-->

محاضرات في المنهجية معهد الحقوق السنة الأولى

محاضرات في المنهجية معهد الحقوق السنة الأولى
     الأستاذ: دحامنية علي
    مـقـدمــة
    تعتبر دراسة وبحث منهجية العلوم القانونية والإدارية لطلبة كليات ومعاهد الحقوق عملية علمية تربوية بعيدة التأثير وقوية الفعالية في ميدان التكوين القانوني والإداري.
    هذا يقوي لدى الطلبة القدرة على الاكتشاف والتفسير والفهم والتنظيم ويزودهم بطرق وأساليب ومناهج البحث العلمي في ميدان تخصصاتهم ودراساتهم واهتماماتهم في ميدان العمل والبحث العلمي مستقبلا.
    والمنهجية تحمل معنيين، معنى واسع ومعنى ضيق، المعنى الواسع يضم المنهجية في مفهومها الشكلي والإجرائي والموضوعي، أما المعنى الضيق فيضم المنهجية في مفهومها الموضوعي.
    فالجانب الشكلي لعلم المنهجية يتعلق بالمرحلة الأخيرة في إعداد البحث العلمي، وهي مرحلة كتابة البحث وإخراجه في صورته النهائية وهو المعنى الشائع للمنهجية.
    أما الجانب الإجرائي أو العملي فيهتم بدراسة الإجراءات العملية التي تساعد الباحث في عملية جمع المعلومات، والأمر هنا يتعلق بالبحوث الميدانية التي تعتمد على العينات والاستبيان وغيرهما.
    أما الجانب الموضوعي لعلم المنهجية فهو الذي يتعلق بطريقة التفكير، أي الجانب الذي يضع مجموعة المبادئ والقواعد التي تحكم سير العقل الإنساني في بحثه عن الحقيقة، ويدرس هذا الجانب مختلف المناهج التي وضعها علماء المناهج والتي تقسم إلى صنفين، الأول مناهج علمية أساسية وهي المنهج الاستدلالي والمنهج التاريخي والمنهج التجريبي والمنهج الجدلي، والصنف الثاني مناهج فرعية من بينها المنهج الوصفي والمنهج الإحصائي والمنهج المقارن ومنهج تحليل المضمون ومنهج دراسة حالة ومنهج التعليق على النصوص القانونية والفقهية والقرارات والأحكام القضائية وإعداد استشارة قانونية.
    سنحاول خلال هذه المحاضرات معالجة هذه الموضوعات من خلال المحاور التالية :المحور الأول مفهوم العلم، المحور الثاني مفهوم البحث العلمي والمحور الثالث مناهج البحث العلمي.

    الفصل الأول: مفهوم العلم.
    العلم من الموضوعات المعقدة التي أثارت إشكاليات فلسفية عبر التاريخ وهو السمة التي يحدد من خلالها مدى تقدم الشعوب وتكوين الحضارات في الماضي والحاضر والمستقبل.
    وتاريخيا كلما اعتمدت الشعوب على الخرافة والأساطير لتفسير الظواهر العلمية كلما انتشر الجهل والفقر وكلما اعتمدت العلم وسيلة لتفسير الظواهر كلما استطاعت أن تكون لنفسها حضارة وتثبت وجودها في التاريخ.
    لقد شهد تاريخ البشرية عبر امتداده جدلا دائما حول الفلسفة التي يبنى عليها العلم وكذا تعريف العلم وتحديد أهم خصائصه وأهدافه ووظائفه والمسلمات التي يقوم عليها العلم وأيضا الطبيعة الخاصة للعلوم الإنسانية.
    وبناء على هذا الجدل التاريخي سنحاول معالجة هذا الفصل من خلال المباحث التالية:



    المبحث الأول: فلسفة العلم.
    المبحث الثاني: تعريف العلم وتمييزه عما يشابهه من مفاهيم.
    المبحث الثالث: خصائص العلم.
    المبحث الرابع: وظائف وأهداف العلم.
    المبحث الخامس: المسلمات التي يقوم عليها العلم.
    المبحث السادس: الطبيعة الخاصة للعلوم الإنسانية

    المبحث الأول: فلسفة العلم.
    تأرجح العلم تاريخيا وفلسفيا بين النظرة المثالية والنظرة المادية، فلقد طال النقاش بين النزعتين إذ لم يكن سهلا تغلب النزعة المادية على النزعة المثالية التي تحكمت وغرست جذورها لبضع قرون، ولم يكن الوضع نفسه في الحضارة الإسلامية، فبينما كانت أوربا تتخبط في هذا الجدل الفلسفي لتحديد مفهوم العلم، كان العرب المسلمين قد حققوا انجازات كبيرة في مختلف العلوم، لأن الدين الإسلامي حدد بشكل واضح مفهوم العلم عكس ما كان عليه الوضع زمن سيادة الكنيسة في أوربا.
    وعليه سنعرض خلال المطالب الثلاثة التالية كل من النظرة المثالية للعلم وكذا رأي المدرسة المادية، ثم مفهوم العلم عند العرب المسلمين.
    المطلب الأول: العلم لدى المدرسة المثالية.
    يتزعم هذه المدرسة أفلاطون حيث يرى أن النفس البشرية قبل أن تحل بالجسد كانت تعلم كل شيء، وبحلولها فيه نسيت أصلها فالعقل البشري يحتوي على الفكر الخالص الذي يفسر كل شيء، ولا حاجة لاتصال الإنسان بالمادة، لأن هذه الأخيرة ليست أساسا للعلم، والملاحظة ليست إلا وسيلة للتذكر، ولا حاجة لعيش الإنسان في جماعة كي يحدث التبادل ويكون معارفه، لأن منبع المعارف هو الفكر الخالص والتأمل، وموضوع العلم هو العالم المرئي وغير المرئي أي المادة والميتافيزيقيا، وبناء العلم يكون من الكل إلى الجزء، فلا ينتقل العقل من الجهل إلى اليقين بل الفكر المشبع بالمعرفة ينتقل إلى المعرفة الجزئية.
    وكان العلم عند اليونان يتسم بالمثالية ولهذا اقتصر على الشق النظري فقط ويعتبر العلم التطبيقي أمرا غير محبذ لأنه يدنس العلم، وقد ساعد على انتشار هذا الفكر تقسيم المجتمع اليوناني إلى طبقات (أحرار وعبيد) فكان العبيد هم من يتعامل مع المادة (الأعمال اليدوية) أما الأحرار فدورهم ينحصر في مجرد النقاش والفكر لأن ذلك أمر روحاني، هذا الوضع انعكس سلبا على تقدم العلم في الحضارة اليونانية، حيث كانت تفصل بين العلوم الرفيعة مثل علم الفلك والعلوم الوضيعة كالكيمياء.
    سيطرت هذه النظرة المثالية للعلم على أوربا باعتبارها الوريث الشرعي للحضارة اليونانية طيلة القرون الوسطى، وساعد على ذلك القبضة الحديدية للكنيسة وإقامتها لمحاكم التفتيش لمتابعة كل ما ينشر مخالفا لمبادئ الكنيسة وأفكار أرسطو. وكل الظواهر العلمية كانت تفسر بطريقة روحانية وساد مبدأ احترام الطبيعة من احترام الله. ولعل أبرز مثال يذكره التاريخ وتأسف له الكنيسة في الوقت الحالي هو محاكمة (جاليليو) عقب تأليفه لكتاب حوار عام 1632 والذي عارض فيه مبادئ الكنيسة، وما كان أمامه بعد عرضه على المحاكمة إلا السجود أمام الكنيسة والتوبة عن أفكاره وأرائه العلمية. هذا الوضع ولد تيارا معاديا للتيار المثالي و يعادي حتى الدين الذي كان برأيه هو السند القوي لهذا التيار المتحجر، حيث اعتبر الدين وسيلة لخداع الناس، هذا التيار المعادي قاده (كارل ماركس) وأسس المدرسة المادية.
    المطلب الثاني: العلم لدى المدرسة المادية.
    انطلقت هذه المدرسة من أفكارتتعارض تماما مع المدرسة المثالية، وقال فلاسفتها أنه ما لم نجعل أفكارنا تتوافق مع الواقع فإننا بالتأكيد لا نمتلك المعرفة فكسب المعرفة يعني احلال أفكار صادقة محل الجهل أو محل أفكار غير صادقة ومن هنا نجد أن نمو المعرفة في نمو الأفكار الصادقة داخل مجموع الأفكار.
    إن مجرد التقرير أو الايمان بأن شيئا ما صادق لا يعتبر معرفة، وعلى سبيل المثال قال فلاسفة الاغريق إن الأجسام تتألف من ذرات وهذا صحيح، ولكن الأمر لديهم لم يكن سوى مجرد تخمين موفق، ولكن العلماء توصلوا إلى هذه الحقائق بدراسات علمية منظمة، وعليه فنحن نكسب المعرفة بقدر ما نطور أفكارنا ونجعلها تتوافق مع الواقع واثباتها.
    فحسب النظرة المادية فالمعرفة هي نتاج للنشاط الاجتماعي للإنسان، فقد تتبع الفلاسفة نمو المعرفة لدى الفرد المنعزل عن المجتمع وقرروا في الأخير أن هذا الفرد لن يتطور في معارفه إلا بالقدر الضئيل المرتبط بذاته، وعليه فقد قرروا أن المعرفة تستمد من الوجود المادي، ووجود غيره من الناس يتفاعل معهم، فالعيش وسط الجماعة يضمن تطور الأفكار والمعارف نتيجة التبادل، حيث يحتاج الإنسان إلى معارف غيره كي يبني بها معارفه. وحسب النظرة المادية فالمعرفة ما هي إلا حلول للمشاكل التي يطرحها الواقع العملي.
    وعلى هذا الأساس صيغت مقولات الفكر وأساليب الاستدلال ومناهج البحث التي تقوم بواسطتها المعرفة.
    يرى أنصار المدرسة المادية أن نقطة البدء في المعرفة هي الادراك الحسي الذي يكون عن طريق الحواس، ثم تبنى نظريات تفسره ويتحقق من صحتها فيما بعد وتتجدد المعرفة بهذه الطريقة. كما يرى الماديون أن المعرفة تكون من نقطة الصفر أو من معرفة سابقة غير مكتملة. أما المثاليون فقد انطلقوا من يقين مثالي حيث سطروا مبادئ فلسفية وقالوا بأنها تفسر كل شيء، أي أنهم انطلقوا من الكل إلى الجزء في بناء المعرفة.
    مما زاد الهوة بين النظرتين هو التطور التكنولوجي الحاصل والذي دفع بالكثير إلى القول بأن العلم وتطبيقاته قد أخذ ينتزع البساط من تحت أقدام المثاليين لكن تطرف الماديين في نظرتهم إلى الكون دعا البعض إلى محاولة ايجاد نوع من الحوار بين المدرستين لمحاولة التقريب بينهما، ولكن الأمر كان عسيرا جدا. وفي الأخير يمكن القول أن ما جاءت به المدرسة المادية في انكارها للدين لا يمكن تصديقه. ومنه يمكن الاقرار بأن العلم في أصله مادي نابع من الواقع الموضوعي كما قالت المدرسة المادية، ولكن ثمة فسحة روحية مثالية يجب على الفرد التشبع بها من الدين بشكل أساسي. وإذا كان سبب العداء المادي للدين هو تسلط الكنيسة واضطهادها للعلماء فالأمر مختلف عند المسلمين.
    المطلب الثالث: العلم عند العرب المسلمين.
    في الفترة التي كانت فيها أوربا تعيش في جهل وتخلف كان العرب يحرزون تقدما في شتى العلوم، وكانوا عقلانيين وأصحاب منهج علمي بعيد عن الخرافة والميتافيزيقيا التي غرقت فيها أوربا، فكان العرب يطبقون القياس والاستقراء وهما من أهم المناهج في العلم حيث لم يتوصل إليهما الأوربيون إلا بعد زمن طويل، وكانت العلوم عند العرب يحكمها مبدأ السببية أي أن لكل ظاهرة سبب ومبدأ التناسق والنظام في الكون أي أن اختلاف الظواهر يرتبط بعلل كلية من شأنها أن تثبت التناسق والانسجام القائم بينها.
    ومن أبرز علماء المسلمين جابر بن حيان في مجال الكيمياء، وابن الهيثم في رسالته الضوء وكذلك الرازي وابن سينا في مجال الطب، حيث كانا يصفان الأعراض ويشخصان العلل ثم يأتيان على بيان الروابط والعلاقات بين العلل المتشابهة. وفي مجال الصيدلة كانت تعرف قوى الأدوية بطريقتين هما التجربة والقياس.
    ولو تسألنا على منهج البحث عند علماء الغرب في القرون الوسطى ليكون موضوع مقارنة ومضاهاة بصدد بحثنا عن العلم العربي في نفس الفترة الزمنية نستطيع أن نؤكد أن العلم العربي تميز بالموضوعية في حين كان العلم الغربي لم يكتب له الخروج من ظلمات القرون الوسطى. إلى أن بدأت حركة النقل من العربية إلى اللاتينية وبعد أن عرف الغرب أبحاث العلماء العرب وأساليبهم العلمية، حيث كانت الطريق ممهدة لقيام عصر النهضة ونشأة المنهج التجريبي في أوربا الحديثة..
    المبحث الثاني: تعريف العلم وتمييزه عما يشابهه من مفاهيم.
    للتعرف بدقة عن اصطلاح العلم la SCIENCE)) فيجب القيام بمحاولة تعريف العلم وتحديد معناه، وكذا القيام بعملية تمييز العلم عما يشابهه ويقاربه مثل المعرفة والثقافة والفن.
    المطلب الأول: تعريف العلم.
    إن كلمة علم لغة تعني ادراك الشء بحقيقته، وهو اليقين والمعرفة .
    والعلم اصطلاحا وهو (جملة الحقائق والوقائع والنظريات ومناهج البحث التي تزخر بها المؤلفات العلمية...) أوأن العلم هو(مجموعة المبادئ والقواعد التي تشرح بعض الظواهر والعلاقات القائمة بينها ...) أو أن العلم هو(نسق المعارف العامة العلمية المتراكمة أو بمعنى أسلوب معالجة المشاكل أي المنهج العلمي) أو أن (العلم هو المعرفة المنسقة التي تنشأ عن الملاحظة والدراسة والتجريب والتي تقوم بغرض تحديد طبيعة واسس وأصول ما تتم دراسته.....العلم هو فرع من فروع المعرفة أو الدراسة، خصوصا ذلك المتعلق بتنسيق وترسيخ الحقائق والمبادئ والمناهج بواسطة التجارب والفروض).
    وتدور جل التعريفات حول حقيقة أن العلم هو جزء من المعرفة يتضمن الحقائق والمبادئ والقوانين والنظريات والمعلومات الثابتة والمنسقة والمصنفة والطرق والمناهج العلمية الموثوق بها لمعرفة واكتشاف الحقيقة بصورة قاطعة ويقينية. ولمعرفة اصطلاح العلم أكثر وضوحا يجب تمييز العلم عما يشابهه ويقاربه من مصطلحات مثل المعرفة والثقافة والفن.
    المطلب الثاني: تمييزالعلم عما يشابهه ويقاربه.
    هناك بعض المفاهيم والمصطلحات التي تقترب من اصطلاح العلم وتكاد تختلط به مثل المعرفة والثقافة والفن، يستحسن القيام بمحاولة التمييز بينها وبين اصطلاح العلم.
    الفرع الأول: العلم والمعرفة.
    العلم والمعرفة يتحدان من حيث المعنى اللغوي إلا أنهما يختلفان اصطلاحا فالمعرفة اصطلاحا هي: (مجموعة من المعاني والمعتقدات والأحكام والمفاهيم والتصورات الفكرية التي تتكون لدى الإنسان نتيجة محاولاته المتكررة لفهم الظواهر والأشياء المحيطة به.) والمعرفة ثلاثة أنواع فهناك المعرفة الحسية وهي التي يتوصل لها الإنسان عن طريق حواسه وتكون بالملاحظة البسيطة والعفوية ومن أمثلتها ادراك الإنسان لتعاقب الليل والنهار وتقلبات الجو.... وهناك المعرفة الفلسفية والتأملية وهي تبنى على التأمل والتفكير في مشكلات تؤرق الإنسان كأسباب الخلق والموت ونهاية الكون....الخ. وهي أشياء مرتبطة بالعالم الميتافيزيقي وهناك المعرفة العلمية وهي معرفة منظمة لأنها تقوم على مناهج وأساليب بحث ويتوصل إليها الإنسان بإصرار وقصد وهي على نوعين المعرفة العلمية الفكرية من خلال استخدام أدوات عقلية كالاستدلال وهناك المعرفة العلمية التجريبية وهي مجموعة الحلول للظواهر الطبيعية أو الاجتماعية ووضع تفسيرات لها من خلال الملاحظة ثم الفرضية ثم التجريب. ومنه يتضح لنا أن العلم جزء من المعرفة وهو أهم عنصر فيها لأنه يتصف باليقينية.
    الفرع الثاني: العلم والثقافة.
    تعرف الثقافة بأنها (أنماط وعادات سلوكية ومعارف وقيم واتجاهات اجتماعية ومعتقدات وأنماط تفكير ومعاملات ومعايير يشترك فيها أفراد جيل معين ثم تنتقلها الأجيال بواسطة التواصل الحضاري)
    ومنه فالثقافة أوسع من العلم والعلم عنصر فيها ولكنه الأكثر فعالية من بين عناصرها.
    الفرع الثالث: العلم والفن.
    الفن لغة هو جمال الشيء وحسنه وحسن القيام بالعمل واصطلاحا يعرف بأنه ( المهارة الإنسانية والمقدرة على الابتكار والابداع والخلق.) ويمكن التفريق بين العلم والفن في النقاط التالية:
    ـ من حيث الموضوع: فموضوع العلم هو اكتشاف النظريات وتفسير الالعلاقات القائمة بين الظواهر، بينما موضوع الفن هو الاجراءات والأساليب العملية لانجاز فكرة أو عاطفة ما، والفن يتميز ببصمة الفنان على عكس العلم الذي يمتاز بالموضوعية.كما يهدف العلم إلى الاكتشاف والتفسير والتنبؤ والضبط والتحكم بينما يهدف الفن إلى تحقيق أعلى درجة من حسن التطبيق واظهار المهارات الشخصية ومنه فطابع الفن تطبيقي بينما طابع العلم نظري.
    ـ من حيث التراكمية: فالعلم يتراكم ويلغي الجديد منه القديم أما الفن فإنه لا يتراكم فهو يسير في خط أفقي ومثال ذلك أننا يمكن أن نتذوق الشعر القديم واللوحات الفنية السابقة أكثر من الأعمال المعاصرة فالجديد في الفن لا يلغي القديم.
    المبحث الثالث: وظائف وأهداف العلم.
    يمكن اعتبار وظائف العلم هي ذاتها أهدافه، ويمكننا حصرها في ثلاث وظائف هي:
    المطلب الأول: الاكتشاف والتفسير.
    يسعى العلم إلى اكتشاف القوانين التي تحكم وتفسر الظواهر لمعرفة أسبابها والتوصل إلى تعميمات تنظم هذه الأسباب، كما يسعى إلى توحيد تعميماته للوصول إلى قوانين على قدر كبير من العمومية والشمول، تتناول كل الظواهر المتماثلة.
    المطلب الثاني: التنبؤ.
    يهدف العلم إلى صياغة تعميمات لها القدرة على التنبؤ بما يطرأ على الظاهرة من تغيير في المستقبل، والهدف من التنبؤ هو اتخاذ الاجراءات اللازمة للحد من الأثار السلبية للظاهرة.
    المطلب الثالث: الضبط والتحكم.
    يهدف العلم إلى ضبط الظواهر وتوجيهها والتحكم فيها بعد معرفة أسبابها وقد يكون الضبط والتحكم نظريا ببيان تفسير وشرح كيفية الضبط، وقد يكون الضبط والتحكم عمليا فيستخدم العلم من أجل السيطرة والتوجيه لتجنب السلبيات أوالقيام بأمور ايجابية.
    المبحث الرابع: خصائص العلم.
    يمتاز العلم بالخصائص التالية:
    المطلب الأول: التراكمية.
    يقصد بها إضافة الجديد إلى القديم، فالعلم يشبه البناء الذي يتكون من طوابق حيث تحل النظريات الجديدة محل النظريات القديمة كلما أثبتت خطأها، وهو يختلف عن المعرفة الفلسفية والفن لأنهما تسيران في خط أفقي، وخاصية التراكمية في العلم تتحقق في اتجاهين، اتجاه رأسي عمودي بالنسبة لنفس الظواهر، والاتجاه الأفقي بالتنقل من ظواهر مدروسة إلى ظواهر تخرج عن دائرة الدراسة.
    المطلب الثاني: التنظيم.
    العلم هو تنظيم لطريقة تفكيرنا أو لأسلوب ممارستنا العقلية، الباحث في علم من العلوم يجب عليه تنظيم وتصنيف المعطيات المتعددة لتسهيل التعامل معها لكي تفيده في بحثه.
    المطلب الثالث: الموضوعية.
    تعني الموضوعية الابتعاد عن الذاتية، وينصرف مدلول الموضوعية أيضا إلى القطيعة مع الأحكام المسبقة والأفكار الشائعة، والموضوعية تثار في مجال العلوم الإنسانية بأكثر حدة ولكن الأمر ليس بمستحيل حيث دعا (ايميل دور كايم) إلى ضرورة التعامل مع الظاهرة الإنسانية وكأنها كيان مادي خارج عن وعينا وفكرنا وبمعنى أخر تشبيه الظاهرة الإنسانية بالظاهرة الطبيعية أثناء دراستها.
    المطلب الرابع: المنهجية.
    النتائج التي يحرزها العلم تأتي عن طريق مناهج علمية سواء لجمع المعلومات أو التحليل أو التفكير، والمنهجية ترتبط بالجانب الشكلي والإجرائي والموضوعي.
    المطلب الخامس: الامبيريقية.
    وتعني أن العلم يختص بدراسة العالم المحسوس فقط.
    المطلب السادس: السببية.
    في العلم لكل ظاهرة سبب يسعى الباحث لاكتشافه ولا يمكن رده إلى الصدفة أو إلى التفسيرالخرافي.
    المطلب السابع: التعميم.
    وهو الانتقال من الحكم الجزئي إلى الحكم الكلي عن طريق دراسة عينة وتعميم النتائج على المجتمع الأصلي بشرط أن تكون عناصره متجانسة.
    المطلب الثامن: اليقين.
    العلم هو ادراك الشيء بيقين، ولكن المراد باليقين هنا هو اليقين النسبي.
    المطلب التاسع: الدقة.
    العلم لا يقبل الأحكام الجزافية بل يجب أن تصاغ النظرية بشكل دقيق وأكثر الوسائل تعبيرا عن الدقة وهي الأرقام والجداول البيانية والاحصائيات والنسب المئوية.
    المطلب العاشر: التجريد.
    حينما يدرس الباحث ظاهرة معينة ويخلص إلى نتائج، فتلك النتائج لا تعني عناصر الظاهرة بحد ذاتهم ولكن قد تنطبق على كل عنصر يحمل نفس المواصفات.
    المطلب الحادي عشر: الحتمية.
    هذه الخاصية في العلم تعني أن نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج.
    المبحث الخامس: المسلمات التي يقوم عليها العلم.
    يقوم العلم على عدة مسلمات نذكر منها:
    المطلب الأول: فرضية وحدة الطبيعة واطراد ظواهرها.
    يقصد بهذه الفرضية وجود حالات متشابهة في الطبيعة، وبأن ما سيحدث مرة سوف يحدث ثانية إذا توافرت درجة كافية من التشابه في الشروط المسببة لحدوثه.
    المطلب الثاني: الخصائص المشتركة بين الأنواع.
    أي وجود خصائص مشتركة بين الظواهر بحيث يمكن تصنيفها إلى مجموعات قد تفيد الباحث في معرفة الظواهر الجديدة وامكانية معالجتها.
    المطلب الثالث: مسلمة الثبات في الطبيعة.
    تقرر هذه المسلمة بأن ثمة دوام وانتظام في الطبيعة لأن الظواهر الطبيعية تحتفظ بخصائصها الأساسية في ظروف معينة لفترة من الزمن.
    المطلب الرابع: حتمية وقوع الظواهر.
    وهذه المسلمة تنكر وقوع حادث ما نتيجة للصدفة أوالظروف الطارئة، وما حدث بسبب ظروف معينة سيحدث حال توافر نفس الشروط.
    المطلب الخامس: الجانب الإنساني في عملية المعرفة.
    هذه المسلمة تعني أن الباحث يمكن أن يخطيء في تقديره، وهذا ليس متعلق بالظواهر، وهو يعتمد على الادراك والتذكر والتفكير وكلها معرضة للخطأ، وهناك خطأ الحواس وخطأ الذاكرة وخطأ التفكير والاستدلال.
    المبحث السادس: الطبيعة الخاصة للعلوم الإنسانية.
    يرى البعض أن العلوم الإنسانية ليست علوما ويرى أخرون أنها تتقدم شيئا فشيئا حتى تصبح علوما ولكنها من نوع خاص. غير أن هذه الأراء أصبحت لا تعكس الحقيقة للعلوم الإنسانية التي أصبحت علوما للاعتبارات التالية:
    المطلب الأول: من حيث النتائج.
    قد أحرزت العلوم الإنسانية نتائج جد هامة تتعلق بضبط سلوك الإنسان وتفسير الظواهر الاجتماعية والتنبؤ بما سيطرأ على الظاهرة في المستقبل.
    المطلب الثاني: من حيث الطريقة العلمية.
    العلوم الإنسانية تخضع للمناهج العلمية مثلها مثل العلوم الطبيعية، وقد أثبت هذا التوجه عالم الاجتماع (ايميل دور كايم).
    المطلب الثالث: من حيث أهداف العلوم الإنسانية.
    الهدف من العلوم الإنسانية هو ضبط الظواهر وايجاد تفسيرات لها.
    المطلب الرابع: من حيث المادية.
    اعتبار العلوم الإنسانية ذات طابع مادي، وعليه يمكن اخضاعها للتجربة والملاحظة أو اخضاعها للمنطق والفكر. لقد أصبحت الدول المتطورة تعمل العلوم الإنسانية من أجل تحديد سياساتها المستقبلية.
    الفصل الثاني: البحث العلمي.
    كلما تميزت شعوب الإنسانية بالتفكير العلمي والابتعاد عن الدجل والخرافة كلما كانت أكثر قدرة على بناء الحضارة وتقلص نصيب الجهل في صفوفها، وكلما ابتعدت عن التفكير العلمي وعن العلم انغمست في مستنقع الجهل والتخلف وعليه فإذا أراد شعب ما أن يبني حضارة أو أن يطور نفسه فعليه الاهتمام بتطوير العلم من خلال تشجيع وتكريس البحث العلمي. فماهو مفهوم البحث العلمي؟ وما هي مراحل إعداد البحث العلمي؟
    هذا ما سنتناوله من خلال المبحثين التاليين:
    المبحث الأول: مفهوم البحث العلمي.

    المبحث الثاني: مراحل إعداد البحث العلمي.

    المبحث الأول: مفهوم البحث العلمي.
    لتحديد مفهوم البحث العلمي يتعين علينا التطرق إلى النقاط الأساسية التالية: تعريفه وخصائصه وأنواع البحوث العلمية وكذا الأدوات المستخدمة في البحث العلمي.
    المطلب الأول: تعريف البحث العلمي.
    البحث لغة معناه أن تسأل أو تطلب أو تستخبر عن شيء معين، واصطلاحا هناك عدة تعريفات من بينها: (البحث العلمي تجميع منظم لجميع المعلومات المتوفرة لدى الباحث عن موضوع معين وترتيبها بصورة جديدة بحيث تدعم المعلومات السابقة أو تصبح أكثر نقاءا ووضوحا.) كما عرف أيضا بأنه (وسيلة للاستفهام والاستقصاء المنظم والدقيق الذي يقوم به الباحث بغرض اكتشاف معلومات أو علاقات جديدة بالإضافة إلى تطوير أو تصحيح أو تحقيق المعلومات الموجودة فعلا، على أن يتبع في هذا الاستعلام والاستقصاء خطوات المنهج العلمي واختيار الطرق والأدوات اللازمة للبحث.) كما يعرف بأنه (المحاولة الدقيقة للتوصل إلى حل المشكلات التي تؤرق الإنسان وتحيره.) وعليه يمكن استخلاص أن الوسيلة هي البحث العلمي والغاية هي العلم.
    ومن خلال التعريفات السابقة يمكن استخراج بعض الشروط الموضوعية للبحث العلمي نذكر منها:
    ـ يجب أن تكون هناك مشكلة تستدعي البحث عن حل لها.
    ـ توافر الأدلة التي تحتوي على الحقائق.
    ـ التحليل الدقيق للأدلة وتصنيفها.
    ـ استخدام العقل والمنطق لترتيب الدليل في حجج واثباتات.
    ـ الموضوعية وعدم التعصب للرأي وقبول النتائج التي تسفر عنها الأدلة.
    ـ الحل المحدد وهو الإجابة النهائية عن المشكلة وتكون في شكل تعميم.
    المطلب الثاني: خصائص البحث العلمي.
    يمتاز البحث العلمي بجملة من الخصائص نذكر منها ما يلي:
    الفرع الأول: البحث العلمي بحث منظم ومضبوط.
    أي أن البحث العلمي نشاط عقلي منظم ومضبوط ودقيق ومخطط، حيث أن القوانين والنظريات قد تحققت واكتشفت بواسطة نشاط عقلي منظم ومهيء جيدا وليس وليد الصدفة مما يحقق للبحث العلمي عامل الثقة الكاملة في نتائجه.
    الفرع الثاني: البحث العلمي بحث حركي تجديدي.
    مما يعني أن البحث العلمي ينطوي دائما على تجديد وإضافة معرفية عن طريق استبدال مستمر ومتواصل للمعارف المتجددة.
    الفرع الثالث: البحث العلمي بحث عام ومعمم.
    أي أن المعلومات والمعارف تكون معممة وفي متناول الجميع حتى تكتسب الصفة العلمية، وهي عامة لأنها تتناول كل مجالات العلوم.
    هذه هي الخصائص التي تشترك فيها كل البحوث العلمية، لكن هناك خصائص تخص بعض أنواع البحوث دون غيرها مثل خاصية التجريب بالنسبة للبحث التجريبي، وكذا خاصية التفسير التي يتميز بها البحث التفسيري.
    المطلب الثالث: أنواع البحوث العلمية.
    تنقسم وتتنوع البحوث والدراسات العلمية إلى عدة أنواع وذلك بحسب كيفية معالجتها للحقائق والظواهر والأشياء وكذا على أساس النتائج التي تتوصل إليها، فقد تكون البحوث تنقيبية استكشافية وقد تكون تفسيرية نقدية وقد تكون بحوثا كلية وشمولية كاملة، وقد تكون بحوثا استطلاعية أو بحوثا وصفية تشخيصية وقد تكون بحوثا ودراسات تجريبية.
    الفرع الأول: البحث الاكتشافي التنقيبي.
    وهوالبحث الذي يتمحور حول حقيقة جزئية يسخر الباحث كل جهده لاكتشافها ومن الأمثلة على ذلك الطبيب الذي يبحث عن فعالية دواء معين وكذلك الباحث التاريخي الذي يبحث في السيرة الذاتية لشخصية معينة.
    الفرع الثاني: البحث التفسيري النقدي.
    وهوالبحث الذي يمتد إلى مناقشة الأفكار ونقدها والتوصل إلى نتيجة تكون غالبا الرأي الراجح بين الأراء المتضاربة، وعليه فالهدف من هذه البحوث ليس الاكتشاف ولكن الهدف هو النقد والتفسير لأفكار تم اكتشافها.
    الفرع الثالث: البحث الكامل.
    هو بحث يجمع بين النوعين السابقين ويهدف إلى حل المشاكل حلا كاملا وشاملا ويستهدف وضع قوانين وتعليمات بعد التنقيب الدقيق والشامل لجميع الحقائق المتعلقة بالموضوع، ثم القيام بتفسير وتحليل الأدلة والحجج التي يتم التوصل إليها. فهو يستخدم بالإضافة إلى كل من البحث التنقيبي والبحث النقدي التفسيري يستخدم اسلوب التعمق والشمولية والتعميم. ويشترط في البحث العلمي الكامل ما يلي:
    ـ وجود مشكلة تتطلب حلا علميا.
    مما يعني أن البحث العلمي ينطوي دائما على تجديد وإضافة معرفية عن طريق استبدال مستمر ومتواصل للمعارف المتجددة.
    الفرع الثالث: البحث العلمي بحث عام ومعمم.
    أي أن المعلومات والمعارف تكون معممة وفي متناول الجميع حتى تكتسب الصفة العلمية، وهي عامة لأنها تتناول كل مجالات العلوم.
    هذه هي الخصائص التي تشترك فيها كل البحوث العلمية، لكن هناك خصائص تخص بعض أنواع البحوث دون غيرها مثل خاصية التجريب بالنسبة للبحث التجريبي، وكذا خاصية التفسير التي يتميز بها البحث التفسيري.
    المطلب الثالث: ـ اكتشاف حقيقة معينة وقيام أدلة على وجودها.
    ـ تفسير الأدلة والحقائق والحجج والأراء ونقدها نقدا موضوعيا وعلميا تمهيدا للحل النهائي.
    ـ التوصل إلى حل علمي نهائي وإجابة حقيقية عن المشكلة المطروحة .
    الفرع الرابع: البحث العلمي الاستطلاعي.
    البحث الاستطلاعي أو الدراسة العلمية الكشفية الصياغية الاستطلاعية وهو البحث الذي يستهدف التعرف على المشكلة فقط، وتكون الحاجة إلى هذا النوع من البحوث عندما تكون مشكلة جديدة أو عندما تكون المعلومات عنها ضئيلة، وعادة ما يكون هذا النوع من البحوث تمهيدا لبحوث أخرى تسعى لإيجاد حل للمشكلة.
    الفرع الخامس: البحث الوصفي التشخيصي.
    وهو البحث الذي يستهدف تحديد سمات وصفات وخصائص ومقومات ظاهرة معينة تحديدا كميا وكيفيا بحيث يسهل التعرف عليها فيما بعد ومقارنتها بباقي الظواهر والأشياء.
    الفرع السادس: البحث التجريبي.
    هو ذلك البحث الذي يقوم على أساس الملاحظة والتجارب الدقيقة لاثبات صحة الفروض.
    المطلب الرابع: أدوات البحث العلمي.
    وهي مجموعة الأساليب والطرق التي يستعملها الباحث في جمع المعلومات اللازمة للبحث العلمي. ومن جملة هذه الأدوات ما يلي:
    الفرع الأول: العينة.
    وتكون كبديل عن دراسة المجتمع أو الظاهرة ككل فيلجأ الباحث إلى اختيار عينة يبحثها ليصل إلى نتائج يستطيع تعميمها فيما بعد على كافة الظاهرة أو كل المجتمع المراد دراسته. ويجب أن تتوفر العينة على الشروط التالية:
    1)ـ يجب أن تكون وحدات المجتمع المدروس متجانسة.
    2)ـ يجب أن تكون العينة كبيرة بحيث تفي بالغرض من الدراسة.
    3)ـ تحدد طريقة اختيار العينة مسبقا.
    كما يمكن إجمال أسباب إختيار طريقة العينة فيما يلي:
    1)ـ عدم إمكانية دراسة كل عناصر المجتمع الأصلي.
    2)ـ ارتفاع تكلفة دراسة الكل.
    3)ـ عدم إمكانية حصر كل عناصر المجتمع الأصلي.
    وتنقسم العينات إلى عينات احتمالية وعينات غير احتمالية.

    العينات الاحتمالية: تكون إما:
    ـ عشوائية بسيطة تختار عن طريق القرعة.
    ـ عشوائية طبقية وفيها يقسم المجتمع المدروس إلى أقسام وأصناف حسب مميزات خاصة وتكون هي أساس التقسيم ثم يؤخذ من كل عددا عشوائيا.
    ـ وهناك العينة الطبقية التناسبية وهي التي يكون فيها عدد الأفراد في كل عينة متناسبا مع عدد أو نسبة ذلك القسم المدروس من المجتمع الأصلي.
    ـ وهناك العينة المنظمة وهي التي تجمع بين العشوائية والتنظيم وتكون من خلال الفصل بين الفئات المختارة برقم ثابت يحدده الباحث ثم يحدد عشوائيا نقطة الانطلاق ثم يتقيد بذلك الفارق الثابت بين أفراد العينة.
    ـ أما العينة العنقودية فهي التي يقسم فيها أفراد المجتمع المدروس إلى أقسام متجانسة، ثم تؤخذ جملة من الأقسام توفي عدد أفراد العينة المقترحة للدراسة.
    ـ وهناك العينة العرضية وهي التي يكون اختيارها عرضيا بمحض الصدفة وبالتالي فهي لا تعبر عن المجتمع الأصلي وهي لا تمثل إلا نفسها.

    العينات غير الاحتمالية: وهي فئة من العينات التي تبنى على حكم الباحث وليس على مجرد الصدفة، وهي تشتمل على الأنواع التالية:
    ـ العينة الحصصية وهي تفترض تقسيم المجتمع الأصلي على أساس ما وكذا وجود بيانات حول هذا المجتمع معدة مسبقا فيختار الباحث حصة معينة.
    ـ وهناك العينة العمدية وهي التي تفترض وجود دراسات سابقة تحدد معالم المجتمع الأصلي بحيث تصبح العينة تمثل حقيقة المجتمع الأصلي.
    وهناك العينة الملائمة وهي التي يقوم الباحث فيها بإختيار العدد الملائم من أفراد المجتمع المراد دراسته.
    الفرع الثاني: طرق جمع المعلومات.
    من بين أساليب جمع المعلومات الاستبيان والمقابلة والملاحظة.
    الاستبيان وهو عبارة عن استمارة تتضمن بعض الأسئلة موجهة إلى عينة من المجتمع الأصلي حول ظاهرة أو موقف معين وهناك نوعين من الاستبيان المقيد والمفتوح، فالمقيد هو التي تكون الأجوبة محددة وما على المستجوب إلا الاختيار بين النعم أو لا، أما المفتوح وهو الذي يترك للمستجوب حرية اختيار الإجابة التي يرغب فيها وهذا النوع غير محبذ في المجتمعات غير المثقفة.
    المقابلة وهي محادثة موجهة بين الباحث والشخص المبحوث بهدف الوصول إلى الحقيقة.
    الملاحظة وهي من بين التقنيات المستعملة في حالات معينة وتحتاج إلى معاينة ميدانية.

    المبحث الثاني: مراحل إعداد البحث العلمي.
    لكي يكون البحث العلمي بحثا منظما ومضبوطا لابد من اتباع مراحل معينة في انجازه، وهذه المراحل تشترك فيها كل أنواع البحوث مما اختلفت مواضيعها وهذه المراحل يمكن إجمالها فيما يلي: مرحلة اختيار الموضوع، مرحلة جمع الوثائق والمعلومات، مرحلة القراءة، مرحلة تقسيم الموضوع، مرحلة تدوين المعلومات، ومرحلة الكتابة.

    المطلب الأول: مرحلة اختيارالموضوع.
    هي أول مرحلة تواجه الباحث، والمتمثلة في اختيار موضوع مناسب من الناحية الموضوعية والذاتية، وعلى هذا الأساس غالبا ما يتريث الباحث في هذه المرحلة لكي لا يقع في مشكلة تغيير الموضوع في المستقبل. ويجب أن يطرح موضوع البحث اشكاليات حقيقية تستدعي البحث فيها، ولهذا فإن هذه المرحلة يتم فيها تحديد إشكالية البحث. وعليه سنتناول خلال هذا المطلب فرعين، الفرع الأول نخصصه لعوامل اختيار الموضوع والفرع الثاني نتناول فيه طرق صياغة مشكلة البحث.

    الفرع الأول: عوامل اختيار الموضوع.
    هناك عوامل ذاتية تتعلق بشخص الباحث وهناك عوامل موضوعية تتعلق بطبيعة البحث.

    أولا: عوامل اختيار الموضوع المرتبطة بشخص الباحث.
    هناك عدة عوامل تجعل الباحث يميل لاختيار موضوع ما دون غيره من الموضوعات، وهي تتمثل في:
    1) الرغبة النفسية وهي أول ما يشد الباحث نحو موضوع معين للدراسة والتعمق والتخصص فيه، مما يخلق نوعا من الانشداد النفسي والوجداني بينه وبين موضوع البحث، مما قد يذلل الصعاب التي قد تواجه الباحث والارهاق الجسماني تحوله الرغبة إلى مجرد متعة وهواية.

    2) القدرات الشخصية للباحث وهي من بين ما يجب على الباحث مراعاته عند اختيار الموضوع والمتمثلة في:
    ـ القدرات العقلية وهي تتمثل في قدرة الباحث في تناول جميع جوانب الموضوع بكل موضوعية واقتدار، والتحكم في شتى العلوم المكملة للبحث مما يتطلب الصراحة مع النفس.
    ـ القدرات الجسمانية وهي ضرورة سلامة الباحث من أي إعاقة تحد من قدرة الباحث على مواكبة البحث، وأن لا يكلف نفسه ما لا تطيق.
    ـ الحالة الاجتماعية والمالية للباحث، حيث هناك بعض البحوث تتطلب مصاريف كثيرة وقد تتطلب تنقل الباحث حتى إلى الخارج، فإذا كان متكفلا بعائلة فهذا لا يسمح له بالتنقل بحرية والغياب عن البيت.
    ـ إتقان اللغات الأجنبية وهي التي تمكن الباحث من الاطلاع على الدراسات والمراجع باللغات الأجنبية، خصوصا الدراسات المقارنة.
    3) التخصص العلمي بحيث يجب أن يكون الموضوع المختار يدخل من بين اختصاصات الباحث وتخصصه العلمي سواء كان الخصص العام أو الخاص ومثال ذلك فالباحث المتخصص في القانون يجب عليه أن يراعي تخصصه الفرعي أي قانون عام أو قانون خاص، وإذا كان قانون خاص فيحدد التخصص الفرعي المدني أو التجاري.
    4) التخصص المهني حيث من المرغوب فيه أن يواصل الباحث في نفس تخصصه المهني بحيث توفر له الوظيفة الامكانيات الضرورية للبحث وكذلك يستفيد من الترقية المهنية من خلال رفع مستواه العلمي.
    ثانيا: عوامل اختيار الموضوع المرتبطة بطبيعة البحث.
    من بين العوامل المؤثرة على اختيار الموضوع والمرتبطة بطبيعة البحث نجد ما يلي:
    1) المدة المحددة لإنجاز البحوث العلمية وهي المدة الضرورية لإنجاز البحث والمحددة من قبل الجهات الوصية على الدراسات المتخصصة، وعليه فعلى الباحث أن يختار الموضوعات التي تتناسب والمدة الممنوحة له لإنجاز البحث. أو قد تسحب منه الرخصة المحددة للتأهيل.
    2) القيمة العلمية لموضوع البحث العلمي، المطلوب في البحث أن يكون مبتكرا يمكن من الكشف عن حقائق جديدة أو على الأقل يدعم المعلومات السابقة بحيث تصبح أكثر نقاءا ووضوحا.
    3) الدرجة العلمية المتحصل عليها بالبحث، وهي إما أن تكون درجة الماجستير أو الدكتوراه أو من أجل ترقية مهنية، مما يدفع بالباحث إلى اختيار موضوع دون غيره بما يتناسب والدرجة التي يصبوا الوصول إليها.
    4) مراجع البحث ومصادره تعتبر عاملا هاما في اختيار موضوع البحث بحيث كلما تعددت وتنوعت المراجع كلما كان البحث ثريا وغنيا بالمعلومات. وبالمقابل كلما كانت المراجع قليلة كلما كان البحث غير موثوق في نتائجه، ويقلل من قيمته العلمية.

    الفرع الثاني: صياغة مشكلة البحث.
    تعد معايير اختيار الموضوع هي نفسها معايير اختيار مشكلة البحث، وذلك لأن البحث العلمي ما هو إلا إجابة عن مشكلة ما. ولتحديد المشكلة يتوجب التقيد بالقواعد التالية:
    ـ يجب أن تكون مشكلة البحث خاصة وغير غامضة.
    ـ يجب أن تصاغ المشكلة بصورة واضحة.
    ـ يجب توضيح المصطلحات المستخدمة في صياغة المشكلة، تجنبا للبس أوالغموض.
    عادة يقوم الباحث باختيار الموضوع ثم يحدد المشكلة التي يطرحها ذلك الموضوع، ولكن قد يحدث بعد البحث في الموضوع والتعمق فيه أن تظهر للباحث إشكاليات آخرى تحتاج إلى معالجة مما قد يدفع به إلى صياغة الإشكالية أو تغييرها كليا.

    المطلب الثاني: مرحلة جمع الوثائق والمعلومات.
    بعد اختيار الموضوع وصياغة مشكلته، تبدأ المرحلة الثانية وهي مرحلة جمع الوثائق والمعلومات المتعلقة بالبحث، خلال هذا المطلب سنتناول في الفرع الأول تحديد معنى الوثائق وأنواعها، وفي الفرع الثاني علمية التوثيق.
    الفرع الأول: تحديد معنى الوثائق وأنواعها.
    الوثائق العلمية هي كل المراجع والمصادر التي تحتوي على معلومات ومعارف لها صلة بموضوع البحث، وقد تكون مخطوطة أو مطبوعة أومسموعة أو مرئية. ولمعرفة المعنى الدقيق للوثائق يجب التمييز بين نوعين هما المصادر والمراجع.
    أولا: المصادر أو المصادر الأصلية.
    هناك عدة تعريفات للمصادر من بينها:( الوثائق والدراسات الأولى المنقولة بالرواية أو مكتوبة بيد مؤلفين ثقات اسهموا في تطوير العلم.). ومصادر البحث عامل هام في تحديد قيمته العلمية، ومن بين الوثائق التي تعتبر المصادر الأصلية للبحوث العلمية القانونية :
    ـ المواثيق الوطنية والدولية ـ المذكرات الإيضاحية للقوانين ومحاضر اجتماعات الهئات التشريعية ـ الأوامر والقوانين والنصوص التنظيمية ـ الدساتير ـ المؤتمرات والاتفاقيات الدولية ـ الأحكام والقرارات القضائية ـ المقابلات الشخصية ـ الاحصائيات الرسمية ـ التصريحات الرسمية للشخصيات الأفلام الوثائقية والشهدات الحية ذات الآثارالقانونية.
    ثانيا: المراخع أو المصادر الثانوية.
    وتسمى أيضا بالمصادر غير الأصلية وهي التي تعتمد في مادتها العلمية على المصادر الأصلية فتتعرض لها بالتحليل والنقد والتعليق والتلخيص. وقد يكون المرجع كتابا أومقالا أو رسائل لنيل الدرجات العلمية.
    الفرع الثاني: عملية التوثيق.
    أهم ما تثيره مسألة التوثيق هوتعريفه وبيان أهميته وكذا كيفية تسجيل المعلومات الموثقة.
    أولا: تعريف التوثيق وأهميته.
    التوثيق أو الببليوغرافيا كلمة مأخوذة من اليونانية وتعني كتابة الكتب. وهي تعني في الوقت الحاضر إعداد قوائم الكتب ومعرفة مؤلفيها وموضوعاتها وكافة بيانات النشر، وهذه العملية يقوم بها الباحث بعدما يطلع على قوائم المصادر والمراجع الموجودة بالمكتبات والمراكز العلمية.

    ثانيا: كيفية تسجيل المعلومات الببليوغرافية.
    يتعين على البحث أن يدون أسماء المصادر ومؤلفيها وبيانات النشر في البداية ويكون التدوين في بطاقات، تخصص كل بطاقة لمصدر واحد لكي يسهل الرجوع إليها. ويمكن للباحث أن يتبع الطرق الخاصة بكتابة البطاقات للمصادر التالية: الكتب، الموسوعات، الدوريات، المخطوطات، الرسائل الجامعية، الوثائق الرسمية، الأشرطة المصورة، المصادر القانونية، برامج التلفزيون، المقابلات.
    1) الكتب. يجب أن تتضمن البطاقة المخصصة لكتب البيانات التالية: رقم الكتاب ومكان وجوده توضع على الجانب الأيمن من البطاقة، ثم اسم المؤلف ولقبه وإذا كان للكتاب عدة مؤلفين فيتم ذكرهم بالترتيب بحسب ورودهم في الكتاب، ثم عنوان الكتاب والجزء ورقم الطبعة إن وجدت ثم دار ومدينة ودولة وسنة النشر.


    نموذج لبطاقة مخصصة لكتاب.



    25436
    المكتبة الوطنية بالحامة
    دعمار عوابدي
    مناهج البحث العلمي وتطبيقاتها في ميدان العلوم القانونية والإدارية
    الطبعةالخامسة
    ديوان المطبوعات الجامعية،2005


    2) الموسوعات.
    تذكر البيانات التالية: عنوان الموسوعة تحته خط عدد الطبعة ثم عنوان المقال بين قوسين ثم إسم المؤلف ثم بيانات النشر.
    3) الدوريات.
    وهي مطبوعات تصدر دوريا وتدون بالشكل التالي: اسم الكاتب ثم عنوان المقال ثم عنوان المجلة ثم رقم العدد وتاريخ إصدار المجلة وتعيين رقم الصفحة أو الصفحات المخصصة للمقال.
    4) المخطوطات.
    وتدون بشأنها البيانات التالية: اسم المؤلف ثم عنوان المخطوطة بين قوسين وموضوع المخطوطة ثم تاريخ النسخ ثم اسم البلد الذي توجد به ثم اسم المجموعة التي تنسب إليها ورقمها ثم وصفها إن كانت أصلية أو مصورة.
    5) الرسائل الجامعية.
    يدون بشأنا البيانات التالية: اسم المؤلف ثم عنوان الرسالة بين قوسين ثم نوع البحث واسم الكلية واسم الجامعة التي قدمت بها وتاريخ المناقشة تذكر السنة فقط.
    6) الوثائق الحكومية.
    وتدون بياناتها بالشكل التالي: اسم الدولة ثم السلطة التي أصدرت الوثيقة ونوع الوثيقة وكذا بيانات النشر.
    7) النصوص القانونية والتنظيمية.
    وتتضمن: اسم الدولة واسم السلطة ونوع القانون ثم رقم القانون وتاريخ صدوره ثم عدد الجريدة الرسمية وتاريخ صدورها بين قوسين وأرقام الصفحات.
    8) الأحكام والقرارات القضائية.
    وتتضمن بطاقتها البيانات التالية: عنوان القضية ويذكر الحروف الأولى من اسم المدعي والمدعى عليه ثم اسم المحكمة أو المجلس واسم البلد ثم رقم القضية والتاريخ بين قوسين.
    9) الأحاديث وبرامج التلفزيون.
    ويذكر بشأنها البيانات التالية: اسم المتحدث عنوان الحديث بين قوسين ثم اسم القناة واسم البلد والتاريخ.
    10) المقابلات الشخصية.
    ويذكر بشأنها: موضوع المقابلة يوضع تحته خط ثم نقطة اسم الشخص الذي أجريت معه المقابلة وصفته ثم مكان وتاريخ إجرائها.
    المطلب الثالث: مرحلةالقراءة.
    هي من أهم مراحل إعداد البحث العلمي وهي عمل منظم يفرض طرقا وأساليب محددة يجب التقيد بها . وعليه سنتطرق من خلال الفروع التالية إلى أنواع وشروط ونتائج القراءة.
    الفرع الأول: أنواع القراءة.
    وتنقسم بحسب المدة التي تستقرقها ودرجة عمقها إلى:
    أولا: القراءة الاستطلاعية.
    وتسمى كذلك القراءة السريعة وهي تهدف إلى تقييم المصادر من حيث درجة ارتباطها بموضوع البحث، وكذا من حيث قيمتها العلمية، وأيضا الاطلاع عن بيانات التأليف وجدة الموضوع ونوع الدراسة. وهذه القراءة يجب أن لا تأخذ وقتا طويلا.
    ثانيا: القراءة العادية.
    بعدما يحدد الباحث من خلال القراءة الاستطلاعية المصادر التي يجب التعمق فيها بالقراءة والتفكير، فإنه ينتقل إلى نوع آخر من القراءة أكثر تركيزا على الموضوعات التي تم اختيارها، ويقوم بتسجيل كل المعلومات الهامة في بطاقات والقيام بعملبات الاقتباس اللازمة.
    ثالثا: القراءة العميقة.
    هناك بعض الوثائق تحتاج إلى قراءة عميقة ومركزة لأنها ذات قيمة علمية كبيرة، ولها صلة وطيدة بموضوع البحث تتطلب التحليل والتفكير المركز.
    الفرع الثاني : شروط القراءة.
    يجب أن تتوفر في القراءة الشروط التالية:
    ـ أن تكون القراءة شاملة لكافة المصادر المرتبطة بالموضوع.
    ـ يجب أن تكون القراءة منظمة ومرتبة.
    ـ يجب أن يكون الباحث قادرا على الفهم والنقد.
    ـ يجب اختيار الوقت المناسب للقراءة، والمكان المناسب لها.
    الفرع الثالث: النتائج التي تحققها القراءة.
    تستهدف عملية القراءة تحقيق النتائج التالية:
    ـ فهم الموضوع والتعمق فيه والإلمام بجميع جوانبه، وكذا اكتساب حقائق ومعلومات وأفكار جديدة .
    ـ اكتساب الباحث للأسلوب العلمي، وكذا التحكم في اللغة الفنية الملائمة لتخصص الباحث.
    ـ اكتساب الباحث مهارة التقسيم والموازنة شكلا وموضوعا من خلال حطة البحث.
    ـ اكتساب الباحث الشجاعة الأدبية، مما يؤهله إلى إبداء رأييه في مختلف مسائل الخلاف التي يعالجها البحث من خلال النقد والتعقيب.
    المطلب الرابع: مرحلة تقسيم الموضوع.
    يتم تقسيم الموضوع إلى أجزاء وذلك بوضع خطة أو مخطط للبحث، وهذا المخطط يشبه البناء المتناسق. وعليه سنتناول خلال هذا المطلب شروط ومعايير وقوالب التقسيم.
    الفرع الأول: شروط تقسيم الموضوع.
    من بين شروط تقسيم الموضوع مايلي:
    ـ يجب أن ينطلق في تقسيمه من مشكلة البحث ولا يخرج عنها.
    ـ أن تكون خطة البحث شاملة لكافة عناصر الموضوع.
    ـ احترام مبدأ مرونة الخطة، بحيث يتمكن من إضافة أي عنصر دون المساس بتوازن الخطة.
    ـ تحاشي تكرار العناوين الموجودة في المراجع.
    ـ التقييد بالأسلوب العلمي، وصياغة عناوين جزئية تكون منسجمة مع العناوين الرئيسية.
    ـ يجب مراعاة التوازن الشكلي والموضوعي للخطة.
    ـ يجب أن تكون كل عناصر الخطة مترابطة بحيث إذا حذفنا أحد العناصر يظهر الخلل في اليحث.
    ـ يجب أن تكون العناوين واضحة وكاملة في بنائها.
    الفرع الثاني: معايير التقسيم.
    يجب النظر أولا إلى طبيعة المشكلة التي يدور حولها الموضوع لأنها المعيار الأساسي لتقسيم البحث، ويمكن حصرها في البحوث القانونية في الحالات التالية:
    ـ إذا كان الموضوع تاريخيا يمكن تقسيم البحث إلى أحقاب زمنية تفي بالغرض من الدراسة.
    ـ إذا كان الموضوع ذو طبيعة تاريخية وقانونية فيمكن تناول الجانب التاريخي في القسم الأول والجانب القانوني في القسم الثاني.
    ـ إذا كان الموضوع يشتمل على جزء نظري وأخر عملي تطبيقي، فيمكن التقسيم إلى جزئين أي محاولة التعرض للجانب النظري ثم الجانب العملي في كل قسم.
    ـ وإذا كان الموضوع يحتوي على خلاف بين الفقه والقضاء والتشريع فيمكن تناوله في ثلاثة أقسام وإضافة قسم رابع للمقارنة بينهم. والأفضل تناول في كل قسم الجانب الفقهي والتشريعي والقضائي والمقارنة بينهم.
    ـ أما إذا كان الموضوع يتعلق بدراسة مقارنة بين التشريعات فمن الأفضل إعتماد التقسيم الموضوعي، ثم اجراء المقارنة بين التشريعات المراد دراستها.
    وقد يكون التقسيم في البحث بين العام والخاص وقد يكون بين الكل والجزء وقد يكون بين الأسبق والسابق والحاضر والمستقبل.
    الفرع الثالث: قوالب تقسيم الموضوع.
    وهي الأطر الشكلية والموضوعية التي تصب فيها مختلف أجزاء البحث وهي مرتبة تنازليا كالآتي:
    الكتاب، الجزء، القسم، الباب، الفصل، المبحث،المطلب، الفرع..........الخ.
    بالاضافة إلى هذه العناصر يحتوي كل بحث عن مقدمة وخاتمة.
    المطلب الخامس: مرحلة تدوين المعلومات.
    بعد أن يعد الباحث خطة لبحثه ينتقل إلى مرحلة تدوين المعلومات من المصادر المختلفة، وهذه العملية تستدعي أدوات منظمة وتشتمل على شروط وقواعد منهجية.
    الفرع الأول: طرق تدوين المعلومات.
    ينصح بإتباع إحدى الطريقتين، إما طريقة البطاقات يرتبها الباحث بحسب أجزاء الموضوع، ويدون المعلومات في وجه واحد. وهي طريقة منتقدة لأنها غير عملية. وهناك طريقة الملفات يتكون الملف من غلاف سميك وحاملة أوراق مثقوبة ويقوم الباحث بتصنيف الأوراق داخل الملف حسب خطة البحث. وهنا يسهل عليه الإضافة أو الحذف لأي عنصر من عناصر البحث.
    الفرع الثاني: قواعد تدوين المعلومات.
    يجب على الباحث التقيد بقواعد التدوين المنهجية والمتمثلة في:
    ـ اشتمال كل ورقة على الموضوع الفرعي والمعلومات المتعلقة بالموضوع ثم بيانات المصدر.
    ـ المعلومات التي خصصت للموضوع يجب أن تذكر بوضوح، ويذكر في كل ورقة موضوعا واحدا.
    ـ يجب تحديد الأفكار المقتبسة من المصادر حرفيا والتي يصوغها الباحث بأسلوبه الخاص، فيحاول أن يميزها بطريقة خاصة.

    المطلب السادس: مرحلة الكتابة.
    هذه المرحلة هي من أصعب مراحل البحث، فهي التي يخرج فيها البحث في شكله النهائي إلى الجمهور. كما يجب التقيد بقواعد الكتابة وكذا الإلتزام بالمواصفات النهائية للبحث العلمي.

    الفرع الأول: قواعد عملية الكتابة.
    القواعد المنهجية التي تحكم عملية الكتابة هي:
    ـ يجب استبعاد كل الأوراق التي لا تنسجم مع الموضوع
    ـ يجب كتابة البحث بأسلوب علمي بحيث يجب مراعاة الضوابط التالية:
    1) يجب أن تكون اللغة سليمة من الأخطاء اللغوية والنحوية.
    2) استخدام اللغة الفنية المتخصصة.
    3) الابتعاد عن اللغة الشعرية الأدبية وما فيها من صور بلاغية.
    4) يجب الابتعاد عن ألفاظ السخرية والتهكم.
    5) الايجاز والتركيز في عرض الأفكاروالمفاهيم.
    6) التسلسل المنطقي في الانتقال من جملة إلى أخرى ومن فقرة إلى أخرى.
    7) في حالة الإقتباس الحرفي لا يجوز للباحث تحريف الكلام أو تغييره ولا يجوز الإكثار من الإقتباس في الصفحة الواحدة.
    8) يجب مراعاة القواعد المنهجية في توثيق المصادر والهوامش.
    9) التهميش يمكن أن يكون في كل صفحة أو عند نهاية كل فصل أوعند نهاية البحث
    10) يجب مراعاة قواعد التهميش المعتمدة للكتب والمقالات والنصوص والأحكام والقرارات والرسائل العلمية.
    11) يجب مراعاة العلامات الإملائية وطرق استعمالها، مثل النقطة والفاصلة والنقطتان، علامة الاستفهام والتعجب .......الخ.

    الفرع الثاني: المواصفات النهائية للبحث العلمي.
    يشتمل البحث العلمي النهائي على الأجزاء التالية:
    ـ الصفحات التمهيدية: وفيها صفحة العنوان وصفحة الإهداء وصفحة الشكر.
    ـ مقدمة وهي أولى مشتملات البحث، ويكون فيها تمهيد وطرح الإشكالية والمحاور وأسباب اختيار الموضوع والهدف من الدراسة وكذا المنهج المعتمد والصعوبات التي واجهت البحث.
    ـ صلب الموضوع ويحتوي على كل العناصر التي بني عليها التقسيم الذي وضعه الباحث.
    ـ الخاتمة وهي عبارة عن حوصلة البحث ويضع فيها الباحث كل الإنتقادات والاقتراحات التي يقدمها من خلال بحثه.
    ـ الملاحق وهي المعلومات التي يريد الباحث إلحاقها بالبحث ولا يستطيع أن يدرجها داخل مضمون البحث، كما يشترط في الملاحق أن تكون ذات أهمية علمية وتربطها بالموضوع علاقة غير مباشرة. ففي مجال العلوم القانونية يمكن أن تدرج كملاحق النصوص القانونية والأحكام والقرارات القضائية.....الخ.
    ـ قائمة المصادر والمراجع، ويجب إعدادها بشكل منهجي ومنظما يزيد في القيمة العلمية للبحث. ويعتبرمن المصادر والمراجع ما يلي: الكتب المتخصصة والعامة، المعاجم، الموسوعات، النصوص القانونية، الأحكام والقرارات القضائية والدوريات، الأبحاث والرسائل الجامعية، والاتفاقيات الدولية.
    ـ قائمة المحتويات، يستعمل الكثير من الكتاب والباحثين مصطلح(الفهرس) وهو خطأ شائع، فمن الناحية اللغوية كلمة فهرس بالفارسية تعني الكتاب الذي يضم مجموعة من أسماء المؤلفات والكتب، إذا فالصحيح من الناحية اللغوية هو محتويات البحث. وهي تحتوي على كل ما تضمنه البحث من عناوين أساسية وفرعية، يقابلها رقم الصفحة.