادة ؟  أي أن التلميذ لا يصل إلى الصف الثاني الابتدائي إلا إذا كانت لديه إرادة وعزيمة. والعامل لا يعمل ولا يتقن عمله بدون إرادة، والتاجر كيف يتاجر بدون إرادة ؟ والطبيب والمهندس والمدرس وكل المثقفين لم يحصلوا  على الشهادات العلمية إلا بالإرادة، ومع هذا نسمع كثيرا منهم يقولون أن إرادتهم ضعيفة، أو بأن ليس لديهم إرادة، فالإرادة موجودة فعلا لدى كل إنسان عاقل وطبيعي ولكن فقط عليه توجيهها لما يريد تحقيقه من إنجازات، وعلى المدخن أن يبدأ في توجيه وتنمية هذه الإرادة للإقلاع عن التدخين.

     ثالثا: التخلص من الدخان بكل أنواعه
    فقد  ثبت أن التخلص الفوري، والإقلاع الكلي المباشر، هو أفضل طرق التخلص من التدخين وعليه ألا يغير نوع الدخان  إلى نوع آخر، أو من نوع سجائر إلي نوع أقل منه في تركيز النيكوتين أو القطران.فأعراض سحب النيكوتين الشديدة قد تستمر لمدة خمسة أيام، وبعدها تتضاءل وتزول هذه الأعراض، أما طريقة الإقلال فهي تزيد فترة الإقلاع وتصبح مملة وفي النهاية يجب التوقف النهائي أيضا عن التدخين.لكن توجد بعض من حالات الإدمان الشديد على التبغ  التي قد تحتاج للإقلاع التدريجي لشدة تعلقها  بالدخان، فلا مانع من التدرج والإقلال في مثل هذه الحالات فقط بحيث تكون فترة الإقلاع أقل ما يمكن.

    رابعا: تغيير العادات المرتبطة بالتدخين
    التدخين مرتبط ببعض العادات اليومية عند معظم المدخنين، مثل شرب الشاي، أو بعد الأكل، أو في السيارة، أو قبل النوم، أو عند التفكير والتركيز، أو في العمل، أو في الحمام، وعلى المدخن أن يضع في ذهنه بأنه سوف يأكل ويشرب ولكن بدون تدخين، وسوف يفكر ويكتب بدون تدخين، وسوف يعمل في مصنعه أو متجره  بدون تدخين،

     ويحتاج تحويل العادة السيئة إلى عادة حسنة المرور بمرحلتين :
    المرحلة الأولى: الترك ( التخلية ).
    المرحلة الثانية:استبدالها بعادة أخرى حسنة ( التحلية ).

    ويندرج تحت المرحلة الأولى الترك ( التخلية ) مراحل جزئية منها:

    1. كراهية العادة السيئة:
    ويستعان في ذلك بما يسببه إدمان التدخين من أضرار صحية وبيئية واجتماعية وكونه محرم شرعا ويستعان في ذلك بما سبق ذكره في هذه النواحي.الندم على فعلها:
    أن يشعر بالندم على اعتياده المعاصي والبعد عن طاعة الله تعالى.
    قال تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا(27)يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلًا(28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولا (29))  سورة الفرقان

    2. هجر المعصية:
     قال تعالى: ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى(40)فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى(41) ) سورة النازعات

    3. التوبة الصادقة:
     قال تعالى: ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(53)وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ(54)وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ(55) )  سورة الزمر

    المرحلة الثانية (مرحلة التحلية)
    استبدال هذه العادة بعادة أخرى مفيدة، فإن النفس بطبيعة تكوينها تميل إلى استبدال المعصية بالطاعة، وهذا موقوف على رغبة الفرد في تحويل عاداته السيئة إلى عادات حسنة يرضى الله تعالى عنها.
    يقول حجة الإسلام الإمام أبو حامد الغزالي ( إذا كانت النفس بالعادة تستلذ بالباطل وتميل إليه وإلى المقبح فكيف لا تستلذ الحق لو ردت إليه مدة والتزمت المواظبة عليه، بل إن ميل النفس إلى هذه الأمور الشنيعة خارج عن الطبع، فإنه يضاهي الميل إلى أكل الطين، فقد يغلب على بعض الناس ذلك بالعادة، فأما ميله إلى الحكمة وحب الله تعالى ومعرفته وعبادته فهو كالميل إلى الطعام والشراب فإنه مقتضى طبع القلب، ذلك أنه أمر رباني وميله إلى مقتضيات الشهوة غريب عن ذاته وعارض على طبعه 

    خامسا: جلسة صادقة مع النفس
    هذه الحالة هي حالة حب غير متكافئ بين المدخن والدخان، وهو عشق من جانب واحد، جانب الإنسان، الذي كرمه الله ورفع من شأنه على كافة المخلوقات، قال تعالى: ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً )  سورة الإسراء
    فالمدخن يعطي التدخين الكثير من صحته وماله وقته، بينما لا يعطي التدخين للمدخن إلا المشاكل المعروفة  ( الصحية والاقتصادية والاجتماعية والشرعية ). وحبذا لو جلس المدخن منفردا مع نفسه يحاسبها على هذه العلاقة الغريبة بينه وبين الدخان، فهل من العدل أن يقابل هذا الوفاء من المدخن بذلك الجفاء من الدخان.  قال تعالى: ( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا(7)َ فأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا(8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا(9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا(10)) سورة الشمس
    وربما كان لهذه الجلسة الصادقة مع النفس أثر كبير في تغيير السلوك والطباع، وهى لاشك ضرورية لكل إنسان لتقييم علاقاته جميعها، وأهمها علاقته بالله عز وجل ومدى طاعته لله والامتثال لأوامره والبعد عن ما نهى عنه.

     سادسا: إتباع أسلوب غذائي
    على المقلع أن يكثر من تناول الماء والسوائل بوجه عام، وأن يكثر من تناول الخضراوات والفواكه والبقول والحليب لأنها ذات تأثير قلوي في الدم لا تثير الرغبة في التدخين. ويبتعد في هذه الأيام عن تناول اللحوم والدواجن والأسماك والأكلات الدسمة بوجه عام حيث ثبت أنها تثير الرغبة في التدخين لتكوينها قاعدة حمضية في الدم. ويكون ذلك بالطبع خلال فترة الإقلاع الأولى عن التدخين ( بضع أيام فقط).

    سابعا: الحذر من السمنة
    يحس المدخن برغبة شديدة في تناول المزيد من الطعام، وهي تعتبر أيضا من علامات سحب النيكوتين، فعليه أن يحذر من ذلك حتى لا يصاب بالسمنة وزيادة الوزن، فربما كان مريضا بالسكر أو ارتفاع نسبة الكولسترول، أو ارتفاع دهون الدم. ويمكنه بتناول الطعام المتوازن كما وكيفا ان يتجنب حدوث هذه المضاعفات. وعليه ممارسة الرياضة البدنية، ان لم يكن هناك مانع من ذلك، كأمراض القلب وكل ما يمنع من مزاولة الرياضة، لأن الرياضة تساعد على تقليل نسبة الدهون بوجه عام وتجديد خلايا الجسم وتزيد من كفاءة الرئتين.

    ثامنا: عقد نية عدم العودة للتدخين مرة أخرى
    يحس المدخن بعد الإقلاع بسعادة غامرة، وتختلف حالته النفسية عند حضوره للعيادة في أول يوم عنه بعد تمام الإقلاع، خصوصا بعد مرور الأيام الخمسة  الأولى، عندما  تقل علامات السحب ويحس المدخن بالنشاط ولذة الإقلاع عن التدخين، فعليه أن يعقد النية بعدم العودة مرة أخرى للتدخين.

    العلامات الانسحابية
    علي المقلع عن التدخين أن يعرف أن ما يحسة في فترة الإقلاع هو ما يسمى بالعلامات الانسحابية، وتحدث نتيجة انخفاض كمية  النيكوتين في الدم، وتشتد في الأيام الخمسة الأولى وهذا مما يطمئن المقلع على أنها لن تستمر لمدة طويلة0
    وهذه الأعراض عديدة وقد تشمل ( الصداع، أو الأرق، أو قلة النوم، أو زيادة النوم، زيادة العصبية، سرعة الغضب، وفي بعض الحالات يحس المقلع بأنه يفتقد لشيء ما، أو أن رأسه خال وغير ذلك ).
    والجدير بالذكر أن بعض المدخنين لا يشعرون بهذه الأعراض عند الإقلاع على الإطلاق.وتزداد حدة هذه العلامات في اليوم الأول والثاني والثالث، وتقل في اليوم الرابع والخامس.
    أما الرغبة فهي ترتبط بمدى تصميم المدخن على الابتعاد تماما عن التدخين والأسلوب الذي يتبعه في مجاهدة نفسه وتهذيبها بالبعد عن أماكن التدخين أو جلسات المدخنين أو كل ما يسبب لديه الرغبة في التدخين، ولاشك في أنه سوف يحس بالفراق وقد قيل في ذلك: (( كل شيء يولد صغيرا ثم يكبر.. إلا الموت  .. فإنه يولد كبيرا ثم يصغر ))
    والإقلاع عن التدخين يمثل أحد حالات الفراق، ففي بداية الإقلاع يكون المقلع متأثرا بشكل كبير، ثم يقل هذا الإحساس بعد ذلك إلى أن يتلاشى.

    خاتمــة


    لا شك أن إغراءات الأصدقاء الواقعين تحت تأثير هذه العادة هي التي تعمل على إدخال البسطاء إلى عالمها الزائف الخادع حيث لا يتمكن أي منهم من التخلص منها إلا بعد شق النفس هذا إذا قدر له الخروج. وكأن الإنسان يظن انه يجد في هذه السموم ملاذا من همومه الكثيرة يهرب إليها في الشدائد والملمات. وهو لا يدري أن من يهرب إلى سم التبغ هو كمن يستجير من الرمضاء بالنار، لأنه بذلك يستنزف قواه ويقضي على البقية الباقية من عافيته.



    كأنك أيها الإنسان لا تعلم انك بذلك تسير إلى طريق التهلكة والخراب وأن السعادة لا تكون في الركض وراء أوهام خادعة، إنها لا تكون بتغييب العقل وحجبه عن أن يكون قوة فاعلة يهديك سواء السبيل، إن السعادة هي في تحاشي الأخطار ومجابهة التحديات وتنبيه القوى الخيرة في الإنسان. إنها في الإرادة الصلبة والتنزه عن المطالب الخسيسة والانتصار على الضعف والوهم، إنها في الحفاظ على الصحة وعلى القوة العقلية والبدنية لإبقائها صالحة لمواجهة الملمات عوضا عن هدرها سدا وتبديدها فيما لا طائل ورائه.



    إن العاقل يسهر على إصلاح نفسه وليس من يتبع سبيل الخطأ بحجة أن الأكثرية تسير في هذا الاتجاه. والجاهل هو من لا يملك التفكير الصائب للحكم على الأمور فتهون عليه نفسه وصحته. إن من يبيح لنفسه إتلافها بكل وسيلة رخيصة لمجرد أن فيها لذة مزعومة هو إنسان فقد مقومات الإنسانية، انه إنسان يستحق الرثاء.