بحث عن أهداف التربية الإسلامية
إعداد : حسين علي أحمد السحاري
المقــدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير البرية وهادي البشرية وعلى آله وصحبه أجمعين وبعـد :
فهذا شرف كبير لي وأنا أقدم بحثاً بعنوان خصائص التربية الإسلامية
تعد الأهداف التربوية من القضية المهمة التي تتعلق بسياسة التعلم في أي بلد، ذلك لأن أي عمل تربوي لا بد أن يرتبط بأهداف يسعى إلى تحقيقها ،كما أن الأهداف التربوية مرتبطة مباشراً بالفلسفة العامة للمجتمع، والتي تركز على مبادئ دينية، وعادات، وتقاليد، واتجاهات، وقيم يؤمن بها ذلك المجتمع، كما تحتاج السياسة التعليمية إلى الوسائل المختلفة التي توصلها إلى هذه الأهداف المتوخاة .
وكلي أمل في أن أوفق في تقديم بحث ينال على إعجاب الجميع ويفي بالغرض طالباً التوفيق والسداد من الله ( وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت ) والله من وراء القصد
معنى الهدف :
إن المعنى الاصطلاحي للهدف وهو الغاية المراد تحقيقها .
ولقد جاء مفهوم الهدف "مدى الشيء ونهايته، فغاية البئر قعرها، وتتجلى الغاية في أفعال الله والإنسان، ومنه مبدأ الغاية " .
وجاء في معجم بمعنى " مدى الشيء وأقصاه فغاية كل شيء منتهاه وغاية البيت منتهاه والغاية كذلك كل شيء أضل الإنسان " . ويمكن أن نستخلص من هذه المعاني اللغوية للهدف والغاية أن الهدف المقصد القريب أو الغرض القريب من الفعل. والغاية المقصد البعيد أو الغرض البعيد .
كما يمكن أن يعرف الهدف بأنه :" نشاط منظم تؤدي كل خطوة فيه إلى الخطوة التالية" أو هو " قمة عمل مضبوط فيه كل خطوة إلى خطوة التي تليها" .
ولكي نوضح معنى الهدف وطبيعته بصورة أكثر تفصيلاً، نقول أنه العلاقة بين النتائج المجردة والغايات، فالنتائج لا تكون نهاية حتمية لسلسلة من الخطوات ،يرتبط بعضها ببعض، أي أنه ليس هناك قاعدة يمكن أن تبني عليها للوصول إلى هذه النتائج.
والهدف الحقيقي للإنسان يبدأ دائماً بنزعه، ثم تتحول النزعة إلى الرغبة، وبعد ذلك يقف الفرد بعض الوقت في هذه المرحلة يتأمل ويفكر ويتدبر ويعمل التجارب المختلفة في عقله، التي ربما تعتمد على الخبرة في هذا العمل. وفي هذه المرحلة يفكر الإنسان دون عمل، لكي يوفر على نفسه النتائج التي ربما تستند على الفروض المختلفة من الناحية العملية، ويكتفي بمعرفتها من الناحية النظرية لينتقل منها في فروض أخرى، إذا كانت غير ملائمة أو صالحة للموقف ،أو لينقلها إلى حيز التنفيذ، إذا كانت صالحة .
والانتقال من النزعة إلى الرغبة ، ثم إلى عملية تكوين الهدف، عملية معقدة تحتاج إلى كثير من المهارات والذكاء، وتمر بالمراحل التالية :
- المرحلة الأولى : تتمثل في إدراك الظروف والملابسات المحيطة بالموقف، ومدى التفاعل بين الرغبة وتلك الظروف .
-المرحلة الثانية : تتمثل في الرجوع إلى الخبرات السابقة ،حتى يستطيع الإنسان موازنة الأمور الخاصة بالموقف ، في ضوء الخبرات الماضية المتصلة بالموقف .
- المرحلة الثالثة : وتقوم على الحكم الخاص بتعديل السلوك، وما يستلزمه ذلك من تغيير الوسائل المختلفة التي تساعد الإنسان على الوصول إلى الغاية المطلوبة .
أهمية أهداف التربية الإسلامية :
1- يساعد وضوح الأهداف التربوية على اختيار الوسائل المناسبة لتحقيق هذه الأهداف .
2- تعد أهداف التربية الإسلامية هي الموجه والمرشد لكل ما يدور من ممارسات داخل المؤسسات التربوية المختلفة .
3- تعين هذه الأهداف على وضع تصورات عن المدرس الذي يستطيع أن يحقق هذه الأهداف .
4- في حالة عدم وضوح أهداف التربية الإسلامية تكون الممارسات عشوائية يجعلنا لا نستطيع أن نتوقع النتائج لهذه الممارسات .
5- إن الارتباك الواضح في التربية الإسلامية اليوم هو السبب المباشر في ضعف الأمة وتفتيت قواها، وهو ما يترتب على عدم وضوح الأهداف للتربية الإسلامية .
6- وضوح الأهداف يحدد المعايير التي من خلالها يتم اختيار التقويم المناسب للتأكد من مناسبة الطرق والوسائل المستخدمة لتحقيق الأهداف .
مصادر اشتقاق الأهداف :
في حالة بناء الأهداف التربوية لأي نظام تعليمي، يجب أن يقف وضعوا الأهداف على بعض المصادر الأساسية في بناء الأهداف التربوية، حتى تأتي التربوية متوافقة مع حاجات المصادر، فمن الصعوبة بناء الأهداف التربوية دون الأخذ في الاعتبار بالمصادر الأساسية التي تعتمد عليها .
وتشتق الأهداف التربوية الإسلامية من المصادر التالية :
1- كتاب الله الكريم :
وهو القرآن الذي أنزل الله – سبحانه وتعالى – على رسوله – بما يحتويه من آيات بينات تهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم، وتعمل على تنمية وتطوير الجانب الخلقي لإنسان، وتدعيم القيم الدينية، والاتجاهات الإيجابية، وتزكية النفوس، وتربية الإنسان تربية ربانية ، فتحقق له السعادة في الدنيا والآخرة معاً ،كما قال الله تعالى : (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويشير المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً ) .
2- السنة النبوية :
تعتبر السنة النبوية الشريفة المصدر الثاني الذي تعتمد عليه التربية الإسلامية في بناء منهجها. والسنة النبوية هي :كل ماورد عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – من :أقوال ،أو أفعال ، أو إقرار ، أو غيرها . والسنة النبوية توضيح للقرآن الكريم، وتفصيل لمجمله. ويمكن الإفادة من حياة الرسول – في غرس القيم الإسلامية ، حيث أنه – صلى الله عليه وسلم – ر ينطق ولا يفعل عن الهوى، إنما هو وحي يوحى إليه من عند الله – سبحانه وتعالى .
والقرآن الكريم يحث المسلمين إلى ضرورة الالتزام بكل ما جاء به الرسول – ووجوب طاعته والاقتداء به في جوانب الحياة كلها من : سياسية، واجتماعية، واقتصادية، وثقافية. والنظام التربوي الإسلامي جزء مما جاء به النبي – صلى الله عليه وسلم - ، قال الله تعالى :( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) .
3- المجتمع :
عند اشتقاق التربية الإسلامية في الجانب الاجتماعي لابد وأن يراعي حاجات المجتمع والعمل في تربيتها، ولكي تتم هذه التربية وفقا لما ورد في القرآن الكريم، حيث حدد القرآن النظام الذي يجب أن تكون عليه الأمة بالنسبة لغيرها من المم الغير إسلامية .
والذي يحتم أن تكون الدولة الإسلامية أقوى من غيرها ويتمثل ذلك في القول الله تعالى " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم " .
4- طبيعة الفرد وحاجاته :
لم تغفل التربية الإسلامية فردية الفرد، وبالتالي عند صياغة أهدافها تعمل على إشباع حاجاته وتنمية قدراته وميوله، ولكن يتم إشباع هذه الحاجات بالطرق التي أحلها الله وتعمل التربية على التنمية الاتجاه نحو هذه الطرق .
أهداف التربية الإسلامية :
اهتمت التربية بتنشئة الأطفال والشباب على معرفة الدين وحسن الخلق والاهتمام في إقامة الشعائر الدينية من صلاة وصيام وزكاة وحج وإقامة الروابط الأخوية والعلاقات الطيبة بين الفرد وبقية الأفراد واحترام الناس وأعمالهم .
والأهداف هي التغييرات المرغوب فيها من معارف ومهارات واتجاهات وسلوكات، والتي يقصد إيجادها في التعلم من خلال العمل والنشاط. والأهداف تتنوع إلى عامة منها الإلمام بأحكام الدين الإسلامي وتبصير المسلم بمنهج الإسلام . وأهداف معرفية ووجدانية أخرى سلوكية وكذلك أهداف فردية وأهداف اجتماعية .
تعتبر التربية الإسلامية متميزة من حيث المنهج الذي تتبعه، وذلك من خلال الأهداف والوسائل والخصائص التي تختلف فيها عن غيرها من التربيات الموجودة في العالم المعاصر .
بالنسبة لتصفيف الأهداف ،فلقد اختلف العلماء في تصنيفها. وورد كثير منها في المصادر والمراجع، ويعد أفضل هذه التصفيات التي تتمشى مع أهداف التربية الإسلامية هو تصنيف ماجد الكيلاني والذي يصنف هذه الأهداف إلى نوعين هما :
أ- أهداف غايات .
ب- أهداف وسائل .
ومن هذا الهدف الأساسي أو الغاية تنبثق منه أهداف متسلسلة ومتسقة فيما بينها، وهي أهداف وسائل، وهذا ما يميز التربية الإسلامية عن سائر النظريات التربية الوضعية التي يشوبها التغير والنقص المستمران. ولتحقيق هذا الهدف لا بد من وجود أهداف ووسائل تساعد على تحقيقه نذكر منها ما يلي :
( 1 ) إيجاد الإنسان المسلم الذي يؤدي فرائض الإسلام المختلفة :
من أهداف التربية الإسلامية بناء المسلم الذي يؤدي فرائض الإسلام من صلاة ، وصيام، وزكاة، وحج ... وغيرها إذ القيام بهذه الأمور يساعد الإنسان المؤمن على خشية الله .
( 2 ) بناء الإنسان المسلم المتحلي بالأخلاق الحميدة الفاضلة التي أقرها الله سبحانه وتعالى :
لعل من أهم الأهداف بلوغ الكمال الإنساني، لأن الإسلام جاء خاتماً للرسالات الإلهية، وهو يمثل الكمال الديني .يقول الله تعالى "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " .
( 3 ) إيجاد الإنسان المسلم العامل :
لقد جعل الإسلام كسب المال الحلال والعمل المشروع عبادة الله ومرضاة ،فحث الإسلام المسلمين على السعي في الأرض، وطلب الرزق من الله قال تعالى "وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة، ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك " .
( 4 ) بناء الفرد المسلم المتعاون الذي يدعو إلى الله، ويأمر بالمعروف وينهي عن المنكر :
تهدف إلى إيجاد المسلم المتعاون على الخير مع بقية إخوانه المسلمين، وذلك بغرس القيم الإسلامية الفاضلة في نفسه. من: تكافل، وتضامن، ومحبة، لتقوية المجتمع . امتثالا لقوله تعالى : " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " .
ومن أهداف التربية الإسلامية
1- التثقيف العقلي والإعداد الفكري السليم .
2- تنمية القوى والاستعدادات الطبيعية للطفل .
3- الاهتمام بقوة النشئ وحسن تربيته أيً كان جنسه ذكراً أم أنثى .
4- العمل على توازن القوى والاستعدادات الإنسانية
5- تكوين قاعدة عملية نظرية للعقيدة الإسلامية
6- إشباع حاجة إلى المعرفة لدى المتعلم .
7- تزويد المتعلم بالمعرفة الدينية اللازمة له .
8- تصحيح المفاهيم الدينية الخاطئة لدى المتعلم
9- محاربة الأفكار الهدامة الموجهة ضد الدين الإسلامي
10-إشباع العواطف النبيلة لدى المتعلم .
11- تنمية العواطف والقيم المرغوب بها
12- محاربة العواطف والقيم غير المرغوب فيها
13- دعم أنواع السلوك الطيبة والإيجابية
14- تعويد المتعلم العادات والمهارات وألوان السلوك المرغوب فيها
15- العمل على أن يحفظ المتعلم قدراً من القرآن الكريم
16-تنمية الوازع الديني لدى المتعلم .
17- تمكين المتعلم من مديد العون للآخرين فيما يخص الأمور الدينية .
18- تحقيق السعادة للإنسان .
19- تهيئة المسلم السوي الإيجابي الفاعل في المجتمع .
وتشمل هذه الأهداف :
الأهداف المعرفية الوجدانية والسلوكية. يرى الدكتور محمد فاضل الجمالي (رحمه الله) بأنها قد تحددت في القرآن الكريم وهي :
1- تعريف الإنسان بعلاقاته الاجتماعية ومسؤولياته ضمن نظام اجتماعي إنساني .
2- تعريف الإنسان (الفرد) بمكانته بين الخلقية وبمسؤولياته الفردية في الحياة
3- تعريف الإنسان بالخلقية (الطبيعة) وتمكين الإنسان من استثمارها .
4- تعريف الإنسان بخالق الطبيعة وعبادته
الخاتمة
لقد تم بحمد الله كتابة هذا البحث واسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه وأن يتجاوز عن الخطأ . فإن كان فيه من صواب فمن الله ، وإن كان فيه من نقص فمني ومن الشيطان .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
المراجــــع
1- كتاب مدخل إلى التربية الإسلامية / د. محمد عبدالرحمن فهد الدخيل
2- طرق تدريس التربية الإسلامية – د. هدى علي جواد الشمري