-->

بحث حول أركان العقد الإماراتي

بحث حول أركان العقد الإماراتي
     أركان العقد
    ركن التراضي

    في ركن التراضي نتكلم عن أمرين لازمين :
    وجود الرضاء .
    صحة الرضاء .

     وجود التراضي
    التعبير عن الإرادة :-
    الإرادة هي أمر نفسي ، فلا يعتد بها القانون إلا إذا جرى التعبير عنها ، بنقلها أو إخراجها من عالم النيات إلى الواقع الخارجي.
    أنواع التعبير عن الإرادة :-



    أولاً :- التعبير الصريح :
    تعريفه : هو التعبير الذي يؤدي إلى فهم الإرادة بطريقة مباشرة لا مجال فيها للجوء إلى الاستنتاج أو التخمين .
    وسائله(1) :
    أ – التعبير الصريح باللفظ : أي باللسان ، أيا ًً ما كانت اللغة المستخدمة في هذا التعبير ، و أياًً ما كانت الألفاظ المتلفظ بها ، بشرط أن تكون هذه الألفاظ بصيغة الماضي ، و لا يجوز التعبير عن الإرادة بصيغة المضارع أو الأمر إلا إذا اقترن بهما دليل يفيد أن المراد بهما هو الحال لا الاستقبال .
    ب- التعبير الصريح بالكتابة : و يجوز التعبير عن الإرادة بالكتابة بأي لغة بأي لغة و لو اقتضى الأمر الاستعانة بمترجم ، بشرط أن تكون الكتابة مفهومة للمتعاقدين .
    ج- التعبير الصريح بالإشارة : بشرط أن تكون متداولة كهز الرأس أفقياًً تعبير عن الرفض ، و هزها رأسياًً تعبير عن الموافقة .
    د- التعبير الصريح باتخاذ موقف لاتدع ظروف الحال شكاًً في دلالته على التراضي :- كوقوف سيارات الأجرة في مواقفها المعدة لذلك ، و عرض البائع في واجهة المحل مع بيان أثمانها .
    هـ- التعبير الصريح بالمبادلة الفعلية الدالة على التراضي كمبادلة الدراهم مع صحيفة افترشها بائع الصحف .


    ثانياً :- التعبير الضمني :
    تعريفه : هو االتعبير الذي لا يؤدي إلى فهم إرادة التعاقد بطريقة مباشرة ، بل لا بد من اللجوء إلى الاستنتاج و التخمين ، مثل استمرار المستأجر في شغل العين المؤجرة بعد انتهاء مدة الإيجار ، مما يدل على إرادته في تجديد عقد الإيجار .
    قيمة كل من التعبيرين : يجوز للشخص أن يعبر عن إرادة التعاقد سواء بشكل صريح أو بشكل ضمني فللتعبير نفس القيمة القانونية ، ما لم يشترط القانون أو المتعاقدان ضرورة استلزام التعبير الصريح ، فهنا لا قيمة للتعبير الضمني في الدلالة على إرادة التعاقد . كان يتفق المتعاقدان في عقد الإيجار على عدم جواز التأجير من الباطن إلا بموافقة صريحة من المؤجر .
    مدى صلاحية السكوت في التعبير عن الإرادة:-
    هل يمكن اعتبار السكوت ايجاباً؟ :- لما كان السكوت أمراًً سابياًً ، بينماالايجاب هو أمر ايجابي ، فلا يمكن اذن اعتبار السكوت ايجاباً .
    هل يمكن اعتبار السكوت قبولاً؟ :- الأصل ... أن السكوت لا يعتبر قبولا ً لأن المادة 135 معاملات تقرر أنه " لا ينسب غلى ساكت قول ........... "
    ولكن استثناء يمكن اعتبار السكون قبولاً في حالة السكوت الملابس ، أي السكوت التس تحيط به ظروف معينة ترجخ أن المخاطب بالإيجاب سيلتزم السكوت ان قبل العرض ، أما لو رفض العرض فسيخرج عن صمته و يرفض الإيجاب صراحة ...... و قد أوردت المادة 135/2 معاملات مدنية(2) تطبيقات للسكوت الملابس ، و هي أمثلة فحسب ، و ليست تعداد على سبيل الحصر ، و هذه الأمثلة هي :
    اتصال الإيجاب بمعاملات سابقة بين المتعاقدين : ففي هذه المعاملات السابقة اذا كان المخاطب بالإيجاب يلتزم السكوت في كل حالة يقبل فيها الإيجاب ، فيقاس على ما سبق من حالات ، المعاملة الحالية ، و يعتبر سكوته قبولاً . مثل التاجر الذي اعتاد توريد بضاعة إلى مستهلك في منزله ، على أن تجرى بينهما المحاسبة في نهاية الشهر ، فطالما كان المستهلك يسكت ولا يعبر عن قبوله للبضاعة الموردة ، و كان سكوته يعتبر قبولاً فيفاوض ، فسكوته يعتبر قبولاًً كذلك فيما لحق من معاملات .
    إذا تمخض الإيجاب عن منفعة محضة لمصلحة المخاطب به :- فسكوت الموهوب له يعتبر قبولاً ، لأن الإيجاب المتضمن عرض بالهبة إنما يحقق منفعة صرف للمخاطب به .
    العرف التجاري : فالعرف التجاري يجري أحياناًً على اعتبار السكوت قبولاً، فسكوت العميل عن الاعتراض صراحة على كشف الحساب المرسل إليه من البنك يفسر على أنه قبول لما جاء في كشف الحساب .

    الإرادة الظاهرة و الإرادة الباطنة :
    المشكلة : أحياناً تثور مشكلة تعارض الإرادة الظاهرة للمتعاقد مع إرادته الباطنة ، أو ما يعبر عنه بمشكلة تعارض العبارة ( الإرادة الظاهرة ) مع الإرادة ( الإرادة الباطنة ) . فأحياناًً يعبر المتعاقد عن إرادته بما يغاير نيته أو إرادته الباطنة ، فهنا بأي من الإرادتين نعتد ؟. فمثلا ً ينوي التاجر بيع السلعة بثمن معين ، إلا أنه يعلن - عن غير قصد – ثمنا ًً مخالفاًً ، فبأي الثمنين نعتد : المقصود ( الإرادة الباطنة ) أم المعلن ( الإرادة الظاهرة)؟

    * الحل : تتباين الدول في موقفها من هذا المشكلة ،و تنقسم إلى فريقين:

    - فريق يعتد بالإرادة الباطنة :- و هو يتخذ هذا الموقف احتراماً لمبدأ سلطان الإرادة فالعبرة بالإرادة و ليس بالعبارة ، فالأولى هي الغاية أما الأخيرة فهي مجرد وسيلة .

    - فريق يعتد بالإرادة الظاهرة:- و هو يتخذ هذا الموقف احتراماً لاستقرار المعاملات فالإرادة الباطنة أمر نفسي لا يستدل عليه إلا إذا طابقت الإرادة الظاهرة ، لذلك لا يجوز التمويل على الإرادة الباطنة .

    موقف قانون المعاملات الإماراتي :- أخذ قانون المعاملات المدنية بالإرادة الباطنة و على هذا نصت المادة 131 معاملات بقولها " الإيجاب و القبول كل تعبير عن الإرادة يستعمل لإنشاء العقد ......."

    متى ينتج التعبير عن الإرادة أثره :
    أخذ قانون المعاملات المدنية الإماراتي كقاعدة عامة بنظرية العلم بالقبول (3) ... فالتعبير عن الإرادة و سواء كان إيجاباًً أو قبولاًً – لا ينتج أثره إلا في اللحظة التي يعلم بها المتعاقد الآخر بهذا التعبير . و بناء على ذلك : لا ينتج الإيجاب أثره إلا عند على المخاطب بالإيجاب به ، و لا ينتج القبول أثره إلا عند علم الموجب بهذا القبول . و معنى ذلك أن العقد لا ينعقد لمجرد صدور قبول من المخاطب بالإيجاب ، بل لا بد من على الموجب بهذا القبول حتى ينعقد العقد .
    و لكن نظراًً لصعوبة إثبات العلم بالتعبير عن الإرداة ، فقد أقام المشرع الإماراتي قرينه عليه (4) . فمجرد وصول التعبير عن الإرادة إلى المخاطب به ، يعتبر قرينه على علم الأخير به حتى يثبت عكس ذلك .
    تنص م 132 معاملات مدنية على أنه " التعبير عن الإرادة يكون باللفظ أو الكتابة و يجوز أن يكونا بصيغة الماضي ، كما يكونان بصيغة المضارع أو الأمر اذا اريد بهما الحال ، أو بالإشارة المعهودة عرفاًً و لو من غير الأخرس ، أو المبادلة الفعلية الدالة على التراضي ، او باتخاذ أي مسلك آخر حتى لا تدع ظروف المال شكاًً في دلالته على التراضي ".
    تنص المادة 135 معاملات مدنية على أنه " أ- لا ينسب إلى ساكتا قول و لكن السكوت في معرض الحاجة بيان ، و يعتبر قبولاًً .
    ب- و يعتبر القبول سكوتاً بوجه خاص إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين ، و اتصل الإيجاب بهذا التعامل ، أو اذا تمخض الإيجاب المنفعه من وجه إليه ."
    3- تنص المادة 142/1 معاملات مدنية إماراتي على أنه " أ- يعتبر التعاقد ما بين الغائبين تم في المكان و
    الزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول ، ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضى بغير ذلك .
    4 - المادة 142/2 معاملات مدنية إماراتي على أنه " 2- و يفترض أن الموجب قد علم بالقبول في
    المكام و في الزمان للذين وصل إليه فيهما هذا القبول ، ما لم يقم الدليل على عكس ذلك ".
    الايجاب :
    * تعريفه :- هو التعبير عن إرادة أحد المتعاقدين و المتضمن عرضاًً بالتعاقد موجهاًً إلى المتعاقد الآخر .
    * شروطه:- لا بد و أن يشتمل الإيجاب على جميع العناصر الأساسية للعقد المزمع إبرامه و إلا اعتبر مجرد دعوة إلى التعاقد .
    و بناء عليه فالإيجاب في عقد البيع لا بد و أن يتضمن تحديد المبيع و تعيين الثمن و إلا كان مجرد دعوة إلى التفاوض أو التعاقد .
    * تمييزه :- و لكن ما هو الفارق بين الإيجاب و الدعوة إلى التفاوض ؟ تنحصر الفروق فيما بينهما فيما يلي :-

    مــــــــن حــــــيـــــث
    الإيــــــــــــــجــــــــــاب
    الـدعــوة إلــى الـــتـعاقــد
    1- وقــت صدوره
    لاحق للدعوة إلى التعاقد
    سابق على الإيجاب
    2- مـــكــونــاتــــه
    يتضمن جــميع العناصـــر الأساسية للعقد .
    لا يتضمن جميع العناصر الأساسية للعقد .
    3- جواز الرجوع فيه
    لا يجوز الرجوع فيه طالما لحقه قبول .
    يجوز الرجوع فيه و لو لحقه قبول .



    * تكراره : اذا صدرت عدة ايجابات من المتعاقد ، اختلف مضمونها في كل مرة . فما حكم ذلك ؟
    هنــا لا يـعتد إلا بـالإيـجـاب الأخـير ، فـكـل إيـجـاب يـصـدر يؤدي إلى سـقـوط ما قـــبله ( م 138 معاملات ) .

    حكم النشرات و الإعلانات الموجهة للجمهور :-
    رغم أن المشرع الإماراتي (1) نص على أن عرض البضائع و الخدمات ،
    مع بيان المقابل لها ، يعتبر إيجاباًً . إلا أنه حرص على أن يضع حكماًً خاصاًً
    بالنشرات و الإعلانات الموجهة للجمهور ، فاعتبرها مجرد دعوة إلى التعاقد
    حتى لو تضمنت بياماًً بالأسعار الجاري التعامل بها ، طالما ثار شك حــــول
    اعتبارها إيجاباً.(2)
    و هذا الحكم الوارد في المادة 134/2 معاملات مدنية إماراتي فنقد ، لأن صياغته توحي بأن للنشرات و الإعلانات الموجهة إلى الجمهور حكماً خاصاً
    يختلف عن القاعدة العامة في الإيجاب . و هذا الإيحاء غير صحيح لأنه بعد أن
    ذكر النص لفظ الاستدراك " أما ........ " عاد و قرر ذات الحكم و هو أن
    النشرات و الإعلانات الموجهة إلى الجمهور طالما لم يثر شك حول دلالتها فهي
    إيجاب ما دام بها تجديد لعناصر العقد الأساسية من مبيع و ثمن ، و هو ذات
    القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 134/1 معاملات مدنية إماراتي.
    القوة الملزمة للإيجاب: ينقسم الإيجاب من حيث الزامه للموجب إلى نوعين:-

    إيجاب ملزم :- و هو الإيجاب الذي لا يجوز للموجب أن يرجع عنه خلال فترة إلزامه (3) و الإيجاب الملزم نوعان :-
    إيجاب ملزم صريح :- و هو الإيجاب الذي اقترن بمدة إلزام صريحة . كأن يعرض شخص بيع منزله بمائة ألف درهم على شخص آخر و يقرر أنه ملتزم بالبقاء على إيجابه لمدة شهر. فعندئذ لا يجوز للموجب أن يتراجع عن الإيجاب الذي عرضه على الشخص الآخر في خلال مدة الشهر المحدد ، و أن حدث مثل هذا التراجع ، فلا يعتد به ، بحيث إذا صدر خلال مهلة الشهر قبول من الشخص الآخر لانعقد العقد .
    إيجاب ملزم ضمناً:- و هو الإيجاب الذي اقترن بمدة الزام ضمنية . كحالة التعاقد بالمراسلة فهنا يكون الإيجاب ملزماًَ للموجب – ضمناًً- خلال الفترة الزمنية التي يستغرقها الإيجاب حتى يصل إلى المخاطب به ، و أيضاًً الفترة الزمنية التي يستغرقها تفكير المخاطب بالإيجاب في العرض الوارد بالإيجاب ، و أيضاًً الفترة الزمنية التي يستغرقها القبول حتى يصل إلى الموجب . فمجموع الفترات الزمنية الثلاثة يشكل مدة إلزام الإيجاب للموجب .

    إيجاب غير ملزم :- و هو الإيجاب الذي لم يقترن بمدة إلزام صريحة و لا ضمنية ، و فيه يجوز للموجب أن يرجع عن إيجابه ، في أي وقت ، ما دام لم يلحقه قبول بعد . كحالة التعاقد بين حاضرين يجمعهما مجلس عقد واحد ، فعندئذ متى صدر الإيجاب ، في مجلس العقد يكون الموجب حراًً في أن يرجع عن إيجابه في أي لحظة طالما لم يصدر قبولاًً من المتعاقد الآخر.


    ســـقوط الإيـــجاب :- يسقط الإيجاب ولا يعتد به و لو لحقه قبول في الحالت الآتية :-
    إذا رجع الموجب عن إيجابه قبل أن يصدر قبولاً من المتعاقد الآخر .
    إذا انقضت مدة إلزام الإيجاب دون يصدر قبولاً من المتعاقد الآخر . فهنا إذا صدر القبول بعد انتهاء مدة إلزام الإيجاب ، يعتبر هذا القبول إيجاباًيحتاج بدوره إلى قبول من الشخص الآخر .
    إذا رفض المخاطب بالإيجاب العرض الذي تضمنه هذا الإيجاب ، حتى لو كانت مدة إلزام الإيجاب ما زالت قائمة لم تنقضي بعد.
    إذا صادف الإيجاب قبولاً غير مطابق له ، فهنا يعتبر هذا القبول إيجاباًً جديداّّ يحتاج بدوره إلى قبول (4). كمن يعرض بيع سيارة بــ 50000 درهم ، فيقبلها الآخر و لكن بــ 40000 درهم ، عد ذلك إيجاباً جديدا ً.


    القبول :-
    * تعريفه : القبول هو التعبير البات الصادر عن إرادة الطرف الموجه إليه الإيجاب ، و الذي يتضمن موافقة مطابقة للعرض الوارد في الإيجاب .
    * شروطه:
    1- أن يصدر القبول في وقت يكون فيه الإيجاب قائماًً لم يسقط بعد ، فإن صدر القبول بعد سقوط الإيجاب ، لم يؤد إلى انعقاد العقد، بل يعتبر إيجاباًً جديداًً يحتاج إلى قبول من الطرف الآخر.
    2- أن يصدر القبول مطابقاًً للإيجاب ، فإن جاء مخالفاًً للإيجاب في أ عنصر من عناصره عد إيجاباًً جديداًً يحتاج إلى قبول .

    * حرية قبول الإيجاب :
    1- الأصل ...... هو حرية المخاطب بالإيجاب في أن يقبل أو أن يرفض الإيجاب حسبما يتراءى له ، و بما يتفق و مصلحته، دون أن يكون هناك معقب غليه في ذلك .
    2- الاستثناء ..... لا يجوز للمخاطب بالإيجاب ان يرفض الإيجاب – و بالتالي يرفض التعاقد- إذا كان خو الداعي إلى التعاقد ، ما لم يكن لديه سبباًً مشروعاًً للرفض. فصاحب الفندق لا يحق له أن يرفض استقبال نزيل جديد أبدى الرغبة في الإقامة في الفندق ، ما لم يكن هناك سبب مشروع للرفض كعدم وجود غرفة خالية بالفندق ، فإن لم يكن هنال سبب مشروع لرفض الإيجاب ، عد صاحب الفندق متعسفاًً في استعمال حقه في رفض الإيجاب ، و وجب عليه التعويض .

     مطابقة القبول للإيجاب :

    القاعدة :- يحب أن يصدر القبول مطابقاً للإيجاب تمام المطابقة ، و إلا عد رفضاً للإيجاب و عومل معاملة الإيجاب الجديد الذي لا يؤدي إلى انعقاد العقد إلا إذا لحقة قبول من الطرف الآخر و هكذا إن صدر قبول للعرض الوارد في الإيجاب ، و لكن بثمن يختلف عما ورد في الإيجاب فلا يعد قبولاً مطابقاً للإيجاب ، نفس الحكم لو صدر قبول للإيجاب و بذات الثمن الوارد فيه و لكن مقترحا سداده مقسطاً على خلاف الإيجاب المتضمن السداد الفوري ، أو مقترحاً السداد الفوري على خلاف الإيجاب المتضمن السداد على آجال .
    مدى المطابقة :- يجب أن يطابق القبول الإيجاب في جميع العناصر التي اشتمل عليها . و لا يشترط في الإيجاب أن يشتمل على جميع عناصر العقد المزمع إبرامه ، سواء كانت جوهرية أو ثانوية ، بل يكفي في الإيجاب حتى يكون صحيحاً أن يشتمل على عناصر العقد الجوهرية . لكن يثور التساؤل عندئذ عم حكم المسائل التفصيلية و الثانوية للعقد و التي لم يتعرض لها الإيجاب ؟
    بشأن هذه المسائل التفصيلية و أثرها على العقد ، نفرق بين فرضين:-
    أن يعلق المتعاقدان إبرام العقد على الاتفاق على هذه المسائل التفصيلية:- و عندئذ لا ينعقد العقد إلا بالاتفاق على هذه المسائل التفصيلية .

    ان لم يعلق المتعاقدين ابرام العقد على الاتفاق على هذه المسائل التفصيلية:
    هنا ينعقد العقد بمجرد اقتران القبول بالإيجاب ، ثم يتحدد حكم المسائل
    التفصيلية بحسب الظروف :-
    * فإن اتفق المتعاقدان فيما بعد على المسائل التفصيلية ..... كان بها و ينتهي الأمر .
    * إن لم يتفق المتعاقدان فيما بعد على المسائل التفصيلية التفصيلية ..... جاز القاضي ان يحدد حكم هذه المسائل وفقاًً لطبيعة المعامله و الإحكام و القانون ، بشرط (5) :-
    أ- اتفاق الطرفين على المسائل الأساسية في العقد .
    ب- اتفاق الطرفين على إرجاء المسائل التفصيلية لاتفاق لاحق يبرم فيما بعد.
    ج – ألا يتفق المتعاقدان صراحة أو ضمناًً على أن العقد لا يتم بدون الاتفاق على حكم هذه المسائل التفصيلية ، لأنهما ان فعلا ذلك ، افصحا عن اعتبارهما هذه المسائل في حكم للمسائل الجوهرية .

    اقتران القبول بالإيجاب :
    الغرض ... لا ينعقد العقد لمجرد وجود إيجاب بذاته ، و لاحق لوجود قبول مطابق للإيجاب ، بل يجب ان يقترن القبول بالإيجاب ، وهو امر يختلـف بحسب:

    أولاً: التعاقد بين حاضرين :
    متى يكون التعاقد بين حاضرين :- عندا لا يوجد فاصل زمني بين صدور القبول و علم الموجب به .
    مثال التعاقد بين حاضرين :- وجود المتعاقدان في مجلس عقد واحد ، و التعاقد بالتليفون.
    حكم التعاقد بين حاضرين :- ينبغي التفرقة بين فرضين:-
    إن كان الإيجاب ملزماًً :- في هذه الحالة يقترن القبول بالإيجاب إذا صدر القبول أثناء مدة إلزام الإيجاب ، و عندئذ ينعقد العقد في اللحظة التي يعلم فيها الموجب بالقبول. و يعتبر وصول القبول إلى الموجب قرينة بسيطة على علم الأخير به ، ما لم يثبت العكس.
    إن كان الإيجاب غير ملزم :- يقترن القبول بالإيجاب إذا صدر القبول أثناء قيام مجلس العقد ، و مجلس الـــعقد يظل قائمـاًً طالما لم يتفرق بـالأقــوال ( بالانشغال في حــديث آخر غير موضوع العقد ) أو بالأبدان ( بمغادرة مجلس العقد أو غلق الهاتف ) . إلا أن هذا الاقتران بين الإيجاب و القبول و أن أدى إلى انعقاد العقد ، فأنه يؤدي إلى انعقاد عقد غير لازم يجيز لكل من المتعاقدين ( الموجب و القابل ) أن يرجع عنه ، ذلك ان قانون المعاملات المدنية (6) عطى لكل من المتعاقدين " خيار المجلس " ، أي الخيار في الرجوع عن العقد طالما كان المجلس قائماًً لم ينفض ، و لا يصبح العقد لازما ًً إلا بتوافر أمرين :-
    انتهاء مجلس العقد و انفضاضه .
    بقاء كل من المتعاقدين على رغبتهما في إبرام العقد ، أي دون استعمال خيار المجلس .

    ثانياً : التعاقد بين غائبين :-
    متى يكون التعاقد بين غائبين :- عندما يوجد فاصل زمني بين صدور القبول ، و علم الموجب به .
    مثال التعاقد بين غائبين :- التعاقد بالمراسلة ، بالبرقيات، برسول .
    طبيعة الإيجاب في التعاقد بين غائبين :- هو إيجاب ملزم ، أما إلزاماًً صريحاًً بأن يحدد ميعاد للقبول ، و إما إلزاماًً ضمنياًً في حالة عدم تحديد ميعاد للقبول إذ في هذه الحالة يفترض ان ميعاد القبول يشمل ثلاث فترات زمنية :
    مدة تفكير المخاطب بالإيجاب في العرض .
    مدة وصول القبول إلى الموجب .

    حكم التعاقد بين غائبين :- توجد عدة مذاهب في تحديد زمان انعقاد العقد في حالة التعاقد بين غائبين ، و هي :-
    1- مذهب إعلان القبول :- و فيه يعتبر التعاقد قد تم بمجرد إعلان القبول ، و لكن يؤخذ على هذا الرأي :
    أن القابل قد يقبل ثم يسحب قبوله ، ولا يستطيع الموجب أن يثبت أن الرجوع في القبول قد تم بعد إعلان القبول و انعقاد العقد .
    أن العقد لا ينعقد إلا باقتران القبول بالإيجاب ن و التعبير عن الإرادة لا ينتج أثره بمجرد صدوره ، بل لا بد أن يصل إلى علم المخاطب به ن و من ثم فالقبول لا يحدث أثره في انعقادالعقدإلا بوصوله إلى علم الموجب.

    2- مذهب تصدير القبول :- و فيه ينعقد العقد منذ اللحظة التي يصدر فيها القابل القبول ، أي أن يخرج القابل قبوله من حيازته كأن يرسله في خطاب بوضعه في صندوق البريد . و ينتقد هذا الرأي :-
    أن القابل و رغم تصديره للقبول ، فأنه يستطيع أن يسترد قبوله باسترداد خطابه من مكتب البريد .
    أن التعبير عن الإرادة لا ينتج أثره إلا بوصوله إلى علم المخاطب به ، و من ثم فالقبول و باعتباره تعبيراًً عن الإرادة لا يحدث أثره في انعقاد العقد إلا إذا وصل القبول إلى علم الموجب .

    3- مذهب استلام القبول:- و فيه ينعقد العقد لحظة استلام الموجب للقبول ، و يؤخذ على هذا الرأي:-
    التعبير عن الإرادة لا ينتج أثره إلا إذا وصل إلى علم المخاطب به ، و
    بالتالي فمجرد وصول القبول إلى الموجب ليس دليلا ًً على علم الأخير به.

    4- مذهب العلم بالقبول :- و فيه ينعقد العقد منذ الــلــحظة التي يعلــم فــيهــا الموجب بالقبول . و لكن يعيب هذا الرأي :-
    أن العلم بالقبول أمر داخلي يخص الموجب و قد يعجز المقابل عن إقامة الدليل عليه ، إذا ما أنكره الموجب.

    موقف قانون المعاملات المدنية الإماراتي من المذاهب السابقة :- أخذ المشرع الإماراتي(7) بمذهب العلم بالقبول ، فالعقد ينعقد لحظة علم الموجب بالقبول ، إلا أن المشرع الإماراتي تفادى النقد الموجه إلى هذا المذهب ، بأن أقام قرينه على أن وصول القبول إلى الموجب يعد دليلاً على علمه به . إلا أن هذه القرينة بسيطة يجوز للموجب أن يثبت عكسها بأن يقيم الدليل على أنه رغم استلام الموجب للقبول إلا أنه قد حدث من الظروف ( كمرضه و نقله إلى المستشفى ) ما يحول دون عمله بمضمون الرسالة التي تتضمن قبول القابل .

    تنص المادة 134/1 معاملات مدنية إماراتي على أنه " 1- يعتبر عرض البائع و الخدمات مع بيان المقابل إيجابي " .
    تنص المادة 134/2 معاملات مدنية على انه "2- أما النشر و الإعلان و بيان الأسعار الجاري التعامل بها ن و كل بيان آخر متعلق بعرض أو بطلبات موجهة للجمهور أو للأفراد ، فلا يعتبر - عند الشك – إيجاباًً ، و إنما يكون دعوة إلى التعاقد ." .
    تنص المادة 139 معاملات مدنية إماراتي على أنه " 1- إذا عين ميعاد للقبول ، التزم الموجب بالبقاء على إيجابة إلى أن ينقضي هذا الميعاد . ،2- و قد يستخلص الميعاد من ظروف الحال أو من طبيعة المعاملة . " .
    تنص المادة 140 معاملات مدنية إماراتي على أنه " 1- يجب أن يكون القبول مطابقاًً للإيجاب .2- و إذا اقترن القبول بما يزيد في الإيجاب أو يقيده أو يعدل فيه اعتبر رفضاًً يتضمن إيجاباًً جديداًً ." .
    تنص المادة 141 معاملات مدنية إماراتي على أنه " 1- لا ينعقد العقد إلا باتفاق الطرفين على العناصر الأساسية للالتزام و على باقي الشروط المشروعة الأخرى التي يعتبرها الطرفان أساسية . ، 2- و إذا اتفق الطرفان على العناصر الأساسية للالتزام و على باقي الشروط المشروعة الأخرى التي يعتبرها الطرفان أساسية و احتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ، و لم يشترطا أن العقد لا ينعقد عند عدم الاتفاق على هذا المسائل ، فيعتبر العقد قد انعقد ، و إذا قام خلاف على المسائل التي لم يتم الاتفاق عليها ، فإن القاضي يحكم فيها طبقاًً لطبيعة المعاملة و أحكام القانون ." .
    تنص المادة 136 معاملات مدنية إماراتي على أنه " المتعاقدان بالخيار - بعد الإيجاب – إلى آ خر المجلس ، و يبطل الإيجاب إذا رجع الموجب عنه بعد الإيجاب و قبل القبول أو صدر من أحد المتعاقدين قول أو فعل يدل على الأعراض و لا عبرة بالقبول الواقع بعد ذلك.".
    تنص المادة 142 نعانلات مدنية إماراتي على أنه " 1- يعتبر التعاقد ما بين الغائبين ، تم في المكان و الزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول ، ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بغير ذلك . ، 2- و يفترض أن الموجب قد علم بالقبول في المكان و في الزمان اللذين وصل إليه فيهما هذا القبول ، ما لم يقم الدليل على عكس ذلك . " .